محضر الجلسة السابعة عشر بين عدلي باشا وبين اللورد كرزون في وزارة الخارجية

محضر الجلسة السابعة عشر بين عدلي باشا وبين اللورد كرزون في وزارة الخارجية، في 11 أكتوبر 1921، مفاوضات سنة 1921 - 1922 (عدلي-كرزون)، بين عدلي باشا، رشدي باشا واللورد كرزون بوزارة الخارجية. منشور من "وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 174 - 177".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنشور

بعد مكاتبات تبودلت بين دولة عدلي باشا والمستر لندسي بشأن الوقت الذي تستأنف فيه المفاوضات وبعد حديث ابتدائي مع المستر لندسي ضرب اللورد كرزون ميعادا لدولتي عدلي باشا ورشدي باشا في الساعة الرابعة بعد ظهر الثلاثاء. فقصدا إلى وزارة الخارجية حيث موعد التلاقي وبعد التحيات الأولى أبدى اللورد شكره للوفد على ما أبداه من الحكمة وحفظ العهد في كتمان أخبار المفاوضة، وتمنى لو كان الأمر كذلك في جميع المفاوضات، ونعى على الأخبار الكاذبة التي نقلت إلى مصر عن كيفية معاملته للوفد، وأبدى مزيد الدهشة لنفيها وإمكان تصديقها. ولم يخف تفضيله للاجتماع غير الرسمي حيث يكون المتحادثون أحرارا في الأخذ والرد والتقارب بعضهم من بعض والبحث عن الصور والحلول التي يمكن أن يتحقق بها الاتفاق.

اللورد كرزون - أمامي الآن مذكرات المستر لندسي عن الأحاديث التي دارت بينكم وبينه والحلول التي أريد بها التوصل إلى الاتفاق.

عدلي باشا - نحن لم نتفق بعد على شيء من هذه الحلول.

اللورد كرزون - فيما يتعلق بالمندوب القضائي أقترح الاستعاضة عنه بثلاثة أمور: استبقاء حكمداري بوليس في المدن الثلاث، مصر والإسكندرية وبور سعيد، وإنشاء إدارة أو مكتب في قسم الأمن العام بوزارة الداخلية لفحص المسائل المتعلقة بأمن الأجانب وعرضها على وزير الداخلية وإبقاء مستشار سلطاني في الحقانية.

عدلي باشا - إن هذه الحلول فُكر فيها لا على أن تكون مجتمعة. وأن تكون كلها عوضا عن اختصاص المندوب القضائي، وإنما على أن تكون صورا مختلفة تكفي إحداها دون الأخريين.

اللورد كرزون - (ذكر الصيغة المتعلقة بالمندوب المالي).

رشدي باشا - إن المصريين يعترضون على تقرير حق الدخول. باعتبار أنه إذا قصد به مجرد إمكان المقابلة فهذا ما لا شك فيه. وما لا حاجة مع وضوحه إلى النص عليه. ويخشون أن تقرير هذا الحق يفضي إلى تداخله في الإدارة المالية.

اللورد كرزون - إن المقصود بهذا التعبير لا يتعدى أنه لا يجوز أن يحال بين رئيس الوزراء أو وزير المالية وبين المندوب المالي، وأن يضرب بين الفريقين حجاب فلا يمكن هذا من

مقابلتهما. وإن هذا وإن كان لا يقع من الوزارة الحالية. فقد يقع ممن يخلفها خصوصا إذا علم أن هذا النص قد اقترح ورفضتموه، وحيث إن عدلي باشا يقول إنه لم يقع اتفاق بينكم وبين المستر لندسى على هذه الصيغة فالأولى أن تعاودوا بحث الموضوع معه من جديد.

(وكان الحديث استعراضا لمختلف المسائل لم يقصد به البت في أيتها. وإنما قصد تعرّف وجوه الاتفاق ونقط الخلاف حصرا لها وتمهيدا للأحاديث المستقبلة).

اللورد كيرزن - أما فيما يتعلق بتعويض الموظفين فإني لم أبحث هذه المسألة وأمامي عنها تقرير طويل لم أطلع عليه.

عدلي باشا - إن هذه المسألة لم تجر فيها أحاديث بيني وبين المستر لندسى. لأنه سلمني أوراقا قال إنها المبادئ المقترحة من جماعة الموظفين أنفسهم ومذكرة عنها، وقال أيضا إن وزارة الخارجية لم تكوّن لها رأيا بعد في المسألة. وها نحن جادون في فحص هذه المقترحات استعدادا للمناقشة فيها مع وزارة الخارجية.

اللورد كيرزن - إن وزارة الخارجية رفعت إلى تقريرا في هذا الموضوع وسيبلغ للوفد ليكون موضوع التداول بينه وبين المستر لندسى.

(ثم تداولوا في مسألة مدّ امتياز شركة قناة السويس).

عدلي باشا - فهمت من المستر لندسى أنه لا يعتبر هذه المسألة من كبرى المسائل وهي على أي حال مسألة دقيقة، فقد عرضت من أعوام على الجمعية العمومية ورفضتها.

رشدي باشا - ( ذكر تاريخ المسألة. وقتل بطرس غالي باشا على أثرها ).

