تصريح لناطق رسمي باسم وزارة الخارجية السورية حول استدعاء رؤساء البعثات الدبلوماسية وايضاح الأوضاع الحالية لهم

تصريح لناطق رسمي باسم وزارة الخارجية السورية حول استدعاء رؤساء البعثات الدبلوماسية وايضاح الأوضاع الحالية لهم، دمشق، في 25 مايو، 1967، منشور من "الوثائق الفلسطينية العربية لعام 1967، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، مج 3، ص 208 - 210".


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنشور

دمشق، 25/5/1967 (البعث، دمشق، 26/5/1967)

استدعت وزارة الخارجية جميع رؤساء البعثات الدبلوماسية الأجنبية المعتمدة بدمشق خلال أيام 23 و 24 و 25/5/1967 بمناسبة الأوضاع الحالية الناجمة عن الاستفزازات الصهيونية والاستعمارية وأوضحت لهم النقاط التالية:

1 - أن التوتر القائم حاليا في المنطقة والذي يهتم له الرأي العام العالمي يجب أن تلقى مسؤوليته الكاملة على إسرائيل التي وجدت منذ الاحتلال عام 1948 وحتى الآن كقاعدة للاستعمار في المنطقة وأداة لتهديد السلام والأمن وعرقلة تطور ونمو الشعب العربي. وإن تاريخ إسرائيل العدواني الواضح والذي بلغ ذروته في العدوان الثلاثي بصورة خاصة وفي الاعتداءات المتكررة الغادرة على القطر العربي السوري في العام الماضي عندما ضربت المشاريع المدنية في الجبهة كما ضربت الأطفال والشيوخ بقنابل النابالم في العدوان المدبر في 7 نيسان، بالإضافة إلى الأعمال العدوانية الأخرى واغتصاب الأرض كل هذه الاعتداءات التي بقيت جميعها بدون عقاب من المنظمات الدولية والتي حالت الولايات المتحدة والدول الاستعمارية الكبرى باستمرار في أكثر الأحيان دون إدانتها في مجلس الأمن، بالإضافة إلى أن تشجيع وحماية هذه الدول هو الذي دفع إسرائيل إلى التصريحات الوقحة ضد القطر العربي السوري في الأسبوعين الماضيين والتهديد باحتلال دمشق وإسقاط نظام الحكم الثوري فيها، مستندة في ذلك إلى حماية الأسطول السادس الأمريكي، كما أكد أشكول بالذات، الأمر الذي لم يسبق له مثيل في التاريخ، كل هذه الحقائق يجب أن لا تدع مجالا للشك لدى الرأي العام الدولي بأن التوتر الحالي في المنطقة والخطر الذي يهدد السلام يجب أن يحمل بشكل كامل للعصابات الإسرائيلية والقوى الإمبريالية التي تدعمها، وهو الأمر الذي نبهت وزارة الخارجية له السلك الدبلوماسي هذه المرة كما قامت به لدى كل عدوان أو تحرش من قبل إسرائيل.

2 - إن التعبئة الشعبية والعسكرية الكاملة التي نفذت في كل من الجمهورية العربية السورية والجمهورية العربية المتحدة تطبيقا لاتفاقية الدفاع المشترك والتزاما بالمصير القومي الواحد كانت أمرا حتميا تفرضه ظروف الدفاع للوقوف في وجه التهديد بالعدوان التي تجلت في الحشود الإسرائيلية الضخمة على حدود القطر العربي السوري والتي ما كانت لتتم لولا تشجيع الإمبريالية الدولية. وإن هذه التعبئة الشعبية في القطرين والتي التفت حولها جماهير الشعب العربي في كل مكان وحكوماته التقدمية ومنظماته الشعبية، نابعة من تصميم الشعب العربي الحاسم على رد العدوان وسحقه في أية لحظة تحاول إسرائيل أن تعتدي فيها على أي قطر عربي. وإن إجراءات الدفاع هذه هي حق مشروع كفله ميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية تمارسه كل دولة تحترم نفسها لحماية شعبها من الخطر.

