محضر الجلسة الرابعة بوزارة الخارجية البريطانية بين وزير الخارجية والوفد المصري برئاسة مصطفى النحاس

محضر الجلسة الرابعة بوزارة الخارجية البريطانية بين وزير الخارجية والوفد المصري برئاسة مصطفى النحاس، منشور من "وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882- 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 367- 373".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنشور

فتحت الجلسة في الساعة العاشرة والنصف صباحا بغرفة وزير الخارجية البريطاينة بالهيئة السابقة وحضر مع الفريق البريطاني الجنرال تشارلز مندوبا عن وزارة الحربية. كما حضر مندبون عن أستراليا ونيوزيلنده.

مستر هندرسن- وصلنا إلى المادة الثامنة وقد لاحظنا في مشروعكم أنكم طلبتم إلغاء المادة الثامنة فأرجو شرح أسباب ذلك.

النحاس باشا- السبب في ذلك هو أننا اكتفينا بأن ذكرنا في النوتة أن الحكومة المصرية ستطلب في مذكرات يتبادلها الطرفان وجود بعثه لأجل تعليم وتدريب الجيش المصري. فالحقيقة هي أننا نقلنا هذا النص من المعاهدة ووضعناه في المذكرة لأنه إجراء وقتي أي أنه سينتهي بانتهاء تعليم وتدريب الجيش المصري بواسطة البعثة العسكرية.

مستر هندرسن- هل تدريب جيش إجراء وقتي؟

الأستاذ مكرم- ثم إن هذه المسألة ليست مما يدخل عادة في المعاهدات. وقد رأينا أنه من المصلحة أن نشير إلى البعثة العسكرية بواسطة تبادل مذكرات.

مستر هندرسن- أليس هناك مبدأ آخر ينطوي تحت هذه المادة. وهو أنه لا يجوز حتى ولا بعد تدريب الجيش أن يستعان بضباط من جنسية أخرى. أظن أن مسألة علاقة الجيش مسألة دائمة.

النحاس باشا- الواقع أنه بعد تدريب الجيش بواسطة البعثة لن نكون في حاجة إلى مدربين أجانب وبناء عليه لا حاجة للنص على ذلك في المعاهدة.

مستر هندرسن - ألم نتفق على أننا سنتحالف؟ ألم نتفق على أن طريقة التدريب ستكون واحدة؟ نأمل أن التحالف سيكون دائما، وأن علاقة الجيشين ستكون دائمة. نحب أن نفهم أنه في نهاية المدة إذا لم يكن هناك ضباط من طرفنا فلن يكون هناك ضباط من جنسية أخرى.

النحاس باشا- هذه المسألة ليست مسألة مادة تذكر في المعاهدة. والواقع أننا لن نحتاج بعد انتهاء البعثة من مهمتها إلى مدربين أجانب والمفهوم طبعا أننا إذا احتجنا إلى شيء من ذلك بعد التدريب والتعليم على الطريقة الإنجليزية يقع اختيارنا عل مدربين من الإنجليز ولا داعي للنص على ذلك. أما النص الوارد في المقترحات فمن شأنه أن يجعل الجيش المصري في شبه تبعية للجيش الإنجليزي. ويهمنا أن تكون فكرة استقلاله ظاهرة.

مستر هندرسن- ضعوا أمام نظركم أن الترتيبات العسكرية بيننا دائمة فلو قبلنا نقل ذلك إلى المذكرات هل أفهم أنكم مستعدون لأن تذكروا في مذكرتكم أنه عند نهاية مدة التدريب لن تستخدموا ضباطا أجانب آخرين لهذا الغرض في أي وقت آخر؟

النحاس باشا- نحن في الواقع متفقون على المبدأ والمسألة مسألة كرامة والصيغة نتفق عليها عند صياغة المذكرات. ونحن لا نرى حاجة للنص على ذلك ولكن إن ظهر أن ذلك ضروري فلا يعجزنا أن نصل إلى صيغة.

مستر توم شو- ما دمنا سنكون حلفاء في المستقبل وإذا كانت مصر ستتعهد بأن تحارب مع إنجلترا فلماذا لا يذكر في المعاهدة أو المذكرات (والأول أفضل) نص يمنع استخدام الأجانب في أي الجيشين؟

النحاس باشا- المعنى متفق عليه والمسألة مسألة تفضيل لا مسألة ضرورة.

