بحر الجبل

بحر الجبل
Sudan Juba bridge.jpg
السمات الطبيعية
المصببحيرة نو

بحر الجبل، هو قطاع من النيل الأبيض في جنوب السودان بين نيمولي وبحيرة نو. وقد اطل اسمه على احدى ولايات السودان، ولاية بحر الجبل التي تغير اسمها عام 2005 ليصبح الولاية الإستوائية الوسطى.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التاريخ

خريطة توضح موقع بحر الجبل.

عام 1883 بعد الاحتلال البريطاني للسودان، بعد دراسات وبحوث مكثفة بدأت في عام 1947 وانتهت في عام 1977 توصل البلدان إلى خطة عمل للاستفادة من المياه الضائعة بمنطقة السدود ومستنقعات بحر الجبل وتمخضت الدراسات والبحوث الإستشارية إلى حفر قناة تستوعب المياه الزائدة من المستنقعات وكميات المياه التي كانت تتبخر سنوياً دون الاستفاده منها. وبعد عدة محاولات جاءت التوصيات إلى حفر خط مائي يربط بين منبع القناة ببلدة جونقلي وحتى المصب لتصب عند فم السوباط بالقرب من ملكال.[1]

وكانت هناك عدة خيارات وخطوط مقترحة لشق قناة وأخيرا توصل القائمون على المشروع إلى التركيز على خط يربط بين فم السوباط قرب ملكال وقرية جونقلي عند نهر أثيم بمنطقة الدينكا بالقرب من بور حاضرة ولاية جونقلي. لكنه ثبت من الدراسات الهيدرولوجية ان هناك عوائق عدة ربما تعوق خط الملاحة. فكان هناك خط بديل لمقترح أخر يمتد خط القناة إلى بور ويأخذ انحرافا إلى الشرق ليستوعب منطقة الدينكا عموما. وهو الخط الذي وافقت عليه كل الأطراف بتوصية من خبراء ومستشارين وبيوتات خبرة أجنبية.

الخط الجديد لقناة جونقلي بور- ملكال يبلغ طوله 360 كيلو متراً بينما الخط القديم الذي يبدأ من قرية جونقلي وحتى ملكال يبلغ طوله 280 كيلومتراً وكان تكلفة تنفيذه عالية جدا بالمقارنة بالخط الجديد نسبه لإضافة تكلفة أعمال السدود والجسور التي سوف تقام على جانبي نهر اثيم.

ويمتاز أيضا الخط الجديد أنه يمر عبر القرى المركزية التي تأخذ موقعها على طول خط القناة وتستفيد منه القبائل النيلية الثلاث الشلك شمالا والنوير الذي يحتل أراضي الوسط ثم قبيلة الدينكا الممتدة من حدودها مع النوير وحتى بور منبع القناة.

ولكن بدأ الاتفاق على شقها بين مصر والسودان عقب حرب أكتوبر 1973، وتحديدا في عام 1974، وفكرتها تقوم على شق قناة بطول 360 كم بين مدينتي بور وملكال في الجنوب السوداني. وكان المخطط أن تؤدي القناة إلى توفير المياه التي تضيع في المستنقعات، وتجفيف مليون ونصف فدان من أراضي المستنقعات الصالحة للزراعة.

مشروع حفر قناة جونقلي تم تنفيذ الجزء الأكبر حيث تم حفر 260 كيلومتراً بواسطة الشركة الفرنسية التي فازت بعطاء تنفيذ الحفر لكن توقف عند قرية كونقر نتيجة نشوب الحرب عام 1983 بين الحركة الشعبية بقيادة قرنق والحكومة المركزية. وخلال الفترة من 1983 ـ 2005م توقيع اتفاقية نيفاشا للسلام لم يتم أي عمل بخصوص تكملة الجزء المتبقي من الحفر أو إقامة أي مشروعات تنموية كما كان متوقعاً، وظل الموقف كما هو حتى الوقت الحالي.

الآن وبعد أن هدأت الأحوال وعم السلام والاستقرار الأمني بالمنطقة مازال الجانبان السوداني والمصري يلزمان الصمت ولم يفكرا في تكملة الجزء المتبقي من الحفر ويقدر بحوالي 100 كيلو متر حيث أن ماكينة الحفر العملاقة توقفت عند قرية كونقر منطقة قبائل الدينكا.

