الإخوان المسلمون والعمل السياسي

منذ بداية جماعة الإخوان المسلمين وضع حسن البنا الأسس للعمل السياسي للإخوان وأنهم ليسوا مجرد جماعة دعوية إسلامية ولكنهم أيضا هيئة سياسية نتيجة لفهمهم العام للإسلام وأن مشاركتهم السياسية تأتي من منطلق الإصلاح في الأمة وتطبيق لتعاليم الإسلام وأحكامه [1].

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

في مصر

ففي فبراير عام 1942م كانت أول مشاركة سياسية للإخوان في مصر حيث ترشح المرشد العام حسن البنا في دائرة الإسماعيلية لمجلس النواب المصري[2]، وضغط الإحتلال الإنجليزي على حكومة النحاس باشا الوفدية، فقام النحاس باشا بمفاوضة الإمام البنا حتي يتنازل عن ترشحه وإلا حُلت الجماعة, فوافق الإمام البنا علي الإنسحاب بشروط قبلتها الحكومة وهي[2] [3]:

  1. إحياء الأعياد الإسلامية ولا سيما مولد النبي محمد وجعله عيدا رسميا للدولة.
  2. إلغاء البغاء وغلق بيوت الدعارة وجعلها عملا مجرما - والذي كان مطلبا للإخوان في ذلك الوقت [4] - .
  3. تحريم الخمر - وإن كان التحريم الذي فعلته الحكومة قد إقتصر علي المناسبات الدينية - [2]
  4. إصدار قانون بوجوب التعامل باللغة العربية في جميع المؤسسات والشركات ومراسلاتها.
  5. إعطائه ضمانات بقيام جمعية الإخوان وفروعها وعدم الوقوف في سبيلها وعدم مراقبتها والتضييق علي أعضائها للحد من نشاطهم, والسماح بوجود جريدة يومية لـ(الإخوان المسلمين)[2] .

وفي أواخر عام 1944م [2] عاود الإخوان الترشح مرة أخري لمجلس النواب فترشح حسن البنا في دائرة الإسماعيلية وعدد أخر من قيادات الإخوان في دوائر أخري, وفشلت ضغوط الإنجليز وحكومة أحمد ماهر السعدية لإجبار الجماعة على الانسحاب، فمارس الإنجليز كل وسائل الضغط والتزوير وتدخل الجيش الإنجليزي ومنع الناخبين من التصويت لمرشحي الإخوان، فلم يفز الإخوان بأي مقعد[2] [3].

وبعد ثورة 23 يوليو 1952م، طلب رجال الثورة أن يرشحوا لهم أسماء للاشتراك في الوزارة، فرشَّح مكتب الإرشاد لهم ثلاثة من أعضاء الجماعة، ولكن جمال عبد الناصر ورجاله كانوا يريدون أسماء لها رنين وشهرة لدى الشعب المصري، من أمثال الشيخ أحمد حسن الباقوري، والشيخ محمد الغزالي؛ ولذا رفضوا ترشيح المرشد أو مكتب الإرشاد، وعرضوا وزارة الأوقاف بالفعل على الشيخ الباقوري، فقبل مبدئيًّا، وأبلغ الإخوان بذلك، فلم يمنعوه من القبول، ولكن اشترطوا عليه أن يستقيل من الجماعة[5]. أما في حقبة حكم عبد الناصر لمصر وإضطهاده وحله للإخوان لم تعد تمارس جماعة الإخوان السياسة في مصر إلي أن أتي الرئيس السادات للحكم, وفي انتخابات 1976 [3]، وبشكل فردي، نجح نائب واحد للإخوان هو الشيخ صلاح أبو إسماعيل. أما في عام 1979م [3]، فقد نجح اثنان هما: الشيخ صلاح أبو إسماعيل، والحاج حسن الجمل، ولهما يُنسب أهم "إنجاز سياسي ودستوري للحركة الإسلامية في هذا العصر"، وهو جعل الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع في مصر عام 1979م، إضافة إلى تشكيل لجان برئاسة الدكتور "صوفي أبو طالب" لتقنين ومراجعة القوانين على حسب مقتضيات الشريعة [3] [6].

