عكا

(تم التحويل من Acre, Israel)
عكا
  • עַכּוֹ
  • عكّا
الترجمة اللفظية بالـ العبرية
 • ISO 259ʕakko
شعار بلدية عكا
شعار بلدية عكا
عكا is located in إسرائيل
عكا
عكا
الإحداثيات: 32°55′40″N 35°04′54″E / 32.92778°N 35.08167°E / 32.92778; 35.08167
المنطقةالشمالية
الحكومة
 • النوعمدينة
 • العمدةShimon Lankry
المساحة
 • الإجمالي13٫533 كم² (5٫225 ميل²)
التعداد
 (2009)
 • الإجمالي46٬300[1]

عكّا مدينة فلسطينية توجد على ساحل البحر المتوسط. تسمى بالعبرية עכו عكو. توجد في شمال إسرائيل/فلسطين. يعيش فيها 45600 حسب الإحصائيات التي أجريت سنة 2003. تقع المدينة على بعد 95 كيلومتر من القدس.

تعتبر عكا مفتاح فلسطين لمكانها الاستراتيجي، فهي بدأت كميناء كنعاني ، وعرفت عكا بصناعة الزجاج والأصبغة الأرجوانية الملوكية، احتلها وحكمها سلسلة طويلة من الغزاة ، واشتهرت بصدها نابليون بونابرت عن أسوارها إبان الحملة الفرنسية.

تظهر في أبنية عكا بفن العمارة الفاطمي والصليبي والعثمان، كما تتميز بعمارة جامع الجزار الذي شيد من أعمدة رخامية قديمة ، أما المدينة القديمة فقد قام الصليبيون ببناءها.

ميناء عكا القديم

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

أماكن رئيسية وسياحية في عكا

اختارت اليونسكو مدينة عكا القديمة كمكان تراث عالمي.

يوجد في المدينة:

  • الجدار الشمالي والشرقي الذي بناه الجزار باشا (1800-1814) وقبله ظاهر العمر (1750-1799).
  • المسجد الكبير الذي بناه الجزار باشا (1804)
  • حمام الباشا التركي وأصوار عكا من الجهه الغربيه بجانب البحر .


تاريخ عكا

نشأت عكا قديماً على تل الفخار الواقع على بعد 105كم شرقي عكا الحالية (نقطة تحديده 2586, 1586), ثم امتدت إلى الجهتين الغربية والجنوبية الغربية, بينما كانت مقبرتها من جهة الشمال.

وقد دعى تل الفخار بهذا الاسم لكثرة ماحواه من شقف الفخار, وبسبب موقعه الإستراتيجي, فقد أصبح المحور الذي إنطلقت منه التحركات العسكرية ضد عكا أيام حروب الفرنج في العصور الوسطى, مما جعلهم يدعونه آنذاك (تل ريتشارد) على إسم ريتشارد قلب الأسد الذي حاصر عكا واحتلها. كما كان التل منطلقاً للتحركات العسكرية ضد عكا أثناء حصار نابليون للمدينة سنة 1799م, ومنذ ذلم الحين عرف التل بإسم (تل نابليون).

تعود أقدم إشارة للإستيطان في تل الفخار إلى الفترة الكنعانية الوسطى ما بين سنة 2000 – 1800ق.م, فقد عثر أثناء الحفريات التي أجرتها جامعة حيفا على حاجز ضخم يتكون من الرمل والصلصال واللبن والكركار المشوي, وقد أنشئ هذا الحاجز للدفاع عن المدينة من أي خطر متحمل. وكانت بوابة المدينة تتجه إلى الجهة الغربية إلى حيث خليج عكا, وتعود هذه التحصينات لأوائل القرن العشرين ق.م, أي بداية الفترة الكنعانية الوسطى.

أما أقدم ذكر مدون لعكا – التي يعني أسمها الرمل الحار- فيعود إلى القرن 19 ق.م, إذ ذكرت في كتب اللغات المصرية. كما ذكرت عكا بين المدن التي غفتتحها فرعون مصر تحوتمس الثالث في سوريا وأض كنعان على أثر إنتصاره الحاسم في موقعة مجدو سنة 1479 ق.م, وقد سجل هذا النصر على جدران هيكل آمون في معبد الكرنك. كما ذكرت في ألواح تل العمارنة التي تعود بتاريخها إلى نحو سنة 1370 ق.م, وقد عثر على إسم عكا أيضاً في قوائم الكرنك بين المدن التي غفتتحها فرعون مصر سيتي الأل سنة 1314 ق.م, وفي نحو سنة 1286 ق.م. خضعت عكا لحكم رعمسيس الثاني.

بعد دهول بني إسرائيل إلى أ{ض كنعان في أواخر القرن 13 ق.م. سقط العديد من المدن الكنعانية في أيديهم, أما عكا وناحيتها فلم تخضع لهم, بل حافظت على صبغتها الكنعانية – الفنيقية.

خضعت عكا للأشوريين في عهد سنحاريب بن سرجون الثاني, في أواخر القرن الثامن ق.م.

خضعت فلسطين ويضمنها عكا للحكم الفارسي سنة 539 ق.م, وقد أصبحت آنذاك ذات ميناء هام.

خضعت فلسطين للإسكندر الكبير سنة 322 ق.م, وقد دعيت عكا خلال الفترة الهلينية بتولمايس (Potlemais) نسبة إلى بطليموس الثاني (285 – 247 ق.م) ملك البطالسة في مصر.

تبين الحفريات التي أجريت في تل الفخار ان التل كان مستوطناً دون انقطاع حتى الفترة الهلينية ثم إحتلها اليهود المكابيون.

