محضر محادثة بين وزير الخارجية المصرية والسفير البريطاني (24/08/1950)

محضر محادثة بين وزير الخارجية المصرية والسفير البريطاني، 24 أغسطس 1950، منشور من "وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 645 - 651".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنشور

الحاضرون

الدكتور محمد صلاح الدين (بك)

السير رالف ستيفنسون

الأستاذ إبراهيم فرج (بك)

الأستاذ علي زين العابدين حسني

السفير البريطاني - أقترح أولا أن أطلعكم على تعليقات العسكريين على ما أبديتموه في شأن النقط الأربع التي اقترحها الفيلد مارشال سليم:

1 - الدفاع الجوي - اقتراح نقل الأسراب الجوية. قال قائد الطيران العام إن نقل الأسراب يضعف مركز مصر في اللحظة الحرجة. ويفسد مشروع التدريب المشترك ولا يمكن النظر فيه إلا عندما يتم إعداد الأسراب المصرية وتدريبها حتى تتسلم هذا الدفاع.

أما فيما يتعلق بالدفاع ضد الطائرات المغيرة فقد قال إنه من المصلحة أن يتسلم المصريون هذا في أقرب فرصة ممكنة وقد سألته إذا كان من الممكن تخفيض عدد الموظفين الإداريين والفنيين فأجاب أنه إذا حدث ذلك فيكون على حساب كفاية القوات.

2 - القاعدة - قال القائد العام فيما يتعلق بالحد الأدنى الممكن تخفيض قوات القاعدة إليه إن هذا التخفيض لا يمكن أن يكون إلا على حساب الكفاية وهو لا يمكن أن ينفذ إلا بتقسيم ومعنى ذلك مضاعفة النفقات ومضاعفة العمل وقد سألته إذا كان من الممكن الاكتفاء بقاعدة "هيكلية" ولكنه قال إن هذا لا يجدي.

على أنه ليس ثمة شيء مستحيل. والقرارات السياسية قد تجُب الاعتبارات العسكرية.

أما عن الحرس فإن الجيش المصري لا يمكنه في الأحوال الحاضرة أن يحرس القاعدة فإن الخسائر الحالية تبلغ آلافا من الجنيهات كل شهر. وإذا أقصى حرس أهالي جزيرة موريس فلا يمكنه أن يتحمل المسئولية تجاه دافع الضريبة البريطاني. وإذا وقع هذا التغيير لأسباب سياسية فيجب أن تسوى مسألة المسئولية بين الحكومتين. ثم استطرد في الحديث عن القاعدة نفسها وقال إنه سيحاول أن يرى الوفد المصري الذي سيصل في اليوم التالي لزيارة القاعدة مبلغ عظم هذه المنشأة فإنها تتناول تموين وإصلاح جميع منطقة الشرق الأوسط والأعمال الفنية اللازمة لها.

3 - القوة المتحركة الضاربة - أكد لي القائد العام أن الصلح بين مصر وإسرائيل وموافقة إسرائيل على منح التسهيلات في وقت الحرب ضرورية لوضع القوة الضاربة في غزة. وليس في غزة ميناء ولابد من نقل جميع أدوات التموين بالسكة الحديد ويجب أن ينشأ فيها أماكن تتكلف بين 8 - 12 مليون من الجنيهات.

كذلك لابد من إيواء تدريب القوة الضاربة والتدريب في المشترك مع الجيش المصري في صحراء سيناء.

4 - القيادة العامة - قال القائد العام إن القيادة العامة العسكرية يجب أن تكون بالقرب من القاعدة وأن فكرة نقلها إلى غزة مستحيلة بسبب عدم توفر المواصلات وكذلك لأنها تمنع تنسيق العمل وتدريب الجيشين.

على أني أكرر مرة أخرى أن هذه تعليقات عسكرية وإنه من الممكن دائما لحكومة جلالة الملك أن تدخل عليها التعديل لأسباب سياسية.

