مذكرة من سعد زغلول رئيس مجلس الوزراء إلى المندوب السامي البريطاني فيلد مارشال اللنبي

مذكرة من سعد زغلول رئيس مجلس الوزراء إلى المندوب السامي البريطاني فيلد مارشال اللنبي، مفاوضات سنة 1924 (سعد - ماكدونالد). منشور من "وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 219 - 228".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنشور

فأجاب حضرة صاحب الدولة سعد زغلول باشا على هاتين المذكرتين بالمذكرة التالية: رئاسة مجلس الوزراء


القاهرة في 22 نوفمبر سنة 1924

إلى حضرة صاحب الفخامة المندوب السامى البريطانى

يا صاحب الفخامة

ردا على المذكرتين اللتين سلمتا إلى نهار أمس من فخامتكم باسم حكومة حضرة صاحب الجلالة البريطانية. أتشرف بأن أرجو فخامتكم أولا أن تتكرموا فتعربوا لحكومتكم مرة أخرى من قبل الحكومة المصرية عما خالج هذه الحكومة والأمة بأجمعها من شعور الألم والاستفظاع بسبب الاعتداء الشنيع الذى وقع على حياة المأسوف عليه السير لى ستاك باشا سردار الجيش المصرى وحاكم السودان العام.

على أنه لا يمكن اعتبار الحكومة المصرية مسؤولة بوجه من الوجوه عن هذه الجريمة المنكرة التى ارتكبها مجرمون تمقتهم الأمة بالإجماع. وذلك لأنها حدثت في ظروف لم يكن في الاستطاعة معها توقع ارتكابها أو منعها.

ومن جهة أخرى. فإن هذه الحكومة لا يمكنها أن تقبل التأكيد الذى تضمنته المذكرة الأولى من أن هذه الجريمة هى نتيجة طبيعية لحملة سياسية لم تعمل الحكومة المصرية على تثبيطها. بل أثارتها هيئات على اتصال وثيق بها، لأن هذه الحكومة كانت تلجأ وتدعو دائما إلى استعمال الطرق السلمية المشروعة في المطالبة بحقوق البلاد ولم تكن على اتصال من أى نوع كان بهيئات تشير باستعمال العنف.

إن المسئولية الوحيدة التى تعترف بها الحكومة وتأخذها على عاتقها. إنما هى اقتفاء أثر المجرمين وقد اتخذت اجراءات سريعة وفعالة لهذا الغرض. وإن النتيجة المرضية التى أدت إليها هذه الإجراءات تجعلنا واثقين تمام الثقة من أن الجناة لن يفلتوا من القصاص العادل.

على أنه لإثبات ما أثارته هذه الجناية في البلاد من الأسف البليغ، وارضاء لحكومة صاحب الجلالة البريطانية، أتشرف بأن أصرح لفخامتكم بأن الحكومة المصرية تقبل أن تقدم اعتذارها كما أنها تقبل أن تدفع مبلغ خمسمائة ألف جنيه.

وتصرح الحكومة أيضا بأنها قد اعتزمت أن تمنع، بجميع ما لديها من الطرق القانونية، كل مظاهرة شعبية يكون من شأنها الإخلال بالنظام العام. وبأنها سترجع عند الحاجة إلى البرلمان للحصول على سلطة أوسع مما لها الآن.

أما فيما يتعلق بالطلب الوارد في الفقرة الخامسة من المذكرة الأولى والمفصل في المذكرة الثانية فأتشرف بأن ألاحظ لفخامتكم أن ما اقترح من ترتيب جديد للجيش المصري بالسودان لا يعدّ فقط تعديلا للحالة الحاضرة التي سبق للحكومة الإنجليزية أن صرحت برغبتها في المحافظة عليها بل هو مناقض تماما لنص المادة (46) من الدستور المصري التي تنص على أن الملك هو القائد الأعلى للجيش وهو الذي يولي ويعزل الضباط.

وأما فيما يتعلق بالطلب الوارد في الفقرة السادسة فإني ألاحظ لفخامتكم أن مسألة إدخال تعديل منذ الآن على المقدار المحدّد لمساحة الأراضي التي تروى بالجزيرة هي على الأقل سابقة لأوانها. ويجب، طبقا للتصريحات المتكررة التي أبدتها الحكومة البريطانية، أن تحل باتفاق الطرفين مع مراعاة المصالح الحيوية للزراعة المصرية.

وأخيرا فيما يتعلق بالطلب الوارد في الفقرة السابعة أتشرف بأن ألاحظ لفخامتكم أن حالة الموظفين الأجانب في مصر خاضعة الآن لأحكام قانون واتفاق سياسي لا يمكن تعديلها من غير اشتراك البرلمان. وعلى أي حال فإن مذكرة الحكومة البريطانية لم تبين قط التعديلات التي يراد إدخالها على النظام الحالي. ولذلك لا نرى في وسعنا الرد على هذه المسألة. وأما فيما يتعلق بحماية المصالح الأجنبية بوجه عام فإن الحكومة المصرية اتخذت على الدوام أكثر الخطط تسامحا بالقدر الذي يتفق مع حرمة مبدأ الاستقلال. ومع ذلك فإن الدول الأجنبية لم تقدّم أي اعتراض في هذا الشأن.

وإني لواثق كل الثقة من أن حكومة صاحب الجلالة البريطانية ستجد هذا الجواب مرضيا تماما. وعلى أي حال فقد أملته علينا روح الرغبة الخالصة في إبقاء وتوطيد أحسن العلاقات مع الحكومة البريطانية، بما يتفق مع حقوق مصر.

وأنتهز هذه الفرصة لأكرر لفخامتكم الإعراب عن عظيم احترامي،

رئيس مجلس الوزراء

الإمضاء: سعد زغلول


المصادر