من أهم الميزات والفوائد الموجودة من مشروع قناة جونقلي هي زيادة إيرادات المياه للنيل بحوالى 55 مليون متر مكعب من المياه يستفيد منها البلدان في فتح مشروعات زراعية بمساحات كبيرة لمقابلة احتياجات أعداد السكان المتزايدة سنويا.


اتفاقية مياه النيل 1959

اتفاقية مياه النيل 1959 تنص بنودها على أن تكون إيرادات مياه النيل مناصفة بين البلدين.

لكن مع استمرارية الحياة وتزايد أعداد السكان بصورة مضطردة أصبحت المياه المخصصة لكلا البلدين لا تفي باحتياجات السكان ونشاطاتهم الزراعية والتنموية.. لذا جاء التفكير للاستفادة من المياه الضائعة والمبتخرة بمنطقة مستنقعات بحر الجبل.. وبعد دراسات وبحوث مكثفة بدأت في عام 1947 وانتهت في عام 1977 توصل البلدان إلى خطة عمل للاستفادة من المياه الضائعة بمنطقة السدود ومستنقعات بحر الجبل وتمخضت الدراسات والبحوث الإستشارية إلى حفر قناة تستوعب المياه الزائدة من المستنقعات وكميات المياه التي كانت تتبخر سنوياً دون الاستفاده منها.

وبعد عدة محاولات جاءت التوصيات إلى حفر خط مائي يربط بين منبع القناة ببلدة جونقلي وحتى المصب لتصب عند فم السوباط بالقرب من ملكال.[2]

وكانت هناك عدة خيارات وخطوط مقترحة لشق قناة وأخيرا توصل المخطوطون وصُنّاع القرارإلى التركيز على خط يربط بين فم السوباط قرب ملكال وقرية جونقلي عند نهر أثيم بمنطقة الدينكا بالقرب من بور حاضرة ولاية جونقلي. لكنه ثبت من الدراسات الهيدرولوجية ان هناك عوائق عدة ربما تعوق خط الملاحة، فكان هناك خط بديل لمقترح أخر يمتد خط القناة إلى بور ويأخذ انحرافا إلى الشرق ليستوعب منطقة الدينكا عموماً، وهو الخط الذي وافقت عليه كل الأطراف بتوصية من خبراء ومستشارين وبيوتات خبرة أجنبية.

الخط الجديد لقناة جونقلي بور- ملكال يبلغ طوله 360 كيلو متراً بينما الخط القديم الذي يبدأ من قرية جونقلي وحتى ملكال يبلغ طوله 280 كيلومتراً وكان تكلفة تنفيذه عالية جدا بالمقارنه بالخط الجديد نسبه لإضافة تكلفة أعمال السدود والجسور التي سوف تقام على جانبي نهر اثيم.

ويمتاز أيضاً الخط الجديد أنه يمر عبر القرى المركزية التي تأخذ موقعها على طول خط القناة وتستفيد منه القبائل النيلية الثلاث- الشلك شمالا والنوير الذي يحتل أراضي الوسط ثم قبيلة الدينكا الممتدة من حدودها مع النوير وحتى بور منبع القناة.

مشروع حفر قناة جونقلي تم تنفيذ الجزء الأكبر حيث تم حفر 260 كيلومتراً بواسطة الشركة الفرنسية التي فازت بعطاء تنفيذ الحفر لكن توقف عند قرية الكونقر نتيجة نشوب الحرب عام 1983 بين الحركة الشعبية بقيادة قرنق والحكومة المركزية.. وخلال الفترة من 1983 ـ 2005 توقيع اتفاقية نيفاشا للسلام لم يتم أي عمل بخصوص تكملة الجزء المتبقي من الحفر أو إقامة أي مشروعات تنموية كما كان متوقعاً، وظل الموقف كما هو حتى الوقت الحالي.

