محضر الجلسة الرابعة بين صاحب الدولة عدلي يكن باشا رئيس الوفد المصري وبين اللورد كيرزن وزير خارجية بريطانيا ومساعديه

محضر الجلسة الرابعة بين صاحب الدولة عدلي يكن باشا رئيس الوفد المصري وبين اللورد كيرزن وزير خارجية بريطانيا ومساعديه، في 19 يوليو 1921، مفاوضات سنة 1921 - 1922، (عدلي-كيرزن)، بين الوفد المصري الرسمي وبين اللورد كيرزن ومساعدين، بوزارة الخارجية، منشور من "وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 117 - 128"

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنشور

افتتحت الجلسة الساعة الخامسة بعد الظهر

اللورد كيرزن- في المرتين الفائتتين تناقشنا في مسائل ثلاث:

(الأولى) رأي حكومة إنجلترا فيما يتعلق بمحل وضع القوة العسكرية.

(الثانية) الترتيبات المستقبلة لإدارة الأمور الخارجية.

(الثالثة) مركز الموظفين البريطانيين اللذين يدعيان إلى الإشراف على أمور المالية والحقانية.

وقد أرسلت لكم مذكرات في هذه المواضيع الثلاثة لم يراع فيها إحكام النص، وأخبرتموني أنكم ستضعون هذه المسائل موضع البحث، وها أنا مصغ لأي شيء تريدون أن تبدوه عن أية هذه المسائل الثلاث .

عدلي باشا- سأحاول أن أقترح لكم رأينا فيما يتعلق بالقوة العسكرية. وإنما أستأذنكم- بيانا لوجهة نظرنا-في إعادة ذكر الأحاديث التي كانت لنا مع اللورد ملنر. كانت المسألة العسكرية محل بحث طويل بيننا وقد تناقشنا فيها من وجهاتها المختلفة فرأينا أن الأمر فيها لا يخرج عن إحدى حالتين: حالة الحرب وحالة السلم . أما في زمن الحرب فقد رؤي أن تضمن المعاهدة نصا تتعهد بريطانيا بمقتضاه بمساعدة مصر في الدفاع عن سلامة أرضها من أي اعتداء خارجي. وباعتبار هذا العهد حكما من أحكام معاهدة. فإنه لا يعمل به ولا يطبق إلا في زمن الحرب ، ولم يكن تعهد بريطانيا بالدفاع عن سلامة أرض مصر ليقتضي وجود جنود في وقت السلم ، وبما أن أساس المعاهدة هو الاستقلال. فقد رؤي أن يكون هناك تبادل في التعهد نفيا لشبهة الحماية، وإبعادا لكل احتمال يقرب منها، ولكنه لما كان بين البلدين مصر و إنجلترا اختلاف كبير في الموارد و في احتمالات الحرب لم يكن من المقبول أو الجائز أن يكون التعهدان متطابقين تماما. لذلك اكتفى بأن ينص على أنه حينما تكون إنجلترا في حالة حرب تتعهد مصر بأن تقدم لها كل التسهيلات.

وسائل نقل وموانى ومحطات طيران حتى ولو لم تكن مصر نفسها في خطر. هذا فيما يتعلق بحالة الحرب. أما ما يتعلق بزمن السلم فقد قدرنا أنه يجب أن ينتهى الاحتلال العسكرى. غير أن اللورد ملنر أثار بهذه المناسبة مسألة المواصلات ووجوب المحافظة عليها وشدد في وجوب وجود قوة عسكرية من أجلها. وبالرغم من أن وجود تلك القوة يتضمن مساسا بالسيادة المصرية رأينا أن نسلم به لنقدم بذلك دليلا على حسن مقاصدنا. على أنه كان من المفهوم بيننا أن وجود القوة لا يراعى فيه إلا مصلحة إنجلترا من وجهة الأغراض الحربية التى تقتضيها المواصلات ، وأنها لا شأن لها بمصر فهى ليست ضدها أو للتداخل في شؤونها، كما أن وجودها لا علاقة له بمصلحة مصر من حيث الدفاع عن سلامة أرضها- وقد نص على هذه المسألة في مشروع اللورد ملنر في المادة 4 فقرة 2. ولما أرسل المشروع مع المندوبين الأربعة لتفسير فحوى مواده والاستنارة بآراء الهيئات المصرية فيه. أشار هؤلاء المندوبون في شرحهم إلى أن مركز هذه القوة هو منطقة القناة، إذ كانت وجهة النظر المصرية أن محل الخطر على المواصلات البريطانية هو منطقة القناة. فيجب أن يكون الدفاع عنها هناك. وقد اعترض على هذا الرأى بالتعهدات الدولية وحياد القنال، ولكن كان المفهوم دائما أن لا تكون تلك القوة في مدينة أو بالقرب من مدينة وألا تخرج على أى حال عن منطقة القناة. وإن كان اللورد ملنر رفض أن يكون معسكرها على الشاطئ الأسيوي من القناة.

