محضر الاجتماع السادس الذي عقد بدار رئاسة مجلس الوزراء مع الجانب البريطاني

محضر الاجتماع السادس الذي عقد بدار رئاسة مجلس الوزراء مع الجانب البريطاني، في 6 مايو 1953، من "وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص765 - 774".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنشور

محضر الاجتماع السادس الذي عقد بدار رئاسة مجلس الوزراء

في الساعة العاشرة والنصف من صباح الأربعاء 6 مايو 1953 ــــــ

الحاضرون:


صاحب سعادة سير رالف ستيفنسون

جنرال سير بريان روبرتسون

ماجور جنرال كريسول

بريجادير ا. ج. هـ. دوف

بريجادير أ. ف. و. هوب

قائد سرب ج. ج. دافير


رئيس الوزراء اللواء محمد نجيب

دكتور محمود فوزي

بكباشي جمال عبد الناصر

قائد الجناح عبد اللطيف البغدادي

صاغ عبد الحكيم عامر

صاغ صلاح سالم

الأستاذ على زين العابدين حسنى

رئيس الوزراء - هل يود صاحب السعادة السفير أن يذكر شيئا عن نص الأمس؟

السفير البريطاني - كلا. وإني أوثر أن أعلم نتيجة دراستكم للنص الذي قدمناه.

وزير الخارجية - سيدي الرئيس: لعله يجدر بي - قبل أن أتحدث عن النص - أن أحدد مسألة أو مسألتين يبدو لي أنه ما يزال هناك شيء من الخلاف بين الوفدين حولهما. فالمسألة الأولى تتصل كما سترون بالإشراف الفني. إن موقفنا كما سبق أن بينا هو الإشراف بشتى وجوهه سواء وصفتموه بأنه فنى أو بأى صفة أخرى ينبغى أن يكون مصريا. وقد استعملنا في هذا الصدد كلمة "الإدارة" وقلنا إنه أيا كانت العلاقة التى قد نتفق عليها فلا بد من العناية بأمرين، الكفاية، والسيادة المصرية. وعلى هذا يمكن تصوير الوضع بما يقرب من الصورة التالية:

يبقى بالقاعدة أدنى عدد ممكن من الفنيين البريطانيين بغرض المعاونة على صيانة المعدات البريطانية المتخلفة بالقاعدة وفى نفس الوقت لتدريب رجالنا ليحلوا محلهم. وتطرد الزيادة في عدد المصريين بأسرع معدل تسمح به الأحوال بحيث يحلون في نهاية المدة المتفق عليها محل جميع الفنيين البريطانيين. على أن يكون هؤلاء الفنيون البريطانيون في خدمة الحكومة المصرية خلال مدة بقائهم في القاعدة ويتلقون تعليماتهم وتوجيهاتهم عن طريق الحكومة المصرية.

وإذا كان لحكومة المملكة المتحدة توجيهات فنية فيجب أن توجه إلى الحكومة المصرية أو السلطات المصرية. فتذكرون أننا تحدثنا طويلا بالأمس عن الطرق والوسائل التى تكفل "الكفاية" والسيادة المصرية معا، وآمل أن تكون هذه النقطة قد توضحت. وأعني بها موضوع التعليمات أو التوجيهات. أما النقطة التي أود التحدث فيها فتتعلق بوضع الفنيين البريطانيين وعددهم ومهمتهم ومدة بقائهم. وأقصد بمهمتهم الواجبات التى سيضطلعون بها كفنيين. أما النقطة الثانية التي أشرت إليها فهي كيفية نقل التوجيهات. وموقفنا فيها هو وجوب ورودها عن طريق الحكومة المصرية أو السلطات المصرية.

إنى أخال يا سيدي الرئيس ويا حضرات السادة - أنني قد أجملت موقفنا إجمالا وافيا أرجو أن يكون فيه الكفاية. فإذا كان هناك ثمة نقط ما يزال الوفد البريطاني يرى فيها بعض الغموض، فإننى على استعداد لأن أزيدها إيضاحا قبل أن أمضي في كلامى.