وأود مرة أخرى أن ألتمس من الوزير أن يضع خطورة الموقف الدولي موضع الاعتبار. ولعل ما يبرهن على هذه الخطورة ما شاهده الوفد المصري الذي زار القاعدة في منطقة القنال فقد شاهدوا معدات التجنيد تعد وتجمع للتوزيع. ليست بريطانيا أو مصر حرة التصرف فكلانا يواجه مستقبلا نقاتل فيه من أجل حياتنا ولا يمكننا أن نأمل في الحياة منعزلين ويجب علينا أن نخضع مصالحنا القومية الضيقة. إن مصر تواجه الآن حيرة شديدة فهي تريد من جهة أن تدافع عن نفسها وأن تحقق من جهة أخرى مطالبها القومية وهذان الغرضان لا يمكن بلوغهما في وقت واحد.

ويجب على الحكومة المصرية أن تقبل هذه الحقيقة القاسية وهي أن الجلاء الكامل الناجز لا يتفق مع الدفاع عن البلاد ويجب أن نجد وسيلة للتوفيق بين مطالب الدفاع العاجلة وبين كرامة مصر القومية. وليس هناك شيء لا يتفق والكرامة المصرية في قبول مساعدة تقدم طواعية واختيارا.

إني أود أن أوجه إليك رجائي أن توجه هذا السؤال إلى رئيس الوزراء وإلى زملائك الوزراء

هل تقبل مصر، حتى ولو مؤقتا مع إعادة النظر في المسألة في فترات متفق عليها، مبدأ الاستعداد الحربي المشترك في وقت السلم؟ فإذا كانت لا تقبل ذلك فليس ثمة شيء يمكن لحكومة جلالة الملك أن تقترحه لحل هذه المشكلة. ولكن إذا أمكن قبول هذا المبدأ فإني على يقين أن حكومة جلالة الملك تكون على استعداد في النظر في أي اقتراحات تسهل على الحكومة المصرية إقناع الشعب المصري بحقيقة العلاقة الجديدة بين بلدينا، إني متأكد كل التأكد أن الوفد يستطيع أن يقنع الشعب بضرورة الاستعدادات الحربية المشتركة في وقت السلم إذا أحسن استخدام الصحافة في ذلك.

ولا تنس أننا في بريطانيا قد قررنا إعادة فرض نظام التقشف على الشعب. ولا يمكن لأية حكومة بريطانية أن تقبل في هذه اللحظة إضعاف مركزنا الدفاعي في أي مكان.

دكتور محمد صلاح الدين (بك) - أؤكد لكم أني واقف تمام الوقوف علي خطورة الحالة الدولية الحاضرة. ولكني من جهة أخرى أحمل مسئولية الدفاع عن حقوق بلدي، والسعي إلى تحقيق مطالبنا. وأعرف ما يقبله المصريون وما يرتضونه بالإجماع ولا حاجة بي إلى أن أكرر ما سبق أن أجبت به على جميع هذه الاعتبارات التي ذكرتموها وكذلك ما فصلته المرة بعد المرة في اجتماعاتنا السابقة ولخصت نتيجته تلخيصا دقيقا في اجتماعنا الأخير. وإذا كان قد استجد شيء فهي زيارة مندوبي الحكومة المصرية للقاعدة البريطانية في فايد وقد عاد إلينا المندوبون وتلخص تقريرهم في أنهم زاروا القاعدة زيارة سريعة على أساس برنامج مقرر من قبل، ولم تخرج الزيارة عن هذا البرنامج حتى عندما كانوا يجدون حاجة إلى زيارة بعض الأماكن الأخرى أو استطلاع بعض الأمور التي لم يشملها البرنامج. وقد أكد لي المندوبون أن الأماكن التي زاروها والمعدات والمنشآت التي شاهدوها كلها عادية. وعند الجيش المصري نظيرها. وليس فيها مطلقا ما يصعب على المصريين أن يحلوا فيه محل قواتكم بل قد تكون هناك معدات أو منشآت أخرى لا ينطبق عليها هذا الوصف ولكني الآن أعطيك نتيجة الزيارة كما وقعت وفي الحدود التي رسمت لها.

والخلاصة أن الشيء الوحيد الجديد يؤيد وجهة نظري ويؤكدها. وأرجو أن لا تتصور أنها وجهة نظر شخصية فأنا أشعر شعورا أكيدا بأنها أيضا وجهة نظر رئيس الوزراء وزملائي الوزراء وهي وجهة نظر البلاد كلها. والواقع أنك أحلت الأمر جميعه إلى الحكومة البريطانية لترى من جهة هل تؤيد العسكريين أم يكون لها رأي آخر، وإلى رفعة النحاس باشا من جهة أخرى ليعلم إلى أي حد وصلت محادثاتنا ويرى رأيه فيه. وهذا أمر طبيعي جدا ولكني أود فقط أن أوجه نظرك بكل إخلاص إلى ضيق الوقت وإلى ما أخشاه من نتائج هذه الأزمة التي انتهت إليها محادثاتنا وبخاصة إذا بلغت غايتها وانتهى الأمر بعجزنا عن الوصول إلى أساس صالح للمفاوضة والاتفاق.

