بيان مجلس قيادة الثورة العراقي حول اتفاق كامب ديفيد

بيان مجلس قيادة الثورة العراقي حول اتفاق كامب ديفيد، بغداد، العراق، في 1 أكتوبر 1978، منشور من الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1978، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت،مج 14، ط1، ص 502 - 504"، عن جريدة الثورة، بغداد، العدد الصادر في 1 أكتوبر 1978.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنشور

ايها الشعب العراقي العظيم،

يا جماهير الامة العربية المناضلة،

منذ اعلان نتائج مؤتمر كامب ديفيد والجماهير العربية تعاني من القلق المصيري العميق على حاضرها ومستقبلها، بسبب خطورة المؤامرة الاجرامية والخيانية التي أسفر عنها المؤتمر. وقد تابع مجلس قيادة الثورة، باجتماعات منفردة ومشتركة مع قيادتي الحزب القومية والقطرية، تطورات الاحداث وردود الافعال في الوطن العربي.

ورغم الالم الذي عبرت عنه الجماهير العربية في كل مكان،والشجب والاستنكار الذي أعلنته ضد المؤامرة والخيانة، فان خلاصة المواقف الرسمية والشعبية ضد هذه الاتفاقيات الخيانية الخطيرة لم ترق الى المستوى التاريخي في الرد الحازم على هذه المؤامرة الخطيرة التي تمس مصير الامة وحقوقها وكرامتها. وكان واضحا ان الساحة العربية تنتظر فارسا مجربا قادرا على مواجهة التحديات والارتفاع الى المستوى الذى يقدر على تبديد الظلام الدامس وازالة خيبة الامل التي كادت ان تأخذ طريقها الى نفوس اوساط واسعة من الجماهير العربية.

ان انظار الشعب العربي في كل مكان كانت تتجه الى ثورتكم العظيمة في هذا القطر، والى حزبكم الباسل الذي حمل شرف الامانة ومسؤوليات النضال القومي لما يزيد على الثلاثين عاما، وكان لا بد أن يقف حزبكم وقفة تاريخية شجاعة، وان تنبري ثورتكم مجسدة كل معاني المسؤولية التاريخية وثقل تاريخ العراق القديم والحديث للدفاع عن شرف الامة، كما حصل في الماضي السحيق وفي الماضي القريب. وبعد دراسة مستفيضة للاحتمالات والظروف العربية والدولية، واسترشادا بتوجيهات القيادتين القومية والقطرية للحزب، قرر مجلس قيادة الثورة ما يلي:

أولا - اعتبار العراق، كما كان شأنه دائما، جزءا من الجبهة العسكرية الشمالية المواجهة للعدو الصهيوني ومن أية جبهة ملاصقة للكيان الصهيوني تتهيأ فرص تحريكها ضد العدو في المستقبل. ويعلن العراق استعداده الفوري لإرسال قوات عسكرية فعالة الى الساحة السورية من اجل تأمين القوة العربية القادرة على مواجهة العدو واحباط المخططات الاستعمارية والصهيونيه التي تستهدف تركيع الامة وتمرير الحلول والتسويات المهينة لشرفها والماسة بحقوقها التاريخية. واننا لنناشد الحكومة السورية ان تتجاوب بصورة كاملة مع هذه الخطوة القومية التاريخية، وان تتخذ الاجراءات اللازمة لتسهيل عملية تواجد قطعات الجيش العراقي على الخطوط الامامية للجبهة مع العدو.

ثانيا - ان فداحة الاخطار التي تترتب على خروج مصر من الصراع العربي - الصهيوني في حالة تنفيذ اتفاقيات كامب ديفيد، تتطلب من جميع الحكومات العربية وقفه جدية ومسؤولة للحيلولة دون تنفيذ هذه الاتفاقيات. ويدعو العراق الى التشاور من أجل عقد مؤتمر قمة عربي يتم فيه تدارس الوضع العربي، والاتفاق على خطوات عربية جدية مشتركة تحول دون قبول أى طرف عربي بأى حل يمس الحقوق والقضايا القومية المصيرية ويعرض الامة العربية الى اخطار الانقسام والتشتت ، ويعبر العراق عن استعداده لاستضافة هذا المؤتمر.