السفير البريطانى - أود أن أستفسر أولا عما إذا كان الوفد المصرى يرى أن الاتفاق على هذه النقطة ضروري لا غنى عنه قبل تأليف اللجان.

وزير الخارجية - أجل.

السفير البريطانى - أخشى ألا أكون غير قادر على الإجابة على هذا السؤال - فالمسألة في اعتبارنا مسألة تفصيلات يجب مناقشتها في أول الأمر. لقد جعلنا موقفنا جليا فإذا أصر الوفد المصري على الاتفاق على النقط التفصيلية قبل تشكيل اللجان فلن يكون هناك ثمة مجال لأي تقدم.

وزير الخارجية - ليس بوسعي أن أتفق معكم في أن النقط التي أثيرت الآن هى من المسائل التفصيلية. فأنا عندما تحدثت عن مدة بقاء الخبراء البريطانيين في القاعدة لم أطالب بالاتفاق مقدما على مدد معينة، ولا أنا أصررت باسم الوفد المصري على تحديد عدد هؤلاء الخبراء، فإننا لا نتحدث عن التفاصيل. وإنما نعالج مبادئ لا تتصل بعمل اللجان. بل هي من صميم عملنا بطبيعتها. وهذا هو الوقت المناسب لمعالجتها.

وإنى أسلم أن المرحلة الثانية لمعالجة هذه المسائل تأتي بعد أن تبدأ اللجان عملها.

السفير البريطاني - إن الوضع والعدد ومدد الإقامة أمور تترك للجنة لتبت فيها.

وزير الخارجية - أما المدة فمن اختصاص الوفدين. وسأتناول كل نقطة على حدة. إن وضع الخبراء البريطانيين في القاعدة موضوع ليس للجنة أن تبت فيه وعلينا أن نتفق عليه كوفدين. فهل من عمل اللجان أن تقرر الصفة التى تكون لهم وهل سيكونون في خدمة الحكومة المصرية أم لا؟

بالطبع لا. أما بالنسبة لمدة بقائهم هنا فقد بينت أن الوفد المصرى يوافق على إقرار مبدأ تحديد هذه المدة تحديدا دقيقا مفصلا.

هذه أمور ينبغى الاتفاق عليها. لقد أوضحناها بما فيه الكفاية ومن حقكم علينا أن نبين لكم في صراحة أننا لا نستطيع مجرد التفكير في قبول فنيين من غير المصريين في القاعدة. لقد قلناها من قبل وهأنا أعيدها عليكم مرة أخرى. ولا أظن أنكم تستطيعون أن تذكروا نقطة واحدة من النقط التى أثرناها اليوم يقع البت فيها من اختصاص اللجان.

السفير البريطانى - هناك نقطة أو نقطتان أستطيع أن أجيب عنها فورا، فقد وصف وزير الخارجية في النقط التى أثارها دور الفنيين البريطانيين في مصر بأنه المساعدة في العناية بأمر ممتلكات بريطانية معينة، فلا بد أن أكرر مرة أخرى، أن الإدارة الفنية يجب أن تكون في أيدينا. أما موضوع تدريب المصريين فإننا نفضل التفكير فيها شيئا ما. وقد حاولنا أن نبين كيفية مواجهتها، وإنى أصارحكم القول بأن حكومة جلالة الملكة لا توافق إلا على أن يكون الفنيون بريطانيين. فهل نطردهم من خدمتنا؟ إننا في حاجة إليهم.

أما طريقة إبلاغ التعليمات فاعتقادى أننا قلنا إنه لن يكون هناك أى مساس بالسيادة المصرية.

وفيما يختص بالنقطة الثالثة فإنى أستطيع أن أقول الآن إن حكومة جلالة الملكة لن تقبل أى وضع يكون أقل درجة من الإشراف الفنى في ظل الإشراف المصرى العام. ولا نستطيع أن نوافق بحال على أن يكون الفنيون البريطانيون في خدمة الحكومة المصرية.

