محضر الجلسة السابعة بوزارة الخارجية بحضور الأعضاء المتفاوضين

محضر الجلسة السابعة بوزارة الخارجية بحضور الأعضاء المتفاوضين، في 10 أبريل 1930. منشور من "وزارة الخارجية المصرية القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 390 - 395".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنشور

عقد الاجتماع في الساعة الخامسة بعد الظهر بوزارة الخارجية البريطانية بالهيئة السابقة ما عدا الجنرال تشارلس.

مستر هندرسن- المادة الثانية عشرة، هل ترون الاستمرار في مناقشة هذه المادة؟

النحاس باشا - نعم. فيما يختص بهذه المادة نريد كما ذكرنا من قبل أن نقف عند حدود القواعد الدبلوماسية في هذا الموضوع حتى لا يكون مظهر المعاهدة مما يجعل مصر في مركز أدنى من دولة مستقلة. ولذلك نرى أن الأوفق بقاء النص كما وضعناه بغير إضافة العبارة التى تفيد ضرورة أسبقية الممثل البريطانى إلا أن يكون ذلك في حدود القواعد الدبلوماسية.

مستر هندرسن - لا أستطيع أن أفهم حجتكم القائلة بأن ذلك يجعل مصر في مركز أدنى. لأن مصر إذا منحت سفيرنا حق الأسبقية بالنسبة لسائر الممثلين فهى إنما تفعل ذلك لتضع ممثل حليفتها في مركز أحسن وعندما يترك سفيرنا الأول مركزه فإن من يخلفه يتمتع بمثل ما كان يتمتع به سلفه أى أنه يقدم علي غيره وهذا لا يسيء إلى مركز مصر وإن كان قد يمس مركز الدول الأخرى التى يكون لها سفراء لدى مصر والتى لها وحدها أن تشكو.

النحاس باشا- المفهوم أن أسبقية السفراء مقررة بالقواعد الدبلوماسية فالإخلال بها يعتبر عملا شاذا ولو كان الأمر بين حليف وحليفه وهذا الشذوذ هو الذى نريد أن نتفاداه لأنه قد يؤول بأن مصر خاضعة لحالة خاصة خارجة عن القواعد الدبلوماسية والتقاليد السياسية التى تنظم علاقات الدول بعضها ببعض.

وأضاف الأستاذ مكرم أن هذا ليس نتيجة مباشرة للتحالف ولا هو متبادل بيننا لأننا لم نطلب لسفيرنا لدى إنجلترا هذه الميزة.

مستر هندرسن- أستغرب أن هذه الحالة التى تسمونها أدنى لم يقل بها أحد عند مناقشتنا في الصيف الماضى.

النحاس باشا - هذا لا يغير من وضع المسألة وإنكم لتعرفون أننا نحن الذين نمثل الشعب المصرى ونحرص على حقوقه.

مستر هندرسن- هل أقرأ لكم فقرة أو فقرتين من وثيقة أشير إليها كثيرا. وهى تقرير لجنة ملنر الذى جاء فيه أن ممثل انجلترا يكون له مركز ممتاز.

النحاس باشا- إن مشروع ملنر عرض على الأمة فكانت هذه المسألة من المسائل التى لم توافق عليها بالذات وقد وضعت بشأنها تحفظا خاصا.

مستر هندرسن- إن ذلك يجعلنى أتساءل لماذا لم تعرضوا مقترحاتنا على الأمة المصرية لأنى أعتقد أن هذه المقترحات لو كانت قد عرضت لصادفت قبولا.

النحاس باشا - لو أننا عرضنا مقترحاتكم على الأمة أو البرلمان لكانت موضع أخذ ورد قد يؤدى إلى ضياعها فما فعلناه إنما كان لمصلحة هذه المقترحات.

مستر هندرسن- ولكن لا تنسوا أنه يوجد رأى هنا بأن المقترحات لم تعرض لأنكم أردتم ألا تتقيدوا. وعلى كل حال فنحن في الواقع لم نفعل أكثر من أننا أدخلنا بعض التحوير على ما ورد في تقرير ملنر. فلنرجع إليه.

