تاريخ المملكة المتحدة

(تم التحويل من تاريخ بريطانيا)
تاريخ الجزر البريطانية

Stonehenge Closeup.jpg

حسب الفترة الزمنية

حسب الامة

حسب الموضوع

عرف تاريخ المملكة المتحدة الذي ساهمت الهيمنة الصناعية والبحرية التي تمتع بها في القرن التاسع عشر، بشكل مباشر، في تطوير نظامها السياسي وتحديث مجالات الفنون والعلوم. وفي أوج حكمها، بسطت الإمبراطورية البريطانية سلطتها على أكثر من ربع العالم. غير أنه في النصف الأول من القرن العشرين استنفذت الحرب العالمية الأولى والثانية قوتها بشكل هائل، أدى إلى تفكيكها. أما في النصف الثاني من القرن، عملت المملكة المتحدة على التأسيس لدولة أوروبية مزدهرة اقتصاديا ومتقدمة علميا. وكونها دولة ذات عضوية دائمة في مجلس الأمن ومن مؤسسي حلف الناتو والكومنولث، تتبع المملكة المتحدة سياسة عالمية.[1]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

بريطانيا في العصرين البرونزي والحديدي

من 8300 قبل الميلاد إلى سنة 42 بعد الميلاد

تعود أقدم الآثار الدالة على وجود الإنسان في بريطانيا إلى ماقبل نصف مليون سنة، ولكن وجوده واستقراره كان متقلباً ومرهوناً بالتبدلات المناخية الكبرى وتناوب العصور الجليدية يوم أن كانت بريطانيا متصلة «براً» بالقارة الأوربية . وبالتالي فإن مسيرتها الحضارية كانت مماثلة لتلك التي شهدها غربي أوربا، وإن جاءت متأخرة عنها من حيث المستوى والرقي. كان سكان بريطانيا آنذاك يسكنون الكهوف ويعيشون على الصيد والالتقاط وصيد الأسماك، وكانت أدواتهم وأسلحتهم مصنوعة من الحجر المشظّى والمصقول، لقد ظلوا طوال العصر الحجري القديم (الباليوليتي) محافظين على مظاهر حياتهم المادية وبقيت الفأس اليدوية الأداة الأساسية عندهم. ومع نهاية العصر الجليدي الرابع فقدت بريطانيا منذ أوائل الألف السادس قبل الميلاد صلاتها «البرية» مع القارة الأوربية عبر القنال الإنكليزي، ولكنها بقيت تستقبل منها التأثيرات الحضارية المختلفة. وفي مطلع الألف الثالث قبل الميلاد ظهرت ملامح العصر الحجري الحديث (النيوليتي) المتمثلة بانتشار الزراعة وتطورها وظهور أنماط سكن جديدة واقتباس طقوس دفن جديدة وانتشار الحرف المختلفة، بما في ذلك صناعة الفخار.

ومن أهم شواهد ذلك العصر تلك المباني الأثرية الميغاليتية Megalitic المسماة ستونهنج Stonehenge في الجنوب الغربي من إنكلترا، والتي بنيت في مراحل متعددة في الألفين الثاني والأول قبل الميلاد، وهذه المنشآت الضخمة فريدة من نوعها ليس فقط في بريطانيا وإنما في كل أوربا، وقد تطلبت إقامتها جهوداً ضخمة ومجتمعاً قوياً يقف خلفها ولايمكن القيام بها إلا بمعارف تقنية عالية لعلها جاءت من شرقي البحر المتوسط.

وفي مطلع الألف الأول قبل الميلاد عرفت بريطانيا استعمال البرونز ثم تلاه عصر الحديد مع وصول تأثيرات حضارة هالشتات Hallstatt، وما أن حل منتصف الألف الأول قبل الميلاد حتى بدأ وصول الكلتيين Celts قادمين من غربي أوربا، وجلبوا معهم حضارة عصر الحديد الثانية لاتين وكان أولهم الغيليون Gaels الذين شكل أحفادهم شعب إيرلندا واسكتلندا، ثم تبعهم البريتون Britons الذين وصلوا إلى مستوى حضاري عالٍ ولايزال أحفادهم يقطنون مناطق كورنول Cornwall وويلز Wales ومنطقة بريتاني Bretagne الفرنسية، وأخيراً ظهر شعب البلجيك Belgae في القرن الأول قبل الميلاد الذين استوطنوا في أقصى الجنوب، وقد وصفهم قيصر في الحروب الغالية بأنهم أقوام يتكلمون الكلتية ويحرقون موتاهم.