الآن وبعد أن هدأت الأحوال وعم السلام والاستقرار الأمني بالمنطقة مازال الجانبان السوداني والمصري يلزمان الصمت ولم يفكرا في تكملة الجزء المتبقي من الحفر ويقدر بحوالي 100 كيلو متر حيث أن ماكينة الحفر العملاقة توقفت عند قرية كونقر منطقة قبائل الدينكا.


الجريان النيلي في حوض بحر الجبل

يحتل حوض بحر الجبل الذي ينتشر على محور عام من الجنوب إلى الشمال قلب الحوض الكبير، ويفصل فصلا حادا بين القطاع الشرقي والقطاع الغربي من هذا الحوض. ويتمثل في هذا الحوض الجريان النيلي الرئيسي ، الذي ينساب فيه الإيراد المائي من الهضبة الاستوائية النيلية. ويبلغ طول بحر الجبل الذي يتضمن هذا الجريان . ويمتد فيما بين المخرج من بحيرة ألبرت، وموقع الاقتران بنهر السوباط حوالي 1280 كيلومترا أو مايعادل أكثر من 20% من الطول الكلي للنيل.

وعلى الرغم من تباين العامة التي تميز أجزاء هذا المجرى الطويل، فإن اسم بحر الجبل يتربط في الأذهان بفكرة معينة ، قوامها الفقدان العظيم لحجم كبير من الإيراد المائي السنوي في منطقة المستنقعات ويمكن للباحث أن يقسم هذا المجرى الطويل إلىث لاث قطاعات متباينة من حيث درجة الانحدار وصفات المجرى وشكل الجسور والأرض، التي تنتشر على الجانبين الشرقي والغربي ، ومن حيث احتمال الفقدان بالتبخر أو النتج أو التسرب. ويشمل القطاع الأول مجرى النهر فيما بين بحيرة ألبرت ونيمولي، والقطاع الثاني فيما بين، نيمولي ومنجلا. أما القطاع الثالث فهو الذي ينتشر من منجلا إلى بحيرة نو، أو إلى موقع الاقتران بين مجرى النهر الرئيسي والسوباط.

القطاع الأول: نيل ألبرت

ونذكر في مجال الحديث عن القطاع الأول ، الذي يمثل المجرى الأعلى من بحر الجبل ويعرف باسم نيل ألبرت ، أنه يبدو بطيء الجراين ضعيف الانحدار بشكل واضح . ويمكن القول أن هذا المجرى الذي يبلغ طوله 227 كيلومترا، لايزيد انحداره عن 1 : 20.000. وهو مجرى عريض من غير شك ، وقد يتسع المجرى، في بعض المواقع، كما يحدث على مسافة حوالي 40 كيلومترا من بحيرة ألبرت بشكل ملحوظ . ويتمخض هذا الاتساع عما يشبه البحيرة حيث يبلغ عرض البنهر حوالي خمس كيلومترات. ويتسع المجرى مرة أخرى على مسافة حوالي 90 كيلومترا بحيث يبلغ حوالي ست كيلومترات.

وليس ثمة شك في أن نيل ألبرت الذي يمر في الطرف الشمالي للأخدود الغربي، يكسب هذه الصفات التي تظهره كلسان أو ذراع طويلة للبحيرة ذاتها. وليس من قبل ألبرت من صفات مهمة أخرى اللهم إلا فيما يتعلق بالتغير الشديد الذي يطرأ على جوانب المجرى قبيل موقع دوفيلي. ذلك أن حافات الأخدود العالية المرتفعة، تقترب من مجرى النهر بشكل واضح ، كما يظهر في الجانب الغربي فيما بين وادلاي ودوفيلي.

أما التغير الذي يتمثل فيما بعد دوفيلي فهوي طرأ على الاتجاه العام لحيز المجرى. ويتمثل ذلك التغير في اتجاه مجرى النهر صوب الشرق مباشرة، ثم التحول مرة أخرى وبصورة مفاجئة إلى اتجاه الشمال الغربي. ومن شأن هذا التغير المفاجئ أن يبدو المجرى وهو يضع زاوية قدرها 75º، في مسافة قصيرة لاتزيد عن بضعة عشرات من الكيلومترات. ولعل من الضروري أن نسجل أن هذا التغير الحاد في شكل المجرى على السطح، ينهي القطاع الأعلى من بحر الجبل، لأن النهر يتحول إلى صورة جديدة متميزة ، ومختلفة تماما عن صورة نيل ألبرت.