الشعار الإنتخابي لجماعة الإخوان المسلمين

وخاض الإخوان الإنتخابات في مصر عام 1984م وعام 1987م دخل الإخوان البرلمان ضمن التحالف الإسلامي (الإخوان, حزب العمل المصري, حزب الأحرار) التي خاضو الإنتخابات فيها تحت شعار الإسلام هو الحل, ما تميزت هذه المشاركة بترشيح الإخوان على قائمة التحالف الإسلامي، النائب القبطي جمال أسعد عبد الملاك، وقد فاز ليكون أول قبطي يدخل البرلمان بالانتخاب منذ عودة التعدّدية في مصر، ويكون ذلك على قائمة الإخوان[3]. وفي عام 1995م رشح الإخوان 150 مرشحا في ظل ظروف أمنية وسياسية قاسية لم ينجح منهم أحد إلا نائب واحد وتم تحويل 82 من قيادات الجماعة للمحاكمات العسكرية الإستثنائية في مصر[3], وفي عام 2000م مع أول إنتخابات يشرف عليها القضاء المصري جزئيا, فاز الإخوان ب 17 مقعدا بمجلس الشعب المصري, وحسب قول د. محمد مرسي عضو مكتب الإرشاد والمتحدث بإسم الكتلة البرلمانية للإخوان في هذه الدورة أن نسبة الإخوان 3.7% قامت بنسبة 30% من جميع أنشطة وفاعليات المجلس مستخدمين كل الأداوات الرقابية التي يتيحها لهم المجلس[3], وفي عام 2005م رشح الإخوان في مصر 160 مرشحا فاز منهم 88 مرشح بمجلس الشعب أي 20 بالمائة من مقاعد المجلس ليصبحوا أكبر كتلة معارضة في مصر [7].


في الأردن

وفي الأردن شارك الإخوان في الإنتخابات النيابية عام 1956م ونجح لهم أربع مرشحين من ستة, وإنتخابات عام 1963م ونجح لهم إثنين, وفي الفترة من 1989م إلي 1998م [8] إتسعت مشاركة الجماعة في الحياة السياسية إذ حصلت في المجلس النيابي الحادي عشر عام 1989م على ثلاثة وعشرين مقعداً حيث مثلوا مع إسلاميين أخرين أكثر من ثلث مجلس النواب وحصلو علي رئاسة المجلس لثلاث دورات متتالية، كما شاركت بخمسة وزراء في عام 1991م في حكومة مضر بدران [9]، وفي عام 1993م حصلت على سبعة عشر مقعداً، بعد إصدار قانون انتخابي جديد سمي بقانون الصوت الواحد حيث يري كثير من المحللين السياسيين أنه أتي للحد من قوة الإخوان في الأردن[8], وتم في هذه الفترة إنشاء حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسي للإخوان في الأردن سنة 1992م، كما شاركت الجماعة في الانتخابات البلدية لعام 1995م وفاز مؤيدوها وأنصارها في عدد من البلديات, ومع رفض الإخوان الشديد لإتفاقية وادي عربة ولتحسين شروط المشاركة السياسية قررت الجماعة مقاطعة الانتخابات النيابية لعام 1997م[8], وقد حصلت في انتخابات 2003م على 17 مقعداً في مجلس النواب[8], ولكن في الإنتخابات النيابية عام 2007م لم تحصل الجماعة ممثلة بـ حزب جبهة العمل الإسلامي إلا على 6 مقاعد في البرلمان بسبب ما تقوله الجماعة بأن عمليات تزوير واسعة وشراء أصوات سهّلت لها الحكومة, وعقب ذلك قام مجلس شوري الإخوان في الأردن بحلّ نفسه وإنتخاب مجلس جديد [10].

