بلاد بابل

بابل Babylonia ܒܒܙܠ تعني (بوابة الإله) كان الفرس يطلقون عليها بابروش، دولة بلاد مابين النهرين القديمة. كانت تعرف قديما ببلاد سومر وبلاد سومر أكد وكانت تقع بين نهري دجلة والفرات جنوب بغداد بالعراق. فظهرت الحضارة البابلية ما بين القرنين 18ق.م. و6 ق.م. وكنت تقوم علي الزراعة وليس الصناعة. وكانت بابل دولة أسسها حمورابي الدولة البابلية عام 1763ق.م. وهزم آشور عام 1760 ق.م,،وأصدر قانونه (شريعة حمورابي) وفي عام 1600ق.م.[1]إستولي ملك الحيثيين مارسيليس علي بابل واستولي الآشوريون عليها عام 1240 ق.م. بمعاونة العلاميين. وظهر نبوخدنصر كملك لبابل (11245ق.م.- 1104 ق.م.) ودخلها الكلدان عام 721 ق.م.( ثم دمر الآشوريون مدينة بابل عام 689 ق.م. إلا أن البابليين قاموا بثورة ضد حكامهم الآشوريين عام 652 ق.م. وقاموا بغزو آشور عام 612 ق.م. واستولي نبوخدنصر الثاني علي أورشليم عام 578 ق.م. وسبي اليهود عام 586 ق.م. إلى بابل. وهزم الفينيقيين عام 585 ق.م. وبني حدائق بابل المعلقة. ثم إستولي الإمبراطور الفارسي قورش علي بابل عام 500 ق.م. وضمها لإمبراطوريته.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية

بوابة عشتار لمدينة بابل القديمة حاضرة الكلدان ، تاريخ عريق تضرب جذوره في عمق التاريخ ـ محفوظة في متحف برلين

إذا كان لنا أن نقترب أكثر من حضارة بابل القديمة ، فسنجد أن الحضارة كالحياة صراع دائم مع الموت ؛ وكما أن الحياة لا يتسنى لها أن تحتفظ بنفسها إلا إذا خرجت عن صورها البالية القديمة وإتخذت لها صوراً أخرى فتية جديدة ، فكذلك الحضارة تستطيع البقاء مزعزعة الأركان بتغيير موطنها ودمها. ولقد إنتقلت الحضارة من أوربا إلى بابل و يهوذا ، ومن بابل إلى نينوى ، ومن هذه كلها إلى برسيبوليس و سارديس و ميليتس ، ومن هذه الثلاثة الأخيرة و مصر و كريت ، إلى بلاد اليونان و روما. وما من أحد ينظر الآن إلى موقع مدينة بابل القديمة ثم يحظر بباله أن هذه البطاح الموحشة ذات الحر اللافح الممتدة على نهر الفرات كانت من قبل موطن حضارة غنية قوية كادت أن تكون هي الخالقة لعلم الفلك ، وكان لها فضل كبير في تقدم الطب ، وأنشأت علم اللغة وأعدت أول كتب القانون الكبرى ، وعلمت اليونان مبادئ الحساب ، وعلم الطبيعة والفلسفة ، وأمدت اليهود بالأساطير القديمة التي أورثها العالم ، ونقلت إلى العرب بعض المعارف العلمية والمعمارية التي أيقظوا بها روح أوربا من سباتها في العصر الوسيط. وإذا ما وقف الإنسان أمام دجلة والفرات الساكنين فإنه يتعذر عليه أن يعتقد أنهما النهران اللذان أرويا سومر و أكد وغذيا حدائق بابل المعلقة. [2]

والحق أنهما إلى حد ما ليسا هما النهرين القديمين ؛ وذلك لأن النهرين القديمين قد اختطا لهما من زمن بعيد مجريين جديدين ، "وقطعا بمناجلهما البيض شطآنا أخرى". وكان نهرا دجلة والفرات كما كان نهر النيل في مصر طريقاً تجارياً عظيماً يمتد آلاف الأميال ، وكانا في مجرييهما الأدنيين يفيضان كما يفيض نهر النيل في فصل الربيع ويساعدان الزراع على إخصاب الأرض. ذلك أن المطر لا يسقط في بلاد بابل إلا في أشهر الشتاء؛ أما فيما بين مايو ونوفمبر فإنه لا يسقط أبداً ؛ ولولا فيضان النهرين لكانت أرضهما جرداء كما كان الجزء الشمالي من أرض الجزيرة في الأيام القديمة وكما هو في مثل هذه الأيام. ولكن بلاد بابل قد أضحت بفضل ماء النهرين الغزير ، وكد الأهلين أجيالاً طوالاً ، جنة الساميين وحديقة بلاد آسيا القديمة وهُريها.

وكانت بابل من حيث تاريخها وجنس أهلها نتيجة امتزاج الأكديين والسومريين. فقد نشأ الجنس البابلي من تزاوج هاتين السلالتين ؛ وكانت الغلبة في السلالة الجديدة للأصل السامي الأكدي ، فقد إنتهت الحروب التي شبت بينهما بإنتصار أكد وتأسيس مدينة بابل لتكون حاضرة أرض الجزيرة السفلى بأجمعها.

منحوتة لوجه حمورابي على حجر الديوريت.

وتطل علينا من بداية هذا التاريخ شخصية قوية هي شخصية حمورابي (2123- 2081 ق.م) الفاتح المشرع الذي دام حكمه ثلاثاً وأربعين سنة. وتصوره الأختام والنقوش البدائية بعض التصوير ، فنستطيع في ضوئها أن نتخيله شاباً يفيض حماسة وعبقرية، ذو عاصفة هوجاء في الحرب ، يقلم أظافر الفتن ويقطع أوصال الأعداء، ويسير في شعاب الجبال الوعرة ، ولا يخسر في حياته واقعة ؛ وحد الدويلات المتحاربة المنتشرة في الوادي الأدنى ، ونشر لواء السلام على ربوعها وأقام فيها منار الأمن والنظام بفضل كتاب قوانينه التاريخي العظيم. وقد كُشف قانون حمورابي في أنقاض مدينة السوس في عام 1902م. ووجد هنا القانون منقوشاً نقشاً جميلاً على إسطوانة من حجر ديوريت نقلت من بابل إلى عيلام (حوالي عام 1100 ق.م) فيما نقل من مغانم الحرب ، وقيل عن هذه الشرائع أنها منزلة من السماء. فترى الملك على أحد أوجه الأسطوانة يتلقى القوانين من شمش إله الشمس نفسه. وتقول مقدمة القوانين:

ولما أن عهد أنو الأعلى ملك الأنونا كي وبِلْ رب السماء والأرض الذي يقرر مصير العالم ، لما أن عهد حكم بني الإنسان كلهم إلى مردوك ؛... ولما أن نطقا بإسم بابل الأعلى ، وأذاعا شهرتها في جميع أنحاء العالم ، وأقاما في وسطه مملكة خالدة أبد الدهر قواعدها ثابتة ثبات السماء والأرض - وفي ذلك الوقت ناداني أنو وبِل ، أنا حمورابي الأمير الأعلى ، عابد الآلهة ، لكي أنشر العدالة في العالم ، وأقضي على الأشرار والآثمين ؛ وأمنع الأقوياء أن يظلموا الضعفاء... وأنشر النور في الأرض وأرعى مصالح الخلق. أنا حمورابي ، أنا الذي إختاره ِبل حاكماً ، والذي جاء بالخير والوفرة ، والذي أتم كل شيء لنبور ودُريلو ،... والذي وهب الحياة لمدينة أرك ؛ والذي أمد سكانها بالماء الكثير ؛... والذي جمل مدينة بارسيا ؛... والذي خزن الحب لأوراش العظيم؛... والذي أعان شعبه في وقت المحنة ، وأمن الناس على أملاكهم في بابل ؛ حاكم الشعب ، الخادم الذي تسر أعماله أنونيت.

إن الألفاظ التي أكدناها نحن في هذه العبارة لذات نغمة حديثة ؛ وإن المرء ليتردد قبل أن يصدق أن قائلها حاكم شرقي "مستبد" عاش في عام 2100 ق.م ، أو أن يتوهم أن القوانين التي تمهد لها إستمدت أصولها من قوانين سومرية مضى عليها ستة آلاف عام. وهذا الأصل القديم مضافاً إلى الظروف التي كانت تسود بابل وقتئذ هي التي جعلت قانون حمورابي شريعة مركبة غير متجانسة. فهي تفتتح بتحية الآلهة ، ولكنها لا تحفل بها بعدئذ في ذلك التشريع الدستوري البعيد كل البعد عن الصبغة الدينية. وهي تمزج أرقى القوانين وأعظمها إستنارة بأقسى العقوبات وأشدها وحشية ، وتضع قانون النفس بالنفس والتحكيم الإلهي إلى جانب الإجراءات القضائية المحكمة والعمل الحصيف على الحد من إستبداد الأزواج بزوجاتهم. على أن هذه القوانين البالغة عدتها 285 قانوناً، والتي رتبت ترتيباً يكاد يكون هو الترتيب العلمي الحديث ، فقسمت إلى قوانين خاصة بالأملاك المنقولة ، وبالأملاك العقارية ، وبالتجارة ، والصناعة ، وبالأسرة ، وبالأضرار الجسمية ، وبالعمل ؛ نقول إن هذه القوانين تكون في مجموعها شريعة أكثر رقياً وأكثر تمديناً من شرعية أشور التي وضعت بعد أكثر من ألف عام من ذلك الوقت ، وهي من وجوه عدة "لا تقل رقياً عن شريعة أية دولة أوربية حديثة" ؛ وقلّ أن يجد الإنسان في تاريخ الشرائع كلها ألفاظاً أرق وأجمل من الألفاظ التي يختتم بها البابلي العظيم شريعته:

"إن الشرائع العادلة التي رفع منارها الملك الحكيم حمورابي والتي أقام بها في الأرض دعائم ثابتة وحكومة طاهرة صالحة... أنا الحاكم الحفيظ الأمين عليها ، في قلبي حملت أهل أرض سومر وأكد... وبحكمتي قيدتهم ، حتى لا يظلم الأقوياء الضعفاء، وحتى ينال العدالة اليتيم والأرملة... فليأت أي إنسان مظلوم له قضية أمام صورتي أنا ملك العدالة، ليقرأ النقش الذي على أثري ، وليلق باله إلى كلماتي الخطيرة! ولعل أثرى هذا يكون هادياً له في قضيته، ولعله يفهم منه حالته! ولعله يريح قلبه (فينادي): "حقا إن حمورابي حاكم كالوالد الحق لشعبه... لقد جاء بالرخاء إلى شعبه مدى الدهر كله ، وأقام في الأرض حكومة طاهرة صالحة ... ولعل الملك الذي يكون في الأرض فيما بعد وفي المستقبل يرعى ألفاظ العدالة التي نقشتها على أثرى"!. ولم يكن هذا التشريع الجامع إلا عملاً واحداً من أعمال حمورابي الكثيرة. فلقد أمر بحفر قناة كبيرة بين كش والخليج الفارسي أروَت مساحات واسعة من الأراضي، ووَقَتْ المدن الجنوبية ما كان ينتابها بسبب فيضانات نهر دجلة المخربة. ولقد وصل إلينا من عهده نقش آخر يفخر فيه بأنه أجرى في البلاد الماء (تلك المادة القيمة التي لا نقدرها اليوم والتي كانت في الأيام الماضية إحدى مواد الترف)، ونشر الأمن والحكم الصالح بين كثير من القبائل. وأنا لنستمع من ثنايا هذا النقش ومن بين عبارات الفخر (وهو خلة شريفة من خلال الشرقيين) صوت الحاكم الماهر والسياسي القدير. "لما وهب لي أنو ونليل (إلها أرك ونبور) بلاد سومر وأكد لأحكمها ، ووضعا في يدي هذا الصولجان ، حفرت قناة حمورابي- نخوش- ميشى (حمورابي المفيض- على- الشعب) التي تحمل الماء الغزير لأرض سومر وأكد. وحولت شاطئيها الممتدين على كلا الجانبين إلى أراضي زراعية؛ وجمعت أكداسا من الحب ، وسيرت الماء الذي لا ينضب إلى الأرضين ، وجمعت الأهلين المشتتين ، وهيأت لهم المرعى والماء وأمددتهم بالمراعي الموفورة وأسكنتهم مساكن آمنة.

وبلغ من حذق حمورابي أن خلع على سلطانه خلعة من رضاء الآلهة بالرغم من أن قوانينها كانت تمتاز بصبغتها الدنيوية غير الدينية. من ذلك أنه شاد المعابد كما شاد القلاع ، وإسترضى الكهنة بأن أقام لمردوك وزوجته (إلهي البلد القوميين) في مدينة بابل هيكلاً ضخماً ومخزناً واسعاً ليخزن فيه القمح للإلهين وللكهنة. وكانت هاتان الهديتان وأمثالهما في واقع الأمر بمثابة مال يستثمر أبرع إستثمار ، جنى منه ربحاً وفيراً هو الطاعة الممتزجة بالرهبة التي يقدمها إليه الشعب. وإستخدم ما حصل عليه من الضرائب في تدعيم سلطان القانون والنظام ، وإستخدم ما تبقى بعد ذلك في تجميل عاصمة ملكه ، فأنشأت القصور والهياكل في جميع نواحيها ، وأقيم جسر على نهر الفرات حتى تمتد المدينة على كلتا ضفتيه، وأخذت السفن التي لا يقل بحارتها عن تسعين رجلاً تمخر عباب النهر صاعدة فيه ونازلة ، وأضحت بابل قبل ميلاد المسيح بألفي عام من أغنى البلاد التي شهدها تاريخ العالم قديمه وحديثة. وكان البابليون ساميين في مظهرهم سود الشعر سمر البشرة ، رجالهم ملتحون ، ويضعون على رؤوسهم أحياناً شعراً مستعاراً وكانوا رجالاً ونساء على السواء يطيلون شعر رؤوسهم ، وحتى الرجال كانوا أحيانا يرسلون شعرهم في ضفائر تنوس على أكتافهم ، وكثيراً ما كان رجالهم ونساؤهم يتعطرون. وكان ثياب الجنسين المألوف مئزراً من نسيج الكتان الأبيض يغطي الجسم حتى القدمين ، ويترك إحدى كتفي المرأة عارياً ، ويزيد عليه الرجال دثاراً وعباءة، ولما زادت ثروة السكان تذوقوا حب الألوان ، فصبغوا أثوابهم باللون الأزرق فوق الأحمر أو بالأحمر فوق الأزرق، في صورة خطوط أو دوائر أو مربعات أو نقط. ولم يكونوا كالسومريين حفاة الأقدام بل إتخذوا لهم أخفافاً ذات أشكال حسنة ، وكان الذكور في عصر حمورابي يتعممون ، وكان النساء يتزين بالقلائد والأساور والتمائم، ويحلين شعرهن المصفف بعقود من الخرز. وكان الرجال يمسكون في أيديهم عصياً ذوات رؤوس منحوتة منقوشة، ويحملون في مناطقهم الأختام الجميلة الشكل التي كانوا يبصمون بها رسائلهم ووثائقهم. وكان كهنتهم يلبسون فوق رؤوسهم قلانس طويلة مخروطية الشكل ليخفوا بها صفتهم الآدمية. وزادت الثروة فأنتجت في بابل ما تنتجه في سائر بلاد العالم. ذلك أن من السنن التاريخية التي تكاد تنطبق على جميع العصور أن الثراء الذي يخلق المدنية هو نفسه الذي ينذر بإنحلالها وسقوطها. فالثراء يبعث الفن كما يبعث الخمول ؛ وهو يرقق أجسام الناس وطباعهم، ويمهد لهم طريق الدعة والنعيم والترف ، ويغري أصحاب السواعد القوية والبطون الجائعة بغزو البلاد ذات الثراء. وكان على الحدود الشرقية لهذه الدولة الجديدة قبيلة قوية من أهل الجبال هي قبيلة الكاشيين تحسد البابليين على ما أوتوا من ثروة ونعيم. فلم يمض على موت حمورابي إلا ثمان سنين حتى إجتاحت رجالها دولته، وعاثوا في أرضها فساداً يسلبون وينهبون ، ثم إرتدوا عنها، ثم شنوا عليها الغارة تلو الغارة ، وإستقروا آخر الأمر فيها فاتحين حاكمين ، وهذه هي الطريقة التي تنشأ بها عادة طبقة السراة في البلاد. ولم يكن هؤلاء الفاتحون من نسل الساميين ولعلهم كانوا من نسل جماعة المهاجرين الأوربيين جاءوا إلى موطنهم الأول في العصر الحجري الحديث ، ولم تكن غلبتهم على أهل بابل الساميين إلا حركة أخرى من حركات الهجوم والإرتداد التي طالما حدثت في غرب آسيا. وظلت بلاد بابل بعد هذا الغزو عدة قرون مسرحاً للإضطراب العنصري والفوضى السياسية اللذين وقفا في سبيل كل تقدم في العلوم والفنون. ولدينا صورة واضحة من هذا الإضطراب الخانق في رسائل تل العمارنة التي يستغيث فيها أقيال بابل وسوريا بمصر التي كانوا يؤدون إليها خراجا متواضعاً بعد إنتصارات تحتمس الثالث ، ويتوسلون إليها أن تمد إليهم يدها لتعينهم على الثوار والغزاة.

وفيها أيضاً يتجادلون في قيمة ما يتبادلونه من الهدايا مع أمنحوتب الثالث الذي يترفع عليهم، ومع إخناتون الذي أهملهم وإنهمك في غير شؤون الحكم . وأُخرج الكاشيون من أرض بابل بعد أن حكموها ما يقرب من ستة قرون إضطربت فيها أحوال البلاد وتمزقت ، كما إضطربت أحوال مصر وتمزقت في عهد الهكسوس. ودام الإضطراب بعد خروجهم أربعمائة عام أخرى حكم بابل في أثنائها حكام خاملون ليس في أسمائهم الطويلة إسم واحد جدير بالذكر . ودام عهدهم حتى قامت دولة أشور في الشمال فبسطت سيادتها على بابل وأخضعتها لملوك نينوى. ولما ثارت بابل على هذا الحكم دمرها سنحريب تدميراً لم يكد يبقى منها على شيء. ولكن عصر هدون ، المستبد الرحيم أعاد إليها رخائها وثقافتها. ولما قامت دولة الميديين وضعف الآشوريون إستعان نبوبولصر بالدولة الناشئة على تحرير بابل من حكم الآشوريين ، وأقام فيها أسرة حاكمة مستقلة. ولما مات خلفه في حكم الدولة البابلية الثانية إبنه نبوخد نصر الثاني الذي يسميه كتاب دانيال بالرجل الوغد حقداً عليه وإنتقاماً منه. وفي وسع المرء أن يستشف من خطبة نبوخد نصر الإفتتاحية لمردك كبير آلهة بابل مرامي الملك الشرقي وأخلاقه: "إني أحب طلعتك السامية كما أحب حياتي الثمينة! إني لم أختر لنفسي بيتا في المواطن كلها الواقعة خارج مدينة بابل ... ليت البيت الذي شدته يدوم إلى الأبد بأمرك أيها الإله الرحيم.

ولعلي أشبع ببهائه وجلاله، وأبلغ فيه الشيخوخة، ويكثر ولدي ، وتأتي إليَّ فيه الجزية من ملوك الأرض كلها ومن بني الإنسان أجمعين". وعاش هذا الملك حتى كاد يبلغ السن التي يطمع فيها؛ وكان أقوى ملوك الشرق الأدنى في زمانه وأعظم المحاربين والبنائين والحكام السياسيين من ملوك بابل كلهم لا نستثني منهم إلا حمورابي نفسه. هذا مع أنه كان أمياً ، ومع أن عقله لم يكن يخلو من خبال. ولما تآمرت مصر مع أشور لكي تخضع الثانية بابل إلى حكمها مرة أخرى ، التقى نبوخد نصر بالجيوش المصرية عند قرقميش (على نهر الفرات الأعلى) وكاد يبيدها عن آخرها. وسرعان ما وقعت فلسطين وسوريا في قبضته، وسيطر التجار البابليون على جميع مسالك التجارة التي كانت تعبر غرب آسية من الخليج الفارسي إلى البحر الأبيض المتوسط. وأنفق نبوخد نصر ما كان يفرضه على هذه التجارة من مكوس وما كان يجبيه من خراج البلاد الخاضعة لحكمه ، وما كان يدخل خزائنه من الضرائب المفروضة على شعبه- أنفق هذا كله في تجميل عاصمته وفي تخفيف نهم الكهنة: "أليست هذه بابل العظيمة التي بنيتها؟" وقاوم ما كان عساه أن تنزع إليه نفسه من أن يكون فاتحاً عظيماً فحسب. نعم إنه كان يخرج بين الفينة والفينة ليلقي على رعاياه درساً في فضائل الطاعة والخضوع ، ولكنه كان يصرف جل وقته في قصبة ملكه حتى جعل بابل عاصمة الشرق الأدنى كله بلا منازع ، وأكبر عواصم العالم القديم وأعظمها أبهة وفخامة.