وأرجو أن تعلم أن الرأي العام في مصر كان في السنوات الأخيرة قد اقتنع بأنه لا جدوى من المفاوضات وبأن على مصر أن تعدل نهائيا عنها كوسيلة لإدراك حقوقها. وأن تبحث عن كل

وسيلة أخرى تستطيع بها تحقيق مطالبها. ولكن الوفد بعد انتصاره في الانتخابات العامة الأخيرة استطاع مع ذلك أن يواجه الرأي العام بأنه سيحاول المفاوضة من جديد وقبل الرأي العام ذلك منه على مضض، ولسبب واحد هو يقين المواطنين في مصر والسودان من أن الوفد إذا دخل المفاوضة فإنما يدخلها على أساس تحقيق مطالب البلاد كاملة غير منقوصة. فإذا فشلنا في هذه المرة فأخشى أن يفقد المصريون نهائيا كل رجاء في إمكان حل مشكلاتنا عن طريق المفاوضة وبذلك تزداد أزمة الثقة استحكاما ونصل إلى المأزق الذي لا مخرج منه. ولا يخفى عليكم ما في ذلك من ضرر بليغ للطرفين وكيف تستطيع الدعاية الشيوعية أن تستغله في الداخل والخارج بالإضرار بنا جميعا.

والآن ينتظر الرأي العام كما تعلمون بفارغ الصبر نتيجة مباحثاتنا. وتطالبنا الصحافة كل يوم بأن نفصح لهم عما يجري وسيأتي قريبا جدا الوقت الذي يجب علينا فيه أن نصرح بشيء جدي. ومن المرجح أن أغادر مصر إلى أوربا في الأيام الأولى من شهر سبتمبر لأقابل رفعة النحاس باشا وسأسافر بعد ذلك إلى أمريكا لحضور اجتماعات الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة ولا ينتظر أن أعود قبل نهاية أكتوبر أو أوائل نوفمبر. إن البرلمان المصري يجب أن يجتمع في الأسبوع الثالث من نوفمبر وفى هذا الاجتماع يلقي خطاب العرش ولا بد لنا فيه من أن نقدم إلى البرلمان وإلى الشعب حسابا من سياستنا الخارجية ونتائجها في السنة المنصرمة أي إن الأسبوع الثالث من نوفمبر هو في الواقع الحد الذي يتعين فيه أن تُعرف مصائر الأمور بل يتعين أن نعرفها قبل ذلك بزمن كاف ليتسع لنا الوقت لإعداد ما نقول.

لقد وجهتم إلى رجاء يتلخص في أن نعمل على إقناع الشعب بالأخطار المحيطة وتعذر إجابة مطلبه الخاص بالجلاء الكامل الناجز في الظروف الدولية الحاضرة وأنا بدوري أوجه إليكم رجاءا أن تتركوا جانبا تصلب العسكريين ومبالغاتهم المعروفة التي هي في الواقع جزء من مهنتهم وأن تعالجوا الأمر من وجهتيه السياسية والنفسية وهما في اعتقادي أولى بالاعتبار في الظروف الحاضرة من وجهة النظر العسكرية البحتة وبخاصة إذا شابتها المبالغة كما لاحظت في آراء رجالكم العسكريين.

إنكم لستم الآن في حرب حقيقية. ولكنكم في حرب باردة وقد يطول أمد هذه الحرب الباردة وأؤكد أن بقاء الاحتلال والإصرار على الآراء الاستعمارية القديمة من أمضى الأسلحة التي تستخدم في الدول الغربية في هذه الحرب الباردة فإذا انتقل الحال لا قدر الله إلى حرب حقيقية فيجب أن يعلم العسكريون أن حالة الشعوب النفسية ورضاهم واقتناعهم بالقضية التي تجري الحرب من أجلها وإخلاصهم المبني على هذا الاقتناع، كل هذه أمور أنفع وأجدى من الاستعدادات العسكرية المحضة التي يحيط بها سخط الناس وتبرمهم، بل إن هذه العوامل النفسية كثيرا ما تكون حاسمة في نتائج الحروب.