كانت هجرة الكلتيين إلى بريطانيا على شكل موجات متتالية وبأعداد متزايدة، وما أن جاء القرن الأول قبل الميلاد حتى كان معظم سكانها من أصول كلتية.


بريطانيا الرومانية 43-410

Lord Clive meeting with مير جعفر بعد معركة پلاسي، بريشة فرانسس هايمان (ح. 1762).

في سنة 43 بعد الميلاد قامت الجيوش الرومانية بعبور القنال إلى إنجلترا والقضاء بسرعة على مقاومة القبائل المحلية. وقام الروم بتأسيس مدينة لندن وشق الطرقات العسكرية عبر البلاد. وفي غضون عشرة أعوام، وصل حكم الروم إلى قلب أراضي إنجلترا وويلز. واستمر هذا الحال حتى القرن الخامس، حيث ترك البريطانيون ليحكموا أنفسهم.


بريطانيا تصبح إنجلترا 325-577

أثرت جميع الطبقات في بريطانيا تحت حكم الرومان عدا طبقة ملاك الأراضي الزراعية. ذلك أن الضياع الكبير زادت مساحتها بما نقص من مساحة الأملاك الصغرى، فقد اشترى الملاك الكبار في كثير من الأحيان أراضي صغار الزراع الأحرار، وأصبح هؤلاء مستأجرين أو من صعاليك المدن، وأيد كثيرون من الفلاحين الغزاة الإنجليز-السكسون ضد كبار الملاك(1). وإذا استثنينا هذه الطبقة -طبقة صغار الزراع- استطعنا أن نقول إن بريطانيا قد عمها الرخاء، فقد كثرت المدن ونمت، وازداد الثراء(2)، واستمتعت كثير من المنازل بوسائل التدفئة المركزية، والنوافذ الزجاجية(3)، وأقام كثير من الكبراء قصوراً ذات حدائق، وأخذ النساجون البريطانيون من ذلك الوقت البعيد يصدرون المنسوجات الصوفية الممتازة التي لا يزال لها المقام الأول بين أقمشة العالم الصوفية. وكانت بضعة فيالق رومانية تكفي في القرن الثالث لضمان الأمن الخارجي والسلام الداخلي.

لكن هذا الأمن أصبح في القرنين الرابع والخامس مهدداً من جميع الجهات: فكان يهدده من الشمال بكت (Picts) كلدونيا، ومن الشرق والجنوب المغيرون من أهل الشمال ومن السكسون، ومن الغرب كِلْت Celt ويلز الذين لم يخضعون للرومان، والجيل Gaels "والاسكتلنديون" المغامرون أهل إيرلندة. وازدادت غارات "الاسكتلنديين" والسكسون على سواحل بريطانيا بين عامي 364، 367 حتى أصبحت خطراً مروعاً يتهدد البلاد؛ وصدها الجنود البريطانيون والجيل، ولكن هذه الغارات لم تنقطع، واضطر استلكو إلى أن يعيد الكرة عليهم بعد جيل من ذلك الوقت. وسحب مكسموس من بريطانيا في عام 381 والمغتصب قسطنطين في عام 407 الفيالق التي كانا في حاجة إليها ليدافعا بها عن قلب الدولة وعن أغراضهما الشخصية، ولم يرجع من هذه الفيلق بعدئذ إلى بريطانيا إلا عدد قليل. وبدأ الغزاة يجتازون التخوم، وطلبت بريطانيا المعونة من استلكو (400)؛ ولكنه كان منهمكاً في صد القوط والهون عن إيطاليا وغالة. ولما استغاثوا مرة أخرى بالإمبراطور هونوريوس أجابهم على البريطانيين أن يعتمدوا على أنفسهم على أحسن وجه يستطيعون(4). و "في عام 409 انتهى حكم الرومان في بريطانيا"(5)، كما يقول بـِده Bede.

