محضر الاجتماع الرابع الذي عقد في رئاسة مجلس الوزراء مع الجانب البريطاني

محضر الاجتماع الرابع الذي عقد في رئاسة مجلس الوزراء مع الجانب البريطاني، في 2 مايو 1953، من "وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 735 - 745".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنشور

محضر الاجتماع الرابع الذي عقد في رئاسة مجلس الوزراء، يوم السبت 2 مايو 1953 الساعة 10.30 صباحاً

الحاضرون:

سعادة سير رالف ستيفنسون

الجنرال سير بريان روبرتسون

مسترم. ج. كريزول

البريجادير ا. ج. هـ. دوف

ا. ف. و. هوب

قائد سرب ج. ج. ديفس


رئيس الوزراء اللواء محمد نجيب

دكتور محمود فوزي البكباشي جمال عبد الناصر

قائد الجناح عبد اللطيف البغدادي

الصاغ عبد الحكيم عامر

الصاغ صلاح سالم

الأستاذ على زين العابدين حسنى

السفير البريطاني - سيدي اللواء، يجب أن أعترف بأننا خرجنا من الاجتماع الأخير دون أن ننتهي إلى رأي قاطع. لقد سادنا الاعتقاد أننا كنا قد انتهينا بصفة عامة مع الجانب المصري إلى وجوب إجراء بحث فني للمشكلات التي تنشأ عن الحالة. والتي أشرت إليها في ملاحظاتي يوم الأربعاء. وقد يكون من المناسب أن نبحث في إمكان الوصول إلى تسوية فنية عملية. ولكن يظهر أن الجانب المصري قد عدل عن رأيه، وطالب بالنص على مبادئ يجدر تركها إلى النهاية بدلا من التعرض لها في البداية. إننا نرى أنه ليس عمليا التحدث في المبادئ قبل تكوين اللجان. طالما أنكم لم تبحثوا في إمكان الوصول إلى تسوية عن طريق البحث الفني العملي، إذ يجب توجيه اللجان فيما ستقوم به من عمل. ويبدو لي أن ما ظهر من تغيير في موقف الجانب المصري يرجع إلى الافتقار إلى الثقة في حسن نيتنا. إننا على استعداد، كما أشار إلى ذلك الجنرال روبرتسون في ملاحظاته الأولية، للبحث في وضع جزء كبير من المهمات البريطانية في حراسة مصر. وهذا من ناحية المبدأ عمل من أعمال الثقة التي لم يسبق لها مثيل في أي بلد آخر. أليس من الممكن أن تبحثوا من جانبكم الأمر بنفس الثقة التي نحن على استعداد من جانبنا لأن نبحثه بها. ألا يكفيكم أن تتخذوا مما نؤكده لكم من عدم رغبتنا في التعدي بأي شكل من الأشكال على السيادة المصرية أساسا للثقة وأساسا طيبا للبدء في بحث المشكلات الفنية. لقد طلبنا في الاجتماع الأخير تعريف جملتين تعريفا دقيقا، وبحث صيغتين وضعناهما بأن الإشراف العام يكون مصريا، وأن الإدارة الفنية لبعض المنشآت تكون بريطانية. وقد وجدنا في ذلك بعض الصعوبة لأنه من اختصاص اللجنة ومع ذلك فإنني على استعداد، إذا رغبتم، لأن أطلب، بعد إذن سيادة الرئيس، من الجنرال روبرتسون أن يوضح ذلك. وفي استطاعتي أن أؤكد أنه لا يمكننا أن نذهب إلى أبعد من ذلك انتظارا لرأي اللجنة فيما يمكن عمله.

رئيس الوزراء - وما هو رأي الجنرال روبرتسون؟

الجنرال سير بريان روبرتسون - لقد حاولت أداء هذا الواجب يوم الأربعاء. على أنني على استعداد لمحاولة ذلك مرة أخرى. وإنني أعتقد، متفقا في ذلك مع السفير، أنه يحسن أن تترك التفصيلات والنواحي العملية للجنة. لقد حددنا موقفنا. وصرحنا أننا على استعداد لوضع القاعدة الحربية بمنطقة القنال تحت الإشراف المصري على أن تكون الإدارة الفنية لبعض المنشآت والمهمات في المنطقة، إدارة بريطانية. هذا هو ما قلنا به في الاجتماع الأخير. وطلبتم على الأخص تحديد معنى الإدارة الفنية. وسأحاول في هذه المرة الرد بطريقة أخرى. وذلك بأن أوجه إليكم بعض الأسئلة. لقد تكلمتم عن الإشراف العام. هل تعنون بذلك الإشراف على كل شيء في القاعدة؟ ليس هذا هو المعنى المقصود عادة بعبارة الرقابة العامة. هل تقصدون مثلا أنكم تريدون الإشراف على المخازن وما إليها الموجودة في منطقة القاعدة؟ وكيف يتم التخزين فيها والصرف منها؟ هل تقصدون أنكم تريدون وضع البرنامج الذي يجب أن يجري عليه العمل في الورش وتحديد أولوية الأعمال المختلفة التي يجب أن تقوم بها الورش؟ هل تقصدون أن يكون لكم الرأي في كيفية إصلاح المهمات البريطانية ذات القيمة؟ هل تريدون أن يكون لكم الرأي فيما يجب عمله بالمهمات البريطانية غير القابلة للإصلاح أو للاستعمال؟ إنني أستطيع أن أستمر في إلقاء مثل هذه الأسئلة وقتا غير قصير. وفي اعتقادي أنكم لا تريدون القيام بهذه الأعمال. إذ فضلا عن احتياجنا إليها فإنها هي التي نقصدها عندما نشير إلى الإدارة الفنية. لقد رحبت بتصريح الجانب المصري بلسان وزير الخارجية، بأنه لا يمكن أن يكون الإشراف العام عائقا دون إبقاء القاعدة صالحة. في اعتقادي أنه قال ذلك. هل تريدون الإشراف على كل نسمة نتنفسها؟ إنني أفهم أن يقول وزير الخارجية إنه لا يمكن أن يكون الإشراف العام عائقا دون بقاء القاعدة بحالة صالحة وإلا كان هذا عملا من أعمال التخريب. فلا بد أن يكون هناك من يدير أعمال المنشآت ويقوم بالتوجيه في تفاصيل التنفيذ. هذا هو ما نعنيه فعلا بالإدارة الفنية. ولا يمر يوم دون أن تصدر لوائح وتعليمات بشأن الأعمال التفصيلية التي تختص بها الإدارة. وقد أدركتم بأنفسكم أن التوجيهات يجب أن تصدر من بريطانيا لأن المعدات بريطانية. تقولون إن هذه التوجيهات يجب أن تأتي عن الطريق الحكومي أو الدبلوماسي. لقد نما إلى علمي أن هناك ما يقرب من 750.000 صنف لسلاح المهمات. وقد يكون هناك عدد مماثل بالمخازن الأخرى كمخازن سلاح الإشارة، والمخازن الطبية إلخ... وهناك سيل من التعليمات الفنية التي تصدرها وزارة الدفاع ووزارة الطيران. هل تقصدون حقيقة أن ذلك كله يمكن أن تضطلع به المصالح الحكومية؟ إننا بكل صراحة يا سيدي لا نعتقد ذلك. لست أرغب في عمل المقارنات، ولكن أية منشأة اعتيادية تصلها التعليمات من الرياسة، دون أن يفكر أحد في أن في ذلك تعديا على السيادة. إنكم تطلبون اتفاقا نشعر أنه ليس عمليا. إن الثقة التي نحن على استعداد لأن نبذلها لا تساعد وحدها على حل المشكلات العملية، إذا كنتم تطلبون تحمل المسئولية عن ممتلكات شعوب أخرى، فلن ترضوا أنتم بها إذا أمكن الموافقة عليها.

الصاغ صلاح سالم - هل لسيدي الجنرال أن يعيد الجملة الأخيرة؟ إنني لم أفهمها تماما.

الجنرال سير بريان روبرتسون - إنكم تطلبون شيئا نرى أنه ليس عمليا للوصول إلى اتفاق لن ترضوا به حقيقة حتى إذا فعلناه.