وكان نبوبولصر قد وضع الخطط لإعادة بناء المدينة ، فلما جاء نبوخد نصر صرف سني حكمه الطويل التي بلغت ثلاثاً وأربعين في إتمام ما شرع فيه سلفه. وقد وصف هيرودوت بابل ، وكان قد زارها بعد قرن ونصف من ذلك الوقت ، بأنها "مقامة في سهل فسيح ، يحيط بها سور طوله ستة وخمسون ميلاً ، ويبلغ عرضه حداً تستطيع معه عربة تجرها أربعة جياد أن تجري في أعلاه ، ويضم مساحة تقرب من مائتي ميل مربع".

وكان يجري في وسط المدينة نهر الفرات يحف بشاطئيه النخيل وتنتقل فيه المتاجر رائحة غادية بلا إنقطاع ، ويصل شطريها جسر جميل. وكانت المباني الكبيرة كلها تقريبا من الآجر ، وذلك لندرة الحجر في أرض الجزيرة ، ولكن هذا الآجر كان يغطى في كثير من الأحيان بالقرميد المنقوش البرَّاق ذي اللون الأزرق أو الأصفر أو الأبيض المزيّن بصور الحيوان أو غيره من الصور البارزة المصقولة اللامعة ، ولا تزال تلك الصور حتى هذه الأيام من أحسن ما أخرجته الصناعة من نوعها. وكل آجرة من الآجر الذي إستخرج من موقع بابل القديم تحمل هذا النقش الذي يتباهى به الملك الفخور: "أنا نبوخد نصر ملك بابل". وكان أولَ ما يشاهده القادم إلى المدينة- صرح شامخ كالجبل يعلوه برج عظيم مدرج من سبع طبقات ، جدرانه من القرميد المنقوش البرَّاق ، يبلغ إرتفاعه 650 قدماً ، فوق ضريح يحتوي على مائدة كبيرة من الذهب المصمت وعلى سرير مزخرف تنام عليه كل ليلة إحدى النساء في إنتظار مشيئة الإله.

وأكبر الظن أن هذا الصرح الشامخ الذي كان أعلى من أهرام مصر ، وأعلى من جميع مباني العالم في كل العصور إلا أحدثها عهداً ، هو "برج بابل" الذي ورد ذكره في القصص العبري ، والذي أراد به أهل الأرض ممن لا يعرفون يهوه أن يظهروا به كبرياءهم ، فبلبل رب الجيوش ألسنتهم. وكان في أسفل الصرح هيكل عظيم لمردُك رب بابل وحاميها. ومن أسفل هذا المعبد تمتد المدينة نفسها من حوله يخترقها عدد قليل من الطرق الواسعة النيرة ، وكثير من القنوات والشوارع الضيقة الملتوية التي كانت بلا ريب تعج بالأسواق والحركة التجارية وبالغادين والرائحين. وكان يمتد بين الهياكل القائمة في المدينة طريق واسع مرصوف بالآجر المغطى بالأسفلت يعلوه بلاط من حجر الجير ومجمعات من الحجارة الحمراء تستطيع الآلهة أن تسير فيه دون أن تتلوث أقدامها. وكان على جانبي هذا الطريق الواسع جدران من القرميد الملوّن تبرز منها تماثيل لمائة وعشرين أسداً مطلية بالألوان الزاهية تزمجر لترهب الكفرة فلا يقتربوا من هذا الطريق. وكان في أحد طرفيه مدخل فخم هو باب إستير ، ذو فتحتين من القرميد الزاهي المتألق ، وتزينه نقوش تمثل أزهارا وحيوانات جميلة الشكل زاهية اللون ، يخيل إلى الناظر أنها تسري فيها الحياة. وكان على بعد ستمائة ياردة من برج بابل وإلى شماله ربوة تسمى القصر شاد عليها نبوخد نصر أروع بيت من بيوته. ويقوم في وسط هذا البناء مسكنه الرئيسي ذو الجدران الجميلة المشيدة من الآجر الأصفر ، والأرض المفروشة بالخرسان الأبيض والمبرقش ، تزين سطوحها نقوش بارزة واضحة زرقاء اللون ، مصقولة براقة ، وتحرس مدخله آساد ضخمة من حجر البازلت. وكان بالقرب من هذه الربوة حدائق بابل المعلقة الذائعة الصيت التي كان يعدها اليونان إحدى عجائب العالم السبع ، مقامة على أساطين مستديرة متتالية كل طبقة منها فوق طبقة. وكان سبب إنشائها أن نبوخد نصر تزوج بإبنة سياخر (سيكسارس) ملك الميديين ، ولم تكن هذه الأميرة قد إعتادت على شمس بابل الحارة وثراها ، فعاودها الحنين إلى خضرة بلادها الجبلية ، ودفعت الشهامة والمروءة نبوخد نصر فأنشأ لها هذه الحدائق العجيبة، وغطى سطحها الأعلى بطبقة من الغرين الخصيب يبلغ سمكها جملة أقدام ، لا تتسع للأزهار والنباتات المختلفة ولا تسمح بتغذيتها فحسب ، بل تتسع أيضاً لأكبر الأشجار وأطولها جذوراً وتكفي تربتها لغذائها. وكانت المياه ترفع من نهر الفرات إلى أعلى طبقة في الحديقة بآلات مائية مخبأة في الأساطين تتناوب إدارتها طوائف من الرقيق. وفوق هذا السطح الأعلى الذي يرتفع عن الأرض خمساً وسبعين قدماً كان نساء القصر يمشين غير محجبات آمنات من أعين السوقة، تحيط بهن النباتات الغريبة والأزهار العطرة ، ومن تحتهن في السهول وفي الشوارع كان السوقة من رجال ونساء يحرثون وينسجون ، ويبنون ، ويحملون الأثقال ، ويلدون أبناء وبنات يخلفونهم في عملهم بعدم موتهم.


الفترات

الفترة القديمة قبل البابلية

اتساع الامبراطورية البابلية في بدايتها وفي نهاية عهد حمورابي.

ترقى أقدم آثار الاستيطان البشري في بابل إلى الألف الثالث قبل الميلاد، حيث عاش السومريون هناك في قرية صغيرة تحولت مع الزمن إلى مدينة، وقد بنى فيها الملك الأكدي شركالي شري (2223-2198ق.م) معبداً للإلهة عشتار، وبقيت مدينة مغمورة في عصر سلالة أور الثالثة، غير أنها أخذت بالتحول إلى مدينة ذات مكانة مهمة مع وصول القبائل البدوية الأمورية إلى بلاد الرافدين في موجاتٍ قادمة من جهة الغرب (بادية الشام) في بدايات الألف الثاني قبل الميلاد وتأسيسها سلالات حاكمة في كثير من المدن مثل «لارسا» و«أشنونة» و«إيسن» و«بابل» التي أسس فيها الأمير الأموري سَموآبو (سوموأبوم) (1894-1881ق.م) Sumuabum مملكة قوية توالى على حكمها أولاده وأحفاده من بعده.

الأسرة الأولى، حكم العموريين 1894 ق.م-1585 ق.م

وقد انحصر اهتمام ملوك هذه المملكة البابلية القديمة بتوسيع منطقة نفوذهم في وسط بلاد الرافدين وبإقامة بعض الأبنية ولاسيما الدينية منها كمعبد الإله مردوخ، وبتشييد التحصينات والأسوار وتدعيمها لحماية المدينة من الاعتداءات الخارجية. وكان من أشهر ملوكهم سادسهم حمورابي (1792-1750ق.م) الذي استطاع التغلب على جميع خصومه من ملوك الممالك المجاورة (لارسا وماري وأشنونة(، وبسط سلطته على بلاد الرافدين كلها منهياً بذلك حقبة طويلة من الانقسام والفرقة امتدت منذ أواخر العصر الأكدي. ونتيجة لشهرة بابل في تلك الحقبة صار القسم الجنوبي من بلاد الرافدين يسمى بلاد بابل نسبة إليها.

الحكم الكيشي

اتساع الامبراطورية البابلية في عهد الكيشيين.

وبقيت مملكة بابل هذه قائمة حتى عام 1595ق.م حين سقطت بيد الحثيين الذين انسحبوا منها بعد نهبها واستولى على السلطة جماعات هندية ـ أوربية عرفت باسم الكاشيين الذين حكموا بلاد بابل حتى منتصف القرن الثاني عشر قبل الميلاد وكان ملوك بابل الكيشيين يرسلون الجزية لمصر في عهد تحتمس الثالث لكنهم تمتعو بعلاقات طيبه مع ملوك مصر من بعد تحتمس ويوجد مراسلات بينهم يصف فيها ملك بابل كادشمان إنليل ملك مصر بلفظ (اخي) مما يوكد انهم كانو علي علاقات طيبه مع المصريين. ونتيجة للضعف الذي عانته بابل في أواخر العصر الكاشي استطاع العيلاميون عام 1160ق.م احتلالها ونهب كنوزها. وبعد ذلك بمدة قصيرة (1137ق.م) قامت سلالة حاكمة في مدينة إيسن Isin (سلالة إيسن الثانية) استطاعت أن تقود المقاومة في وجه العيلاميين وتحرر بلاد بابل كلها من احتلالهم. واشتهر من هذه السلالة نبوخذ نصر الأول (1124-1103ق.م) الذي قام بحملتين ناجحتين على عيلام، لكن خلفاءه من بعده لم يستطيعوا الحفاظ طويلاً على قوة بابل فخضعت في العهود اللاحقة لسيادة ملوك آشور، وتعرضت عام 689ق.م للتخريب والتدمير على يد سنحاريب نتيجة ثورتها عليه. غير أن ابنه وخليفته أسر حدون أعاد بناءها استرضاءً لأهلها ولكون أمه بابلية.

عادت بابل إلى الظهور مرة أخرى في أواخر القرن السابع قبل الميلاد عاصمة امبراطورية كبيرة شملت بلاد الرافدين وبلاد الشام وقوة عظمى لها وزنها في تقرير سير الأحداث في الشرق القديم. وقد أحرزت هذه المكانة بعد أن تمكن نابوبولاصَر Nabupolassar من السيطرة على تلك المنطقة وتنصيب نفسه ملكاً في بابل عام 625ق.م. وبعد أن استتب له الأمر هناك دخل في تحالف مع الميديين كان من نتائجه القضاء على الامبراطورية الآشورية الحديثة.


