العلاقات الجزائرية التونسية

العلاقات الجزائرية التونسية
Map indicating locations of Algeria and Tunisia

الجزائر

تونس

العلاقات الجزائرية التونسية، هي العلاقات الثنائية بين الجزائر وتونس.[1] في السبعينيات، غيرت تونس موقفها من الصحراء الغربية تجنباً لمعادات السلطات الجزائرية.[1] كانت تونس أول دولة توقع معاهدة الأخوة والوفاق مع الجزائر، عام 1983.[1] خلال تاريخ الجزائر المتستقلة، ارتبطت الجزائر بعدد من الشراكات الاقتصادية مع تونس، ومنها خطط أنابيب النقل الوطني الذي يمر من الجزائر عبر تونس إلى إيطاليا.[1] إزدادات العلاقات قرباً عام 1987 بعد رحيل الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة من السلطة، وتولي الرئيس السابق زين العابدين بن علي.[1]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

العلاقات السياسية

تعود خلفية الخلافات التونسية – الجزائرية الى الحقبة الاستعمارية الفرنسية، حيث كان الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة وبعد أن تولىّ رئاسة الحكومة التونسية في 1956 يدعو قادة الثورة الجزائرية الى الكف عن الثورة والعودة الى الهدوء في ظل فرنسا، وعندما قام بزيارة الى واشنطن في تلك الفترة طلب منه الرئيس الأمريكي إيزنهاور بالقيام بدور المهدّئ للثورة الجزائرية مقابل مساعدات اقتصادية أمريكية، وطلب ايزنهاور من بورقيبة أن يقنع الثوّار الجزائريين بالعودة الى السلم والعيش في كنف فرنسا، ووعد بورقيبة ايزنهاور بالقيام بهذا الدور و محاولة اقناع الجزائريين بوقف القتال كما فعل هو في تونس عندما قبل بالاستقلال الذاتي، وكان أول تصريح لبورقيبة في البيت الأبيض قوله : نحن مع الغرب وسنظل معه لا بحكم موقعنا الجغرافي فقط بل بحكم ثقافتنا وتقاليدنا.

وتبينّ لدى عودة بورقيبة من الولايات المتحدة أن واشنطن كلفته بالتحرك من أجل اقامة حلف عسكري يضم أقاليم الشمال الافريقي – المغرب العربي – وفرنسا وايطاليا واسبانيا وترعاه أمريكا وبريطانيا ويكون مكمّلا للحلف الأطلسي، وتجدر الاشارة الى أنّ هذا الطرح مازال قائما وتروّج للفكرة تونس حيث تعرض الرئيسان التونسي زين العابدين بن علي والجزائري عبد العزيز بوتفليقة الى المشروع الأمريكي القاضي بتأسيس شراكة أمريكية مغربية.

وحاول بورقيبة جاهدا اقناع قادة الثورة الجزائرية بالمشروع وعلى مدى ثلاثة أسابيع بعد عودته من واشنطن ظلّ على اتصال بقادة الثورة الجزائرية و الساسة في المغرب العربي ولماّ لم ينجح في مشروع اطفاء الثورة الجزائرية و لا في مشروع الحلف مع أمريكا راح وحده يغرّد خارج السرب وكان يردد : ياليت تونس تقع بمنأى عن موقعها الجغرافي الحالي، ياليتها تقع في شمال العالم على مقربة من الدول الاسكندينافية. وزاد في التشويش على العلاقات الثنائية بين تونس والجزائر احتضان الجزائر لبعض الشخصيات المعارضة للحبيب بورقيبة وحكمه، كما أن وقوف بورقيبة الى جانب المغرب في قضية الصحراء الغربية أدىّ الى انزعاج كبير من طرف هواري بومدين الذي وضع كل ثقل الجزائر في قضية الصحراء الغربية ومعروف أن هواري بومدين كان وراء تأسيس جبهة البوليساريو.

بعد الثورة الجزائرية واستقلال، تم التوقيع على اتفاقية دبلوماسية وقنصلية بين البلدين في 26 يوليو 1963، وعلى اتفاقية إنشاء اللجنة الكبرى المشتركة للتعاون بين البلدين في 6 يناير 1970.