وزير الخارجية - لعله يكون من المفيد أن نحاول ونرى إذا كنا على خلاف في الرأي. وإذا كان الأمر كذلك فما هو مقدار هذا الخلاف، حتى نرى كيف يمكن التغلب عليه. يظهر أن الجانب البريطاني يعتقد أن الجانب المصري قد غير رأيه فيما يتعلق بالطريقة. وربما تكونون قد اعتقدتم أننا سنحيل الأمر على اللجنة بعد خمس دقائق من المناقشة. لقد رأينا من الضروري اتباع الطريق العادي بمد كل لجنة بدستور يمكنها من العمل على وجه مفيد.

لقد كدنا نتفق تماما على اللجنة رقم (1). مع أننا لم نوقع عليها بعد. وبدأت متاعبنا تتبلور عند ما اعترضنا ما يجب أن تقوم به اللجان من عمل.

ومما تجدر الإشارة إليه هنا قصة مسمار جحا وهو شخصية شهيرة في الأساطير العربية. فقد حكى عنه أنه ترك مسمارا في بيت اضطر إلى إخلائه. فأخذ يتردد على المنزل يوميا ويصقل المسمار الذي خلفه وراءه.

لسنا ندعي وجود أي مسمار لجحا في بيتنا. ولذلك سألت في ذلك اليوم إذا كنتم تقصدون بقاء المعدات هناك كمسمار جحا؟ وإذا كان الأمر كذلك فيجب عليكم أن تجلوا بقضكم وقضيضكم.

وبما أن بعض المهمات البريطانية ستبقى في القاعدة. فإننا نحاول تلمس أفضل الوسائل لمعالجة الأمر علاجا حاسما دون المساس بالسيادة المصرية كما قلتم بأنفسكم. وعلى كل حال مهما كانت الآثار العملية فقد اتفقنا على شيء واحد وهو الصلاحية. لا شك في أننا نريد أن تكون القاعدة ومحتوياتها محل عناية فعالة. فكيف نقوم بذلك؟ لقد تحدثنا عن خبراء غير مصريين لا يتعدى عددهم ولا تطول مدة خدمتهم عن الحد الأدنى الذي تقتضيه الضرورة. وتحدثنا عن توجيهات ترد عن الطريق الدبلوماسي بحيث لا تمس هذه التوجيهات أو تلك الطرق السيادة المصرية. كما تحدثنا عن مدة خدمة وعن تدريب المستخدمين المصريين.

وإنني لا أرى ما يقف حجر عثرة في طريق الاتفاق إذا ما كفلت العناية بالمهمات البريطانية التي تبقى في القاعدة وصيانتها. إننا لفي حاجة إلى شيء من البيانات عن لجنة القاعدة، اللجنة رقم (2). وعندما نقول إن عدد الخبراء غير المصريين يجب أن يكون محدودا إلى أدنى حد ضروري. فإننا لم نقرر عددهم. لأن هذا متروك للجنة.

وكذلك الحال فيما يتعلق بمدة وجود هؤلاء الخبراء غير المصريون كما سيكون الحال كذلك في تعريف المقصود بالتوجيهات والطرق التي سترد بواسطتها. إنني أرى سعادة السفير البريطاني مشغول البال بالطرق الدبلوماسية. وإراحة له أقول إن هذا الأمر متروك للجنة تقرر فيه ما تراه، أود أن أقول إننا لا نحاول عمل كل شيء. بل أؤكد أننا ولا بد سنقوم بالعمل الملقى على عاتقنا ونستطيع أن نقوم به بنجاح إذا ما أمددنا اللجان المختلفة بأوجه الاختصاص الواضحة المرنة. علينا أن نتجنب الإكثار من النصوص وتضاربها. وأن نخفض مجال العمل لكل منها إلى الحد المعقول وهذا من شأنه تمكين اللجان من العمل على الوجه المرضي.

وخلاصة القول، إنني أعتقد أن الخلاف بيننا ليس كبيرا كما كان الاعتقاد في البداية. وأريد أن أؤكد لكم أن الجانب المصري ليس هو الذي غير رأيه إنني سأقف انتظارا لأي تعليق أو أي نقط واضحة محددة عن اختصاص اللجنة.

السفير البريطاني - يبدو أن وزير الخارجية قد ركز ملاحظاته على النقط الرئيسية. إذ أنه أثار ثلاث اقتراحات:

أولا - المدة أو الوقت الذي يحدد للاتفاق. تلك بطبيعة الحال مسألة سياسية لا يمكن أن تبحثها اللجنة.