القطاع الثاني: بحر الجبل فيما بين نيمولي ورجاف

ويشمل القطاع الثاني مجرى بحر الجبل فيما بين نيمولي ورجاف، الذي يبلغ طوله حوالي 156 كيلومترا. والمفهوم أن مجرى النهر يدخل في هذا القطاع منطقة الشلالات فولا على مسافة حوالي 7 كيلومترات شمال موقع نيمولي. وعندئذ يضيق المجرى إلى حوالي 60 مترا. ويتدافع الماء الجاري على الجنادل، وينحدر انحدارا شديدا حتى يضيق وتصبح جوانبه الصلبة متقاربة، ولايفصل بينهما أكثر من ست عشرة مترا.

وهكذا يبدو المجرى الضيق حديث المنشأ من وجهة النظر الجيولوجية. كما أن شكله المستقيم إلى حد كبير يوحي بالانكسار أو التصدع الذي تمخض عن هذا الجريان السريع الجياش المتدفق فيما بين نيمولي ورجاف. وتبدو صورة الأرض على جانبي المجرى في هذا القطاع وعرة خشنة مضرسة. وترتفع الأرض على الجانب الشرقي للنهر بشكل واضح وسريع، إلى منسوب حوالي 1000 متر. وتبدو في الصورة على شكل هضبة مرتفعة تعلوها الجبال المنفردة، المتناثرة على أنحاء سطحها في نظام غير رتيب. وتظهر على الجانب الشرقي أيضا مرتفعات وجبال كجبل لاتوكا وجبل لانجيا الشامخة . ولعلها تعبر تعبيرا صادقا عن صورة من صور النشاط البركاني الحديث في منطقة الضعف القشري، الذي ترتب على الانكسار، أو التصدع الذي أشرنا إليه.

ويذكر سير وليام جارستن أن هناك سلسلة أو مجموعات من الجنادل، التي تعترض الجريان في مجرى النهر فيما بعد فولا. وتشمل هذه السلسلة مدافع يوربورا وتشمل هذه السلسلة مدافع يربورا Yerbora على مسافة حوالي 50 كيلومترا من موقع نيمولي، وجنادل جوجي Gouji التي تظهر في المجرى بعد حوالي 20 كيلومترا من مدافع يوربورا، وتحتل حوالي 15 كيلومترا من حيز النهر الجياش. كما تظهر في حيز المجرى جنادل مكيدو، وتحتل خمسة كيلو مترات متوالية، ثم جنادل بدن Bedden جنوب رجاف مباشرة، ومهما يكن من أمر هذه الصورة الورعة فإن سمات النهر وصفات الجنادل وارتباط نشأتها بعوامل باطنية وماتعبر عنه من حيث حداثة النهر عن وجهة النظر الجيولوجية، تتطلب تفسيرا وإيضاحا.

وهذا الموضع – على كل حال – لا يمكن أن يكون مجالا من مجالات الدراسة والبحث المستفيض الآن بشأن هذا التفسير. ويمكن القول أن هذا التفسير يتضمن موضع آخر، هو الذي تعالج فيه قصة النهر وتطوره واكتمال صورته التي هو عليها في الوقت الحاضر . نعود فنشير إلى أن القطاع من بحر الجبل فيما بين نيمولي ورجاف يتميز بالانحدار الواضح، حيث تبلغ درجة الانحدار حوالي 1 : 1000 ، أما فيما بين رجاف ومنجلا فإن المجرى يعتدل قليلا، ويصبح الجريان أكثر هدوءا على الانحدار البالغ حوالي 1 : 3000.

