بديع الزمان سعيد النورسي

(تم التحويل من سعيد النورسي)
ملف:Said Nursi.jpg
النورسي بعد هروبه من سجنه في الإتحاد السوفييتي عام 1918

سعيد النورسي المعروف ب بديع الزمان نور الدين النورسي كردي من عشيرة أسباريت (1877 - 23 آذار 1960) أحد أبرز علماء الإصلاح الديني والاجتماعي في عصره. ولد في قرية نورس ببلاد الاكراد في فترة "الخلافة العثمانية".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النشأة

ولد سعيد النورسي في قرية نورس الواقعة شرقي الأناضول في تركيا عام (1294هـ – 1877م) من أبوين صالحين كرديين كانا مضرب المثل في التقوى والورع والصلاح ونشأ في بيئة كردية يخيم عليها الجهل والفقر كأكثر بلاد المسلمين في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين. وإلى قريته نورس ينسب. اسم والده ميرزا بن علي بن خضر بن ميرزا خالد بن ميرزا رشان من عشيرة أسباريت أما والدته فاسمها نورية بنت ملا طاهر من قرية "بالك" وهي من عشيرة خاكيف والعشيرتان من عشائر قبائل "الهكارية" في تركيا.


طلب العلم

لم تكن حياة سعيد النورسي إلا ملحمة من الوقائع والأحداث التي وضع جميعها في خدمة القرآن العظيم وتفسير نصوصه وبيان مرامي آياته البينات ضمن رؤية تبلورت مع الزمن ومع أطوار رحلة العمر، وكانت غايتها النهائية بث اليقظة وإعادة الحياة والفعل للأمة الإسلامية بعد طول رقاد. وما برح سعيد أن التحق بمجموعة من الكتاتيب والمرافق التعليمية المبثوثة في تلك النواحي من حول قريته نورس. وكان يستوعب كل ما يقدم له من علم، وسرعان ما أضحى لا يجد ما يستجيب لنهمه التحصيلي في المراكز التي يقصدها. ومن هنا كانت إقامته في تلك المراكز ظرفية إذ كان يتوق إلى الاستزادة المعرفية الحقة. وظل يرتحل من مركز إلى مركز ومن عالم إلى آخر حتى حفظ ما يقرب من تسعين كتابًا من أمهات الكتب.

وتهيأ بعد ذلك وبفضل المحصول العلمي الجم الذي اكتسبه في طفولته المبكرة تلك أن يجلس إلى المناظرة ومناقشة العلماء وأنعقدت له عدة مجالس تناظر فيها مع أبرز الشيوخ والعلماء في تلك المناطق وظهر عليهم جميعًا. وأنتشرت شهرته في الآفاق. وفي سنة 1314 هـ الموافق عام 1897م ذهب إلى مدينة وان، و انكب فيها بعمق على دراسة كتب الرياضيات وعلم الفلك والكيمياء والفيزياء والجيولوجيا والفلسفة والتاريخ حتى تعمق فيها إلى درجة التأليف في بعضها فسمي بـ بديع الزمان اعترافًا من أهل العلم بذكائه الحاد وعلمه الغزير وأطلاعه الواسع.

في هذه الأثناء نشر في الصحف المحلية أن وزير المستعمرات البريطاني غلادستون قد صرح في مجلس العموم البريطاني وهو يخاطب النواب قائلاً:

«ما دام القرآن بيد المسلمين فلن نستطيع أن نحكمهم، لذلك فلا مناص لنا من أن نزيله من الوجود أو نقطع صلة المسلمين به.»

زلزل هذا الخبر كيانه وأقض مضجعه فأعلن لمن حوله:

«لأبرهنن للعالم بأن القرآن شمس معنوية لا يخبو سناها ولا يمكن إطفاء نورها.»

فشد الرحال إلى استانبول عام 1325هـ الموافق عام 1907م وقدم مشروعًا إلى السلطان العثماني عبد الحميد الثاني لإنشاء جامعة إسلامية في شرقي الأناضول أطلق عليها اسم "مدرسة الزهراء" - على غرار جامع الأزهر - تنهض بمهمة نشر حقائق الإسلام وتدمج فيها الدراسة الدينية مع العلوم الكونية الحديثة على وفق مقولته:

«ضياء القلب هو العلوم الدينية ونور العقل هو العلوم الحديثة فبامتزاجهما تتجلى الحقيقة فتتربى همة الطالب وتعلو بكلا الجناحين وبافتراقهما يتولد التعصب في الأولى والحيل والشبهات في الثانية.»

الترحال والجهاد

في سنة 1329 هـ الموافق 1911م سافر إلى دمشق والتقى برجالاتها وعلمائها وبسبب ما لمسوا فيه من علم ونجابة أستمعوا إليه في الجامع الأموي الشهير بدمشق وهو يخطب في الآلاف من المصلين خطبة حفظها لنا الزمن وأشتهرت في تراثه "بالخطبة الشامية ". ولقد كانت تلك الخطبة برنامجًا سياسيًا واجتماعيًا متكاملاً للأمة الإسلامية.