لورد طومسون- المسألة ليست مسألة كرامة بل مسألة محالفة والمطلوب هو ضمان التعاون بين السلطتين العسكريتين ووحدة المهمات والأسلحة ومن المستحسن وضع شيء عن ذلك في المعاهدة لأن التحالف دائم والتعاون بيننا يجب كذلك أن يكون دائما وذلك لمصلحة الطرفين لأن هذا من أسس المعاهدة ولا يمكن التعاون بغير الاتصال الدائم بين هيئتي أركان الحرب.

وهنا عرض مستر هندرسن نصا مأخوذا من مشروع معاهدة ثروت باشا وهو "ولأجل تحقيق التعاون بين الجيشين طبقا لحكم المادة السابقة تتعهد الحكومة المصرية بأن تجعل تعليم الجيش المصري وتدريبه حسب الأساليب المتبعة في الجيش البريطاني. وإذا رأت الحكومة المصرية ضرورة استخدام ضباط أو مدربين من الأجانب فإنها تختارهم من الرعايا البريطانيين".

النحاس باشا- المسألة مسألة تفضيل لا مسألة ضرورة. ونحن نريد تنفيذ المحالفة بصداقة وإخلاص. ولاحظوا أنه لا يوجد في أية محالفة بين دولتين ما يحتم تدريب جيش الحليفتين على طريقة واحدة ولكن يستحسن ذلك. فلنتركه للتنفيذ الفعلي ولنبق في حدود المعاهدات التي تعمل بين حليف وحليف.

مستر هندرسن- مقترحاتنا التي عرضناها كان فيها ذلك النص في المعاهدة. وكل شيء ننقله من المعاهدة إلى المذكرات سيكون مثارا لأسئلة كثيرة في البرلمان وسيفسر بأننا تنازلنا عن شيء جديد. فإذا كنا متفقين على المبدأ فلماذا تخلقون لنا صعوبات؟

النحاس باشا- ليست هناك أية صعوبة لأن الرد على مثل هذه الأسئلة يكون بأن المسألة موضوعة على سبيل الاستحسان وهي بهذه المثابة توضع في مذكرة ولا يصح أن توضع في معاهدة وهذه مسألة خاصة بوضع المقترحات في شكل معاهدة فكما أنه لا يمكن أن يقال لماذا وضعتم هذا النص في الأول وهذا في الآخر كذلك لا يصح أن يقال لماذا وضعتم هذا النص في المعاهدة وهذا في المذكرات. ونكرر أنه ليس هناك أي معاهدة فيها نص كهذا فوضع هذا النص في المعاهدة يجعل الناس عندنا يظنون أن هناك تبعية من جيشنا لجيشكم. والمسألة أننا نريد معاهدة بين حليفتين ذوي سيادة ومتساويين في المظهر والواقع.

مستر هندرسن- إذا اتفقنا على وضع هذه المسألة في المذكرات فإننا نهتم اهتماما كبيرا بالصيغة التي توضع فيها ويهمنا أن يذكر أنه في حالة ما إذا احتاجت مصر إلى مدربين فإنهم يكونون بريطانيين.

النحاس باشا- ليس لدينا مانع من ذكر ذلك في المذكرات. أعني النص الوارد في المقترحات لا النص المأخوذ من مشروع ثروت- تشمبرلن.

مستر هندرسن- سنبحث في ذلك.

والمادة التاسعة، لقد اقترحتم لهذه المسألة الكبيرة مسألة موقع الجيش على القنال اقتراحا مدهشا وذلك أنكم أردتم وضع الجيوش على الضفة الشرقية من القنال وستسمعون حجج رجال الحربية في عدم ملاءمة اقتراحكم.

مستر توم شو - إذا كان سبب وضع الجيش في منطقة القنال هو الدفاع عنه فهناك ثلاث مسائل مهمة يجب مراعاتها:

أولا- يجب أن تكون الأماكن التي توضع فيها الجيوش بحيث تضمن الدفاع عن القنال.

ثانيا- يجب ألا تكون هذه الأماكن معيبة من الوجهة الصحية.

ثالثا- يجب أن تكون هناك أراض كافية يمكن للجيوش أن تتمرن فيها بعيدا عن الأماكن المأهولة، وذلك لضمان الصحة للجيوش وتمرينهم بغير تداخل مع السكان. وإني أرى أن المكان الذي اقترحتموه لا يحقق أي غرض من هذه الأغراض.

النحاس باشا- إن الاشتراطات الثلاثة التي أثارها المستر شو والتي يرى وجوب توافرها لصلاحية النقطة العسكرية لا مانع منها ولكني أستغرب لماذا لا تتوافر في بور فؤاد هذه الاشتراطات، وأحب أن أعرف لماذا لا توافقون على بور فؤاد التي نظن أنها مرضية لكم ولنا؟ إني مستعد لأن أسمع الاعتراضات على ذلك.

