محضر الجلسة التاسعة بين مستر هندرسن والنحاس باشا

محضر الجلسة التاسعة بين مستر هندرسن والنحاس باشا، في 14 أبريل 1930، منشور من "وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882- 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 406- 409".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنشور

مستر هندرسن- أقترح عقد جلسة طويلة هذه الليلة ولو اضطررنا للعودة بعد العشاء إذ من المهم أن نتفاهم على المسائل الباقية لأن غدا آخر جلسة لمجلس الوزراء قبل قيامه بالإجازة لمدة أسبوعين وأنا أحب أن أستشيره فمن الضرورى اتخاذ ما يمكن اتخاذه من القرارات قبل ذلك وإني أرى أن نحصر المسائل التى حصل خلاف عليها وأقترح أن نبدأ بمناقشة المادة 16 فقد اطلعنا على النص الذى اقترحتموه لها وأرسلتموه إلينا اليوم ويمكننى الآن أن أعرض عليكم صيغة أخرى أرجو دراستها (1) وإذا وجدتم ضرورة فإنكم تستطيعون الانسحاب إلى الغرفة المجاورة للمداولة فيها.

النحاس باشا- نحن نوافق على العودة إلى الاجتماع بعد العشاء وكذلك أرجو أن يسمح لنا بالانسحاب قليلا للتداول في الصيغة التى قدمتموها الآن.

(وهنا انسحب الفريق المصرى إلى غرفة أخرى للمداولة وفى الساعة السادسة عاد إلى غرفة الاجتماع).

النحاس باشا- لقد راجعنا صيغتكم وقابلنا بينها وبين صيغتنا كما رجعنا إلى صيغة المادة 16 في المشروع حرف (أ) ونحن للتوفيق بين جميع الأغراض وتسهيلا للاتفاق نقترح الصيغة(2):

(1) وهذا هو نص الصيغة التى قدمها المستر هندرسن:

"فى أى وقت بعد انقضاء مدة 25 سنة من تنفيذ هذه المعاهدة يدخل الطرفان المتعاقدان بناء على طلب أى منهما في مفاوضات بقصد إعادة النظر بالاتفاق بينهما في نصوص المعاهدة بما يكون معقولا في الظروف السائدة حينذاك.

ومع ذلك ففى أى وقت بعد انقضاء مدة عشر سنوات على تنفيذ هذه المعاهدة وفى فترات أخرى بعد ذلك لا تقل كل منها عن عشر سنوات يمكن الدخول في مفاوضات برضا الطرفين المتعاقدين بقصد إعادة النظر كما سبق البيان".

(2) وهذا هو نصها،

" تعقد هذه المعاهدة لمدة 25 سنة من تاريخ تبادل التصديق عليها وفى أى وقت بعد انقضاء هذه المدّة يدخل الطرفان المتعاقدان بناء على طلب أى منهما في مفاوضات بقصد إعادة النظر في نصوص المعاهدة بما يكون مناسبا في الظروف السائدة حينذاك.

ومع ذلك ففى أى وقت بعد انقضاء مدة ثمان سنوات على تنفيذ هذه المعاهدة وفى فترات أخرى بعد ذلك لا تقل كل منها عن ثمان سنوات يدخل الطرفان المتعاقدان في مفاوضات بناء على طلب أى منهما بقصد إعادة النظر كما سبق بيانه.

وفى حالة عدم الاتفاق يحال الخلاف إلى عصبة الأمم".

(وهنا تلا الأستاذ مكرم هذه الصيغة قائلا إن القسم الأول منها مأخوذ من المادة 15 من المشروع حرف (أ) لمقترحات المستر هندرسن الذى جاء فيه إن المعاهدة معقودة لمدة 25 سنة من تاريخ التصديق عليها).

مستر هندرسن- ابتدأتم بافتراض أن المشروع حرف (أ) هو من اقتراحى وهذا غير صحيح.

(وهنا قرأ الأستاذ مكرم من الكتاب الأخضر الذي أصدره دولة محمد محمود باشا الفقرة الآتية:

"تعقد هذه المعاهدة لمدة 25 سنة من تاريخ تبادل التصديق عليها ..........إلخ").

المستر هندرسن- أنا لم أر مطلقا المشروع حرف (أ) وكل ما في الأمر أنى طلبت من دولة محمد محمود باشا أن يضع ما يطلبه كتابة وقد كنت أتحادث معه بمساعدة موظفى وزارة الخارجية فإذا كان موظفو الخارجية هم الذين صاغوا المشروع حرف (أ) فإنى لم أطلع عليه وعلى كل حال فقد اتفقنا مع دولة محمد محمود باشا على المشروع النهائى .