النحاس باشا - نحن أدرى بروح بلادنا ورغباتها من غيرنا وقد أخذنا على عاتقنا أن ندافع عن كل ما نعتقد بصلاحيته ونتفق عليه. والمسألة من ناحيتكم مسألة إجراء ولكنها من ناحيتنا تحمل معنى خاصا.

مستر هندرسن- لقد استعملت عبارة وضع مصر في مركز أدنى مرات عديدة فنحن نصرح أنه ليس لدينا رغبة في ذلك. ولكننا نرى أن لنا الحق في أن نطلب بعض المراعاة من جانبكم في علاقاتنا بكم ما دمنا حلفاء. ولذلك لا أفهم لماذا أنتم غير مستعدين لأن تجعلوا لسفيرنا أسبقية على سفراء الدول الأخرى ما دام التحالف موجودا. أخبرونى ما ذا أعطيتم لنا منذ بدء المفاوضات؟ أما من جهتى ففي وسعى أن أخبركم بما تنازلنا عنه.

النحاس باشا- نحن نشكر المستر هندرسن على ما سلم به لنا: وكنت أنتظر أن يشكرنا لأننا تساهلنا في عدة مسائل لها أهميتها. وأظن أن المستر هندرسن يقدر هذ ا التساهل من جانبنا رغبة في الوصول إلى الاتفاق. وكل ما نرجوه هو أن يكون الاتفاق خالصا من كل شائبة حتى يمكننا أن ندافع عنه بحق وننفذه بإخلاص. ولأجل هذه الغاية نحن ندقق هذا التدقيق.

ومع ذلك فلكى نتلاقى مع المستر هندرسن نقبل من باب التساهل أن السفير البريطانى نظرا لكونه أول سفير عين لدى مصر تكون له الأقدمية في حدود التقاليد والقواعد الدبلوماسية. على أن يكون ذلك بخطاب منفصل وعلى ألا يفسر بأنه مركز ممتاز بل تكون هذه الأسبقية التى تمنح لسفيركم في حدود التقاليد الدبلوماسية مجرد رعاية من جانبا. وسنقدم مذكرة بهذا المعنى.

سير روبرت فانسترت (الوكيل الدائم لوزارة الخارجية)- ما الذى تقصدونه بقولكم "فى حدود القواعد الدبلوماسية"؟

الأستاذ مكرم - أى أنه يعتبر فقط أقدم السفراء (Doyen) فلا يكون له إلا ما لهم من حقوق ويكون عليه ما عليهم من واجبات.

مستر هندرسن- إننا نرى قبول اقتراحكم ونحن منتظرون مذكرتكم في ذلك. وما دمتم تريدون الابتعاد عن مناقشات الصيف الماضى فاقتربوا إذن من النص الوارد في تقرير ملنر.

النحاس باشا- لن نرجع إلى تقرير ملنر. ولن نقول شيئا عن مركز ممتاز.

مستر هندرسن- لا أطلب مركزا ممتازا. ولكن أطلب فقط أن تقولوا إن أسبقية السفير البريطانى مبنية على العلاقة المخصوصة التى تترتب على المعاهدة لأنه إذا لم يكن بيننا علاقة مخصوصة تترتب على المعاهدة فلا أدرى أية علاقة تكون. وعلى حال فلننتظر مذكرتكم.

النحاس باشا- ليكن مفهوما أن الذى قبلناه هو أن يكون لممثل بريطانيا الأقدمية فقط وهذا هو نص ما سندونه في المذكرة: نظرا لأن السفير البريطانى سيكون أول سفير يعين لدى مصر فيكون للسفراء البريطانيين الأقدمية على سواهم مدة هذه المعاهدة"

مستر هندرسن- لا مانع. والآن المادة الثالثة عشرة.

