حصار موقع كبريت

حصار موقع كبريت، هو حصار فرضته القوات الإسرائيلية على الجيش الثالث الميداني في موقع حصن كبريت من 22 أكتوبر - 12 فبراير 1973 وانتهى الحصار بعد تطبيق المرحلة الثالثة من خطة فض الاشتباك.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

نقطة كبريت الحصينة

كانت النقطة الحصينة في كبريت مقرا لإحدي القيادات الإسرائيلية الفرعية،‮ ضمن خط بارليف ‬وملتقي الطرق العرضية شرق القناة،‮ ‬وهو الأمر الذي عكس أهمية القاعدة إذ‮ ‬يمكن من خلالها السيطرة علي كافة التحركات شرق أو‮ غرب منطقة كبريت،‮ وهي‬ تقع في المنطقة الفاصلة بين الجيشين الثاني والثالث المصريين،‮ ‬وعلاوة علي ذلك تقع في أضيق منطقة بين البحيرات المرة الكبري والصغري والمسافة بين الشاطئين الشرقي والغربي عند هذه المنطقة لا تزيد علي 500 ‬مترا،‮ وتوجد في الوسط جزيرة‮ ‬يستطيع من خلالها العدو تطويق الجيش الثالث والوصول لمدينة السويس‮.‬[1][2]

كان هذا الموقع الذي تمت إقامته في‮ "‬كبريت‮" يتحمل الموجات الانفجارية لجميع أنواع القنابل حتي زنة ألف رطل‮.‬ ‬وكان يتوفر داخل النقطة إمكانات الاكتفاء الذاتي لمدة شهر ويزيد،‮ وغرفة عمليات جراحية كاملة التجهيز وكميات كبيرة من الأدوية والمعدات الطبية.[1]


خلفية

العميد أحمد بدوي قائد الفرقة 7 مشاة الذي وضع اللواء 130 مشاة تحت قيادته من يوم 13 أكتوبر 1973.
العقيد محمود شعيب قائد اللواء 130 مشاة ميكانيكي برمائي وإلى يساره مقدم محمد أمين مقلد رئيس عمليات اللواء.
المقدم ابراهيم عبد التواب قائد الكتيبة 603 والذي تولى قيادة موقع كبريت بعد اصابة قائد اللواء واخلائه إلى القاهرة وإلى يمينه المقدم محمود سالم قائد الكتيبة 602.


في شهر يناير من 1972، وفي أثناء بحث الخطط المقترحة لعبور قناة السويس، صدر قرار القيادة العامة بانشاء اللواء 130 الذي أطلق عليه اسم مشاة الأسطول في بادئ الأمر، وقبل حرب أكتوبر بفترة قصيرة تقرر تغيير اسمه ليصبح اللواء 130 مشاة ميكانيكية البرمائي. وكان الغرض من انشائه هو ايجاد قوة مشاة ميكانيكية لديها القدرة على التحرك بمركباتها البرمائية سواء عبر الأراضي أو عبر المسطحات المائية المحدودة، مثل البحيرات التي تقع على مجرى قناة السويس (بحيرة التمساح والبحيرات المرة الكبرى والصغرى) أو مثل خليج السويس ، بغرض مفاجأة العدو في عمق دفاعته لشل مراكز قيادته وتعطيل تقدم احتياطياته التعبوية.

وقد تم في الأشهر الأولى من عام 1972 تشكيل اللواء 130 البرمائي في منطقة العامرية بالإسكندرية بعد أن اختير لقيادته أ. ح محمود شعيب، وكان يتكون من كتيبي مشاة ميكانيكيتين أختير أفرادهما من قوات الصاعقة، وأطلق عليهما اسم الكتيبة 602، وتولى قيادتها المقدم أ. ح. محمود سالم، والكتيبة 603 وتولى قيادتها المقدم ابراهيم عبد التواب، علاوة على باقي وحدات الدعم الخاصة باللواء والتي كان من أهمها كتيبة دبابات برمائية من طرازات 76 وكتيبة مقذوفات صاروخية موجهة مضادة للدبابات (مالتوكا) وكتيبة مضادة للطائرات وكتيبة هاون 120 مم. وقد زودت كل كتيبة مشاة ميكانيكية بعدد 40 مركبة مدرعة برمائية من طراز توباز لنقل أفراد الكتيبة.