اللورد كيرزن- هذا لم يكن رأى اللورد ملنر (وقرأ صحيفة 29 من التقرير حيث أشير إلى وجوب حماية المواصلات في البر و في الهواء أيضا ).

عدلي باشا- الأثر الذى بقى في نفسى من تلك المناقشات هو أن المفهوم لدى الفريقين أن تكون تلك القوة في منطقة القناة، وقد ذكرنا القنطرة. ولكن اللورد ملنر لم يرض بشئ معين، وأحال المناقشة في ذلك على المفاوضات الرسمية، وهذا التحديد بمنطقة القناة. هو ما فسر به الأمر في مصر ، وقد أضاف المندوبون الذين تولوا ذلك التفسير إلى ما تقدم أن الثكنات ومحطات الطيران تكون في تلك المنطقة، ثم صدر بعد ذلك تقرير لجنة ملنر وفيه كما قلتم تركت المسألة مفتوحة باعتبار أن

هناك مواصلات غير القناة. وعلى أي حال فإن التقرير قصر أمر القوة على حماية المواصلات ولم يتعهدّها إلى غيرها من الأغراض و إني أعتقد أنه من الميسور لنا أن نتفق على منطقة تقيم فيها القوة ولكنكم في الجلسة الأولى عند شرحكم لهذا الموضوع جعلتم لوضع هذه القوة أغراضا أربعة. أما الغرض الأول وهو غرض المواصلات فنحن متفقون فيما تعلق به. أما زمن الحرب فينبغي لمصر أن تقدم لكم فيه كل ما يسعها من التسهيلات، وأما زمن السلم فنعتقد أن حماية المواصلات تتوافر بوضع القوة العسكرية في محل معين. أما الغرض الثاني وهو الدفاع عن سلامة الأراضي المصرية فقد أجبت عليه مقدما، إذ مادامت المساعدة موضوع معاهدة. فلا وجه لأن توضع قوة منذ زمن السلم لمجرد توقع الحروب هذا فضلا عن أن في وضعها مساسا مباشرا ظاهرا بالسيادة المصرية، ونرى أن فكرة المحالفة لا يستفاد منها جواز وضع قوة في زمن السلم، كما أنه ليس لوضع تلك القوة ضرورة. فإن مصر بلد غني وسكانها يربون على ثلاثة عشر مليونا، فإذا استعدنا حريتنا كان في وسعنا أن ننظم جيشنا ووسائل الدفاع عن أرضنا على الصورة الملائمة لحاجاتنا. على أن هذا هو الواقع في المعاهدات الحربية. فإنها لا تقتضي أن أحد المتعاهدين يرابط بجنوده في بلد الآخر توقعا لحالة الحرب، وكل ما يمكن عمله بين المتعاهدين ، وما يعمل عادة. هو أنه يوضع في وقت السلم اتفاقات عسكرية تحدد مقدما كيفية التعاون العسكري في زمن الحرب.

اللورد كيرزن- (أستأذن أن يقاطع، وسأل إذا كان أحد يريد أن يزيد شيئا فيما يتعلق بالمسألة الأولى).

رشدي باشا- إني منضم إلى ما قاله عدلي باشا، وأقرر أن القوة العسكرية في زمن السلم لا يمكن أن يكون غرضها مساعدتنا وقت الحرب، وليس لها ضرورة، وفيها مساس باستقلالنا.

اللورد كيرزن- لا أرى أنه يحسن بنا أن نعلق أهمية على الصيغ والألفاظ، وقد تكلمنا عن المساس بالسيادة، ولا أرى في ذلك إلا صيغا ونظريات ، وما نحتاج إليه وما نبحث عنه هو أحسن الطرق لضمان أمن مصر، وإذا اشتغلنا بالبحث والتساؤل بأي قدر يمس هذا التدبير أو ذاك بالاستقلال فإننا لا نصل إلى شيء. لا ينتظر أن يكون لمصر جيش كبير فإن ذلك كثير النفقات ، وسيكون لنا كلام في القدر الذي تشتركون به في مصاريف القوة العسكرية إذ لا نريد أن نتحملها وحدنا. ولكن هل يجري في بالكم أننا نريد أن نضع في مصر ثلاثة أو أربعة آلاف من الجنود لمحض لذتنا بذلك ؟ ليس شيء من ذلك- إننا إذا كنا نضع في مصر قوة عسكرية فليس ذلك لحماية المواصلات وحدها بل لحماية النظام والأمن أيضا. تتحدثون عن مصركما لو كان بلدا هادئا مطمئنا، وأنتم لا تجهلون الحوادث التي حصلت أخيرا. أترى إذا تجددت هذه الحوادث وحصل اعتداء وقتل تجدون كافيا

