مذكرة الوفد البريطاني عن بعض وجهات النظر في التحالف بين بريطانيا ومصر

مذكرة الوفد البريطاني عن بعض وجهات النظر في التحالف بين بريطانيا ومصر، 29 أبريل 1946، منشور من "وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 495 - 497".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنشور

إن السياسة المقررة من جانب حكومة صاحب الجلالة ترمي إلى توطيد الصداقة الإنجليزية المصرية التي قامت منذ سنوات عدة. وذلك بمعاهدة تحالف جديدة ترتكز على الارتباط الحربين شعبين متساويين لهما مصالح مشتركة.

وهذه المعاهدة الجديدة تحل محل المعاهدة القائمة، وترمي بالتعاون المتبادل على أساس جديد، إلى تقوية المساهمة التي سيكون في مقدور كل من البلدين تقديمها لحفظ السلام والأمن الدوليين وفقا لأغراض ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه.

وإن سلامة مصر وأمن مجموعة الأمم البريطانية ليتهددان في آن واحد تهديدا حيويا بعدوان يوجه إلى منطقة الشرق الأوسط، ولقد تبين ذلك بشكل واضح جلي في الحربين الأخيرتين اللتين بذلت فيهما جهود عظيمة من جانب الأمتين معا لتفادي وقوع كارثة، وقد أظهرت الحرب الأخيرة مرة أخرى الحاجة الماسة إلى التأهب والاستعداد، ولهذا السبب تعتبر حكومة جلالة الملك أنه من الأهمية القصوى أن تقوم العلاقة بين بلدينا على الثقة والصداقة المتبادلتين وأنه ينبغي أن توجد في جميع الأوقات الوسائل التي تمكن قوات كل من البلدين من القيام فورا بالتزاماتهما طبقا للمعاهدة.

فإذا ما تعرضت مصر مرة أخرى لتهديد بعدوان ما، وإذا كان من الضروري على قوات مجموعة الأمم البريطانية والقوات المصرية أن تعملا جنبا إلى جنب بمقتضى معاهدة التحالف فإن ذلك لا يكون ميسورا بطريقة فعالة أو في الوقت المناسب ما لم تتوفر العناصر الضرورية لتنظيم إداري يكون على استعداد لتقديم المعونة لهما، وإن التقدم العلمي قد أدى إلى زيادة عظيمة في السرعة التي يمكن أن يتطور بها تهديد حربي في حين أنه لا يمكن أن تخلق منشآت إدارية على عجل وفي اللحظة الأخيرة، ومن ثم كانت التدابير التي تتخذ للمعاونة المتبادلة بمقتضى المعاهدة الجديدة ذات أهمية حيوية لأمن البلدين كليهما.

وإن حكومة صاحب الجلالة، للأسباب السالفة الذكر، لتدرك كل الإدرك التبعة العظمى الملقاة على عاتقها، ومع ذلك، ونظرا إلى ثقتها بالحكومة المصرية، فهى تقترح بمقتضى معاهدة التحالف الجديدة أن تضطلع الحكومة المصرية في وقت السلم بتبعة المحافظة على هذا التنظيم والتسهيلات والمنشئات وما إليها مما هو من الأهمية بمكان لأمن البلدين، وإن جميع القوات البريطانية البحرية والبرية والجوية ينبغى أن تسحب سحبا تاما من الأراضى المصرية، ولكى يتسنى لبريطانيا العظمى أن تساعد مصر في الاضطلاع بهذه التبعة تقترح حكومة جلالة الملك وضع تدابير للتشاور الوثيق بين الحكومتين وبين أركان الحرب لكل منهما وأن تقوم بريطانيا العظمى بتقديم ما تدعو الضرورة من المعونة الفنية لمصر على أساس يتفق عليه الطرفان.

وسيدرك الوفد الرسمى المصرى للمفاوضات أن المحافظة على قوات حديثة. مهمة تتطلب إنشاء أداة إدارية كبيرة الحجم متشعبة النواحى تشمل الثغور المحمية والسكك الحديدية وغيرها من طرق المواصلات ومخازن المهمات ومصانع الآلات والمطارات ومنشئات البترول والإشارات وأعمال الدفاع الجوى، وليس بمستطاع عمل تصفية سريعة للتنظيم الهائل الذى أقيم في مصر خلال أكثر من ست سنوات بمجهود لم يعرف الكلل وبنفقات ضخمة ويشمل في الوقت الحاضر مخازن ومهمات وعتادا نيفت قيمتها على 160 مليونا من الجنيهات، ذلك التنظيم الذى يجب أن يظل قائما بعض الوقت للانتفاع به في معونة القوات البريطانية التى استقرت في الأماكن التى توجد بها الآن كنتيجة لعمليات القوات المتحالفة في زمن الحرب، ويجب أن تشيد في أماكن أخرى مساكن لإقامة المستخدمين وأبنية للمخازن، وذلك في زمن قلت فيه الموارد في المال والرجال، ونقصت فيه المواد الأولية نقصا بالغا، ثم يجب العمل على إيجاد أماكن في السفرة في وقت لاتستطيع فيه القوات الحربية أن تطالب بإيثارها على غيرها أو تنتظر أن تفضل مطالبها على المطالب العاجلة للتعمير أو نقل الأغذية، ومهما توافرت الرغبة وحسن النية فلا مندوحة عن فترة تقدر بسنوات خمس لإمكان تنفيذ هذه المهمة الضخمة الهائلة، ومن الطبيعى أن البرنامج يشتمل على شطرين:

(1) الجلاء عن القاهرة والإسكندرية وعن أراضى الدلتا ( وهو ما بدئ به فعلا ).

(2) الجلاء عن بقية الأراضى المصرية ومنطقة قناة السويس.

وهذان الشطران اللذان يتصل أحدهما بالآخر إلى حدّ ما سيتمان على مراحل عدة. وإن الفترة التى يتطلبها تنفيذ كل مرحلة منها لأمر يبت فيه بعد بحث مفصل على ضوء الظروف الحاضرة. وتنفيذ هذا البرنامج يتطلب قدرا كبيرا من المساعدة من جانب السلطات العسكرية المصرية.

وإن عقابيل الحرب لتضع عبئا ثقيلا على كواهل الشعب البريطانى والقوات البريطانية. وإن حكومة جلالة الملك لتعرف أنها تستطيع أن تعتمد على المعاونة الودية من جانب الحكومة المصرية في الاضطلاع بهذه الأعباء. ولو أن سنوات خمسا ليست بالزمن الطويل المدى في الظروف الحاضرة ليتم خلالها انسحابنا عن مصر، وإنشاء الحكومة المصرية قاعدة في أراضيها تحل محل القاعدة التى نقوم بتصفيتها فقد يكون في الإمكان تنفيذ هذا البرنامج في زمن أقل إذا سارت الحوادث سيرا ملائما. فإذا ما سنحت الفرصة بذلك، فإنا سننتهزها.

ويقترح الوفد البريطانى أن مستشاريه العسكريين والمستشارين العسكريين للوفد الرسمى المصري يكلفون ما يأتى:

(أ)

وضع برنامج لتصفية التنظيم الإدارى البريطانى في مصر ولسحب القوات البريطانية.

(ب)

بيان مدى التسهيلات وما إليها. الكفيلة بتمكين بريطانيا العظمى من أداء التزاماتها في حالة الطوارئ، تلك التسهيلات التى ستقوم الحكومة المصرية بصيانتها مع المعونة الفنية البريطانية. بعد أن يتم جلاء القوات البريطانية عن مصر.

إمضاء: ستانسجيت

29 أبريل سنة 1946


المصادر