العصر الحديدي المبكر

الحكم الأشوري

الامبراطورة البابلية الحديثة (الفترة الكلدانية)

أقام الكلدانيون ـ وهم إحدى القبائل الآرامية ـ في جنوبي العراق منذ أواخر العصر الكاشي، وكوّنوا إمارات عدة، كانت أكبرها إمارة بيت داكورين وبيت ياقين، وبيت نافو، في المنطقة الواقعة إلى الشمال من الخليج العربي. وسيطرت قبائل آرامية أخرى على المنطقة الممتدة بين مدينة بابل وبورسيبا.

أسس الحكم البابلي الجديد كلداني يدعى نابوبولاصَر (626-605ق.م). وكان هذا حاكماً عيّنه الملك الآشوري على منطقة القطر البحري المتاخمة للخليج العربي، ثم ما لبث أن وسع منطقة نفوذه بعد موت آشور بانيبال باتجاه الشمال حتى وصل إلى مدينة نيبور. ولمَّا لمس ضعف آشور تجرأ على دخول مدينة بابل وإعلان نفسه ملكاً عليها. وبعد عشر سنوات هاجم الآشوريين عند نهر الزاب الأسفل ودحرهم، ثم حاصر مدينة آشور في العام 616ق.م وارتد عنها. ولكن ظهور الميديين (الإيرانيين) ونمو قوتهم مكّنه وإياهم من القضاء على الآشوريين وإسقاط عاصمتهم نينوى في العام 612ق.م. ثم تمت السيطرة الكاملة على سورية على يد ولي العهد نبوخذ نصّر الذي قهر الجيش المصري الذي أرسله الفرعون نيكاو الثاني إلى كركميش (جرابلس اليوم) للوقوف في وجه التوسع البابلي في عام 605ق.م، وهو العام الذي مات فيه نابوبولاصر، وجلس فيه نبوخذ نصّر الثاني (605-562ق.م) على عرش بابل، ولكن المصريين وإن تكبدوا خسائر جسيمة في معركة كركميش لم يتوقفوا عن محاولة العودة إلى سورية. فكانوا يستعدون الحكام السوريين على البابليين، ومن بينهم أمير عسقلان في فلسطين الذي عاقبه نبوخذ نصّر ونهب مدينته عام 604ق.م، ثم قرر بعد ثلاث سنوات مهاجمة مصر نفسها. ثم عاد إلى فلسطين من جديد لمهاجمة القبائل البدوية التي كانت موالية لمصر التي زاد شكه في نواياها حين تيقن من تفاهم جرى بين فرعونها وبين ملك يهوذا. فحاصر نبوخذ نصّر أورشليم حتى سقطت بيده عام 597ق.م. واقتاد معه إلى بابل نحو 3000 يهودي أسرى، وعين عليها «صدقياً» والياً. وكان ذلك عند اليهود السبي البابلي الأول. ثم عاد نبوخذ نصر فغزا أورشليم واقتحمها بعد أن حاصرها 18 شهراً في عام 587/586ق.م، ودمر هيكل سليمان ونقل خزائنه، ونفى أربعين أو خمسين ألفاً من أهلها «لينوحوا عند مياه الفرات» بحسب قول كتاب العهد القديم. وأطلق اليهود على هذا اسم «السبي البابلي الثاني». وبعدها أعاد المدن الفينيقية التي استغلت الأوضاع وأعلنت العصيان إلى حظيرة الدولة البابلية، ولكن صور المنيعة استعصت عليه 13 عاماً حتى صالحته ورضيت شروطه.

كان الملك البابلي نبوخذ نصّر الثاني من الملوك القلائل الذين جمعوا بين الكفاءة الإدارية والبراعة في قيادة الجيش. كما كان يتمتع بحس فني ومعماري رفيع. ويشهد على ذلك إعادته مدينة بابل إلى مكانتها الرائدة في العالم القديم التي كانت قد وصلت إليها في عهد سلفه حمورابي. فأمست أشهر مدن العالم القديم نتيجة إنجازاته وما خلف فيها من المعالم الحضارية، ما خلد اسمها.

حكم نبوخذ نصّر الثاني نحو 43 عاماً، وهي مدة تعادل قرابة نصف حكم الأسرة الكلدانية، إذ خلفه على العرش ابن له، ثم توالى بعده اثنان من الملوك وخلفهما الملك نابونيد (555- 539ق.م) الذي وصل إلى الحكم عن طريق الانقلاب، وكان خاتمة المطاف للسيادة البابلية في تاريخ المشرق العربي القديم.

كان نابونيد من كبار رجال الدولة في عهد نبوخذ نصر الثاني، وكان يتميز بمحاباته لإله القمر «سين» الذي كانت والدته كاهنة له، فغرست في نفسه تقديم عبادته على غيره من الآلهة، ولاسيما رئيس الآلهة البابلية مردوخ. فجرّ هذا عليه سخط الناس وكهنة مردوخ. بدأ نابونيد حياته السياسية بالسير على خطا نبوخذ نصّر في قيادة الجيش وتفقد أقاليم المملكة، ومطاردة القبائل العربية في شمال غربي الجزيرة العربية، وعين ابنه نائباً له. فأساء الابن التصرف ولاسيما بتدخله في شؤون المعابد وأملاكها، بينما فضَّل هو المكوث في مدينة تيماء في شمال غربي الجزيرة العربية، لأسباب مجهولة مدة تقارب العشر سنوات بعيداً عن العاصمة بابل. ولمَّا شعر نابونيد بالخطر الفارسي، عاد إلى العاصمة التي كان أهلها ساخطين عليه وعلى ابنه، وكانت تعاني أوضاعاً اقتصادية متردية واضطرابات سهَّلت على ملك الفرس قوروش الثاني دخول البلاد في العام 539ق.م من دون مقاومة، إذ استقبله الأهالي بالترحيب، وفي مقدمتهم كهنة مردوخ، فعين قوروش ابنه قمبيز ملكاً على بابل.

كانت الدولة البابلية الحديثة آخر دول بلاد ما بين النهرين الوطنية في تاريخ المشرق العربي القديم. وكان عصرها على قصره (626-539ق.م) من أزهى عصورها السياسية والحضارية. وإن انتهى أثر بابل في التاريخ القديم في عام 539ق.م دولة مستقلة، وانتهى دور آشور في عام 612ق.م، فإن زوال أثرهما السياسي لم يستتبعه زوال تأثيرهما الحضاري في الشرق والغرب معاً.


بابل الفارسية

بلغت المملكة البابلية الحديثة (أو الكلدانية) أوج قوتها وازدهارها في عهد ابنه نبوخذ نصّر الثاني (605-562ق.م) الذي أنشأ كثيراً من الأبنية في بابل مثل برج بابل (زقورة الإله مردوخ) وشارع المواكب وبوابة عشتار وحدائق بابل المعلقة وبعض القصور والمعابد. ولكن مع عظمة بابل وازدهارها فإن قوتها أخذت تتراجع في عهد خلفاء نبوخذ نصّر الثاني إلى أن سقطت في عهد نابونيد Nabunid آخر ملوكها (555-539ق.م) بيد قورش الثاني ملك الفرس الذي حافظ عليها من التخريب والنهب وأمَّن سكانها على حياتهم مكافأة لهم على عدم مقاومتهم له وعلى فتحهم أبواب مدينتهم لجيوشه. وكان مرد ذلك كرههم ملكهم الذي حاول إحلال عبادة إله القمر سين محل عبادة الإله مردوخ معبودهم الرئيس. وصارت بابل مركز الولاية التاسعة وإحدى العواصم الثلاث للامبراطورية الفارسية الأخمينية العالمية التي امتدت من آسيا الصغرى حتى وادي السند، وكان يحكم فيها الملوك الأخمينيون عدة أشهر في السنة. ولما تولى داريوس الأول الحكم ثارت عليه بابل مرتين (522 و521ق.م) في محاولة للتخلص من الحكم الأجنبي واسترداد حريتها، غير أن هذه المحاولة باءت بالإخفاق. وفي عام 482ق.م ثارت مرة أخرى على إحشويرش Xerxes الذي انتقم منها بهدم أسوارها ومعابدها وزقورتها.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

السقوط

وفي عام 331ق.م احتل الاسكندر المقدوني بابل، فحياه سكانها بوصفه محرراً لهم من الفرس واعترفوا بحكمه. وفي محاولة منه لكسب ودهم قدَّم الأضاحي لمردوخ وأمر بإعادة بناء المعابد التي هدمها إحشويرش ووضع المخطط لإعادة بناء الزقورة وإقامة ميناء على الفرات لربط المدينة بالخليج العربي. وإدراكاً منه لأهمية بابل التاريخية والحضارية أراد أن يجعلها عاصمة لامبراطوريته العالمية، لكن المنية وافته قبل تحقيق خططه إذ توفي فيها عام 323ق.م.

فقدت بابل في المراحل اللاحقة أهميتها بعد تأسيس سلوقس الأول عام 300ق.م مدينة سلوقية (نحو 90كم شمال بابل على نهر دجلة) واتخاذها عاصمة له، فانتقل قسم من سكان بابل إليها وتحولت الطرق التجارية إلى المدينة الجديدة، ولم يأت القرن الأول الميلادي حتى تحولت بابل إلى مدينة مهجورة.

النظام السياسي والإداري

عرف البابليون نظام الحكم الملكي الوراثي، إذ كان يخلف الابن أباه في الحكم، ونادراً ما كان الملوك يمتلكون السيادة المطلقة. ومع ادعائهم أن الآلهة هي التي اختارتهم لحكم البلاد، وفوضت إليهم التصرف في شؤون الرعية، فلم يؤلهوا أنفسهم، كما فعل غيرهم.

وكان للملك أن يقرر للموظفين الكبار في القصر حدود المهام التي يوكلها إليهم. وأن يكلفهم العمل ضباطاً أيام الحرب. ولم يكن الملك يحمل ألقاباً فضفاضة مثل ملك الجهات الأربع التي كانت شائعة في المملكة الأكدية، بل كانوا يكتفون بلقب «الملك الكبير»، «الملك القوي»، كما أطلق حمورابي على نفسه لقب «الراعي الوالد». وكان القصر الملكي يكون المركز الإداري إلى جانب المعبد. وكان الوزير (سوكَلّو) يساعد الملك، والمحافظ (أو الحاكم/الوالي) (ربيانون) rabiianum، أي الكبير، يدير الأقاليم والمقاطعات باسم الملك. ثم شاعت تسمية (خَزْيانُم/خَزَنّمُ) له. وكان من الواجب على مختلف موظفي الإدارة أن يكونوا ضليعين في الكتابة، ولذلك كثيراً ما كان يشار إليهم بصفة «الكتّاب» (طبُشَروّ) Tubxharru أيضاً، مع مجالات عملهم ومن أهمها: إدارة شؤون الزراعة الخاصة بالقصر والمعبد. كما كان يجب عليهم قياس الأراضي لأصحاب الأملاك أو المزارعين المستأجرين، ومراقبة شؤون تربية الحيوان والصيد. وكان ثمة موظفون مسؤولون عن تنظيم القنوات المائية الرئيسة وصيانتها، وإقامة الحواجز والسدود على الأنهار، أما أمر تحصيل الضرائب والرسوم المختلفة من التجار وأصحاب المهن المختلفة فكانت تقع على مسؤولية الجباة makisu (ماكِسُ).