ويتجمع الإيراد المائي في كل قطاع من هذين القطاعين من بحر الجبل من ألبرت إلى نيمولي ومن نيمولي إلى منجلا من مصدرين متباينين تماما. ويتمثل المصدر الأول في التصرف العظيم الذي ينساب من بحيرة ألبرت بشكل شبه منتظم. أما المصدر الثاني فقوامه الفائض الذي تحققه مجموعة الروافد والمجاري النرهية التي تصرف الأطراف الشمالية من هضبة البحيرات النيلية، ومن المنحدرات التي تهبط في اتجاه الشمال إلى حوض بحر الجبل. وهذه الروافد والمجاري النهرية، التي تقترن بمجرى بحر الجبل فيما بين ألبرت ومنجلا كثيرة ومتعددة، ويمكن للباحث أن يميز في مجال الحديث عن هذه الروافد، بين مجموعة قوامها الروافد والمجاري النهرية التي تقترن بالمجرى الرئيسي فيما بين ألبرت ونيمولي، ومجموعة أخرى قوامها الروافد والمجاري النهرية التي تقترن بالمجرى الرئيسي فيما بين نيمولي ومنجلا.

ونشير في مجال الحديث عن المجموعة الأولى أنها تتضمن روافد أومي وزوكاواري وكابولو وايوجي Ayugi وأنو Anou، وتجمع هذه الروافد الفائض من قطاع الأرض الوعر، الذي يصعد رويدا رويدا إلى خط تقسيم المياه بين النيل والكونغو.

أما المجرى بحر الجبل فيما بين نيمولي ومنجلا، فإنه يتلقى فائضا كبيرا من الماء الذي تجمعه مجموعة من الروافد من على الجانبين الشرقي والغربي. ويمكن القول أن نهرا أسوا Aswa الذي تبلغ مساحة حوضه حوالي 39 ألفا من الكيلومترات المربعة هو سيد هذه الروافد جميعها. ويقترن هذا النهر أو الرافد الكبير بمجرى بحر الجبل على الجانب الشرقي. ويكون موقع الاقتران على مسافة حوالي 19 كيلومترا من موقع نيمولي شمالا.

وليس ثمة شك في أن هذه الروافد مهمة، لأنها تضيف فائضا كبيرا إلى إيراد الماء في بحر الجبل، من مناطق الكسب على هامش الأرض المرتفعة التي تحدد حوض الغزال من ناحية الجنوب ، ويمكن للباحث أن يعتمد على الجدول التالي الذي يتضمن المتوسط الشهري لتصريف الروافد الجانبية لمجرى بحر الجبل من ألبرت إلى نيمولي. ومن نيمولي إلى منجلا، في الفترة من سنة 1947 إلى سنة 1947 بملايين الأمتار المكعبة في اليوم الواحد، في مجال التعرف على قيمة الفائض الذي تحققه، وتضفي زيادة على الإيراد الطبيعي في بحر الجبل.

ويظهر من دراسة الأرقام والرسم البياني أن تصريف تلك الوديان أو تلك الروافد النهرية، يتناقص إلى حد كبير في الفترة من أواخر شهر نوفمبر إلى إبريل. وتتحول بعض هذه الروافد في هذه الفترة، إلى مجرد مجاري جافة أو شبه جافة، تتناثر على قيعانها بعض البرك والغدران. وقد لايظهر في بعض الروافد الأخرى أي مظهر من مظاهر الجريان في شهري يناير وفبراير على وجه الخصوص. ويتناسق هذا التدهور الشديد في سورة الجريان مع علمنا بسيادة الجفاف وانقطاع المطر على قطاع الأرض شمال خط العرض 4º شمالا في خلال فصل جاف قصير.

ويعني ذلك أن الجريان في ههذ الروافد يستغرق فصلا طويلا من السنة. وهو فصل المطر الذي يستمر حوال يمن تسع إلى عشر شهور من السنة. بل ولعلنا نلاحظ أن زيادة المطر في شهور يونيو ويوليو وأغسطس وسبتمبر ، وأكتوبر تؤدي إلى ذروة الجريان وزيادة التصرفات في نفس هذه الفترة. ويمكن القول أن حجم الفائض الذي يتحقق في شهور يوليو وأغسطس وسبتمبر، وتعبر عنه الذروة المرتفعة في هذه الروافد النهرية، يقدر بحوالي 30% من حجم الإيراد الطبيعي في مجرى بحر الجبل فيما بين ألبرت ومنجلا في نفس هذه الشهور. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع ملحوظ في مناسيب الجريان في مجرى بحر الجبل بشكل واضح.