وألقى الزعيم البريطاني فوتجيرو Votigeru نفسه أمام غزوة كبرى يشنها البكت Picts، فاستغاث ببعض قبائل الجرمان الشمالية(6)، فأقبل عليه السكسون من إقليم نهر الألب Elbe، والإنجليز من شلزوج Schleswig، والجوت Jutes من جتلندة Jutland. وتقول بعض الروايات - أو لعلها القصص الخرافية- إن الجوت جاءوا 449 بقيادة أخوين يسميان باسمين يدعوان إلى الريبة، هما هنجست Hengist وهورسا Horsa، أي الحصان والفرس. وطرد الجرمان الأشداء البكت "والاسكتلنديين" وكوفئوا على عملهم هذا بمساحات من الأراضي، وأدركوا ما كانت عليه بريطانيا من الضعف من الناحية الحربية، وبعثوا بهذا النبأ السار إلى مواطنيهم في بلادهم الأصلية(7). وجاءت جموع كبيرة من الجرمان؛ ونزلت على سواحل بريطانيا من غير دعوة من أهلها، وقاومهم الأهلون بشجاعة تفوق ما كان لديهم من مهارة، وظلوا قرناً كاملاً بين كر وفر يحاربونهم حرب العصابات، وانتهى هذا القتال بأن هَزَم التيوتون البريطانيين عند ديرهم Deorham (577)، وأصبحت لهم السيادة على البلاد التي سميت فيما بعد أرض الإنجليز "إنجلند England أو إنجلتر Angletere". قبل معظم البريطانيين فيما بعد هذا الفتح، ومزجوا دمائهم بدماء الفاتحين، وارتدت أقلية شديدة البأس إلى جبال ويلز وواصلت الحرب ضد الغزاة، وعبر غيرهم القناة وأطلقوا اسمهم على بريطاني Brittany في فرنسا الحالية. وخربت مدائن بريطانيا في خلال هذا النزاع، واضطربت وسائل النقل، واضمحلت الصناعة، وفسد القانون والنظام، وحل بالفن سبات عميق، وطغت على مسيحية الجزيرة -وكانت لا تزال في بداية عهدها- الآلهة الوثنية والعادات الجرمانية. وأصبحت إنجلترا ولغتها تيوتونية، واختفت منها الشرائع والنظم اليونانية، وحلت العشائر الفردية محل الهيئات البلدية، ولكن عنصراً كلتياً ظل باقياً في دم الإنجليز، وملامحهم، وأخلاقهم، وأدبهم، وفنهم، وأما اللغة الإنجليزية فلم يبق فيها من هذا العنصر الكلتي إلا القليل الذي يكاد يذكر وأمست اللغة الإنجليزية في هذه الأيام مزيجاً من اللغتين الألمانية والفرنسية.

وإذا شئنا أن نعرف ما كان يسود تلك الأيام المريرة من اضطراب وثوران في النفوس فعلينا أن ننتقل من التاريخ إلى قصص الملك آرثر Arthur وفرسانه، وما كالوه من الضربات الشداد "لتحطيم الكفرة وتأييد المسيح". ويحدثنا القديس جلداس St. Gildae وهو راهب من ويلز في كتاب له عجيب عن "تدمير بريطانيا On The Destruction Of Britain" (546؟) خلط فيه التاريخ بالمواعظ، يحدثنا، عن "حصار منز بادنكس Mons Badonicus" في تلك الحروب، كما يحدث مؤرخ بريطاني بعده يدعى ننيوس Nennius (حوالي 796) عن اثنتي عشرة معركة حارب فيها الملك آرثر كانت آخرها عند جبل بادون Mt. Badon بالقرب من باث Bath(8). ويرد جفري المنموثي Geoffrey Of Onmouth (1100؟-1154) تفاصيل روائية يصف فيها: كيف خلف الملك آرثر والده أثر بندراجون Uther Pendragon على عرش بريطانيا، وكيف قاوم الغزاة السكسون وفتح أيرلندة، وأيسلندة، والنرويج، وغالة، وحاصر باريس في عام 505 وطرد الرومان من بريطانيا، وقمع فتنة أوقد نارها مدرد Modred ابن أخيه كلفته كثيراً من الخسائر في الأنفس، وقتله في واقعة ونشستر Winchester التي جرح فيها هو جرحاً بليغاً مميتاً، مات من أثره في السنة الثانية والأربعين بعد الخمسمائة من تجسد إلهنا"(9). ويحدثنا كاتب آخر يدعى وليم من أهل ملمزبري Malmesbury، (1090؟-1143) فيقول:

ولما مات فرتمر Vortimer (أخو فرتجيرن Vortigern)، اضمحلت قوة البريطانيين، ولولا ما قام أمبروزيوس Ambrosius، الذي بقى وحده من الرومان... من صد تيار البرابرة المتغطرسين بفضل ما قدمه له الملك آرثر صاحب البأس الشديد من معونة صادقة لولا هذا لهلك البريطانيون على بكرة أبيهم. وقضى آرثر زمناً طويلاً يدعم كيان الدولة المنهارة، ويثير روح مواطنيه المحطمة ويحرضهم على القتال. ثم نازل بمفرده في آخر الأمر 900 من الأعداء معتمداً على صورة للعذراء ثبتها في درعه، وبدد شملهم بعد أن قتل منهم مقتلة عظيمة لا يصدقها العقل(10).

فلنقل مع القائلين أن هذا لا يصدقه العقل. وعلينا أن نقع بأن آرثر شخصية غامضة، ولكنه على أية حال شخصية تاريخية اتصفت بأهم الصفات الجوهرية التي يحدثنا عنها الكتاب، وأنه عاش في القرن السادس؛ والراجح أنه لم يكن من القديسين، أو من الملوك. أما فيما عدا هذا فلنتركه إلى كرتين Chr(tien من أهل تروي، وإلى ملوري Malory الكاتب المطرب المبدع وإلى تنيسن Tennyson العف الطاهر.

الأنجلو نورمان والعصور الوسطى

من سنة 1066 إلى 1347

منذ منتصف القرن الخامس الميلادي أخذت القبائل الجرمانية الشمالية (الأنغلو Angles والساكسون Saxons والجوت Jutes) تغير من شمالي أوربا على بريطانيا، إلى أن تمكنت من الاستيلاء عليها في مطلع القرن السابع الميلادي.

في البدء شكل الأنغلو ساكسون في بريطانيا سبع ممالك صغيرة هي: كنت Kent (في الزاوية الجنوبية الشرقية من بريطانيا، أسستها قبائل الجوت) وسَسِكس Sussex ووسْسِكس Wessex وإسكس Essex (في الجنوب والجنوب الشرقي، أسستها قبائل الساكسون) وآنغليا Anglia أو إنكلترا الشرقية (في الشرق) و نورثومبريا Northumbria (في الشمال) وميرسيا Mercia (في الوسط والغرب)، وهذه الممالك الثلاث الأخيرة أسستها قبائل الأنغلو، وقد عرفت بريطانيا في ذلك العصر باسم بلاد السبع ممالك0 وفي القرن السابع الميلادي أخذت تظهر في تلك الممالك أفكار الدعوة إلى المسيحية، ويعد تودور Tudor الطرسوسي رئيس أساقفة كنتربري Cantrbury أول من أوجد النظام الأسقفي الذي أصبح الأساس لقيام دولة موحدة في إطار ماعرف بالقومية الإنكليزية، وقد نشأ نوع من الصراع المتأجج مابين تلك الإمارات على مدى قرن ونصف، استطاعت مملكة أوسكس في النهاية أن تخضع الممالك الأخرى لسلطتها ووحدتها في مملكة واحدة برئاسة ملكها إغْبِرت Egbert ت(802-839)م. ومنذ ذلك الوقت صارت بريطانيا كلها تعرف باسم إنكلترا.