خضعت عكا وسائر فلسطين لحكم الرومان سنة 64 ٌ.م, وقد ظلت الميناء الرئيس للبلاد حتى بناء قيسارياً. وفي وقت لاحق من العهد البيزنطي أصبحت عكا مركزاً لأبرشية مسيحية. ثم وقعت فلسطين تحت الحكم الفارسي لفترة قصيرة في أوائل القرن السابع للميلاد,ثم عاد للبيزنيطين, وذلك قبيل الفتح الإسلامي لبلاد الشام. فتحت عكا على يد المسلمين ينة 15ه/636م, وكانت جيوش المسلمين التي دهلت فلسطين قد قسمت إلى ثلاث سرابا: قاد الأولى عمرو بن العاص, وتولى الثانية يزيد بن أبي سفيان, وكان أخوه معاوية حامل اللواء في هذه السرية, وترأس الثالثة شرحبيل بن حسنة. فأجتاح يزيد وعمرو القسم الجنوبي منفلسطين برمته, وفتح شرحبيل عكا وصور.

بعد فتح عكا قام معاوية بتشغيل أحواض بنا ءالسفن البيزنطية فيها. أما المدينة فلم يتأخر بناؤها كثيراً, فقد ذكر الدمشقي المتوفي سنة 1328م في نخبة الدهر ما يلي:"ومدينة عكا بناها عبد الملك بن مروان." وقام هشام بن عبد الملك (724 – 743م) بتوسيعها وتجديد بنائها, كما ذكر القلقشندي مثل ذلك.

إلا أن التجارة البحرية أخذت تنتقل في القرن القامن الميلادي من عكا إلى صور بسبب قرب الأخيرة من دمشق, مما أدى إلى قيام هشام بن عبد الملك بنقل دار صناعة السفن من عكا إلى صور.

ولما أراد أحمد بن طولون (868 – 884م) ان يوطد ولايته في سوريا بعد أن استقام له الأمر في مصر, قام بإنشاء قاعدة بحرية في عما. فعهد بذلك إلى المهندس أبي بكر المقدسي جد صاحب كتاب أحسن التقاسيم, فقام بتقويتها, وجعل لها مرسى حسناً مأموناً.

رغم ما اعترى الحكم الفاطمي في فلسطين من وهن شديد قبيل الغزو الصليبي لبلاد الشام, فقد افاد الرحالة الفارسي ناصر خسرو سنة 1047م أن لعكا قلعة في غاية الإحكام. اما المسجد الكبير فيها كان في منتهى الروعة.

سار الصليبين نحو بيت المقدس سنة 1099 دون أن يفتحوا عكا لمناعة أسوراها في ظل الحكم الفاطمي, لكن عكا ما لبثت ان رضيت مع أرسوف وقيسارية بتقديم الجزية مقابل هدنة مؤقتة. إلا أن هذه التبعية لم تدم طويلاً, إذ طمع الصليبيون في ميناء عكا بإعتباره الميناء الوحيد المامون في فلسطين, بعكس ميناء يافا الذي كان مكشوفاً. فقام بلدوين سنة 1103م بمحاصرتها إلا أنه عجز عن فتحها. وفي سنة 1104م شدد بلدوين الأول بمؤازرة الأسطول الجنوي قبضته على عكا, فاضطرت الحامية الفاطيمة إلى تسليم المدينة بشرط الأمان لسكانها والمحافظة على أرواحهم وأموالهم, إلا أن الجنوبيين غنقضوا على مسلكي عكا وذبحوا أربعة آلاف منهم.

هذكا أصبحت عكا – التي دعاها الصليبيون (Acre) – الميناء الرئيسي للملكة الصليبية. وذكر ابن جبير أنه رسا في مينائها ثمانون سفينة سنة 1148م, وقارنها بالقسطنطينية. وقد أصبحت عكا مقراً لإجتماعات الملوك الصليبيين لسهولة الوصول إليها لمرات عديدة. وأقام الصليبيون فيها أحياء خاصة لكل مجموعة: كالحي الجنوي والحي البيزياني والحي الفينيسي, بالإضافة إلى أحياء خاصة بهيئة الداوية وهيئة الإسبتارية. وأنشئ فيها عدد من الكنائس والأديرة بالإضافة إلى قصر كبير. وأقيمت فيها الخانات لخدمة التجار. أما مساجدها فقد حولت إلى كنائس, وقد أشار ابن جبير إلى ذلك قبل معركة حطين بثلاث سنوات, إذ يقول في ذكره لعكا:"هي قاعدة مدن الإفرنج بالشام ... والكشبهة في عظمها بالقسطمطينية .... وملتقى تجار المسلمين والنصارى من جميع الآفاق, سككها وشوراعها تغص بالزحام, وتضيق فيها ماطئ الأقدام, وتستعر كفراً وطغياناً, وتفور خنازير وصلباناً, زفرة قذرة, مملوءة كلها رجساً وعذرة, انتزعها الإفرنج من أيدي المسلمين, مساجدها كنائس .... وظهر الله من مسجدها الجامع بقعة بقيت بأيدي الكسلمين مسجداً صغيراً يجتمع الغرباء منهم فيه إقامة فرسضة الصلاة, وعند محرابه قبر صالح النبي (ص).