ومهما يكن من أمر فإن المياه الجارية في كل رافد من هذه الروافد الجانبية تكون هلا صفة السيل الجارف. وهي تؤدي كما قلنا إلى زيادة في التصرفات عند منجلا بالنسبة للتصرفات التي تنساب إلى بحر الجبل من بحيرة ألبرت. ويمكن للباحث أن يعتمد على الأرقام في الجدول التالي في تصوير العلاقة، بين نصب الفائض من تلك الروافد الجانبية مجتمعة، ونصيب بحيرة ألبرت في جريان بحر الجبل إلى موقع منجلا. ويكون ذلك على اعتبار أنه يتضمن المتوسط الشهري للتصرفات من سنة 1912 إلى سنة 1942 بملايين الأمتار المكعبة في اليوم الواحد، في بحر الجبل عند منجلا أيضا. والمفهوم أن الفرق بين هذه المتوسطات في كل شهر من شهور السنة، يعبر عن المتوسط الشهري للتصرفات من مجموعة الروافد والمجاري النهرية لنفس الفترة، بملايين الأمتار المكعبة في اليوم الواحد.

ومهما يكن من أمر فإن هذا الجزء من بحر الجبل الذي يتضمن هذين القطاعين المتباينين من حيث صفات الجريان يدخل في الحساب ضمن مناطق الكسب . ويكون ذلك مفهوم على اعتبار أن إيراد الروافد والمجاري النهرية التي تنساب من أطراف الحوض المنتشرة فيما بين الأطراف الشمالية للهضبة الاستوائية، وللأرض المرتفعة الصاعدة إلى خط تقسيم المياه بين حوض النيل وحوض الكونغو، تحقق زيادة في حجم الإيراد في موسم طويل، يتفاوت من شهر إلى شهر آخر. وهذه الزيادة تكاد لا تعوض الفاقد بالبخر فيما بين مخرج النهر من بحيرة ألبرت وبين منجلا فحسب، بل أنها تؤدي إلى زيادة حقيقية كبيرة في الإيراد، فيما بين شهر مايو وشهر نوفمبر. وقد تبرر هذه الصفة من ناحية أخرى التميز بين هذا الجزء التالي فيما بين منجلا وبحيرة نو، الذي يتعرض الإيراد المائي فيه للنقص الكبير، الناشئ عن الفقدان المباشر بالبخر أو التسرب أو النتج.

القطاع الثالث: بحر الجبل بعد منجلا

ويشمل القطاع الثالث بحر الجبل وهو يتحول بعد منجلا مباشرة إلى صورة جديدة ليس بينها وبين صورة المجرى فيما قبل منجلا أدنى علاقة من حيث الصفات. وتتمثل هذه الصورة في اتساع المجرى وعدم ظهور الجسور العالية على جوانب النهر من ناحية، وفي تدهور الجريان وتعرضه للبطء الشديد بشكل رتيب في اتجاه الشمال من ناحية أخرى. ويمكن القول أن هذا التحول يتضمن تغيرات أساسية في شكل الحيز الذي يتضمن الجريان، كما يتضمن تغيرات أساسية في درجة الانحدار العام.

ونشير إلى أن هذا التحول يزداد وضوحا، كلما تقدم بحر الجبل من منجلا صوب الشمال. ونذكر في هذا المجال أن انحدار مجرى بحر الجبل فيما بين رجاف وبور يبلغ 1 : 7000، وأنه يتناقص في الجزء التالي من بور إلى كينسة بحيث يصب 2 1 : 14.000. وتتمثل في بحر الجبل شمال موقع بور صفات تعبر في جملتها عن عدم قدرة حيز المجرى على السيطرة الكاملة على الجريان المائي، وتمرير كل التصرفات. ويترتب على ذلك ظهرو المستنقعات على جانبي النهر.

والمفهوم أن معظم الماء الزائد عن حيز المجرى يتفرق في مساحات المستنقعات. ويكون انتشارها على الجانب الأيمن أكثر من انتشارها على الجانب الأيسر. وهذه المستنقعات على جاب النهر الأيمن، هي التي تغذي أو تمد بحر الزراف بمائة. ولذلك فإنه يعتبر من وجهة النظر الفنية فرعا من فروع بحر الجبل. كما أنه رافد في نفس الوقت، لأنه يقترن بالمجرى الرئيسي للنهر، فيما بين بحيرة، وموقع الاقتران بين بحر الجبل ونهر السوباط.