ثانيا - طريقة تدريب الفنيين المصريين.

ثالثا - الطرق التي تسلكها التوجيهات والتعليمات.

وهاتان النقطتان الأخيرتان هما اللتان يجب أن تقبلوا تأكيدي بشأنهما أنه ليس فيهما أي تعد على السيادة المصرية. فالأمر يتعلق بتنفيذهما تنفيذا عمليا. فهناك أولا استعداد الفنيين البريطانيين لتدريب الفنيين المصريين، وثانيا الطرق التي ترد بواسطتها التوجيهات. ويبدو لي أن هذا عمل اللجنة. ولست أرى أفضل من أن أحيلكم إلى مشروع اختصاصات اللجان الذي سبق أن وضعناه والذي نرى أنه يفي بالغرض تماما. وإذا رغبتم فإنني سأعيد عليكم تلاوته:

"وضع الخطط اللازمة لنقل القاعدة الحربية الحالية بمنطقة القنال إلى الإشراف المصري ويجب أن تكفل هذه الخطط بقاء القاعدة في حالة صالحة للاستعمال وقت السلم ومعدة للاستخدام في زمن الحرب. وبذل التوصيات بشأن الإنشاءات الموجودة داخل القاعدة ومحتوياتها".

وهذا ينهي موضوع تدريب الفنيين المصريين والطرق التي سترد بواسطتها التوجيهات. وليس في إمكاننا أن نقترح صيغة أفضل.

وزير الخارجية - لقد بلغنا النقطة التي يجب علينا عندها إعادة النظر في اختصاصات لجنة القاعدة.

فبادئ ذي بدء، بعد الاطلاع على مشروعكم، نجد أنكم تقبلون من جانبكم إدخال بعض التغيير الذي يري الجانب المصري قبوله. وهو "رسم الخطط لنقل منطقة القاعدة الحربية الحالية في قنال السويس إلى الإشراف المصري" بدلا من "إلى مصر".

إننا نفضل عبارة "نقل القاعدة الحربية الحالية" على "نقل منطقة القاعدة الحربية الحالية" وسنعود إلى ذلك فيما بعد.

وما دمنا ندرك تماما معنى ما نقصد فإننا نلاحظ أن المشروع الذي تقدمتم به يتضمن عبارة نرى أنها من نافلة القول. إذ تقولون "بحالة صالحة للاستعمال وقت السلم ومعدة للاستخدام زمن الحرب". وفي اعتقادي أننا إذا قلنا "بحالة صالحة" فهذا كاف، لأنها تشمل السلم والحرب.

أما فيما يتعلق بالتوصيات المشار إليها في نهاية الفقرة، فإنني أقترح وضع فاصلة بعد كلمة "محتوياتها" وإضافة "بشأن ما يأتي":

(1) أن المهمات البريطانية التي تتخلف في القاعدة يمكن أن تبقى تحت الحراسة المصرية.

(2) تحديد عدد ومدة استخدام الخبراء غير المصريين إلى أدنى حد تستدعيه الضرورة القصوى، ويقوم هؤلاء الخبراء، مدة وجودهم، بتدريب المستخدمين المصريين للحلول محلهم.

(3) إبلاغ التوجيهات المتعلقة باستعمال المهمات بالطرق الدبلوماسية.

من الواضح أننا نواجه عند هذا الحد بعض المبادئ التي يجب الاتفاق عليها بين الوفدين. إذ كيف يتسنى للجان الموافقة إذا نحن لم نضع لها الخطوط التي تسير عليها وهذا هو ما يقتضي منا الاتفاق على بعض المبادئ العامة، كما سبق لي أن أوضحت.

إنني أرحب بأي تعقيب يعن لكم على الوضع العام عند هذا الحد من مباحثاتنا، أو على المشروع الذي قدمناه، وكذلك بأي اقتراح لإجراء أي تعديل طفيف ترون إدخاله عليه. وإذا أمكننا الاتفاق على النقط التي تثار في كل طور من أطوار المباحثات لسرنا قدما في طريق النجاح.

