محضر محادثة بين وزير الخارجية المصرية والسفير البريطاني (24/04/1951)

محضر محادثة بين وزير الخارجية المصرية والسفير البريطاني، 24 أبريل 1951، منشور من "وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 668 - 672".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنشور

الحـاضرون:


دكتور محمد صلاح الدين (بك)

الأستاذ على زين العابدين حسنى

سير رالف ستيفنسون

دكتور صلاح الدين (بك) - طلبتم إلي أن أعطيكم ردا مدروسا على المقترحات البريطانية وأستطيع الآن أن أعطيكم رد الحكومة المصرية المدروس. (صحيفة 670)

السفير البريطاني - أود أن أسأل بعض الإيضاح. فالنقط الثمانية الأولى هي اعتراضاتكم على المقترحات بوجه التخصيص.

وهنا لخص سعادة السفير البريطاني الاعتراضات واحدا فواحدا:

ثم قال إنكم لا تعترضون على تحويل القاعدة إلى المدنيين؟.

دكتور محمد صلاح الدين (بك) - إن المبدأ هو أن تسلم القاعدة إلى الجيش المصري في الوقت المتفق عليه.

السفير البريطاني - ولا يكون هناك بعد ذلك مدنيون بريطانيون لإدارتها؟.

دكتور محمد صلاح الدين (بك) - لا.

السفير البريطاني - إن سنة واحدة لإتمام الجلاء مستحيلة ماديا كما أخبركم المغفور له مستر بيفن في ديسمبر الماضي. أما فيما يتعلق بمسألة الأولوية في التسلح فإنكم ستعاملون معاملة البلاد الأخرى التي ارتبطت باتفاقات دفاعية منفذة مع بريطانيا. وستزودون بالسلاح على قدم المساواة مع هذه البلاد وهذا معناه أولوية خاصة.

دكتور محمد صلاح الدين (بك) - إن غرضنا هو أن نعوض ما فاتنا من وقت. وأن نلحق بالبلاد الأخرى التي تسبقنا الآن في التسلح.

السفير البريطاني - إن شرط إجلاء جميع الموظفين البريطانيين من السودان في مدى سنتين غير عملي بتاتا. فإن السودان لا يستطيع أن يتقدم بدون الموظفين البريطانيين.

دكتور صلاح الدين (بك) - أعتقد أن هذا ممكن.

السفير البريطاني - لا أظن ذلك ممكنا من الوجهة العملية. وأصل الآن إلى الفقرة - 6 - من مقترحاتكم المضادة:

"عقد اتفاق بين الطرفين يمكن بمقتضاه أن تعود القوات البريطانية إلى الجهات ... ..." ما معنى هذا؟ إن الاقتراح المصري الأصلي هو أن تعطي في حالة قيام حرب نفس التسهيلات التي أعطيت في الحرب الماضية.

دكتور محمد صلاح الدين (بك) - نقصد جهات مصر التي ترى الحكومتان بالاتفاق بينهما ضرورة عودة القوات البريطانية إليها.

السفير البريطاني - يشير الجزء الأخير من هذه الفقرة إلى البلاد العربية المتاخمة لمصر. ولا يعني ذلك سوى "شرق الأردن" وإذن فهو لا يشمل كما يبدو هجوما على تركيا أو على الشرق الأوسط عن طريق تركيا أو العراق.

دكتور محمد صلاح الدين (بك) - إنه لا يشمل ذلك.

السفير البريطاني - هناك تهديد مقنع في الفقرة الأخيرة. إن مقترحاتنا لا تتضمن إنذارا نهائيا فهل مقترحاتكم إنذار نهائي؟.

دكتور محمد صلاح الدين (بك) - إن ذلك يتوقف على ردكم على مقترحاتنا.

السفير البريطاني - يعني أنها تكون إنذارا نهائيا أو لا تكون حسب ردنا.

دكتور محمد صلاح الدين (بك) - نعم، ذلك يتوقف على ردكم.

السفير البريطاني - لم أفوض حتى الآن بالشروع في محادثات عن السودان. ولكني سأحيطكم علما بمجرد وصول هذا التفويض.

دكتور محمد صلاح الدين (بك) - إني مستعد في أي وقت للمباحثة في مسألة السودان.

السفير البريطاني - لا ينبغي أن تنتظر ردا سريعا على هذه المقترحات فإن على الحكومة البريطانية أن تدرسها بالتفصيل.

دكتور محمد صلاح الدين (بك) - إننا ننتظر في الواقع ردا سريعا فإن الموقف يزداد صعوبة كل يوم في الصحافة والبرلمان.

السفير البريطاني - لن تتأخر الحكومة البريطانية. ولكن الموقف برمته من الخطورة بحيث لا تستطيع أن ترد على مقترحاتكم في تعجل. ويظهر من صيغة مقترحات الحكومة المصرية المضادة أننا لم نتقدم عما وصلت إليه محادثاتنا في الصيف الماضي، ولا أستطيع أن أخفي عنكم رأيي في أن هذه المقترحات لا تصلح أساسا معقولا للاتفاق. وعلى كل حال فلنواصل جهودنا دون تراخ فلن يضيع جهد يبذل.

دكتور محمد صلاح الدين (بك) - هذه فلسفة طيبة.

رد الحكومة المصرية

تبدي الحكومة المصرية أسفها البالغ، وخيبة أملها المؤلمة لما جاء به الرد البريطاني بعد محادثات طويلة استغرقت أكثر من عشر شهور بذل فيها الجانب المصري كل ما في وسعه لتوضيح حقه، وتأييده ومواجهة جميع الاعتبارات التي يعنى بها الجانب البريطاني بما لا يتعارض مع حقوق مصر.

