العلاقات الأمريكية العمانية

العلاقات الأمريكية العمانية
Map indicating locations of Oman and USA

عُمان

الولايات المتحدة

العلاقات الأمريكية العمانية هي العلاقات الثنائية بين عُمان والولايات المتحدة.[1] ترجع العلاقات الأمريكية مع عُمان إلى 200 سنة، عندما كانت السفن الأمريكية ترسو على سواحل عُمان كميناء توقف في أوائل 1790. كانت عُمان أول دولة عربية تعترف بالولايات المتحدة، وأرسلت مبعوثاً عام 1841.[2]


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التاريخ

أحمد بن نعمان الكعبي أول سفير لعمان في واشنطن 1840. أرسله السلطان سعيد بن سلطان، لتنمية التجارة بين البلدين. اللوحة محفوظة في متحف پيبدي إسكس، مساتشوستس.

أسست الولايات المتحدة علاقات تجارية مع السلطنة خلال السنوات المبكرة من الاستقلال الأمريكي. كانت معاهدة الصداقة والتجارة[3] قد عُقدت في مسقط يوم 21 ديسمبر 1833، بواسطة إدموند روبرت وسعيد بن سلطان. وتعتبر تلك المعاهدة أول اتفاقية من نوعها مع دولة عربية مستقلة في الخليج العربي. حل محل هذه المعاهدة الأولية معاهدة الصداقة، العلاقات الاقتصادية، وحقوق القنصلية الموقعة في صلالة في 20 ديسمبر 1958.


العلاقات العٌمانية الأمريكية حتى عام 1932

على الرغم من آلاف الكيلومترات التي تفصل جغرافياً بين عٌمان والولايات المتحدة، فإنه من الأمور الباعثة على الدهشة أن يكون الوضع على تلك الحال وكان لكل من الدولتين تقاليد بحرية واهتمامات اقتصادية بحرية قوية، وكانت السفن العُمانية تخرج من صور وصحار ومسقط وتذرع المحيط الهندي جيئة وذهاباً طيلة قرون سابقة وتقوم بزيارات إلى شرق أفريقيا وجزر الهند الشرقية، بل وصلت إلى الصين بحثاً عن التجارة. [4]

ومع حصول الولايات المتحدة الأمريكية على استقلالها عام 1877 سرعان ما أخذت السفن الأمريكية تجوب هذه البحار الشرقية للهدف نفسه، وتدل التقارير أن سفينة أمريكية وصلت إلى مسقط هي المركب الشرعي رامبلر (Rambler) من بوسطن بقيادة القبطان روبرت فولجر وأن ذلك كان في أوائل شهر سبتمبر عام 1790 في عهد الرئيس جورج واشنطن.

لقد أصبحت السفن الأمريكية تصل إلى مسقط بين الحين والآخر لمدة تقارب ربع قرن بعد ذلك، ولم تكن حمولاتها في العادة بضائع أمريكية، بل كانت من السكر والشاي والتوابل وبعض منتجات جزر الهند الشرقية.

لكن حدثت متغيرات سياسية عالمية في نهاية القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر، وحدثت اضطرابات سياسية في الخليج وتهديدات دائمة من القواسم أصابت ميناء مسقط بالكساد، وتزامنت هذه المتغيرات والتهديدات مع صدور أوامر الرئيس توماس جيفرسون بحظر التجارة في المدة ما بين 1807-1809، فأدى ذلك إلى انخفاض عدد السفن الأمريكية التي تتردد على الموانئ في المنطقة الشمالية من المحيط الهندي ومنها مسقط.

لكن أخذت السفن الأمريكية تظهر ثانية في المحيط الهندي، وتتجه نحو شرقي أفريقيا ابتداء من عام 1820 وبشكل رئيس إلى موانئ مدغشقر وزنجبار، ووجد قباطنة السفن الأمريكية أنهم في منافسة بحرية حادة مع الأسطول العٌماني الهائل في عهد السيد سعيد بن سلطان (1804-1856)، وكانت قطع كثيرة من هذا الأسطول تقوم بعمليات نقل التجارة بانتظام إلى شرق أفريقيا، والموانئ الهندية.

ولبعد نظر السيد سعيد، لم يرغب في الدخول في تنافس بحري مع الولايات المتحدة، بل وكان يذهب إلى أبعد من ذلك، فإن السيد سعيد كان ينشد باستمرار ازدياد النشاط التجاري الأمريكي في مملكته، وعلى الجانب الأمريكي كان إدموند روبرتس، صاحب الفضل في إنعاش التجارة بين الولايات المتحدة ودولة السيد سعيد، ففي عام 1827 أبحر هذا التاجر إلى زنجبار، آملاً في جمع الثروة، ووجه خطاباً إلى السيد سعيد، وكان جواب السلطان سعيد: "إذا كنت تجد صعوبات عندنا، فإنه يمكن التغلب عليها، إذا أبرمت الولايات المتحدة معاهدة إنشاء علاقات مع السلطنة".

في الوقت نفسه، أخذ التجار الأمريكيون يضغطون على حكومتهم لإقامة علاقات تجارية وقنصلية مع السيد سعيد، لأنهم تحققوا من وجود فرص في مجالات الربح في زنجبار والموانئ الأخرى، وجاءت الفرصة السانحة لروبرتس، فقد عينه الرئيس الأمريكي أندرو جاكسون مبعوثاً خاصاً لحكومته في الصين وسيام وسلطنة مسقط وعُمان، فوصل مسقط في 18 سبتمبر 1833، ودارت مفاوضات بينه وبين السيد سعيد انتهت بعقد معاهدة صداقة وتجارة بين سلطنة مسقط وعُمان والولايات المتحدة الأمريكية في 21 سبتمبر 1833، وكانت أول معاهدة عقدتها السلطنة مع دولة كبرى مباشرة، وكانت تلك المعاهدة هي المثل الذي أحتُذي به في معاهدتي عُمان مع بريطانيا في سنة 1839 وفرنسا في سنة 1844.

تضمنت بنود هذه المعاهدات أن يكون للأمريكان حرية البيع والشراء في مسقط وزنجبار، وبالمقابل كان عليهم أن يدفعوا رسوماً جمركية قدرها 5% على جميع بضائعهم الواردة إلى مسقط وزنجبار، في حين تعفى من ذلك البضائع المصدرة، واعترفت الولايات المتحدة بحق الدولة الأولى بالرعاية، كما أعطت للأمريكيين الحق في تعيين قنصل لهم في موانئ السلطنة التي لهم فيها مصالح تجارية.

كانت هذه المعاهدة كسباً سياسياً مهماً بالنسبة للسيد سعيد، لأنها كانت اعترافاً أمريكياً بأهميته وأهمية بلاده، في الوقت الذي بدأت فيه العلاقات الرسمية بين بلاده والولايات المتحدة، بالإضافة إلى الكسب المعنوي ويقول كوبلاند في هذه المعاهدة: "بأنها فتحت الآفاق إلى صداقة سياسية جديدة من الممكن أن تكون بالرغم من ثقته بأصدقائه القدامى البريطانيين ذات منفعة في يوما ما، وربما لعبت دوراً ضدهم".

وعلى الجانب الآخر، فقد كان وقع هذه المعاهدة في الولايات المتحدة طيباً، وتمت مصادقة كل من الرئيس الأمريكي أندرو جاكسون ومجلس الشيوخ دون إبطاء لأنها لم تٌحمل الولايات المتحدة أية التزامات نحو سلطنة مسقط وعُمان، كما إن الولايات المتحدة أصبحت مرتبطة بصداقة إحدى القوى الآسيوية التي تفخر بامتلاكها أسطولاً أكبر من الأسطول الأمريكي.

وقد أثارت هذه المعاهدة قلق بريطانيا، فحكومة الهند البريطانية تراقب باهتمام حركات السفن الأمريكية في مسقط لذلك أرسلت هذه الحكومة الكابتن ه‍. هارت قبطان السفينة "إيموجين" التابعة للأسطول الملكي إلى زنجبار لتقييم طبيعة الاتصال الأمريكي بالقارة، ووصلها في فبراير 1834، ورفع تقريراً إلى حكومته أكد فيه أن الاتفاقية الأمريكية العُمانية لم تضمن أي مساعدة عسكرية لاحتلال ممباسا، وهو ما كانت تخشاه بريطانيا، في حين أكد لحكومته تزايد حجم التجارة الأمريكية، في الوقت نفسه أكد أيضاً أن الأمريكيين لا يفكرون باستيطان شرقي إفريقيا.

ورغم ذلك التأكيد، فقد أظهر هارت للسلطان سعيد عدم قبول النشاط الأمريكي المتزايد في ممتلكات السلطنة، وهذا دفع السلطان إلى عقد معاهدة مع بريطانيا في مايو 1839، كانت جوهرياً مقتبسة من المعاهدة الأمريكية، وأهم ما جاء فيها النص بشأن مكافحة تجارة الرقيق، وإعطاء القنصل البريطاني سلطة الفصل في المنازعات بين الرعايا البريطانيين والعرب.

مما لا شك فيه أن معاهدة 1833 أدت إلى تزايد النشاط التجاري الأمريكي في ممتلكات السيد سعيد الآسيوية والأفريقية، مع ملاحظة ازدهارها في الممتلكات الأفريقية أكثر من ازدهارها في مقر السلطنة في مسقط، فتزايد عدد السفن الأمريكية التي ترسو في زنجبار والتي تحمل قماشاً قطنياً أمريكياً متيناً سرعان ما شاع استعماله في شرق إفريقيا والخليج والجزيرة العربية إلى جانب بيع البارود، وفي المقابل تحمل من زنجبار العاج وصمغ الكوبال والقرنفل.

