الامبراطورية البابلية الحديثة
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الامبراطورية البابلية الحديثة أو الامبراطورية الكلدانية، كانت فترة من تاريخ بلاد الرافدين بدأت عام 626 ق.م وانتهت في 539 ق.م.[5] خلال القرون الثلاثة السابقة، كانت بابل تحت حكم الأشوريين. في تلك الأثناء تمتعت بابل بوضع بارز. تمكن الأشوريون من الحفاظ على ولاء البابلين خلال الفترة الأشورية الحديثة، سواء من خلال منح الامتيازات المتزايدة، أو عسكرياً، لكن تغير الأمر في النهاية عام 627 ق.م. بوفاة آخر الحكام الأشوريين الأقوياء، أشوربانيپال، وتمرد البابليون تحت حكم نابوپولاسار، الكلداني في السنة التالية. وبتتويج نبوپولصر ملكاً على بابل في 626 ق.م. وترسيخ ملكه بسقوط الامبراطورية الآشورية الحديثة في 612 ق.م.، فإن الامبراطورية البابلية الحديثة وأسرتها الكلدانية الحاكمة ستكون قصيرة العمر، إذ ستنهزم بعد أقل من قرن أمام الامبراطورية الأخمينية الفارسية في 539 ق.م.
هزيمة الآشوريين وانتقال الامبراطورية إلى بابل ميّز أول مرة ترتفع المدينة، وجنوب الرافدين عموماً، للهيمنة على الشرق الأدنى القديم منذ انهيار امبراطورية حمورابي البابلية القديمة قبل نحو ألف سنة. وهكذا شهدت فترة الحكم البابلي الجديد نمواً اقتصادياً وسكانياً غير مسبوق في جميع أرجاء بالد بابل ونهضة ثقافية وأعمال فنية ، حيث نفذ الملوك البابليون الجدد مشاريع بناء ضخمة ، لا سيما في بابل نفسها، واستعادوا العديد من العناصر الألفي سنة الماضية من الثقافة السومرية-الأكادية.
تحتفظ الامبراطورية بمكانة في الذاكرة الثقافية للعصر الحديثة ويرجع ذلك أساساً إلى التصوير المُبغِض لبابل وملكها العظيم، نبوخذنصر الثاني، في التوراة، بسبب قيام نبوخذنصر في 587 ق.م. بتدمير القدس وما تلى ذلك من الأسر البابلي. تصف المصادر البابلية عهد نبوخذ نصر بأنه العصر الذهبي الذي حول بابل إلى أعظم إمبراطورية في عصرها.
السياسات الدينية التي أدخلها آخر ملوك الامبراطورية البابلية الحديثة، نبو نيد، الذي فضّل إله القمر سين على الإله الراعي لبابل مردوخ، قدمت في آخر الأمر سبباً للحرب سمح للملك الأخميني قورش الأكبر أن يغزو بلاد بابل في 539 ق.م.، مصوراً نفسه أنه الدافع عن مردوخ الذي يقوم بالمهمة المقدسة، إعادة النظام للمنطقة. ظلت بابل متميزة ثقافياً لعدة قرون، مع إشارات إلى أفراد بأسماء بابلية وإشارات إلى الديانة البابلية حتى وقت متأخر في الفترة الپارثية في القرن الأول قبل الميلاد. وعلى الرغم من ثورة بابل عدة مرات خلال حكم الإمبراطوريات اللاحقة، إلا أنها لم تنجح في استعادة استقلالها.
خلفية
أقام الكلدانيون ـ وهم إحدى القبائل الآرامية ـ في جنوبي العراق منذ أواخر العصر الكاشي، وكوّنوا إمارات عدة، كانت أكبرها إمارة بيت داكورين وبيت ياقين، وبيت نافو، في المنطقة الواقعة إلى الشمال من الخليج العربي. وسيطرت قبائل آرامية أخرى على المنطقة الممتدة بين مدينة بابل وبورسيبا.