وزير الخارجية - أستأذن سيادة الرئيس في أن أتحدث بما يجول بخاطري لعلني أصل إلى وصف حقيقة الموقف بيننا. إن هذه النقطة لتبدو إلى حد ما موضع نزاع. إلا أني أحس أن الخلاف عليها إذا طبق عمليا فإنه لن يكون كبيرا لأول وهلة. فأنتم تقولون الإدارة الفنية ونحن نقول المساعدة على شئون المعدات البريطانية بالقاعدة وتصريف هذه المعدات. تذكرون أنكم قلتم الآن إنه مما يسعدنا أن نصل إلى اتفاق على موضوع التوجيهات يفي بغرضي الصلاحية والسيادة المصرية. فإذا لم تكونوا متمسكين بالإصرار على كلمات بعينها. فإني لا أظن أن هناك صعوبات يصعب التغلب عليها في سبيل الوصول إلى اتفاق يعالج أمر المعدات التي ستترك في القاعدة معالجة فعلية صحيحة ذات فائدة.

أما بالنسبة لقولكم إن الحكومة البريطانية لا تقبل أن يكون الفنيون البريطانيون في خدمة الحكومة المصرية وأنه يتحتم إخراجهم من خدمة الحكومة البريطانية. فإنه يخطر ببالي أمران على الأقل:

1 - لقد قبلنا تحديد استخدامهم فترة محددة.

2 - مسألة حسن النية. فإذا كنا قد قبلنا فعلا فكرة استخدام الحكومة المصرية لهؤلاء الفنيين فترة ما، إلا إذا وجدت، أو إلى حين أن توجد، أسباب معينة تدعو إلى إخراجهم، فإنهم يظلون في عملهم طالما أن هذه الفترة لم تنته.

ولا أظن أن الملاحظات التى أبديتموها لها ما يبررها. وإنه ليكون من دواعي أسفنا ألا نستطيع إيجاد طريق إلى الاتفاق في الصيغة على أمر يبدو أننا اتفقنا عليه بالفعل. ولا أحسب أنني أغالي في التفاؤل في تقدير الوضع الحالي بيننا بل لعلني لا أفيه حق قدره.

السفير البريطانى - لقد قلنا إن موضوع الإدارة الفنية وحسن صيانة القاعدة يقع في اختصاص اللجنة. ولكننا لا نستطيع أن نسمح للجان بأن تبدأ عملها، قبل تقرير ما تراه حكومة جلالة الملكة من أن الإدارة الفنية ينبغى أن تكون في أيد بريطانية. لقد تحدثتم عن استخدام الحكومة المصرية للفنيين البريطانيين وهذا بطبيعة الحال أمر لا نستطيع قبوله.

وزير الخارجية - ألديكم ما تقولونه فوق هذا.

السفير البريطاني - كلا فليس لدى ما أضيفه سوى أن اختصاصاتنا تتسع بما يكفي لأن نجعل اللجان تبدأ عملها، لإمكان إيجاد حل عملى لهذا المشكل.

وزير الخارجية - أعتقد أننا من ناحيتنا نؤثر أن يتم الاتفاق بين الوفدين على هذه المسائل الأساسية من حيث المبدأ أما بالنسبة لما تسمونه موضوع الإدارة الفنية وما نسميه نحن المساعدة في تصريف شئون المعدات. فينبغي علينا أن نكون على ثقة من أن تصريف هذه الشئون لن يمس سيادتنا.

جنرال سير بريان روبرتسون - أود أن أتقدم بتصحيح بسيط - إن هذه المعدات سوف يكون تصريف شئونها في القاعدة دون مساس بالسيادة المصرية.