وليس لي ما أضيفه إلى هذا كله إلا أن أقول بصراحة إن موقف رجالكم العسكريين من اقتراحاتنا التي رمينا بها إلى تسهيل الوصول إلى حل يرضاه الطرفان لا تفسير له إلا أنهم لا يثقون بالجيش المصري والشعب المصري. وقد قال القائد العام بصراحة للمندوبين المصريين الذين زاروا فايد إن المسألة ليست مسألة توفر الكفاية اللازمة لإدارة القاعدة ولكنها مسألة ضرورة بقاء هذه القاعدة في السلم والحرب تحت الإدارة البريطانية. وهذه الروح لا تنسجم مع فكرة التحالف التي يجب أن يكون أساسها الثقة المتبادلة.

السفير البريطاني - هنا نقط عدة أود أن أعلق عليها:

(1) القاعدة - لقد أشرت إلى زيارة المندوبين المصريين للقاعدة على أنه الشيء الجديد الوحيد الذي استجد. وأود أن أذكرك أن الفكرة كانت لنريهم أن القاعدة ليست مستودعا للسلاح ولكنها منشأة حية تمون جميع منطقة الشرق الأوسط. أما بيان القائد العام فإنه لا يثير مسألة الثقة. ولكنه يؤكد ضرورة أن تكون القاعدة في أيدي موظفين بريطانيين، إذ إن عليها أن تستقبل إمدادات بريطانية أو من الممتلكات الحرة يتكلمون نفس اللغة. وقد اقترح الفيلد مارشال سليم أن تدير القاعدة لجنة مصرية إنجليزية مشتركة.

(2) أما عن ضيق الوقت فإني أتفق معكم في ذلك وعلينا أن نبذل جهدا للوصول إلى اتفاق ودي، إذ إن تدعيم جميع منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط يتوقف في نظري على ذلك.

(3) أما فيما يتعلق بانتظار الرأي العام لنتائج محادثاتنا فقد وصلنا إلى موقف يجب أن نتخذ فيه قرارا فعليكم أن تحيلوا الأمر إلى النحاس باشا وإلى زملائكم الوزراء وعلي أن أحيل الأمر إلى حكومة جلالة الملك ويبدو لي أن الشيء الوحيد الذي يمكن أن نقوله هو أنه قد جرت محادثات في جو ودي وسنواصل هذه المحادثات عند عودتكم إلى مصر.

(4) أما عن التهمة التي وجهتموها بخصوص تصلب العسكريين ومبالغتهم فإني أؤكد لكم أنها ليست هذا ولا ذاك فقد قدمت لكم رأى العسكريين الفني فإذا قبلت المبدأ العام للاستعدادات العسكرية في وقت السلم أمكن ولا شك إجراء تخفيفات.

(5) أما عن الناحية النفسية للمسألة فلا شك أن الشعب الصديق أثمن من الاعتبارات العسكرية وإني لهذا السبب ذاته أطلب إقامة أساس جديد من العلاقة الودية بين بلدينا.

وإني أرجو أن تعرضوا الأمر بقوة على النحاس باشا وعلى زملائكم الوزراء تحثوهم على قبول مبدأ الاستعدادات العسكرية المشتركة وقت السلم حتى ولو كان ذلك مؤقتا ومع إعادة النظر فيه في فترات متفق عليها.