الاقتصاد

الزراعة

كانت الزارعة في بلاد بابل تتطلب، مع توافر المياه من نهري دجلة والفرات، عملاً مضنياً وتنظيماً دقيقاً، ولكنها كانت تثمر غلالاً وفرة، فكان من الضروري شق القنوات لإيصال المياه إلى الحقول، وكانت مسؤولية القنوات الرئيسة تلقى على كاهل الدولة. أما المزارعون فهم الذين يتولون القنوات الصغيرة الثانوية والعناية بها. وكان المألوف أن تبذر المحاصيل في أواخر الخريف وتحصد في نهاية الربيع. وكانت الغلال تحصد بالمناجل. ويبدو أن البابليين كانوا يستخدمون النورج للدراس، ثم يقومون بعملية التذرية، وبعدها بتخزين المحصول في أهراء قريبة من الحقول.

أما المحاصيل فكانت من القمح والشعير، والعدس، والحمص، والكتان، والسمسم، والبازلياء والشوفان والدّخْن والجلّبان. وكان الشعير يحتل المقام الأول من حيث الاستخدام البشري. فكانوا يصنعون منه الخبز والطحين والجعة (البيرة). واستخرج البابليون الزيت من السمسم لفقر بلادهم بأشجار الزيتون، وصنعوا الأنسجة من الكتان. وكان تمر النخيل من أكثر المواد الغذائية أهمية، كما كان لخشب النخيل استخدامات مختلفة في مجال البناء مع سوء نوعيتها. ومن أشجار الفاكهة المعروفة التين والرمان والتفاح، ولم تكن الحمضيات معروفة في بابل. وكثيراً ما استخدم البابليون النباتات والأعشاب للتداوي.

كما كانت تربية الحيوان شائعة عند البابليين. فكان الكلب من أقدم الحيوانات المنزلية لكثرة فوائده في الحماية والصيد. كما اعتنى البابليون بتربية القطط المنزلية. واستعان البابليون بالحمار وورد ذكر البغل أيضاً في الكتابات البابلية، أما الحصان فقد تأخر ظهوره في بلاد بابل، ومثله الجمل. كما اعتنى البابليون بتربية البقر والغنم والماعز والخنزير. ونجد في المشاهد التصويرية رسوماً كثيرة للثيران، وكان الثور رمزاً لإله القمر، ونلاحظ أن الملوك كانوا يلقبون أنفسهم باللقب الإلهي «الثور» إشارة إلى القوة. كما كان راعي الأغنام النموذج الحقيقي للرعاة ولقب «الراعي» اتخذه كثير من الملوك لأنفسهم.

وإلى جانب الدواب كان البابليون يعنون بتربية الطيور مثل الإوز والبط، وكذلك الدجاج والنعام والحمام.

المهن والحرف

أطلق البابليون، ومعهم الآشوريون والأكديون من قبلهم لفظة ummanutu (أومّانوتو) على الحرف اليدوية، ولفظة أومّيا/أومّانو على معلم الحرفة. وكان الغزل والنسيج، والخياطة والتطريز من أهم الحرف التي اختصت بها النساء. وثمة شواهد تشير إلى صنع أثواب ثمينة للملوك وكبار الكهنة وغيرهم. وكانت مادة الخياطة والنسيج الصوف والكتان. وقد عرف البابليون، مثل خلفائهم، الأقمشة الملونة وصباغتها بوساطة الشب والقرمز. وقد شاع استخدام الأنوال في النسيج. وكان ثمة حِرَف أخرى متميزة كحرفة صانعي الأكياس والسجاد. وتعد نصوص ماري البابلية القديمة ونصوص نوزي أغنى النصوص من حيث المعلومات المتصلة بصناعة السجاد. ويبدو أن صناعة المنسوجات كانت مجال عمل لكثير من الناس في كل العصور، ومن ثم مجالاً اقتصادياً ذا أهمية متميزة. ولا شك أن فراء الحيوانات المختلفة كان يوفر أقدم الثياب للإنسان، وقد استخدم بعضها في صنع الأحذية. ومن أكثر الحيوانات التي استفاد الناس من جلودها البقر، والماعز. وكان للجلد استخدام قليل للكتابة عليه. وكان القصب يستخدم في صناعة السلال وأعواد السهام والرماح، وفي بناء القوارب والمراكب النهرية، وصناعة الأبواب البسيطة والأثاث المنزلي، وفي بناء الأكواخ وتغطية أرضيات المنازل والحظائر في الريف، وكانت طبقات من الحصر القصبية تستخدم في بناء الأبنية الضخمة كالمعابد البرجية (الزقورة).

كانت الأخشاب قليلة في بلاد بابل، لذلك نجد البابليين كالمصريين يحاولون الوصول إلى الجبال المحاذية لشرقي البحر المتوسط لجلب الأخشاب الجيدة منها. وتذكر المعجمات البابلية عدداً كبيراً من الأدوات الخشبية التي كان البابليون يستخدمونها في الأعمال المختلفة، وفي صنع الأثاث المنزلي، وكان للنجار أثر كبير في بناء البيوت والمعابد والقصور، والمراكب النهرية والعربات ذات العجلات الخشبية.

وكانت حرفة الفخّار شائعة لدى البابليين، لأهمية صناعة اللِبْن في البناء، وفي عمل الألواح الطينية (الرُّقم) للكتابة عليها، وفي صناعة الأواني والدّمى والأعمال الفنية الأخرى. وكذلك الحجّار الذي كان بحاجة إلى الأحجار والصخور التي كانت تجلب من المناطق الجبلية الآسيوية من زاغروس وإيران وآسيا الصغرى، وسورية، للبناء وصنع الأدوات الحجرية، وفي النحت الفني.

أما الحرف المعدنية فكان العامل فيها يذكر في النصوص بلفظة نباخو nappakhu أي الحداد، نَفّاخ الكور الخاص بصهر المعادن. وكان النحاس والبرونز من أكثر المعادن استخداماً في صناعة الأسلحة والأدوات. وكان هناك صائغ الذهب والأدوات الثمينة من الفضة والمعادن الأخرى.

التجارة

وتعني بمعناها الواسع مبادلة البضائع بشتى أنواعها، ومن بينها البشر (العبيد) والعقارات، سواء على المستوى المحلي، أو الخارجي. وثمة نصوص اتفاقات تجارية، وقوائم جرد للبضائع، ومراسلات تجارية وصلت إلينا منها آلاف من بلاد بابل.

وكانت معظم النصوص التجارية تُوَثّق. وقد شاع في بلاد بابل الفقيرة بالمعادن اعتماد الحبوب خاصة مادةً للمقايضة، كما شاع استخدام الأغنام وسيلة لتقدير ثمن البضائع أيضاً. ثم حلت المعادن، ولاسيما النحاس والفضة محل المقايضة. وكانت الدولة تعقد الاتفاقيات التجارية مع جيرانها، وتحرص على فتح الطرق وحمايتها والسيطرة عليها، وتسيير القوافل التجارية التي تعتمد على الحمير وسيلة للانتقال. وكان التاجر (تمكارو) Tamkaru يقوم بوظيفة رئيسة في المجتمع البابلي: مشترياً وبائعاً بالجملة والمفرق، ممولاً ومستثمراً وبديلاً عن المصارف. أما البضائع التي كانت تصدر من بلاد بابل فهي الحبوب بأنواعها، والتمور والأدوات المصنعة والمنسوجات. وكانت تستورد المواد المعدنية الخام من إيران وسورية وآسيا الصغرى، وزيت الزيتون والنبيذ والأخشاب من سورية. كما كانت تجارة العبيد رائجة عند البابليين، وكان معظمهم من إيران، في عصر حمورابي.


الحياة الاجتماعية

كانت الأسرة في كل أرجاء المشرق العربي القديم مبنية على سلطة الأب، ولكن حقوق الأب لم تكن مطلقة. ولم يكن تعدد الزوجات مقبولاً ولا مسموحاً به إلا في الحالات النادرة، ولاسيما إذا كانت المرأة عاقراً، أو تعاني مرضاً عضالاً. وعلى الزوج أن ينفق عليها إذا أرادت البقاء عنده، وإلا فعليه أن يدفع بائنتها كاملة، وإذا كانت ذات ولد كان على الزوج أن يدفع لها كذلك نصف أملاكه. وكانت الزوجة تتمتع بمكانة اجتماعية مساوية للرجل، وتحظى بحق العمل، ولكن بعد أخذ موافقته. وكان الأولاد الذكور مفضلين على الإناث، وللبكر مزايا خاصة، وكان نظام التبني واسع النطاق عند البابليين.

أما طبقات المجتمع البابلي فكانت ثلاثاً:

1ـ الأحرار، وهم مواطنو المدن والفلاحون والرعاة.

2ـ طبقة (الموشكينو) mushkenu وهؤلاء يمثلون الطبقة الوسطى، وهم أقرب إلى طبقة الأحرار من الناحية الاجتماعية، وأشبه بوضع الموالي في العصر الجاهلي وفي صدر الإسلام عند العرب.

3ـ طبقة العبيد، وهؤلاء يخصون دائماً أفراداً معينين أو المعابد. كان يمكن للعبد أن يمارس التجارة بموافقة سيده وله علامة وهي حلاقة نصف الرأس حتى لا يهرب، وإذا هرب توجب على الموظفين القبض عليه وإعادته إلى مالكه. ويعود أصل الكثيرين من العبيد إلى أسرى الحروب وسباياها. وكان بإمكان العبد أن يعتق نفسه، وقد يتبناه أحدهم، وكانت معاملتهم مقبولة، ويعدون أفراداً تابعين للتجمع المنزلي.

ولم يكن المجتمع الشرقي القديم بعامة حتى في المدن الكبيرة مستقراً تماماً، فمع وجود الأسرة، كان ثمة الأسرة الكبيرة، أو العشيرة التي كانت تعيش في المدينة والقرية، وتجاور البدو والرعاة. وقد نجح عدد كبير من هؤلاء في تطوير أنفسهم وصاروا جنوداً وضباطاً، وتمكنوا من الارتقاء إلى منصب الحاكم أو الملك، وتأسيس أسر حاكمة، كما كانت حال مؤسسي السلالتين البابلية الأولى والبابلية الحديثة.

