سورة التغابن

سورة 64
التغابن
At-Taghābun
Al-Taghābun
التنزيلمدنية
الجزءجزء 28. Qad samiʿa -llāhu
عدد السجدات2
عدد الآيات18
عدد الكلمات242
عدد الحروف1066


سورة التغابن هي سورة مدنية في قول الأكثرين، وقال الضحاك بن مزاحم: «مكية»، وقال الكلبي: هي مكية ومدنية، قال عبد الله بن عباس: «أن سورة التغابن نزلت بمكة إلا آيات من آخرها نزلت بالمدينة في عوف بن مالك الأشجعي».[1] وهي من المفصل، آياتها 18، وترتيبها في المصحف 64، في الجزء الثامن والعشرين، وهي من السور «المُسبِّحات» التي تبدأ بتسبيح الله، نزلت بعد سورة التحريم. والتغابن هو اسم من أسماء يوم القيامة في الإسلام.[2]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مواضيع السورة

تعنى سورة التغابن بالتشريع في المقام الأول، ولكن جوها جو السور المكية التي تعالج أصول العقيدة الإسلامية.


سبب النزول

قال عبد الله بن عباس: «كان الرجل يسلم فإذا أراد أن يهاجر منعه أهله وولده وقالوا ننشدك الله أن تذهب فتدع أهلك وعشيرتك وتصبر إلى المدينة بلا أهل ولا مال فمنهم من يرق لهم ويقيم ولا يهاجر فأنزل الله تعالى هذه الآية».

وعن إسماعيل بن أبي خالد قال كان الرجل يسلم فيلومه أهله وبنوه، فنزلت هذه الآية ﴿إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ ‌فَاحْذَرُوهُمْ [التغابن:14].

وقال عكرمة عن ابن عباس وهؤلاء الذي منعهم أهلهم عن الهجرة لما هاجروا ورأوا الناس قد فقهوا في وهؤلاء الذي منعهم أهلهم عن الهجرة لما هاجروا ورأوا الناس قد فقهوا في الدين هموا أن يعاقبوا أهليهم الذين منعوهم فأنزل الله تعالى ﴿وَإِنْ تَعْفُوا ‌وَتَصْفَحُوا ‌وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [التغابن:14].[3]


بين يدي السورة

يسبح لله ما في السموات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير (1) هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير (2) خلق السموات والأرض بالحق وصوركم فأحسن صوركم وإليه المصير (3) يعلم ما في السموات والأرض ويعلم ما تسرون وما تعلنون والله عليم بذات الصدور (4) ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم (5) ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد {التغابن:61}.