السفير البريطاني - أشرتم خلال ملاحظاتكم أن بعض الكلمات التي ضمناها مشروعنا الأصلي سوف تثير تعليقا غير مرغوب فيه. لذلك أرى من واجبي أن أسألكم مرة أخرى إن كنتم توافقوننا على أن بنود الاختصاص ليست للنشر. ولا يحتمل أن يتقدم الخبراء العسكريون سواء من جانبكم أو من جانبنا بتعليقات غير مرغوب فيها.

وأود أن أقترح أن ننسحب بعض الوقت إذا لم يكن لديكم ملاحظات أخرى.

وزير الخارجية - إن بنود الاختصاص ليست للنشر بطبيعة الحال. وإنني إذ أثرتها كنت أقصد أمرين:

الأول ضيق الحيز وهو "الوقت الحاضر"، والثاني أوسع مدى وهو "فيما بعد". عندما نتكلم عن بقاء القاعدة في حالة صالحة للاستعمال، إنما نعني مثل هذه القاعدة لا مطارا لشركة الخطوط الجوية البريطانية ولا حاجة بكم إلى الإصرار على هذا الجزء من مشروعكم الذي قد أوضحنا أنه غير حكيم

ولا يمكن أن تفي هذه الأمور بغرض حقيقي كما أنها لن تغير من رأيكم، طالما أنها تتعلق بالقاعدة. وفي رأيي إنه من الأنسب عدم ذكرها ما دامت القاعدة باقية في حالة صالحة للاستعمال.

السفير البريطاني - لقد قلتم إن هذه الكلمات لا حاجة إليها. ويمكننا أن نضع مقياسا واحدا، وهو جزء من عمل اللجنة.

وزير الخارجية - إن من شأنكم أن تعبروا عن آرائكم، وإنني أرحب بسماع ملاحظاتكم على الاقتراح بأكمله.

السفير البريطاني - لسماع ذلك يقتضي الأمر أن تأذنوا لنا في بضع دقائق للمداولة.

تأجل الاجتماع في الساعة 11.35 صباحا وانسحب الجانب المصري، وبقي الجانب البريطاني في قاعة المؤتمرات للمداولة.

استؤنف الاجتماع في الساعة 12.15

السفير البريطاني - لقد فكرنا في اقتراحكم وأعددنا مشروعا مضادا. ومن رأينا أنه كلما أصبح نص الاختصاصات قصيرا كان ذلك أفضل. وإنما نصمم كما تعلمون على إدارة فنية بريطانية لممتلكاتنا. ويجب أن يكون عمل اللجنة قائما على هذا الأساس دون غيره وسأفضي إليكم الآن بمشروعنا المضاد:

(1) تصبح الحكومة المصرية مسئولة عن سلامة الممتلكات البريطانية في القاعدة.

(2) يقتصر عدد الخبراء البريطانيين اللازمين على الحد الأدنى اللازم لصيانة القاعدة صيانة فعالة.

(3) لا تتعارض أي من التنظيمات المقترحة لتشغيل المنشآت مع السيادة المصرية ولا ببقاء المنشآت المذكورة ملكا لبريطانيا.

وتلاحظون أننا قد حذفنا الاقتراح الخاص بأن يكون تبليغ التوجيهات عن الطريق الدبلوماسي. ومن الواضح أن من واجب اللجنة أن تنظر في كيفية تحقيق ذلك، واقتراح الطريق المؤدي إلى عدم المساس بالسيادة المصرية.

كما حذفنا أيضا في مشروعنا أية إشارة إلى الشرط الذي يفرض حدا أدنى لمدة بقاء الخبراء البريطانيين. وإنني أرجو الجنرال روبرتسون أن يعلق ببضع كلمات على هذه النقطة، إذ أنه رجل عسكري ويستطيع أن يشرحها أفضل مني.