الديانات

كان البابليون كغيرهم من شعوب المشرق العربي القديم وثنيين، لهم آلهتهم الخاصة، ويرأسها إله مدينة بابل مردوخ الذي كان الإله الخالق، الحامي للأفراد، وإله الحرب كذلك، وهو ـ باعتقادهم ـ ابن الإله إيا (إله الحكمة). وله ابن يدعى نَبُو الذي عدّوه حامي الكَتَبَة والمتعلمين. وكانت الإلهة عشتار (إلهة كوكب الزهرة) إلهة الخصب والحرب معاً.

وإله القمر عندهم كان يدعى سين، أما إله الشمس فكان اسمه شمش، وهو إله الحق والعدالة. ونستدل من ذلك أن آلهتهم في معظمها كانت ذات علاقة بالكواكب والنجوم. وكان البابليون يحتفظون كغيرهم من شعوب بلاد ما بين النهرين بعبادة الآلهة السومرية، ويوجدون لها أسماء بلغتهم البابلية، أو ما يماثلها من آلهتهم، وكان ذلك نتيجة اختلاط الساميين بالسومريين في جنوبي بلاد ما بين النهرين. وكان لكثير من الآلهة مدينة رئيسة يقوم فيها المعبد الرئيس لعبادة الإله، ولكن عبادته تنتشر في كل المدن وأرجاء الدولة، فرئيس مجمع الآلهة السومرية ـ البابلية آنُ كان مركز عبادته في مدينة أوروك (الوركاء اليوم)، أما مقره فكان السماء. والإله السومري إنليل كان معبده الرئيس في مدينة إريدو. ولعشتار معبد رئيس في مدينة أوروك أيضاً. والإله نبو في مدينة بورسيبا.

أسهمت المماثلة بين آلهة البابليين وآلهة السومريين عامةً في تناقص أعداد الآلهة، وأدت إلى تحول آلهة كثيرة إلى أشكال افتراضية مجردة، ولكنها حافظت في الوقت نفسه على التقاليد الشائعة مع إضفاء تصورات جديدة عليها. ومن أهم الحقائق الراسخة في أذهان البابليين أن الإله حر في معاقبة الإنسان أو الصفح عنه. أما تحديد الإثم فكان يتم باتباع السلوك الصحيح تجاه الآلهة والتمسك بالمثل الخلقية البشرية الأساسية.

كان عيد رأس السنة (أكيتو akitu) أهم الأعياد البابلية، وتمتد الاحتفالات به عدة أيام، ويتم في الأصل في الخريف، ثم تحول إلى الربيع. وكانت تنقل فيه تماثيل الآلهة في موكب مهيب إلى بيت خاص بالاحتفال يقع عادة خارج نطاق سور المدينة. وجرت العادة أن تتلى صلوات وأناشيد على شرف الإله مردوخ الذي كان معبده البرجي (زقورته) في مدينة بابل أضخم نماذج تلك المعابد.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الثقافة البابلية

الثقافة البابلية القديمة

اللغة

تنتمي لغة البابليين إلى مجموعة اللغات (السامية)، كما اصطلح المستشرقون على تسمية لغات شعوب منطقة جنوب غربي آسيا (العرب والآراميون والكنعانيون والأكديون). واللغة البابلية ومعها اللغة الآشورية فرعان من اللغة الأكدية التي سادت في بلاد ما بين النهرين قبل ظهور المملكة البابلية القديمة والمملكة الآشورية القديمة. واستطاعت اللغة البابلية التي وصلت في عهد الملك حمورابي إلى مرحلة النضج والكمال الذي يتجلى في قانون حمورابي، أن تسود عالم الشرق القديم، وتغدو لغة الوثائق السياسية والاقتصادية في تلك المناطق نحو ألف عام، إلى أن حلت محلها اللغة الآرامية الشقيقة. أما كتابتها فكانت بالخط المسماري المقطعي الذي طورته ليخدم أغراضها المختلفة.

الفنون والعمارة

لم يتمكن المنقبون إلا من الكشف عن آثار مدينة بابل في العصر البابلي الحديث. فقد كانت تشغل مساحة تقدر باثني عشر كيلومتراً مربعاً ومركزها له شكل مستطيل بعداه 2600×1500م، وكان يعيش فيها نحو مئتي ألف إنسان، وتتألف من قسمين، قسم قديم يضم المباني وقصر نبوخذ نصّر الثاني ويقع شرق الفرات، وقسم حديث يقع غرب الفرات. ويرتبط هذان القسمان بوساطة جسر من عهد نابوبولاصَر، طوله 123م وعرضه 10.5م. وكانت المدينة محاطة بسور مزدوج، خارجي ثخانته نحو 4م، وداخلي ثخانته نحو 6.5م، ويبعد أحدهما عن الآخر 7.20م في المتوسط. أما من ناحية الفرات فكان هناك جدار يحمي المدينة من مياه النهر ثخانته نحو 8م. كما كان هناك ثماني بوابات تقود إلى المدينة القديمة سميت بأسماء الآلهة البابلية المشهورة وأكثرها روعة بوابة عشتار.

ومن الآثار الأخرى المكتشفة في بابل شارع المواكب الذي كان يبدأ عند بوابة عشتار ويقود إلى المنطقة المقدسة ويبلغ عرضه 16م. وهو مرصوف ببلاط مستورد من لبنان ومحاط من الجانبين بجدار ثخانته 7م، تزينه صور حيوانات من الطوب المزجج، وهو اليوم في متحف برلين.

ومن معالم بابل الأخرى الزقورة (برج بابل) ومعبد إيزاجيلا Isagel الذي يعد أقدم أبنية بابل، إذ يرقى تاريخه إلى الألف الثالث قبل الميلاد، وكان مخصصاً لعبادة مردوخ. وهناك معابد أخرى كثيرة لعشتار ونينورتا وغيرهما. أما القصور فأشهرها قصر نبوخذ نصّر الثاني وأبعاده 322×190م ويحوي قاعة عرش ضخمة (52×17م) مزينة بتزيينات جميلة. وهناك أخيراً حدائق بابل المعلقة التي أقامها نبوخذ نصر الثاني إكراماً لزوجته الميدية، وكانت تعد إحدى عجائب العالم القديم السبعة، حتى قال عنها المؤرخ الإغريقي هيرودوت الذي زار خرائبها «إنها لا تضاهيها في عظمتها وسعتها مدينة أخرى».

علم الفلك


الطب

ارتبط الطب عندهم بالسحر، وكان المريض يعالج على أساس أن روحاً شريرة دخلت جسمه، ولذلك كان يقوم العلاج على الرُّقَى السحرية والأدوية النباتية والحيوانية وغيرها. وهناك رقم تصف تشخيص بعض الأمراض وأعراضها وطرق معالجتها. وعرف البابليون أنواعاً كثيرة من العقاقير الطبية والمراهم، وكان يسمح للطبيب بممارسة الجراحة حسب ما جاء في قانون حمورابي على أن يتحمل النتائج المترتبة عليها.

الأدب

كان الأدب في العصر البابلي القديم استمراراً للأعمال الأدبية السومرية ذات التأثير الكبير في أدب ما بين النهرين عامة، ثم مالبث أن تحرر من التقليد إلى الإبداع إذ ظهرت أعمال أدبية عكست التطورات المعيشية، ونضج اللغة التي باتت تهتم بالأسلوب الفني والجمالي. وكانت الأسطورة مجالاً لاستيحاء إجابات عن تساؤلات كانت تراود مخيلة البابليين عن العالم الذي يعيشونه، وعن مسائل مثل الخلق، والموت، والخلود، والخطيئة والعقاب. وكان من أبرز الأساطير أسطورة أترخسيس التي كان من أبرز موضوعاتها خلق الإنسان وصراع الآلهة، والطوفان، والعقاب الإلهي. وملحمة گلگامش التي تدور حول فكرة الحصول على الخلود والشباب الدائم. وأسطورة أدابا الذي يضيع على نفسه فرصة الخلود. وأسطورة إتانا، أول ملوك مدينة كيش بعد الطوفان، الذي يشغله الحصول على من يرثه. وأسطورة نزول عشتار إلى العالم السفلي الذي لا رجعة منه، ولكنها تعود بمساعدة الإله غيا الذي يعيد إليها الحياة، ويُقَدّم الإله دموزي (تموز) فدية لها، فيُرْسَل بدلاً منها، ويتناوب الإقامة في العالم السفلي كل ستة أشهر، ويغيب معه الخصب والخضرة مؤقتاً رمزاً لتبدل فصول السنة. ثم تظهر أسطورة بابلية إبداعية في القرن الثامن قبل الميلاد هي أسطورة «إرّا» إله الطاعون والدمار الذي يتخلى له الإله الوطني مرودخ عن العرش مؤقتاً ليقود حرباً لإخضاع البشر الذين ما عادوا يتركون للآلهة فرصة للراحة، لكنه ينجح في النهاية في تحقيق الاستقرار للبلاد وتصحيح الأوضاع ويندم على فعله الدموي، ويقنعه وزيره بتوجيه ضرباته إلى أعداء البابليين كالآشوريين والعيلاميين.

ومن الأعمال المهمة أسطورة الخلق البابلية التي تعرف بمطلعها «إنوما إيليش» أي «عندما هناك في الأعالي»، وتتناول الموضوع القديم برؤية جديدة لتكريس مكانة الإله مردوخ رئيساً لمجمع الآلهة الرافدي. وظهرت كذلك قصيدة «لأمجدن سيد الحكمة» التي تعبر عن يأس الإنسان البابلي في العصر الكاشي وتشككه في العدالة الإلهية، وتشاؤمه لكثرة المصائب التي حلت به. وتقرن هذه بسفر أيوب في كتاب العهد القديم.

وعرف البابليون أدب الحكمة الذي يضع في أولوياته أهدافاً أخلاقية ـ تربوية كالأمثال المنظومة شعراً، والمواعظ، والقصص الديني، وحكايات الحيوان، والمناظرات أو المحاورات التي تجري على ألسنة الحيوانات، وبين النبات وبين الناس حول موضوعات متنوعة كالعدالة الإلهية، والحب. وألف الكتاب تراتيل دينية وابتهالات إلى الآلهة، وحكايات فكاهية ساخرة، ومنها حكاية الفقير الذي أهدى الحاكم نعجته وهي رمز لحلم الفقراء بالانتقام من الأغنياء المتسلطين على قدرهم.