ساعد على توحيد بريطانيا في مملكة واحدة عوامل داخلية وأخرى خارجية. أما العوامل الداخلية فهي أن كبار الإقطاعيين عملوا على ضم الممالك البريطانية الصغيرة في مملكة واحدة بغية تشكيل جهاز إداري وعسكري قوي باستطاعته إخماد تمردات صغار الفلاحين، أما العوامل الخارجية فإنها تمثلت في غارات النورمانديين على تلك الممالك بين الحين والحين، الأمر الذي دفع تلك الممالك إلى الاتحاد في مملكة واحدة بغية توحيد الجهود للدفاع عن البلاد ضد أولئك الغزاة.

والنورمانديون كلمة تعني الشماليين أو سكان الشمال، ويطلق عليهم أيضاً الفايكينغ Viking أي سكان الخلجان. وهم يتشكلون من ثلاثة فروع: الدانيون أو الدنماركيون، والنروجيون، والسويديون، وكانوا يقطنون في البلاد الاسكندنافية.

شرع النورمانديون يغيرون على أوربا الغربية منذ أواخر القرن الثامن الميلادي، ونجحوا في غاراتهم بسبب تفتت أوربا الغربية إلى ممالك وإمارات إقطاعية تتصارع فيما بينها من جهة، ونتيجة لشهرتهم في الملاحة وكثرة السفن السريعة لديهم، إضافة إلى مهارتهم في القتال وتطور سلاحهم من جهة أخرى. ووصل النروجيون بغاراتهم إلى إنكلترا وإيرلندا واسكتلندا وإيسلندا وغرينلندا وشواطئ أمريكا الشمالية، في حين وصل الدنماركيون إلى ألمانيا وإنكلترا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا، أما السويديون فإنهم وصلوا إلى البحر الأسود وبحر قزوين.

شن الدنماركيون غارات عديدة على إنكلترا على مدى قرن من الزمن، وفي سنة 866 م، سيطروا على نورثومبريا وميرسيا وآنغليا الشرقية. وعندما وصل الملك ألفريد Alfred إلى حكم وسكس (871- 899 م) قام بالدفاع عن الجزر البريطانية على الرغم من صغر سنه إذ تصدى للغزاة في معارك عديدة لم يكن النصر فيها حاسماً لأي منهما، وفي عام 872 م عقد ألفريد صلحاً مؤقتاً مع الدنماركيين على مال قدمه إليهم ليتفرغ لتنظيم جيشه وبناء أسطوله، ولما نشبت الحرب بينهم مرة أخرى عام 878 م أنزل ألفريد بالدنماركيين هزيمة ساحقة عند إدنغتون Edington، ونتج من تلك المعركة أن أبرمت معاهدة بين الطرفين تقضي بسحب جميع قوات الدنماركيين من مملكة وسكس Wessex واعتناق زعيمهم غُثرَمGuthrum الديانة المسيحية، إلى جانب تعهده بعدم مهاجمة أملاك ألفريد بعد ذلك0 لكن الدنماركيين لم يلتزموا بتلك المعاهدة وهاجموا مجدداً مملكة وسكس عام 892 م بعد وصول مجموعة كبيرة من بلادهم بهدف الحصول على مستقر لهم في الجزر البريطانية، لكن ألفريد نجح في حصارهم حتى اضطرهم إلى الرحيل، ونعم بالهدوء في مملكته حتى وفاته عام 899م.

اهتم ألفريد مدة حكمه بالعمل على نشر الديانة المسيحية، واهتم بالتعليم، فأسس المدارس التي من أهمها مدرسة القصر التي استقدم إليها العلماء من جميع أنحاء أوربا. وشجع حركة ترجمة الكتب اللاتينية الشائعة في عصره وعلى رأسها كتاب التاريخ الكنسي للأمة الإنكليزية للمؤرخ بيده Bede، وكتاب «التاريخ» للمؤرخ أوروسيوس Orosius، و«سلوى الفلاسفة» للفيلسوف بوثيوس Boethius. إلى جانب ذلك اهتم ألفريد بتاريخ إنكلترا، واعتنى بالإدارة المدنية وأعاد سلطة القانون، وأقام كثيراً من الكنائس والأديرة بعد أن خرب ماكان موجوداً منها بسبب هجمات الدنماركيين.