استسلمت عكا الصليبية لصلاح الدين في 10 تموز 1187 على أثر موقعة حطين, وأعطى الأمان للفرنجة فرحلوا إلى صور, وحول الكنسية – التي كانت من قبل مسجداً جامعاً – إلى جامع كسابق عهده. كما قام بإصلاح ما خرب من أسوراها. ولزيادة تحصينها استدعى صلاح الدين المعماري المصري قراقوش باني قلعة القاهرة.

أخذت جمع الصليبيين بقيادة الملك (جاى) – عتيق صلاح الدين – تتجه جنوباً في آب 1189م نحو عما على طول الساحل بعد أن أغلقت مدينة صور أسوراها في وجهه. ورغم أن صلاح الدين لم بفوت الفرةص, إّ بدأ بهجومه على الصليبين في أيلول 1189م, إلا أن إنحراف صحته بسبب نتانه الجو لكثرة الجيف جعله يترك تل كيسان إلى الخروبة.

فاستغل الصليبيون هذا الوضع, وحفروا خندقاً حول معسكرهم, ثم أخذت التعزيزات تصل إليهم تباعاً, فوصل لحصار عكا ابن امبراطورالمانيا في أيلول سنة 1190م, وفي نيسان سنة 1191م وصل فيبليب أغسطس ملك فرنسا, وفي حزيران سنة 1191م وصل ريتشارد قلب الأسد ملك الإنجليز, وعندئذ غزدادت قوة الصليبين, في حين ساء موقف حامية عكا الإسلامية أمام ضغط الجموع الكثيفة للصليبيين.

أصبحت عكا في هذه الفترة في وضع تقاتل العالم من أجلها, إنه العالم الإسلامي ممثلاً بصلاح الدين وجيوشه من أكراد وتركمان وعرب, وجيوش أوروبا من إنجليز وفرنسيين والمان وإيطاليين وهولنديين ودنماركيين وغيرهم. ظلت عكا – بقيادة قراقوش – صامدة في وجه الحصار الصليبي الشديد, في حين كان جيش صلاح الدين الذي كانت ميمنته عند تل العياضية وميسرته عند نهر النعامين يشتبك مع الصليبيين ليصرفهم عن عكا.

لكن الهجمات القوية الني شنها صلاح الدين على جيوش الصليبين لم تفلح في إنقاذ عكا, فاضطر قادة عكا وهو قراقوش والمشطوب الكردي إلى الإستسلام. واتفق في النهاية على السماح لحامية عما بالرخوج منها مقابل فدية قدرها مائتي ألف دينار, وتحرير ألفين وخمسمائة من أسرى الصليبيين فضلاً عن رد صليب الصلبوت. دخل الصليبيون عكا في 12 تموز سنة 1161م بعد أن حاصروها فرابة عامين, الأمر الذر أثار موجة من الحزن والأسى عبر عنها أبوشامة المقدسي بقوله بعد تسليمها:"وعظمت المصيبة على المسلمين .... وغشي الناس بهتة وحيرة شديدة, ووقع في العسكر الصياح والعويل والبكاء والنحيب...".

وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى تصرف ريتشارد قلب الأسد – ملك الإنجليز – عقب سقوط عكا, فعندما حدثت تعقيدات في كيفية تطبيق الإتفاق بين المسلمين والصليبين سببها شعور المسلمين بنية ملوك الفرنج في الغدر, عندها ساق ريتشارد أسرى عكا من المسلمين, وكانوا زهاء ثلاثة آلاف مسلم إلى تل العياضية "فقتلوهم صبراً طعناً وضرباً بالسيف". واستبقوا الأمراء وامقديمن ومن كان له مال, وكان ذلك في 27 رجب سنة 587ه/20آب سنة 1191م.

إلا ان المقاومة الشديدة التي بداتها حامية عكا الإسلامية رغم ما آلت إليه من غستسلام, قد استغرقت من الصليبيين القت الطويل – قرابة عامين – بالإضافة إلى الكثير من الجهود والأموال والأنفس.

أصبحت عكا في القرن الثالث عشر الميلادي – خلال الحقبة الصليبية – مدينة تجارية هامة, إذ كانت بمثابة حلقة وصل بين أوروبا من جهة الشرق ومن جهة أخرى. وازدهر ميناؤها في هذه ال فترة إزدهاراً كبيراً. وقد تميزت عكا خلال هذا القرن بكثرة الأديرى والكنائس, إذ شملت 23 ديراً للرهبان والراهبات. وضمت مع ضاحيتها التي بنيت خارج الأسوار 40 كنسية معظمها صغير. وكانت داتدرائية المدينة المعروفة بإسم سانتا مروتسيا – أي كنيسة الصليب المثدس – في شمال شرق المدينة من أهم الكنائس. ويظهر انها طانت تقوم على موقع جامع الجزار الحالي, وكانت قد أنشئت – على ما يبدو – على موقع الجامع الكبير الذي كان قائماً زمن الفاطميين. كما أضيفت للمدينة مبان فخمة كقاعة هيئة فرسان المستشفى (الإستبارية). وفي أواسط القرن الثالث عشر تم ترميم أسوارها, وأحيطت المدينة بسور آخر ذي أبراج, إضافى إلى للسور الذي كان قائماً في القن الثاني عشر, وحفر بينهما خندق بالإضافة إلى حفر خندق آخر أمام السور الخارجي.