الدولة البابلية الحديثة (الكلدانية)

Panorama view of the reconstructed Southern Palace of Nebuchadnezzar II, 6th century BC, Babylon, Iraq

In 620 BC Nabopolassar seized control over much of Babylonia with the support of most of the inhabitants, with only the city of Nippur and some northern regions showing any loyalty to the beleaguered Assyrian king.[3] Nabopolassar was unable to utterly secure Babylonia, and for the next four years he was forced to contend with an occupying Assyrian army encamped in Babylonia trying to unseat him. However, the Assyrian king, Sin-shar-ishkun was plagued by constant revolts among his people in Nineveh, and was thus prevented from ejecting Nabopolassar.

The stalemate ended in 615 BC, when Nabopolassar entered the Babylonians and Chaldeans into alliance with Cyaxares, an erstwhile vassal of Assyria, and king of the Iranian peoples; the Medes, Persians, Sagartians and Parthians. Cyaxares had also taken advantage of the Assyrian destruction of the formerly regionally dominant pre-Iranian Elamite and Mannean nations and the subsequent anarchy in Assyria to free the Iranic peoples from three centuries of the Assyrian yoke and regional Elamite domination. The Scythians from north of the Caucasus, and the Cimmerians from the Black Sea who had both also been subjugated by Assyria, joined the alliance, as did regional Aramean tribes.

In 615 BC, while the Assyrian king was fully occupied fighting rebels in both Babylonia and Assyria itself, Cyaxares launched a surprise attack on the Assyrian heartlands, sacking the cities of Kalhu (the Biblical Calah, Nimrud) and Arrapkha (modern Kirkuk), Nabopolassar was still pinned down in southern Mesopotamia and thus not involved in this breakthrough.

From this point on the coalition of Babylonians, Chaldeans, Medes, Persians, Scythians, Cimmerians and Sagartians fought in unison against a civil war ravaged Assyria. Major Assyrian cities such as Ashur, Arbela (modern Irbil), Guzana, Dur Sharrukin (modern Khorsabad), Imgur-Enlil, Nibarti-Ashur, Gasur, Kanesh, Kar Ashurnasipal and Tushhan fell to the alliance during 614 BC. Sin-shar-ishkun somehow managed to rally against the odds during 613 BC, and drove back the combined forces ranged against him.

However, the alliance launched a renewed combined attack the following year, and after five years of fierce fighting Nineveh was sacked in late 612 BC after a prolonged siege, in which Sin-shar-ishkun was killed defending his capital.

House to house fighting continued in Nineveh, and an Assyrian general and member of the royal household, took the throne as Ashur-uballit II (612–605 BC). He was offered the chance of accepting a position of vassalage by the leaders of the alliance according to the Babylonian Chronicle. However he refused and managed to successfully fight his way out of Nineveh and to the northern Assyrian city of Harran in Upper Mesopotamia where he founded a new capital. The fighting continued, as the Assyrian king held out against the alliance until 607 BC, when he was eventually ejected by the Medes, Babylonians, Scythians and their allies, and prevented in an attempt to regain the city the same year.

The Egyptian Pharaoh Necho II, whose dynasty had been installed as vassals of Assyria in 671 BC, belatedly tried to aid Egypt's former Assyrian masters, possibly out of fear that Egypt would be next to succumb to the new powers without Assyria to protect them, having already been ravaged by the Scythians. The Assyrians fought on with Egyptian aid until what was probably a final decisive victory was achieved against them at Carchemish in north western Assyria in 605 BC. The seat of empire was thus transferred to Babylonia[4] for the first time since Hammurabi over a thousand years before.

Nabopolassar was followed by his son Nebuchadnezzar II (605–562 BC), whose reign of 43 years made Babylon once more the ruler of much of the civilized world, taking over portions of the former Assyrian Empire, with the eastern and north eastern portion being taken by the Medes and the far north by the Scythians.[4]

Nebuchadnezzar II may have also had to contend with remnants of the Assyrian resistance. Some sections of the Assyrian Army and Administration may have still continued in and around Dur-Katlimmu in north west Assyria for a time, however by 599 BC Assyrian imperial records from this region also fell silent. The fate of Ashur-uballit II remains unknown, and he may have been killed attempting to regain Harran, at Carchemish, or continued to fight on, eventually disappearing into obscurity.

The Scythians and Cimmerians, erstwhile allies of Babylonia under Nabopolassar, now became a threat, and Nebuchadnezzar II was forced to march into Anatolia and rout their forces, ending the northern threat to his Empire.

The Egyptians attempted to remain in the Near East, possibly in an effort to aid in restoring Assyria as a secure buffer against Babylonia and the Medes and Persians, or to carve out an empire of their own. Nebuchadnezzar II campaigned against the Egyptians and drove them back over the Sinai. However an attempt to take Egypt itself as his Assyrian predecessors had succeeded in doing failed, mainly due to a series of rebellions from the Israelites of Judah and the former kingdom of Ephraim, the Phoenicians of Caanan and the Arameans of the Levant. The Babylonian king crushed these rebellions, deposed Jehoiakim, the king of Judah and deported a sizeable part of the population to Babylonia. Cities like Tyre, Sidon and Damascus were also subjugated. The Arabs and other South Arabian peoples who dwelt in the deserts to the south of the borders of Mesopotamia were then also subjugated.

In 567 BC he went to war with Pharaoh Amasis, and briefly invaded Egypt itself. After securing his empire, which included marrying a Median princess, he devoted himself to maintaining the empire and conducting numerous impressive building projects in Babylon. He is credited with building the fabled Hanging Gardens of Babylon.[5]

Amel-Marduk succeeded to the throne and reigned for only two years. Little contemporary record of his rule survives, though Berosus later stated that he was deposed and murdered in 560 BC by his successor Neriglissar for conducting himself in an "improper manner".

Neriglissar (560–556 BC) also had a short reign. He was the son in law of Nebuchadnezzar II, and it is unclear if he was a Chaldean or native Babylonian who married into the dynasty. He campaigned in Aram and Phoenicia, successfully maintaining Babylonian rule in these regions. Neriglissar died young however, and was succeeded by his son Labashi-Marduk (556 BC), who was still a boy. He was deposed and killed during the same year in a palace conspiracy.

Of the reign of the last Babylonian king, Nabonidus (Nabu-na'id, 556–539 BC) who is the son of the Assyrian priestess Adda-Guppi and who managed to kill the last Chaldean king, Labashi-Marduk, and took the reign, there is a fair amount of information available. Nabonidus (hence his son, the regent Belshazzar) was, at least from the mother's side, neither Chaldean nor Babylonian, but ironically Assyrian, hailing from its final capital of Harran (Kharranu). His father's origins remain unknown. Information regarding Nabonidus is chiefly derived from a chronological tablet containing the annals of Nabonidus, supplemented by another inscription of Nabonidus where he recounts his restoration of the temple of the Moon-god Sin at Harran; as well as by a proclamation of Cyrus issued shortly after his formal recognition as king of Babylonia.[4]

A number of factors arose which would ultimately lead to the fall of Babylon. The population of Babylonia became restive and increasingly disaffected under Nabonidus. He excited a strong feeling against himself by attempting to centralize the polytheistic religion of Babylonia in the temple of Marduk at Babylon, and while he had thus alienated the local priesthoods, the military party also despised him on account of his antiquarian tastes. He seemed to have left the defense of his kingdom to his son Belshazzar (a capable soldier but poor diplomat who alienated the political elite), occupying himself with the more congenial work of excavating the foundation records of the temples and determining the dates of their builders.[4] He also spent time outside Babylonia, rebuilding temples in the Assyrian city of Harran, and also among his Arab subjects in the deserts to the south of Mesopotamia. Nabonidus and Belshazzar's Assyrian heritage is also likely to have added to this resentment. In addition, Mesopotamian military might had usually been concentrated in the martial state of Assyria. Babylonia had always been more vulnerable to conquest and invasion than its northern neighbour, and without the might of Assyria to keep foreign powers in check and Mesopotamia dominant, Babylonia was ultimately exposed.

It was in the sixth year of Nabonidus (549 BC) that Cyrus the Great, the Achaemenid Persian "king of Anshan" in Elam, revolted against his suzerain Astyages, "king of the Manda" or Medes, at Ecbatana. Astyages' army betrayed him to his enemy, and Cyrus established himself at Ecbatana, thus putting an end to the empire of the Medes and making the Persian faction dominant among the Iranic peoples.[6] Three years later Cyrus had become king of all Persia, and was engaged in a campaign to put down a revolt among the Assyrians. Meanwhile, Nabonidus had established a camp in the desert of his colony of Arabia, near the southern frontier of his kingdom, leaving his son Belshazzar (Belsharutsur) in command of the army.

In 539 BC Cyrus invaded Babylonia. A battle was fought at Opis in the month of June, where the Babylonians were defeated; and immediately afterwards Sippar surrendered to the invader. Nabonidus fled to Babylon, where he was pursued by Gobryas, and on the 16th day of Tammuz, two days after the capture of Sippar, "the soldiers of Cyrus entered Babylon without fighting." Nabonidus was dragged from his hiding place, where the services continued without interruption. Cyrus did not arrive until the 3rd of Marchesvan (October), Gobryas having acted for him in his absence. Gobryas was now made governor of the province of Babylon, and a few days afterwards Belshazzar the son of Nabonidus died in battle. A public mourning followed, lasting six days, and Cyrus' son Cambyses accompanied the corpse to the tomb.[7]

One of the first acts of Cyrus accordingly was to allow the Jewish exiles to return to their own homes, carrying with them their sacred temple vessels. The permission to do so was embodied in a proclamation, whereby the conqueror endeavored to justify his claim to the Babylonian throne.[7]

Cyrus now claimed to be the legitimate successor of the ancient Babylonian kings and the avenger of Bel-Marduk, who was assumed to be wrathful at the impiety of Nabonidus in removing the images of the local gods from their ancestral shrines to his capital Babylon.[7]

The Chaldean tribe had lost control of Babylonia decades before the end of the era that sometimes bears their name, and they appear to have blended into the general populace of Babylonia even before this (for example, Nabopolassar, Nebuchadnezzar II and their successors always referred to themselves as Shar Akkad and never as Shar Kaldu on inscriptions), and during the Persian Achaemenid Empire the term Chaldean ceased to refer to a race of people, and instead specifically to a social class of priests educated in classical Babylonian literature, particularly Astronomy and Astrology. By the mid Seleucid Empire (312–150 BC) period this term too had fallen from use.

