ملخص حديث بين محمد صلاح الدين وزير خارجية مصر ومستر بيفن وزير خارجية بريطانيا بفندق والدورف أستوريا في نيويورك

ملخص حديث بين محمد صلاح الدين وزير خارجية مصر ومستر بيفن وزير خارجية بريطانيا بفندق والدورف أستوريا في نيويورك، في 28 سبتمبر 1950، منشور من "وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 651 - 652".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنشور

الحاضرون

دكتور محمد صلاح الدين (بك) - مستر أرنست بيفن

الأستاذ علي زين العابدين حسني - مستر باركلي

في صباح يوم الخميس 28 سبتمبر 1950 في أثناء انعقاد الجمعية العمومية اتصلت سكرتارية الوفد البريطاني بسكرتارية الوفد المصري وأبلغتها أن سعادة المستر بيفن يبرح نيويورك في صباح يوم الجمعة ويسره أن يقابلني قبل سفره - وقد اتفق على أن تجرى المقابلة مساء الخميس بفندق المستر بيفن. وفى هذه المقابلة لم يحدث أي تقارب في وجهات النظر فقد كان هم المستر بيفن إفهامي أن بريطانيا لا تستطيع أن تتحمل مسئولية الدفاع عن مصر والشرق الأوسط مع إصرار مصر على أن لا يكون هناك أي اشتراك للقوات البريطانية في إعداد وسائل الدفاع في وقت السلم كما أنه تعمد أن يذكر أن كثيرا من المصريين يتصلون بهم طالبين بقاءهم في مصر. وأنه يظن أن الصعوبة آتية من الساسة وحدهم وانتهى حديثه إلى أنه سيعرض الأمر على مجلس الوزراء البريطاني. ولكنه هو شخصيا لن يستطيع أن ينصح بقبول وجهة النظر المصرية وأن على المجلس في هذه الحالة أن يقرر ماذا يفعلون لمواجهة الموقف. ومن أهم ما قاله إن له الآن ست سنوات وهو يبذل جهده للاتفاق مع مصر ويسير على سياسة موافقة للعرب ولكنه لم يجد أي صدى لمجهوده من الناحية المصرية.

وقد كان ملخص ردي إن المستر بيفن قد ورث تركة مثقلة من أخطاء بريطانيا في مصر وفى فلسطين. وأننا مع تقديرنا لصداقته لا نستطيع إلا الاستمساك بحقوقنا ولكننا في الوقت نفسه قد بذلنا غاية ما في وسعنا لتقريب وجهتي النظر فقبلنا عقد عل محالفة، وحضور القوات البريطانية في وقت الحرب لا إلى منطقة القنال وحدها بل حيث يقتضي الدفاع. وأنني في حديث لم يدون مع السفير البريطاني قدرت مدة سنة كفترة انتقال يتم بعدها الجلاء وتستوفي في خلالها وسائل تقوية الجيش المصري، وأن من المحتم على أية حال أن يكون هناك حد معروف ومتفق عليه يتم فيه الجلاء الكامل وأن على الجانب البريطاني إذا لم يكن موافقا على ما اقترحته أن يبين ما يقترح من جهته لا أن يكتفي بالرد السلبي. وقد أطلت في الرد على ما ذكره من اتصال بعض المصريين بهم

طالبين بقاءهم في مصر فبينت له أن وجهة النظر التي أبديتها في محادثاتي مع السفير البريطاني هي وجهة نظر رفعة الرئيس وزملائي الوزراء والبرلمان والرأي العام كله واتخذت مما ورد على لسانه من أنه لم يجد صدى لجهوده مدة ست سنوات دليلا على أن موقف الحكومة هو موقف مصر كلها لأنها لم تتول الحكم إلا منذ شهور أي إن قوة الرأي العام هي التي حالت في الماضي دون الاتفاق على ما لا يحقق المطالب الوطنية وهى التي تقف اليوم وراء الحكومة في مباحثاتها مؤيدة لموقفها. وأضفت أنى عندما ذكرت لرفعة النحاس باشا أنني اقترحت مدة سنة كفترة انتقال يتم بعدها الجلاء الكامل لم يرتح رفعته إلى تصرفي واستكثر مدة العام. وانتهيت إلى أننا في الواقع قد بذلنا غاية ما نستطيعه لتقريب وجهات النظر ولكن الجانب البريطاني لم يفعل مثل ذلك من جهته لأنه متأثر بمبالغات العسكريين مع أن هناك اعتبارات سياسية كثيرة يجب على الساسة أن يحلوها محلها من الاعتبار.

على أني قد حرصت في أثناء الأخذ والرد على فتح بعض الأبواب فقد انتهزت فرصة إشارته إلى الجهـود التي تبذل لاستكمال استعداد دول الأطلنطي إشعارا للروس بما ينتظرهم إذا أقدموا على الحرب. فسألته ولماذا إذن رفضتم حتى الآن انضمام تركيا إلى حلف الأطلنطي. غير أنه أبى بإصرار أن يدور حديثنا عن تركيا وقال أن تركيا حليفتنا فسألته هل هم على استعداد لأن يعقدوا معنا مثل محالفتهم مع الترك فأبى أيضا أن يجيب كما ذكرت أن المبادئ التي يقوم عليها حلف الأطلنطي تختلف تمام الاختلاف عن المبادئ التي تقوم عليها سياستهم مع مصر وأنه إذا أريد عقد مثل هذا الحلف في الشرق الأوسط ليكون إشعاراً للروس بقوة الجبهة الغربية كاملا من جميع نواحيه فمن المستطاع أن نبحث معهم في ذلك.

هذا ولم يتسع الحديث لأي تفصيل أوفى. بل هو لم يتسع للكلام في مسألة السودان لأن المستر بيفن كان مقيدا بميعاد مع مستر أتشسون الذي حضر في ميعاده وانتظر قليلا حتى أتممنا حديثنا في النقط التي كان الحديث يدور عليها عند حضوره وقد كانت آخر عبارة للمستر بيفن أنه سيبلغنا قرارهم بعد البحث. وأفترض بالطبع أن هذا القرار سيكون على جميع ما تناولته مباحثاتي مع السفير البريطاني.


المصادر