رغم قوة تحصينات عكا الصليبية التي أصبحت عاصمة لمملكة بيت المقدس في القرن الثالث عشر’ فقد عاشت الميدنة حياة ضعف وتفسخ داخلي, إذا غنقسم الصليبيون على أنغسهم, وتحول التنافر بين ال بنادقة والجنوبيين (كلاهما من مدن ايطاليا) إلى تطاحن بعد رحيل الملك لويس التاسع ملك فرنسا عن المدينة عام 1252م. ووقف الإسبتارية إلى جانب الجنوبيين, بينما انضم الداوية (فرسان الهيكل) والتيوتونإلى جانبالبنادقة, ووقفت صور ضد عكا. وانتشر الفساد والبغاء في المدينة, مما مهد الطريق امام المسلمين لإستعادتها بعد تمام قرن من الزمان.

حاول الظاهر بيبرس استرداد عكا سنة 1263م, لكنه لم يفلح, وفي سنة 1266م عاد بيبرس لمهاجمتها, ولما وجدها منيفعة إلى قلعة القرين (المونفور . ومع اشتداد شوكة المماليك, قام الجنويون الذي كانوا أصحاب السيادة على عكا بعقد صلح مع السلطان قلاوون سنة 1290م, وذلك على أثر استيلائه على طرابلس سنة 1289م. لكن الإستقرار لم يدم طويلاً إذ وصلت إلى عكا في آب سنة 1290م حملة إيطالية تنبتها مدينة البندقية, وكان أفرادها لايملكون سوى الحماس الديني, فدفعهم جهلهم إلى مهاجمة الفلاحين المسلمين الذين كانوا قد قصدوا عكا في ظل الأمان المعطي لهم بعد عقد الصلح بين قلاوون والصليبيين. عندئذ غرتاع الصليبيون القديامى من أهل عما فخشوا عاقبة ما فعله الصليبيون الجدد, فأ{سلوا إلى السلطان اعتاذرهم وتهدهم بمعاقبة المذنبين. لكن أخبار المذبحة كانت قد وصلت إلى مسامع السلطان قلاوون, وأحضرت غليه ملابس القتلى مضرجة بالدماء, فاستشاط السلطان غضباً وأقسم أن ينتقل لهم من الصليبيين, وأرسل يطلب تسليم المذنبين فوراً, وقد قبل مقدم الداوية ذلك إلا أن الرأي العام المسيحي في عكا عارض ذلك الأمر. فأخذ السلطان بعد العدة للإنتقام وأعلن الحرب على الصليبيين. إلا أن الموت داهم السلطان قلاوون في 10 تشرين الثاني 1290م, فهلل الصليبيون لتلك الوفاة وظنوا أن إرادة الله تدخلت لإنقاذ عكا. لكن خليل بن قلاوون استمر في تنفيذ مشروه أبيه, فأرسل الأشراف خليل إلى قاوته في مختلف المدن بموافاته أمام عكا.وقد قدر عدد القوات الإسلامية التي اشترطت في حصار عكا ب60 ألف فارس و160 ألفاً من المشاة و92 ممجنيقاً. اما عكا فقد شملت آنذاك 40 ألف نسمة بينهم 14 الف جند يمن المشاة و 800 فارس.

فرض المماليلك الحصار على عكا في 5 نيسان سنة 1291م, وفي يوم الجمعة 18 آيار سنة 1291م نجحت قوات الأشراف خليل في إقتحام المدينة رغم المقاومة العنيفة التي أبداها مقدم الداوية وقائد الإسبتارية اللذان خرا صريعين في المعركة. وكان الجيش المملوكي الجبار من القوة بحيث لم يبق ولم يذر. وشاءت الأقدار ان يهيج البحر في ذلك اليوم, فغرقت بعض السفن الصليبية الهاربة بسبب حمولتها الزائدة وشدة اكتظاظها بطالبي النجاة, ووقع عدد كبير من أهل عكا الصليبيين في قبضة المسلمين فقتل بعضهم وأسر بعضهم الآخر. وكان بيت الداوية (قلعة الداوية) آخر موقع استسلم في عك, إذ تحصن من تبقى منهم في قلعتهم, إلا أن المسلمين نقبوا برجها الرئيس عليهم بعد أن حفروا تحته, فمات كل من فيها تحت الأنقاض. وبذلك انتهت المقاومة الصليبية في عكا, وكان ذلك في 28 لآيار سنة 1292.

قام الملك الأشرف بعد استرداد عكا بهدم أسوارها وتحصيناتها, وأشعلت النيران بأسواقها كما ردم ميناؤها خوفاً من عودة الصليبيين غلى الساحل مرة أخرى. وأزال الملك بوابات كنيسة سانت أندرياس دلالة على انتصاره ونقلها إلى المسجد الذي بناه في القاهرة. وهكذا أصبحت عكا تلالً من الخرائب, ولم يبق منها سوى بقايا كنائس وبقايا قصور وأبراج. وعندما مر بها ابن بطوطة سنة 1325م وجدها خراباً. وظلت كذلك ردحاً طويلاً من العهد العثماني, إذ عاش فيها كما يذكر المسافرون 200 – 300 نسمة في القرن السابع عشر.

ظلت عكا تغط في سبات عميق نحو قرنين ونصف, من سنة 1292 – 2542م, وفي نهاية هذه الفترة سمح السلطان العثماني سليمان القانوني (1520 – 1566م) لحليفه فرانسوا الأول بتأسيس مركز تجاري عرف بإسم خان التجار (المقصود خان الإفرنج). ثم زاد هذا الإهتمام في عهد حاكم صيدا الأمير الدرزي فخر الدين المعنى الذي حكم ما بين (1595 – 1635م). فقد قام هذا الأمير ببناء قصر له في عكا بعد سيطرتهم عل معظم شمال فلسطين, وسمح الرهبان الفرنسيسكان بإعادة بناء كنيستهم وديرهم, وفي سنة 1618م قام حاكم صفد – بامر من الأمير فخر الدين المعني – بتعمير احد أبراج عكا الذي كان مأوى للصوص.