أما مجرى بحر الجبل شمال موقع كنيسة فإنه يزداد هدوءا كما يزداد اتساعا. والمفهوم أن درجة الانحدار في الجزء من المجرى فيما بين كنيسة إلى غابة شامبي تبلغ 1 : 27.000. ثم تتناقص درجة الانحدار في القطاع الأخير من بحر الجبل فيما بين حلة التنوير وبحيرة نو لكي تبلغ 1 : 34.000. ويمكن القول أنه كما تناقصت درجة الانحدار واعتدل الجريان فقد حيز النهر قدرته في السيطرة على الجريان، وزادت مساحة المستنقعات وانتشارها العظيم على جانبي النهر. كما يتعرض حيز المجرى من ناحية أخرى إلى التثني والالتواء، بالصورة التي تؤدي إلى زيادة المسافة، التي يستغرقها الجريان في منطقة المستنقعات. ولا يمكن لمن يمر في هذا القطاع من مجرى بحر الجبل، أن يتصور قدرة النهر والجريان المائي، على المضي في الرحلة الطويلة شمال بحيرة نو إلى الشمال إلى البحر المتوسط بعد بضعة آلاف من الكيلومترات. ذلك أنه كنهر تجتمع له وفيه كل الصفات التي يتميز بها المجرى النهري في قطاعه الأدنى قرب المصب عند مستوى القاعدة.

هكذا يمر بحر الجبل في القطاع المنتشر شمال موقع منجلا في مرحلة خطيرة. وقد تبدو عليه كل معالم الشيخوخة، حيث يترنح في جريانه العام في اتجاه الشمال. ويتعرض الجريان المائي في هذا القطاع للفقدان والضياع بالتبخر أو بالتسرب أو بالنتج، من سطوح النباتات المائية التي تنشر في المستنقعات. ويذكر الفنيون أن هذه الصورة تعبر عن محنة حقيقية. وقد قامت مصلحة الري المصري منذ وقت بعيد – في بداية هذا القرن – بتجميع المعلومات عن النتائج التي تضمنتها تلك المحنة.

ويمكن القول أننا نملك تسجيلات منتظمة عن بحر الجبل منذ سنة 1922 على الأقل. وتتضمن هذه التسجيلات بيانات من المستنقعات وعن انتشارها وعلاقتها بالجريان المائي . كما تتضمن بيانات عن حجم الفاقد من الإيراد المائي السنوي من الموارد الاستوائية. ولقد أشرنا من قبل إلى هذه المساحات على اعتبار أنها من مناطق الفقدان التي تعرض للإيراد النيلي الدائم للنقصان. ويمكن القول أن العناية قد ازدادت منذ سنة 1950. وكانت هذه العناية تستهدف بذل مزيد من الجهد في مجالات جمع المعلومات وتسجيل البيانات عن حجم الفقدان. وفي مجالات إجراء الاختبارات والمباحث. ونود أن نذكر أنه على الرغم من علمنا بصعوبة العمل في امناخ القاسي وعلمنا بانتشار الأمراض الوبائية واحتمال المطر الذي يتعرض له الباحثون ، وعلمنا بعدم تماسك الجسور، وانتشار المستنقعات على أوسع مدى، فإن العمل كان يتم بنجاح حقيقي وفق الخطط المرسومة وبالانتظام الكامل المطلوب . وقد حقق منغير شك حصيلة عامة وكبيرة، في مجالات التعرف على طبيعة الفاقد من الإيراد المائي، وعلى احتمالات الضياع والفقدان الحقيقي في كل سنة من السنوات.