أن ترسلوا لنا تلغرافا تطلبون فيه النجدة، إن تمييزكم بين ما يمكن ويصح في السلم، وبين ما يجوز في الحرب تمييز قائم على التحكم ولا أساس له- إذا جاز على العموم أن توضع بمصر قوة فإنه إذا طلب من بريطانيا أن تقوم بحماية النظام وجب أن تكون تلك القوة حاضرة ، وحاضرة في المكان اللازم، ليتيسر لها القيام بما يطلب منها. لا أدعي الخبرة بالأمور العسكرية ولكني لا أشك في أنكم إذا سألتم أية سلطة عسكرية عما إذا كان من الممكن أن ترتجل الترتيبات العسكرية. عند قيام الحوادث لإجابتكم بأن ذلك من الأوهام. ثم خبروني ماذا فعلتم في حوادث الإسكندرية ! إنكم طلبتم العون من الجنود البريطانية، وهبوها لم تكن موجودة. فماذا كنتم فاعلين؛ ثم يجب ألا يغيب عن بالكم ما تراه الدول الأجنبية في هذا الشأن، ولو سلمنا برأيكم واكتفينا بنقطة صغيرة لحماية المواصلات لكانت فرنسا وإيطاليا أول من يحتج على ذلك. فلنواجه الواقع. ونحن لا نريد أن نأتي شيئا مهينا لكم . لكن يجب أن أقول لكم بكل صراحة إنه من المستحيل أن نعقد اتفاقا إلا إذا أعطيت القوّة العسكرية معناها الحقيقي. وقد ذكرتم تاريخ مناقشاتكم في هذه المسألة، ولكن يجب أن تلحظ المسألة من وجهة الإمبراطورية فإنها لا تهم إنجلترا وحدها، والذي لا نزاع فيه أن الإمبراطورية لا تقبل وضع القوة العسكرية في مركز قلق كالمركز الذي تقترحونه لها. تريدون وضع القوة في نقطة من الصحراء. ولنفرض أنكم جعلتم مقامها في تلك البقعة أحب ما يمكن أن يكون. فماذا تكون الحال لو وقعت حوادث ؟ إني لأرجو أن يكون للجيوش المصرية الكفاءة و فيها الكفاية لقمع ما يقع من ذلك، ولكن هبها عجزت ولجأتم إلى المندوب السامي. أفتظنون أن تنزل لكم قوة من السماء ؟ الواقع أنه ليس لهذه المسألة إلا حل عملي واحد، وهو أن تكون القوة في نفس المكان الذي قد تطلب فيه لأداء عمل. والذي يجب أن توقى مصر منه هو أن يكون وجود تلك القوة مهينا لها، أو أن تكون بمعنى حاميه أو جيش احتلال. وإني لأرى بعد طول الروية والتفكير أن المبادئ التي ذكرتها لكم منافية لاستقلالكم ، على أني لا أريد أن يسبق إلى ظنكم أني أهددكم بما أقول، ولكن أرجو أن تتبينوا أن حججكم ليست مما يمكن أن يسلم به أو يخضع له.

عدلي باشا- تريدون أن تكون القوة للمحافظة على الأمن ؟

اللورد كيرزن- نعم هي هناك لهذا، ولا فائدة من أن نغالط أنفسنا وننكر ذلك.

عدلي باشا- ولكننا منذ أربعين سنة وهي مقيمة بيننا لم نلجأ إليها.

اللورد كيرزن- لم تلجئوا إليها لأنها كانت هناك، وقد كان وجودها أكبر سبب لعدم الالتجاء إليها. على أنه لما وقع الاعتداء الشديد دعوتموها.

عدلي باشا- كانت القوة موجودة دائما ولكن وجودها لم يمنع حصول الحوادث. أما أننا دعوناها فلأن الجيش الإنجليزي جزء من نظامنا الحالي، فلا غرابة في أن يدعي لأنه أصبح يعتمد عليه في مثل هذه الظروف ، ولكن في النظام الجديد سيلحظ في تنظيم البوليس والجيش أن يكون صالحا

للقيام بهذه الواجبات، تقولون نعم نترككم أحرارا ولكننا نبقى مسئولين عن الأمن العام ، فعن أى شئ نكون نحن مسئولين؟ وكيف يمكننى أن أدافع في بلادي عن مثل هذا الموقف؟

اللورد كيرزن- إنى آسف أن تتخذ هذا الموقف في هذه النقطة التى أعتبرها أساسية. إنك تشير إلى صعوبة الدفاع عن مركزك، وهبنى سلمت بمذهبك وحصرت الغرض من القوّة العسكرية في المواصلات، أما لو فعلت ذلك لا نزعج كل من له مصلحة، وهؤلاء هم الذين يجب أن يعتدّ برأيهم لا الغوغاء أو الذين يكثرون من الصياح والتهويش.

عدلي باشا- نحن على اتصال تام بكل الطبقات، ونحن نرقب الحوادث بدقة من سنين، فلا نجد أحدا يطلب بقاء الجيش الإنجليزي. سواء في ذلك خصومنا وأنصارنا وخصوم زغلول باشا وأنصاره، وأؤكد لكم أننا إذا قلنا إن القوة العسكرية كانت في تقرير اللورد ملنر للمواصلات وقد أصبح من أغراضها في النظام المقترح حماية الأمن لا ستقبلنا بغير ما نود ونشتهي.