لم تستكمل عكا دورها التاريخي في العصر الحديث إلا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. فبعد أن استكمل ظاهر العمر الزيداني سيطرته على منطقة صفد طبرياً وعرابة البطوف ومنطقتها, عندها اتجه ظاهر نحو عكا, ودخلها سنة 1745م على رأس جيش بلغ تعداده 3000 جندي بقيادة إبن عمه محمد العلي دزن إراقة دماء. وكان يهدف من وراء سيطرته على عكا اتخاذها منفذاً له على البحر, بالإضافة غلى كونها محصنة تحصيناً طبيعياً. فالبحر وبقايا الأسوار القديمة كونت الأسوار القديمة كونت قاعدة للتحصينات الجديدة, هذا بالإضافة إلى إمكانية ازدهار المدينة من الناحية التجارية, مما يعني زيادة مدخولات ظاهر العمر من الضرائب التي تجبى من التجار. لم يسكن ظاهر ال عمر في عكا حتى سنة 1750م, وذلك بعد أن تم له تحصين المدينة بسور وعدة أبراج, عندها اتخذها عاصمة له. فأمر ببناء السور الشمال و والشرق. وذلك السور- أي سور ظاهر – بالإضافة إلى التحصينات الأخرى التي قام بها الجزار فيما بعد هي التي واجهت نابلوين عند حصاره لعكا سنة 1799.

بني ظاهر سوقاً كبيراً ف يموقع السوق الأبيض, وأنشأ في ميناء عكا مخزن للبضائع ورصيفاً جديداً, ونتيجة لهذه المرافق, بالإضافة إلى استقرار الأمن, ازدهرت التجارة فيها في عهده ازدهاراً كبيراً.

كان ظاهر الامر بالإضافة إلى على بك الكبير – حاكم مصر - نزاعين إلى استقلال عن الإمبراطورية العثمانية, فاستغلا اشتباك تركيا مع روسيا وتحالفا معاً, ورفعا لواء العصيان ضد الدولة العثمانية. وتحدى علي بك السلطان التركي, وأرسل مملوكه محمد أبا الذهب, فاحتل دمشق سنة 1771م, وتمكن ظاهر بمؤازرة الروس – خصوم افمبراطورية العثمانية – من احتلال صيدا سنة 1772م بعد أن خربها الأسطول الروسي. لكن الحرب انتهت مع روسيا, وجاءت عمارة الأسطول التركي واسترجعت صيدا سنة 1775م, وحاصرت ظاهر في قاعدته الحصينة عكا." ولئن كانت قذائف الأتراك لم تفعل فعها في أسوار عكا, فإن ذهبهم قد فعل فعله في حاميتها". وأثناء محاولة ظاهر الهرب من هكا اغتاله أحد رجاله, وكان ذلك في آب سنة 1775م, وبإنتهاء دور الزيادنة في حكم بلاد الجليل واجزاء أخرة من البلاد بدأ دور الجزار الذي قدر أن يكون له سجل حافل في تاريخ عكا.

ظهر أحمد باشا الجزار على المسرح السياسي قبل إنتهاء حكم الزيادنة بعد سنوات’ فقد أدى الجزار خدمات عسكرية عظيمة للدولة العثمانية ضد ظاهر, وكوفئ عليها بتعيينه حاكماً على صيدا سنة 1775م.

حلال فترة حكم الجزار لعكا (1775 – 1824) قام بأعمال عمرانية كثيرة, إذ بني سوراً عريضاً لعكا, وبني فيها سوقاً كبيراً وخاناً ضخماً (خان العمدان) ومسجداً فخماَ وحماماً, كما بنى قناة ماء أوصلت المياه من الكابري إلى المدينة, وحصن المدينة, وأقام فيها قلعة ضمت في داخلها قصراً لع, بالإضافة إلى إقامة ثكنة عسكرية لجنوده. وقد تطور الميناء في عهده على حساب ميناء صيدا. وعلى وجه العموم, فقد ازدهرت المجينة ونشطت الحركة التجارية فيها وازداد عدد سكانها.

غير أن الجزار لم يبلغ أوج مجده إلا سنة 1799م, على أثر صموده في وجه نابليون, فقد وصل نابليون أما أسوار عكا في آذار 1799م مع جيشه الذي بلغت عدته 13 ألف رجل, وجعل مقره على تل الفخار وحاصر الميدنة 63 يوماً. إلا أن نابليون أحفق في غحتلال عكا الجزار, وتبخرت أحلامه عند أبواب عكا وأسوراها.

يرجع الفضل الأول في صمود عكا إلى شخصية الجزار, وإلى التعزيزات التي أدخلها على تحصينات عكا في الخمسة عشر عاماً التي سبقت الحصار, بالإضافة إلأى مساعدة الأسطول الإنجليزي له. وكان السور قائماً آنذاك سور ظاهر. واما الثغرة التي فتحها جنوج نابليون في الزاوية الشمالية الشرقية من السور فلم تجد نفعاً, وذلك بسبب إقامة تحصينات أخرى في بستان الباشا في شمال شرق المدينة. فعند التحصينات التي أضافها فليبو الفرنسي خصم نابليون تمكن جيش الجزار من تطويق الفرنسيين الذين اخترقوا الثغرة وإبادتهم. وفي 20 أيار اضطر نابليون إلى فك الحصار والرجوع إلى مصر خائبا, بينما كان الطاعون يفتك بجيشه. وبفضل بمثابة عاصمة البلاد غير المتوجه في تلك الحقبة.