التاريخ
أسس الحكم البابلي الجديد كلداني يدعى نابوبولاصر (626-605 ق.م.). وكان هذا حاكماً عيّنه الملك الآشوري على منطقة القطر البحري المتاخمة للخليج العربي، ثم ما لبث أن وسع منطقة نفوذه بعد موت آشور بانيبال باتجاه الشمال حتى وصل إلى مدينة نيبور. ولمَّا لمس ضعف آشور تجرأ على دخول مدينة بابل وإعلان نفسه ملكاً عليها. وبعد عشر سنوات هاجم الآشوريين عند نهر الزاب الأسفل ودحرهم، ثم حاصر مدينة آشور في العام 616 ق.م. وارتد عنها. ولكن ظهور الميديين (الإيرانيين) ونمو قوتهم مكّنه وإياهم من القضاء على الآشوريين وإسقاط عاصمتهم نينوى في العام 612 ق.م. ثم تمت السيطرة الكاملة على سورية على يد ولي العهد نبوخذ نصّر الذي قهر الجيش المصري الذي أرسله الفرعون نيكاو الثاني إلى كركميش (جرابلس اليوم) للوقوف في وجه التوسع البابلي في عام 605 ق.م.، وهو العام الذي مات فيه نابوبولاصر، وجلس فيه نبوخذ نصر الثاني (605-562 ق.م.) على عرش بابل، ولكن المصريين وإن تكبدوا خسائر جسيمة في معركة كركميش لم يتوقفوا عن محاولة العودة إلى سورية. فكانوا يستعدون الحكام السوريين على البابليين، ومن بينهم أمير عسقلان في فلسطين الذي عاقبه نبوخذ نصّر ونهب مدينته عام 604 ق.م.، ثم قرر بعد ثلاث سنوات مهاجمة مصر نفسها. ثم عاد إلى فلسطين من جديد لمهاجمة القبائل البدوية التي كانت موالية لمصر التي زاد شكه في نواياها حين تيقن من تفاهم جرى بين فرعونها وبين ملك يهوذا. فحاصر نبوخذ نصّر أورشليم حتى سقطت بيده عام 597 ق.م. واقتاد معه إلى بابل نحو 3000 يهودي أسرى، وعين عليها «صدقيا» والياً. وكان ذلك عند اليهود السبي البابلي الأول. ثم عاد نبوخذ نصر فغزا أورشليم واقتحمها بعد أن حاصرها 18 شهراً في عام 587/586 ق.م.، ودمر هيكل سليمان ونقل خزائنه، ونفى أربعين أو خمسين ألفاً من أهلها «لينوحوا عند مياه الفرات» بحسب قول كتاب العهد القديم. وأطلق اليهود على هذا اسم «السبي البابلي الثاني». وبعدها أعاد المدن الفينيقية التي استغلت الأوضاع وأعلنت العصيان إلى حظيرة الدولة البابلية، ولكن صور المنيعة استعصت عليه 13 عاماً حتى صالحته ورضيت شروطه.[6]
كان الملك البابلي نبوخذ نصّر الثاني من الملوك القلائل الذين جمعوا بين الكفاءة الإدارية والبراعة في قيادة الجيش. كما كان يتمتع بحس فني ومعماري رفيع. ويشهد على ذلك إعادته مدينة بابل إلى مكانتها الرائدة في العالم القديم التي كانت قد وصلت إليها في عهد سلفه حمورابي. فأمست أشهر مدن العالم القديم نتيجة إنجازاته وما خلف فيها من المعالم الحضارية، ما خلد اسمها.
حكم نبوخذ نصّر الثاني نحو 43 عاماً، وهي مدة تعادل قرابة نصف حكم الأسرة الكلدانية، إذ خلفه على العرش ابن له، ثم توالى بعده اثنان من الملوك وخلفهما الملك نابونيد (555- 539 ق.م.) الذي وصل إلى الحكم عن طريق الانقلاب، وكان خاتمة المطاف للسيادة البابلية في تاريخ المشرق العربي القديم.