ويمكن للباحث أن يعتمد على الجدول التالي الذي يتضمن تصرف بحر الجبل السنوي عند منجلا، وتصرف النهر بعد الخروج من منطقة المستنقعات، في التعرف على حجم الفاقد، من الإيراد المائي الطبيعي السنوي بمليارات الأمتار المكعبة في السنة. ويظهر من متابعة تلك الأرقام في ذلك الجدول، أنه كلما زادت التصرفات من بحيرة ألبرت والفائض الذي تضيفه الروافد إلى الجريان في بحر الجبل، كلما زاد معدل الفاقد من هذا الإيراد بشكل ملحوظ. ولعل في ذلك ما يفصح عن المعنى الذي ذكرنا فيه أن حيز مجرى بحر الجبل، يكون عاجزا وهو لايسيطر على حجم الجريان المائي فيه في القطاع الذي ينتشر شمال منجلا. ويصل هذا العجز إلى حد أن تجسير المجرى وحده لايعني شيئا بالنسبة للفاقد وانطلاق المياه إلى المستنقعات.

وقد انتهى البحث في منطقة المستنقعات إلى مايشبه القاعدة بعد دراسات متواصلة. وتؤكد هذه القاعدة أن كل زيادة في التصرفات عن قدر معين من مليارات الأمتار المكعبة في السنة، يكون نصيبها الفقدان والضياع في مستنقعات بحر الجبل. ويبدو واضحا أن تصرف مجرى بحر الجبل الخارج من منطقة المستنقعات، والذي يمثل الإيراد النيلي الطبيعي من هضبة البحيرات النيلية، ومن مناطق الكسب جنوب خط عرض منجلا لا يكاد يزيد عن قدر يتراوح بين 12 و51 مليارا من الأمتار المكعبة في السنة أو مايعادل حوالي 16% من صافي الإيراد السنوي الكلي للنيل.

ويعني ذلك أن كل زيادة من الموارد الاستوائية عن هذا الرقم المتوسط، يكون مصيرها الفقدان والضياع، لأن جسور بحر الجبال شمال موقع منجلا لا تقوى على الاحتفاظ بكل الجريان. ويمكن القول على كل حال أن حجم الفاقد يكون كبيرا، وقد يصل إلى أكثر من 50% من حجم التصرف من مناطق الكسب جنوب خط عرض منجلا. ولو أضفنا إلى ذلك الفاقد كمية المطر السنوي على مساحة الحوض البالغ قدرها 10 آلاف من الكيلومترات المربعة أو التي تبلغ حوالي 9 مليارات من الأمتار المكعبة، ظهرت للباحث الخسارة الجسيمة التي يتضمنها الفقدان العظيم. ويمكن القول أنه يتراوح بين 14 مليارا من الأمتار المكعبة، كحد أدنى أونهاية صغرى في سنة شحيحة، و27 مليارا من الأمتار المكعبة، كحد أعلى أو نهاية عظمى في سنة أخرى من سنوات السخاء والزيادة.

ونود أن نشير إلى أن مساحة المستنقعات الدائمة التي تضيع فيها المياه تبلغ حوالي 8300 كيلومتر مربع. كما نذكر أن هذه المساحة تزداد زيادة ملحوظة إلى حوالي 12 ألفا من الكيلومترات المربعة إذا ما ارتفع منسوب المياه الجارية في بحر الجبل بمقدار 50 سنتيمترا. ويعني ذلك أن هناك مساحات من المستنقعات الفصلية غير الدائمة، وتقدر بحوالي 3700 كيلومتر مربع.

ويمكن من أجل الوصول إلى تقدير تقريبي للفاقد اليومي ، نفترض أن مقدار ما يفقد من الماء يكون من على سطوح المستنقعات الدائمة فقط. وبتوزيع الفاقد السنوي الذي يبلغ في المتوسط حوالي 21.6 مليارا من الأمتار المكعبة على مساحة تلك السطوح، يكون مساويا لعمق مائي قدره 152 سنتيمترا .وإذا أضفنا إلى ذلك الرقم متوسط المطر السنوي على حوض الجبل والبالغ قدره 90 سنتيمترا، يصبح الفاقد الكلي السنوي مساويا لعمق مائي قدره 242 سنتيمترا، أو مايعادل حوالي 6.9 ملليمترا في اليوم الواحد.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ محمد الحسن درار. "من يبكي مشروع قناة جونقلي". الحدق. Retrieved 2009-07-29.
  2. ^ محمد الحسن درار. "من يبكي مشروع قناة جونقلي". الحدق. Retrieved 2009-07-29.