توكيديدس

(تم التحويل من ثوكيديدس)
Thucydides
Θουκυδίδης
Bust of Thucydides
تمثال نصفي مصبوب من الجص لتوكيديدس (في متحف پوشكن) عن نسخة رومانية (توجد في قاعة هولكهام) عن أصل يوناني من مطلع القرن الرابع ق.م.
وُلِدَ 460 ق.م.ح.  460 ق.م. وليس بعد 455 ق.م. [1][2]
هاليموس، أثينا (أليموس الحالية)
توفي 400 BCح.  400 BC
مكان الوفاة غير معروف
المهنةمؤرخ، جنرال
العمل البارز
تاريخ الحرب الپلوپونيزية
الأقاربأولوروس (الأب)

توكيديدس (Thucydides ؛ /θjˈsɪdɪdz/؛ باليونانية: Θουκυδίδης؛ ح. 460 ق.م. - ح. 395 ق.م.) (باليونانية القديمة Θουκυδίδης, Thoukydídēs) كان مؤرخاً يونانياً ومؤلف تاريخ الحرب الپلوپونزية، الذي أرخ للحرب التي دارت في القرن الخامس قبل الميلاد بين اسبرطة و أثينا إلى سنة 411 ق.م. وقدم وُصِف توكيديدس بأنه أبو "التاريخ العلمي" بسبب معاييره الصارمة في جمع الأدلة وتحليلها في صورة السبب والتأثير بدون الإشارة إلى تدخل من الآلهة، كما ذكر في مقدمة عمله.[3]

ووُصف ايضاً بأبي مدرسة الواقعية السياسية، التي ترى العلاقات بين الأمم مبنية على القوة وليس الحق.[4] ومازال نصه الكلاسيكي يـُدرَّس في الكليات العسكرية المتقدمة وأرقى الجامعات في جميع أنحاء العالم، ومازال الحوار الملي Melian dialogue من أرقى الأعمال في نظرية العلاقات الدولية.

وبصورة أكثر عمومية، فقد أظهر توكيديدس اهتماماً بتفهم الطبيعة البشرية لشرح السلوك في أزمات مثل الطاعون، الإبادة العرقية (كما مورست ضد المليين)، والحرب الأهلية.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أعماله

تمثال نصفي لـتوكيديدس يوجد في متحف اونتاريو الملكي، تورونتو

كتب توكيديدز - وهو رجل أثيني - تاريخ الحرب الپلوپونيزية التي دارت رحاها بين البلوبونيز والأثينيين، من ساعة أن اشتعلت نارها. وكان يعتقد أنها حرب خطيرة الشأن، أجدر بالرواية من أية حرب سبقتها.

ويبدأ قصته الافتتاحية من المنطقة التي انتهى إليها هيرودوت في ختام حرب الفرس. ومما يؤسف له أن عبقرية أعظم المؤرخين اليونان لا ترى في الحياة اليونانية شيئاً أجدر بالتسجيل من حروبها. لقد كان هيرودوت يكتب وهو يستهدف تسلية القارئ المتعلم، أما توكيديدز فيكتب ليمد مؤرخي المستقبل بالمعلومات، ويسجل السوابق ليسترشد بها الحكام في المستقبل. وكان هيرودوت يكتب بأسلوب سهل مهلهل غير متماسك، ولعل الذي أوحى إليه بهذا الأسلوب هو ملاحم هومر الجوالة الهائمة. أما توكيديدز فيكتب كما يكتب من استمع إلى الفلاسفة، والخطباء، والكُتاب المسرحيين، بأسلوب يكثر فيه التعقيد والغموض، لأنه يحاول أن يجمع فيه بين الإيجاز والدقة والعمق، أسلوب تفسده في بعض الأحيان بلاغة گورگياس وزخرفها، ولكنه في بعض الأحيان لا يقل عن أسلوب ناستس وضوحاً وإحكام سبك، ويسمو في اللحظات الحاسمة إلى العبارات المسرحية التي تبلغ من القوة ما تبلغه أية عبارة من عبارات يوربديز. ولسنا نجد في المسرحيات اليونانية ما هو أروع من الصفحات التي يصف فيها حملة سرقوصة، أو تردد نيشياس، أو ما أعقب الهزيمة من فزع وروع. ولنعد مرة أخرى إلى الموازنة بين هيرودوت وتوكيديدس فنقول إن هيرودوت يتنقل من مكان إلى مكان، ومن عصر إلى عصر؛ أما توكيديدز فيضغط قصبته في إطار جامد من الفصول والسنين، مضحياً في ذلك بتسلسلها. وكان هيرودوت يكتب عن الأشخاص أكثر مما يكتب عن مجرى الحوادث لأنه يحس أن الشخصيات هي التي تجري الحادثات؛ أما توكيديدس فهو وإن كان يعترف بما للأفراد غير العاديين من خطر في التاريخ، وإن كان يخفف من أعباء موضوعة بما يبثه فيه من صورة بركليس، وألقبيادس، ونيشياس وأمثالهم، يجنح لتدوين الحادثات أكثر مما يجنح لذكر الأشخاص، ويبحث في علل الحوادث وتطوراتها، ونتائجها. وكان هيرودوت يكتب عن حوادث جد بعيدة عنه نقلت إليه أخبارها معنعنة مرتين أو ثلاث مرات في معظم الحالات، أما توكيديدس فكثيراً ما يحدثنا عما شاهده بعينيه، أو عما سمعه ممن شاهدوا بعيونهم، أو اطلعوا على وثائقه الأصلية، وكثيراً ما يثبت الوثائق التي يتحدث عنها. وهو شديد الحرص على الدقة، وحتى وصفه الجغرافي نفسه قد ثبتت صحة تفاصيله. وقلما يصدر أحكاماً أخلاقية على الرجال أو الحادثات، ويطلق العنان لسخريته الأرستقراطية من الديمقراطية الأثينية فتتغلب عليه وهو يصور كليون؛ ولكنه في أكثر الأحيان يبعد شخصيته عن قصته، ويروي الحقائق بنزاهة لا يتحيز لأحد الطرفين، ويقص قصة حياته توكيديدز العسكرية القصيرة وكأنه لم يعرف ذلك الرجل قط، دع عنك أنه هو الرجل الذي يقص قصته. وهو مبتدع الطريقة العلمية في التاريخ، ويفخر بما بذله في تأليفه من الجد والعناية. ويقول وهو يشير من طرف خفي إلى هيرودوت:

"إني أعتقد أن النتائج التي وصلت إليها من الأدلة التي ذكرتها هنا يمكن أن يوثق بها ويعتمد عليها. وما من شك في أنها لن تؤثر فيها قصص شاعر يعرض ما في صناعته من مبالغات، ولا تآليف الإخباريين التي يضحى فيها بالحقائق في سبيل الطرافة والجاذبية لأن الموضوعات التي يعالجونها خارجة عن نطاق الأدلة والبراهين، ولأن قدم عهدها قد سلبها قيمتها التاريخية ورفعها إلى مقام الخرافات. أما نحن فلم نلجأ إلى هذه الطريقة أو تلك، ولا ريب عندنا في أننا قد اعتمدنا على أصح المعلومات وأكثرها وضوحاً، وأننا قد وصلنا إلى نتائج تبلغ من الدقة أقصى ما ينتظره الإنسان في أمثال هذه المسائل الموغلة في القدم...وإني لأخشى أن يفقد كتابي بعض ما يجب أن يحتويه من طرافة ومتعة بسبب خلوه من القصص الخيالية المثيرة للعواطف، ولكن إذا رأى الباحثون الذين يرغبون في الوصول إلى حقائق الماضي الصحيحة ليستعينوا بها على تفسير حوادث المستقبل - وهي التي تشبه بلا ريب حوادث الماضي، إن لم تكن صورة مطابقة لها - إذا رأى هؤلاء الباحثون أن فيه فائدة لهم، فأني أرضى بهذا وأقنع به. وملاك القول أني لم أكتب كتابي هذا ليكون مقالة يكسب بها تصفيق الناس وثناؤهم لحظة قصيرة، بل كتبته ليكون ملكاً لجميع العصور.

لكنه مع هذا يضحي بالدقة في سبيل الطرافة في حالة واحدة معينة، فهو مولع بأنه ينطق شخصياته بالخطب الطنانة، ويعترف صراحة بأنه معظم هذه الخطب من نسج الخيال، ولكنها مع ذلك تساعده على توضيح الشخصيات والأفكار والحوادث وإنعاشها. وهو يدعي بأن كل خطبة من هذه الخطب تتضمن خلاصة خطبة حقيقية ألقيت فعلاً في الوقت الذي يتحدث عنه. فإذا كان هذا صحيحاً فإن جميع رجال الحكم وقواد الجيش من اليونان قد درسوا بلا ريب فنون البلاغة مع غورغياس، والفلسفة مع السوفسطائيين، وعلم الأخلاق مع ثرازمكس. يضاف على هذا أن الخطب جميعها واحدة في أسلوبها ومراوغتها ودهائها، ونظرتها الواقعية إلى الأمور. وهي تجعل الإسبارطي صاحب الرد الموجز المسكت مراوغاً كأي أثيني تربى بين السوفسطائيين، وتنطق الدبلوسيين بحجج أبعد ما تكون عن الدبلوماسية وتضفي على عبارات قادة الجند أمانة صارمة لا قبل لهم بها. وليست "خطبة بركليس الجنازية" إلا مقالاً بديعاً في فضائل أثينة، كتبها بأسلوب رشيق رجل مطرود من بلده؛ مع أن بركليز قد اشتهر ببساطة خطبه وبعدها من فنون البلاغة، هذا إلى أن پلوتارخ يفسد على توكيديدس دعواه الخيالية الروائية بقوله إن بركليز لم يخلف وراءه شيئاً مكتوباً، وإن أقواله لا يكاد يبقى منها شيء على الإطلاق(148).