النحاس باشا- هل يمكن أن نؤجل البحث في هذه المادة إلى ما بعد؟

مستر هندرسن- لا مانع ولننظر في المادة 14

إن الذى أفهمه أننا متفقون على المادتين 14 و 15 فلننتقل إلى المادة 16 فقد أدخلتم عليها هى أيضا تعديلا. إن اقتراحنا يقضى بأنه في أى مدة بعد الـ 25 سنة يمكن إدخال تعديل على المعاهدة بالاتفاق بين الطرفين وقد عدلتم ذلك وقلتم أولا إن مدة المعاهدة عشرون سنة وثانيا أنه يمكن تجديدها أو تعديلها بالاتفاق. أى أنكم وضعتم أجلا تنتهى بعده المعاهدة ما لم تجدد، أما اقتراحنا فيقضى بأن تستمر المعاهدة إذا لم نتفق على تعديلها فأرجو أن تفسروا لنا ذلك.

النحاس باشا- فيما يتفق بالمدة وجدنا أن مدة 20 سنة كافية لأن يفهم بعضنا بعضا. بل ستكون هذه المدة فوق الكفاية نظرا للثقة المتبادلة بين الفريقين. وعقب هذه المدة يمكن أن يشعر كل من الفريقين بحق أن القيود التى وضعت في المعاهدة لا حاجة لها وعندها تكون هذه الثقة أساسا صالحا لاتفاق على تجديد هذه المعاهدة أو تعديلها.

مستر هندرسن - سأطلب من زملائى أن يقبلوا فقط تعديل المدة إلى 20 سنة. على أن يبقى النص كما هو.

النحاس باشا- إن النص الذى وضعناه هو الذى يتفق مع الثقة المتبادلة بين الطرفين ولنا الأمل بأن هذه الثقة المتبادلة تؤدى إلى اتفاق خال من القيود التى سيدل العمل على أنه لا لزوم لها.

مستر هندرسن- في أى وقت بعد مضى 20 سنة من تاريخ التصديق على المعاهدة يمكن عمل التعديل الذى تقتضيه الظروف. وإنى واثق أن صداقتنا وقتئذ تساعد على إدخال تسهيلات جديدة في المعاهدة باتفاق جديد.

النحاس باشا- إن مقتضى اقتراحكم هو أن تظل المعاهدة مستمرة حتى نتفق على التعديل ولكن حسن الاستعداد يكون أكثر توافرا إذا ترك للطرفين حرية تجديد الاتفاق. ونحن نريد أن يترك للطرفين تقدير الحالة في ذلك الوقت أن ذلك أدعى للاتفاق مما لو استمرت المعاهدة إلى حين الاتفاق الجديد إذ أنه في هذه الحالة الأخيرة تكون النتيجة أن كلا منا لا يهتم بشعور الاخر ما دام أنه حائز على أكثر مما تستلزمه الظروف القائمة.

مستر هندرسن- هناك علاج لهذه الحالة: يمكنكم أن تأخذونا إلى عصبة الأمم وتقولوا إن هناك تعديلا مقترحا لا يقبله أحد الطرفين.

الأستاذ مكرم- نريد أن نسوى مسائلنا معا فلا نذهب إلى العصبة إلا اضطرارا ولذلك لا نرى داعيا لتغيير النص الذى وضعناه.

مستر هندرسن- ولماذا لا تثقون فينا فتقبلون أن تستمر المعاهدة إلى أن تعدّل. فإن المسألة هى أن الشعب البريطانى لا يستطيع أن يتصور أن يبقى بغير معاهدة معكم بعد عشرين سنة.

لورد باسفيلد- أحب أن ألفت النظر إلى أن النص يسوى بين الفريقين في المعاملة فلا يضعكم في مركز أدنى.

مستر توم شو- لا أفهم فكرة المركز الأدنى التى تكررونها. ولا أفهم أنكم تتصورون أننا نأبى مفاوضتكم في إدخال تعديلات على المعاهدة.


مستر هندرسن- ستكونون أعضاء في عصبة الأمم ويكون قد مضى لكم فيها عشرون سنة ولكم الحق أن تعرضوا وتشرحوا مسألتكم في المجلس وللمجلس أن يشير بإجراء تحكيم. وإنى من جهتى أؤكد أنى لا أستطيع أن أواجه البرلمان بمثل نصكم خصوصا وقد خفضنا الخمس سنوات من المدة التى قلنا لمجلس العموم عنها.