عدلي باشا - إذا كان كل الذي تحرص عليه الحكومة الإنجليزية هو صيانة القناة وكل ما يشغلها هو أن الشركة في المدّة الأخيرة من امتيازها لا تجد فائدة أو ربحا من الصرف على وسائل الصيانة إذ لا يكون لديها الوقت الكافي لاستهلاك هذه المصاريف، فأننا سنفكر فيما يوجب طمأنينة انجلترا دون أن نكون مقيدين أو ملزمين باتخاذ هذه الوسيلة الخاصة وهي مدّ الامتياز. فقد نجد لذلك وسيلة أخرى. وسيتعين البحث في هذه المسألة يوما. وعلى أي حال فليس من حاجة للنص عليها في المعاهدة. خصوصا إذا كان هذا النص سيثير معارضة خاصة ضد المعاهدة نحن في غنى عنها.

(ثم انتقل الكلام إلى مسألة الأسلاك).

أما مسألة الأسلاك فإنه لم تجر بيننا وبين المستر لندسى أحاديث في هذا الشأن، وكل ما فعله هو أنه أبلغنا مقترحات وزارة البوستة ولدينا عليها اعتراضات لم نبدها له بعد.

(ثم تحدّثوا عن حماية الحرية الدينية أو فيما يسمونه حماية الأقليات ).

عدلي باشا - إننا لا نعترض على تقرير المبادئ التي أرسلتم بها إلينا في مذكرتكم.

(وبعد أن لخص الأحاديث التي دارت بينه وبين المستر لندسي ).

إن من الممكن إيجاد حلول مقبولة للمسائل التي جرى بشأنها الحديث، ولكن هذه الحلول نفسها لم تكيف بعد ولم يتم الاتفاق عليها - بقيت هناك مسألتان معلقتان وهما مسألة القوّة العسكرية ومسألة التمثيل الخارجي - ومسألة ثالثة لم نتكلم فيها وهي في غاية الأهمية: مسألة السودان.

أما التمثيل السياسي فتعلمون كل حججنا وأسانيدنا فيه، وأظنكم قدرتموها حق قدرها - وأما مسألة القوّة العسكرية فقد فكرت فيها وتداولت مع زملائي هنا واستطلعت رأي أعضاء الوزارة في مصر وغيرهم من أهل الرأي من أصدقائنا، وأؤكد لكم أنهم ممن يوصفون بالاعتدال، ولا يمكن اتهامهم بالتطرف، فكانت نتيجة هذا التفكير وهذه المداولة والمشاورة أننا لا يمكننا أن نقدم رأي الحكومة الإنجليزية للأمة أو ندافع عنه.

رشدي باشا - هذا رأي لا يمكن أن البلاد تقبله، وليس من وراء قبولنا إياه إلا تسويء سمعتنا أمام المصريين دون أن يكون هناك أمل في نجاحنا في حمل البلاد على قبوله. والحل الوحيد لهذه المشكلة هو وضع القوة في مكان معين في منطقة القناة وحصر الغرض من بقائها في حماية المواصلات.

اللورد كيرزن - إن كلانا يعرف رأي الآخر وحججه حق المعرفة، ولكنكم تعلمون أن الرأي الذي تحدثت به لم يكن رأيي وحدي. وإنما هو رأي الوزارة ولا يسعني أن أبت في هذا الموضوع، وهذا شأنه، برأي من عندي. وإنما كنت أرجو أن أستطيع، عند عرض المسألة المصرية على الوزارة، أن أقول فيما يتعلق بالتمثيل الخارجي هذه ملاحظات الوفد، وإني كنت لا أحب التسليم بالتمثيل الخارجي إلا أني بصفتي وزير خارجية لا يسعني ألا أسلم به من حيث هو رمز الاستقلال. ومن المعقول أن بلدا يعترف له بالاستقلال يسلم له دائما بالتمثيل الخارجي - ولكنكم ترفضون رأي الحكومة الإنجليزية في كلتا المسألتين القوة العسكرية والتمثيل الخارجي، فكيف يمكن أن أقول ما أقول في التمثيل الخارجي.

رشدي باشا - نحن لا نرفض وجود قوة عسكرية. ولكن الذي في نرفضه هو أن تكون هذه القوة محتلة للقطر المصري في الحركة والانتقال في نواحيه وأن تتداخل في شؤوننا الداخلية باسم المحافظة على الأمن والنظام (ووقف الكلام عند هذا الحد).

اللورد كيرزن - (عطف على كيفية استئناف العمل) إن خير طريقة للعمل هي إتمام المناقشة مع المستر لندسي في المسائل التي استعرضناها، فإذا احتجتم إلي في رأي أو في أمر فإني أحضر معكم بارتياح، ومهما يكن من نتيجة هذه المناقشات فسأتولى تحضير مشروع معاهدة أبلغكم إياه، ولكم أن تبدوا ما تشاءون من الملاحظات أو التعديلات أو الاعتراضات - ثم أعرض المشروع وتعليقاتكم عليه على الوزارة. وفي هذه الآونة سيحتاج المستر لويد جورج للحديث معكم في المسألة المصرية، ونظرا لاحتمال سفره إلى واشنجتون في أواخر شهر أكتوبر فسيكون المشروع معدا لنظركم وملاحظاتكم في أقرب وقت.

عدلي باشا - هناك مسألة لم نتناقش فيها بالتفصيل إلى الآن مع أهميتها الكبرى. وهي مسألة إلغاء الحماية، فما الذي تقدّرونه في صيغة ذلك الإلغاء؟

اللورد كيرزن - إذا نحن وصلنا إلى اتفاق فستقرر انجلترا أن الحماية التي ضربت على مصر قد انتهت وتعترف بمصر دولة مستقلة.

رشدي باشا - بل هذه تكون أول مادة في المشروع.

اللورد كيرزن - لا مانع من ذلك.


المصادر