الأستاذ مكرم- لقد قابلناكم في منتصف الطريق .

مستر هندرسن- لقد بينا مرارا أننا لا نقبل مطلقا أن تنتهى المعاهدة في أى وقت مهما كان بعيدا.

النحاس باشا- إذا أمعنتم النظر في اقتراحنا فإنكم تجدونه اقتراحا معقولا ؟

مستر هندرسن- لقد عدلتم عدد السنين من عشر سنوات إلى ثمان وأضفتم في آخر المادة فقرة لا حاجة إليها وهى الخاصة بالرجوع إلى عصبة الأمم مع أن في المعاهدة نصا عاما عن ذلك فلماذا هذا التكرار ؟

النحاس باشا- نحن لم نكرر شيئا. وقد قابلناكم على أساس ما تطلبون فقلنا إن المعاهدة تكون لمدة 25 سنة ونصصنا في نفس الوقت على أنه في أى وقت بعد انقضاء هذه المدة يمكن للطرفين بناء على طلب أحدهما أن يدخلا عليها التعديلات المطلوبة وهذا كاف في الدلالة على أنها تبقى إلى حين تعديلها قائمة بالنصوص التى يحتوى عليها إذ ذاك وقد نصصنا على أنه يحسن إعادة النظر في المعاهدة كل ثمان سنوات تسهيلا لفكرة تعديلها بعد خمس وعشرين سنة.

ثم ذكرنا أنه في حالة الخلاف على التعديلات يرجع الأمر إلى عصبة الأمم وهذا لا يخرج عما قال المستر هندرسن في الجلسات السابقة. وقد رأينا ضرورة النص عليه حتى يكون واضحا أن إدخال تعديلات على المعاهدة ليس خاضعا فقط لاتفاق الطرفين. وإلا جاز أن تبقى المعاهدة قائمة بنصوصها إلى الأبد وإنما تنظر العصبة أيضا في هذه التعديلات عند الخلاف ولما كان الأمر خاصا بإدخال تعديلات على المعاهدة احتاج الأمر إلى نص خاص لأن المادة 15 تجعل عصبة الأمم مختصة بالتطبيق والتفسير أما هذه الحالة فحالة تعديل .

مستر هندرسن- إن المادة الخاصة بعصبة الأمم تنص على أن أى نزاع يتعلق بالنصوص يعالج في العصبة فلا لزوم لنص جديد .

ومن جهة أخرى فقد حذفتم عبارات نعلق عليها أهمية كبيرة كعبارة "برضا الطرفين" إذ من المهم أن نتفق وأن لا نلجأ إلى العصبة قبل محاولة الاتفاق؛ كما غيرتم كلمة "معقولة" بكلمة "مناسبة".

ونحن نفضل مدة عشر سنوات على مدة ثمان سنوات لأن المدة الأولى مستعملة كثيرا في المعاهدات.

وأرجو أن يلاحظ أن الفقرة الثانية قد وضعت من باب التساهل فقد كان المنصوص عليه في المقترحات أن المعاهدة لا يمكن النظر في تعديلها قبل مضى 25 سنة ويراد الآن أن يكون فتح باب المفاوضات كل ثمان سنوات بناء على طلب فريق واحد.

النحاس باشا- لا بد من النص على الرجوع إلى عصبة الأمم لأننا بإزاء حالة تعديل لا حالة تطبيق أو تفسير؛ أما عن عبارة "برضا الطرفين" فإننا نخشى أن يكون ذكرها في المادة مانعا بتاتا من تدخل عصبة الأمم في حالة الخلاف ولذلك رأينا حذفها ومفهوم من النص أننا ندخل أولا في مفاوضات بقصد الاتفاق على التعديل فإذا حصل خلاف كان المرجع إلى عصبة الأمم .

ونحن نقبل أن تكون المدة عشر سنوات .

أما اشتراط الاتفاق بين الطرفين لإمكان فتح باب المفاوضة كل عشر سنوات فإننا لا نقبله إذ يكفى ألا يوافق أحدهما فلا يستطيع فتح الباب للمفاوضة.

المستر هندرسن- نحن نقصد أننا نحاول الاتفاق وإلا انطبق النص العام الخاص بالرجوع إلى عصبة الأمم وما دمتم تقولون إنكم تقابلوننا في ما نطلبه، فلماذا تغيرون ألفاظا ؟ إذا كان المعنى واحدا فاتركوا نصوصنا أو خذوا نصنا وأدخلوا عليه ما تشاءون من التعديلات، والآن لنبت أولا في هذه الفقرة .