رئيس الوزراء - إني أوافق على وضع الأمر في هذه الصورة، فإذا اعتبرنا الأمر إدارة فنية كان فيه فعلا مساس بالسيادة المصرية، أما إذا وضع في الصورة التى تقدمنا بها. وهى تنتهى في الواقع إلى النتيجة التى نرجوها نكون قد جمعنا بين الصلاحية واحترام السيادة المصرية، لقد أشار سعادة السفير إلى فصل الموظفين الفنيين الذين سيكونون حسب رأينا في خدمة الحكومة المصرية وقد سبق أن قلت بتحديد فترة لبقائهم بل ويمكنني القول أن هذا أيضا سيتم طبقا لاتفاق. فإذا أثير أي وضع استثنائي بالنسبة لواحد أو أكثر من هؤلاء الفنيين كما يحدث عادة - استطعنا أن نبحث أمره فيما بيننا بالطريق الودى. ولا أظن أن لديكم من الأسباب، أى الأسباب الحقيقية، ما ينفركم من فكرة عقد اتفاق بيننا لتحديد المدة. فإذا أضفتم إلى هذا عنصر حسن النية الذى يجب أن يتوافر في هذا الاتفاق فإننا لا نجد داعيا جديا بعد ذلك للقلق.

وإجمالا للقول أرى أنه ينبغى الاتفاق على بقاء أقل عدد ممكن من الفنيين البريطانيين في خدمة الحكومة المصرية طبقا لاتفاق بين حكومتينا وآمل أن يتم ذلك بروح من الثقة المتبادلة.

السفير البريطانى - وماذا تعنى بقولك"فى خدمة"إننا لا نرضى عن هذا الوصف ولا يمكننا من غير شك أن نقبله.

وزير الخارجية - ألديكم وصف آخر؟

السفير البريطانى - إن كلمة "خدمة" معناها أن الحكومة المصرية التى ستدفع لهؤلاء الفنيين رواتبهم كى يعملوا ما تطلبه. إن كلمة "خدمة" لها مغزاها الذى لا نرضاه ولا يمكن أن نوافق عليه.

جنرال سير بريان روبرتسون - نود ألا يتبادر إلى الأذهان أننا لا نخشى كلمة "استخدام" ونجمح منها. فهل لنا أن نفهم من ذلك أن الحكومة المصرية تريد أن تضطلع بمهام صاحب العمل "والمستخدم" وإذا علمنا المهام التي تضطلع بها الحكومة في استخدام الموظفين. فهل لنا أن نفهم من هذا أن الحكومة المصرية ترى فرض بعض القيود على حقوق هؤلاء المستخدمين.

وزير الخارجية - لست مفوضا أن أقول"نعم"ولكننى أوضحت فعلا أن مثل هذه العلاقة سيتم تحديدها على ضوء اتفاق يبرم بين حكومتينا، فنستطيع أن ننص في هذا الاتفاق على النقط التى نرى وضعها كأساس صالح لتنفيذ الاتفاقية في المستقبل التى أومن بتوافر حسن النية بيننا جميعا على تنفيذها بكيفية يتقبلها كل من يهمهم أمرها. وإذا كانت هذه الأمور ستكون موضع اتفاق بين الحكومتين فإننى لا أرى أية عقبات جسيمة تحول دون إخراج هذه الأمور إلى خير الأمور.

السفير البريطانى - هل أكون على صواب إذا ما استخلصت من هذا أن ما تعتبرونه استخداما بواسطة الحكومة المصرية سيترك وضع الفنيين البريطانيين ليكون موضع اتفاق بين الحكومتين؟ إذن فيحسن بنا أن نتحاشى كلمة "استخدام".

وزير الخارجية - إن موقفنا واضح كل الوضوح فيما يختص بموقفنا بالنسبة لكل من يوجد من الأجانب فوق أراضينا المصرية. وهو في اعتقادى أمر يسهل إدراكه عليكم، وعلى كل من يقف على تفاصيل هذه المباحثات. وأؤكد لكم أننا نرهق أنفسنا من أجل الوصول إلى حل. وقد وضحت الآن نقطتان كانتا تعترضان طريقنا في بدء اجتماعنا هذا الصباح.