وعندما تولى الشاذلي بن جديد الحكم في الجزائر في 1980 كان الاتحاد المغاربي في طور التأسيس الأمر الذي أدى نسبيا الى اعادة تصحيح العلاقة بين الجزائر وتونس، لكن سرعان ما تغيرّت الأوضاع بعد خريف الغضب الجزائري في 5 أكتوبر 1988 حيث أضطّرت السلطة الجزائرية الى تغيير أسلوبها السياسي وأطلقت مشروع التعددية السياسية الذي بموجبه تأسست الأحزاب السياسية في الجزائر من وطنية واسلامية وبربرية، وترافق هذا التغير الجزائري مع تغيّر أخر في تونس تمثلّ في الانقلاب الذي قاده الجنرال زين العابدين بن علي على الرئيس السابق الحبيب بورقيبة في تشرين الثاني – نوفمبر 1987، وكان بن علي منزعجا كل الانزعاج من السلطة الجزائرية التي منحت الاعتماد للجبهة الاسلامية للانقاذ وقد أوصل انزعاجه هذا الى الرئيس الشاذلي بن جديد وطالبه بحلّ جبهة الانقاذ لأن وجودها في الجزائر من شأنه أن يحرج السلطة التونسية مع حركة النهضة التونسية التي حظرت في تونس وزجّ بكل قيادييها في السجن، و أرتفعت حدّة التوتر بين الجزائر وتونس عندما أقام زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي في الجزائر العاصمة وظلّ يتردد على الدكتور عباسي مدني ورفاقه من قادة الجبهة الاسلامية للانقاذ، وقد أرسلت تونس رئيس وزرائها حامد القروي الى الجزائر للطلب رسميا من الجزائر بتسلّم راشد الغنوشي المحكوم عليه بالاعدام في تونس مع مجموعة من قياديي حركة النهضة التونسية، وغادر الموفد التونسي الجزائر خالي الوفاض لأنّ الرسميين في الجزائر كانوا يتصورون أنّ خطوة من هذا القبيل من شأنها تفجير الشارع الاسلامي الذي كان يغلي في الجزائر، وتبع الغنوشي الى الجزائر عشرات من أنصار النهضة وكوادرها وارتابت السلطة التونسية في الأمر حيث تخوفت من عودة المارد النهضوي الى تونس من البوابة الجزائرية، و قد نشرت صحيفة البديل التي كانت تابعة للرئيس الجزائري الأسبق أحمد بن بلة تقريرا مستقى من جهات عليا يفيد بأن الأجهزة الأمنية في تونس أرسلت الى الجزائر فرقة تدعى النمور السوداء لاغتيال راشد الغنوشي في الجزائر، وقد أبلغ الغنوشي بالأمر فأتخذّ الاحتياطات اللازمة وفشلت المحاولة بعد كشفها اعلاميا.[2]

وعندما تزايدت الضغوط على الجزائر من قبل تونس طلب من راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية أن يغادر الجزائر واختار التوجه الى السودان ومنه توجه الى بريطانيا للاقامة فيها كلاجيء سياسي.

وبعد ابعاد الشاذلي بن جديد عن الحكم وفرض حالة الطوارئ وحلّ الجبهة الاسلامية للانقاذ اندلعت مواجهات دامية بين أنصار الانقاذ والسلطة الجزائرية و ترتبّ على الغاء الانتخابات التي فازت فيها الجبهة الاسلامية للانقاذ بروز العمل المسّلح وعشرات الحركات الاسلامية المسلحة التي كان بعضها يقوم بالهجوم على مواقع على الحدود التونسية الجزائرية، وفي ظل غياب التنسيق السياسي كان التنسيق الأمني بين تونس والجزائر في أوجه حيث كانت السلطات التونسية تسلّم عناصر متعاطفة مع الحركات الاسلامية الجزائرية فرّت الى تونس وبدورها الجزائر تسلم معلومات عن نهضويين تونسيين مروا بالجزائر.ومنذ 1992 والى يومنا هذا كان عمل الاتحاد المغاربي مقتصرا على الملفات الأمنية وجمع المعلومات عن التيارات الأصولية.


ترسيم الحدود

بعد مفاوضات طويلة بدأت عام 1995، وانتهت في عام 2011 بتوقيع الأتفاق بين وزراء الخارجية، أصدر عبد العزيز بوتفليقة في اكتوبر 2013 مرسوم يقضي بالتصديق على الحدود الحرية بين تونس والجزائر.