مستر توم شو - بور فؤاد محاطة بأرض رطبة ورمل طري وبها ذباب الرمال والناموس.

الجنرال شارلس (المستشار الحربي)- من الخطأ أن نجمع الجيش في نقطة واحدة إذا كنا سنقاتل على طول القنال ويصعب التنبؤ ضد من ستدافع عن القنال خصوصا وسنة 1914 ماثلة أمامنا. ففي الصحراء شرقي القنال ظهر في سنة 1915 أنه من الممكن للجيوش أن تخترقها. لهذا السبب ترى وزارة الحربية أنه يجب للدفاع عن القنال أن تقيم الجيوش في أماكن يمكنهم في جوارها أن يؤدوا الواجبات التي من أجلها وجدوا على القنال ويدرسوا الأماكن التي يمكن أن تجرى فيها الأعمال في المستقبل.

النحاس باشا- مع كل ما أبديتموه من الأسباب نرى أن الاقتراح الذي اقترحناه يفي بكل هذه الأغراض فليس القصد بور فؤاد بل ضواحي بور فؤاد وهي متسعة اتساعا كبيرا يمكن أن يتوفر فيه المدى المطلوب. والمياه العذبة موفورة فيها لجوارها للمدينة ويكفي مد المواسير إلى الجهات التي ستقيم فيها الجيوش. أما الناموس فيوجد في القطر كله وأما ذباب الرمال(Sand fiy) فغير موجود والناموس أقل في تلك المنطقة منه في أي جهة أخرى ولذلك اختيرت في الزمن الأخير لتكون مدينة هامة.

أما فيما يتعلق بالتدريب والتمرين اللازمين فلديكم المدى الواسع الذي يمكن للجنود أن تقوم فيه بكل تمريناتها بعيدا عن المدن وعن الأهالي، وأما ما ذكرتم من أن التجربة دلت على إمكان اختراق الصحراء فإن جيوشنا موجودة على طول الحدود الشرقية وفي الدروب التي يمكن أن يتخذها الأعداء للمرور وفي هذه الحالة تكون الجنود عاملا عظيما وفي وسع طلائعها الإخطار عن وجود العدو إذا ما وجد. ويمكن للجنود المرابطة في جوار بور فؤاد أن تتعاون مع الجنود المصرية باتخاذ كل الطرق لصد هذا العدو الذي يصور له اعتقاده أنه يمكنه الوصول إلى القنال. والمحل المناسب لصد هذه الغارات هو بور فؤاد أو ضواحيها ولذلك لا زلت مستغربا القول بأن هذا المكان الذي كنا نظن أنه يرضيكم كل الرضا لا يحقق هذه الأغراض.

لورد طومسون- لقد دلت التجارب على أن القنال لا يمكن الدفاع عنه من جهة واحدة ولا من نقطة واحدة فيجب توزيع الجيوش لأننا إذا ركزناهم في نقطة واحدة يكون توزيعهم بطيئا والواجب هو مراقبة القنال من الناحيتين وعلى طوله. هذا هو ما دلت عليه التجارب الحربية الحديثة.

النحاس باشا- يلاحظ أن النقطة العسكرية التي ترخص بها ليست هي التي تقوم وحدها بالدفاع بل ستكون للمساعدة على الدفاع. أي أن الجيش المصري سيكون موجودا أيضا والنقطة العسكرية موجودة في وقت السلم احتياطا لدرء خطر مفاجئ. وهذا الخطر المفاجئ سيخطرون به بواسطة جنود الحدود قبل اقتراب العدو. والجيش المصري مع هذه النقطة العسكرية يمكنه أن يدافع دفاعا جديا عن القنال إزاء هذا الخطر حتى يأتي المدد الإنجليزي بحكم المحالفة.

لورد طومسون- لن يكون لدى الجيوش المرابطة أكثر من أربع وعشرين ساعة قبل الهجوم على القنال من الجنوب أو الشرق. وإذا وضعت الجيوش في بور فؤاد كما تقترحون وهم يجهلون المواقع التي سيدافعون عنها، فإنكم تكونون كمن يغلق الإسطبل بعد هروب الفرس. إن الغرض من الهجوم على القنال هو نسفه لاحتلاله وقد يكون الهجوم في أول الأمر بطيارة واحدة. وما فائدة الجيوش بعد أن يكون القنال قد نسف. وتكفي أربع طيارات محملة بالمفرقعات للهجوم من الشرق فيجب أن يكون لدينا أناس يقظون دائما لمقاتلتهم في الجو.