السفير البريطانى - إنني لا أرى شيئا في النقطة الثالثة لم يتم الاتفاق عليه بعد. وليس هناك من بين العروض ما يمس السيادة المصرية.

وزير الخارجية - سنصل إلى وضع نص المشروع بعد دقيقة أو دقيقتين. على أنه ما يزال يساورنا شىء من القلق بسبب أولئك الأفراد من غير المصريين الذين سيبقون في المنطقة.

السفير البريطاني - إنكم تشعرون بقلق بالنسبة للوضع الذى ستكون عليه.

وزير الخارجية - إن الأمر لأخطر من هذا. وقد وضعنا مشروعا آخر لأسباب بيناها لوفدكم. وأرجو ألا نستمر في تبادل مشروعات لا نهاية لها.

وهنا سلم الوفد المصرى للوفد البريطاني مشروعا هذا نصه:

"لإمكان وضع الخطط الرئيسية لنقل القاعدة العسكرية الحالية في قناة السويس إلى الإشراف المصري الكامل مع الاحتفاظ بها في حالة صالحة للعمل، يوصى بما يأتى بشأن المعدات الموجودة في القاعدة.

(أ) يعهد إلى الحكومة المصرية بالمعدات البريطانية التى ستترك في القاعدة.

(ب) يكون عدد الفنيين البريطانيين قاصرا على الحد الأدنى الذى يلزم لصيانة المعدات البريطانية التى تترك في القاعدة صيانة كاملة.

(ج) توضع الخطط اللازمة لتدريب الموظفين المصريين كى يحلوا محل البريطانيين القائمين بالعمل في المعدات الموجودة بالقاعدة. على أن يكون ذلك في أقصر وقت يمكن الاتفاق عليه بين الوفدين.

(د) لا يجوز أن تكون الخطط التى توضع لصيانة المعدات البريطانية ماسة بالسيادة المصرية.

(هـ) ليس للجنة أن تنظر في الفترة التى تلزم لتنفيذ الخطوات التي تقترحها. بل يترك أمر تحديدها للوفدين".

وانفض الاجتماع في منتصف الساعة الثانية عشرة حيث انسحب الوفد المصري وبقي أعضاء الوفد البريطاني للمداولة في قاعة الاجتماع.

ثم استؤنف الاجتماع في الساعة الثانية عشرة وعشر دقائق.

السفير البريطاني - لقد درسنا المشروع الذي تقدمتم به. ولنا عليه بعض الملاحظات سيفضي بها جنرال روبرتسون فيما بعد. على أن لي كلمة بشأن المبدأ الذي قال به وزير الخارجية صباح اليوم.

وقد أقنعتني المناقشات التي دارت، أن تبادل وجهات النظر قد صفى الجو فيما بيننا بحيث تهيأ لنا مواصلة عملنا. فقد تم الاتفاق بيننا على مسألة بالذات هى مسألة موقف الفنيين البريطانيين، فقد اتفقنا على أن تكون موضوع مناقشة خاصة في نطاق الاتفاق الذى يتم بين الوفدين. ولعل هذه هى المسألة الوحيدة التي أعتقد أننا أعربنا عن اتفاقنا مع الوفد المصرى فيها، وأود أن أضيف كلمة أخرى، فالمفاوضون قوم ذو صبر لا حد له، فلنا من الصبر مثل ما لكم، غير أنه ليس من رأينا ولا من رأيكم أن نكاد نضيع الوقت سدى، فإذا لم نستطع الاتفاق على اختصاص اللجان كان ذلك في عرفنا مضيعة للوقت توجب علينا مراجعة حكومتنا. وهأنا أتحدث بصراحة متمثلا بما فعله رئيس الوزارة ووزير الخارجية. وكان بودي أن تتقارب وجهات نظرنا بشأن الاتفاق على الاختصاصات. وإنى أستأذن سيادة الرئيس في أن يتحدث جنرال روبرتسون في المشروع المضاد الذى تقدم به الوفد المصرى والتعديلات التى نرى ضرورة إدخالها عليه.

