محضر الجلسة الثامنة بين صاحب الدولة عدلي يكن باشا وبين مستر لندسى في وزارة الخارجية

محضر الجلسة الثامنة بين صاحب الدولة عدلي يكن باشا وبين مستر لندسى في وزارة الخارجية، في 15 أغسطس 1921، مفاوضات سنة 1921 - 1922، بين عدلي يكن باشا، بوازرة الخارجية، منشور من "وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 147 - 149".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنشور

طبقا لما كان منويا من قبل، خابر دولة عدلي باشا بعد عودته من باريس المستر لندسي في صبيحة هذا اليوم واتفق على أن يقابله بوزارة الخارجية في الساعة الثالثة والربع وقد حصلت هذه المقابلة في الميعاد المعين ودامت ثلاثة أرباع الساعة.

المستر لندسي - سألني اللورد كيرزن تليفونيا صباح اليوم عن درجة تقدّم المفاوضة فأجبته بأننا لم نجتمع بالوفد من عهد سفره، لأن عدلي باشا كان هو أيضا في باريس.

عدلي باشا - نعم لم نجتمع لأنني سافرت صبيحة اليوم التالي لإرسال كتاب اللورد الأخير ولا أخفي عليك أنني وزملائي رأينا عدم استئناف المفاوضة على الطريقة التي رآها اللورد، وذلك مخافة أن يسبق إلى اعتقادكم أننا قبلنا نظريته في موضوع القوة العسكرية، إذ كان يصح أن يفهم من ذلك الكتاب أن المفاوضة في المسائل الأخرى تفيد التسليم من جانبنا باقتراحاتكم فيما يتعلق بتلك القوة - وقد علمتم طبعا أنه ليس في استطاعتنا قبول هذه الاقتراحات التي عبرنا عنها في مذكرتنا بأنها هي والاحتلال سواء - والواقع أن الغرض الذي رمينا إليه بالكتاب الذي أرسلناه إلى اللورد لم يكن ما فهم منه من أننا نعمل على كسب بعض المسائل للنظر بعد ذلك في التنازل عن البعض الآخر، بل إن غرضنا كان لا يتعدى عرض المسائل كلها لنتبين ما هو مقبول منها وما هو غير مقبول، أي أن نتبين مواضع الخلاف - ولذلك فوائد: (الأولى) أننا بعد تصفية المسائل التي ليس فيها خلاف نحصر مجهودنا في إزالة ما يبقى من الخلاف في المسائل الأخرى - (والثانية) أننا إذا عدنا إلى بلادنا أمكننا أن نقول لها إن الإنجليز رضوا بكيت وكيت ولم يرضوا بكيت وكيت مما نتمكن به من إيضاح أن المفاوضات لم تقف عند الصعوبة الأولى، وأننا وصلنا فيها إلى أبعد حدّ ممكن - (والثالثة) وهي فائدة للجانب الإنجليزي، أن تتمكن مصر من تبين النوايا الحقيقية للحكومة الإنجليزية فلا يكون الخلاف متسع المدى - وعلى كل حال فإننا لم نقصد بما اقترحناه في كتابنا أن نلزم الجانب الإنجليزي بما يكون قد وافق عليه في حال عدم الاتفاق على ما عدا ذلك.

المستر لندسي - أنتم على حق فيما تقولون. وإني أعرف أن لورد كيرزن لا يرى في الأمر غير هذا الرأي. وإنه لم يقصد مطلقا بالكتاب الذي أرسله إليكم أن استئنافكم للمفاوضة ملزم لكم بنظريته فيما يتعلق بالقوة العسكرية. وهو يميل إلى أن تتباحثوا في المواضيع الأخرى معي دون أن يرتبط كلانا بنتيجة هذه المباحثة ودون أن يكون في ذلك أيضا أي ارتباط لكم فيما يتعلق بموضوع القوة العسكرية. وها أنا مستعد لأن أتباحث معكم في كل المواضيع إلا اثنين وهما القوة العسكرية والعلاقات الخارجية إذ إنهما سيكونان، كما فهمت من اللورد موضوع عرض خاص على الوزارة.