ثالثا: وتقديرا من العراق للظروف الاقتصادية الخانقة التي عانت منها مصر لسنوات طويلة، ولما كان نجاح العرب في افشال تنفيذ اتفاقيات كامب ديفيد واعادة مصر الى حظيرة العمل العربي المشترك، يرتب على مصر اعباء مالية لا طاقة لها بها وحدها، وفي حاله استعداد الحكومة المصرية للتخلي عن اتفاقيات كامب ديفيد، يدعو العراق الاقطار العربية المقتدرة ماليا الى انشاء صندوق قومي يتولى مساعدة مصر وتأمين احتياجاتها المالية، على ان يتولى تأمين المتطلبات الماليه لجبهات المواجهه الغربية والشمالية والشرقية، والمتطلبات المالية لمنظمة التحرير الفلسطينية ولصمود الشعب العربي الفلسطيني في الارض المحتلة، وذلك وفقا لاتفاقية توقعها وتلتزم بها الاطراف المعنية، وبرعاية الاسرة العربية كلها ،ويقترح العراق ان لا تقل تخصيصات هذا الصندوق عن تسعة مليارات من الدولارات سنويا، قابلة للزيادة بضوء احتياجات المعركة، ولمدة عشر سنوات.

كما يقترح ان تكون حصص المشاركة كما يلي:

1 - العراق - مليار دولار.

2 - ليبيا - مليار ونصف مليار دولار.

3 - الجزائر - نصف مليار دولار.

4 - السعودية - ثلاثة مليارات دولار.

5 - الكويت - مليار ونصف مليار دولار.

6 - قطر - نصف مليار دولار.

7 - الامارات العربية - مليار دولار.

على أن يخصص من هذا الصندوق خمسه مليارات دولار مساعدة سنوية خاصة لمصر، وتخصص المبالغ الاخرى لجبهات المواجهة من أجل تغطية الاحتياجات العسكرية على طريق الصمود والتحرير.

يا جماهير الامة العربية المناضلة ،

أيها الشعب العراقي العظيم،

في ظروف المحن القاسية، تمتحن المبادىء والعزائم، ويمتحن شرف المواطنة والانتماء الى الامة. واننا، في هذه الوقفة التاريخية، نتجاوز بروح قومية عالية المحاولات غير الشريفة التي صدرت عن أطراف معروفة للاساءة الى حزب البعث العربي الاشتراكي والى الثورة في القطر العراقي وبقصد أضعاف حماسها الثوري تجاه قضية فلسطين والنضال العربي ضد المخططات الاستعمارية والصهيونية. وقد فات تلك الاطراف ان العراق كان له دائما شأن معروف في النضال ضد الصهيونية وتحرير فلسطين، منذ عهد الآشوريين والبابليين، وفي عهد صلاح الدين الايوبي، ثم في حرب 1948، وحرب تشرين 1973، وحتى يومنا هذا. وان حزب البعث العربي الاشتراكي كان له شرف النضال القومي منذ اكثر من ثلاثين عاما، وقد عرفته سوح النضال بايمانه الصلب بالمبادىء القومية، وباستعداده العالي للتضحية من أجلها . وان شرف المبادىء وقيم النضال في هذا الظرف العصيب يلقيان على عاتقه، من جديد، مهمة الدخول في الساحات الصعبة، دخول الفرسان البواسل، للذود عن شرف الامة وحقوقها التاريخية.

ايتها الجماهير العربية في كل مكان،

اننا عندما نخوض معركة الشرف، رغم ما يترتب عليها من تضحيات، فاننا نستند الى استعدادكم العالي للتضحية والرد على المؤامرة بما تستحق، كي تأخذ الامة العربية مكانتها اللائقة حرة كريمة، وتؤدي دورها العظيم في البناء الحضاري من أجل خدمة البشرية على أسس العدالة والحق والسلام. واننا لنهيب بأبناء شعبنا العراقي العظيم أن يرفعوا طاقاتهم في العمل والنضال لان التاريخ قد اختارهم مرة اخرى، كما اختار أسلافهم من قبل، للذود بشرف عن الامة وعن فلسطين المغتصبه. واننا ندعو كل الاصدقاء والمناضلين من أجل الحق والحرية، في كل مكان في العالم، الى مناصرة العرب في نضالهم العادل من أجل التحرير واستعادة حقوقهم المشروعة.


المصادر