اللورد كيرزن- لست عادلا في تصويرك للأمر، فأنتم تفرضون أن القوة التى أقترحها تكون بالعدد الحالى (سأل عنه فقيل لا حوالى الأحد عشر ألفا) ولن يكون شئ من ذلك، وتقدرون أن تلك القوة ستعمل في المستقبل كما تعمل الآن. ولن يكون شئ من ذلك، ولا أظن المندوب السامى سيحرك جنوده إلى المدن والحدود لمجرد لذته وهواه، ولكن إذا حصلت حوادث كان مستعدا للطوارئ.

عدلي باشا- كأنى بكم تقدرون أنه لن يكون لنا بوليس أو جيش.

اللورد كيرزن- إن إعدادكم لبوليس وجيش يسدّان كل حاجتكم أمر يستغرق زمنا طويلا ويقتضى نفقات طائلة. ولنفرض أنكم تستطيعون إنشاء جيش قوى، ولا أنكر أن عندكم المواد الأولية الكافية لذلك، فهل يتم هذا بين ساعة وأخرى ؟ فترى أن الذى يعنينا هو ترقب الأوضاع اللازمة للأيام الأولى، فإذا قويتم بعد ذلك كانت الظروف قد تغيرت وجاز تعديل الحالة، ونحن لا ندعى أننا نضع الان قواعد أبدية.

رشدى باشا- نحن نريد وضع اتفاق يمكن قبوله. ولا يمكن أن الأمة تقبل بقاء جنود للمحافظة على الأمن. ذكرتم حوادث سنة 1919 وحوادث الإسكندرية الأخيرة، ولكن فاتكم أننا في ثورة،وكل ثورة يقع فيها من الغلو والاضطرابات مثل ما وقع عندنا، وهذه الحوادث التى وقعت تفسرها حالة التهيج العصبى الذى يقترن بأزمة قومية كالتى نمر بها، على أننا سوف ندخل بالاتفاق في عصر هدوء وسكينة ونقطع الاضطرابات من جذورها ؛ وذكرتم الدول واعتراضها وليس لها حق الاعتراض على شئ من ذلك، فإن لها امتيازات تشريعية وقضائية، وليس لها حق وضع جيش للمحافظة على رعاياها، وقلتم الجنود الإنجليزية تداخلت في الحوادث الأخيرة وقد وقع هذا التداخل لأنها كانت هناك.

اللورد كيرزن- الحمد لله أنها لم تكن في لندرة.

رشدي باشا- لو لم تكن هناك لكنا نظمنا الجيش والبوليس على أساس صالح كاف.

صدقي باشا- الجيش البريطاني جزء من نظامنا الحاضر.

اللورد كيرزن- إنكم ترون طبعا أننا سوف لا نذكر شيئا مما أقوله في المعاهدة لأن ذلك يكون مهينا و إذا كنت، قد ذكرته الآن فلأجلو لكم أغراضنا، ولأقنعكم بأن ذلك يجب أن يبقى مرسوما في أذهاننا، وإذا حصلت حوادث فستذكرون هذه القوّة وإن كنتم تقصون ذكراها الآن عن أذهانكم. ويهمني أن أعرض آراءكم في وضع هذه القوة أي في توزيع الجنود. وأكرر لكم أن الحل الذي تقترحونه وهو وضع قوة صغيرة في منطقة القناة لا تقبله الحكومة الإنجليزية.

رشدي باشا- المهم لكم هو مواصلاتكم فإذا ضمنت فماذا تبتغون فوق ذلك؟

اللورد كيرزن- قلت وكررت في ذلك ما فيه الكفاية.

رشدي باشا- وكيف توقفون الدول على حقيقة أغراضكم من بقاء هذه القوة إذا بقيت المسألة سرية؟

اللورد كيرزن- ليست المسألة سرية، وأنا لا أتكلم هنا عن معاهدات سرية، والذي أشير إليه هو التفاهم فيما بيننا. قد يعرض في المستقبل اضطراب وهياج وضياع أرواح، وقد يهاجم المندوب السامي و يكون في خطر، قد يكون ذلك نادرا و بعيدا، ولكنه ممكن، وقد حصل في أفغانستان مثله، أتريدون أن نفهم أن المندوب ليس له أن يدعو الجيوش البريطانية لمساعدته لأنها وضعت للمواصلات. لا ريب عندي في أنه إذا عجزت الجنود المصرية عن المحافظة على الأمن وجب أن يكون من الممكن دعوة الجيوش البريطانية للمساعدة ولا مناص من ذلك.

رشدي باشا- سوف لا يكون هياج لأن أساس هذه الحوادث والاضطرابات سياسي.

عدلي باشا- هذه الحالة التي تستشهدون بها استثنائية ويمكن أن تقع في أي بلد.

اللورد كيرزن- ولكنها أكثر وقوعا في بلاد الشرق.

عدلي باشا- لم يقع عندنا أن أي ممثل كان في خطر. ويجوز أن يقع مثل ذلك في البلاد المتأخرة لا في مصر، وحتى في حوادث سنة 1882 وفى الحوادث الأخيرة لم يحصل شيء من ذلك، ثم إنه في مثل هذه الأحوال يكفي ما يخوله القانون الدولي من حق التداخل وها هي بلاد البلقان يوجد فيها حقيقة مثل هذه الأخطار وليس فيها مع ذلك جيش أجنبي. وإني موقن بأن الجيش المصري بعد تنظيمه قادر على درء هذه الأخطار.