كان نابونيد من كبار رجال الدولة في عهد نبوخذ نصر الثاني، وكان يتميز بمحاباته لإله القمر «سين» الذي كانت والدته كاهنة له، فغرست في نفسه تقديم عبادته على غيره من الآلهة، ولاسيما رئيس الآلهة البابلية مردوخ. فجرّ هذا عليه سخط الناس وكهنة مردوخ. بدأ نابونيد حياته السياسية بالسير على خطا نبوخذ نصّر في قيادة الجيش وتفقد أقاليم المملكة، ومطاردة القبائل العربية في شمال غربي الجزيرة العربية، وعين ابنه نائباً له. فأساء الابن التصرف ولاسيما بتدخله في شؤون المعابد وأملاكها، بينما فضَّل هو المكوث في مدينة تيماء في شمال غربي الجزيرة العربية، لأسباب مجهولة مدة تقارب العشر سنوات بعيداً عن العاصمة بابل. ولمَّا شعر نابونيد بالخطر الفارسي، عاد إلى العاصمة التي كان أهلها ساخطين عليه وعلى ابنه، وكانت تعاني أوضاعاً اقتصادية متردية واضطرابات سهَّلت على ملك الفرس قوروش الثاني دخول البلاد في العام 539 ق.م. من دون مقاومة، إذ استقبله الأهالي بالترحيب، وفي مقدمتهم كهنة مردوخ، فعين قوروش ابنه قمبيز ملكاً على بابل.
كانت الدولة البابلية الحديثة آخر دول بلاد ما بين النهرين الوطنية في تاريخ المشرق العربي القديم. وكان عصرها على قصره (626-539 ق.م.) من أزهى عصورها السياسية والحضارية. وإن انتهى أثر بابل في التاريخ القديم في عام 539 ق.م. دولة مستقلة، وانتهى دور آشور في عام 612 ق.م.، فإن زوال أثرهما السياسي لم يستتبعه زوال تأثيرهما الحضاري في الشرق والغرب معاً.
الأسرة البابلية الحديثة
الأسرة البابلية الحادية عشر (البابلية الجديدة):
- نابو-أپلا-اوسر 626 – 605 ق.م.
- نبوخذ نصر الثاني 605 – 562 ق.م
- أمـِل-ماردوك 562 – 560 ق.م.
- نريگليسار 560 – 556 ق.م.
- لبشي مردوخ 556 ق.م.
- نبو نيد 556 – 539 ق.م
نبوخذ نصر 626 ق.م– 605 ق.م
امتدت الامبراطورية البابلية في عهد نبوخذ نصر إلى الحدود المصرية. كان لديها نظاماً ادارياً جيداً. بالرغم من أنه نبوخذ نصر كان يفرض ضرائب وجزية عالية من أجل إدامة جيوشه والاستمرار في مشاريع البناء، جعل نبوخذ نصر دولة بابل من أغنى الأراضي في غرب آسيا، في الوقت الذي كانت فيه فقيرة تحت الحكم الآشوري. كانت بابل أكبر مدن العالم المتحضر. استمر نبوخذ نصر بإدامة شبكة قنوات المياه وأنشأ العديد من القنوات الثانوية جاعلاً من الأرض أكثر خصوبة مما هي عليه. وازدهرت التجارة في عهده.
لقد فاقت فعاليات نبوخذ نصر الإنشائية كل فعاليات الملوك الاشوريين. لقد حصن جدران بابل المزدوجة مضيفاً جداراً ثالثاً خارج الجدار القديم. إضافة إلى ذلك فقد أقام جدارا آخر، هو الجدار المدياني إلى الشمال من المدينة بين نهري دجلة والفرات. حسب تقديرات الإغريق يمكن أن يكون هذا الجدار بارتفاع 100 قدم. ولقد وسع القصر القديم مضيفاً العديد من الأجنحة، بحيث أصبح للدوائر المركزية للامبراطورية مئات الغرف وقاعات داخلية كبيرة. ولقد زينت الجدران بالبلاطات الملونة المزججة والمنحوتات نصف البارزة. وأضيفت حدائق عرفت فيما بعد بحدائق بابل المعلقة. لا بد وأن هذه المشاريع تطلبت مئات الآلاف من العمال. وكانت المعابد غايات ذات إهتمام خاص، فلقد سخر نفسه أولاً وأخيراً لاكمال معبد اتيمينانكي "برج بابل". بدأ العمل بانشاء هذا المعبد في عهد نبو خذنصر الأول، حوالي 1110 ق.م. وكان كبناية أثرية لغاية حكم الملك الاشوري آسرحدون، والذي عاود البناء حوالي عام 680 ق.م. لكنه لم يكمل. استطاع نبوخذ نصر الثاني من إكمال البناء بأكمله. يمكن العثور على الأبعاد الحقيقية لمعبد اتيمينانكي في ألواح أساكيلا والتي عرفت منذ القرن التاسع عشر. أبعاد القاعدة حوالي 300 قدماً لكل جانب وبإرتفاع 300 قدماً أيضاً. هناك خمس مدرجات على شكل ممرات تحيط بالمعبد، وإن إرتفاع المعبد ككل كان ضعف بقية المعابد. إن الشارع العريض الذي كان يستخدم للمواكب كان يمر من الجهة الشرقية بالجدار الداخلي للمدينة متقاطعاً مع بوابة عشتار الكبيرة والتي تعرف عالمياً ببلاطاتها الملونة ومنحوتاتها نصف المجسمة. وبنى نبوخذ نصر العديد من المعابد الصغيرة في شتى أرجاء البلاد.