وفي الوقت نفسه ازدادت بعد معاهدة 1833 صادرات التمور العُمانية إلى الولايات المتحدة بشكل واضح، وفي الحقبة ما بين 1902 إلى 1913 فإن قيمة التمور العُمانية المباعة في الولايات المتحدة وصلت إلى مائة ألف دولار، وكان انخفاض سعر هذه التمور مع ارتفاع قيمتها الغذائية سبباً في ازدياد الاستهلاك الأمريكي لها إذ تقدر واردات التمور عام 1911 بحوالي 16256 طناً سنوياً.

وبعد الحرب العالمية الأولى دخل عامل جيد في العلاقات الأمريكية في منطقـة الخليج العربي أدى في النهاية إلى تغلغل أمريكي واسع في المنطقة، وهذا العامل هو النفط فعندما أعلن في عام 1922 عن وجود النفط في عُمان بكميات تجارية وافرة، اتجهت أنظار الأمريكيين إليها بالرغم من إدراكها أنها من المناطق التي تأكدت فيها السيطرة البريطانية وإدراكهم أن بريطانيا لن تسمح لشركات النفط الأمريكية باستثمار النفط فيها، لكن حدث أن تميزت حقبة الثلاثينات بنشاط واسع لشركات النفط الأمريكية التي استطاعت أن تحقق تفوقاً كبيراً في منطقة الخليج العربي.

العلاقات العُمانية الأمريكية 1932-1939

السلطان سعيد بن تيمور يصل واشنطن في ٣ مارس ١٩٣٨ للقاء الرئيس الأمريكي فرانكلن روزڤلت. وصل اليوم سلطان مسقط وعمان إلى واشنطن في زيارة رسمية تستغرق ٣ أيام، وقد استقبل استقبالا رسميا وعسكريا كرئيس دولة. وأُدِّيَت له التحية العسكرية أمام البيت الأبيض.

عندما تسلم السيد سعيد بن تيمور السلطنة في عُمان عام 1932 أخذ يعمل على التقرب من الولايات المتحدة وخاصة تقوية الصلات الرسمية بين البلدين في الوقت الذي كانت فيه علاقات الولايات المتحدة الرسمية قليلة مع أقطار الخليج العربي بشكل عام بالرغم من حصول الشركات الأمريكية على امتيازات في مجال النفط، وذلك لأن الولايات المتحدة لم تجد مجالاً لتغيير الوضع الخاص بالإشراف البريطاني على المنطقة وإدارة شؤونها الخارجية.

لكن الاستثناء الوحيد كان سلطنة مسقط وعُمان فقد جاءت الرغبة في تقوية العلاقات العُمانية الأمريكية عند السلطان سعيد بن تيمور لتتلازم مع رغبة أمريكية في ذلك، فأرسلت الخارجية الأمريكية في 18 مارس 1934 بعثة دبلوماسية خاصة لزيارة السلطان سعيد بن تيمور بمناسبة الذكرى المئوية لعقد معاهدة الصداقة والتجارة بين الولايات المتحدة ومسقط لعام 1833، وكانت برئاسة پول كنابنشو، وتسلم السلطان سعيد رسالة من الرئيس الأمريكي فرانكلين روزڤلت (1945-1923)، تضمنت حسن النية في العلاقات بالإضافة إلى التهاني بمناسبة الذكرى المئوية لعقد هذه المعاهدة.

ومن الجدير بالذكر، أنه في الوقت الذي كانت فيه الحكومة الأمريكية تهدف إلى مد نفوذها في مسقط فقد أبدى السلطان سعيد بن تيمور رغبته في توسيع العلاقات التجارية بين البلدين، وأجرى اتصالا مع شركة النفط الأمريكية ستاندارد أويل أوف كاليفورنيا عام 1937، وكان لديه الرغبة لإعطاء امتيازات للشركات الأمريكية للعمل في بلاده خاصة بعد تعرض بلاده لأزمة مالية وفشل شركة النفط الإنجليزية الفارسية العاملة في استخراج النفط وإحلال شركة أخرى محلها، وحاولت الولايات المتحدة الاستفادة من هذه الرغبة لتحقيق مصالحها النفطية في عُمان لكن الموقف البريطاني المعارض منعها من تحقيق ذلك.

لذلك وجد السلطان سعيد أنه لا بد من الاتصال المباشر مع المسؤولين الأمريكيين، فأرسل رسالة إلى الرئيس الأمريكي في آذار (مارس) 1937، أشار فيها إلى رغبته في زيارة الولايات المتحدة، وقد رد الرئيس الأمريكي برسالة إلى السلطان جاء فيها إنه يرحب بسلطان مسقط وعُمان ضيفاً على الولايات المتحدة وتطوير العلاقات بين الدولتين.

في مارس 1938، وصل السلطان إلى واشنطن، ودارت مباحثات بين الجانبين تركزت حول قضية وجود النفط في السلطنة وموضوع إعادة النظر في بنود معاهدة عام 1833، وغادر السلطان نيويورك على ظهر الباخرة كوين ماري Queen Mary متوجهاً إلى بريطانيا التي وصلها في 28 مارس 1938 ليبدأ زيارة إلى هذا البلد.

ولكن في الوقت الذي كانت فيه الحكومة البريطانية هي المسؤولة عن تنظيم الرحلة التي قام بها السلطان سعيد بن تيمور إلى الهند واليابان والولايات المتحدة بسبب غياب التمثيل الدبلوماسي لهذه البلدان مع السلطنة، فإن التقارير الأمريكية قد أشارت إلى أن المراسلات التي تخص زيارة السلطان إلى الولايات المتحدة جرت بصورة مباشرة بين سعيد بن تيمور والحكومة الأمريكية وليست عن طريق الحكومة البريطانية، الأمر الذي أغاظ الحكومة البريطانية.

وفي الوقت نفسه، فإن وزارة الخارجية الأمريكية، واعترافاً من الحكومة الأمريكية بمعاهدات الصداقة التي تربط الحكومة البريطانية مع حكام إمارات الخليج بصورة عامة وسلطان مسقط وعُمان بصورة خاصة، فقد أبلغت السفير البريطاني في واشنطن بالزيارة التي يرغب السلطان القيام بها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وأكدت أنها زيارة للمجاملة بعيدة عن أية التزامات سياسية، وقد رد السفير البريطاني إنه سيعرض الموضوع في حكومته وطلب أن تكون هذه القضية في الوقت الحالي سرية بشكل عام من أجل جذب أي إحراج ممكن لكلا الحكومتين.

وما يجدر ذكره، في هذا السياق أن القنصل البريطاني في مسقط وبناءً على أوامر من حكومة الهند البريطانية، فقد بعث إلى السلطان سعيد في 21 يوليو 1937، جاء فيها أن الحكومة البريطانية على علم بمراسلات السلطان مع الرئيس الأمريكي روزفلت حول الزيارة التي يرغب القيام بها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، واستفسر القنصل عن سبب عدم إرسال السلطان أية معلومات إلى المقيم السياسي ليقوم بمخاطبة الحكومة الأمريكية نيابة عنه، واختتمت الرسالة بضرورة أن يقوم السلطان بإبلاغ الحكومة البريطانية عن طريق المقيم السياسي عن أية مراسلات ينوي توجيهها إلى الدول الخارجية.

وقد رد السلطان برسالة بعث بها في 5 أغسطس، عكست سياسة قائمة على رغبة في التمسك بحقوقه الشرعية وتصميمه على أن يكون مستقلاً وله حرية التصرف من الوجهتين الفعلية والقانونية، وختم السلطان رسالته "إننا متيقنون أن حضرة الدولة لا ترضى أن يطلب منه رجالها [مسائلاً] التي لم تتعود عليها نحن وأسلافنا، ولا شك أننا متى رأينا [مسائلاً] ينبغي أن نستثيرها فيها فستعمل ذلك".

ونشير هنا إلى أنه بالرغم من هذه الاستقلالية والتمسك بالحقوق الشرعية، فقد وقع السلطان وبمرور الزمن تحت تأثير المستشارين البريطانيين الذين كانوا يتصرفون على الشؤون الخارجية والدفاعية والمالية، وبالتالي فقد أعاق هذا التأثير إلى حد ما من حرية تحرك السلطان نحو إقامة علاقات قوية مع الولايات المتحدة الأميركية وهذا ما ستلاحظه في الصفحات القادمة.

العلاقات أثناء الحرب العالمية الثانية

عندما نشبت نيران الحرب العالمية الثانية عام 1939 كانت سياسة الولايات المتحدة تقوم على عدم التدخل بشكل فعلي فيها، واكتفت بتقديم المساعدات المالية والخدمات العسكرية لبريطانيا بموجب قانون الإعارة والتأجير، وعلى هذا الأساس اعتمدت الولايات المتحدة أسلوب الحياد الذي لم يطل، فالهجوم الياباني على الهجوم على پيرل هاربر في ديسمبر 1941، أسفر عن دخول الولايات المتحدة الحرب إلى جانب الحلفاء.

هذا الأمر، أكسب الخليج العربي أهمية استراتيجية خاصة، إذ أصبح من أيسر سبل الاتصال بين الاتحاد السوڤيتي والولايات المتحدة الأميركية عبر إيران، ونجم عن ذلك أن وجدت الولايات المتحدة نفسها متورطة تدريجياً في الشؤون العسكرية للخليج، وأصبح هذا واضحاً من خلال الاتفاق الأمريكي البريطاني حول تقسيم العالم إلى مناطق عسكرية، ففي 9 مارس 1942 كتب الرئيس الأمريكي روزفلت رسالة إلى رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل اقترح فيها جعل الولايات المتحدة مسؤولة عسكرياً عن منطقة المحيط الهادي، وفي ضمنها قارتا أمريكا الشمالية والجنوبية والصين وأستراليا ونيوزيلندا واليابان، وجعل بريطانيا مسؤولة عسكرياً عن المنطقة الممتدة من سنغافورة باتجاه الغرب، ومن ضمنها الهند والمحيط الهندي والخليج العربي والبحر الأحمر وليبيا والبحر المتوسط، وقد أجاب تشرشل على رسالة روزفلت في 18 مارس 1942 موافقاً على الاقتراح.