اللورد كيرزن- تشيرون إلى الاعتماد على حسن مسلك الجنود المصرية وقدرتها ؛ وتنسون ما حدث في الإسكندرية في الحوادث الأخيرة. إن بعض الجيش والبوليس انحازوا إلى جانب المعتدين وأطلقوا النيران على الأوروبيين.

عدلي باشا- هذا تقرير وحكم. وأريد أن أعرف الوقائع والشهادات التي بنى عليها ذلك الحكم. قد يكون أن جنديا هنا أو هناك أطلق عيارا ناريا في حالة دفاع أو شبهها فهل معنى ذلك أن الجيش أشترك في العداء ؟

اللورد كيرزن- أعتقد أننا أصبنا من هذه المناقشة بما فيه الكفاية، فقد شرحتم مذهبكم بقوة وأشرتم إلى صعوبة الدفاع عما أقترحه عليكم في هذا الصدد. وأقول لكم إنه يتعذر على أن أحمل حكومتى على ما تريدونه. على أنى أرى أن تحرر صيغة تحكى وجهة نظرنا، وأن يكون جدلنا بعد ذلك على النصوص.

عدلي باشا- أفهم إذاً أنها تترك الآن وتستأنف بعد ذلك.

اللورد كيرزن- نعم ولكم أن تناضلوا من جديد.

أليس لديكم كلام في غير هذه المسألة ؟

عدلي باشا- هناك مسألة إدارة الأمور الخارجية وقد قلنا فيها كل ما نريد أن نقوله.

اللورد كيرزن- اقترحت إعادة وزارة الخارجية بالقاهرة، وأن تكون لها سلطة تامة. ولكن نظرا لمركز إنجلترا ومسئوليتها. يجب أن يكون وزير الخارجية المصري علي اتصال مع المندوب السامى إذ إنه ستؤول إليه قوى الامتيازات وسلطتها. ويكون لكم أن تتولوا القيام على مصالحكم التجارية في العواصم الأجنبية. وأما المصالح السياسية فتكون بيد ممثلى إنجلترا. ومع بقاء حق مصر في المعاهدات التجارية على ما كان عليه لا يكون لها أن تعقد معاهدات سياسية.

(ثم سأل المستر لندسى عما كان العمل جاريا به في زمن الاحتلال والحماية. فذكر له المستر لندسى أنه في زمن الاحتلال لم يكن نزاع في أن لمصر حق عقد المعاهدات التجارية نظريا على الأقل إذ إن الواقع أن كل أمر كان يجرى في الإدارة المصرية برضى الحكومة الإنجليزية. ولكنه من إعلان الحماية أصبح المندوب السامى هو الذى يتولى ذلك. و بعد أن أتم المستر لندسى بيانه وعد اللورد كيرزن بأن يرسل للوفد مذكرة بمعنى ما قاله عن العلاقات الخارجية وقد أرسلت فعلا وأوردت في مجموعة المذكرات).

اختلف رئيس الوفد معى في أمر العلاقات الخارجية. وحبذا لو عرفنى ماذا يقر. وماذا يرفض ولنعرض المسائل واحدة بعد أخرى ولنأخذ في لقب الممثل البريطاني. والرأى عندنا أن يبقى لقب المندوب السامى (High Commissioner) ويكون لممثلكم في لوندرة هذا اللقب أيضا وذلك لتمام التبادل والتساوى بيننا وأنى أعتقد أن في هذا تحية وإكراما لكم.

عدلي باشا- أننا نكتفى للممثل المصرى بلقب (Ministre) لأننا لا ندعى أن لممثلنا مركزا خاصا في إنجلترا ونحن نسلم بأن يكون لممثل إنجلترا التقدم على غيره من الممثلين.

اللورد كيرزن- ماذا كان يسمى ممثل إنجلترا قبل الحماية؟

رشدي باشا- بسبب تبعية مصر لتركيا كان يسمى ( Agent et Consul General ) وقد كان لبعض ممثلي الدول الأجنبية صفات ومراكز شخصية فكان يوجد بينهم في بعض الأحيان ( Ministre Plenipotentiaire )

اللورد كيرزن- ولكن ما حاجاتكم بالتمثيل السياسي؟

عدلي باشا- المسائل الاقتصادية نفسها لا يمكن أن يتم فيها شيء بواسطة القناصل. لأن القنصل لا عمل له إلا جمع المعلومات فهو لا يتصل بالحكومات الأجنبية. ولا يستطيع أن يدلي أمامها بوجهة نظر حكومته وأن يدافع عنها. وإن اعتمادنا الآن في هذه المسائل الاقتصادية على المخابرات التي تجرى في القاهرة يجعل الواسطة في نقل وجهة نظرنا في الممثل الأجنبي وقد لا يفعل ذلك على الصورة التي نريدها. ثم إن العمل الحقيقي لممثل الدولة الأجنبية هو أن يبلغ آراء حكومته لا أن يتلقى آراء الحكومة التي اعتمد لديها، وأن يدافع عنها أمام حكومته. فتجدون من هذا أنه حتى المصالح الاقتصادية يجب أن يتناقش فيها ممثلون سياسيون.