وتضمنت الاتفاقية تسعة مواد تتعلق بتحديد إحداثيات ووضع خطوط مائية افتراضية، تمتد بين مدينتي طبرقة التونسية والطارف الجزائرية المطلتين على البحر الأبيض المتوسط.

وتنص الاتفاقية أيضا على تبادل المعلومات في حال التنقيب لاستكشاف أو استثمار الموارد الطبيعية على مقربة من خط الحدود البحرية، وفي حال إمكانية استثمار هذه الموارد كلياً أو جزئياً انطلاقاً من الجانب الآخر لخط الحدود، يضبط الطرفان باتفاق مشترك الترتيبات المتعلقة بذلك.

وتطرقت الاتفاقية ذاتها إلى تسوية كل خلاف ينشأ بين الطرفين بخصوص تفسير هذه الاتفاقية، أو تطبيقها عن طريق المفاوضات، مبرزة أنه إذا تعذر ذلك يتم اللجوء إلى أية طريقة سلمية أخرى يقبلها الطرفان وفقاً للقانون الدولي.

وكان وزير الخارجية الجزائري السابق مراد مدلسي قد صرح بأن هذه الاتفاية التي صادق عليها البرلمان في شهر يناير الماضي تعد "أول اتفاقية تبرمها الجزائر مع دولة مجاورة في مجال ضبط حدودها البحرية، كما تعد "خطوة مرحلية ستتبعها خطوات مماثلة مع دول أخرى، ومنها المغرب".

وجدير بالذكر أن كلا من تونس والجزائر وقعتا، عام 1983، اتفاقية لترسيم حدودهما البرية المشتركة التي تمتد بطول 965 كم.[3]

في 8 يناير 2013 صدّق البرلمان الجزائري، على مشروع قانون متعلق بترسيم الحدود البحرية مع تونس. وقال وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي إن بلاده والمغرب «يمكنهما فتح محادثات قريبة حول الحدود البحرية»، مبدياً انطباعاً أن إشكالية الحدود البرية المغلقة مع المغرب منذ منتصف التسعينات غير موجودة في «أجندة» حكومة بلاده. وذكر مدلسي أن بلاده ترفض التدخل في شؤون الجيران، لكنه طالبهم باحترام الدواعي الإنسانية في استضافة لاجئين، في إشارة إلى عائلة العقيد الراحل معمر القذافي.

ويتضمن مشروع القانون المتعلق بالموافقة على اتفاقية الحدود البحرية بين الجزائر وتونس، مادتين وملحقاً يشمل تسع مواد تهدف في مجملها إلى الضبط النهائي للحدود البحرية بين البلدين من خلال ممارسة كل طرف في مجاله البحري، سيادته أو حقوقه السيادية أو ولايته القانونية. وتنص الاتفاقية وفق التقرير التمهيدي للجنة الشؤون الخارجية والتعاون والجالية على تبادل المعلومات في حال التنقيب لاستكشاف أو استغلال الموارد الطبيعية على مقربة من خط الحدود البحرية، وفي حال إمكان استغلال هذه الموارد كلياً أو جزئياً انطلاقاً من الجانب الآخر لخط الحدود يضبط الطرفان باتفاق مشترك الترتيبات المتعلقة بهذا الاستغلال.[4]

كما تنص الاتفاقية على تسوية كل خلاف ينشأ بين الطرفين بخصوص تفسيرها أو تطبيقها عن طريق المفاوضات، وإن تعذّر ذلك يتم اللجوء إلى أي طريقة سلمية أخرى يقبلها الطرفان وفق القانون الدولي.

وساقت مداخلات نواب في البرلمان إلى الحديث عن صيانة الحدود الجزائرية البرية والبحرية من عملية التهريب التي ازداد خطرها على الاقتصاد الوطني والقدرة الشرائية للمواطن. ورد الوزير مدلسي بأن «هذه الاتفاقية مع الجارة الشقيقة تونس مهمة جداً»، مشيراً إلى أن العلاقة بين البلدين في الوقت الراهن تتميز بالاحترام المتبادل والتعاون في مختلف المجالات. وقال: «هذه الاتفاقية تعتبر الأولى التي تبرمها الجزائر مع دولة مجاورة في مجال ضبط حدودنا البحرية». وأضاف أن إبرامها «خطوة مرحلية ستتبعها خطوات أخرى مع دول أخرى ومنها المغرب»، معلناً في الوقت نفسه أن المفاوضات بين الجزائر وليبيا «لترسيم الحدود البرية ستستكمل مستقبلاً».