وفي أواخر سبتمبر عام 1973، تم نقل اللواء 130 من العامرية الى منطقة القناة حيث تمركز في معسكر حبيب الله شمال غرب مدينة السويس. وأسندت الى الكتيبتين 602، و603 بعد تدعيم كل منهما بعدد 10 دبابات برمائبة ت 76 من كتيبة دبابات اللواء، مهمة عبور البحيرات المرة الصغرة يوم 6 أكتوبر 1973 فور بدء التمهيد النيراني للمدفعية من نقطة عبور كانت تقع جنوب كبريت بحوالي 2 كم، على أن تدفع الكتيبة 602 على الطريق المؤدي إلى مضيق الجدي، وأن تدفع الكتيبة 603 على الطريق المؤدي إلى مضيق متلا، بغرض الاستيلاء على المدخلين الغربيين للمضيقين، وبذا يتم تأخير وصول الاحتياطي التعبوي للعدو حتى صباح يوم 7 أكتوبر، أي بعد ضمان اتمام اقامة المهندسين العسكريين المصريين للكباري والمعديات على القناة وعبور الآلوية المدرعة للانضمام إلى الفرق المشاة الملحقة بها، وبذا تكون الفرق الخمس جاهزة لصد أي هجوم مضاد تعبوي للعدو.

وفي التوقيت المحدد عبرت الكتيبة 602 البحيرة المرة، وتبعتها في العبور الكتيبة 603، ولكن الكتيبتين فقدتا خلال العبور جانبا من قوتهما، اذ أن بعض الدبابات ت76 والعربات المدرعة توباز وبعض العربات من طراز بردم غرزت في قاع البحيرة. فقد اتضح أثناء العبور أنها ضحلة وموحلة وذات تربة هلامية، مما أدى إلى أن تسير العربات المدرعة والدبابات على جنازيرها عبر البحيرة عدا الممر الملاحي الأصلي لقناة السويس في وسط البحيرة. وقامت جماعة من مهندسي اللواء 130 بفتح ثغرة في حقل الألغام الذي اكتشف على الشاطئ الشرقي للبحيرة. وعقب اشتباك قصير بالنيران مع العدو من اتجاه حصن كبريت شرق (حصن بوتزر الإسرائيلي وفقا للخطة الموضوعة، ولم تكد تقطع 15 كم من الطريق – وكان آخر ضوء قد حل حتى اصطدمت بكتيبة مدرعة إسرائيلية قادمة من مضيق الجدي من لواء العقيد دان شمرون الذي كان مسئولا عن القطاع الجنوبي. ودارت معركة عنيفة غير متكافئة في الظلام استخدمت فيها الدبابات الإسرائيلية من طراز M48 أشعة النور الباهر ونيران مدافعها من عيار 105 مم، وعجزت الكتيبة 602 بمدافع دباباتها من عيار 76 مم وصواريخ المالوتكا التي يصعب توجيهها في الظلام وعرباتها المدرعة الخفيفة التدريع عن مجابهة هذه القوة المدرعة المتفوقة عليها تفوقا ساحقا. وانتهت المعركة التي وضعت لها هيئة العمليات بالمركز 10 أسوأ تخطيط ممكن – كما هو متوقع بتدمير جميع الدبابات والمركبات المدرعة بالكتيبة 602 رغم المقاومة الباسلة التي أظهرها أفرادها. وعاد أفراد الكتيبة الذين نجوا من المعركة مترجلين وعلى دفعات طوال ثلاث أيام، الى حيث انضموا على رأس كوبري الفرقة 7 مشاة، فصدرت التعليمات باعادة تجميع الكتيبة في معسكر حبيب الله.

احتلال الكتيبة 603 موقع كبريت

مقاتل الصاعقه-ابراهيم عبد الجليل عبد الرحيم

لم تسنح الفرصة للكتيبة 603 التي كان يتولى قيادتها المقدم ابراهيم عبد التواب التقدم على طريق الشط- متلا وفقا للمهمة المسندة إليها، اذ لم تكد تعبر البحيرة المرة خلف الكتيبة 602 وتصل الى الشاطئ الشرقي في حوالي الساعة الرابعة والنصف مساء وتتجمع خارج حقل الألغام، حتى دارت معركة عنيفة بينها وبين سرية دبابات إسرائيلية كانت متقدمة من اتجاه كبريت شرق، وقامت بمعاونة الكتيبة سرية مقذوفات صاروخية (مالوتكا) من الفرقة 7 مشاة كانت قد فتحت على الشاطئ الشرقي للبحيرة، مما أدى الى تدمير دبابتين للعدو وثلاث مركبات وصدرت التعليمات للكتيبة 603 بالبقاء في موقعها والدفاع عن رأس الشاطئ الذي تحتله نظرا للإلغاء المهمة التي كانت مسندة إليها وهي الاستيلاء على المدخل الغربي لمضيق متلا، بعد أن أدرك المسئولون في هيئة العمليات بالمركز 10 حقيقة المأساة التي حاقت بالكتيبة 602 نتيجة لخطأ قرارهم وسوء تقديرهم مما جعلهم يسندون الى كتيبة مشاة ميكانيكية هذه المهمة التي كان من المستحيل عليها تنفيذها ولم ينتج عنها سوى دمار الكتيبة.

وفي حوالي الساعة التاسعة صباحا يوم 9 أكتوبر، بدأ تحرك الكتيبة 603 شمالا بحذاء شاطئ البحيرة المرة الصغرى لتنفيذ المهمة الجديدة التي أسندت اليها بعد تدعيمها بسرية دبابات من اللواء 25 المدرع، وهي الاستيلاء على الحصن الإسرائيلي بوتزر (كبريت شرق). وكان هذا الحصن قد تم لحاميته الإسرائيلية اخلاؤه مساء يوم 8 أكتوبر ، بعد أن تلقى العقيد دان شمرون قائد اللواء المدرع بالقطاع لاجنوبي تصديق رئيس الجنرال ابراهام ماندلر (ألبرت) على اخلاء بعض حصون خط بارليف في قطاعه، ومن ضمنها حصن بوتزر. وفي الساعة الواحدة إلا الربع ظهرا قامت الكتيبة 603 باحتلال حصن بوتزر دون قتال، ولكن بعد أن انفجرت دبابة وعربة مدرعها لتوطرهما في حقل الألغام الذي كان يحيط بالموقع، وتم رفع العلم المصري على الحصن. وقبض على فردين على مقربة من الحصن اتضح أنهما تابعان لهيئة الرقابة الدولية فأخلي سبيلهما. وعثرت الكتيبة داخل الموقع على كميات كبيرة من الذخائر والمعلبات المحفوظة لم يتسع الوقت للحامية الإسرائيلية لسحبها معها أو تدميرها. وقد بادر المقدم ابراهيم عبد التواب بطلب كميات كبيرة من التعيينات والمياه والذخائر من منطقة الشئون الدارية للواء بمعسكر حبيب الله، الذي كان يقع على الضفة الغربية للبحيرة على بعد حوالي 8 كم من الشاطئ وفي مواجهة موقع كبريت تماما. وكانت وسيلة الاتصال المنتظمة بين منطقة الشئون الادارية في الغرب وموقع كبريت في الشرق هي استخدام العربات حتى الشاطئ الغربي للبحيرة ثم عبورها باستخدام القوارب المطاطية. وطلب المقدم ابراهيم عبد التواب أيضا كمية كبيرة من الألغام وأمر بعمل نطاق خارجي غير محدد من الألغام حول نطاق الألغام الإسرائيلي الذي كان يحيط بالموقع. وكان لهذا الحقل من الألغام الذي بلغ عمقه حوالي 300 متر فائدة كبرى كما اتضح فيما بعد.

وفي الساعة الواحدة بعد ظهر يوم 13 أكتوبر، أصدر اللواء عبد المنعم واصل قائد الجيش الثالث أوامره الى قيادة اللواء 13 الميكانيكي البرمائي، التي كانت موجودة في مقر قيادة الجيش الثالث منذ بدء العمليات في 6 أكتوبر، لأن تنضم الى موقع الكتيبة 603 في موقع كبيرت وأن يخرج اللواء 130 مشاة من تحت قيادة الجيش الثالث ليوضع تحت قيادة العميد أ. ح. أحمد بدوي قائد الفرق 7 مشاة، وأن يسحب من موقع كبريت 10 عربات مدرعة توباز بسائقيها لتنضم الى الفرقة 7 مشاة، وأن تنقل بقايا الكتيبة 602 تحت قيادة المقدم أ. ح. محمود سالم من معسكر حبيب الله الى مطار كبريت (غرب البحيرة)، وأن يسند الى هذه الكتيبة مهمة الدفاع عن مطار كبريت. وفي يوم 14 أكتوبر تم انتقال العقيد أ. ح. محمودش عيب قائد اللواء وضباط قيادته الى موقع كبريت، وأرسل رئيس اشارة الفرقة 7 مشاة عربة لاسلكي الى الموقع لادخال قيادة اللواء 130 على الشبكة اللاسلكية للفرقة. وفي نفس اليوم قدمت من معسكر اللواء بالعامرية بالإسكندرية كتيبة الهاون 120 مم وسرية المهندسين، وانضمتا الى موقع كبريت. وأمر قائد اللواء باحتلال كتيبة الهاون موقعا غرب البحيرة لمعاونة دفاعات كبريت بالنيران بعد أن احتفظ بسرية منها ضمن الدفاعات الأمامية لموقع كبريت.

وأثناء وجود العقيد أ.ح. محمود شعيب في قيادة الفرقة 7 مشاة بعد الظهر يوم 16 أكتوبر، استمع الى محادثة هاتفية أبلغ خلالها اللواء عبد المنعم واصل قائد الجيش الثالث العميد أحمد بدوي بعبور القوات الإسرائيلية الى الضفة الغربية للقناة، وطلب منه الاهتمام بتأمين الجنب الأيسر للفرقة الذي هو في نفس الوقت الجناح الأيسر للجيش الثالث. وفي يوم 17 أكتوبر مر تشكيل اللواء 25 مدرع المستقل من أمام موقع كبريت تتقدمه زوبعة هائلة من الغبار، بعد أن تم دفعه في الصباح من رأس كوبري الفرقة 7 ليتحرك شمالا بحذاء البحيرة المرة الكبرى، بمهمة تصفية ثغرة الاختراق الإسرائيلية من ناحية الشرق، وهي المهمة المؤسفة التي تم تخطيطها بأسلوب خاطئ في المركز 10، والتي أدت الى تدمير هذا اللواء بعد بضع ساعات على أثر وقوعه في كمين إسرائيلي محكم.

وقد لجأ إلى موقع كبريت عقب تدمير اللواء 10 دبابات (ت62) و7 عربات مدرعة (ب ك) و180 ضابطا وجنديا من الكتيبة مشاة الميكانيكية التابعة لهذا اللواء المنكود الطالع، وقد أثر وصول هذه الشراذم المشتتة الى الموقع تاثيرا سيئا على الروح المعنوية لأفراد موقع كبريت. وفي حوالي الساعة الواحدة بعد ظهر يوم 19 أكتوبر وصل إلى الموقع اللواء مصطفى شاهين رئيس أركان الجيش الثالث، الذي أمر باعادة جميع أفراد ومعدات اللواء 25 المدرع الذين التجأوا الى الموقع الى وحداتهم الأصلية براس كوبري الفرقة 7 مشاة، ولكنه سحب سرية الدبابات التي سبق تدعيم الكتيبة 603 بها يوم 9 أكتوبر وترك بدلا منها الدبابات العشر التي إلتجأت الى الموقع بعد المعركة نظرا لسوء حالتها وعجز بعض جنازيرها عن الحركة. ولذا استخدمت هذه الدبابات في الموقع على أنها مدافع مضادة للدبابات ، خاصة وقد كانت مدافعها من عيار 115 مم للاستفادة من قوة نيرانها وبعد مرماها. وعلاوة على ذلك أمر اللواء شاهين بسحب 3 دبابات برمائية (ت76) و10 عربات مدرعة توباز لتنضم على قوة الكتيبة 602 في مطار كبريت لتدعيمها بعد أن تم تدمير معداتها في معركة طريق الجدي.


ضرب الحصار حول قوة كبريت

بدأ الحصار الفعلي لموقع كبريت منذ صباح يوم 22 أكتوبر 1973، ومما يستحق الالتفات اليه أن الحصار الإسرائيلي للموقع بدأ في نفس التوقيت الذي اصدر فيه مجلس الأمن القرار رقم 338 ، وهو أول قرار للمجلس بوقف إطلاق النار ، أي أن هذا لاحصار قد جرى في ظل ثلاثة قرارات متتالية أصدرها مجلس الأمن بوقف إطلاق النار وتأكيده، وهي القرارات رقم 338 في 22 أكتوبر، ورقم 339 في 23 أكتوبر، ورقم 370 في 25 أكتوبر. ورغم أن اتفاقية النقاط الست التي وقعت في 11 نوفمبر 1973 بين الجانبين المصري والإسرائيلي في محادثات الكيلو 101 كانت الفقرة الرابعة منها تنص على عدم اعاقة الامدادات العسكرية الى الضفة الشرقية للقناة، فقد استمر الحصار الإسرائيلية مضروبا حول موقع كبريت بشدة واحكام بالغين، وظلت امدادات الطعام والمياه التي تعد بالطبع امدادات غير عسكرية تصل الى الموقع بمغامرات تكاد تكون أشبه بالخيال. ويبدو أن القيادة العسكرية الجنوبية كانت تطمع في أن تدفع ويلات الجوع والعطش حامية كبريت الى الاستسلام، أو أن تستخدم حصار قواتها لهذا الموقع الذي تم عزله عن العالم الخارجي، كأداة مساومة ووسيلة ضغط على الوفد المصري أثناء محادثات الكيلو متر 1010 بين الجانبين المصري والإسرائيلي. وعندما انتهت المرحلة الثانية من المحادثات بتوقيع اتفاقية فض الاشتباك في 18 يناير، ظل موقع كبريت تحت وطأة الحصار. ولم تغادر حامية كبريت موقعها الا بعد أن قامت إسرائيل بتنفيذ المرحلة الثالثة من الانسحاب وفقا لاتفاقية فض الاشتباك، والتي كانت تنص على انسحاب القوات الإسرائيلية من منطقة جنوب البحيرات الى منطقة الجدي شرق القناة خلال ثمانية أيام كانت تنتهي في 12 فبراير 1974. وعلى ذلك تكون مدة الحصار على وجه التحديد قد بدأت في 22 أكتوبر 1973 وانتهت في 12 فبراير 1973 أي استمرت 114 يوما كاملة، ولذا ينبغي حفاظا على الأمانة التاريخية تصحيح هذه المدة التي سجلت خطأ في جميع الصحف والكتب والمراجع على أنها 134 يوما.

وكان موقع كبريت باعتباره حصنا اسرائيليا سابقا من حصون خط بارليف يضم نقطة قوية حصينة كانت تقع في الجنوب الغربي من الموقع على مقربة من البحيرة، وكانت هذه النقطة القوية تتكون من عدة طوابق تغوص في باطن الأرض وتعلو حتى تصل الى قمة الساتر، وكانت تضم عدة دشم قوية وملاجئ للمبيت، وكل دشمة مجهزة بعدة فتحات في اتجاه الغرب لاستخدام أسلحة الضرب ضد أي هجوم مصري، (كان الهجوم متوقعا في هذه الناحية)، وجميع الدشم تتص ببعضها عن طريق خنادق مواصلات عميقة مبطنة بألواح من الصلب وشكاير من الرمل، ومصصمة لكي تتحمل القصف الجوي أو البري الثقيل حتى قنابل زنة 1000 رطل. وكان قائد اللواء العقيد أ. ح محمود شعيب قد خصص الدشمة الرئيسية في هذه النقطة القوية لاقامة قيادة اللواء، وخصص بعض الدشم الفرعية كمخازن لتعيينات الطعام والمياه الاحتياطية، كما أمر بتحويل أحد الملاجئ داخل النقطة القوية الى نقطة طبية ليقيم فيها المرضى والجرحى الذين كان طبيب الكتيبة يشرف على علاجهم. وفي شرق الموقع كانت توجد عدة دشم صغيرة أعدها الإسرائيليون عند بناء الحصن لاستخدامها في صد أي هجوم مصري من ناحية الشرق عن طريق أي متسللين من هذا الاتجاه. وقد استفادت الكتيبة 603 من هذه الدشم، وتم احتلالها بسراياها الثلاث لصد أي هجوم إسرائيلي متوقع من اتجاه الشرق. وفي شمال الموقع ، كانت توجد خنادق مواصلات عميقة متصلة، تم للدبابات العشر الملحقة من اللواء 25 المدرع استخدامها في اخفاء هياكلها وابراز أبراج المدافع منها ليمكنها من الضرب المؤثر من هذا الموضع الحصين.

وخلال يومي 22 أكتوبر (أول أيام الحصار) و23 أكتوبر، شنت الطائرات الإسرائيلية من طراز فانتوم وسكاي هوك هجمات جوية مركزة استمرت معظم ساعات النهار حتى غروب الشمس. وأسقطت الطائرات قنابل زنة 1000 رطل على دشم النقطة القوية بكثافة شديدة توحي بمدى تصميمها على هدمها وتقويض أركانها.

وقد جرت خلال هذين اليومين أشد الأحداث خطورة في تاريخ الحصار، وكان أهمها مايلي: • حاولت سرية من دبابات العدو اختراق الدفاعات الأمامية لموقع كبريت من اتجاه الشرق، فتصدت لها الأسلحة المضادة للدبابات، وتمكنت سرية المقذوفات الصاروخية الموجهة (مالوتكا) من تدمير بعضها على مسافة بعيدة عن الموقع. وعندما استعدت الدبابات الإسرائيلية لاقتحام الموقع، تورطت داخل حقل ألغام خارجي الذي أقامته الكتيبة 603، والذي كان الإسرائيليون يجهلون وجوده، وانفجرت ثلاث دبابات داخل الحقل بالقرب من الدفاعات المصرية وبادرت الدبابات الباقية بالانسحاب في اتجاه الشرق. • فوجئت السرية اليمين في الدفاعات الأمامية التي كانت النقيب شوقي الجوهري يتولى قيادتها، بعربة جيب إسرائيلية تجتاز المواجهة من اليمين إلى اليسار قرب الدفاعات المصرية، فأمر قائد السرية باطلاق النار عليها، وعندما توقفت العربة وتقدم الجنود صوبها وجدوا أحد ركابها الأربعة قتيلا، وتم لهم أسر الثلاثة الآخرين الذين اتضح أن أحدهم برتبة ضابط. وعندما استجوبهم الرائد سليمان رئيس استطلاع اللواء أفادوا أنهم يعملون في ادارة التوجيه المعنوي وأنهم قد ضلوا طريقهم. وأمر العقيد شعيب قائد اللواء أن يقتادهم رئيس الاستطلاع تحت الحراسة الى قيادة الفرقة السابعة لتسليمهم الى رئيس استطلاع الفرقة. ووفقا للطريقة المتبعة للتحرك بين موقع كبريت في الشمال ورأس كوبري الفرقة السابعة في الجنوب، اعتزم رئيس استطلاع اللواء أن يعبر بالأسرى البحيرة إلى شاطئها الغربي بواسطة أحد القوارب المطاطية زودياك ليستقلوا بعد ذلك احدى عربات اللواء المنتظرة وفقا للتعليمات عند نقطة العبور كي تتحرك بهم جنوبا الى معابر الفرقة السابعة، ليعبر بالأسرى قناة السويس من الغرب إلى الشرق ليصل إلى رأس كوبري الفرقة 7 مشاة. وكانت هذه الطريقة المطولة تستخدم في الانتقال نظرا عدم صلاحية الطريق البري المحاذي لشرق البحيرة لتحرك المركبات بسبب رماله الناعمة المتهايلة. غير أنه لم يكن من لاحكمة ارسال الأسرى بهذه الطريقة، وكان الأصوب ولدواعي الحذر ارسالهم تحت الحراسة عبر الطريق البري سيرا على الأقدام، اذ أن قائد اللواء كان يعلم منذ يوم 16 أكتوبر بنبأ العبور الإسرائيلي إلى غرب القناة. وحدث ما كان متوقعا، فقد أطلقت النيران على العربة، وعندما توقفت قفز الأسرى الثلاثة منها ليعودوا مرة أخرى إلى قواتهم، وفي الوقت الذي تسلل فيه رئيس الاستطلاع عائدا إلى مقر وحدته الأصلي بالإسكندرية، بعد أن رأى الإسرائيليين أمامه على الضفة الغربية. • تسبب الضرب الإسرائيلي المروع في وقوع عدة حوادث أليمة كان لها أسوأ وقع في نفوس رجال كبريت البواسل كما يلي:

1- بينما كان الملازم الشاب قائد فصيلة الهاون 120 مم يصلي العدو الذي يواجهه بنيرانه الحامية في شجاة وبطولة دون اكتراث بالهجمات الجوية التي تزلزل الموقع، اذا بقنبلة مباشرة زنة 1000 رطل تسقط على موقع الفصيلة فتدمره تماما، واستشهد القائد ورجاله الأبطال جميعا تحت الأنقاض. 2- في الوقت الذي كان فيه طبيب الوحدة في النقطة الطبية التي خصصت له بالملجأ الحصين تحت الأرض منهمكا في اسعاف الجرحى والتخفيف عن آلامهم، اذا بنقبلة مباشرة زنة 1000 رطل تخترق سقف الملجأ وتحيل الطبيب والجرحى إلى كومة من الأشلاء والدماء. 3- عندما شعر العقيد شعيب قائد اللواء أن الدشمة الرئيسية التي كان يقيم فيها ضباط وجنود قيادة اللواء أخذت تهتز وتتصدع أركانها تحت وطأة القصف الجوي، أمر الجميع بسرعة إخلائها والانتقال إلى الحفر الرملية المنتشرة حول النقطة القوية. وعندما اكتشف قائد اللواء أن الرائد نور الدين عبد النبي رئيس الاشارة قد ترك أجهزته اللاسلكية وبعض جنوده، داخل الدشمة الرئيسية أمره بالعودة بسرعة لجلب الأجهزة واخراج الجنود، وأصر المقدم أ. ح محمد أمين مقلد رئيس عمليات اللواء على مرافقته الى داخل الدشمة للتأكد من اخلاء الجميع لها. ولم تمض دقائق قليلة على عودة الضابطين إلى الدشمة حتى سقطت فوقها مباشرة قنبلة زنة 1000 رطل فدكتها دكا، واستشهد البطلات وهما يؤديان الواجب حتى الدقيقة الأخيرة، واستشهد معهما كل الجنود الذين بالداخل، ودمرت جميع الأجهزة اللاسلكية. 4- اتضح أن الدشمتين اللتين تم تخزين كل تعيينات الطعام والمياه الاحتياطية داخلهما قد حولتهما قنابل الطارئات إلى حفر عميقة، وتهايلت فوقهما أكوام من الرمال ودفنت التعيينات والمياه تحت الأرض. 5- تم تدمير عربة اللاسلكي التي سبق أن أرسلها رئيس إشارة الفرقة السابعة لاجراء الاتصالات اللاسلكية بين قيادة الموقع وقيادة 7 مشاة، وبهذا أصبح موقع كبريت منعزلا تماما عن العالم الخارجي. 6- أصيب العقيد شعيب قائد اللواء بشظية في يده من القنابل العنقودية التي كانت تقذها الطائرات، وانتزع الشظية من يده بأسنانه النقيب نصر قائد سرية استطلاع اللواء. ونظرا لتلف القوارب المطاطية الموجودة في الشرق بسبب شظايا البلي تطوع النقيب نصر كي يعبر البحيرة سباحة الى الشاطئ الغربي لاحضار قارب من هناك لاخلاء قائد اللواء إلى النقطة الطبية بالفرقة. ووقع قائد اللواء في نفس الخطأ للمرة الثانية، ولم يتعظ بالدرس السابق، وهكذا لم يكد النقيب نصر يرى الإسرائيلييين على الضفة الغربية حتى كرر نفس الأسلوب الذي اتبعه زميله الرائد سليمان، وتسلل هو الآخر عائدا إلى الإسكندرية. وهكذا فقد اللواء 130 عنصر إستطلاعه كاملا بلا أي مبرر أو داعي.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تغلب القوات المصرية على محنة الحصار