والمسائل التى يصح أن تدور عليها المناقشة هى: المندوب المالى والمندوب القضائى والامتيازات وتعويضات الموظفين الإنجليز الذين تستغنى مصر عن خدماتهم والسودان وقناة السويس والدستور ويدخل في ذلك الكلام على حرية الأديان.

(ثم تبودل الكلام في هذه النقط).

المستر لندسى - فيما يتعلق بالمسائل المالية، ستطلب انجلترا من مصر التعهد بدفع الجزية التركية (ويركو الدولة العلية) الى الدائنين المحول دفعها إليهم - وفيما يتعلق بالمحاكم والامتيازات لوحظ أن هذه المسألة عقبة تعترض سير المفاوضات. ومن المستحسن إبقاء الحالة على ما هى عليه مؤقتا، وبعد أن يتم كل شيء وينفذ النظام السياسى الجديد يشرع بغير تعجل في المفاوضات الخاصة إلغاء الامتيازات. ويكتفى الآن بأن يصدر دكريتو بمد سلطة المحاكم المختلطة إلى أجل غير مسمى ويكون لمصر الحق في أن تضع حدا لهذا الأجل باعلان سابق بمدة سنة للتاريخ الذى تحدده لذلك. وفيما يتعلق بالموظفين الإنجليز لا تعترض انجلترا على حق مصر في تعيين موظفين أجانب من غير الإنجليز إذا شاءت ولكن الذى تطلبه هو ألا يستبدل بالإنجليز أجانب من جنسيات أخرى وستقترح ما تراه عادلا في شأن التعويض - وفيما يتعلق بقناة السويس تعتبر انجلترا أن لها شأنا كبيرا في صيانتها. وبما أن مدة امتيازها ستنتهى بعد زمن غير بعيد. فسيترتب على ذلك أن الشركة في الجزء الأخير من امتيازها تهمل القيام بما يلزم لوقايتها وحفظها من الأعمال الكبرى. إذ لا يكون في استطاعتها استهلاك النفقة في وقت لائق، ولذلك ستطلب انجلترا الاقرار مبدئيا على مبدأ المفاوضة في أمر تجديد الامتياز توصلا إلى درء هذا المحذور.

أما فيما يتعلق بالدستور. أيرى الوفد أن يذكر أمره بالمعاهدة.؟

عدلى باشا - يرى المصريون أن موضوع الدستور موضوع داخلى خاص بهم، وأن اللورد ملنر إنما ذكره بمشروعه إثباتا لما تريده انجلترا من التعاقد مع دولة ذات نظام ملكى دستورى.

المستر لندسى - إن الذى يهمنا من هذا الأمر بوجه خاص، أن تضمن بمصر حرية الأديان.

عدلى باشا - لا تمانع مصر في شيء من مثل هذا الضمان. وله نظائر في المعاهدات مع دول أخرى.

المستر لندسى - إذا شئتم المفاوضة فإنى مستعد لها من الغد. ويمكننى أن أشتغل صباحا ويمكننى أن أشتغل معكم كل يوم. بل وأستمر أيضا في فصل الأجازات.

عدلى باشا - هل لا ترى أن تبلغ ملاحظاتنا هذه للورد قبل المفاوضة؟

المستر لندسي - لا أرى لذلك من فائدة لأني أعرف تماما مرامي اللورد، وأنه لم يقصد أن يلزمكم بشيء بكتابه - وأن أعرف ما إذا كان الوفد جميعه سيحضر المفاوضات أو سيحضرها بعض أعضائه فقط. لأهيئ المكان حسب عدد الحاضرين.

عدلي باشا - سأبحث ذلك مع زملائي.

المستر لندسي - أما من جهتي فسيكون معي المستر مري والمستر كوبر.

(وانتهى على ذلك الحديث).


المصادر