بعد وفاة الجزار سنة 1804م تسلم سليمان باشا الولاية بعده حتى سنة 1818م, وقد قام هذا الوالي الذي لقب بالعادل بترميم أسوار عكا, ولهذا الغرض جلبت الحجارة الضحمة من خرائب القلعة الصليبية في عتليت. كما رمم السوق الأبيض على أثر احتراقه, وبنى قناة ماء جديدة من ا لكبري إلى عكا, بعد أن أصيبت قناة الجزار بتلف شديد أثناء حصار نابيلون. وأعاد بناء جامع البحر قرب الميناء أيضاً, وأمر بإقامة بستان الست فاطمة سنة 1816. كما أنشأ سبيلاً امام بوابة عكا دمر أثناء حصار والي دمشق درويش باشا لمدينة. وفي عهدع تم إنشاء خان الحمير الذي دمر لاحقاً وأزيلت بقاياه وذبك في شمال شرق المدينة. وأصلح طريق النواقير الوعرة عند رأس الناقورة. وهكذا فإن فترة حكم سليمان باشا تميزت بأعمال البناء في عكا والبلاد التابعة لها. وقد قام سليمان باشا بالنصيب الأوفر من هذه الأعمال, بالإضافة إلى ما قام به نائبه علي باشا الخزندار في داخل عكا وخارجها.

تسلم عبدالله باشا بن علي باشا ولاية عكا بعد وفاة سليمان سنة 1818, وظل في منثبه إلى أن سيطر ابراهيم باشا المصري على عكا سنة 1832م.

لم تتميز هذه الفترة بشئ من أعمال الإعمار الهامة باستثناء بناء عبدالله باشا لقصره في عكا. ومن اعم الأحداث التي طغت في نهاية حكم عبدالله باشا حصار الجي المصري بقيادة ابراعيم باشا لعكا مدة ستة أشهر. ورغم صمود المدينة ودفاع عبدالله باشا عنها بشدة إلا أن المدينة سقطت أخيراً بيد ابراهيم باشا في 26 أيار 1835م. بعد سقوط عكا قام ابراهيم باشا بإصلاح أسوار المدينة لما أصابها من أضرار بسبب قصف مدفعيته لها, ولهذا الغرض جلبت لها الحجارة من عتليت. كما بنى ابراهيم باشا حواجز دفاعية أمام أسوار المدينة, بالإضافة إلى إعادة بناء السور الغربي وبرج السنجق ما بين ينة 1836 – 1840م.

لم تقف الدول الأوروبية آنذاك مكتوفة الأيدي, بل تدخلت لصالح السلطان العثماني ضد محمد علي باشا, فقامت أساطيل بريطانيا والنمسا وروسيا وبروسيا بالإضافة إلى تركيا بالإستيلاؤ على صيدا وبيروت. وفي 3 تشرين الثاني سنة 1840م لدألقصف أساطيل الحلفاء لعكا لإرغام الجيش المصري على الإنسحاب منها. ونتيجة للقصف الشديد أصيب مخزن السلاح الريس لعكا في خان الحمير, وحدث انفجار هائل تهدمت على أثره بيوت سكنية في الزاوية الشمالية الشرقية من المدينة, بالإضافة إلى المقطع الشرقي من السور الداخلي – سور ظاهر العمر. كما هدم السور الواقع في الطرف الجنوبي الغربي من المدينة, ولم يبن منذ ذلك الحين. عندما اضطر الجيش المصري للرحيل عن عكا.

عادت عكا إلى الحكم التركي بعد رحيل الجيش المصري عنها في نوفمبر سنة 1840م, فقد أخذ مركزها يتدعور لأسباب عديدة أهمها: الضرر الذي لحق بمينائها في حصار سنة 1840م, ولم يرمم نهائياً حتى سنة 1850م. هذا بالإضافة إلى أن ميناءها لم يعد ملائماً للسفن البخارية ولا للسفن الحربية الحديثة. كما أن فتح قناة السويس سنة 1869م ألحق الضرر بموانئ فلسطسن وبضمنها ميناء عكا, هذا بالإضافة إلى إنشاء خط سكة الحديد حيفا – درعا سنة 1905, الأمر الذي ساهم في اضمحلال ميناء عكا وتدهور اقتصاد المدينة تدوهراً شديداً. فأخذت حيفا وميناؤها يحلان محل عكا, وأغلقت الخانات ورحل عنها الحمالو إلى حيفا.

ظلت عكا محصورة داخل اظلسوار طيلة العهد العثماني مما جعل بيوتها متلاصقة متراكمة فوق بعضها تعاني من شدة الرطوبة والعفونة. ولم يكن القانون التركي ليسمح بناء الأبنية خارج الأسوار إلى أن أبطل هذا الأمر سنة 1910م. حيث تم شق فتحتين في السور.

دخل الإنجليز عكا سنة 1819, وظلت تحن حكمهم حتى سنة 1948م, واستخدم الإنجليز قلعتها كسجن كما فعل الأتراك من قبل. وفي قلعتها أعدمت سلطات الإنتداب شنقاً كلاً من : فؤاد حجازي من صفد، عطا الوزير و محمد جمجوم من الخليل، وذلك في 17 يونيو 1930م.[2]

بلغ تعداد سكان عكا العربية قبيل دخول القوات اليهودية إليها في 17 أيار 1948م نحو 13 ألف نسمة’ ةلم يبق منهم بعد دخول القوات اليهودية إلى المدينة سوى 3500 عربي تقريباً. وفي سنة 1993م بلغ عدد سكان عكا القديمة 8 آلاف نسمة ثلثهم مسيحيون والباقي مسلمون.