علم النجوم


الرياضيات

تطلَّب العمل في الزراعة وقياس الأراضي وبناء قنوات الري والقصور والمعابد وسواها ومزاولة التجارة معرفة الحساب والهندسة والجبر. وكان النظام السائد في بلاد الرافدين كلها هو النظام الستيني سواء في الحساب أو في أنظمة قياس الزمن أو المكاييل والموازين. فقسمت السنة إلى اثني عشر شهراً واليوم إلى أربع وعشرين ساعة، وهو النظام المعمول به حتى اليوم. وعرف البابليون فكرة المربع والمكعب وتمكنوا من حساب مساحة الدائرة ومحيطها. واهتموا بمراقبة الكواكب لاعتقادهم بتأثيرها في حياة الناس بوصفها آلهة، وربطوا بين حركاتها ومظاهر الطبيعة المختلفة، وهذا ما أدى إلى نشأة علم التنجيم عندهم، فقسموا دائرة فلك البروج إلى اثني عشر برجاً. وكان هناك أشخاص يراقبون النجوم في الليل والنهار ويتتبعون مساراتها ويقومون بتدوين مراقباتهم وأرصادهم، وقد مكنهم هذا من التنبؤ بحدوث الخسوف والكسوف، وهكذا صار لهم شهرة كبيرة في هذا المجال استفاد منها الإغريق كثيراً فيما بعد.

الفلسفة

بلاد بابل الفارسية

جندي بابلي في الجيش الأخميني، حوالي سنة 480 ق.م. نقش بارز في مقبرة خشايارشا الأول.

بلاد بابل التهمتها الامبراطورية الأخمينية في 539 ق.م.

A year before Cyrus' death, in 529 BC, he elevated his son Cambyses II in the government, making him king of Babylon, while he reserved for himself the fuller title of "king of the (other) provinces" of the empire. It was only when Darius I acquired the Persian throne and ruled it as a representative of the Zoroastrian religion, that the old tradition was broken and the claim of Babylon to confer legitimacy on the rulers of western Asia ceased to be acknowledged.[7]

Immediately after Darius seized Persia, Babylonia briefly recovered its independence under a native ruler, Nidinta-Bel, who took the name of Nebuchadnezzar III, and reigned from October 522 BC to August 520 BC, when Darius took the city by storm, during this period Assyria to the north also rebelled. A few years later, probably 514 BC, Babylon again revolted under the Armenian king Nebuchadnezzar IV; on this occasion, after its capture by the Persians, the walls were partly destroyed. The Esagila, the great temple of Bel, however, still continued to be kept in repair and to be a center of Babylonian religious feelings.[7]

Alexander the Great conquered Babylon in 333 BC for the Greeks, and died there in 323 BC. Babylonia and Assyria then became part of the Greek Seleucid Empire.[بحاجة لمصدر] It has long been maintained that the foundation of Seleucia diverted the population to the new capital of southern Mesopotamia, and that the ruins of the old city became a quarry for the builders of the new seat of government,[7] but the recent publication of the Babylonian Chronicles has shown that urban life was still very much the same well into the Parthian Empire (150 BC to 226 AD). The Parthian king Mithridates conquered the region into the Parthian Empire in 150 BC, and the region became something of a battleground between Greeks and Parthians.

There was a brief interlude of Roman conquest (the provinces of Assyria and Mesopotamia; 116–118 AD) under Trajan, after which the Parthians reasserted control.

The satrapy of Babylonia was absorbed into Asōristān (meaning The land of the Assyrians in Persian) in the Sasanian Empire, which began in 226 AD, and by this time East Syriac Rite Syriac Christianity (which emerged in Assyria and Upper Mesopotamia the first century AD) had become the dominant religion among the native Assyrian-Babylonian populace, who had never adopted the Zoroastrianism or Hellenic religions and languages of their rulers.

Apart from the small 2nd century BC to 3rd century AD independent Neo-Assyrian states of Adiabene, Osroene, Assur, Beth Garmai, Beth Nuhadra and Hatra in the north, Mesopotamia remained under largely Persian control until the Arab Muslim conquest of Persia in the seventh century AD. Asōristān was dissolved as a geopolitical entity in 637 AD, and the native Eastern Aramaic-speaking and largely Christian populace of southern and central Mesopotamia (with the exception of the Mandeans) gradually underwent Arabization and Islamization in contrast to northern Mesopotamia where an Assyrian continuity endures to the present day.

القوانين والشرائع

كانت كلمة دين في الأكدية (البابلية) تعني «مسألة قانونية، حكم قانوني» والقاضي يدعى ديّان، والمسؤول عن حماية القانون والعدالة جميع الآلهة، وفي مقدمتها إله الشمس الذي يوصف بأنه يرى كل شيء. أما الذي يتولى مسؤولية تطبيق القانون على الأرض فكان الملك، وهو القاضي الأكبر.

عرفت بلاد بابل تشريعات سومرية تعود أقدمها إلى الملك أورنامو (2111-1994ق.م)، ثم تبعتها تشريعات الملك «لبيت عشتار»، ملك إيسن (1934-1924ق.م). ثم أصدر ملك أشنونة بعدها تشريعاً كُتِب باللغة البابلية. أما أبرز تلك الشرائع فكان قانون حمورابي[ر] الذي يشتمل على نحو 200 مادة قانونية تعالج أموراً كثيرة تتعلق بشؤون الأسرة والعبيد والأراضي والتجارة.


ذكراها

رسم من القرن 16 لحدائق بابل المعلقة (رسم مارتين هيمسكرك). يظهر برج بابل في الخلفية.


التنقيبات والكشوف الأثرية فيها

الشرق الأوسط، ح 600 ق.م، ويظهر فيها امتداد الحكم الكلداني.

بدأت الحفريات الأثرية الفعلية في بابل عام 1899 على يد الألماني روبرت كولدوية R.Koldewey، بتكليف من جمعية الشرق الألمانية واستمرت من دون انقطاع حتى عام 1917. وكان قد سبق ذلك بوقت طويل قيام كثير من الرحالة الأوربيين بزيارة الموقع (بيتروديلا فالي، نيبور، بوشامب، أوليفيه) وأعقبتها محاولات بعض هواة الآثار والقناصل الأجانب التنقيب في ذلك الموقع لكن من دون جدوى. استطاع روبرت كولدوية الكشف عن أبنية تعود إلى العصر البابلي الحديث (القرنين السابع والسادس ق.م)، ولكنه لم يتمكن من الكشف عن آثار العصور الأقدم بسبب ارتفاع مستوى الماء الجوفي، وقد اتبع في حفرياته منهجاً علمياً دقيقاً اقتدى به العلماء فيما بعد. وفي العقدين السابع والثامن من القرن العشرين، تابع معهد الآثار الألماني في بغداد ومديرية الآثار العراقية أعمال الدراسة والترميم لكثير من الأوابد البابلية الباقية. [8]

انظر أيضاً

تاريخ بابل، تأليف مارگريت روتن. انقر لمطالعة الكتاب كاملاً.

الهوامش


المصادر

  1. ^ موسوعة حضارة العالم. أحمد محمد عوف
  2. ^ ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.
  3. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة Georges Roux - Ancient Iraq
  4. ^ أ ب ت ث Chisholm 1911, p. 105.
  5. ^ "World Wide Sechool". History of Phoenicia – Part IV. Archived from the original on 2012-09-18. Retrieved 2007-01-09.
  6. ^ Chisholm 1911, pp. 105–106.
  7. ^ أ ب ت ث ج ح Chisholm 1911, p. 106.
  8. ^ الموسوعة العربية

قراءات إضافية

  • Ascalone, Enrico (2007). Mesopotamia: Assyrians, Sumerians, Babylonians. University of California Press. ISBN 978-0-520-25266-0.
  • Bryant, Tamera (2005). The Life and Times of Hammurabi. Mitchell Lane. ISBN 978-1-58415-338-2.
  • Eves, Howard (1990). An Introduction to the History of Mathematics (6th ed.). Brooks Cole. ISBN 978-0-03-029558-4.
  • Ginzburg, Carlo (1984). "Morelli, Freud, and Sherlock Holmes: Clues and Scientific Method". In Eco, Umberto; Sebeok, Thomas (eds.). The Sign of Three: Dupin, Holmes, Peirce. Bloomington, IN: History Workshop, Indiana University Press. pp. 81–118. ISBN 978-0-253-35235-4. LCCN 82049207. OCLC 9412985. {{cite book}}: Invalid |ref=harv (help); Italic or bold markup not allowed in: |publisher= (help) Ginzburg stresses the significance of Babylonian medicine in his discussion of the conjectural paradigm as evidenced by the methods of Giovanni Morelli, Sigmund Freud and Sherlock Holmes in the light of Charles Sanders Peirce's logic of making good guesses or abductive reasoning.
  • Leonard William (2003). Babylonian Religion and Mythology. Fredonia Books. ISBN 978-1-4102-0459-2.
  • Leick, Gwendolyn (2003). The Babylonians: An Introduction. Routledge.
  • Leick, Gwendolyn (2003). Mesopotamia. Penguin. ISBN 978-0-14-026574-3.
  • Lloyd, Seton (1978). The Archaeology of Mesopotamia: From the Old Stone Age to the Persian Conquest. Thames & Hudson. ISBN 978-0-500-78007-7.
  • Mieroop, Marc Van de (2004). King Hammurabi Of Babylon: A Biography. Wiley-Blackwell. ISBN 978-1-4051-2659-5.
  • Nemet-Nejat, Karen Rhea (2002). Daily Life in Ancient Mesopotamia. Hendrickson. ISBN 978-1-56563-712-2.
  • Oates, Joan (1986). Babylon. Thames & Hudson. ISBN 978-0-500-27384-5.
  • Oppenheim, A. Leo (1977). Ancient Mesopotamia : Portrait of a Dead Civilization. University Of Chicago Press. ISBN 978-0-226-63187-5.
  • Pallis, Svend Aage (1956). The antiquity of Iraq: A handbook of Assyriology. Ejnar Munksgaard.
  • Roux, Georges (1993). Ancient Iraq (3rd ed.). Penguin. ISBN 978-0-14-012523-8.
  • Saggs, Henry W.F. (1995). Babylonians. University of Oklahoma. ISBN 978-0-8061-2765-1.
  • Saggs, Henry W.F. (1988). The Greatness That Was Babylon: A Survey of the Ancient Civilization of the Tigris-Euphrates Valley. Sidgwick & Jackson. ISBN 978-0-283-99623-8.
  • Schomp, Virginia (2005). Ancient Mesopotamia: The Sumerians, Babylonians, And Assyrians. Franklin Watts. ISBN 978-0-531-16741-0.
  • Spence, Lewis (1995). Myths and Legends of Babylonia and Assyria. Kessinger Publishing. ISBN 978-1-56459-500-3.
  • Le Journal des Médecines Cunéiformes (published twice-yearly from 2003 onwards)

وصلات خارجية