جنرال سير بريان روبرتسون - النقطة الأولى هى استعمال عبارة "القاعدة العسكرية الحالية" بدلا من عبارة "منطقة القاعدة العسكرية" وفى اعتقادى أننا أوضحنا أن لفظ "القاعدة" ضيق بدرجة لا نرضاها. وقد أبدينا كتعريف للفظ "القاعدة" أن منطقة القاعدة معناها القاعدة من غير الممتلكات البريطانية التي عليها. ويهمنى أن أبين أن هذا قد يكون تعريفا منطبقا وصادقا على أننى أود أن أؤكد أننا عندما نذكر "منطقة القاعدة" فإننا لا نقصد الأرض وحدها. وإذا رجعتم بالذاكرة إلى المناقشات السابقة لتبين لكم أننا تحدثنا عن بقاء منطقة القاعدة تؤدى عملها. وإننا نطالب الوفد المصرى بقبول عبارة "منطقة القاعدة". أما إذا قبلنا عبارة "نقل القاعدة العسكرية الحالية الموجودة في منطقة القنال إلى الإشراف المصري" ففي ظني أنكم ستجدون أناسا آخرين في مكاننا هذا - هل تودون أن أستمر في حديثي أم ترون أن نقف عند كل نقطة.

وزير الخارجية - أظن أنه يحسن أن تستمر.

جنرال سير بريان روبرتسون - وصف الإشراف المصرى بأنه "كامل" فإذا قلنا إننا على استعداد لنقل منطقة القاعدة العسكرية إلى الإشراف المصري فإن كلمة "الكامل" لن تأتي بشيء جديد، إننا لا نعمل من أجل المظاهر إذ أن لوائح الاختصاص ليست مما سينشر على الناس. فهل لنا أن نطلب حذف كلمة "الكامل". وقد أسقطتم من المقدمة عبارة "فى كل وقت بحالة تسمح لها بالعمل بكامل قوتها بمجرد الحاجة إليها" وقد ذكرنا أننا نطلب معيارا لذلك. وبينا أن عبارة صالحة للعمل لا تكفي وحدها، وأننا نرغب في بقاء القاعدة في حالة تسمح لها بالعمل بكامل قوتها عندما يحتاج الأمر إليها، وقد حاولنا التمشي مع وجهة نظركم فحذفنا لفظي "السلم والحرب" وكان أملنا أن مشروعنا الثانى سيرضيكم. على أننا لا نرى النص الذى تعرضونه غير موافق. فإننا نريد معيارا تسير عليه اللجان في هذا الصدد.

والنقطة التالية أنكم ذكرتم "تقديم توصيات بشأن المعدات الموجودة في القاعدة". وقد ذكرنا "المنشآت" وقد اتفقنا بغير شك على وجوب التوصية عن المعدات غير أننا نطالب كذلك بتوصيات عن المنشآت. لذلك نقترح أن تذكر عبارتي المعدات والمنشآت - وقد بينا بالأمس أننا على استعداد للتحدث في انتقال ملكية الأبنية وغيرها إلى الحكومة المصرية، ونود أن نناقش كذلك الطرق والوسائل التى يتم بها هذا الانتقال التى لا بد أن يكون من بينها عدم نقل المعدات الخاصة بنا من تلك المنشآت وهذه نقطة واضحة كل الوضوح.

وقد أثيرت بعض نقط أخرى "فالورش" المصانع ليست في نظرنا من المعدات لذلك يجب أن يكون هناك توصيات عنها فإننا على استعداد لأن نذكر"التوصية على المعدات والمنشآت".