وفي عهد خلفاء الملك ألفريد عاد الدنماركيون إلى احتلال إنكلترا في النصف الأول من القرن الحادي عشر الميلادي وشكلوا الامبراطورية الدنماركية بزعامة سفيند الأول Svend I ملك الدنمارك (1014- 1042م). وفي عهد أبناء سفين الذين لم يكونوا بمقدرة أبيهم تشكل مايعرف بالدوقيات الأربع الكبرى (وسكس ـ أنغليا ـ مرسيا ـ نورثومبريا) فضلاً عن باقي الإمارات، وظهر الدوق غودوين Godwin صاحب وسكس أقوى الأمراء في تلك المقاطعات، وهو الذي أعاد الأسرة الأنغلوساكسونية إلى عرش إنكلترا من خلال دوره في إعادة زوج ابنته، إدوارد Edward ت(1042-1066)م بن أثلرد Ethelred من سلالة ألفريد ملكاً على إنكلترا. ثم مالبثت إنكلترا أن خضعت للحكم النورماني وأسرة البلانتاغنت Plantagent بوصول وليم الفاتح William the Conqueror إلى الحكم ( 1066- 1087م). وفي الفترة الواقعة مابين عهد وليم الفاتح 1087م، وعهد أدوارد الثالث Edward III ت(1327-1377م) حكم إنكلترا تسعة ملوك. شهدت البلاد في عهودهم أحداثاً مهمة كأعمال التمرد والعصيان التي كان يقوم بها الأهالي ضد العناصر النورماندية، والحروب التي شاركت فيها إنكلترا فيما يعرف بالحروب الصليبية تجاه المشرق العربي، ومن جهة أخرى قطعت إنكلترا شوطاً كبيراً في مجال الإصلاحات الاجتماعية والثقافية وتطوير الأنظمة والقوانين مما أسهم في تسريع حركة الانتقال بالمجتمع الإنكليزي إلى مرحلة العصور الحديثة.

خلف إدوارد الثاني ابنه إدوارد الثالث ملكاً على إنكلترا، وفي عهده اندلعت حرب المئة عام (1337- 1453م) بين إنكلترا وفرنسا،وترجع أسباب تلك الحرب إلى أن ملوك إنكلترا النورمانديين احتفظوا بأملاكهم في غربي فرنسا، ورأى الفرنسيون أن تلك الممتلكات كانت تحول دون وصولهم إلى المحيط الأطلسي، إضافة إلى التنافس الاقتصادي بين الدولتين وتعارض مصالحهما السياسية في القارة الأوربية.

وفي منتصف القرن الرابع عشر الميلادي اجتاح أوربا مرض الطاعون، فعانت ذلك إنكلترا، وتعرضت لأزمة اقتصادية حادة بعد أن قلّت الأقوات ونقصت الأيدي العاملة وارتفعت الأسعار ارتفاعاً فاحشاً. وفي عهد إدوارد الثالث أيضاً ساءت العلاقة بين إنكلترا والبابوية بسبب مساندة البابا لفرنسا في حرب المئة عام، لذلك رفض البرلمان الإنكليزي حق تعيين البابا لكبار رجال الدين في إنكلترا، ومنع دفع الأموال التي كانت مقررة للبابوية. وظهرت في إنكلترا حركة دينية إصلاحية قادها جون ويكليف John Wyeliffe ت(1324- 1384)م، الذي نادى بحق الدولة في مصادرة ممتلكات الفاسدين من رجال الدين، كما نادى بعدم التقيد بالبابوية وبأن الإنجيل هو الدستور الوحيد الذي يجب أن يهتدي المسيحيون بهديه.

وبعد سنتين على مضي حرب المئة عام، نشبت حرب أهلية داخل إنكلترا عرفت بحرب الوردتين، دامت نحو ثلاثين عاماً (1455- 1485) بين فرعي الأسرة الحاكمة (لانكستر Lancaster ويورك York).

اتخذ الفرع الأول الوردة الحمراء شعاراً لرايته مقابل الوردة البيضاء التي اتخذها الفرع الثاني شعاراً له. وانتهت تلك الحرب بانتقال التاج الإنكليزي إلى أسرة تودور Tudor من فرع لانكستر، وتتويج هنري تيودور ملكاً على إنكلترا باسم :هنري السابع، عند نهاية القرن الخامس عشر.