عيوبه

لتوكيديدس من العيوب ما يعادل فضائله، فهو صارم كصرامة التراقي، وتنقصه روح المرح والفكاهة الأثينية، ولذلك يخلو كتابه من الفكاهة أياً كانت، وتراه منهمكا على الدوام في "هذه الحرب التي يؤرخها توكيديدس" (وهي عبارة يكررها في كثير من الفخر) إنهماكاً يصرفه عن كل شيء عدا الحوادث السياسية والحربية. وهو يملأ صفحاته بالتفاصيل العسكرية، ولا يذكر قط فناناً واحداً ولا عملاً من أعمال الفن. وهو دائم البحث عن علل الأشياء، ولكنه قلما يتعمق إلى العوامل الاقتصادية التي تكمن وراء العوامل السياسية وتحدد مجرى الحادثات؛ وهو وإن كان يكتب للأجيال المقبلة، لا يحدثنا بشيء عن دساتير الدول اليونانية أو عن حياة المدن، أو نظم المجتمعات، وهو يتجنب التحدث عن النساء بقدر تجنبه التحدث عن الآلهة، ويأبى أن يكون لهم موضع في قصته؛ وهو ينطق بركليس صاحب الشهامة والمروءة الذي عرض حياته للخطر من أجل محظية تطالب بحرية المرأة، ينطقه بقوله: "إن سمعة المرأة إنما تقوم على امتناع الرجال عن ذكرها بالخير أو بالشر قدر المستطاع"(149). وهو وإن عاش في عصر يعد أعظم عصور التاريخ ثقافة، يضل في بيداء الانتصارات والهزائم العسكرية المتعاقبة التي تقوض قواعد المنطق من أساسها، ولا يتغنى بالحياة العقلية الأثينية التي تهز المشاعر هزاً، بل يبقى قائداً عسكرياً بعد أن يصبح مؤرخاً.

فضله

على أننا رغم هذا كله مدينون له بالشيء الكثير، وليس من حقنا أن نعيبه فوق ما يستحق لأنه لم يكتب ما لم يتكفل بكتابته، فهاهنا نجد في القليل طريقة لكتابة التاريخ منظمة، واحتراماً للحقائق، ودقة في الملاحظة، ونزاهة في الحكم، وجزالة في اللفظ لم تبق بعده طويلاً، وسحراً في الأسلوب، وعقلاً قوياً سديداً عميقاً، تصلح واقعيته الصارمة لأن تكون دعامة لأرواحنا الروائية الخيالية بفطرتها. ولسنا نجد في كتابه شيئاً من القصص الخرافية، أو الأساطير، أو المعجزات. وهو يقبل قصص البطولة، ولكنه يحاول أن يفسرها بالاستناد إلى العلل الطبيعية؛ ويغفل ذكر الآلهة إغفالاً تاماً، ولا يجعل لها موضعاً في كتابه، ويسخر من النبوءات والوحي ومن غموضها الذي يجعلها في مأمن من الخطأ(150). ويندد في سخرية بغباء نيشياس إذ يركن إلى النبوءات بدل أن يركن إلى المعرفة الحقة. وهو لا يعترف بوجود قوة عليا مدبرة مرشدة، أو خطة إلهية موضوعة محكمة، بل إنه لا يعترف حتى "بالتقدم" نفسه؛ وهو ينظر إلى الحياة والتاريخ نظرته إلى مسرحية دنيئة ونبيلة معاً، يرفع من شأنها بين الفينة والفينة عظماء الرجال، ولكنها تهوي على الدوام إلى وهدة الخرافة، والحرب. وفي شخصه يحسم النزاع بين الدين والفلسفة وتنتصر الفلسفة.

مصيدة ثوكيديدس

مصيدة ثوكيديدس بين الصين وأمريكا.

