عقيدة بايدن

عقيدة بايدن (Biden Doctrine)، هي سياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن الخارجية أثناء أزمة الشرق الأوسط، والتي بدأت منذ اندلاع حرب غزة 2023، وما تلاها من أزمة البحر الأحمر، وكذلك الهجمات على القواعد الأمريكية في سوريا والعراق والأردن، بحسب الصحفي الأمريكي توماس فريدمان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية

في 1 فبراير 2024، كتب توماس فريدمان مقالة نشرتها صحيفة نيويورك تايمز، تحدث فيها عن تطورين اثنين في أزمة الشرق الأوسط ، موضحاً بأن الأول يتمثل باستراتيجية جديدة لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من أجل معالجة "الحرب المتعددة الجبهات التي تشمل غزة وإيران وإسرائيل والمنطقة"، آملاً بأن يشكل ذلك ما سماه "عقيدة بايدن" التي ترقى إلى مستوى خطورة الوضع الراهن.[1]

واعتبر فريدمان أنه وفي حال عدم تبنى عقيدة جريئة كبرى، فإن الأزمة ستتفاقم بشكل يقوي إيران ويؤدي إلى عزلة إسرائيل وتقويض قدرة الولايات المتحدة بشكل كبير على التأثير على مجرى الأحداث في المنطقة للأفضل. كما أضاف بأن عقيدة بايدن ستتكون من ثلاث مسارات، الأول هو موقف قوي وثابت حيال إيران والذي يشمل رد عسكري قوي ضد "وكلاء وعملاء إيران في المنطقة" رداً على مقتل ثلاثة جنود أمريكيين في قاعدة التنف عند الحدود الأردنية السورية.

اما المسار الثاني فقال فريدمان أنه يتمثل بمبادرة دبلوماسية أمريكية غير مسبوقة من اجل إقامة دولة فلسطينية، على ان تطلق هذه المبادرة فوراً. كما أوضح بأن هذه المبادرة ستشمل شكل من أشكال الاعتراف الأمريكي بدولة فلسطينية منزوعة السلاح في الضفة الغربية وقطاع غزة، على أن تقام فقط بعد انشاء الفلسطينيون مؤسسات ذات مصداقية وقدرات امنية تضمن أن تكون هذه الدولة قابلة للحياة والتي لا يمكن في نفس الوقت أن تهدد إسرائيل. وأضاف بأن المسؤولين في إدارة بايدن يجرون المشاورات مع الخبراء داخل وخارج الحكومة الأمريكية بشأن الأشكال المختلفة التي سيأخذها الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وفيما يخص المسار الثالث تحدث الكاتب عن تعزيز تحالف أمنى مع السعودية والذي يشمل كذلك التطبيع بين الأخيرة وإسرائيل، وذلك شريطة ان تكون الحكومة الإسرائيلية مستعدة للمضي في عملية دبلوماسية تؤدي إلى دولة فلسطينية منزوعة السلاح بقيادة سلطة فلسطينية جديدة.

كما تابع بأن إدارة بايدن وإذا ما تمكنت من تحقيق كل ذلك، فإن عقيدة بايدن قد تصبح أهم عملية إعادة اصطفاف استراتيجي في المنطقة منذ اتفاقية كامب ديڤد عام 1979. غير أن الكاتب شدد على ضرورة ربط المسارات الثلاث مع بعضها كي تنجح عقيدة بايدن، معرباً عن اعتقاده بأن المسؤولين الأمريكيين يدركون ذلك.

هذا وقال الكاتب إن أحداث السابع من أكتوبر تفرض عملية مراجعة كبرى حيال الشرق الأوسط داخل إدارة بايدن، وذلك بسبب ما اسماه هجوم حركة حماس البربري على إسرائيل، والرد الإسرائيلي الذي أدى إلى مقتل ألاف الفلسطينيين الأبرياء، وتوسيع نطاق الهجمات ضد القوات الإسرائيلية والأمريكية في المنطقة، وعجز حكومة إسرائيل اليمينية عن تقديم أي خطة واضحة لحكم غزة مع شريك فلسطيني غير حماس بعد وقف الحرب.

كما أضاف الكاتب بان المراجعة الجارية تشير إلى وراية بانه لم يعد بالإمكان السماح لإيران بمحاولة طرد اميركا من المنطقة والعمل على زوال إسرائيل وتخويف الحلفاء العرب من خلال العمل عبر الوكلاء مثل حماس وحزب الله وأنصار الله ومن أسماهم الميلشيات الشيعية في العراق، وذلك بينما تجلس طهران متفرجة دون ان تدفع ثمن في المقابل، وفق تعبير الكاتب.