عكا مدينة قديمة جدا. نراها في التوراة (سفر القضاة 31,1 ) وفي أعمال الرسل 27,7: ذهب بولس مع رجاله من صور الي عكا. خلال القرن الرابع للميلاد غزا ذو القرنين هذه المدينة. في عام 1104 غزا الفرنج عكا وكان المدينة مرسى مهم في هذه المنطقة.

يرجع المؤرخون تأسيس عكا إلى الألف الثالثة قبل الميلاد على يد القبائل الكنعانية المعروفة باسم "الجرجاشيين" التي أطلقت على المدينة اسم "عكر" أي الرمل الحار، وجعلت منها مركزًا تجاريًّا هامًا، وفي العهدين الروماني والبيزنطي امتازت المدينة بكونها أهم مرافئ حوض البحر المتوسط.

وفي عام 636 م وصل الفاتحون المسلمون بقيادة "شرحبيل بن حسنة" إلى عكا، وفي عهد معاوية الذي تولى ولاية بلاد الشام في عهد الخليفة "عثمان بن عفان" وضعت نواة الأسطول الإسلامي حيث بُني حوض لبناء السفن، وحقق هذا الأسطول انتصارًا شهيرًا في معركة ذات الصواري الشهيرة.

في عام 1104م سيطر الصليبيون على المدينة حتى عام 1291م، حيث استبدل الهلال بالرايات الصليبية بعد أن حررها السلطان المملوكي البحري الأشرف الخليل، وفي العهد العثماني استعادت عكا قسطًا من أهميتها لكن نهضتها الكبيرة جاءت في عهد الشيخ ظاهر العمر الزيداني الذي جاء من الحجاز إلى فلسطين، واتخذ من عكا عاصمة له كما ازدهرت في عهد الوالي أحمد باشا الجزار من بعده.

ميناء عكا

في عكا العديد من المساجد التي بناها المسلمون على مر العصور أشهرها مسجد الجزار الذي بُني على النمط المعماري العثماني، وأجمل ما في المسجد قبته التي تشع بلونها الأخضر على المدينة بأكملها، وفي المسجد الكثير من الآثار العمرانية منها الساعة الشمسية، صهاريج للمياه، وفي صحنه ضريحان أحدهما لأحمد باشا الجزار والثاني لابنه سليمان، وتحيط بالصحن 45 غرفة صغيرة كانت خلاوي لطلبة العلم بالمدرسة الأحمدية الملحقة بالمسجد، وقد أغلقت هذه المدرسة عام 1948م، وتحيط بالصحن أروقة سقفت بقباب ضحلة ترتكز على أعمدة رخامية، وفي باحة المسجد كانت تعقد المحكمة الشرعية.

ومن مساجد عكا الأثرية، الزيتوني الصادق، وسنان باشا، ومسجد الميناء ومسجد الرمل واللبابيدي والمجادلة، وبفضل بقاء بعض سكان عكا المسلمين فيها إلى الآن حُفِظت المساجد ونجت من المصير المدمر الذي لقيته المساجد في مدن فلسطين التي هجرها أهلها.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حمام الباشا

من أشهر معالم عكا الأثرية حمام الباشا، وهو حمام كبير فخم بناه حاكم عكا أحمد باشا الجزار عام 1795م تقريبا وإليه نسب، أقيم هذا الحمام على طراز الحمامات الإسلامية، ولا يوجد به نوافذ، إنما يستمد أنواره من الزجاج الملون في سقفه المقبب، وعند مدخل الحمام نجد العديد من الغرف التي تستخدم لخزن متعلقات الحمام ومنها الحطب الذي يستخدم في تسخين المياه

تحصينات عكا

تحصينات عكا لها تاريخ عريق فنجد لها صدى على نقوش جدار معبد الكرنك، وقد زاد اليونانيون في تحصينات هذه المدينة فبنوا أسوارها في القرن 4 ق.م، وقد أعيد تجديدها في عهد الرومان، ولما جاء الحكم الإسلامي للمدينة زاد عبد الملك بن مروان وهشام بن عبد الملك في تحصينات المدينة التي تحولت في عهد العباسيين إلى ثغر هام لصد عدوان الرومان، كما زاد في هذه التحصينات أحمد بن طولون عندما ضم الشام لملكه، وقد وصف لنا كل من المقدسي وناصر وخسرو عكا في ذلك الحين، وانتزع الصليبيون عكا وزادوا على تحصيناتها خاصة بعد سقوط قلعتها المنيعة في أيديهم.

وأكبر عمارة حربية جرت في عكا كانت على يد الشيخ ظاهر العمر الزيداني الذي فرض نفوذه على المدينة والمناطق المجاورة لها في عام 1744م فبنى سور عكا الحالي، الذي يحيط بالمدينة القديمة إحاطة السوار بالمعصم، ويبلغ محيط هذه الأسوار 2580، وقد قيل في بناء السور قصيدتا شعر، إحداهما لشاعر مجهول حفرت على السور فوق البوابة، والأخرى للشاعر نقولا الصائغ وتاريخها 1751م فيما يلي نصه:

سور منيع عاصم عكا فما تغتال إن قد عيد منه الداثر من ظاهر العمر الذي اشتهرت له بين البرية أنعم ومآثر تمت محاسنه فيرنو ناظر فيه لما بناه الشيخ ظاهر عنوة أغناه تاريخ بناه ظاهر