جنرال سيربريان روبرتسون - لقد فكرنا في هذا الأمر مليا يا سيدي اللواء وفي اعتقادنا أننا نناقض أنفسنا، إذا ما وافقنا على أن نستبدل الخبراء البريطانيين بالخبراء المصريين على أساس أنهم مدربون على هذا العمل. إننا نعتبر ذلك منا عملا مناقضا، لأننا سبق أن أبدينا وجهة نظرنا بأن إدارة المنشآت يجب أن تكون في أيد بريطانية. وأن المسألة ليست مسألة كفاءة أو عزة قومية. وأن عدد الخبراء سيتأثر بالتأكيد بعدد الرجال الذين ستقدمونهم. وكلما كان عدد من تقدمون من الرجال أكبر انخفض تبعا لذلك عدد الخبراء. وإذا ما سألتم عن المدة اللازمة لإشراف الفنيين البريطانيين على المنشآت كان ردي هو الآتي: إن كل تدبير يعمل في المستقبل بشأن المنشآت يجب أن يكون على نظام واحد.

ولقد أبدى الجنرال نجيب ملاحظة بعدم رغبته في عقد اتفاق غير محدود المدة. ولم نشأ الرد على ذلك، لأننا شعرنا بأننا سوف نتعرض لهذه المسألة فيما بعد. ونعتقد أن هذا طلب لتحديد مدة إقامة الخبراء البريطانيين الذين يديرون المنشآت. وعلى ذلك فإننا نشعر بأن هذه مسألة سياسية ليس للجنة أن تتخذ قرارا بشأنها.

وزير الخارجية - هل أنتم على استعداد لمناقشة هذه المسألة السياسية بيننا هنا؟

السفير البريطاني - من الطبيعي أننا على استعداد لمناقشة أي موضوع تثيرونه. أما مسألة المدة فهي مسألة سياسية ليس للجنة أن تناقشها. وإذا أصررتم على مناقشة المدة الكلية قبل أن تبدأ اللجنة عملها، حينئذ علينا الرجوع إلى لندن بشأنها.

إننا نرى عرض هذه المسألة على بساط البحث بعد أن تنظر اللجنة في المشكلات المعروضة عليها. فإذا أصررتم على المدة يجدر بنا إذن أن نترك الأمر كله جانبا ونواصل عملنا على أساس جديد. إن فكرة بحث المشكلة فنيا هي في الواقع مسألة سياسية. والسؤال هو كم من الوقت سيستمر هذا النظام؟.

رئيس الوزراء - توافقون سعادتكم على أننا يجب أن نقرر مبدأ وجوب تحديد المدة. ثم تحدد اللجنة بعد ذلك مدة هذا النظام، والأساس الذي يقوم عليه.

السفير البريطاني - لا يمكن للجنة أن تقرر كم من الوقت يستمر العمل بهذا النظام. وكما سبق لي أن ذكرت، لسنا في سبيل سن تشريع مؤبد، وليست المسألة مسألة مائة عام. إننا لنأمل ألا يبقى أمننا وأمن العالم الغربي، وليس أمن مصر فحسب، خاضعا لظروف الحرب إلى الأبد. ومن الطبيعي أننا لا نزال نعتقد أن هذه مسألة ليس للجنة أن تقررها. وعلى أية حال فإنها مسألة سياسية محضة، والحكومة البريطانية على استعداد لمناقشتها مع الحكومة المصرية.

وزير الخارجية - قبل أن أعلق بشىء، فإنني أسائل نفسي إن كنتم مرتبطين في أية جهة بأية معاهدة أبدية.

السفير البريطاني - هناك المحالفة البرتغالية. وقد دامت حتى الآن 600 عاما.

وزير الخارجية - يصعب علينا أن نجد ما يطمئننا إلى هذا الرأي، وإذن فأنتم ترون أننا نتناقش في مشكلة المبدأ. وهي مشكلة تعترض سبيل حلها بعض الصعاب، ونحن نحاول المساهمة في إيجاد حل مرض لها. ونريد أن نعرف إن كنا في طريقنا إلى اتفاق أبدي أم لا؟ وبينما أنتم تتحدثون عن التنظيم الكلي للاتفاقية، أفضل أنا التحدث عن أجزاء الاتفاقية التي يمكن أن نصل فيها إلى اتفاق. فمثلا مسألة الخبراء الأجانب وإن كانوا سيمكثون هنا إلى الأبد. وجوابنا النهائي عن هذه المسألة أنه لا. وإنني لأتساءل عما يكون جوابكم.

السفير البريطاني - إنهم لن يمكثوا إلى الأبد.