النحاس باشا- العصبة غير مختصة طبقا للمادة 15 إلا بالتطبيق والتفسير. ونحن نريد أن تكون المسألة أكثر وضوحا إذ نخشى أن يفهم أننا لا نستطيع الالتجاء إلى العصبة إلا باتفاق الطرفين فلا يمكن عرض الأمر عليها إذا رفض أحدهما.

المستر هندرسن- نشعر بأننا إذا قبلنا اقتراحكم نكون قد حددنا للمعاهدة مدة ثمان سنوات فقط وليس هذا هو المقصود لأننا قصدنا أنه في حالة قبولكم أن تكون المدة 25 سنة نعطيكم فرصة أخرى لفتح باب المفاوضات باتفاق الطرفين كل عشر سنوات . إننا لا نستطيع أن نقترح على مجلس العموم قبول نصكم فإذا لم توافقوا على نصنا الأخير فلنعد إلى النص الأصلى الذى نشرعلى العالم في يوليه الماضى .

مستر توم شو- كان غرضنا أن المعاهدة تسرى مدة 25 سنة ثم تناقش بين الطرفين. ولكن اقتراحكم معناه أن معاهدة لمدة ثمان سنوات ما دام يجوز لأحد الطرفين أن يناقشها بعد انقضاء ثمان سنوات ، وأرجو أن تلاحظوا أن المعاهدة قد تكون بعد ثمان سنوات عبئا علينا بمقدار ما تتصورون أنها الآن عبء عليكم. نحن نريد أن تستمر المعاهدة 25 سنة إذا لم يقبل أحد الطرفين مناقشتها قبل ذلك كل عشر سنوات. أما أنتم فقد استبدلتم في الواقع مدة الخمس والعشرين سنة بمدة ثمان سنوات .

النحاس باشا- أحب أن تذكروا أنكم قلتم إن هذه الاضافة الخاصة بإعادة النظر في المعاهدة كل عشر سنوات إنما أضيفت للتسهيل وتخفيف الحالة، إذ كان النص يقتضى استمرار المعاهدة قائمة حتى يحصل الاتفاق على تعديلها بعد مضى 25 سنة الأمر الذى لم نقبله وقلنا إن معناه أن المعاهدة تكون في الواقع غير مقيدة بمدة ما ولا توجد في العالم معاهدة بهذا التأبيد فلكى تسهلوا علينا أن نقبل استمرار المعاهدة حتى يتفق الطرفان على تعديلها بعد25 سنة قلتم إنه يمكن النظر في التعديلات التى تستدعيها الظروف كل عشر سنوات ولكن يخيل لى أنكم تريدون أن تأخذوا باليسار ما أعطيتم باليمين فترجع الحالة أن المعاهدة تستمر حتى يتفق الطرفان على تعديلها بعد مرور 25 سنة .

مستر توم شو- نحن نرى استمرار المعاهدة بنصوصها 25 سنة ثم تناقش بعد ذلك. وإذا اتفق الطرفان يمكن المناقشة كل عشر سنوات. وأنتم تريدون أن تناقش المعاهدة بعد 25 سنة وأن تناقش في نفس الوقت كل ثمان سنوات. في رأيى أن هذا تناقض .

مستر هندرسن- بما أننا لم نستطع الاتفاق على التعديل فلنعد إلى النص الأصلى.

النحاس باشا- أعطونا مهلة لدرس المسألة بحذافيرها .

مستر هندرسن- نعود إذن إلى المادة 13 ولكن هل لى أن أطلب منكم أن تفكروا في المادة 16 في فترة العشاء؟

النحاس باشا- هذه مسألة كبيرة وليس لدينا الوقت الكافى للتفكير فيها .

مستر هندرسن- أريد أن أعرض على مجلس الوزراء غدا شيئا يكون قد تم التفاهم عليه وأنا مستعد أن أجلس إلى الصباح حتى لا تتأجل الأمور أسبوعين .

إننا نستطيع أن نقوم الآن للعشاء ثم نعود في الساعة التاسعة ليكون لديكم الوقت الكافى للمناقشة .

النحاس باشا- وهو كذلك فلتكن عودتنا في الساعة التاسعة.

وانتهت الجلسة،

السكرتير الرئيس إمضاء: مصطفى الصادق إمضاء : مصطفى النحاس


المصادر