وبموجب هذا التفاهم الأمريكي-البريطاني، أصبح الجنرال كونللي مشرفاً على مصالح الحلفاء في الخليج العربي، كما أعلن الرئيس الأمريكي روزفلت أن جيش الولايات المتحدة سيرفع عن كاهل بريطانيا بعد الإعلان عبء مسؤولية نقل المعدات إلى الاتحاد السوڤيتي بطريق إيران في الوقت نفسه استمرت الولايات المتحدة تحترم مركز بريطانيا في الخليج، فعندما طلبت السعودية قرضاً من الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية بسبب توقف عمليات ضخ النفط، أرسلت الولايات المتحدة الطلب إلى الحكومة البريطانية لكي تخصص نسبة من معونات الإعارة والتأجير التي كانت بريطانيا تتسلمها من الولايات المتحدة لمواجهة متطلبات السعودية.

لقد كان من الطبيعي أن ينعكس هذا الواقع الناجم عن اندلاع الحرب على سلطنة مسقط وعُمان من جميع الجوانب، على أساس أنها منطقة اهتمام بريطانية، فعند اندلاع الحرب أعلن السلطان سعيد عن استعداده لتقديم كل التسهيلات التي يحتاجها البريطانيون وفق شروط معينة، وعلى أساس أن سلطنة مسقط وعُمان كانت تتمتع باستقلال محدود تمتاز به عن غيرها من إمارات الخليج العربي رغم وجود نفوذ بريطاني في السلطنة، فإنه كان لا بد للولايات المتحدة عندما شعرت بحاجتها إلى تسهيلات جوية في منطقة الخليج من أن تتشاور مع الحكومة البريطانية في هذا الشأن، وهذا يعني أن الولايات المتحدة في محاولاتها للتفاوض مع السلطنة بشأن التسهيلات الحربية يجب أن تأخذ في اعتبارها الوضع الخاص لبريطانيا فيها والذي يستلزم دخول بريطانيا كطرف في أي مفاوضات تجريها الولايات المتحدة مع السلطنة.

أدركت الولايات المتحدة أنه لا بد من الحصول على تسهيلات جوية تقضي بمرور الطائرات الأمريكية في أجواء منطقة الخليج العربي والحصول على قواعد فيها، لذلك تشاورت الحكومة الأمريكية مع المملكة العربية السعودية وسلطنة مسقط وعُمان وبمشاركة الحكومة البريطانية عام 1942.

بدأت المفاوضات مع حكومة مسقط عندما تقدمت وزارة الخارجية الأميركية عن طريق الوزير الأمريكي في نيودلهي ميريل بطلب إلى حكومة الهند البريطانية التي تدير الشؤون الخارجية لمسقط وعُمان السماح للطائرات الأمريكية بالهبوط في صلالة ورأس الحد على أرض السلطنة وكذلك في جزيرة مصيرة التي كانت فيها قاعدة عسكرية بريطانية منذ الحرب العالمية الأولى، وقد كتب ميريل إلى وزير الخارجية الأمريكية في 9 حزيران (يونيو) 1942 تقريراً طويلاً أشار فيه إلى أن سكرتير حكومة الهند البريطانية طرح عليه بصورة غير رسمية إقامة الترتيبات الدبلوماسية مع سلطان مسقط وعُمان للحصول على تسهيلات لصالح القوات الجوية الأمريكية، وأن السلطان أصبح متعاوناً معنا -أي مع الأمريكيين- لكن ميريل ذكر أيضاً أنه حصل على معلومات من سكرتير حكومة الهند البريطانية تفيد أن السلطان سعيد قلق بشأن وصول أربعة من موظفي الخطوط الجوية الأمريكية پان أمريكا دون سابق إنذار يؤكدون أنهم جاءوا لإعداد الترتيبات الضرورية للتسهيلات الأرضية، كما قال في تقريره "أنه استجابة للتعليمات التي تضمنتها برقية وزارة الخارجية الأمريكية المؤرخة في 2 يوليو 1942، فقد تقدمت بطلبي مستفسراً عما إذا كانت لدى الحكومة الهند البريطانية الرغبة بالاتصال بممثل الحكومة البريطانية في مسقط للاتصال بالسلطان حول هذه المسألة لصالح الحكومة الأميركية وبعد أيام تسلمت رداً إيجابياً مؤكداً ذلك.

وأشار ميريل في تقريره أنه أرسل مذكرة إلى سكرتير حكومة الهند في 8 يوليو 1942 معبراً له عن الرغبة في الحصول على موافقة السلطان لمنح التسهيلات لجيش الولايات المتحدة أسوة بالتسهيلات الممنوحة للبريطانيين، ومن بينها استخدامهم لمطار جوي في مسقط، وأضاف ميريل أنه تسلم مذكرة من حكومة الهند تفيد أنه تمت اتصالات ما بين الوكيل السياسي البريطاني في مسقط والسلطان جاءت نتيجتها موافقة السلطان على منح التسهيلات التي تطلبها الولايات المتحدة واختتم ميريل تقريره مؤكداً أنه ليس هناك أية صعوبة في الحصول على قواعد للتجهيزات والتمويل في مسقط.

وقد أرفق ميريل تقريره هذا بثلاث رسائل (مرفقات) كانت الأولى وتاريخها السادس من شهر يونيو 1942 من السكرتير المقيم لحكومة الهند البريطانية إلى الوزير الأميركي في نيودلهي تشير إلى أن حكومة الهند فقد تلقت معلومات تفيد أن قيادة الدفاع الجوي للولايات المتحدة عازمة على إنشاء مطارات بأراضي مسقط للطائرات التي تستخدم خطوط الطيران المارة بجنوب الجزيرة العربية في كل من صلالة ورأس الحد ومصيرة واقترح على حكومة الولايات المتحدة الحصول على موافقة السلطان الكاملة قبل إرسال القوات الأمريكية للاستقرار في هذه المطارات، وأكد أن الحكومة البريطانية سبق أن حصلت على موافقة السلطان قبل بناء مطاراتها واستخدام طائراتها.

أما الرسالة الثانية فكانت من الوزير الأميركي في نيودلهي ميريل إلى السكرتير المقيم لحكومة الهند البريطانية المسؤول عن إدارة الشؤون الخارجية السيد وييتمان يشير فيها أن حكومته قد كلفته بالتقدم بطلب إلى حكومة الهند البريطانية لترسل أوامرها إلى الممثل البريطاني في مسقط من أجل الاتصال بالسلطان حول إمكانية استخدام الطائرات الأمريكية لمطارات صلالة ورأس الحد ومصيرة ومسقط، وأوضح ميريل أن رغبة حكومته في الحصول على موافقة السلطان على منح التسهيلات لجيش الولايات المتحدة المماثلة لتلك التسهيلات الممنوح للبريطانيين، ومن ضمنها حق استخدام ساحات الطيران في مسقط من قبل الطائرات الأميركية وتحت مسؤولية جيش الولايات المتحدة، والسماح لموظفي الطيران سواء أكانوا عسكريين أو مدنيين بالإقامة ما دامت تتطلبهم خدمات الطيران كإنشاء وتشغيل محطات الأنواء الجوية والاتصالات اللاسلكية.

وأضاف ميريل أنه قد تعين العميد فيتزجيرالد من جيش الولايات المتحدة ليتولى قيادة العمليات الجوية في الشرق الأوسط وإفريقيا، وسيكون تحت إشرافه وإدارته المباشرة عمليات شركة "بأن أمريكان للطيران" في هذه المناطق وأن الخدمة المقترحة تميز ذات أهمية قصوى لاتصالها بنقل المعدات الحربية الأساسية إلى كراتشي، وفي طيران طائرات النقل وعودة الملاحين الجويين، وختم ميريل رسالته بالقول "إنه بعدد متابعة هذه القضية مع حركة الهند، فقد تسلمت التعليمات التي تؤكد أهمية هذه الخدمات الجديدة للدفاع عن الهند".

وأما المرفق الثالث بتقرير ميريل، فجاء موجهاً من ويتمان إلى ميريل، أشار فيها إلى موافقة السلطان على منح حكومة الولايات المتحدة تسهيلات للقوات الجوية التابعة لجيش الولايات المتحدة، مشابهة لتلك التسهيلات الممنوحة آنذاك للحكومة البريطانية وتشمل بالتحديد:

1- استخدام المطارات في أراضي مسقط بواسطة الطائرات العاملة ضمن خدمات جيش الولايات المتحدة.

2- الإذن بإنشاء مباني في "صلالة" و"مصيرة" و"رأس الحد" وعلى محطات نزول لأسراب الطائرات في تلك الأماكن.

3- منح الإذن بنزول أقل عدد ممكن من الأشخاص اللازمين لتشغيل وصيانة هذه الطائرات وإنشاء وتشغيل محطات لاسلكي وأرصاد جوية ضرورية لسلاح الجو التابع للولايات المتحدة لتدعيم مثل هذه الخدمات القائمة آنذاك والعاملة بواسطة سلاح الجو الملكي البريطاني والاتفاقات والامتيازات الممنوحة من قبل صاحب العظمة تشمل الإعفاء من الرسوم الجمركية كل من البترول وزيوت التشحيم اللازمة لطائرات سلاح الجو التابع للولايات المتحدة الأمريكية.

وقد قرن السلطان تحقيق هذه التسهيلات بشروط معينة وهي كما جاءت في كلماته:

1- يشترط أن توضح الأمور لنا مثل: على من تقع المسؤولية ومن يجيب عن أي سؤال يثار بخصوص تصرف الأشخاص الأمريكيين ...إلخ

2- التعهد بدفع تعويض عن أية أضرار يتسبب فيها الموظفون الأمريكيون أو الطائرات.

3- أتعهد بأن الموظفين الأمريكيين يقبلون ويلتزمون لكل قوانيننا وأحكامنا المحلية، كما هي أو ما يتم وضعه في تصرفاتهم خاصة تلك التي تتصل بتعيين الحراس لمعسكراتهم أو لأشخاصهم.

4- والتعهد بأن حراس المعسكرات الأميركية وحراس الأشخاص الذين نمدهم نحن بهم يجب أن يقبلوا وأن تدفع لهم رواتب.

وتضمنت الرسالة تعليقاً على هذه الشروط من قبل ويتمان وختمها بطلب تضمن معرفة كون شروط السلطان مقبولة لدى حكومة الولايات المتحدة فإذا كان الأمر كذلك ومطلوب التوقيع على اتفاق مع السلطان، فيجب إبلاغ الوكيل السياسي البريطاني بمسقط لكي يبلغ السلطان بذلك.

وجاءت خاتمـة المفاوضات - مفاوضات التسهيلات الجويـة العسكرية الأمريكية بأراضي مسقط – في رسالة برقية بعث بها وزير الخارجية كوردل هل في 4 نوفمبر 1942 إلى ميريل وجاء فيها: لقد أبلغت وزارة الحربية وزارة الخارجية موافقتها على معظم ما جاء من نقاط في شروط السلطان.

وهكذا انتهت المفاوضات التي دارت من خلال الوزير الأمريكي في نيودلهي وسكرتير حكومة الهند للشؤون الخارجية ووزير الخارجية الأمريكية واستغرقت الفترة من يونيو إلى تشرين الثاني (نوفمبر) 1942 بقبول الحكومة الأمريكية شروط السلطان سعيد بن تيمور حول منح التسهيلات الجوية في أراضي السلطنة للطائرات الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية، واستعانة المسؤولين الأميركيين بزملائهم البريطانيين في الهند من أجل إعطاء السلطان الضمانات التي طلبها.

وقد نتج عن ذلك قيام شركة خطوط بان أمريكان الجوية العالمية ببناء المعسكرات وحظائر الطائرات لحساب الحكومة الأمريكية، في حين مهدت القوات الجوية الملكية البريطانية ممرات الهبوط، وتدفقت طواقم القوات الجوية الأمريكية وملأت المباني، فضلاً عن القوات الجوية الملكية البريطانية، والقوات الجوية التابعة لجنوب أفريقيا.

وفي هذا السياق ونتيجة لظروف الحرب العالمية الثانية والتعاون البريطاني الأمريكي في هذا المجال، دعت الضرورة إلى إقامة بعض المباني والإنشاءات لخدمة الأهداف الحربية والمسح الجوي للمنطقة، ففي يونيو 1945 قامت بعثة عسكرية أمريكية بقيادة الفريق مور بعمليات مسح وتصوير جوي ورسم خرائط لساحل عُمان، وفي أغسطس من السنة نفسها، فكر الأمريكيون بمسح سلطنة مسقط وعُمان، ولذلك فقط طلب المقيم السياسي البريطاني من القنصل البريطاني في مسقط إبلاغ السلطان برغبة المساحين الأمريكيين بقيادة مور في زيارة السلطنة في أوائل سبتمبر 1945، لغرض أخذ عينات أرضية لإثبات مصداقية الخرائط المصورة جواً، وتأكيد رغبة الفريق مور في مقابلة السلطان سعيد شخصياً لضمان حصول موافقته على تحرك الفريق أثناء عمليات المسح بخط ساحلي طوله 50 ميلاً باتجاه الداخل.

وفي أغسطس 1945 رد السلطان أنه ليس لديه أي اعتراض على استقبال الفريق مور والسماح له بإجراء المسح في المناطق الساحلية، ولكنه أكد أنه من المستحيل على البعثة الانتقال على امتداد خمسين ميلاً ساحلياً نحو الداخل لأن هذه المسألة لا يتم إجراؤها إلا في أثناء فترة السلام، أما والحرب قائمة فلا بد من اتصال الحكومة الأمريكية به حول الاستمرار بالمسح.

لقد ضمت بعثة المسح الأمريكي ثلاثة أشخاص تابعين لقيادة مور ومترجماً ودليلاً مع سائقين محليين، ووصلت إلى مسقط في 26 أكتوبر 1945، وبعد إقامة في مسقط استمرت ما يقارب الشهر، غادرت البعثة إلى القاهرة.

يتضح مما تقدم أن أهمية عُمان الاستراتيجية قد ازدادت خلال الحرب العالمية الثانية لدرجة وصفها فيليبس بأنها "تمثل سدادة قنينة الخليج العربي".


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الوجود السياسي والعلاقات الدبلوماسية

مما لا شك فيه أن الولايات المتحدة كانت لديها الرغبة في إقامة وجود سياسي لها في عُمان، كذلك فإن هذه الفرصة كانت لدى المسؤولين العُمانيين وعلى أعلى مستوى في القيادة العُمانية. لكن من الملاحظ، أن هذه الرغبة المشتركة تبلورت بصورة واضحة بعد عقد معاهدة 1833، لذلك فإن هذه السنة يمكن اعتبارها بداية لوضع هذه الرغبة موضع التنفيذ، وقد أصبح وجود هذه المعاهدة يبشر بعهد جديد في العلاقات الدولية.

لقد أصبح للولايات المتحدة بموجب هذه المعاهدة مصالح تجارية ولا بد من وجود سياسي يحمي هذه المصالح عن طريق إنشاء علاقات دبلوماسية وقنصلية، لذلك وبموجب هذه المعاهدة عينت الحكومة الأمريكية أحد رعاياها ريتشارد بالمر ووترز عام 1836 ليكون أول قنصل أمريكي في زنجبار باعتبارها العاصمة الجديدة للسلطنة، ولأنها المركز التجاري الحيوي للتجارة الأمريكية في السلطنة وتوابعها من جهة ثانية.

وأما في مسقط، فقد عينت الحكومة الأمريكية مواطناً أمريكياً آخر يدعى هنري ب. مارشال قنصلاً للولايات المتحدة في عاصمة السلطنة مسقط منذ 15 فبراير 1838، وقد تسلم عمله بمسقط منذ منتصف شهر أكتوبر 1838، ولم يمكث مارشال في مسقط أكثر من تسعة أشهر وانتقل إلى بومباي تاركاً المواطن العربي سعيد بن خلفان مترجم روبرتس سابقاً نائباً للقنصل في مسقط الذي ظل يمارس هذا الدور حتى وفاته في يوليو 1845.

ويعزى سبب عدم تعيين قنصل أمريكي في مسقط بعد مارشال إلى أن النشاط التجاري الأمريكي في ممتلكات السيد سعيد بن سلطان (1807-1856) الأفريقية كان أكبر من النشاط التجاري في ممتلكاته الآسيوية لذلك ألحقت مسقط بقنصلية زنجبار وتسلم مهامها تشارلز وارد القنصل الأمريكي في زنجبار الذي تسلم مهامه القنصلية في 24 يناير 1846 وفي عهد هذا القنصل برزت خلافات بين البلدين أفسدت العلاقات بينهما، وأدى بالتالي إلى قطع العلاقات بين البلدين في يوليو 1850.

لكن حدث أن سويت الأمور بين البلدين، فقد ثبت أن وارد كان قد هول هذه الخلافات، وظهر أن الولايات المتحدة لم تكن مستعدة للتخلي عن صداقتها للسيد سعيد بن سلطان، وغادر وارد زنجبار إلى مدينة سالم بسبب سوء حالته الصحية أولاً وخلافاته مع السيد سعيد بن سلطان ثانياً، وعين وليم ماكميلان (W. Macmillan) وكيلاً للقنصل في زنجبار وفي عام 1852 عين ماكميلان رسمياً قنصلاً للولايات المتحدة الأمريكية في زنجبار واستمر توافد القناصل الأمريكيين على زنجبار بعد وفاة السيد سعيد عام 1856 وتقسيم ممتلكاته.

ففي عهد السلطان تركي بن سعيد (1871-1888) أخذ الاهتمام الأمريكي يتجدد بمنطقة الخليج العربي بعد فترة ركود واكبت الحرب الأهلية الأمريكية (1861-1865) وما بعدها، فقد وافقت واشنطن على تعيين لويس ماجواير من مؤسسة مسقط التابعة لشركة تاول وشركاه، وهو شخص بريطاني مقيم في مسقط، قنصلاً لأمريكا، واستقبل رسمياً في 22 يوليو 1880وفي الأول من شهر تشرين الأول (أكتوبر) عام 1886 تسلم ماكاردي وهو أيضاً من شركة تاول وشركاه المهمة من ماجواير كقنصل أمريكي في مسقط.

استمر استخدام القناصل غير أمريكيي الجنسية حتى عام 1909، بعدها عادت الولايات المتحدة إلى تعيين قناصل أمريكيي الجنسية، فقد ازدادت التجارة وأخذت تعود إلى سابق عهدها، واستمر الوضع على هذا الحال حتى أغلقت القنصلية الأمريكية في مسقط أبوابها وأرسلت محتوياتها وأرشيفها إلى القنصلية الأمريكية في بغداد، وكان ذلك في مارس عام 1915، وتعهد القنصل البريطاني بحماية المصالح الأميركية في مسقط، وأبدى السلطان موافقته على ذلك، وكان قد عبر في البداية من دهشته للقرار الأمريكي برسالة بعث بها إلى القنصل البريطاني في 29 مايو 1915.

ولا بد أن نشير هنا إلى أنه في هذه المرحلة التاريخية من العلاقات العُمانية الأمريكية في جانبها السياسي، يتأكد أنه لم يكن هناك تناقض بين الحكومة الأميركية من جهة وبين الحكومة البريطانية من جهة أخرى، إذا لم تكن المصالح الأمريكية من جهة وبين منطقة الخليج العربي، لذلك فإن الدبلوماسية الأميركية كانت تكتفي بالزيارات التي يقوم بها أعضاء هيئاتها الدبلوماسية في المناطق المجاورة، وبقي الوضع على هذا الحال حتى قيام الحرب العالمية الثانية، ومن هذه الزيارات التي تمت قبل هذا التاريخ تلك التي قام بها القنصل الأمريكي في بغداد جون راندولف إلى مسقط في 7 نوفمبر 1923.

وفي المقابل، فإن أهم ما يميز هذه الفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية وعلى مستوى العلاقات الرسمية بين الولايات المتحدة وسلطنة مسقط تلك الزيارة التي قام بها السلطان سعيد بن تيمور للولايات المتحدة عام 1938. بعد نشوب الحرب العالمية الثانية، أظهرت الولايات المتحدة حاجتها لتقوية نفوذها في الخليج العربي، خاصة وأن تقارير الجيولوجيين الأمريكيين الذين أوفدوا إلى الشرق الأوسط في عام 1942، أشارت إلى أن مركز الثقل في نفط العالم يبتعد تدريجياً عن خليج المكسيك ومنطقة البحر الكاريبي إلى منطقة الخليج العربي، لهذا فقد أعلن الرئيس الأمريكي روزفلت في 18 فبراير 1942، "إن الدفاع عن السعودية أمر يتعلق بالدفاع عن المصالح الأمريكية".

لذلك قررت الولايات المتحدة أن يمتد قانون الإعارة والتأجير إلى السعودية مباشرة دون وساطة بريطانية، وقد سجل هذا القرار نهاية التفوق البريطاني في السعودية وبداية تفوق النفوذ الأمريكي، وكانت الحكومة الأمريكية قد طلبت في 8 فبراير 1943، فتح قنصلية لها في البحرين، ولكن الحكومة البريطانية رفضت هذا الطلب بحجة أنه سيفتح المجال أمام الحكومات الأخرى لترسل بقناصلها إلى المنطقة خاصة من الدول العربية المجاورة.

وعلى الرغم من أن إصرار الولايات المتحدة الأمريكية في تعزيز نفوذها في منطقة الخليج العربي قد أدى إلى ظهور الخلافات مع بريطانيا، إلا أن مصالح الدولتين المشتركة أدت إلى محاولة التوصل إلى تفاهم بشأن سياستهما في المنطقة، ولهذا فقد جرت محادثات أمريكية بريطانية في لندن في 7 أبريل 1944، تركزت على المصالح الأمريكية في منطقة الخليج العربي، ومسألة إقامة قنصلية أمريكية في البحرين أعقبتها مراسلات بين السفارة الأمريكية في لندن ووزارة الخارجية البريطانية في يونيو 1944، انتهت بموافقة البريطانيين على ما يأتي:

1- الاعتراف بالمصالح الأمريكية في البحرين.

2- وضع البحرين ضمن منطقة التمثيل الدبلوماسي الأمريكي في الظهران.

3- تسهيل تحركات الموظفين والضباط التابعين للقنصلية الأميركية في الظهران وإصدار تأشيرات المرور وتوفير وسائل النقل والاتصالات لها.

ولكي تضع الولايات المتحدة هذه الامتيازات التي حصلت عليها موضع التنفيذ ولتعرف مدى تجاوب البريطانيين بعد هذا الاتفاق، أبدى نائب القنصل الأمريكي في الظهران باركر هارت رغبته في زيارة كل من قطر ومشيخات ساحل عُمان ومسقط، وطلب من الوكيل السياسي البريطاني في البحرين تزويده بتأشيرات دخول لزيارة هذه المناطق باعتبارها تقع بصورة غير رسمية ضمن دائرة نفوذه، وقد اعترض المقيم السياسي البريطاني على الطلب أنه لم يتسلم أية تعليمات رسمية تؤيد بأن دائرة نفوذ نائب القنصل الأمريكي في الظهران تتعدى البحرين، كما أن عليه معرفة موقف حكومة مسقط من هذا الطلب.

ولكن، ومنذ بداية شهر مارس 1945، قامت السفارة الأمريكية في لندن بتوجيه رسائل إلى وزارة الخارجية البريطانية بخصوص هذا الموضوع، وكان مما تضمنته هذه الرسائل التأكيد على أن الوكيل السياسي البريطاني في البحرين لم يكن متعاوناً في هذا المجال، خاصة ضرورة شمول كل من قطر ومشيخات الساحل العُماني بالنقاط التي جاءت في الاتفاق السابق، ومن ضمنها شمول مسقط، والتمست السفارة الأمريكية في لندن في هذه الرسائل أيضاً من المسؤولين البريطانيين أن يكونوا على علم بالتفاهم الذي على أساسه وجهت وزارة الخارجية الأمريكية تعليماتها إلى بعثتها في نيودلهي لإبلاغ حكومة الهند أنه اعتباراً من 15 أكتوبر 1944، فإن قطر ومشيخات ساحل عُمان ومسقط قد وضعت ضمن منطقة القنصلية في الظهران.

ونتيجة لهذا الموقف الأمريكي المتشدد، القائم على تحقيق مصالح الولايات المتحدة في منطقة الخليج، بشكل عام وفي مسقط بشكل خاص، فقد اعترفت الحكومة البريطانية في 3 يوليو 1945 بمدّ دائرة القنصلية الأمريكية في الظهران إلى قطر ومشيخات الساحل ومسقط، ويشير عبد العزيز إبراهيم إلى هذه الخطوة البريطانية ويقول: "يبدو أن قرار الحكومة البريطانية التي تهدف إلى إبعاد كل القوى الأجنبية الأخرى عن المنطقة، وكان واضحاً أن بريطانيا لم تسمح بهذا إلا بعد أن استطاعت ربط المنطقة بسلسلة من التعهدات التي تجعل من وصول أيّ نفوذ آخر أمراً غير مؤثر. كما أصرت على تعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع المنطقة عن طريق الأجهزة السياسية البريطانية في الخليج العربي".

والجدير بالذكر، أنه لا بد أن نشيـر هنا إلى أن جميع المراسلات البريطانية حـول مسألة ضم مسقط إلى القنصلية الأمريكية في الظهران كانت تؤكد ضرورة مفاتحة الحكومة الأمريكية للسلطان، أما دور المقيم السياسي في البحرين فهو العمل على إصدار تأشيرات الدخول. وفي الوقت نفسه أشارت مصادر الهند إلى أن سلطان مسقط وعُمان غير راغب في أن يمتد النشاط القنصلي الأمريكي إلى مسقط، على الرغم من أن المادة التاسعة من معاهدة عام 1833 تشير إلى حق الولايات المتحدة في إقامة قنصلية أمريكية في مسقط.

في الوقت الذي وافقت فيه الحكومة البريطانية على مد التمثيل القنصلي الأمريكي إلى مسقط، كتبت إلى سلطات الخليج بعدم إخطار سلطان مسقط بهذه الموافقة، لأنه حاكم مستقل وربما كره منا أن نتفق على هذا من وراء ظهره، وحينما يعرف السلطان بهذا عن طريق حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، يمكن أن يقال له بأننا عرفنا هذا الأمر من الحكومة الأمريكية.

بعد الحرب العالمية الثانية- 1949

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، تبنت الحكومة الأمريكية سياسة جديدة نحو منطقة الخليج العربي، بسبب إدراكها الأهمية المستقبلية للمواد الأولية بصورة خاصة ولقرب المنطقة من الاتحاد السوفيتي وقد بدأ التخطيط الأمريكي عقب الحرب العالمية الثانية يتجه نحو تأمين المنطقة وضمان التعاون مع حكوماتها.

وبناء عليه، أعدت وزارة الخارجية الأمريكية في 15 مارس 1946 مذكرة بعنوان: "السياسة الأمريكية الحالية نحو إمارات الخليج العربي بصورة عامة وسلطنة مسقط وعُمان بصورة خاصة"، جاء فيها "أنه في الوقت الذي تعترف فيه الولايات المتحدة بالوضع الخاص لبريطانيا العظمى في إمارات الكويت والبحرين وقطر والساحل العُماني، فإن سياستنا نحو هذه المنطقة تعتمد على أن الوضع البريطاني الخاص في هذه الإمارات لن يؤدي إلى إلحاق الضرر بالمصالح الأمريكية أو مصالح السكان المحليين والحكومات القائمة، وأن سياستنا نحو سلطنة مسقط وعُمان تستند على واحدة من أقدم معاهداتنا التي ما زالت نافذة المفعول، وهي معاهدة الصداقة والتجارة الموقعة بين الطرفين في 21 سبتمبر 1833".

لقد اتضح الاهتمام الأميركي بالسلطنة من خلال سلسلة من الإجراءات العسكرية والدبلوماسية ففي 10 أبريل 1946 تلقى السلطان برقية من القنصل الأمريكي في الظهران باركر هارت طالباً فيها مقابلته برفقة قائد البحرية الأمريكية هرينگ وعدد من المسؤولين الأمريكان. وفي مايو 1946 نظمت زيارة أخرى لفريق من المسؤولين الأمريكيين ضم كلاً من نائب القنصل الأمريكي في الظهران وقائد البحرية الأمريكية هونگ القائد والعسكري ماكس ويل إلى مسقط.

ومع تطور الطرق الجوية في المنطقة، طلبت الحكومة الأمريكية من الحكومة البريطانية وبسبب غياب التمثيل الدبلوماسي الأمريكي في مسقط في أبريل 1946 بأن تتصل بالسلطان للسماح لشركتي نقل جويتين أمريكيتين (شركة الخطوط الجوية عبر القارات، وشركة الخطوط الغربية) بأن تمر طائراتها في أجواء مسقط، ووافق السلطان على ذلك في رسالة إلى القنصل البريطاني في 6 مايو 1946، وضمنها الشروط التي يجب تحقيقها من أجل هذه الموافقة، وأشار في هذه الرسالة إلى توقعه بأن يكون اتصال الحكومة الأمريكية معه مباشرة.

لم تكتف شركات الطيران بذلك، فقد أرادت الحصول على مهابط في أراضي السلطنة، حينئذ تقدم الأمريكان بطلبهم لاستخدام ساحة شناص للهبوط بتجربة أولى في سبتمبر 1946، وجاء رد السلطان بأنه ليس لديه أي اعتراض وفي حالة إذا قرروا الاستمرار بالرحلات الجوية بانتظام عبر حدودنا فلا بد أن تعقد اتفاقية جوية مستقبلاً"، وقد أرسل السلطان أحد رجاله إلى شناص في 31 آب (أغسطس) لاختيار مدى صلاحية الأرض للهبوط، وبعدها رفع تقريره إلى السلطان ذاكراً فيه عدم صلاحية الأرض للهبوط، مع إشارة التقرير على أن ساحة شناص قد استخدمت سابقاً للهبوط الاضطراري لشركة الخطوط الجوية الملكية البريطانية.

حينئذ اطلع القنصل البريطاني في مسقط السلطان سعيد، أنه لا يوجد أي اعتـراض من استخدام أرض الهبوط في شناص من قبل شركة (T.W.A) مع التأكيد على أن القوة الجوية الملكية لها الأسبقية في استخدام مطار شناص للأغراض الطارئة.

من ناحية أخرى، أخذ المسؤولون الأمريكيون يقومون بزيارات متكررة إلى السلطنة، الهدف منها زيادة التعاون مع السلطان سعيد بن تيمور، ونظراً لأهمية موقع عُمان التي أصبحت واضحة للعسكريين والاستراتيجيين فقد أخذت السفن الأمريكية ابتداء من عام 1947م القيام بزيارات متكررة لمنطقة الخليج العربي ومسقط، وقد منح السلطان بعض التسهيلات للأسطول الأمريكي دون مقابل، ولهذا بدأت السفن الأمريكية تصل إلى مسقط حيث زارت المدمرة الأمريكية هايمان مسقط للفترة من التاسع إلى الثاني عشر من مايو 1947، وتبودلت الزيارات بين قبطان المدمرة وممثل السلطان سعيد بن تيمور.

ونتيجة للاهتمام الأمريكي للسلطنة فقد تتابعت زيارات القطع البحرية الأمريكية إلى المنطقة، فقد زارت حاملة الطائرات الأمريكية رندوفا الخليج العربي للفترة من 16-23 أيار (مايو) 1948، ولأنه لم تكن هناك اتصالات رسمية بين الحكومة الأمريكية وسلطان مسقط وعُمان فقد طلبت الحكومة الأمريكية من السلطان عن طريق القنصل البريطاني في مسقط السماح بانطلاق الطائرات المغادرة من الساحل بالإقلاع من على ظهر حاملة الطائرات من الأراضي المجاورة لشبه جزيرة مسندم بين الخامس عشر والثامن عشر من مايو 1948، وقد وافق السلطان على ذلك، وفي يوليو وصلت السفينة گريت وت بي إلى ميناء مسقط وخور جرامة في زيارة استغرقت عدة أيام.

استمرت زيارات القطع البحرية الأمريكية إلى منطقة الخليج العربي، لذلك كان هناك اقتراح بزيادة عدد زيارات مسؤولي القنصلية الأمريكية في الظهران إلى مسقط لغرض الإطلاع على الأوضاع وكتابة التقارير، ويكشف لنا تقرير مؤرخ في 12 فبراير 1949 أرسله مساعد القنصل الأمريكي في الظهران فرانسيس ميلوي إلى حكومته "أن القنصلية الأمريكية في الظهران فيها عدد كاف من الموظفين والمسؤولين الذين يقومون بتغطية أعمالها"، وبالنظر لزيادة تردد وصول القطع البحرية الأمريكية إلى الخليج العربي، فقد اقترح مساعد القنصل أن تقوم وزارة الخارجية الأمريكية بالتنسيق مع وزارة البحرية بمساعدة مسئولي القنصلية للقيام بزيارات من وقت لآخر إلى مسقط، وأضاف مولي "إن التوسع الكبير والسريع للمصالح الأمريكية في الخليج العربي لم يكن بعيداً عن علم وزارة الخارجية وأن المصالح الإستراتيجية العديدة لسلطنة مسقط وعُمان والتي تقع على المضيق الضيق الذي يؤدي إلى الخليج"، تفرض على القنصلية توفير المعلومات وكتابة التقارير عن الوضع في هذه المنطقة لحماية المصالح الأمريكية واستمرار العلاقات الجيدة مع السلطان والأهالي في مسقط، وختم مولي تقريره بالتأكيد على ضرورة تمتين مثل هذه العلاقات لخدمة المصالح الأمريكية والتأكيد على وزارة الخارجية بضرورة زيادة التعاون وترتيب الزيارات لمسقط. ومن الواضح أن هذا التقرير أشار إلى ضرورة تسليط أنظار المسؤولين في واشنطن على أهمية عُمان للمصالح الأمريكية المستقبلية في المنطقة.

السعي لمساعدات عسكرية أمريكية

بذل سعيد بن تيمور جهوداً كبيرة لإخضاع عمان الداخلية، وكان لاحتمالات اكتشاف النفط فيها الدافع الأساسي وراء تحرك السلطان لتوحيد عمان، لكنه وجد أن القوة المسلحة لديه غير قادرة على ذلك، فقرر طلب المساعدة من بريطانيا، ففي مقابلة أجريت بين السلطان والوكيل السياسي البريطاني في أغسطس 1945، أعلن السلطان عن رغبته في تأكيد سيطرته على الداخل بوسيلتين، الأولى، الاعتماد على علاقاته الودية بالشيوخ، والثانية، مساعدة الحكومة البريطانية له في احتلال بعض القلاع الداخلية، ولكن الوكيل البريطاني رأى ضرورة العودة في شأن ذلك إلى حكومته وحذره من القيام بأي عمل يتناقض مع اتفاقية السيب، خاصة وأن الحرب لا تزال مستمرة مع اليابان ولا داع لإثارة اضطرابات داخلية في عُمان.

واستناداً إلى ذلك أجرى الوكيل البريطاني مشاورات مع حكومته التي أوصت ضرورة إبلاغ السلطان إنها لا تستطيع أن تمده بالمساعدة المطلوبة، ويبدو أن الرفض البريطاني لطلب السلطان ناجم عن عدة أسباب أهمها أن سياسة بريطانيا والتي تقضي بعدم التدخل في عُمان الداخلية والاقتصار على فرض النفوذ على سواحلها لم يتغير، وأن بريطانيا كقوة استعمارية في سعيها للتحكم في بلد ما تعمل دوماً على أن لا تقطع صلاتها مع القوى المحلية وتستفيد من منافسات هذه القوى، وبقاؤها في عمان يعتمد على بقاء حليفها في مسقط في حاجة مستمرة لها. لذلك اضطر السلطان إلى مفاتحة الحكومة الأمريكية عن طريق القنصل الأمريكي في الظهران باركر هارت بخصوص شراء السلاح والذخيرة، ولما كانت الحكومة الأمريكية تعترف بتفوق النفوذ البريطاني في الخليج العربي، فقد أطلع القنصل الأمريكي المقيم السياسي البريطاني في الخليج طلب السلطان بتزويده بالذخيرة والسلاح، وقد أوضح المقيم السياسي أن هدف السلطان هو إخضاع قبائل الداخل لسيطرته واقترح بدوره أن يسأل السلطان عن ذلك وأن توضع شروط في حال استعمالها أو بيعها، وفي 17 آب أغسطس 1946، بعث القنصل الأمريكي برقية إلى حكومته نقل فيها فحوى ما دار في لقائه بالمقيم السياسي، كما أكد أن الوكيل السياسي في مسقط والمقيم السياسي في الخليج العربي ليست لديهما أية معلومات حول هذه القضية.

وبعد وصول مذكرة هارت، أبدت وزارة الخارجية الأمريكية استعدادها لتجهيز السلطان بالسلاح والذخيرة بشرط أن لا تستعمل للتصدير أو التهريب أو أعمال العنف، وبعد مشاورات تمت ما بين وزارتي الخارجية والحربية انتهى الأمر باقتراح وزارة الحربية بضرورة طلب المعدات تجارياً إما من شركة رينگتون أو من شركة وين إيستر ريپيتنگ للأسلحة.

في هذه الفترة كانت علاقة السلطان جيدة مع الإمام، كذلك فإن الحكومة الأمريكية بدأت تولي اهتماما كبيراً للأوضاع الداخلية في عُمان، ففي تقرير مفصل من القنصلية الأمريكية في الظهران إلى واشنطن يتحدث القنصل الأمريكي هارت عن علاقة السلطان الجيدة بالإمام بالرغم من أنه لم يزرْ نزوى عاصمة الإمامة وأن قادة الجبال كانوا يقومون بزيارة مسقط لتقديم الولاء والطاعة للسلطان، وبتوصل في ختام تقريره إلى الاستنتاج الآتي: أن السلطان يسعى لتحسين موقفه باتبـاع عدة طرق أهمها الوسائل الدبلوماسية.

والجدير بالذكر أن الحكومة البريطانية أخذت تعمل على تعديل موقفها الذي كانت قد اتخذته في موضوع مساعدة السلطان وتزويده بالذخيرة والسلاح، وهذا التعديل تطور نحو موقف إيجابي حتى أن بريطانيا قامت بتزويد السلطان بقيادة بريطانية من أجل سيطرته على الداخل، وقد أدى تدخل قوات السلطنة التي تساندها الحكومة البريطانية، بالإضافة إلى المساعدة الأمريكية التي جاء ذكرها سابقاً، إلى احتدام قضية الإمامة وهذا ما حدث بعد عام 1949 وهو موضوع خارج عن نطاق الدراسة التي تنتهي في عام 1949.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الخمسينيات -الحاضر

كان هناك قنصلية أمريكية في مسقط من 1880 حتى 1915. بعد ذلك، كان التعامل مع المصالح الأمريكية في سلطنة عمان يتم بواسطة الدبلوماسيين الأمريكيين المقيمين في بلدان أخرى. عام 1972، تم اعتماد السفير الأمريكي في الكويت أيضاً كأول سفير أمريكي في عُمان، وأُفتتحت السفارة الأمريكية هناك تحت رئاسة قائم بالأعمال مقيم.تولى أول سفير أمريكي مقيم منصبه في يوليو 1974. وأُفتتحت السفارة العُمانية في واشنطن دي سي عام 1973.