نبوخذ نصر الثاني 604 ق.م– 562 ق.م
سمى نبو بلاصر ابنه الكبير بنبوخذ نصر تيمناً بالملك الشهير للسلالة الثانية لاسن، ودربه بعناية لتولي العرش وشاركه في تحمل المسؤوليات. فعندما مات الأب في 605 ق.م. كان نبوخذ نصر مع جيشه في سوريا؛ حيث كان قد سحق المصريين قرب كارجيميش في معركة دامية قاسية وطاردهم الى الجنوب. عاد نبوخذ نصر فور تسلمه نبأ وفاة ابيه الى بابل. لا يذكر نبوخذ نصر في كتاباته على العديد من الأبنية، الا القليل عن حروبه الكثيرة؛ وكلها تنتهي بالصلوات. إن التسلسل البابلي للأحداث يمتد فقط للسنوات 605 – 594 ق.م.، ولا يعرف الكثير من مصادر أخرى عن السنوات الأخيرة لهذا الملك الشهير. كان يذهب غالباً الى سوريا وفلسطين، لطرد المصريين منها. عام 604 ق.م. احتل المدينة الفلسطينية أشكيلون. حاول في 601 ق.م. دفع المصريين إلى مصر لكنه أجبر على الانسحاب بعد معركة دامية غير محسومة من أجل إعادة تنظيم جيشه في بابل. أثر بعض الحملات التاديبية الصغيرة ضد العرب في سوريا، هاجم فلسطين في نهاية عام 598 ق.م. ثار جيهوياكيم ملك جودا مؤملاً على دعم من مصر. وحسب تسلسل الاحداث التاريخي فقد احتلت القدس في 16 مارس 597 ق.م. ومات الملك جيهوياكيم خلال الحصار، وتم سبي ابنه جيهوياجين مع 3000 من اليهود أسرى إلى بابل. تمت معاملتهم بصورة جيدة حسب الوثائق. وعين زيدكيا ملكاً جديداً. في عام 596 حين جاء الخطر من الشرق سار نبوخذ نصر الى نهر دجلة مجبراً العدو على الانسحاب. بعد سحق الثورة في بابل بطريقة دموية جهز حملة اخرى الى الغرب.
ثارت جودا ثانية في 589 ق.م. حسب العهد القديم، وتمت محاصرتها. سقطت المدينة في 587/586 ودمرت تماماً. وأخذ عدة آلاف من اليهود أسرى الى بابل، والحقت بلادهم كمقاطعة بالامبراطورية البابلية. ويذكر ان الاحتلال المصري كان سبب الثورة حيث تم التغلغل الى صيدون. وقام نبوخذنصر بمحاصرة صور لمدة 13 عاماً دون ان يتمكن من دخولها لعدم امتلاكه أسطولاً بحرياً. في 568/567 ق.م. عاود مهاجمة مصردونما نصر يذكر ولكن توقف المصريون منذ ذلك الوقت من مهاجمة فلسطين. عاش نبوخذ نصر بسلام مع دولة ميديا طول فترة حكمه وتوسط بينها وبين ليديا في حربهم 590 – 585 ق.م..