كذلك قال فريدمان أن المراجعة تشير إلى دراية بان الولايات المتحدة لن تحظى ابداً بالشرعية الدولية ولن ينضم إليها حلفاء الناتو والحلفاء العرب والمسلمين كما تحتاج من اجل مواجهة إيران بقوة أكبر، إلا في حال الكف عن السماح لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأخذ السياسة الأمريكية رهينة والبدء ببناء سلطة فلسطينية تحظى بالثقة والمشروعية والتي تستطيع مستقبلاً حكم غزة والضفة الغربية بشكل فاعل وكجار جيد لإسرائيل" على حدود يجري التفاوض حولها بين الطرفين.

ونقل فريدمان عن نادر موسوي زاده وهو المدير التنفيذي لشركة ماكرو للاستشارات الجيوسياسية والذي عمل مستشاراً للأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي عنان، نقل عنه بأن هذه المقاربة التي تتبناها إدارة بايدن هي بمثابة "استراتيجية الاعتراف المزدوج". كما نقل عن الأخير بانه يتوجب عدم الاخذ بتهديدات إيران، وفي نفس الوقت مباشرة العمل على مبادرة غير مسبوقة من أجل وضع الأسس لدولة فلسطينية منزوعة السلاح بشكل لم يسبق وان أقدمت عليها الولايات المتحدة. كذلك نقل عن موسوي زاده بأن كل مسار يحتاج إلى الآخر من أجل النجاح، وبأن جميع المسارات تعزز وتبرر بعضها. ونقل عنه أيضاً بان تكثيف المساعي ضد إيران ووكلائها بشكل مستدام يعزز أمن إسرائيل وأمن الحلفاء العرب، وبان ترافق ذلك مع التزام أمريكي صادق وجريء حيال دولة فلسطينية يمنح واشنطن الشرعية كي تتحرك ضد إيران وحلفائها ويسمح أيضاً بانضمام الحلفاء بالشكل المطلوب من أجل تحقيق الفاعلية. كذلك نقل عن موسوي زاده بأن اعتماد هكذا استراتيجية من شأنه أن يضع إيران في عزلة عسكرية وسياسية.

عقب ذلك شدد الكاتب على أنه حان الوقت كي لا تأخذ الولايات المتحدة لكلام أي من إيران أو نتنياهو. وأضاف بان واشنطن تسامحت مع قيام إيران بتدمير جميع المبادرات البناءة التي تحاول بنائها في الشرق الأوسط، وذلك طالما بقت طهران تحت عقبة استهداف الولايات المتحدة بشكل مباشر. كما أردف بأن واشنطن تسامحت أيضاً مع حكومة نتنياهو التي تسعى إلى منع إقامة دولة فلسطينية أي كان شكلها.

وتابع فريدمان بأن إسرائيل تخسر على ثلاث جبهات، حيث خسرت في حرب الرواية في غزة، مضيفاً بأنه وعلى الرغم من قيام حماس بقتل واغتصاب الإسرائيليين، إلا أن إسرائيل هي من كانت موضع الاهتمام في محكمة العدل الدولية بسبب الضحايا المدنيين في غزة. كما تابع بان إسرائيل تخسر القدرة على توفير الأمن الذاتي دون أن تستنزف على الأمد الطويل، وذلك من خلال اجتياح غزة دون وجود خطة بشأن إيجاد شريك فلسطيني "غير حماس" يحظى بشرعية من أجل الحكم الفاعل كي تستطيع إسرائيل الانسحاب. كذلك اعتبر أن إسرائيل تخسر على صعيد الاستقرار الإقليمي حيث أنها تتعرض للهجمات من أربع جبهات، مسمياً في هذا السياق حماس وحزب الله وأنصار الله والميليشيات الشيعية في العراق. وأردف بأن إسرائيل تعجز عن كسب الحلفاء العرب أو الأطلسيين كما تحتاج من أجل الانتصار بالحرب، وذلك كونها ترفض اتخاذ أية خطوة لنشوء شريك فلسطيني موثوق ومشروع.

ونقل فريدمان عن عن موسوي زاده بأنه وفي حال تجلت عقيدة بايدن، فإنها ستأتي بمكاسب جيوسياسية في الخارج وكذلك مكاسب سياسية في الداخل، مضيفاً بأنها قد تردع إيران عسكرياً وسياسياً، وذلك من خلال "سحب الورقة الفلسطينية من طهران". كما تابع بأنها قد تعزز فرص إقامة الدولة الفلسطينية بشروط تنسجم والأمن الإسرائيلي وفي نفس الوقت إيجاد المناخ المناسب من أجل تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية وفقاً لشروط يمكن أن يقبلها الفلسطينيون. كذلك أضاف بأنها استراتيجية قد تنجح مع العرب الأمريكيين في مشيگن ومع الحلفاء العرب في الخليج. وأردف بأنها أيضاً استراتيجية قد تفرض اعادة الحسابات على صعيد السياسات الإيرانية والفلسطينية والإسرائيلية.


انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ "A Biden Doctrine for the Middle East Is Forming. And It's Big". نيويورك تايمز. 2024-02-01. Retrieved 2024-02-02.