دكتور محمد صلاح الدين (بك) - إذا كنتم قد أشرتم إلى مبالغة العسكريين فذلك، بجانب أنه أمر معروف، يرجع إلى أنهم قد ذهبوا إلى حد تصعيب إحلال حراس مصريين محل الحراس الموجودين الآن من أهل جزيرة موريس، وهذه مبالغة واضحة مهما كانت العلة فيها. وإذا كنتم من جهتكم تحتاطون إلى هذا الحد بالنسبة لمصر والجيش المصري فمن حقنا أن نكون على حذر شديد بالنسبة للنتائج المنتظرة إذا نحن قبلنا ما تعرضون من بقاء هذا العدد الهائل من القوات البريطانية بحجة إدارة القاعدة إدارة مشتركة ولنا العذر كل العذر إذا اعتبرنا ذلك استمرارا للاحتلال وإذا أشرنا إلى وعود سابقة بإعداد الجيش المصري وتمرينه على يد بعثتكم العسكرية وكيف كانت النتيجة: بقاء الجيش ضعيفا تنقصه المعدات والأسلحة وهذا ما نخشى وقوعه إذا ما سلمنا بنظريتكم أي إنكم ستكتفون دائما بالاعتماد على قواتكم فينعدم الحافز إلى المعاونة الجدية في تقوية الجيش المصري أما إذا تقرر الجلاء الناجز الكامل فسيكون من مصلحتكم المبادرة بكل ما في الإمكان إلى معاونتنا على تقويته برفع مستواه.

أما القول بإمكان إعادة النظر في الأمر في فترات محددة فإنه لا يقدمنا عما نحن فيه خطوة واحدة ولا يمكن أن نعتمد عليه وليس من المصلحة أن نترك الأمور معلقة على هذا النحو، بل تقتضي مصلحتنا ومصلحتكم بأن نحسم الأمر على وجه نهائي معروف لا يترك مجالا للشك الذي يجب أن نعمل للقضاء عليه وإحلال الثقة المتبادلة محله.

لقد أشرتم إلى القاعدة الأمريكية في بريطانيا وذكرتم أنه لولاها لما قبل الأمريكيون أن يحضروا لمعاونتكم عند الضرورة ولكني أذكركم بأن الجنود الأمريكيين تدفقوا على أوربا في الحربين العالميتين الماضيتين لتحريرها دون أي اتفاق سابق بينهم وبين الدول الأوربية على قواعد أو نحوها بل لم تكن هناك محالفات أو معاهدات تربط بينهم وبينها. كما أن جنودكم ذهبوا مرتين إلى فرنسا ودول أوربا الغربية دون أن يسبق ذلك اتفاق على إنشاء قواع فيها. وذلك كله لتوافر الثقة التي نرجو أن يتوافر مثلها بيننا وبينكم، ومع ذلك فالقاعة موجوة وفى الإمكان أن يحتفظ بها المصريون صالحة للعمل، ولاستقبال الجيوش المتحالفة في حالة الحرب فتكون عن وصولها في حالة أفضل من حالة الجنو الأمريكيين أو البريطانيين الذين ذهبوا إلى أوربا في الحرب الماضية.

السفير البريطاني - من المحزن لي دائما أن تبدي مثل هذا الشك وعدم الثقة. وأود أن أقول فيما يتعلق بأهالي جزيرة موريس الذين يحرسون القاعة أن القائد العام أراد أن يقول إنه إذا تغير الحرس فإنه يجب نقل المسئولية عن سلامة المخازن إلى غيره. ولا يمكنك أن تعد ذلك مبالغة عسكرية.

لم أكن هنا عندما قدمت البعثة العسكرية البريطانية إلى مصر. ولكني سمعت أنهم بذلوا ما في وسعهم والحكومة المصرية هي التي استغنت عنهم.

أما عن أن الجلاء التام يحفزنا إلى رفع مستوى الكفاية في الجيش المصري فإن الفكرة هي الاحتفاظ بدفاع في الفترة التي يدرب فيها الجيش المصري ويرفع مستواه. ولا يمكننا القيام بذلك

إذا لم نكن موجودين هنا. وأرجو أن تتذكر أن بريطانيا ليست على ما كانت عليه من القوة وكلما أسرعت في التخلص من جزء من هذا العبء كلما كان ذلك خيراً لها وأجدى. ولهذا فإنه من مصلحتنا أن نسارع بقدر الإمكان إلى تدريب الجيش المصري وتجهيزه بالمعدات.

إني أوافقكم تمام الموافقة على أن قرارا حاسما خير لكل جانب من تدبير مؤقت يخضع لإعادة النظر في فترات محددة. وقد اقترحت هذا التدبير الأخير أملا في تسهيل الأمور للحكومة المصرية أما فيما يتعلق بالقواعد العسكرية فإني أكرر أن المسألة مسالة توقيت. فإذا كنتم ستنشئون قاعدتكم بعد نشوب الحرب فإنكم تفقدون وقتا ثمينا وتسببون آلاما لا حصر لها للبلد.


المصادر