اللورد كيرزن- أين تريدون أن يعينوا وكم عدد من تعينونهم ؟

عدلي باشا- لم نحدّد شيئا في هذا الصدد. وإنما المفهوم أننا نعين حيث تكون لنا مصالح فكلا منا في التحديد الآن تحكم.

رشدي باشا- نحن لا نريد أن نتسلى بإرسال الممثلين في البلاد المختلفة.

اللورد كيرزن- لا أريد أن أقيدكم بشيء. ولكن أرجو أن تذكروا لي على سبيل المثال أي البلاد ترغبون أن تمثلوا فيها ؟

عدلي باشا- (ذكر على سبيل المثل باريس وروما وأتينا، وبعض البلاد المنحلة عن النمسا وغيرها من البلاد التي لمصر فيها مصالح)

صدقي باشا- إن العلاقات الاقتصادية على وجه خاص هي التي سوف تحدّد البلاد التي نريد أن نمثل فيها سياسيا. فبيننا وبين أمريكا، وبيننا وبين اليابان منذ الحرب مثلا مسائل اقتصادية غير قليلة الأهمية. وقد حدث أخيرا أن الولايات المتحدة فرضت ضريبة على القطن المصري ولو كان لنا ممثل فيها لاستطاع أن يدافع عن حقوق مصر. بل لاستطاع أن يقنع أمريكا بأن لا مصلحة لها في فرض هذه الضريبة. أما وليس في تلك البلاد من يمثلنا فإن القرارات تتخذ على غير مصالحنا وليس من يدافع عنا.

اللورد كيرزن- كيف تتعاملون الآن؟

عدلي باشا- في مثل هذه المسألة مثلا مع الممثل الأمريكي في القاهرة. ورأيه هو المؤثر. إذ ليس لدينا ممثلون عندهم فهو واسطة النقل الوحيدة.

اللورد كيرزن- لقد تبينت الآن حقيقة مركزكم وأدركت ما تريدون. فهل تريدون أن تتكلموا في شأن المستشار المالى؟

صدقى باشا- تكلمتم في المذكرة التى أرسلتموها بصفة غير رسمية عن اختصاصات جديدة للمستشار لم يرد لها ذكر في مشروع ملنر. إذ كان فيه اختصاص واحد معين وهو صندوق الدين وقد زاد ذلك المشروع على هذا الاختصاص أن المستشار يكون تحت تصرف الحكومة المصرية فيما تريد استشارته فيه. وفى الجلسة الأولى. إذ جرى الكلام في التحفظات ذكر عدلي باشا من بينها حذف عبارة استشارة المستشار المالي لعدم فائدتها أو الحاجة إليها. إذ إن المستشار المالى بصفته موظفا بالحكومة المصرية يتقاضى مرتبه منها هو بطبيعة الحال تحت تصرفها و إنما خيف من ذكرها أن يكون فيه إعادة لذكرى الماضى، وأن تتحول الاستشارة الاختيارية إلى استشارة واجبة ملزمة جريا على تقاليد المستشارين ، وجريا على الخطة السابقة للحكومة الإنجليزية معنا هذا وقد أجمعت الهيئات التى استشيرت على طلب ذلك في حين لم نر مانعا من قبول حلول موظف إنجليزي محل صندوق الدين بنفس الاختصاصات التى لهذا الصندوق الآن. ولما جرى الحديث في اختصاصات المندوب المالى فهمت أن الذى جعلكم تقترحون زيادة اختصاص هذا المندوب وتقرير حقه في الدخول واشتراط موافقته على القروض والإسقاطات. هو حرصكم علي إزالة شكوك الدول ومخاوفها بشأن المالية المصرية في العهد الجديد وتثبيت الثقة فيها- لذلك لا أرى بدا من أن أبدى لكم رأى الوفد في مركز المالية المصرية.