نهاية العصور الوسطى

من سنة 1348 إلى 1484

عندما غزا الطاعون بريطانيا في سنة 1348 منتشرا بسرعة فائقة إلى ويلز واسكتلندا ليقضي على ثلث السكان مع نهاية العام 1350. ويعود للظهور في القرن السابع عشر مؤثرا بشكل قاس على وضع البلاد الإقتصادي. حاولت الفئة الحاكمة الحفاظ على الإستقرار الإقتصادي ومحاربة آثار الوباء المدمرة، من خلال إقرار القانون النيابي.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

آل تيودور وآل ستيوارت

من سنة 1485 إلى 1713

في سنة 1485 قام هينري تيودر بغزو إنجلترا والقضاء على ريتشارد الثالث للوصول إلى كرسي الحكم. وتزوج من إليزابيث، أميرة يورك وابنة الملك إدوارد الرابع. في سنة 1603 عندما توفت الملكة إليزابيث الأولى – الملكة العذراء – التي لم تترك وراءها وريثا، إنتقل الحكم إلى جيمس السادس، ملك اسكتلندا (وابن الملكة ماري، ملكة اسكتلندا) الذي أصبح جيمس الأول، ملك إنجلترا، وبالتالي أول ملك لبريطانيا العظمى.

العهد الجورجي

من سنة 1714 إلى 1836

خريطة توضح إمبراطورية بريطانيا في عام 1921 تظهر باللون الزهري.

بعد وفاة الملكة آن، إنتقل كرسي الحكم إلى الملك جورج الأول الذي تميز عهده بتطوير وظيفة رئيس الوزراء. وعلى الرغم من أن المسمى رئيس الوزراء لم يكن مستخدما في ذلك الحين، إلا أن السير روبيرت والبول قام بمهام هذه وظيفة، حيث شهدت البلاد خلال إدارته نموا تاريخيا في مجال الإقتصاد.

العهد الفيكتوري

من سنة 1837 إلى 1900

أصبحت فيكتوريا التي حكمت بريطانيا لأطول فترة زمنية، ملكة على بريطانيا في السنة 1837، وهي في سن الثامنة عشر. خلال فترة حكمها قامت بتغيير مجموعة من القوانين التي أدت إلى إصدار دستور الشعب الذي طالب بست بنود من أبرزها حق الإقتراع العام والإنتخابات النيابية السنوية. وعلى الرغم من رفض مجلس النواب المستمر للدستور، إلا أن خمسة من الطلبات الستة هي جزء لا يتجزأ من التشريعات البريطانية الحالية.


بداية القرن العشرين

من سنة 1901 إلى 1944

شهدت أوائل القرن العشرين تقدما في مجال العلوم والتكنولوجيا لم تكن متوقعة. من بينها كان اختراع التلفزيون من قبل شركة إي إم آي ماركوني وتأسيس شركة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) واكتشاف البنسلين من قبل أليكساندر فليمنيج واكتشاف تركيب الذرة الذي أدى إلى تطوير الأسلحة والطاقة النووية.

ما بعد الحرب العالمية الثانية

من سنة 1945 إلى 2006

في سنة 1945 ربح حزب العمال أول انتخاب عام له وقام بتشكيل خدمة الصحة العامة التي يراها كثيرون أهم انجازاته. وبالرغم من صعوبة المرحلة التي تلت الحرب إلا أنها تميزت أيضا بحماس شعبي وأمل كبير بمستقبل واعد. تخطت المملكة المتحدة العديد من الأزمات الإقتصادية بنجاح مبهر باتت معه اليوم من أهم المراكز المالية والتجارية العالمية التي تتميز بإقتصاد مزدهر وخدمات اجتماعية متطورة.

تتكون المملكة المتحدة اليوم من بريطانيا العظمى (إنجلترا واسكتلندا وويلز) وايرلندا الشمالية، وهي من بين الدول الـ 25 الأعضاء في الإتحاد الأوروبي.

