رسالة الفريق أول محمد فوزي وزير الحربية إلى القوات المسلحة بمناسبة ذكرى الثورة المصرية

رسالة الفريق أول محمد فوزي وزير الحربية إلى القوات المسلحة بمناسبة ذكرى الثورة المصرية، القاهرة، 22 يوليو 1970، جريدة الأهرام: العدد الصادر في 23 يوليو 1970.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنشور

يا جنود مصر الأبطال

نستقبل اليوم العيد الثامن عشر للثورة المصرية المجيدة ونحن في مرحلة دقيقة وحاسمة في صراعنا ضد العدو الإسرائيلي الذي يحتل جزءاً من أرض الوطن اغتصبه بالعدوان وما زال متمسكاً به يريد أن يجني ثمار عدوانه تسنده في ذلك قوى الصهيونية والاستعمار وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.

لكن ذكري الثورة تضيء أمامنا أقوى مشاعل التفاؤل والثقة في النصر.

ذلك لأن شعبنا في ذلك اليوم المجيد بدأ تجربة ثورية في جميع المجالات وسط ظروف متناهية في صعوبتها وظلامها وأخطارها، لكنه تمكن بصدقه الثوري وبإرادة الثورة العنيدة فيه أن يغير حياته تغيراً أساسياً وعميقاً في اتجاه آماله الإنسانية الواسعة.

وبذلك سطر شعبنا العريق في سجل نضاله المتواصل بداية مرحلة جديدة ومجيدة في تاريخه.

إن وراء شعبنا حضارة سبعين قرناً من الزمان حافلة بالأمجاد في مواجهة التحديات وقهر الغزاة والصمود ورفض الخضوع لمختلف أشكال الضغوط.

هذه القوى المعنوية هي العامل الذي لا يتصوره العدو ولا يضعه في حسابه. فالعدو يتصور أن القوى المادية هي كل شيء، ويتصور أنه يستطيع بأعنف الغارات وبأطنان القنابل تحقيق أهدافه في فرض الاستسلام علينا. لكن ماذا كانت النتيجة؟ لقد برز له المقاتل المصري رافعاً رأسه وسط النار والدمار ليلقنه الدرس تلو الدرس.

وظن العدو أنه سوف يستطيع التمتع بالحرية الجوية في سماء الجبهة فركز عليها بالقصف الجوي الذي فاق في عنفه أشد معارك الحرب العالمية الثانية، لكن المقاتل المصري من قوات الدفاع الجوي رغم كل هذا القصف فاجأه بصموده وببسالته وبالأصالة التي تجري في عروقه فأسقط في أيام معدودة عددًا لا يستهان به من أقوى وأحدث طائراته الأمريكية الصنع، ووقع طياروها أسرى في أيدينا الأمر الذي أحدث في أوساطهم القلق والحيرة.

يا جنود مصر الأبطال

إننا نصارع عدواً لا يستهان به، والمعركة بيننا وبينه ضارية وطويلة، وعلينا أن نضع أمام عيوننا على الدوام وألا تغيب عن بالنا وسط كل حملات التعمية والتمييع الحقائق الآتية:

  • إن العدو ما زال محتلاً لجزء من أرض الوطن وهو ماض في اعتداءاته الغاشمة بلا توقف.
  • وإن هذا العدو لن يتخلى عن الأرض المغتصبة إلا إذا أرغم على ذلك كرهاً وفرضت عليه إرادة أقوى من إرادته.
  • وإن المعركة معركة مصير والقضية قضية وجود فإما أن نكون أو لا نكون، وأنه لا بديل أمامنا سوى النصر.

إن واجبنا جميعًا هو أن نحبط خطط العدو وأن ندمر على الفور كل محاولاته بالعدوان التي قد تصل إلى حد المغامرات، وأن نسابق الزمن في بناء قدراتنا العسكرية وتحقيق أعلى درجات الاستعداد القتالي والكفاءة القتالية لتحرير أرض الوطن.

وإن إيماننا بالله، وولاءنا للشعب وللثورة، وإخلاصنا لعقيدتنا ولقضية التحرير ووعينا الكامل بأهداف العدو ونواياه وإحساسنا بجسامة الخطر الذي يهدد حياة أمتنا، وثقتنا بأنفسنا وبأسلحتنا وبقادتنا، وتلبيتنا لنداء الدم الطاهر في سيناء وفي الجبهة وفي أبي زعبل وفي بحر البقر وفي كل بقعة من أرض الوطن العربي، كل ذلك سوف يمكننا دون شك من مصارعة جميع أنواع التحديات، وسوف يمنحنا أعلى درجات القدرة القتالية التي نقهر بها عدونا وننتصر عليه بإذن الله، وبذلك نحقق نموذجا رائعاً لأبناء الثورة الوطنية المناضلين الأحرار الشرفاء الذين يسترخصون حياتهم في سبيل قضية الحق والعدل والسلام.

يا جنود مصر الأبطال

إن الإنسان العربي الذي بدأ في صنع حياته بالثورة في 23 يوليه 1952، والذي واجه على طريق نضاله الوطني ألوانا متعددة من التحديات فقهرها، وخاض في سبيل الحرية المعارك تلو المعارك فانتصر فيها، قادر بإذن الله وبأصالة الوعي الثوري، وبوضوح الرؤية أمامه عن الخطر المحدق بالوطن على المحافظة على تلك الحياة، وعلى البناء الاشتراكي الذي أقامه بالعرق والدم من أجل تحقيق الحرية الاجتماعية والحياة الحرة الكريمة له ولأولاده من بعده.

إن هذا المجتمع العظيم الذي بنيناه في مصر على دعائم الكفاية والعدل عزيز وغال علينا وعلى كل مواطن، ولقد أصبح هذا البناء هو كل شيء في حياتنا في الحاضر والمستقبل، لكن العدو الذي حفل سجله بكل

أشكال العدوان والاغتصاب والوحشية والتوسع والتدمير والتقتيل وانتهاك الحرمات والمقدسات، يريد أن يهدم هذا البناء العزيز الذي لا معنى للحياة بدونه.

لذلك فإن حماية هذا البناء التي هي مهمتنا الأساسية والتي هي جوهر القضية في صراعنا مع العدو تصبح أعظم أمانة وطنية لنا عظيم الشرف في حملها، وسوف نثبت بإذن الله أننا قادرون على حملها مهما كان الثمن ومهما كانت التضحيات.

وإن القوات المسلحة لتنتهز مناسبة عيد الثورة فتجدد العهد أمام الله والشعب وقائد الثورة على الوفاء بقسمها الذي تقسم عليه كل يوم وهو تحرير أرضنا المغتصبة. سبيلنا هو الجهاد المقدس.

شعارنا هو النصر أو الشهادة، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم.


المصادر