الأصل عندنا هو أن مبدأ المراقبة لا وجه له ولا محل لقبوله. وإنما يكون له وجه إذا كانت المالية المصرية مثقلة بالديون، أو إذا كان هناك تنافر وتعارض بين المصالح المصرية والأوروبية، أو إذا كان ثمت خوف من أن الإدارة الجديدة تنقض البناء المالى الذى شيد بمصر وتعيد الأمور إلى ما كانت عليه بحيث تجعل الرقابة ضرورية لازمة. أما عن الاعتبار الأول فقد أنشئت الرقابة في سنة 1876 وكان قدر الديون إذ ذاك هو قدرها الآن (91.000.000 جنية) عدا بضعة ملايين وكنا ندفع ما يقرب من 7.000.000 جنية في سبيل سداد تلك الديون وفوائدها الفادحة في حين كانت إيرادات الميزانية تسعة ملايين وكسور فكانت نسبة ما ندفعه من إيرادنا للدائنين 90% من ميزانية الإيرادات. أما الآن فإن إيراد الحكومة يبلغ نحو الأربعين مليونا من الجنيهات ، يدفع منه في سبيل الديون نحو الأربعة ملايين. فنسبة ما يخص الدائنين لا يعدو 10% فالفرق بين الحالتين شاسع. كذلك الفرق فيما يتعلق بالثروة الأهلية فقد بلغت فوق المليار جنيه. ونقصت ديون الأفراد نقصا كبيرا. في حين زادت رؤوس الأموال والودائع التى لمصر في الخارج. فلنا قراطيس مالية على الخارج بنحو مائة مليون، منها اثنان وثلاثون مليونا صكوكا على الخزينة البريطانية. وهى جزء كبير مما يجب أن يكون مقابل البنكنوت المصرى بحسب أحكام القانون الذى رخص باصداره. وثلث الدين المصرى موجود في مصر

ونسبة الدين لثروة البلاد لا تزيد على 9% فترون أن لا محل للمراقبة حتى ولا لصندوق الدين. أما من حيث الاعتبار الثاني فلا تعارض بين المصلحتين.فإن الأجانب يعدون بنحو المائة والسبعين ألفا في حين أن عدد المصريين يزيد على ثلاثة عشر مليونا. ومعظمهم مشتغلون بالزراعة ومصالحهم مرتبطة بالبنوك وتجار الصادرات والواردات من الأجانب. كذلك لا غنى للأجانب عن المصرين ولا نقصد بالأجانب هنا الأوروبيين. بل فريقا كبيرا يربو عدده على عدد الأوروبيين وهو فريق الشرقيين المستظلين بالحمايات الأجنبية كالسوريين واليهود والأرمن وغيرهم. يلجأ المصريون إلى البنوك للحصول على ما يلزمهم من المال ولتجار الواردات للحصول على البضائع الأجنبية التي لا غنى عنها في الحياة المصرية. ولتجار الصادرات للتصرف في القطن وغيره من الحاصلات. وللأجانب بعض الصناعات الكبرى كالسكر و يشتغل فيها ألوف من المصريين، فالمصالح إذن مصرية وأجنبية مشتبك بعضها ببعض و يكون من الجنون أن نتصور أن المصريين لمجرد الشهوة في مضايقة الأجانب يقضون على مصالحهم الذاتية بالقيام في وجه مصالح النزلاء.

اللورد كيرزن- ألا تريد مراقبة مطلقا؟

صدقي باشا- نحن نسلم- بمراقبة تحل محل سلطة صندوق الدين.

المستر لندسي- ولكنه ليست له مراقبة من سنة 1904.

صدقي باشا- لا تزال له مراقبة فيما يتعلق بالاستيثاق من الكوبونات.

اللورد كيرزن- هذه مسائل فنية نتركها الآن.

عدلي باشا- أريد أن أفهم معنى ( Right of access ) لأنه تعبير إنجليزي خاص.

اللورد كيرزن- قبل أن أتولى الأحكام في الهند. كان العمل في مصلحة السكة الحديد قد أصبح ديوانيا (Bureaucratique ) صرفا. ولما كنت أكره هذا النوع من الإدارة كنت قد رأيت أن هؤلاء الموظفين يريدون أن يغلبوني على أمري بهذه الطريقة العقيمة. قرّرت أن أجعل على رأس تلك المصلحة لجنة. وأتيت لها بشخص خبير من إنجلترا وآخر من الهند وشفعتهما بثالث فذكروا لي أن رئيس مصلحة السكة الحديد كان وزيرا، وله بهذه الصفة حق الدخول لدى الحاكم العام باعتباره عضوا في مجلسه ولكن يخشى مع النظام الجديد أن يجدوا شيئا من الصعوبة في القيام بعملهم بسبب عدم اتصالهم بالحاكم العام فقررت أن يكون لأعضاء هذه اللجنة حق الدخول علي و كلما عرضت صعوبة مرة في كل شهرين أو ثلاثة جاءوني يستفتونني في طريقة حلها. وبذلك سارت الأمور على أحسن حال. والذي أخشاه في أمر المندوب المالي هو أنه سيوجد من يريد أن يمنعه من العمل الصالح المفيد أو من يهم ذلك ولا علاج لهذا إلا أن يكون له حق الدخول على وزير المالية ورئيس الوزراء.

عدلي باشا- لا أرى أن مندوبا ماليا معينا من الحكومتين وله اختصاصات محدّدة في المعاهدة يمكن أن ينكر عليه حق الدخول ولا أرى محلا لذكر ذلك الحق.

اللورد كيرزن- لا أعرف دقائق الإدارة المصرية (وسأل المستر لندسى عما يراه في ذلك. فأجاب: لا نزاع في أنه يجب أن يكون له حق الدخول أما النص على ذلك فلست واثقا من وجوبه)- إذا لم تحدد اختصاصات المندوب المالى أخشى أن يصبح في حكم العدم (لا شئ).