تفسير السورة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد فإن سورة التغابن سورة مدنية أشبه ما تكون بالسور المكية لاهتمامها بالعقيدة وأصول الدين، حتى قال بعض العلماء إنها مكية. استفتحت السورة بيان تسبيح من في السموات والأرض بحمد الله لأنه الخالق المالك للسموات والأرض وما فيهما. ثم حذّرت الكافرين من عاقبة الكفر الوخيمة، ولفتتْ أنظارَهم إلى مصارع الكافرين من قبلهم ليعتبروا بهم. ثم تحدثت عن البعث بعد الموت وردّت على منكريه، وبيّنت جزاء كلٍّ من المؤمنين والكافرين. كما بينت أن كل شيء بقضاء، وأن من يؤمن بقضاء الله يهد الله قلبه. وحذرت المؤمنين من الانشغال بأموالهم وأولادهم عن ذكر الله. ثم ختمت بأمرهم بتقوى الله، والسمع والطاعة، والإنفاق في سبيل الله مما رزقهم الله، ووعدتْهم إن أنفقوا أن يضاعف الله لهم الأجر يوم القيامة: يوم لا ينفع مال ولا بنون {الشعراء:88}. هذه السورة هي آخر المسبّحات، وقد مضى الكلام عن تسبيح الكائنات لبارئها ومالكها. وقوله تعالى: هو الذي خلقكم أى هو وحده، لا غيره، وهذه حقيقة، كان المشركون قديمًا مقرين بها، كما قال تعالى: ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله {الزخرف:87}، حتى نشأت ناشئةٌ من الملحدين الذين أنكروا وجود الله بالكليّة، وردوا نشأتهم إلى الطبيعة فسوف يعلمون (70) إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون (71) في الحميم ثم في النار يسجرون {غافر: 70 72}. هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن أى هو الخالق لكم على هذه الصفة، وأراد منكم ذلك، فلا بدّ من وجود مؤمن وكافر، والمقصود بهذه الإرادة؛ الإرادةُ الكونية القدرية، لا الإرادة الشرعية الدينية، والإرادة الكونية تتعلّق بالخلق والإيجاد، وأما الشرعية فإنها تتعلق بالأمر والنهي، وهذه التي تدل على الحب والكره، دون الأولى؛ فكل ما أمر الله به فهو يحبه، وإن لم تتعلق به الإرادة الكونية، وكلّ ما نهى عنه فهو يكرهه وإن تعلقت به الإرادة الكونية، فإنها أي الشرعية لا تتعلق إلا بما يحب، فإيمان المؤمن تعلقت به الإرادتان الشرعية والقدرية، وكفر الكافر تعلقت به الإرادة القدرية دون الشرعية، لأن الله لم يأمر بالكفر بل نهى عنه وتوعد عليه، قال تعالى: إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم {الزمر:7}. وقال تعالى: وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون (28) قل أمر ربي بالقسط {الأعراف: 28، 29}. وقال تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي {النحل: 90}. وقدم تعالى ذكر الكافرين لكثرتهم وقلّة المؤمنين، ولذا قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون {الأنعام: 116}. وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون {الرعد: 5}. ولذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله يقول لآدم يوم القيامة: "ابعث بعث النار من ذريّتك. فيقول يا ربّ كم؟ فيقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين" {متفق عليه، رواه خ (4741-441-8)، المجتمع (222-201-1)} فلا تغتر يا عبد الله بكثرة السالكين طريق الباطل، ولا تستوحش من طريق الحق وإن قل سالكوه. وقوله تعالى: والله بما تعملون بصير أي: وهو سبحانه بصير بمن يستحق الهداية ممن يستحق الضلال، وهو شهيد على أعمال عباده، وسيجزيهم بها أتم الجزاء. وقوله تعالى: خلق السموات والأرض بالحق أي بالعدل والحكمة، ولم يخلقْهما عبثا، كما قال تعالى: ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون {الدخان: 38، 39}. وكما قال تعالى: وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار {ص: 27}. وقوله تعالى: وصوركم فأحسن صوركم كقوله تعالى: يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم (6) الذي خلقك فسواك فعدلك (7) في أي صورة ما شاء ركبك {الانفطار: 6 8}. وقوله تعالى: الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين {غافر: 64}. وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يجر ثوبه فتبعه فقال: "ارفع إزارك" فكشف الرجل عن ركبتيه فقال: يا رسول الله إني أحنف وتصطك ركبتاي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "كل خلق الله عز وجل حسن". فالحمد لله الذي حسن خلقنا. وقوله تعالى: وإليه المصير أي المرجع والمآب، للحساب والجزاء، ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر {القيامة: 13}. فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره (7) ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره {الزلزلة: 7، 8}. ثم أخبر تعالى عن علمه الذي قد أحاط بكل شيء فقال: يعلم ما في السموات والأرض، كما قال تعالى: ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم {المجادلة: 7}. وكما قال تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين {الأنعام: 59}. وقوله تعالى: ويعلم ما تسرون وما تعلنون والله عليم بذات الصدور {التغابن:4}. كقوله تعالى: وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور {الملك: 13}. وقوله: ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور {هود: 5}. ثم لفت الله أنظار الكفار إلى مصارع الكافرين من قبلهم. ليعتبروا بهم، فيرجعوا عمّا هم عليه من الكفر، فقال تعالى: ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم كما قال تعالى: ألم تر كيف فعل ربك بعاد (6) إرم ذات العماد (7) التي لم يخلق مثلها في البلاد (8) وثمود الذين جابوا الصخر بالواد (9) وفرعون ذي الأوتاد (10) الذين طغوا في البلاد (11) فأكثروا فيها الفساد (12) فصب عليهم ربك سوط عذاب (13) إن ربك لبالمرصاد {الفجر: 6 14}. فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا {العنكبوت: 40}. فذاقوا وبال أمرهم أي وخيم تكذيبهم، ورديء أفعالهم، وهو ما حل بهم في الدنيا من العقوبة والخزي، ولهم عذاب أليم أي في الآخرة إن ربك لبالمرصاد كل ظالم، وكل طاغية فاعتبروا يا أولي الأبصار {الحشر:2}. وجملة ما أصابهم: ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات الواضحات والبراهين الثابتات، على أنهم رسل الله فقالوا أبشر يهدوننا لو شاء ربنا لأنزل ملائكة فإنا بما أرسلتم به كافرون {فصلت: 14}، فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد. كما قال تعالى: وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد (7) وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد {إبراهيم: 7، 8}. وفي الحديث القدسي: قال الله تعالى: "يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضَرّى فتضرّوني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني. يا بعادي؛ لو أنّ أوّلكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجلٍ واحدٍ منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئًا. يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ واحدٍ منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئًا" {مسلم (2677)}.

مرئيات

سورة التغابن بصوت حسن صالح.

المصادر

وصلات خارجية

الكلمات الدالة: