مذكرة الجمهورية العربية المتحدة المقدمة إلى المؤتمر الثالث لوزراء العمل العرب

مذكرة الجمهورية العربية المتحدة المقدمة إلى المؤتمر الثالث لوزراء العمل العرب، في 27 نوفمبر 1967، منشور من "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1967، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 3، ص 954 - 956".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنشور

(الرأي العام، الكويت، 28/11/1967)

تمر الأمة العربية بفترة حاسمة في تاريخها، فمنذ نهاية الحرب العالمية الأخيرة أخذت تجربة القومية العربية تزداد اتساعا وعمقا ووعيا، حتى انتهت بتحرر الجزء الأكبر من المنطقة العربية وتخلصه من آثار الاستعمار والتبعية الاقتصادية وسارت مع ذلك جنبا إلى جنب زيادة الدور العربي في المجال الدولي، واتباع الكثير من الدول العربية لسياسة عدم الانحياز، التي وقفت بحزم أمام قوى المعسكرين السياسيين المتصارعين، وكانت عاملا مؤثرا وفعالا في تخفيف حدة التوتر العالمي.

إلا أن الاستعمار لم يرض للسياسة العربية التحررية أن تمتد داخل الوطن العربي، وعلى الصعيد الدولي. لذلك بدأت مؤامراته العديدة وكانت آخر هذه المؤامرات، مؤامرة 5 يونيو الماضي التي استخدمت فيها إسرائيل، قاعدة الاستعمار في المنطقة، وقد ترتب على اعتدائها العسكري، المؤيد من القوى الاستعمارية، احتلال أجزاء من الوطن العربي في كل من الجمهورية العربية المتحدة وسوريا والأردن، وبالتالي انشغلت المنطقة العربية عن أعمال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إلى أعمال الحرب والدفاع، بكل ما يحمل ذلك من أعباء ومسؤوليات.

ان المعركة في حقيقتها ليست إذا بين الدول العربية وإسرائيل ولكن بينها وبين الاستعمار نفسه مستخدما إسرائيل، وماذا لها بكل الإمكانيات العسكرية والفنية.

وهذا يفرض على أبناء الوطن العربي، في جميع أجزائه الاستعداد الكامل للمعركة من وعي وإدراك بأنها معركة مصير مشتركة. وفي هذا المجال لا بد أن يبرز دور العمال العرب فهم ليسوا فقط القوه المسؤولة عن الإنتاج، ولكنهم كما كانوا دائما، الطلائع الثورية في كل المعارك العربية ضد الاستعمار والاستغلال. كما أن اتساع الحركة العمالية الدولية، وازدياد أهمية الدبلوماسية الشعبية، يعطي نشاط التنظيمات العمالية العربية في المجال الدولي أهمية خاصة كبيرة.

ولما كانت جماهير العمال العرب منتظمة منذ عام 1956 في الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، لذلك كان من الضروري الاهتمام بهذا الاتحاد، ومحاولة توفير كافة الإمكانيات اللازمة لتدعيمه وتدعيم دوره في المجال العربي والمجال العمالي الدولي.

وإدراكا من مؤتمر وزراء العمل العرب لأهمية دور الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب يحرص على دعوته لحضور اجتماعاته كمراتب، كما أن المؤتمر ناقش أكثر من مرة وسائل تدعيم هذا الاتحاد، وبصفة خاصة تدعيم نشاطه الإفريقي، حيث يركز الهستدروت الإسرائيلي على الحركات العمالية الإفريقية، وحيث تمكن من خلق علاقات ودية مع العديد منها، ومن جذب بعض القيادات النقابية إليه.

ولا شك أن مواجهة مثل هذا التغلغل الإسرائيلي من جانب الحكومات العربية ينبغي أن تكملها وتدعمها مواجهة من جانب المنظمات العمالية في الدول العربية، إذ أن هذه المواجهة تكون أكثر قبولا من جانب الحركات العمالية الإفريقية كما أن المنظمات العمالية العربية تكون أقدر على المواجهة على المستوى النقابي.

لذلك فقد اتخذ المؤتمر الثاني لوزراء العمل العرب قرارا بتقديم بعض المساعدات المادية للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب حتى يتمكن من القيام بالدور المطلوب منه إزاء هذا التغلغل العمالي الإسرائيلي في الحركات العمالية الإفريقية. ولكن الملاحظ أن هذه المساعدات لم تصل للاتحاد بعد، لذلك نقترح:

1 - أن يعيد مؤتمر وزراء العمل العرب الثالث دراسة موضوع تدعيم الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، خصوصا بعد التطورات الحالية في المنطقة، وليبحث كيفية وصول المساعدات التي يقررها للاتحاد على وجه عاجل، حتى يتمكن من مباشرة نشاطه بفاعلية، في ضوء قرارات مؤتمرات وزراء العمل العرب السابقة.

2 - أن يطلب من الاتحاد التقدم بمخطط واضح لنشاطه الإفريقي. على أن يقوم هذا المخطط على أساس الواقع الفعلي في القارة الإفريقية، وبحيث يحقق في النهاية كشف حقيقة إسرائيل للطبقة العاملة الإفريقية وقيادتها، وكشف ارتباطها بالاستعمار وتنفيذها للسياسة الاستعمارية وإبراز أنها خطر يهدد القارة كلها وليس المنطقة العربية فقط.

3 - أن تسارع حكومات الدول العربية لتوفير كافة التدعيمات لنمو الحركات النقابية بها لتتمكن من القيام بدورها الإيجابي تجاه القضايا العربية وكذا القيام بدورها الفعال داخل الاتحاد الدولي للعمال العرب.

4 - أن تعمل الحكومات العربية على الاهتمام وتوفير الإمكانيات الفنية للنهوض ببرامج الثقافة العمالية بها، والعمل على أن تتضمن هذه البرامج باستمرار تعريف الطبقة العاملة بقضايانا الوطنية وكشف مخططات الاستعمار والصهيونية العالمية.


المصادر