المستر لندسى- ما ذكر في المذكرة عن اختصاصاته هو أقل ما يجب له.

عدلي باشا- أنى أذكر على سبيل المثال لاعتراضاتنا ما نص عليه من وجوب علمه بالإدارة المالية وأرى أن هذا كثير عليه ولا وجه له ما دام لا يتداخل فيها.

اللورد كيرزن- تعترضون على كل شئ فهل تريدون أن لا يكون له شئ ؟

عدلي باشا- كذلك فيما يتعلق بالالتزامات التى جعلتم من اختصاصه أن يستوثق من قيام الحكومة المصرية بها. أرى أن الواقع أن الحكومة المصرية ستقوم بها نفسها. وبدون تداخله فلا وجه لأن تعتبر جزءا من أعماله وليس من ينكر عليه حق الاعتراض على الحكومة إذا أخلت بالقيام بها.

       اللورد كيرزن- أرى أن يكون له الحق العلم بكل شئ ولا أعرف ما هو اعتراضكم على ذلك. أنتم تسلمون به ولا ترضون بذكره، ولكن قد يجئ يوم ينكر عليه فيه ذلك الحق.

عدلي باشا- إن ذلك لن يحصل.

صدقى باشا- بحكم النظام الجديد سيكون لنا البرلمان والمناقشة أمام البرلمان علنية. فلا خوف من السرية ولا يحتمل أن يكون جاهلا بما يجرى من المسائل المالية الكبرى كما أنه لا خطر من استبداد فرد بالأمور المالية كما كان الأمر في العهد الماضى فكل ما يطلب لحسن الأمور المالية متوفر في النظام الجديد. على أنه إذا عرض للمندوب المالى ملاحظة فليس ما يمنعه من إبدائها.

اللورد كيرزن- فكرت في صيغ مختلفة ولكنى فضلت هذه وأرى أنكم مبالغون في التشدّد والتحرج.

رشدى باشا- المندوب المالى له بطبيعة الحال حق الدخول فيما يتعلق باختصاصاته. ولا التداخل في أعمال الإدارة المالية.

اللورد كيرزن- أرجو ألا تنخدعوا فيسبق إلى ظنكم أن دخوله قاصر على القيام باختصاصاته إذ يجب أن يستطيع اطلاعكم على فضائح الإدارة المالية أو مساوئها. ولا نزاع في أن الصحافة والمجالس النيابية معا لا يكفيان لمنع الأغلاط المالية.

رشدي باشا- أنتم تفرضون إشرافا إذن؟

اللورد كيرزن- أنا لا أفرض إشرافا أو وجوب استشارة.

صدقي باشا- إن الاختصاصات الجديدة المقترحة للموظف المالي تفيد معنى الإشراف لأن اتصال الوزير ورئيس الحكومة يفيد أن هناك غاية خاصة من هذا الاتصال. والواقع أنه لا لزوم لذكره ما دام الموظف المالي باعتبار أنه حل محل صندوق الدين، له بهذه الصفة وحدها أن يدخل على وزير المالية وعلى رئيس الحكومة في أي وقت شاء- كذلك الأمر فيما يتعلق بأن يكون ملما بكل شيء فإن تقرير هذا الإلمام يترتب عليه في عرفنا أن ما من كبيرة ولا صغيرة إلا وتعرض على ذلك الموظف مما يرجعنا إلى ما نحن فيه.

رشدي باشا- كان الأمر في المستشار المالي استشارة من جانب الحكومة المصرية والآن تريدون أن تقرّروا للمندوب المالي حق الابتداء ( Initiative ) في أن يبدي آراءه.

صدقي باشا- ثم إن تكليف الموظف المالي بالإشراف على ميزانية المحاكم المختلطة وغيرها أمر لا لزوم له، إذ إن الشئون التي يراد مراقبتها ستكون مدونة في المعاهدة ولا يعقل أن الحكومة المصرية تقصر في صرف النفقات الخاصة بالمحاكم المختلطة ومعاشات الموظفين الأجانب إلى غير ذلك فتستهدف لكل النتائج التي تترتب على عدم قيامها بتنفيذ المعاهدة. كذلك نرى أن مجموع المبالغ الخاصة بهذه الشئون لا يذكر بجانب مجموع الميزانية المصرية. وليس مما يصح في عقل أن تصبح الحكومة عاجزة عن الوفاء به.

لورد كيرزن- يظهر أن تدليلكم قائم كله على أنكم محل للثقة التامة وإذا كنا سنثق في كل شيء فلا وجه لأن نضع شيئا في المعاهدة. وقد رأيت أن لكم على كل شيء ملاحظة. أنكم لم تقروا شيئا مما عرضته عليكم حتى الآن، مع أنى أجتهد في أن أضع أبعد التيارات عن الاعتراض. والذي يهمنا على أي حال هو ابتداء النظام الجديد.

وإلى هنا انتهى الحديث. وأجل الكلام في القروض وفى المندوب القضائي للجلسة التالية وكانت الساعة السابعة تقريبا.

الإمضاء: عبد الحميد بدوي


المصادر