وزير الخارجية - إنني لا أشعر باطمئنان عندما تصرحون بأنكم لا تشرعون إلى الأبد إذ ذكرتم من برهة 600 سنة وهي مدة جد طويلة. وإن اعتقاد شعبنا واعتقادنا أننا إذ نجلس حول هذه المائدة لنمثل مصر فإننا نبحث إن كان الوفدان يحاولان الوصول إلى حل للمسألة أم لا. وإنني آمل أن نجد الطريق المؤدي إلى الموافقة على المبادئ الأساسية. ويجب أن تقرر مدة لبقاء الخبراء هنا. وقد حاول الوفد المصري طيلة الوقت أن يتغلب على أية عوائق تقف في طريق الوفدين مهما كلفه ذلك من إرهاق. ويمكننا أن نلائم بين الكلمات أو نغيرها. ولكن المعنى يتضمن أقصى ما يمكننا أن نعرضه في محاولتنا لأن نلاقي وجهة نظركم. ولا نستطيع أن نقبل مدة غير محدودة أو نظاما فيه تعد على سيادتنا. وهناك نقط أخرى في مشروعكم المضاد. لقد ذكرتم "منطقة القاعدة" بدلا من "القاعدة" وقد ذكرتم أيضا كلمة "منشآت" بدلا من "مهمات".

ونقطتا الخلاف الرئيسيتان هما مدة بقاء الخبراء الأجانب وعلاقة ذلك بتسليم المهمات البريطانية المتخلفة. وأعتقد أن النقطة الأولى أصعبهما أي مدة بقاء الخبراء الأجانب في القاعدة. وإذا تكرمتم بتلاوة مشروعكم المضاد لنستطيع أن ندونه. وقد نحتاج إلى أن ننسحب لدراسته بدقة ونرى ما يمكننا أن نفعل بشأنه.

السفير البريطاني - يقرأ "لرسم خطط لتحويل منطقة القاعدة الحالية في منطقة القنال إلى الإدارة المصرية. وستكفل الخطط أن تبقى القاعدة في حالة صالحة للاستخدام في وقت السلم وعلى استعداد للعمل فورا في وقت الحرب".

وسنبدي مقترحات بخصوص المنشآت في منطقة القاعدة ومحتويات هذه القاعدة تبعا للأسس الآتية.

(1) "تتكفل الحكومة المصرية بالمحافظة على الممتلكات البريطانية في القاعدة" بدلا من وجودها "تحت حراسة مصر".

(2) يقتصر عدد الخبراء البريطانيين على أدنى حد لازم لصيانة القاعدة صيانة فعالة.

(3) إن أية تنظيمات تقترح لتشغيل المنشآت لن تتعارض مع السيادة المصرية ولا مع حق الملكية للممتلكات المذكورة.

وما من شىء مما ذكرت يعوق الاتفاق على مدة محددة فنحن متفقون أن تكون هذه التسوية برمتها لمدة معينة.

وزير الخارجية - مدة معينة إذا لزم الأمر.

السفير البريطاني - إذا اقترحت اللجنة واجبات أخرى. إن ما نتكلم عنه الآن إنما هو مدة الاتفاقية كلها.

وزير الخارجية - إننا نتكلم عن مبادئ تحديد بقاء الخبراء البريطانيين. فهل لي أن أفهم أنكم تقبلون مبدأ تحديد بقاء الخبراء البريطانيين.

السفير البريطاني - يستحيل علينا أن نوافق على جعل الإدارة الفنية في أيد غير بريطانية. وما دامت توجد ممتلكات بريطانية فإن الخبراء البريطانيين يتحتم بقاؤهم. ولا أعني أنهم سيمكثون مائة عام، ولكنهم سيمكثون المدة الكلية للاتفاقية. وإذا ما أصررتم على مدة معينة فإننا يجب أن نرجع إلى لندن في ذلك.

وزير الخارجية - من البديهي كما صرحتم أن مسألة الخبراء الأجانب ستؤدي إلى المسألة الثانية وهي مدة بقاء المهمات في القاعدة. ومن الواضح أننا لا نقبل أن تبقي المهمات هنا لمدة غير محدودة، ذلك أن إدارة المهمات ستؤول إلى المصريين وحدهم في الوقت المناسب. وإن كان الأجانب سيعاونونهم في مبدأ الأمر. هذا هو ما نتصوره.