عامل-مردوخ 562 ق.م– 560 ق.م
نرگلسار 560 ق.م– 556 ق.م
لبشي-مردوخ 556 ق.م
آول مردوخ (والمسمى مردوخ الشرير في العهد القديم 561 – 560)، هو ابن نبوخذ نصر، لم يتمكن من نيل اسناد كهنة الاله مردوخ. لم يستمر حكمه طويلا، وسرعان ما ازيل. اما نسيبه وخلفه، نيركال شار اوشور (والمسمى نركيلصر في المصادر القديمة؛ 559-556)، فقد كان قائدا عسكريا قاد حملة في 557 في اراضي السلجوقيين الوعرة والتي كانت تحت سيطرة الميدين. كانت قطعاته الارضيه يسندها الاسطول . اما ابنه الاصغر لاباشي مردوخ فقد اغتيل بعيد ذلك بقليل، على ادعاء انه لم يكن يصلح لمنصبه.
نبو نيد 556 ق.م– 539 ق.م
آراميان نابونيدوس كان الملك التالي (نبو نايهه 556-539) من حران، احد اكثر الشخصيات ابهاما في العصر القديم. كانت امه "أداجوبه" ، كاهنة للاله سن في حران، جاءت الى بابل وتمكنت من تامين منصب مهم لابنها في القصر. ولقد كافأها اله القمر لطاعتها وتقواها بعمر مديد -- فلقد عاشت 103 سنوات – ودفنت في حران في 547 بكل حفاوة الملكة. ليس من المعروف اي الجهات المتنفذة تلك التي دعمت عرش نابونيدوس؛ قد تكون جهة مناوئة لكهنة مردوخ، والذي اصبح ذا سلطة عظيمة. غزا نابونيدوس سيليسيا في 555 وامن حصار حران، والتي كانت تحكم من قبل ميديا. ولقد وقع معاهدة دفاع مع الملك الميدي استياجيس ضد الفرس الذين اصبحوا خطرا متزايدا منذ 559 تحت حكم ملكهم سيروس الثاني. ولقد كرس جهده ايضا لتجديد العديد من المعابد، موليا اهتماما كبيرا بالكتابات القديمة. ولقد فضل الهه سين وكان له من بين كهنة الاله مردوخ اعداء اقوياء. لقد عثر من خلال الحفريات الحديثة على شضايا الواح فيها قصائد للدعاية كتبت ضد نابونيدوس واخرى معه.
ان المشاكل الداخلية والاقرار بان الشريط الضيق من الارض الممتد من الخليج الفارسي الى سوريا لا يمكن الدفاع عنه ضد هجوم رئيس من الشرق، دفع نابونيدوس الى ترك بابل في حدود 552 والعيش في تايما في شمال الجزيرة العربية. هناك قام بتنظيم مقاطعة عربية. اما ولي عهده في بابل فقد كان ابنه " بلشار اوسور"، "بلشصر" حسب كتاب دانيال في الانجيل. لقد حول سيروس هذا لصالحه بان ضم اليه ميديا في 550 . وبالمقابل تحالف نابونيدوس مع الملك الليدي كرويسوس من اجل محاربة سيروس. الا ان سيروس عند مهاجمته ليديا وضمها اليه في 546 لم يتمكن نابونيدوس من مساعدة كرويسوس. كان سيروس مستبشرا بالوقت. في عام 542 عاد نابونيدوس الى بابل حيث كان ابنه متمكنا من ادامة النظام في الامور الخارجية ولكنه لم يستطع من التغلب على المعارضة الداخلية المتزايدة ضد والده. ونتيجة لذلك، كانت حياة نابونيدوس العملية قصيرة بعد عودته، بالرغم من محاولته الحثيثة على كسب ود البابلين. وعين ابنته لتكون كاهنة للاله سن في اور، وبهذا عاد الى التقاليد الدينية السومرية-البابلية القديمة. كان كهنة مردوخ يتطلعون الى سيروس آملين اقامة علاقات معه افضل من تلك التي مع نابونيدوس؛ واعدين سيروس على تسليم بابل دون قتال ان هو منحهم حقوقهم بالمقابل. في عام 539 هاجم سيروس شمال الدولة البابلية بجيش كبير ملحقا بنابونيدوس الهزيمة، ودخل مدينة بابل دونما قتال. ولم تبد بقية المدن مقاومة ايضا. ولقد استسلم نابونيدوس واستلم مقاطعة صغيرة في شرق ايران. لقد خلطت المصادر بينه وبين سلفه العظيم نبوخذنصر الثاني. ويشير كتاب دانيال اليه في الانجيل نيبوخذريزار.