أصبحت العلاقات الأمريكية العُمانية أكثر عمقاً بحلول 1980 بعقد اتفاقيتين هامتين. وفرت الأولى دخول القوات الأمريكية للمرافق العسكرية العُمانية بموجب شروط متفق عليها. أسست الاتفاقية الأخرى مفوضية مشتركة للتعاون الاقتصادي والتقني، مقرها مسقط، لتوفير المساعدة الاقتصادية الأمريكية لعُمان. استمرت المفوضية المشتركة حتى منتصف التسعينيات. برنامج فيالق السلام، والذي تحصل فيه عُمان بشكل أساسي على مساعدات في مجالي الصحة والتعليم، انطلق عام 1973 وانتهى عام 1983. عمل فريق من إدارة الطيران الفدرالي مع الادارة العمانية للطيران المدني على اساس غير قابل للسداد لكنها أُلغيت عام 1992.

في مارس 2005، أطلقت الولايات المتحدة وعُمان مفاوضات حول اتفاقية تجارة حرة والتي تم التوصل إليها بنجاح في أكتوبر 2005. تم التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة في 19 يناير، وفي انتظار التنفيذ.

في 1974 وأبريل 1983، قام السلطان قابوس بزيارات رسمية للولايات المتحدة. قامم نائب الرئيس جورج بوش بزيارة عُمان عام 1984 و1986، وقام الرئيس بل كلنتون بزيارة وجيزة في مارس 2000. زار نائب الرئيس ديك تشيني عُمان عام 2002، 2005 و2006.

العلاقات الأمنية والعسكرية

بناءاً عن تقرير صادر عن خدمة أبحاث الكونگرس في نهاية أغسطس 2012، بعنوان "عمان: الإصلاح والأمن والسياسة الأمريكية" للكاتب كينيث كاتزمان المختص في شئون الشرق الأوسط، والذي يشغل منصب محلل أول لشؤون الشرق الأوسط لدى دائرة البحوث التابعة للكونگرس الأمريكي. حيث يقول كينيث: السلطان قابوس، الذي هو خريج أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية، والذي يحظى باحترام كبير بين نظرائه من حكام دول الخليج كإستراتيجي في مجال الدفاع، يرى أن الولايات المتحدة هي الضامن الأمني الرئيسي في المنطقة. كما يدعو جلالته أيضا باستمرار إلى التعاون الدفاعي الموسع بين دول الخليج. وكانت عمان أول دولة خليجية عملت على إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات الدفاعية مع الولايات المتحدة بعد الثورة الإسلامية في إيران عام 1979. في تلك الفترة وقعت سلطنة عمان اتفاقية تسمح للقوات الأمريكية بالوصول إلى المنشآت العسكرية العمانية وذلك في 21 أبريل 1980. بعدها بثلاثة أيام، استخدمت الولايات المتحدة القاعدة الجوية في جزيرة مصيرة في المحاولة الفاشلة لإطلاق الرهائن المحتجزين في السفارة الأمريكية في ايران.

وبموجب الاتفاقية بين الولايات المتحدة والسلطنة الخاصة بإستخدام المرافق العسكرية العمانية من قبل القوات الأمريكية، والتي تم تجديدها في أعوام 1985، 1990، 2000، و2010، بموجبها يمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تستخدم _ مع إشعار مسبق ولأغراض محددة - مهابط الطائرات في كل من مسقط، وثمريت، وجزيرة مصيرة. كما أن بعض معدات القوات الجوية الأمريكية، بما فيها الذخائر الفتاكة، مخزنة في هذه القواعد. كذلك جدير بالذكر أنه خلال مفاوضات التجديد في عام 2000، وافقت الولايات المتحدة الأمريكية على طلب السلطنة لتمويلها 120 مليون دولار أمريكي من أجل رفع مستوى القاعدة الجوية الرابعة في خصب بمحافظة مسندم.

لعبت المرافق العسكرية العمانية دورا هاماً في العمليات القتالية الرئيسة التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية خلال عملية الحرية الدائمة في أفغانستان، كما ساهمت وبشكل محدود في عملية حرية العراق، بالرغم من أن القادة العمانيين حذروا نظرائهم الأمريكيين من أن غزو العراق قد يؤدي إلى "التحريض على الانتقام" ضد الولايات المتحدة في العالم العربي. وبحسب ما ذكرته وزارة الدفاع الأمريكية، أنه أثناء عملية الحرية الدائمة، كان هناك حوالي 4300 من أفراد القوات الأمريكية في السلطنة، معظمهم من القوات الجوية الأمريكية، بالإضافة إلى قاذفة القنابل الإستراتيجية B1، وهذا إن دل فإنما يدل على أن المرافق العمانية قد استخدمت على نطاق واسع لتوجيه ضربات عسكرية أثناء عملية الحرية الدائمة. يُذْكر أن الوجود العسكري الأميركي في السلطنة قد انخفض إلى 3750 فرد خلال عملية حرية العراق، ويعود ذلك إلى أن المرافق في الدول المجاورة كانت هي الأقرب للاستخدام خلال عملية حرية العراق. ومنذ عام 2004، إنخفض الوجود العسكري الأمريكي في السلطنة ليصل إلى أقل من 50 (أغلبهم من القوات الجوية) - كما أنه انخفض إلى أقل من هذا العدد قبل عملية الحرية الدائمة بحوالي 200 فرد. ومنذ ذلك الوقت (ما بعد 2004)، لم يتم استخدام المرافق العمانية لعمليات الدعم الجوي في كل من أفغانستان والعراق. إضافة إلى أن السلطنة لم تشارك بأفراد للتدريب أو لمهمات عسكرية في أفغانستان خلافا لما قامت به البحرين أو الإمارات العربية المتحدة.

وعلى الرغم من أن الوجود العسكري الأمريكي في السلطنة شهد تقلصا ملحوظا خلال عقد 2000، يضع بعض المسؤولين العمانيين نصب أعينهم خفض الظهور الأمريكي في السلطنة بشكل أكبر. وربما يعكس هذا التوجه إلى أن السلطنة تأخذ في الحسبان أن الوجود العسكري الأمريكي يثير حفيظة بعض العمانيين، وإيران، وعدد من الأعضاء الذين يقفون في وجه المنظمات الأمريكية لمكافحة الإرهاب والتي ربما تكون لها أنشطة في جميع دول المنطقة. وسعيا منهم لتحقيق ذلك، عقد عدد من المسؤولين العمانيين جلسة نقاش مع نظرائهم الأمريكيين، تطرقوا فيها إلى إمكانية نقل العسكريين الأمريكيين إلى جزيرة مصيرة التي تعد واحدة من المواقع التي تشملها اتفاقية إستخدام المرافق العسكرية بين السلطنة والولايات المتحدة وهي تقع في عرض البحر وعدد سكانها قليل. إلا أن بعض مسؤولي سلاح الجو والجيش الأمريكيين يرون أن هذه الجزيرة ليست مناسبة لهم حيث أن مدرج الهبوط فيها يعد قصيرا مقارنة بمدرج ثمريت، وهو الموقع الرئيسي الذي تستخدمه القوات الجوية الأمريكية. ومنذ مايو 2012م، لم يتم التطرق إلى نقل القوات الأمريكية إلى مصيرة.

كذلك تستخدم عمان برنامج التمويل العسكري الخارجي (FMF) لتحديث قواتها. حيث في أكتوبر من عام 2001م، اشترت السلطنة 12طائرة أمريكية الصنع من نوع F-16 C / D من الانتاج الجديد. كذلك إلى جانب ذلك قامت السلطنة بشراء بعض الأسلحة المرتبطة بصفقة الطائرات تشمل صواريخ هاربون وصواريخ AIM، ونظام الاستطلاع، بالإضافة إلى التدريب، حيث بلغت قيمة البيع حوالى 82 مليون دولارأمريكي، وقد اكتمل التسليم في عام 2006م. حيث تهدف الصفقة لمواكبة التحديثات المماثلة في دول الجوار بما في ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين، التي كانتا قد اشتريتا مقاتلات من نوع إف-16، كذلك في يوليو 2006، وفقا لوكالة التعاون الدفاعي والأمني التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية، اشترت السلطنة نظام مضاد للدبابات (جافلين)، بتكلفة قدرها حوالي 48 مليون دولار أمريكي. بالإضافة في ظل العلاقات الأمريكية العمانية في المجالات العسكرية والأمنية يتوقع أن تكون هناك بعض المبيعات الأمريكية الرئيسية للسلطنة كجزء من حزمة مبيعات تقدر ب 20 مليار دولار أمريكي لدول الخليج تحت ما يسمى بـ"حوار أمن الخليج" Gulf Security Dialogue” والتي تهدف إلى إحتواء إيران، ومن بين هذه المبيعات[5]:

  • أبلغت وكالة التعاون الأمني الدفاعي في 4 أغسطس 2010 الكونگرس عن احتمال بيع حوالي 18 طائرة مقاتلة إضافية من طراز إف-16 لسلطنة عمان مع ما يرتبط بها من المعدات والدعم الخاص بها. ويمكن أن تصل قيمة هذه الصفقة إلى 3.5 مليار دولار لمصلحة الصانع الرئيسي لوكهيد مارتن والذي أفاد في مايو 2011 م أنه يأمل في إبرام عقد مع سلطنة عمان في مطلع عام 2012. قامت السلطنة بتوقيع عقد مع لوكهيد مارتن لشراء 12 طائرة في ديسمبر 2011، مع عقد لاحتمالية شراء 6 طائرات مقاتلة إضافية.
  • أخطرت أيضا وكالة التعاون الأمني الدفاعي في نوفمبر 2010 الكونگرس عن صفقة محتملة بقيمة تصل إلى 76 مليون دولار أمريكي تشمل على معدات التشويش والتدريب لحماية طائرة C-130J، التي اشترتها السلطنة من شركة لوكهيد مارتن في إطار العقد التجاري الموقع في يونيو 200م. وكان الصانع الرئيسي لمعدات التشويش هي شركة نورثروپ گرمان.
  • أخطرت وكالة التعاون الأمني الدفاعي في 19 أكتوبر 2011 الكونگرس من بيع محتمل للسلطنة من وحدات (أفنجر) وصواريخ (ستينگر)، و صواريخ جو –جو متقدمة متوسطة المدى (AMRAAMs)، وكل هذه الأسلحة سوف تعمل على تطوير أنظمة الدفاعات الجوية للسلطنة. وتبلغ القيمة الإجمالية للصفقة ، بما في ذلك المعدات والتدريب المرتبطة بها، حوالي 1.25 مليار دولار أمريكي. وهو ما تناولته الصحف المحلية خلال شهر مايو 2011 عند زيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري للسلطنة ولقاءه مع السيد بدر بن سعود بن حارب البوسعيدي الوزير المسؤول عن شؤون الدفاع وتم مناقشة الأمور المتعلقة بهذه الصفقة.
  • كذلك في 13 يونيو 2012، أخطرت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الكونگرس عن بيع انواع مختلفة من صواريج جو – جو من نوع AIM Sidewinder لتحديث أسطول السلطنة من مقاتلات F-16 وتحسين قابليتها للعمل المشترك البيني مع القوات الأمريكية.

القاعدة العسكرية الصينية

فرقاطة الصواريخ الموجهة الصينية جينگ‌ژو في تدريب مشترك على مناورة التشكيل مع سفينة حربية عُمانية في المياه القريبة من مسقط، عُمان، أكتوبر 2023. المصدر: وزارة الدفاع الصينية.

في 7 نوفمبر 2023، نقلاً عن مصادر مطلع، فقد اتطلع الرئيس الأمريكي جو بايدن، على ما يعتبره مستشاروه خطة صينية لبناء منشأة عسكرية في عُمان، وسط جهد أوسع تبذله بكين لتعميق العلاقات الدفاعية والدبلوماسية مع الشرق الأوسط.[6] الموقع الدقيق للمنشأة العسكرية المحتملة أو ما ستضمه غير معروف. ووصف أحد الأشخاص المطلعين على الأمر الدور الصيني بأنه وجود عسكري أكثر من كونه منشأة أو قاعدة فعلية. لم ترد وزارة الخارجية الصينية بشكل مباشر على سؤال حول أي خطط لإنشاء قاعدة، لكنها قالت في بيان لها إن التعاون مع عُمان "أسفر عن نتائج مثمرة". وأضافت أن "الجانبين لديهما درجة عالية من التوافق بشأن مواصلة تطوير العلاقات الثنائية وتعميق التعاون في مختلف المجالات، بهدف تعميق الصداقة الثنائية وإفادة الشعبين".

قيل لبايدن إن المسؤولين العسكريين الصينيين ناقشوا الأمر الشهر الماضي (أكتوبر) مع نظرائهم العًمانيين، الذين قيل إنهم مستعدون لمثل هذه الصفقة، حسبما قال الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم أثناء مناقشة المداولات الخاصة. وأضافوا أن الجانبين اتفقا على إجراء مزيد من المحادثات في الأسابيع المقبلة.

لم ترد وزارة الخارجية الصينية على الفور على طلب للتعليق ولم يستجب البيت الأبيض لطلبات متعددة للتعليق. ولم تستجب السفارة العمانية في الولايات المتحدة أيضًا لطلب التعليق. إن فتح قاعدة عسكرية صينية في عُمان من شأنه أن يكمل المنشأة العسكرية الخارجية الأخرى لبكين، والتي تشير إليها باسم مركز لوجستي في دولة جيبوتي في شرق أفريقيا.[7]

لكن الپنتاگون يقول منذ سنوات إن الصين تريد بناء المزيد من المرافق اللوجستية العسكرية الخارجية في المنطقة بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة ودول أخرى في آسيا، بما في ذلك تايلاند وإندونيسيا وپاكستان. ولم يعرف على الفور الموقع الدقيق للقاعدة المحتملة أو ما ستضمه.

يُشار إلى عُمان أحيانًا باسم سويسرا الشرق الأوسط نظرًا لأنها تتبع سياسة الحياد وتعمل بانتظام كوسيط، بما في ذلك بين الولايات المتحدة وإيران. كما تسعى عُمان إلى تحقيق التوازن بين الحفاظ على شراكتها مع الولايات المتحدة وتعزيز العلاقات مع الصين، التي تستورد الجزء الأكبر من إنتاجها من النفط الخام. واستثمرت الصين أيضًا في المرحلة الأولى من منطقة الدقم الاقتصادية الخاصة في سلطنة عمان، والتي ستكون موقعًا لأكبر منشأة لتخزين النفط في الشرق الأوسط.

إن وجود قاعدة في عُمان سيكون بمثابة تحدي للولايات المتحدة، التي تشرف قيادتها الوسطى على القوات المتمركزة في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك الكويت والبحرين وقطر والسعودية والإمارات. وفقا لمشروع الأمن الأمريكي، كانت عُمان أول دولة في الخليج العربي تدخل في شراكة عسكرية مع الولايات المتحدة، حيث وقعت اتفاقية وصول عام 1980.

وتقع عُمان أيضًا بالقرب من مضيق هرمز، أحد أهم الممرات الملاحية للنفط والغاز الطبيعي المسال. ويصبح المضيق نقطة محورية كلما اندلعت التوترات مع إيران. كما عززت الصين تدخلها الدبلوماسي في المنطقة، بما في ذلك قبل وقت طويل من اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023.

في مارس 2023، ساعدت الصين في التوصل إلى انفراجة مؤقتة بين إيران والسعودية، بعد سنوات من الجمود الدبلوماسي بين الخصمين التاريخيين. كما أجرت الصين مناورات بحرية مشتركة مع إيران وروسيا في خليج عمان في نفس الوقت تقريبًا. دفعت الصين أيضًا من أجل وقف إطلاق النار في أعقاب عملية طوفان الأقصى، والرد الانتقامي الإسرائيلي، الذي تقول وزارة الصحة في غزة إنه أسفر عن مقتل أكثر من 12.000 شخص.

وقد ساعد القلق بشأن نفوذ الصين المتزايد في الشرق الأوسط في تحفيز الجهود الأمريكية لإبقاء حلفائها التاريخيين إلى جانبها. وتشكل خطط إنشاء ممر تجاري بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط، والذي أُعلن عنه في قمة مجموعة العشرين، جزءاً من هذا الجهد الأوسع لخلق بدائل للصين.

في 10 نوفمبر 2023، تواصل الرئيس جو بايدن مع هيثم بن طارق سلطان عُمان هاتفياً حيث تطرق الزعيمان لتعزيز [[العلاقات الأمريكية العمانية|العلاقات الثنائية]ي بين البلدين، وتعزيز التعاون التجاري والأمني بينهما. جاء ذلك في أعقاب تصاعد المخاوف الأمريكية من تزايد النفوذ الصيني في المنطقة، والتقارير الأمريكية حول إنشاء قاعدة عسكرية صينية في عُمان.[8] كما ناقش بايدن وسلطان عُمان آخر تطورات الحرب الإسرائيلية على غزة، بما في ذلك "أهمية الوصول المستمر للمساعدات الإنسانية وأهمية حماية المدنيين، بما يتفق مع القانون الإنساني الدولي"، وبحسب البيت الأبيض: فقد "شددا على أهمية ردع التهديدات من أي دولة أو جهة غير حكومية تسعى إلى توسيع الصراع والعمل من أجل سلام دائم ومستدام في الشرق الأوسط، بما في ذلك إقامة دولة فلسطينية". لكن المكالمة مع السلطان ملحوظة بشكل خاص بالنظر إلى المصالح الصينية في البلاد.

الموظفون

المسئولون الأمريكيون الرئيسيون في عُمان:

  • السفيرة--گريتا هولتز
  • نائب رئيس البعثة- ألفرد ف. فونتنيو
  • رئيس، القسم السياسي/الاقتصادي- إريك كارلسون
  • المسئول الاقتصادي/التجاري- بريان گريم
  • مسئول العلاقات العامة- روبرت أربوكل
  • رئيس القنصلية- برياس إشام

الهامش

  1. ^ Katzman, Kenneth (December 4, 2017). Oman: Reform, Security, and U.S. Policy (PDF). Washington, DC: Congressional Research Service. Retrieved 29 January 2018.
  2. ^ "Archived copy". Archived from the original on 2012-04-02. Retrieved 2011-09-25. {{cite web}}: Unknown parameter |deadurl= ignored (|url-status= suggested) (help)CS1 maint: archived copy as title (link)
  3. ^ Treaty of Amity and Commerce, p. 458. U.S. Congressional Documents and Debates, 1774 - 1875
  4. ^ محمد رجائي ريان (2005-11-20). "العلاقـات العُمانيـة الأمريكيـة (1932 ? 1949)". مجلة المنارة. Retrieved 2018-09-10.
  5. ^ "العلاقات الأمريكية - العمانية في المجالات العسكرية والأمنية". سبلة عُمان. 2012-01-27. Retrieved 2018-09-10.
  6. ^ "Biden Briefed on Chinese Effort to Put Military Base in Oman". بلومبرگ. 2023-11-08. Retrieved 2023-11-14.
  7. ^ "Joe Biden briefed on Chinese effort to put military base in Oman". scmp. 2023-11-08. Retrieved 2023-11-14.
  8. ^ "Biden speaks to Oman's ruler with concerns rising over China's presence in region". بلومبرگ. 2023-11-10. Retrieved 2023-11-14.

This article contains material from the US Department of State's Background Notes which, as a US government publication, is in the public domain.[1]

وصلات خارجية