كان لابد أن توضع قيود على صرف الطعام والمياه واستهلاك الذخيرة حتى يمكن للموقع الصمود لأقصى مدة ممكنة. وأصبح تعيين الطعام للفرد الواحد يصرف له كل أربعة أيام. وكانت أعقد المشكلات هي مشكلة المياه لعدم وجود أي مصادر لها، ولكن جندي مؤهلات من خريجي كلية العلوم أرشد زملاءه إلى وصيلة عملية لتحويل مياه الحبيرة لاملاحة إلى مياه عذبة عن طريق تبخير المياه المالحة ثم تكثيف البخار الصاعد ليتحول داخل الأواني إلى مياه عذبة. واستخدموا خشب أعمدة التليفونات وفلنكات السكة الحديدية لاجراء عملية التبخير، كما جلبوا مواسير نحاسية من بعض الدبابات والعربات القليلة المدمرة لتوصيل بخار الماء من أوعية التبخير إلى أوعية التكثيف. وبرع الجنود بعد قليل في هذه العملية حتى قضوا على مشكلة نقص المياه تماما. ورأى العقيد شعيب ضرورة اعادة الاتصال مع قيادة الفرقة السابعة حتى يطلب منها دفع الامدادات التي أضحت حيوية من أجل اعاشة حامية الموقع، فأرسل يوم 25 أكتوبر دورية صغيرة من ضابطين عبر الطريق البري المحاذي للبحيرة سيرا على الأقدام، ولما تأخرت عودتهما بعث بعد يومين بدورية قتال من ثلاثة ضباط وأحد عشر جنديا، ورافق الدورية عدد من الجرحى القادرين على السير والذين كانت جراحهم تسبب لهم أشد الآلام.

وكان يوم 28 أكتوبر يوما لا ينسى بالنسبة لرجال كبريت، فقد عادت الدوريتان وبرفقتهما طبيب كان يحمل معه معدات طبية وأدوية لعلاج المصابين كما حمل أفراد الدوريتين معهم أقصى ما استطاعوا حمله من مياه وطعام وسجائر مما رفع من روح الجميع المعنوية.

وفي يوم 30 أكتوبر، سلم العقيد أ. ح محمود شعيب قيادة الموقع إلى المقدم ابراهيم عبد التواب وسار العقيد شعيب برفقة احدى الدوريات المتجهة إلى الفرقة 7 مشاة عبر الطريق البري الذي غدا الاتصال الدائم بين الموقع ورأس كوبري الفرقة. وبعد أ، تلقى العقيد شعيب العلاج اللازم في النقطة الطبية بالفرقة، مكث بعد ذلك حوالي عشرة أيام على الحد الايسر للفرقة السابعة للاشراف على عملية نقل الامدادات. وفي يوم 11 نوفمبر تم نقله مع جرحى السويس إلى القاهرة وفقا لاتفاقية النقاط الست، وهناك دخل مستشفى المعادي.

وفي سبيل تنظيم عملية تزويد موقع كبريت بالامدادات المطلوبة، أسند العميد أحمد بدوي قائد الفرقة السابعة هذه العملية إلى العميد فؤاد صالح زكي قائد اللواء الثامن والعقيد أ. ح حسن الأخرس رئيس أركان اللواء الثامن الذي كان يعد الحد الايسر للفرقة. وقد قاما بهذه العملية على الوجه الأكمل. وكانت تحركات الدوريات التي تحمل الامدادات على الطريق البري قد اصبحت مغامرة خطيرة، بعد أن تضخم عددها حتى وصل أحيانا إلى 40 فردا. وبعد أن بدأ التفاف العدو يتجه نحوها. وواصل ثلاثة ضباط شبان من أبطال كبريت البواسل القيام بهذه المهمة الخطيرة بالتناوب، ودون تردد أو خوف، وهم الملازمون أسامة عبد الله، وابراهيم الهجمي، وعبد الله عاشور حتى تمكن العدو أخيرا من اغلاق الطريق البري، ووصلت عناصره المدرعة إلى قرب الشاطئ.