باندلاع الحرب العالمية الأولى كان طبيعيًا أن يهب بديع الزمان في طليعة المجاهدين فشكل فرقاً فدائية من طلابه واستمات معهم في الدفاع عن حمى الوطن في جبهة القفقاس وجرح في المعارك مع الروس وأسر في عام 1334 هـ واقتيد شبه ميت إلى " قوصتورما" من مناطق سيبيريا في روسيا حيث قضى سنتين وأربعة أشهر، هيأ له الله أثناء الثورة البلشفية الانفلات فعاد إلى بلاده في 19 رمضان 1336هـ الموافق 8 يوليو 1918م وأستقبل أستقبالاً رائعًا من قبل الخليفة وشيخ الإسلام والقائد العام وطلبة العلوم الشرعية ومنح وسام الحرب. وكلَفته الدولة بتسلم بعض الوظائف، رفضها جميعًا إلا ما عينته له القيادة العسكرية من عضوية في "دار الحكمة الإسلامية" التي كانت لا توجه إلا لكبار العلماء فنشر في هذه الفترة أغلب مؤلفاته باللغة العربية منها: تفسيره القيم "إشارات الإعجاز في مظان الإيجاز" الذي ألفه في خضم المعارك و"المثنوي العربي النوري".

بعد دخول الغزاة إلى استانبول في 13 نوفمبر عام 1919م أحس سعيد النورسي أن طعنة كبيرة وجهت إلى العالم الإسلامي فكان حتماً أن يقف في طليعة من يتصدى للقهر والهزيمة فسارع إلى تحرير كتيب "الخطوات الست" حرك به همة مواطنيه ووضع تصوره لرفع المهانة وإزالة عوامل القنوط التي ألحقتها الهزيمة بالدولة العثمانية والمسلمين عامة. وفي هذه الفترة - أي منذ عام 1922م - وضعت قوانين واتخذت القرارات لقلع الإسلام من جذوره في تركيا وإخماد جذوة الإيمان في قلب الأمة التي رفعت راية الإسلام طيلة ستة قرون من الزمن. فأُلغيت السلطنة العثمانية في الأول من نوفمبر عام 1922م وأعقبه إلغاء الخلافة الإسلامية في 3 مارس عام 1924م. وقام الشيخ سعيد بيران البالوي النقشبندي (13/2/1925) بالثورة ضد السلطة آنذاك وطلب قائد الثورة من بديع الزمان أستغلال نفوذه لإمداد الثورة إلا أنه رفض المشاركة وكتب رسالة إليه جاء فيها:

«إن ما تقومون به من ثورة تدفع الأخ لقتل أخيه ولا تحقق أية نتيجة فالأمة التركية قد رفعت راية الإسلام وضحّت في سبيل دينها مئات الألوف بل الملايين من الشهداء فضلاً عن تربيتها ملايين الأولياء لذا لا يُستل السيف على أحفاد الأمة البطلة المضحية للإسلام الأمة التركية وأنا أيضًا لا أستلُّه عليهم.»

ورغم ذلك لم ينجُ بديع الزمان من شرارة الفتن والاضطرابات فنفي مع الكثيرين إلى بوردو ووصل إليها في شتاء عام 1926م. ثم نفي وحده إلى ناحية نائية وهي بارلا جنوب غربي الأناضول. ويقول عن نفسه في هذه الفترة:

«صرفت كل همي ووقتي إلى تدبّر معاني القرآن الكريم. وبدأت أعيش حياة سعيد الجديد أخذتني الأقدار نفيًا من مدينة إلى أخرى وفي هذه الأثناء تولَّدت من صميم قلبي معاني جليلة نابعة من فيوضات القرآن الكريم أمليتها على من حولي من الأشخاص تلك الرسائل التي أطلقت عليها رسائل النور.»

وهكذا أستمر النورسي على تأليف رسائل النور حتى عام 1950م، وهو ينقل من سجن إلى آخر ومن محكمة إلى أخرى وهكذا طوال ربع قرن من الزمن لم يتوقف خلاله من التأليف والتبليغ حتى أصبحت أكثر من 130 رسالة جمعت تحت عنوان كليات رسائل النور ولم يتيسر لها الطبع في المطابع إلا بعد عام 1954م. وكان النورسي يشرف بنفسه على الطبع حتى أكمل طبع الرسائل جميعها. وكانت تدور مواضيعها حول تفسير آيات القرآن بأسلوب علمي عصري وكان من أقواله:

«ان الدين هو ضياء القلوب أما العلوم الحديثة فهي نور العقول.»

وهو من رواد التفسير العلمي للقرآن.

مشروعه

كرس النورسي حياته بعد تحوله الحاسم إلى "سعيد الجديد" للقيام بمشروعٍ سماه "إنقاذ الإيمان وخدمة القرآن" يقوم المشروع على تحويل إيمان الناس من مجرد إيمان تقليدي موروث إلى إيمان تحقيقي مشهود. كما يقوم مشروعه في شقه الآخر على تبيان "حقائق" القرآن للناس وأبرزها التوحيد والنبوة والحشر.

من اقواله في هذا الموضوع

«لا يدخل المرء الجنة بطريقته هذا عصر الايمان لا الطريقة»

وفاته

توفي سعيد النورسي في الخامس والعشرين من رمضان المبارك سنة 1379 هـ الموافق 23 آذار 1960م فدفن في مدينة أورفة. ولكن السلطات العسكرية الحاكمة لتركيا لم تدعه يرتاح حتى في قبره إذ قاموا بعد أربعة أشهر من وفاته بهدم القبر ونقل رفاته بالطائرة إلى جهة مجهولة وبعد أن أعلنوا منع التجول في مدينة أورفة. فأصبح قبره مجهولا حتى الآن لا يعرفه الناس.

من مؤلفاته

  • رسائل النور .
  • المثنوي العربي النوري.
  • إشارات الإعجاز في مظان الإيجاز.
  • الكلمات.
  • اللمعات.
  • الشعاعات.
  • المكتوبات.
  • المحاكمات.
  • سيرة ذاتية.
  • قطوف من أزاهير النور.(من كليات رسائل النور).
  • الآية الكبرى.
  • الملاحق
  • صيقل الإسلام
  • ومؤلفات عديدة أخرى

طالع أيضاً

وصلات خارجية