النحاس باشا- وما هو الحال الآن؟

لورد طومسون - لدينا قوات هوائية كبيرة في الإسماعيلية وأبو صوير.

النحاس باشا- هذه النقطة يمكن عملها شرقي القنال.

مستر هندرسن- دعنا نحدد البحث قليلا. إنكم لم تذكروا في مقترحاتكم ما ورد في مشروعنا: "تسهيلا وتحقيقا ..... إلخ" حذفتم هذا وهو حيوي لنا. وإذا قبلنا هذا الحذف فقد نتهم بأننا أغفلنا وجهة نظر المستعمرات. وفي النوتة أشرتم إلى أن التفاصيل سيتفق عليها فيما بعد، وأرى أن تعين لجنة تزور الأماكن وتبحث أي حل أحسن. فيجب أن تكون وسائل الراحة متوافرة للجنود ولذلك اقترحت أن يشار إلى مصلحة الإمبراطورية في الدفاع عن القنال وأن يشار إلى لجنة تزور الأماكن وتتفق على أحسن نقطة.

النحاس باشا- فيما يختص بالمسألة الأولى وهي عدم ذكر المواصلات الإمبراطورية فقد حذفت واستبدلت بعبارة تبين الغرض الأصلي وهو الدفاع عن القنال وفي ذلك ما يفي بجميع الأغراض لأن الدفاع عن القنال يهم مصر إذ هو جزء من أراضيها، ويهم إنجلترا ويهم العالم أجمع نظرا لما هو مقرر في اتفاقية القسطنطينية سنة 1888 من أن القنال يجب أن يكون على الحياد المطلق سواء في زمن السلم أو الحرب، ومنصوص في الاتفاقية على أنه ليس لدولة من الدول مطلقا أن تستفيد من معاهدة تعقدها مع إحدى الدول بالنص على أن لها مزايا خاصة في القنال، وبريطانيا موقعة على هذه المعاهدة، فاحتراما لذلك حذفنا عبارة المواصلات الإمبراطورية اكتفاء بتحقيق الدفاع عن القنال وهو الغرض الأصلي، والقنال كما قلت طريق مواصلات عالمي.

مستر هندرسن- ولكنكم لا يمكنكم أن تمنعونا من أن نقول إن هذا يهم الإمبراطورية فيجب أن يكون هناك نص كهذا لأني أخشى ما تقوله لنا استراليا ونيوزيلندا، نحن لا نقول إنه ليس طريقا هاما للعالم ولكن نقول إنه ضروري لنا ولذلك فإني أقترح أن تسمحوا لي بأن أرسل لكم بعد الظهر نصا آخر لهذه المادة وسيكون مبنيا على التوفيق بين النصين ثم نتنافش في ذلك في الجلسة القادمة.

النحاس باشا- لا مانع.

المستر هندرسن- متى نتقابل؟

النحاس باشا- كما تريد.

مستر هندرسن- غدا صباحا في الساعة العاشرة والنصف.

وانتهت الجلسة في الساعة الثانية عشرة،

السكرتير إمضاء: مصطفى صادق


الرئيس
إمضاء: مصطفى النحاس


ملاحظة- في المساء وصل النص المقترح ومعه خطاب خاص من الأونرابل سسل كامبل (السكرتير القانوني للمستشار المالي البريطاني للحكومة المصرية) وهذا هو النص المذكور:

Cquote2.png "إلى أن يحين الوقت الذي يتفق فيه الطرفان المتعاقدان على أن الجيش المصري أصبح في حالة يستطيع معها بموارده الخاصة أن يصد هجوما على القنال حتى يصل مدد الحليف فإن جلالة ملك مصر يرخص لصاحب الجلالة البريطانية نظرا لأن القنال طريق أساسي للمواصلات بين الأجزاء المختلفة للإمبراطورية البريطانية بأن يضع في جوار بور سعيد وبورفؤاد والإسماعيلية والسويس أو غيرها من الأماكن التي يتفق عليها القوات التي يرى صاحب الجلالة البريطانية أنها ضرورية للدفاع عنه. وهذه القوات تتمتع بتسهيلات المواصلات ويكون لها أن تنفذ إلى منطقتي الصحراء على جانبي القنال بقصد التدريب والتمرين ولا يكون لوجود تلك القوات مطلقا صفة الاحتلال ولا يخل بأي وجه من الوجوه بحقوق السيادة المصرية". Cquote1.png


المصادر