السفير البريطاني - من الصعب جدا أن نتصور إمكان إدارة ممتلكاتنا بأيد غير بريطانية.

وزير الخارجية - يظهر أن الأمور قد وضحت أكثر هذا الصباح. فقد كنا نتكلم عن تحديد عدد الخبراء الأجانب وقد أدى هذا إلى مسألة تحديد مدة بقاء المهمات البريطانية في القاعدة. وإنني في غير حاجة إلى أن أخبركم بأننا نصمم على تحديد مدة بقاء المهمات البريطانية وأيضا مدة بقاء الخبراء الأجانب.

ومن الجلي أيضا أن هناك مسألتان سياسيتان يجب أن تناقشهما الحكومتان لا اللجان. وقد حاولتم بقدر رغبتكم الوصول إلى حل وآمل أن تكونوا قد شعرتم على الأقل بأننا قمنا بمثل هذه المحاولة لمقابلة وجهة نظركم.

سبق أن ذكرت أن الوفد المصري قد ذهب إلى أبعد مدى في سبيل التغلب على اختلاف وجهات النظر. وآمل ألا يكون هذا الاختلاف كبيرا. ومن المحتمل أن ترغبوا في الرجوع إلى لندن، أو في تمحيص الأمر فيما بينكم. وإنني أرجو من رئيس وفدنا أن يقف عند هذا الحد اعتقادا مني أننا قد ذهبنا إلى أقصى ما نستطيع.

السفير البريطاني - إن لي سؤالا واحدا. هل الحكومة المصرية على استعداد لأن تبدأ اللجنة عملها دون إثارة مسألة المدة.

وزير الخارجية - إنني أتحدث بما يجول في خاطري: يمكن أن تقسم هذه المسألة إلى قسمين، أولا مسألة مبدأ تحديد المدة في حد ذاته، وهذه يجب أن نتفق عليها قبل أن تبدأ اللجنة عملها.

السفير البريطاني - لقد وافقنا فعلا على مبدأ المدة المحددة، مبدأ تقسيم هذه المدة على مراحل.

جنرال سير بريان روبرتسون - إن مبدأ المدة سيقرر، هذا واضح.

وزير الخارجية - نحتاج إلى أن نلقي نظرة على مشروعنا وعلى مشروعكم المضاد، وأن نقارن بينهما. وربما لا يتيسر لنا أن نعطيكم ردا اليوم. وإذا ما اتفقنا على الفكرة فلن تعترض صياغتها صعوبة تذكر، على أننا نريد أن نوضح أمورا تتصل بمشروعكم كالإدارة الفنية مثلا. وعندما نتحدث عن الإدارة الفنية نشعر بأننا يجب أن نبدل بها شيئا آخر. لذلك نرى أن رئيس وفدنا والأعضاء لا يبدون ترحيبهم بكلمة "مسئولية" لأنها تثير التساؤل "المسئولية أمام من ؟" لذلك نفضل استعمال كلمة "الحراسة".

جنرال سير بريان روبرتسون - من المحتمل أن تقبلوا هذا التعبير "تعتبر الحكومة المصرية أنها ملزمة..."

وزير الخارجية - إننا نفضل عبارة "تحت حراستنا".

جنرال سير بريان روبرتسون- "تأخذ الحكومة المصرية على عاتقها..."

وزير الخارجية - "تتولى الحكومة المصرية..."

جنرال سير بريان روبرتسون - ليس في هذا صعوبة.

وزير الخارجية - من الضروري بطبيعة الحال أن نقرر أن الفنيين غير المصريين سوف يمرنون فنيينا أثناء بقائهم في مصر، وأن مراحل الجلاء تقتصر على أدنى حد تقضي به الضرورة. ولا أعتقد أن لكم أي اعتراض على هذا. هذا هو تقريبا كل ما يحضرني عندما أقرأ مشروعكم المضاد. وأعتقد الآن أنه يجب على أن أترك للرئيس تأجيل اجتماعنا.

اتفق على أن لا يصدر أي بيان للصحف. وعلى أن يكون الاجتماع التالي يوم الثلاثاء في الساعة العاشرة والنصف صباحا.


المصادر