3 - إن إنهاء وجود القوات الدولية من قبل الجمهورية العربية المتحدة والاستجابة الحكيمة لذلك من قبل الأمين العام للأمم المتحدة أمر لا يقبل النقاش وحق طبيعي مطلق من حقوق السيادة مارسته الجمهورية العربية المتحدة، وإن وزارة الخارجية تنبه إلى المناورات التي تقوم بها الدوائر الاستعمارية في محاولة مفضوحة لاستغلال علم الأمم المتحدة وفرض قوات بوليس دولية مرة ثانية الأمر الذي يعد عملية احتلال ستقاوم بالقوة.

4 - إن استعادة الجمهورية العربية المتحدة لممارسة حقها المشروع في السيطرة الكاملة على خليج العقبة ومنع الملاحة الإسرائيلية فيه أمر قانوني وطبيعي ليس فيه جديد ولا يستحق إجراءات جديدة معينة كما تحاول ذلك إسرائيل والدوائر الاستعمارية التي تحميها. وإذا كان الغزو الثلاثي المجرم قد فرض في ذلك الوقت الملاحة الإسرائيلية كأمر واقع من خلال وجود البوليس الدولي، فلم يصدر أي قرار على الإطلاق، لا في المنظمات الدولية ولا في غيرها يؤكد حق إسرائيل في الملاحة، أو يحد بالتالي من حقوق الجمهورية العربية المتحدة المطلق في الإشراف على الخليج كمياه إقليمية عربية. وما تم اليوم هو عودة لما قبل 1956 وغسل لآخر مظاهر العدوان الثلاثي الذي شجبته الأمم المتحدة. ولذلك فإن الضجيج الدولي الذي تحاول إسرائيل والدول الاستعمارية خلقه حول الإجراء الذي اتخذته الجمهورية العربية المتحدة بالنسبة للخليج ضجيج مفضوح يجب أن لا يلقى إلا الازدراء من قبل الرأي العام الدولي المستنير وجميع الدول المحبة للحرية والسلام في العالم.

وإن الجمهورية العربية السورية تحذر من المحاولات التي تبذل اليوم لاستغلال المنظمات الدولية لفرض الملاحة الإسرائيلية واعتبار الخليج ممرا دوليا، كما ظهر في تصريحات المسؤولين الأمريكيين والإنكليز بصورة خاصة وإن سورية تعلن بكل وضوح وقوفها بكل قواها إلى جانب الجمهورية العربية المتحدة في مقاومتها المطلقة بما في ذلك المقاومة المسلحة ضد أية محاولة إسرائيلية لفرض ملاحتها بالقوة.

5 - إن المحاولات المستمرة لتحميل مسؤولية النضال الفلسطيني للقطر السوري أو غيره من الأقطار العربية لتبرير العدوان والتهديد بالغزو أمر مرفوض مرة واحدة للأبد لأن الشعب العربي الفلسطيني كان له كيانه الخاص قبل الاحتلال الإسرائيلي عام 1948 حيث احتل جزء من أرضه من قبل العصابات الإسرائيلية واقتطع الجزء الآخر للحكم الملكي العميل في الأردن مكافأة له على خيانته لقضية فلسطين. إن هذا الشعب الذي يواجه الفناء البطيء في الخيام والتشرد والسجن والتقتيل في أقبية المخابرات الأردنية المرتبطة بالاستعمار، والذي انتظر خلال 19 سنة يقظة الضمير العالمي وتطبيق القرارات المتعددة التي صدرت لصالحه في المنظمات الدولية لم يلق إلا الإهمال ومحاولات التذويب فهو إذن على حق في أن يناضل بمختلف الوسائل من أجل حق تقرير المصير وتحرير الوطن هذا الحق الذي كفله له الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكرسته مبادئ الأمم المتحدة. وبالتالي فإن النضال المشروع الذي يخوضه الشعب العربي الفلسطيني أمر لا يمكن تحميل مسؤوليته لأي قطر آخر من الناحية القانونية والدولية، كما أن هذا الشعب لا يقبل الوصاية عليه من أي كان، وإن على جميع الشعوب المحبة للسلام والمؤمنة بالحرية والكرامة الإنسانية أن تكون إلى جانب نضال هذا الشعب العادل لاسترداد حقوقه المغتصبة كغيره من شعوب الأرض المناضلة في العالم علما بأن هذا الشعب الذي لا يزال يعتبر نفسه في حالة حرب مع العدو المحتل، ليس طرفا في اتفاقية الهدنة ولا يمكن أن يحاسب على هذا الأساس.

6 - أما محاولات الولايات المتحدة وبريطانيا لفرض وصايتها على المنطقة وعلى نضال الشعوب من خلال ما أسمي ببيان الرئيس كنيدي عن أوضاع الشرق الأوسط أو تصريحات جونسون أو ويلسون فإنها مرفوضة جملة وتفصيلا شكلا ومضمونا، لأنه لا يمكن لأي شعب في العالم يعاني العدوان والاحتلال أن يقبل أية وصاية على نضاله البطولي والمشروع لمقاومة العدوان وإنهاء الاحتلال وإن الضمير العالمي والمنطق الموضوعي الصحيح لا يمكن أن يقبل المقارنة والمساواة بين الشعب العربي المعتدى عليه في أكثر أجزاء وطنه وبين المعتدين الذين يمارسون الاحتلال المباشر والنهب الاحتكاري المستمر.

7 - إن اعتماد الدول الاستعمارية وإسرائيل على عامل الزمن لتصفية القضية الفلسطينية عن طريق التعاون مع الأنظمة الرجعية الخائنة في الوطن العربي أمر لا يمكن أن يتحقق بأي شكل من الأشكال. ولقد برهنت الأوضاع الحالية ويقظة الأمة العربية من محيطها إلى خليجها واستعدادها المطلق لخوض معركة المصير إن قضية فلسطين لا تزال قضية العرب الأساسية المقدسة ولا تزال دامية في ضمير كل إنسان عربي. وعلى جميع الدول المحبة للحرية في العالم أن تعيد النظر بهذه المسألة الخطيرة التي لا يمكن للسلام ان يستتب ما لم تحل لصالح الحق والعدالة وان على هذه الدول ان تحدد موقفها مجددا من هذه القاعدة الاستعمارية العدوانية المسماة باسرائيل بعد ان تأكد لجميع شعوب الارض من خلال تجربة وجودها المريرة خلال الـ 19 سنة الماضية انها ليست سوى ثكنة امامية لحماية المصالح الاستعمارية في المنطقة وجسر لتسلل الاستعمار الجديد الى بلدان اسيا وافريقيا. ولذلك فان الجمهورية العربية السورية تناشد جميع الدول أن تعيد النظر في وجود اسرائيل اصلا، واذا كانت قضية خلق اسرائيل عام 1948 قد انطلت على بعض الدول المحبة للحرية في العالم بسبب وقوع اكثر أقطار الوطن العربي في ذلك الوقت تحت نير الاحتلال الاجنبي المباشر وتحكم البورجوازية العميلة في الجزء الصغير المستقل حديثا منه والضغط المخيف الذي مارسته الولايات المتحدة لفرض هذا الكيان المصطنع، فان تحرر الوطن العربي اليوم في اكثر اجزائه ويقظة الجماهير الكادحة وسيطرة القوى التقدمية والثورية على الحكم في عدد من الاقطار قد أوضح للرأي العام العالمي حقيقة الوجود الاسرائيلي الاستعماري ومحاولات الامبريالية الدولية استخدام هذا الوجود لابقاء التجزئة والتخلف وحماية الانظمة الرجعية المتعفنة واستمرار الاحتكارات النفطية والنهب الاستعماري الجشع الرهيب في ارض الوطن العربي الكبير. كما ان استقلال عدد كبير من الشعوب المناضلة في القارات الثلاث وازدياد نفوذ القوى الاشتراكية والتقدمية في السياسة الدولية، كل ذلك قد جعل الظروف ناضجة لاعادة النظر في ما يتعرض له الشعب العربي من قبل اسرائيل والاستعمار العالمي الذي يمدها بالقوة والسلاح والحماية.

لقد آن الأوان أن يفكر العالم تفكيرا عميقا وجديا، وبصورة مبدئية وأخلاقية في هذه المسألة الفريدة من نوعها في التاريخ وأن يتحرر الكثيرون من تضليل الاجهزة الصهيونية العالمية الضخمة والاحتكارات والتروستات الاستعمارية المرتبطة بها.

إن الشعب العربي في وطنه الكبير يخوض معركة الحق والعدالة ولا يطلب من اصدقائه في العالم الا ان يكونوا الى جانب الحق والعدالة.


المصادر