عملية القاهرة لتدمير قوات الفالوجة

عملية القاهرة، هي عملية عسكرية وهمية لفك حصار الفالوجة عن الجيش المصري أثناء حرب 1948.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

العملية

كان اللواء أحمد فؤاد صادق والأميرالاي سيد محمود طه محقين في رأيهما، حيث كانت المخابرات العسكرية الإسرائيلية تصلها كل البرقيات المرسلة بين لواء الفالوجة والقيادة العامة للجيش المصري، بعد أن استطاعت تفكيك الشفرة المصرية المستعملة خلال حرب 1948. ولذلك، كانت تعرف بتفاصيل "خطة دمشق"، وعليه أعدت من طرفها خطة عسكرية هدفها القضاء على قوات الفالوجة حال خروجها من القريتين المحاصرتين، خاصة أن هذه القوة ستكون بدون أسلحة ثقيلة. أطلق على هذه الخطة "عملية القاهرة".[1]

كانت الخطة تقضي بوجوب إحكام الحصار حول جيب الفالوجة، والانقضاض على قواته حال محاولتها خرق الحصار، وعزل القوات العربية في منطقة الخليل عن القوات المتواجدة في بيت لحم، وصدّ الهجمات المحتملة من اتجاه الدوايمة والقبيبة وبيت جبرين، أو من بير عسلوج، أو حتى من المنطقة الجنوبية الغربية للجبهة المصرية. ومواصلة الضغط على القوات العربية لتهديد منطقة الخليل وقطع طريق بيت لحم - الخليل بواسطة احتلال مواقع قريبة منه، وهي موقع الحادر قرب برك السمان وموقع الرأس.

كانت الخطة الإسرائيلية تحتاج قوات كبيرة لتنفيذها، ولذلك كان على الألوية گڤعاتي ويفتاح وگولاني وهنيگيف واللواء الثامن المدرع، مهاجمة جيب الفالوجة، بالإضافة إلى لواء إسكندروني وقوات الحرس الوطني المتواجدة في النقب. أمّا منطقة الخليل، فتتم مهاجمتها عن طريق لواء هرئيل والذي عليه احتلال موقع الحادر. كذلك تتم مشاركة القوات الجوية الإسرائلية بواسطة سرب مقاتلات وسرب قاذفات ثقيلة.

لم تخرج الخطة إلى حيز التنفيذ، بسبب رفض الأميرالاي سيد محمود طه لخطة دمشق. وقد أكّدت قيادة الجيش المصري ورئيس هيئة أركانها الفريق عثمان المهدي، على صحة رأي السيد طه برفض الخطة التي عرضت عليه، بعد مؤتمر عقدته قيادة الجيش خصيصًا لذلك بين 2-4 ديسمبر 1948. وقد توصل المؤتمر إلى نتيجة مفادها أن عملية تخليص قوات الفالوجة من الحصار، هي عملية محفوفة بالمخاطر الكبيرة، ولذلك يقرر في شأنها أصحاب الشأن المباشر وهم السيد محمود طه، واللواء أحمد فؤاد صادق، قائد القوات المصرية في فلسطين.

من الجدير ذكره هنا أنّ النقيب معروف الحضري كان قد حاول إدخال قوافل تموينية أخرى للفالوجة ولكن محاولاته فشلت، حيث أنّ الإسرائيليون عرفوا بالأمر. ولذلك، قامت باعتراض القافلة في خربة الوبيدا في ليلة 24-25 نوفمبر 1948، فانسحبت القافلة ولم تنجح في الوصول إلى هدفها، وكانت هذه المحاولة الأخيرة للنقيب الحضري، لإيصال قوافل إمدادات للفالوجة، إذ أصبح الصهاينة يستهدفون قوافل الجمال، حتى لا يتمكن أحد من إيصال معونات للجند المصريين المحاصرين في جيب الفالوجة.

قامت قيادة الجيش الإسرائيلي في بداية نوفمبر 1948، بتبديل لواء گڤعاتي المتواجد في النقب بلواء إسكندروني الذي تواجد في منطقة الساحل شمال تل أبيب، وذلك حتى يأخذ سكندروني مهمة تطويق الفالوجة وعراق المنشية، ومنع وصول أي إمدادات إليهما، بل وتنفيذ هجمات دائمة بواسطة القوات الراجلة وسيارات الجيب، من أجل تضييق الخناق أكثر فأكثر على الجنود المصريين المحاصرين في جيب الفالوجة، ومن ثم تنفيذ خطة هجومية شاملة على قرية عراق المنشية واحتلالها والتمركز داخلها، من أجل استعمالها لقصف قرية الفالوجة حتى استسلام كل الجنود المصريين وقائدهم العنيد، والذي رفض أن يستسلم مقابل حياته وحياة جنوده، بل آثر الدفاع حتى آخر جندي وآخر رصاصة.

كانت خطوط الدفاع المصرية داخل الجيب مكوّنة من منطقتين رئيستين: في الفالوجة، حيث تتواجد القوات المدرعة وبطاريات المدفعية، وراجمات القنابل الثقيلة، وكتيبتين كاملتين من اللواء الرابع المحاصر. أمّا في عراق المنشية فتمركزت هناك الكتيبة السادسة بنادق مشاة، مدعمة بسرية من المناضلين الفلسطينيين. كانت كل منطقة دفاعية محصنة بشكل منفرد عن الأخرى، وتحيطها الأسلاك الشائكة من كل النواحي. أمّا الشارع الواصل بين القريتين فقد كان يحرسه مخفران عسكريان يقعان جنوب الشارع، هما مخفر الجسر - وكان الأكثر تحصينًا بينهما - وهو الأقرب إلى الفالوجة منه إلى عراق المنشية، والآخر هو مخفر الشارع، الذي كان تحت سيطرة فصيل من السودانيين. كانت وظيفة هذين المخفرين هي منع فصل قرية عراق المنشية عن الفالوجة وبالعكس.

كانت قرية عراق المنشية محاطة بالأسلاك الشائكة من جميع الجهات، بل وكان هناك أكثر من جدار واحد من الأسلاك في بعض المناطق التي يسهل الهجوم على القرية من خلالها. الناحية الشمالية للجدار الشائك كانت مزروعة بالألغام، حيث أنّها كانت من ناحية مستعمرة "جت". كذلك، كانت القرية محاطة بالخنادق التي حفرها الجنود المصريون، كما قام هؤلاء بحفر خنادق غير مرئية لطائرات الاستطلاع الصهيونية، خلف الصف الأول من البيوت، وذلك لمفاجأة أي جنود مشاة يتمكنوا من الدخول إلى القرية.

كانت قرية عراق المنشية محصنة بطريقة تشير إلى المعنى من ورائها: الموت في المعركة أو النصر على العدو، حيث أنّ الجنود المصريين في الخنادق سيكونون معرضين إلى هجمات مكثفة وعنيفة في حالة دخول الجنود الصهاينة إلى القرية.

اختارت القيادة العسكرية الإسرائيلية عراق المنشية لتنفيذ هجومها على الجيب، وليس قرية الفالوجة، كون هذه هي الأكثر تحصينا وعدة وعتادًا، مع أن عراق المنشية كانت قد كبدت لواء شموني الإسرائيلي المدرع، هزيمة ساحقة في بداية حملة يوآڤ.


انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ فراس السعافين (2020-07-28). "الفالوجة: 72 عاما على النكبة: صمود رجال "الضبع الأسود" في الفالوجة (2/2)". فلسطين في الذاكرة.