فلننتقل الآن إلى النقطة الرابعة (د) ونرى من الأنسب أن تكون هذه في المقدمة فمن الواضح أن أى تدبير يتخذ يجب ألا يكون فيه مساس بالسيادة المصرية. وجلى أن هذه ليست من المسائل التى نصر عليها. بل هي مسألة تدابير وقد تحدثتم كذلك عن صيانة المعدات البريطانية. فإننا لا نريد وجوب الاحتفاظ بمعداتنا في كن مكين، ولكننا نود الاحتفاظ بها في حالة صالحة للعمل. لذلك أقترح تغيير الفقرة إلى النص التالى:

"أية تدابير تقترح لصيانتها سوف لا تتعارض مع السيادة المصرية" ولقد طرحتم جانبا عبارة "أو الملكية البريطانية" هل تريدون أنها لا تتعارض مع الملكية البريطانية؟ ونقترح أن تبقى هذه العبارة كما هى.

ولنعد إلى النقطة "أ" من مشروعكم. لقد قلتم "إن الحكومة المصرية ستكون مسئولة عن المعدات البريطانية التى تترك بالقاعدة" والنقطة التى أود أن أبينها، أننا نريد معيارا أكيدا لهذه النقطة والتى نحن على استعداد للموافقة عليها، هى تأمين هذه الملكية، وعلى ذلك أقترح أن نقرأ كالآتى:

"إن الحكومة المصرية ستكون مسئولة عن سلامتها".

أما عن النقطة "ب" فإننا نقترح "أن الخبراء البريطانيين الذين يحتاج إليهم سيكونون محدودي العدد إلى أدنى حد تتطلبه الكفاية والصيانة والإدارة".

ولنبحث الآن النقطة "ج" لقد تناقشنا من أجلها وقتا طويلا، إننا نطلب أن يكون لنا الإشراف الفني بالنسبة للمنشآت أثناء مدة الاتفاقية، على ألا يكون جميعه في أيدى الفنيين البريطانيين، ونرغب أيضا أن الموظفين البريطانيين، مهما كان عددهم محدودا، يتولون الإشراف الفني، وكذلك يزاد عدد الموظفين المصريين الذين يحلون محلهم، وبذلك يمكن أن ينقص عدد الموظفين البريطانيين. لقد حاولنا جاهدين أن نقدم شيئا يمكنكم قبوله، ونقترح حذف هذه النقطة.

وأما بالنسبة للنقطة "هـ" فهي سواء في مشروعينا، ولذلك فهى مقبولة.

وزير الخارجية - نود أن ننسحب لنتحدث مع بعضنا.

انفض الاجتماع وانسحب الجانب المصري إلى القاعة المجاورة لقاعة الاجتماع.

ثم استؤنف الاجتماع بعد فترة وجيزة.

وزير الخارجية - أرجو أن تسمحوا لي يا سيدي الرئيس بأن أبدأ حديثي بأن أذكركم بأن هذا هو سادس اجتماع لنا فقد تقابلنا في ست جلسات طويلة مضنية، وكنا نحسب أن الأمر لن يحتاج إلى كل هذه الاجتماعات الطويلة، بل ولا أكون صادقا في تعبيرى عن وجهة نظر الفريق المصري، إذا لم أذكر لكم مقدار ما نشعر به من الاستياء بسبب بقائنا إلى اليوم في لف ودوران نجري وراء الألفاظ والعبارات دون تعرض للحقائق المادية. كما أذكر لكم كذلك مقدار استيائنا مما يعزي إلينا من أننا نعمل على الدخول في تفصيلات لا موجب لها، هي من صميم عمل اللجان. وأرى لزاما أن أقرر أن هذا زعم لا أساس له من الصحة على الإطلاق. فإننا لا نجد أمرا واحدا من الأمور التي أثارها الوفد المصري يدخل فعلا في أعمال اللجان بدلا من بحثه فيما بيننا بوصفنا هيئتين مفوضتين. ومع ذلك وجهتم إلينا هذا الاتهام منذ فترة قصيرة، فهل أراني في حاجة إلى أن أذكر أحدا منا أيها السادة أن أي مجهود نبذله هنا إنما هو توفير للوقت لا مضيعة له.