ان تقديم بابل بسلام الى سيروس حماها من ان يكون مصيرها مصير الدولة الاشورية. فقد اصبحت مقاطعة تحت حكم التاج الفارسي ولكنها احتفظت باستقلالها الثقافي. حتى الجزء الغربي من بابل المؤلف من خليط عرقي فقد استسلم دون مقاومة.
لقد انهك البابليون في 620 من الحكم الاشوري. ولقد تعبوا ايضا من الصراعات الداخلية. لذا فلقد كان من السهل اقناعهم لتقديم الطاعة للملوك الكلدانيين. فكانت النتيجة اندماج اجتماعي واقتصادي سريعين بشكل مدهش، ومما ساعد على ذلك انه بعد سقوط الدولة الاشورية، لم يعد هناك خطر خارجي يهدد الدولة البابلية لما يزيد عن 60 عاما. كانت المعابد في المدن جزءا مهما من الاقتصاد، فكانت لها فوائد شاسعة تحت امرتها. واستعادت طبقة رجال الاعمال قوتها، ليس في مجال التجارة فحسب بل في ادارة الزراعة في المناطق الحضرية. لقد ازدهرت تربية الحيوانات ( الاغنام والماعز والابقار والخيول) اضافة الى مزارع الدواجن. ان زراعة الذرة والتمور والخضراوات قد ازدادت اهميتها. ولقد بذل الكثير لتحسين المواصلات، بشقيها البري والمائي مع المقاطعات الغربية للامبراطورية. لقد كان لسقوط الامبراطورية الاشورية نتائج منها ان العديد من الروافد التجارية كانت قد عادت لتصب في بابل. ومن نتائجه الاخرى ان بابل اصبحت مركزا عالميا. ان الكميه الهائلة من مواد التوثيق والمراسلات التي امكن انقاذها لم يجر تحليلها بعد. لم يجر تطوير نظام قانوني او اداري جديدين خلال هذه الفترة. ولقد تحولت اللهجة البابلية تدريجيا الى الارامية؛ كانت لا تزال تكتب مبدئيا على الالواح الطينية مضافا اليها حروفا ارامية. لم تصمد الوثائق المكتوبة على البردي او الجلود . على عكس التطور في الميادين الاخرى فليس هناك دلائل تشير الى ابداع فني. ماعدا بعض الكتابات الملكية، وخاصة نابونيدوس، والتي لا يمكن مقارنتها من وجهة النظر الادبية بتلك التي عند الاشوريين، فان الجهد الرئيس كان منصبا على اعادة كتابة النصوص القديمة. اما في مجال الفنون الجميلة، فان بعض التماثيل الصغيرة فقط هي التي تشير الى اتجاهات جديدة.
الأخمينيون
انظر أيضاً
الهوامش
المصادر
- ^ Goetze 1964, p. 98.
- ^ أ ب Da Riva 2013, p. 72.
- ^ Black & Green 1992, p. 168.
- ^ Sawyer & Clines 1983, p. 41.
- ^ Talley Ornan, The Triumph of the Symbol: Pictorial Representation of Deities in Mesopotamia and the Biblical Image Ban (Göttingen: Academic Press Fribourg, 2005), 4 n. 6
- ^ ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.
وصلات خارجية
- A. Leo Oppenheim's Letters from Mesopotamia (1967), containing translations of several Neo-Babylonian letters (pages 183–195).
- Short description with empty Wikidata description
- Pages using infobox country or infobox former country with the flag caption or type parameters
- الامبراطورية البابلية الحديثة
- التاريخ القديم للعراق
- التاريخ القديم لإيران
- دول وأراضي تأسست في 626 ق.م.
- حضارة بابلية
- تاريخ العراق القديم
- الهلال الخصيب
- سوريا القديمة
- لبنان القديم
- تاريخ الكويت