وهناك شعر آخر فوق البوابة القديمة نصه:

بأمر الله هذا السور قاما بعكا من فتى بالخير قاما أبى الفرسان ظاهر المفدي أعز دولته دواما فباطن بابه الرحمات فيه وظاهره العذاب لمن تعامى وذا بالله صار حمي فأرخ بناك الله فخر الأياما

وجعل ظاهر العمر للسور بوابتين رئيسيتين واحدة في جنوبه الشرقي، وعلى بعد مائة متر داخل البوابة الحالية والأخرى في شماله، وإلى الشرق من قصره وكانت الأخيرة تعرف ببوابة الرأي أو بوابة السباع، وجميع أسوار عكا مبنية من الحجر البازلتي أسود اللون الممتاز والحجر الجيري، وتمتد الأسوار البرية من باب البر من جهة البحر عند برج "قبوبرج" وتنتهي عندبرج "الكومندار"، في أقصى الشمال الشرقي للمدينة القديمة وهذا البرج هو أهم حصن أثري بالسور، وكان صموده يقرر مصير المدينة في مختلف المعارك، أما الأسوار البحرية فتنقسم إلى السور الغربي والجنوبي، ويقع الأول بين برج كرين في شماله وبرج السنجق حيث أقيم الفنار عليه، ويتوسطها برج الحديد ويمتد السور الجنوبي بين برج السنجق وباب البر، والذي بالقرب منه كانت توجد مخازن البارود التي أصابتها قذائف أساطيل الدول الأوروبية أثناء هجومها على المدينة في عهد إبراهيم باشا بن محمد علي مما أدى إلى مقتل الكثير من جنوده وتدمير ما جاورها من سور المدينة.

وبسبب أهميتها الاستراتيجية من حيث موقعها وكونها عاصمة له فقد اهتم أحمد باشا الجزار منذ بداية حكمه للمدينة في نهاية القرن الثامن عشر ببناء أسوار مميزة لمدينته امتازت بعلوها وسمكها فبموازاة السور الخارجي بنى سورًا داخليًّا يفصل بينهما خندق عريض عميق جدًا كانت مياه البحر تفتح عليه لمنع الغزاة من اقتحام المدينة، وبذلك شكَّل السور الخارجي المزود بمرابض خاصة للمدفعية ومستودعات الذخيرة والمؤن خط الدفاع الأول، والسور الثاني خط الدفاع الثاني في حالة الدفاع في الخط الأول، ويتكون السور من جدارين متوازيين طمرت الهوة بينهما بالطين والحجارة بعرض عشرة أمتار، وهذا ما استهلك جهدًا ووقتًا كبيرين، وقد تيقن أحمد باشا الجزار كم كانت جهوده في تحصين عكا وبناء أسوارها الضخمة مبررة عندما جاء الامتحان الأصعب في حصار نابليون بونابرت لمدينته في 20 مارس 1799 والذي انتهى بانسحاب بونابرت من بلاد الشام وعودته إلى مصر مهزومًا.

واليوم تشكل أسوار عكا أحد أهم مقوماتها الأثرية وجاذبيتها السياحية، وبإمكان الزائر أن يسير مسافة على ظهر السور ويشرف على البحر وأحياء المدينة، ويرى المدافع التي نصبها الجزار وهي لا تزال منصوبة فوق الأسوار

عكا مدينة عريقة, حفلت أيامها بالوقائع التاريخية وشكلت بموقعها, ركيزة للحضارة والتجارة. في عباب بحرها بني أول أسطول حربي للدولة الإسلامية, وعلى صخرة صمودها توقف زحف نابليون بونابرت عام 1799م عندما تمنعت أسوارها الصامدة عليه وانتصر الوالي أحمد باشا الجزار, ليشكل هذا الانتصار نقطة فاصلة في تاريخ المنطقة.

جعلها الحاكم العربي ظاهر العمر الزيداني عاصمة لأول كيان عربي, فقد ازدهرت فيها الصناعة والتجارة والعمارة.

تعاقب على احتلالها في فترة الحروب الصليبية, الأمراء والملوك والولاة, وشهدت دمارًا حينًا وعمرانًا أحيانًا إلى أن استقر بها المقام, لتزخر بالآثار, بالأسوار, بالخانات والمساجد والكنائس والحمامات الشعبية والأسواق والقلاع.

وتعيش عكا اليوم ظروفًا اجتماعية, اقتصادية وعمرانية غاية في الصعوبة. البيوت آيلة للسقوط, والآثار العربية تحاول السلطة دك معالمها الأمر الذي يستوجب المزيد من التمسك بالهوية الوطنية وتوفير المناخ الثقافي والتربوي والاقتصادي الذي يزيد من صمود السكان.

يشكل السكان العرب ثلث سكان المدينة البالغ عدهم أكثرمن 50 ألف نسمة, وتعتبر البلدة القديمة من أكثر مناطق العالم كثافة بالسكان, وتفتقر المدينة الى العديد من المراكز الثقافية والتربوية, وتتفشى فيها البطالة بنسبة عالية.

سجن عكا

يقع سجن عكا والذي أشتهر بعد إثر ثورة البراق و أبطالها الثلاثة محمد جمجوم و فؤاد حجازي و عطا الزير حيث تم تنفيذ حكم الأعدام فيهم بتاريخ 17/06/1930 على يد الأنتداب البريطاني.

الهامش

  1. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة cbs populations
  2. ^ "عكا في التاريخ" (PDF). الأسوار.

وصلات خارجية