تعبير "مصيدة ثوكيديدس" صاغه گرام أليسون ليشير إلى أن بزوغ قوة جديدة يبث الخوف في قلب القوة القديمة، مما يتسبب في نشوب حرب. إذ قال المؤرخ اليوناني القديم ثوكيديدس: "ما جعل الحرب حتمية كان تنامي قوة أثينا والخوف الذي سببه في اسبرطة".

وفي 6 أبريل 2016، قال سفير الصين لدى الولايات المتحدة، تسوي تيان‌كاي: الرغبة في تعدي تلك المصيدة جعل الصين تولي علاقتها بالولايات المتحدة أولوية قصوى. وأردف أن الصين لديها الثقة والقدرة لتجاوزها.[5]

انظر أيضاً

الهامش

  1. ^ Virginia J. Hunter,Past and Process in Herodotus and Thucydides, (Princeton University Press, 2017), 4.
  2. ^ Luciano Canfora,'Biographical Obscurities and Problems of Composition,' in Antonis Tsakmakis, Antonios Rengakos (eds.), Brill's Companion to Thucydides, Brill 2006 ISBN 978-9-047-40484-2 pp. 3–31
  3. ^ Cochrane, p. 179; Meyer, p. 67; de Sainte Croix.
  4. ^ Strauss, p. 139.
  5. ^ "Chinese ambassador to the U.S.: China has confidence and capability to overcome two 'traps'". صحيفة الشعب اليومية. 2016-04-06.

المصادر والاستزادة

Wikisource
Greek Wikisource has original text related to this article:

المصادر الرئيسية

  • Herodotus, Histories, A. D. Godley (translator), Cambridge: Harvard University Press, 1920. .
  • Pausanias, Description of Greece, Books I-II, (Loeb Classical Library) translated by W. H. S. Jones; Cambridge, Massachusetts: Harvard University Press; London, William Heinemann Ltd.. 1019.  .
  • Plutarch, Lives, Bernadotte Perrin (translator), Cambridge, MA. Harvard University Press. London. William Heinemann Ltd., 1914.  .
  • Thucydides, The Peloponnesian War. London, J. M. Dent; New York, E. P. Dutton, 1910. .

المصادر الثانوية

• Cochrane, Charles Norris. Thucydides and the Science of History. New York: Russell & Russell, 1965.
• Connor, W. Robert. Thucydides. Princeton, NJ: Princeton University Press, 1984.
• Dewald, Carolyn. Thucydides' War Narrative: A Structural Study. Berkeley, CA: University of California Press, 2006.
• Forde, Steven. The ambition to rule : Alcibiades and the politics of imperialism in Thucydides. Ithaca : Cornell University Press, 1989.
• Hanson, Victor Davis. A War Like No Other: How the Athenians and Spartans Fought the Peloponnesian War. New York: Random House, 2005.
• Hornblower, Simon, A Commentary on Thucydides. Oxford: Clarendon Press, 1991.
• Hornblower, Simon. Thucydides. London: Duckworth, 1987.
• Kagan, Donald. The Peloponnesian War. New York: Viking Press, 2003.
• Luce, T.James. The Greek Historians. London: Routledge, 1997.
• Momigliano, Arnaldo. The Classical Foundations of Modern Historiography. Berkeley: University of California Press, 1990.
• Orwin, Clifford. The Humanity of Thucydides. Princeton, NJ: Princeton University Press, 1994.
• Romilly, Jacqueline de. Thucydides and Athenian Imperialism. New York: Barnes and Noble, 1963.
• Rood, Tim. Thucydides: Narrative and Explanation. Oxford: Oxford University Press, 1998.
• Russett, Bruce. Grasping the Democratic Peace: Principles For A Post-Cold War World. Princeton, NJ: Princeton University Press, 1993.
• De Ste. Croix, G. E. M. The Origins of the Peloponnesian War. Ithaca, NY: Cornell University Press, 1972.
• Strassler, Robert B., ed. The Landmark Thucydides: A Comprehensive Guide to the Peloponnesian War. New York: Free Press, 1996.
• Strauss, Leo. The City and Man. Chicago: Rand McNally, 1964.

وصلات خارجية

يمكنك أن تجد معلومات أكثر عن توكيديدس عن طريق البحث في مشاريع المعرفة:

Wiktionary-logo-en.png تعريفات قاموسية في ويكاموس
Wikibooks-logo1.svg كتب من معرفة الكتب
Wikiquote-logo.svg اقتباسات من معرفة الاقتباس
Wikisource-logo.svg نصوص مصدرية من معرفة المصادر
Commons-logo.svg صور و ملفات صوتية من كومونز
Wikinews-logo.png أخبار من معرفة الأخبار.