بيان السيد محمد حسني مبارك نائب رئيس الجمهورية ينعى إلى الأمة الرئيس محمد أنور السادات مساء السادس من أكتوبر 1981

بيان السيد محمد حسني مبارك نائب رئيس الجمهورية ينعى إلى الأمة الرئيس محمد أنور السادات مساء السادس من أكتوبر 1981، منشور من جريدة الأهرام، العدد الصادر في 7 أكتوبر 1981.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنشور

بسم الله الرحمن الرحيم: "يَا أَيَّتُها النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى َربَّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فادْخُلي في عِبَادِي وادْخًلي جَنَّتِي" صدق الله العظيم.[1]

يعجز لساني، وقد اختنق بما تموج به مشاعري، أن أنعي إلى الأمة المصرية، والشعوب العربية والإسلامية، والعالم كله، الزعيم المناضل، البطل محمد أنور السادات.

استشهد الزعيم، الذي تعلقت بحبه ملايين القلوب. استشهد بطل الحرب والسلام. استشهد الرجل، الذي أعطى أمته، منذ صباه، دمه وعرقه وحياته. استشهد المجاهد، الذي لم يتوقف لحظة عن النضال، في سبيل المبادئ العظيمة، والمُثُل العليا والقيم الخالدة. استشهد القائد، الذي حرّر إرادة وطنه، وأعطى لأمته مجداً، لم يدانِه مجد سابق. استشهد، وهو يقف شامخاً، يطل على أعظم إنجازاته، يوم النصر العظيم، نصر أكتوبر، رمز القوة، وقاعدة السلام.

لقد شاء الله - جلّت قدرته - أن يستشهد الزعيم في يومٍ، هو ذاته رمز له، وأن تكون ساحة استشهاده، بين جنوده وأبطاله، وبين الملايين من أبناء الشعب، وهي تحتفل مزهوّة وفخورة بذكرى يوم العاشر من رمضان العظيم، بذكرى اليوم، الذي ردت فيه إلى الأمة العربية عزتها وكرامتها. ولم يكن هذا النصر، إلاّ من عند الله، وبإرادة الشعب، وفكر الزعيم القائد وقراره، وبطولة القوات المسلحة.

لقد اغتالت الزعيم يد آثمة، غادرة. وإن كنّا قد فقدنا الزعيم والقائد، فإن عزاءنا، أن الشعب المصري كله، بملايينه في أرجاء البلاد، ريفها وحضرها، يقف، اليوم، يعتصره الحزن والألم، ليعلن أننا سائرون على دربه. لن نحيد عن درب السلام، إيماناً منّا بأنه الطريق الحق والعدل والحرية. سنسير على دربه، درب الديموقراطية والرخاء.

نقول للزعيم، وهو بجوار ربه: "إن الشعب، الذي آمن بقيادتك، سيسير على هدى ما أرسيته من مبادئ وقيم، مؤمناً بالديموقراطية وسيادة القانون، ساعياً إلى تحقيق التنمية والرخاء". نقول للزعيم - رحمه الله: "نحن نقف جبهة واحدة رصينة متماسكة حول كل ما رفعته من رايات".

يا شعب مصر العظيم، يا شعوب أمتنا العربية

لقد عودتنا خطوب التاريخ، أن يغيب عن ساحاته أبطال عظام، يكتبون بنضالهم أحداثه ومساره. ولقد تعودنا، أيضاً، أن نضم، على الجرح، آلامنا، صابرين، قانتين، مؤمنين بإرادة الله- عزَ وجلَ - وأن نواصل المسيرة بعزم وإصرار.

يا شعب مصر الأصيل

أعلن، باسم روح الراحل العظيم، وباسم الشعب ومؤسساته الدستورية وقواته المسلحة، أننا نتمسك بكل المواثيق والمعاهدات والالتزامات الدولية، التي أبرمتها مصر. ولن نكف أيدينا عن دفع عجلة السلام، تحقيقاً لرسالة الزعيم القائد. وسنذكره بكل فخار واعتزاز، يوم أن يتحقق أمله المنشود، عندما ترتفع أعلامنا على جميع أرجاء سيناء، ويوم أن يتحقق السلام الشامل على جانبي الحدود، وفي المنطقة بأسرها.

ولتهدأ بالاً، يا زعيمنا العظيم

سوف تستمر مصر المؤسسات. سوف تستمر مصر سيادة القانون. سوف تستمر مصر الاستقرار. سوف تستمر مصر الأمن والأمان. سوف تستمر مصر الرخاء. سوف تُزرع الصحراء، ويعلو البناء، وتستكمل الثورة الطيبة الخضراء. سوف تستمر مصر شامخة، منيعة بسواعد أبنائها، حصينة بجيشها، عزيزة بمبادئها، قوية بأصالتها، فخورة بتاريخها، وعراقة حضارتها.

أيها الزعيم والقائد

إن شعبك سيذكرك أبد الدهر، مثالاً للبطولة الغلاّبة، والعزة والكرامة الوثّابة، مثالاً للفكر الثاقب، والنظر الصائب، مثالاً للحكمة والقدوة الحسنة، مثالاً للنبل والوفاء، للخلق والقيم، مثالاً للأصالة، مثالاً للتضحية والفداء، مثالاً تجسدت فيه عظمة مصر وأمجادها.

يا أيها الشعب العظيم

لمّا كان دستورنا ينص، في مادته 84، على أنه: "في حالة خلوّ منصب رئيس الجمهورية، يتولى الرئاسة، مؤقتاً، رئيس مجلس الشعب. ويعلن مجلس الشعب خلوّ منصب رئيس الجمهورية. ويتم اختيار رئيس الجمهورية، خلال مدة لا تجاوز ستين يوماً، من تاريخ خلوّ منصب الرئاسة". لذلك، فقد

تولى رئاسة الجمهورية، مؤقتا، السيد الدكتور صوفي حسن أبو طالب، رئيس مجلس الشعب. كما دُعي مجلس الشعب إلى اجتماع غير عادي، ظهر غد الأربعاء، 7 أكتوبر 1981، لإعلان خلوّ منصب رئيس الجمهورية، والبدء في اتخاذ الإجراءات الدستورية اللازمة، لانتخاب رئيس الجمهورية.

أيها الشعب العظيم إن سقط زعيمنا في ساحة الجهاد، فإن خير تكريمٍ له، ولذكراه العطرة، أن نعتصم بحبل الله جميعاً، ولا نتفرق، وأن نواصل النضال، لتظل مصر، دائماً، شامخة قوية صامدة، مرفوعة الهامة، موفورة الكرامة.

رحم الله الزعيم المؤمن العظيم. وأسكنه فسيح جناته، مع الشهداء والصدّيقين.

وألهم أُسرته، وشعب مصر، والعروبة، وألهم العالم الإسلامي، والعالم أجمع، الصبر على فقدان بطل من أبطال السلام، بطل من صانعي التاريخ.

ولتحي مصر، وليحي شعبها العظيم، والسلام عليكم ورحمة الله.




المصادر

  1. ^ سورة الفجر، الآيات 27- 30.