في فلسطين

أما في فلسطين فقد قامت حركة حماس بإنشاء المكتب السياسي للحركة بمبادرة من د. موسي أبو مرزوق أول رئيس للمكتب السياسي عام 1989م، عندما أعاد بناء تنظيم حماس بعد الضربة الشاملة التي تلقتها الحركة في ذلك العام، والتي أدت إلى اعتقال الشيخ أحمد ياسين وكثير من قادة الحركة ونشطائها، وتفكيك أجهزة الحركة العسكرية والأمنية[11], ففي يناير 2005م خاضت حماس الإنتخابات البلدية في أول إنتخابات بلدية تشهدها غزة وفازت فيها فوزا كاسحا بنسبة 65,25 بالمئة [12]، وأيضا حققت نجاحات كبيرة في إنتخابات مجالس الطلبة والنقابات, وفي يناير 2006م خاضت حماس إنتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني رغم تأكيدها علي عدم الإعتراف بإتفاقية أوسلو وعدم الإعتراف "بإسرائيل"، وحققت فيها فوزا كاسحا بواقع 76 مقعد من أصل 132 مقعدا وشكلت الحكومة الفلسطينية العاشرة برئاسة إسماعيل هنية, ثم الحكومة الحادية عشر (حكومة الوحدة الوطنية) ولكن بعد أحداث حزيران 2007م وقيام حماس للحسم العسكري في قطاع غزة بسبب ما تقول الحركة أنه إنتشار الفلتان الأمني وعدم إنصياع الأجهزة الأمنية لأوامر الحكومة[13], قام الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإقالة الحكومة لتصبح حكومة تسيير أعمال -حسب نصوص القانون الأساسي الفلسطيني - حتي يتم تشكيل حكومة جديدة وحصولها علي ثقة المجلس التشريعي ولازالت هذه الحكومة المقالة حتي الآن في الحكم [14]

المراجع

  1. ^ رسالة المؤتمر السادس، مجموع رسائل الإمام الشهيد حسن البنا, الشبكة الدعوية
  2. ^ أ ب ت ث ج ح كتاب الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ, رؤية من الداخل, الجزء الأول
  3. ^ أ ب ت ث ج ح خ د الأداء البرلماني لنواب الإخـوان في الميزان, سويس إنفو, 20 أكتوبر 2005م
  4. ^ دور الإخوان في إصلاح المجتمع ومحاربة الفساد (5), إخوان أون لاين, 23 فبراير 2008م
  5. ^ مذكرات د/يوسف القرضاوي - خاتمة الجزء الأول, سيرة ومسيرة,إسلام أون لاين
  6. ^ د. جمال حشمت يكتب: تعليقًا على حديث د. صوفي أبو طالب - وإختفاء قوانين الشريعة من البرلمان المصري، إخوان أون لاين، 29 مايو 2007م
  7. ^ مرشحوا 'الإخوان المسلمون' يفوزون بخمس مقاعد البرلمان المصري, وكالة الأخبار الإسلامية- نبأ, 8 ديسمبر 2005م
  8. ^ أ ب ت ث ديناميكية الأزمة بين الحكم والإخوان في الأردن, المعرفة, الجزيرة نت, 7 يوليو 2006م
  9. ^ الإخوان المسلمون لا يشاركون في حكومة الأردن, إسلام أون لاين, 21 يونيو 2000م
  10. ^ مجلس شورى إخوان الأردن يحل نفسه ويدعو لانتخابات جديدة, إخوان أون لاين, 30 نوفمبر 2007م
  11. ^ حماس من الداخل, كتب, المعرفة, الجزيرة نت, 12 يناير 2008م
  12. ^ قادة "فتح" يدقون ناقوس الخطر عقب اكتساح حماس لبلديات غزة, العربية نت, 30 يناير 2005م
  13. ^ الزهار: الحسم العسكري في غزة كان دفاعا عن النفس, الجزيرة نت, 23 أكتوبر 2007م
  14. ^ شرعية رئيس السلطة الفلسطينية بعد انتهاء ولايته, حوار مع أحمد الخالدي/ رئيس لجنة صياغة الدستور الفلسطيني, برنامج بلا حدود, قناة الجزيرة, 1 أكتوبر 2008م

وصلات خارجية