النحاس باشا - القاعدة في جميع المعاهدات أن تكون محدودة بمدة معينة تنتهى بانتهائها ويمكنكم أن تتقدموا للبرلمان في حدود هذه القاعدة العامة وفوق هذا فإننا وضعنا نصا يجيز تجديد المعاهدة أو تعديلها وهذا وحده يكفى. والمصلحة تقضى بأن نكون في حدود المعاهدات على العموم مع ترك الباب مفتوحا للطرفين لتجديد المعاهدة أو تعديلها. وبعد 20 سنة ستكون الصداقة هى التى تحملنا على التجديد أو التعديل في ضوء الخبرة طوال المدة المذكورة.

مستر هندرسن- بحسب نصكم تنتهى المعاهدة في نهاية المدة. ونحن لا يمكننا أن نقبل ذلك، وإذا أردتم فلكم أن تضعوا عبارات أخرى تدل على أنكم تعطون أجلا لتعديل المعاهدة وأن طلب التعديل لا يرفض بغير مبرر. إننا نرجو أن نتبادل التساهل وكما قبلنا تخفيض المدة كما اقترحتم فقابلونا بإلغاء الشك في أن هذه المعاهدة ستنتهي انتهاء مطلقا. وأريد أن أكرر لكم أن هذا مركز لا يمكن أن أقبله، نحن نقبل تنقيص المدة وأن تنص المعاهدة على أنه عندما يطلب أحد الطرفين تعديلا فإن الطرف الثانى لا يرفض بغير سبب معقول أن يدخل معه في المفاوضات. وإذا وافقتم يمكننا أن ننص على أنه قبل انتهاء مدة المعاهدة باثنى عشر شهرا ينعقد حتما بين الطرفين، إذا ما طلب أحدهما ذلك، مؤتمر للنظر في التعديلات المطلوبة.

النحاس باشا- إن الذى نخشاه ونحب أن نبتعد عنه كل الابتعاد أن تكون المعاهدة أبدية، نريد أن نكون أحرارا في التعديل والتجديد، وهذا لا يمنع أن ننظر في الطريقة التى تتبع لإجراء التعديل أو التجديد.

مستر هندرسن- لم تردوا على مسألة الإخطار بطلب التعديل وانعقاد المؤتمر حتما بناء على طلب أحد الطرفين.

النحاس باشا- نريد أن نكون أحرارا من كل قيد في التعديل والتجديد، والصيغة التى نقبلها يجب ألا يكون فيها ما يدل على تأبيد المعاهدة مع ضمان حرية الطرفين.


مستر هندرسن- أظن أننا إذا جمعنا ما اقترحته وما ردّ به النحاس باشا. يمكن وضع نص قد نتفق عليه، وكما قلت يكفى أن يخطر أحد الطرفين الآخر قبل الميعاد بسنة. وعندها ينعقد المؤتمر حتما، وإلا يمكنكم رفع الأمر إلى عصبة الأمم. وبذلك نكون قد أنقصنا خمس سنوات من المدة وقررنا لكل من الطرفين الحق في الدعوة إلى عقد مؤتمر للنظر في تعديل المعاهدة قبل انتهاء المدة بسنة والتزمنا بعقد المؤتمر في غضون هذه السنة، وبطبيعة الحال يمكننا أن نتفق بعد صداقة دامت تسع عشرة سنة. لقد أعطيناكم ما لم نعطه من قبل ولا أتصور أن أية حكومة للعمال تعاملكم وقتئذ بسخاء أكثر مما عاملناكم به الآن. أرجو أن نوفق إلى الاتفاق على نص. وإذا رأيتم فإننا نؤجل الجلسة وننظر في النص الجديد غدا الساعة العاشرة.

النحاس باشا - الساعة العاشرة والنصف.

مستر هندرسن - هل تعدون بتقديم مشروع للمادة التاسعة غدا؟

النحاس باشا- أرجو ذلك.

مستر هندرسن- حسن وبعدها نرجع إلى المادة 13

وانتهت الجلسة حيث كانت الساعة السادسة والنصف مساء،

السكرتير إمضاء: مصطفى الصادق


الرئيس

إمضاء: مصطفى النحاس


المصادر