وعقب إغلاق الطريق البري، تم للمسئولين عن الامداد اللجوء إلى حل آخر لانقاذ الموقف، وهو استخدام الطريق البحري عند البحيرة. وتم استخدام لنش سريع بمحرك كان يقطر وراءه كل رحلة عشرة قوارب خشبية مربوطة ببعضها البعض باحكام لتملأ بالمياه والطعام، وكان التوقيت الملائم هو منتصف الليل في الليالي المظلمة التي يغيب فيها القمر . وفور وصول القافلة إلى نقطة التفريغ بالبحيرة عند كبريت، يقطع الحبل الذي يربط القوارب باللنش كي يعود اللنش في الحال إلى نقطة التحميل في القناة بقطاع اللواء الثامن، بينما يبدأ رجال كبريت في تفريغ الامدادات الوافرة التي تحملها القوارب العشرة. واشترك في قيادة القوافل البحرية – رغم المخاطر التي جدت بعد تدخل العدو بقواربه المسلحة – ثلاثة ضباط شبان من رجال اللواء 130 البرمائي، أثبتوا بطولة وشجاعة خارقتين وهم النقيب عصام عبد الحي والملازمات صابر كاسح وسيد حرب.

وكان المقدم ابراهيم عبد التواب قائد الكتيبة 603 الذي تولى قيادة موقع كبريت – كما وصفه ضباطه وجنوده – قائدا مؤمنا شجاعا، وكان قدوة لرجاله في كل تصرفاته. فقد كان أقلهم طعاما وشرابا وأقلهم نوما وأكثرهم صلاة وعبادة وترتيلا للقرآن. وكان يؤم رجاله في الصلوات ويخطب فيهم خطبة الجمعة. وكان زاهدا متقشفا ورعا ومن النوع الذي يختاره الله للشهادة.

وعند ظهر يوم 17 يناير وأثناء وجوده في نقطة الملاحظة الأمامية، أطلق العدو بعض طلقات المدفعية والهاونات على الموقع، واكتشف القائد نقطة الملاحظة الاسرائيلية التي كانت تقوم بتوجيه الضرب. وأثناء قيامه بتوجيه نيران سرية الهاون 120 مم وبجواره قائدها سقطت على نقطة الملاحظة قنبلة هاون إسرائيلية مباشرة من عيار 120 مم فدمرت النقطة، واستشهد المقدم ابراهيم عبد التواب وبينمناه المصحف وبيسراه نظارة الميدان، واستشهد معه قائد سرية الهاون. وقام الرجال بدفنهما معا في مقبرة الشهداء خلف موقع السرية السادس. وساد موقع كبريت سكوت مطبق وصمت رهيب كانا أبلغ من كل كلماء الرثاء.

وفي صباح اليوم التالي مباشرة، وهو 18 يناير وقع الجانب المصري والإسرائيلي عند الكيلو متر 1010 اتفاقية فض الاشتباك، وتولى قيادة موقع كبريت الرائد سعد الدسوقي رئيس عمليات الكتيبة 603. وعلى أثر اتمام انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب البحيرات الى منطقة الجدي يوم 12 فبراير تنفيذا للمرحلة الثالثة من اتفاقية فض الاشتباك ، تم رفع الحصار عن موقع كبريت. وفي يوم 13 فبراير سلم أبطال كبريت الموقع إلى قوة من الفرقة 7 مشاة وانتقلوا إلى معسكر الربيكي على طريق السويس القاهرة حيث مكثوا ثلاثة أيام. وفي يوم 17 فبراير سافروا بقطار خاص من الربيكي إلى محطة مصر بالإسكندرية، حيث كان المسئولون قد أعدوا لهم استقبالا رسمية وشعبيا، وقام محافظ الإسكندرية بتسليم علم المدينة إلى قائدهم تعبيرا عن تقدير الشعب المصري لبطولتهم وكفاحهم.

في الفن

جاري تحضير أول فيلم مصري عن معركة كبريت باسم 114 عن قصة وسيناريو وحوار أحمد سمير وإخراج مازن سعيد وخضر محمد خضر


المصادر

  1. ^ أ ب خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة mashaly66.jeeran.com
  2. ^ http://ar-ar.facebook.com/topic.php?uid=148267419916&topic=9746

حماد, جمال (2002). المعارك الحربية على الجبهة المصرية. القاهرة، مصر: دار الشروق. {{cite book}}: Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)