برقية الملك الحسن الثاني إلى محمود رياض الأمين العام لجامعة الدول العربية، حول تأييده زيارة أنور السادات لإسرائيل

برقية الملك الحسن الثاني إلى محمود رياض الأمين العام لجامعة الدول العربية، حول تأييده زيارة أنور السادات لإسرائيل[1]، منشور من " الوثائق الفلسطينية العربية 1977، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 13، ط 1، ص 592 - 593 "، عن جريدة الأنباء، الرباط، العدد الصادر في 14 ديسمبر 1977.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنشور

السلام عليكم ورحمة الله، وبعد. فلقد تلقينا خطابكم الذي أعربتم لنا فيه عن ما يساوركم من بالغ القلق لما طرأ على الصف العربي من تفرقة وما يهدد الأمة العربية ان لم يتدارك الوضع في الحال من تفتيت خطير. ونظرا لما تعهدونه فينا من مشاعر، وطبقا لما أعلناه في هذا الشأن من مواقف، فقد طلبتم ألا ندخر اي جهد في سبيل رأب صدع الأمة العربية، ولم شتاتها، لان الظروف الخطيرة التي تجتازها لا تسمح بالتخالف والتفرقة، بل تتطلب منا جميعا مزيدا من التضحية، ومصارعة النزوات، وإعادة التضامن العربي، اذ في هذا وحده نستطيع ان نواجه معركة المصير التي نخوضها.

وانه ليسعدنا ان نلاحظ، وفي نفس الوقت ان نحيطكم علما بأن شعوركم قد واكب نفس الشعور والإحساس الذي خامرنا، حتى اننا كنا، قبل وصول خطابكم الكريم، قررنا القيام بمبادرة في هذا الشأن بإيفاد مبعوثين من قبلنا الى مختلف اخوتنا رؤساء الدول العربية الشقيقة، سواء منهم المشاركون في مؤتمر طرابلس ام بقية الأخوة.

والغرض من هذه المبادرة هو ان ننقل الى رؤساء الدول العربية وجهة نظرنا في الوضع الذي نجتازه، ونعرب لهم عن مخاوفنا التي تجد مبررها في الأحداث الجارية، ولنثير انتباههم بصفة خاصة الى الاخطار التي تترتب على المواقف المرتجلة التي لا تنتج بدون شك غير العرقلة والإحباط، الى امد بعيد، للفرصة المتاحة اليوم للامة العربية لاستعادة حريتها وكرامتها وكامل سيادتها.

ان املنا ان نرى من جديد الانسجام والوفاق اللذين ميزا الأمة العربية، وكانا مصدر قوتنا، يحلان محل التطاحن والتصريحات الصاخبة، تلك التصريحات التي تنطلق في الغالب من نظريات خاطئة تتميز دائما بالعنف، وتفضي حتما الى الفرقة والشتات، ويظل املنا عظيما في ان نرى أهدافنا تتحقق، لاننا نؤمن بأن آمالنا قائمة على أسس موضوعية وسليمة لا يتجاهلها الا المخربون الذين فقدوا الرؤية الصالحة. ذلك ان العرب كانوا ولا يزالون مجمعين على ضرورة البحث عن تسوية مشكل الشرق الأوسط عن طريق التفاوض.

وقد حدد جميع القادة العرب شروط هذه التسوية، واجمعوا عليها خاصة في مؤتمر القمة الذي انعقد بالرباط 1974 وهى تنحصر في ان السلم العادل والدائم يمر حتما بتحرير جميع الأراضي المحتلة منذ سنة 1967 وفي إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفي ان هذا السلم لا يمكن ابرامه خارج مفاوضات تشارك فيها جميع الدول والقوات العربية المعينة. وبالرغم من ان هذه الشروط تتجاور مقررات مجلس الأمن 242 و338 فإنها مع ذلك أصبحت تؤخذ بعين الاعتبار من لدن جميع دول العالم، وينظر اليها الضمير العالمي كحد أدنى لضمان السلم والاستقرار في المنطقة.

ونرى في هذا الصدد ان من واجبنا ان نصارحكم القول بأننا باركنا بادرة اخينا الرئيس محمد أنور السادات، رغم انها إجراء انفرادي لانه ظل في هذه المبادرة وفيا للشروط السابقة الذكر، وخاصة منها التزامة الصريح بعدم ابرام أي صلح انفرادي.

ان الفرصة التي تتاح اليوم للامة العربية لفرصة فريدة قد تتوج الكفاح الذي لم تفتأ تخوضه لتحررها، وان التاريخ سيحكم، ولا شك، حكمه الصارم على المواقف الطائشة التي تعرقل هذه الفرصة.

وتقبلوا، سعادة الأمين العام، فائق اعتبارنا وتقديرنا.


المصادر

  1. ^ بعث الملك الحسن بهذه البرقية الى السيد محمود رياض، ردا على برقية كان الأمين العام لجامعة الدول العربية قد أرسلها اليه للعمل ل"بذل المساعي العاجلة لاستعادة التضامن العربي ". ("الانباء")