ولا يسع الحكومة المصرية إلا أن تقابل المقترحات التي تضمنها هذا الرد بالرفض المطلق في جملتها وتفصيلاتها وبخاصة في النقط الآتية:

(1) الوقت الذي يبدأ فيه جلاء القوات البريطانية والمدة التي يتم فيها هذا الجلاء.

(2) تعليق معدل انسحاب القوات المقاتلة والقيادة العامة على معدل إعداد مكان لإقامتهم في مكان آخر.

(3) المدة التي يتم فيها تسليم القاعدة للقوات المصرية المسلحة واشتراط إدارة هذه القاعدة وفقا للسياسة العسكرية البريطانية تحت الإشراف الإداري لمجلس إشراف إنجليزي - مصري.

(4) إنشاء نظام إنجليزي - مصري طويل الأجل للدفاع الجوي المنسق على أن يشمل وحدات مصرية وبريطانية.


(5) المعدل المتناهي في البطء الذي يقترح لتزويد القوات المصرية بالأسلحة والمعدات اللازمة لها.

(6) عودة القوات البريطانية في حالة خطر الحرب الداهم أو قيام حالة دولية مفاجئة يخشى خطرها.

(7) الفصل بين قضية الجلاء وقضية وحدة مصر والسودان تحت التاج المصري.

(8) التعلل بانتظار الفرصة الممكنة عمليا لتأخير تمتع السودانيين بالحكم الذاتي.

ويهم الحكومة المصرية أن تؤكد كذلك أنها ترفض فيما يخصها دعوى الحكومة البريطانية الخاصة بالمساهمة في الدفاع عن منطقة الشرق الأوسط بحجة التزاماتها نحو حلفائها الآخرين في شمال الأطلنطي وفي الشرق الأوسط.

وفيما يلي المقترحات التي ترى الحكومة المصرية بدورها تقديمها لتكون أساسا لاستئناف المفاوضات بين الحكومتين بغية حل المشكلة المتعلقة بينهما.

(1) الشروع في إجلاء القوات البريطانية عن مصر بمجرد عقد الاتفاق مباشرة وضرورة إتمام هذا الجلاء برا وبحرا في مدة لا تتجاوز سنة.

(2) تسليم القاعدة إلى القوات المصرية المسلحة بمجرد إتمام الجلاء وفقا للبند السابق.

(3) إعطاء أولوية خاصة لتزويد الجيش المصري بالأسلحة والمعدات اللازمة له في أقرب وقت. باعتبار مصر قائمة في منطقة استراتيجية حساسة.

(4) وحدة مصر والسودان تحت التاج المصري، وتمتع السودانيين في نطاق هذه الوحدة وفي مدى عامين بالحكم الذاتي.

(5) انسحاب القوات البريطانية والموظفين البريطانيين وانتهاء الحكم القائم الآن في السودان بمجرد انقضاء هذين العامين.

(6) عقد اتفاق بين الطرفين يمكن بمقتضاه أن تعود القوات البريطانية إلى الجهات التي يتفق بين الحكومتين على ضرورة عودتها إليها، للمعاونة في الدفاع عن مصر في حالة ما إذا وقع عليها اعتداء مسلح أو في حالة اشتباك المملكة المتحدة في حرب كنتيجة لاعتداء مسلح على البلاد العربية المتاخمة لمصر.

(7) إذا عادت القوات البريطانية إلى مصر وفقا للبند السابق فيتعين الشروع في إجلائها عنها بمجرد انتهاء العمليات الحربية على أن يتم الجلاء برا وبحرا وجوا في أجل أقصاه ثلاثة أشهر.


(8) إلغاء معاهدة التحالف الموقع عليها في لندن في 26 أغسطس سنة 1936 وجميع ملحقاتها. وكذلك اتفاقي سنة 1899 الخاصين بالسودان بمجرد سريان الاتفاق الجديد.

هذه هي مقترحات الحكومة المصرية وهي - كما أوضح الجانب المصري بتفصيل ووضوح في محادثاته مع الفيلد مارشال سليم ومع السفير البريطاني ومع المغفور له مستر بيفن - كفيلة بمواجهة الموقف الدولي. وهي وحدها السبيل لتصفية الجو الحالك الذي يكتنف العلاقات المصرية البريطانية لخير البلدين ومصلحة السلام الدولي في الشرق الأوسط كله.

فإذا قدرت الحكومة البريطانية -كما نرجو بكل إخلاص- أن المصلحة البريطانية والمصرية والدولية تدعو كلها إلى المبادرة بقبول هذه المقترحات أساسا لتسوية المشاكل القائمة بين البلدين، وأن كل تأخير في معالجة الموقف شديد الضرر بمستقبل العلاقات المصرية البريطانية وبقضية السلم العام. فحينئذ لا تكون هناك أية صعوبة في الوصول إلى الاتفاق المنشود.

أما إذا انتهت جميع الجهود بعد هذا الوقت الطويل إلى الفشل. فالحكومة البريطانية تعرف ولا ريب موقف مصر من معاهدة 1936، واتفاقي سنة 1899. فقد أوضحت الحكومة المصرية بكل صراحة وجلاء هذا الموقف في مناسبات كثيرة آخرها خطاب العرش الذي ألقي في البرلمان المصري في نوفمبر الماضي.


المصادر