التعاون العسكري

الرئيس التونسي منصف المرزوقي، والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أثناء زيارة المرزوقي للجزائر، 2012.

العلاقات الاقتصادية

شهدت هذه العلاقات نمواً مطرداً خاصة على مستوى التعاون الاقتصادي والصناعي (شركات مشتركة) توج بتوقيع البلدين على معاهدة الإخاء والوفاق في 19مارس 1983 والتي انضمت إليها موريتانيا لاحقا. وعرفت العلاقات التونسية الجزائرية تطورا هاما تمثل خاصة في تكثيف نسق التشاور بشأن ملفات التعاون الثنائي والقضايا السياسية محل الاهتمام المشترك وتوقيع عدة اتفاقيات هامة. وتدعمت العلاقات الاقتصادية بين البلدين من خلال التوقيع سنة 2001 على الاتفاق الإطاري الجديد للتعاون الصناعي الهادف إلى تطوير صيغ الشراكة والاستثمار المباشر بين البلدين. كما شهد حجم التبادل التجاري بينهما تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة.[5]

العلاقات الثقافية

الزيارات المتبادلة

الرئيسان الجزائري عبد المجيد تبون والتونسي قيس سعيد خلال لقائهما في العاصمة الجزائرية فبراير 2020.

في مارس 2020، قام الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بزيارة تونس العاصمة، بعد أن وجَّه إليه الرئيس التونسي قيس سعيد دعوة رسمية لزيارة تونس. استمرت الزيارة يومين، ورافق الرئيس الجزائري فيها عدد من وزراء الحكومة للتوقيع على اتفاقيات تعاون بين البلدين، والتحضير لانعقاد اللجنة المشتركة العليا التي يرأسها رئيسا الحكومة في البلدين، بهدف حلحلة معوقات تنفيذ بعض الاتفاقيات؛ خصوصاً تلك المتعلقة بمناطق التبادل الحر الثلاث، الموقع عليها منذ عام 2008، وتنمية المناطق الحدودية.[6]

في 14 سبتمبر 2020، أعلنت الخارجية التونسية، عن زيارة مرتقبة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى تونس. وقال البيان، إنه جرى الحديث عن هذه الزيارة خلال استقبال وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي، للسفير الجزائري بتونس عزوز بعلال، قبل يومين من البيان.[7]


الاتفاقيات الرسمية

تجاوز عدد الاتفاقيات والبرامج التنفيذية المبرمة منذ 1963 بين البلدين 115 وثيقة من أهمها اتفاقية الإقامة لسنة 1963 والاتفاقية التجارية والتعريفية لسنة 1981 واتفاقية نقل المسافرين والبضائع والعبور عبر الطرقات البرية لسنة 2001 والاتفاق حول الترتيبات المؤقتة المتعلقة بضبط الحدود البحرية بين البلدين لسنة 2002.

المصادر

  1. ^ أ ب ت ث ج Entelis, John P. with Lisa Arone. "The Maghrib". Algeria: a country study. Library of Congress Federal Research Division (December 1993). This article incorporates text from this source, which is in the public domain.
  2. ^ "العلاقات الجزائرية التونسية". أخبار إسلامية. Retrieved 2013-01-09.
  3. ^ "الجزائر تُرسِّم حدودها البحرية مع تونس في انتظار المغرب". هسپرس. 2013-10-11. Retrieved 2020-03-05.
  4. ^ "الجزائر ترسم حدودها البحرية مع تونس والبرية مع ليبيا". جريدة الحياة اللبنانية. 2013-01-09. Retrieved 2013-01-09.
  5. ^ [action=singleView&tx_wdbilaterales_pi1[pointer]=0&tx_wdbilaterales_pi1[mode]=1&tx_wdbilaterales_pi1[showUid]=2 العلاقات الجزائرية التونسية، وزارة الخارجية التونسية]
  6. ^ "الرئيس الجزائري في أول زيارة دولة إلى تونس منذ 34 سنة". جريدة الشرق الأوسط. 2020-03-13. Retrieved 2020-09-18.
  7. ^ "زيارة مرتقبة للرئيس الجزائري إلى تونس". وكالة أنباء الأناضول. 2020-09-14. Retrieved 2020-09-18.