انظر أيضاً

الوثائق المرتبطة بالاتحادات
الشخصية والتشريعية
لبلدان المملكة المتحدة
معاهدة ونزر1175
معاهدة يورك1237
Treaty of Perth1266
Treaty of Montgomery1267
Treaty of Aberconwy1277
Statute of Rhuddlan1284
Treaty of Edinburgh–N'hampton1328
Treaty of Berwick1357
Poynings' Law1495
Laws in Wales Acts1535–1542
Crown of Ireland Act1542
معاهدة إدنبرة1560
Union of the Crowns1603
Union of England and Scotland Act1603
Act of Settlement1701
Act of Security1704
Alien Act1705
معاهدة الاتحاد1706
قوانين الاتحاد1707
Wales and Berwick Act1746
الدستور الأيرلندي1782
Acts of Union1800
Government of Ireland Act1920
Anglo-Irish Treaty1921
Royal and Parliamentary Titles Act1927
N. Ireland (Temporary Provisions) Act1972
Northern Ireland Assembly1973
N. Ireland Constitution Act1973
Northern Ireland Act1998
Government of Wales Act1998
Scotland Act1998
Government of Wales Act2006
Scotland Act2012
اتفاقية إدنبرة2012


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الحواشي

¹ The term "United Kingdom" was first used in the 1707 Act of Union. However it is generally seen as a descriptive term, indicating that the kingdoms were freely united rather than through conquest. It is not seen as being actual name of the new United Kingdom, which was the "Kingdom of Great Britain". The "United Kingdom" as a name is taken to refer to the kingdom that emerged when the Kingdom of Great Britain and Kingdom of Ireland merged on 1 January 1801.

² The name "Great Britain" (then spelt "Great Brittaine") was first used by James VI/I in October 1604, who indicated that henceforth he and his successors would be viewed as Kings of Great Britain, not Kings of England and Scotland. However the name was not applied to the state as a unit; both England and Scotland continued to be governed independently. Its validity as a name of the Crown is also questioned, given that monarchs continued using separate ordinals (e.g., James VI/I, James VII/II) in England and Scotland. To avoid confusion, historians generally avoid using the term "King of Great Britain" until 1707 and instead to match the ordinal usage call the monarchs kings or queens of England and Scotland. Separate ordinals were abandoned when the two states merged with the Act of Union 1707, with subsequent monarchs using ordinals apparently based on English not Scottish history (it might be argued that the monarchs have simply taken the higher ordinal, which to date has always been English). One example is Queen Elizabeth II of the United Kingdom, who is referred to as being "the Second" even though there never was an Elizabeth I of Scotland or Great Britain. Thus the term "Great Britain" is generally used from 1707.

³ The number changed several times between 1801 and 1922.

4 The Anglo-Irish Treaty was ratified by (i) The British Parliament (Commons, Lords & Royal Assent) , (ii) Dáil Éireann, and the (iii) the House of Commons of Southern Ireland, a parliament created under the British Government of Ireland Act 1920 which was supposedly the valid parliament of Southern Ireland in British eyes and which had an almost identical membership of the Dáil, but which nevertheless had to assemble separately under the Treaty's provisions to approve the Treaty, the Treaty thus being ratified under both British and Irish constitutional theory.

قراءات إضافية

  • Vernon Bogdanor: The British constitution in the twentieth century, (Oxford : Oxford University Press 2005)
  • Norman Davies The Isles: A History (Macmillan, 1999)
  • Frank Welsh The Four nations: a history of the United Kingdom (Yale, 2003)
  • Jeremy Black A history of the British Isles (Macmillan, 1996)
  • Hugh Kearney The British Isles: a history of four nations (Cambridge, 1989)
  • The Short Oxford History of the British Isles (series)
  • G. Williams Wales and the Act of Union (1992)
  • S. Ellis & S. Barber (eds) Conquest and Union: Fashioning a British State, 1485–1725 (1995)
  • Linda Colley Britons: Forging the Nation, 1707–1837 (New Haven, 1992)
  • R.G. Asch (ed) Three Nations: A Common History? England, Scotland, Ireland and British History c.1600–1920 (1993)
  • S.J. Connolly (ed) Kingdoms United? Great Britain and Ireland since 1500 (1999)

وصلات خارجية

المصادر