لقد درس الوفد المصري مشروعكم الجديد فلم نر مناصا من وجوب القضاء على الجري وراء الألفاظ، وفي اعتقادي أننا قد حددنا مركزنا تحديدا كافيا بالنسبة للمسائل الرئيسية، وبينا في غير لبس أن الحكومة المصرية لا تستطيع مجرد التفكير في بقاء الفنيين الأجانب زمنا غير محدد. بل ولا إلى وقت طويل. كما بينا في جلاء أيضا أننا لا نستطيع التفكير في وجود أية رقابة أو إدارة فنية لغير المصريين. فما الفائدة إذن من السير في تمحيص الكلمات إذا لم نكن متفقين على الأسس من الآن.

ولا يصعب علينا أن ندرك أيها السادة أن الوفد البريطاني قد يعن له أن الوقت الحاضر والظروف الجارية تقتضي مراجعة حكومته في لندن فإذا أردتم مهلة للتفكير أو الاتصال بلندن كان لكم ما تريدون. إذ يجب أن نتفق صراحة على المبادئ الأساسية حتى يكون سيرنا في أعمال اللجان موفقا. بل وأذكر لكم مرة أخرى أن اللجان إذا لم يكن لها برامج أو كانت برامجها غير واضحة فإنها ولا بد أن تضل الطريق ولا تأتي بأية نتيجة، ولم يحدث من قبل أن سارت هيئة من الهيئات المنتظمة دون أن يكون لها طريق مرسوم. ويخيل إلي أنني سمعت كلمة "الصبر" على لسان السفير، والصبر بطبيعة الحال صفة جميلة ولكن لا بد وأن يكون له حد، فإذا كنا لم نلجأ إلى استعمال عبارة "التمسك بالصبر" كما فعل الجانب البريطاني فإن ذلك لا يصح أن يتخذ معيارا لما حدث. ولا يخفى عليكم أيها السادة أنه لم يكد يبقى في قوس الصبر منزع، فحاذروا أن نفشل في التمسك بأهداب الصبر إلى غير نهاية. فلا بد إذن من وضع حد لهذا الجري وراء الألفاظ والعبارات ولنعمد في شجاعة إلى الوقائع المادية والحقائق الملموسة.

وشكرا لسيدي الرئيس.

السفير البريطاني - وأنا أرى كذلك وجوب السير قدما في العمل الذي اضطلعنا به بدلا من الجري وراء الألفاظ فما رأيكم في التعديلات التي أدخلناها صباح اليوم.

رئيس الوزراء - هذا أبعد ما نذهب إليه في صدد القاعدة وتأمينها وصيانتها. وقد أردنا توفير الوقت منذ البداية فدرسنا الموضوع وقدمنا لكم الشروط التي نرى أنها أقصى حد يمكن أن نسايركم إليه.

السفير البريطاني - إنكم متمسكون بمشروعكم ولا تقبلون أي تعديل فيه.

رئيس الوزراء - إن هذا المشروع يشمل الجوهر و يقرر المبادئ الهامة.

السفير البريطاني - إننا لم نفلح في بيان ما نعتقد أنه العقبة التي نواجهها. كما أن الاقتراحات التى تقدمتم بها لا تتسق مع اختصاصات اللجنة ولا الاقتراحات التي تقدمنا بها، فإذا كان هذا هو رأيكم النهائى فلا بد لي إذن من أن أطلع حكومة جلالة الملكة.

رئيس الوزراء - أجل.

السفير البريطاني - وما رأيكم في الصحافة.

رئيس الوزراء - من رأيي أن نقول "استؤنفت المحادثات صباح اليوم حيث وصلت إلى مرحلة رأى فيها الجانب البريطاني ضرورة الرجوع إلى حكومته. ولم يحدد موعد الاجتماع التالى".

السفير البريطاني - بل أفضل شيئا يكون أكثر عمومية كأن نقول "استؤنفت المحادثات صباح اليوم بين الوفد المصرى والوفد البريطانى ووصلت إلى مرحلة توجب الإعلان فيما بعد عن موعد الاجتماع التالي".

رئيس الوزراء - موافقون.


المصادر