ثورة تموز 1958

(تم التحويل من ثورة 1958)
العقيد الركن عبد السلام عارف يلقي بيان الثورة بعد سيطرة القوات التي كانت بامرته على بغداد

وهي ثورة 14 يوليو/ تموز 1958 وتعرف ايضا بحركة او إنقلاب 14 يوليو/ تموز 1958 ، التي أطاحت بالمملكة العراقية حيث كان الملك فيصل الثاني ملكا على العراق وقد اختلف المؤرخون في تقييم نظام الحكم الملكي كما اختافوا بتسمية الحركة ما بين الانقلاب والثورة.

تم إعلان قيام الجمهورية العراقية وانتهاء حقبة العهد الملكي من خلال البيان الاول للحركة والذي اذاعه عبد السلام عارف من دار الاذاعة ، وذلك بعد نجاحه في قلب نظام الحكم بالسيطرة على القيادة العامة للجيش ودار الاذاعة ومجمع بدالة الهاتف المركزي، من خلال قطعات اللواء العشرين الذي بامرته ، وباسناد من زملاءه اعضاء تنظيم الضباط الوطنيين "او الاحرار" في صباح يوم الاثنين الموافق 14 يوليو / تموز 1958.

في الوقت الذي اخذ المواطنون على حين غرة وقد فوجئوا بنشيد الله اكبر الحماسي ثم تلته اناشيد ثورة رشيد عالي الكيلاني : لاحت رؤس الحراب ، و موطني ، ثم اهدت ام كلثوم للعراق انشودة بغداد ياقلعة الاسود ، التي كان يمتزج صداها مع ازيز الرصاص ودوي المدافع، وكان عبق تلك الاناشيد الحماسية والثورية والاغاني الوطنية والعربية يتردد صداها في شوارع بغداد وازقته ، والتي تفاعلت مع الحدث ، فطغت روح الحماسة الوطنية لدى المواطنين من جميع الشرائح والقطاعات ، مشمرين سواعدهم في مجاميع هائجة تاييدا وابتهاجا بالحدث الصاعق.

وبعد ذلك قطع البث الاذاعي فجأةً ، واعلن المذيع بأن نبأ هاما سيذاع من محطة دار الاذاعة العراقية من بغداد .. وساد صمت مطبق الازقة والشوارع المكتضة بالجماهير الهائجة وهم يصغون إلى اجهزة المذياع المنتشرة في المقاهي والاماكن العامة .. وبعد دقائق من الانتظار تقطعت فيها انفاس الجماهير وهي تنتظر اللحظات الثقيلة التي مرت ببطؤ .. واذا بدوي صوت جهوري ذو نبرة حماسية يعلن النبأ الهام .. انه البيان الاول للثورة يذيعه العقيد الركن عبد السلام عارف والذي استهلة بآية من الذكر الحكيم ، ثم بدأ بتلاوة البيان الاتي:

الجماهير المحتشدة تتدفق على وزارة الدفاع فور اعلان نبأ "الثورة"

البيان رقم واحد

صادر من القائد العام للقوات المسلحة الوطنية

بسم الله الرحمن الرحيم

أيها الشعب الكريم

بعد الإتكال على الله وبمؤازرة المخلصين من أبناء الشعب والقوات الوطنية المسلحة، أقدمنا على تحرير الوطن العزيز من سيطرة الطغمة الفاسدة التي نصبها الإستعمار لحكم الشعب والتلاعب بمقدراته وفي سبيل المنافع الشخصية

إن الجيش منكم وإليكم، وقد قام بما تريدون وأزال الطبقة الباغية التي استهترت بحقوق الشعب، فما عليكم إلا أن تؤازروه. وأعلموا أن الظفر لا يتم إلا بترصينه والمحافظة عليه من مؤامرات الإستعمار وأذنابه وعليه فإننا نوجه إليكم نداءنا للقيام بإخبار السلطات عن كل مفسد ومسيء وخائن لإستئصاله. ونطلب منكم أن تكونوا يداً واحدة للقضاء على هؤلاء والتخلص من شرهم.

حركة يوليو 1958
July1.jpg
تحرير

أيها المواطنون:

إننا في الوقت الذي فيه نكبر فيكم الروح الوطنية الوثابة والأعمال المجيدة، ندعوكم إلى الإخلاد والسكينة والتمسك بالنظام والتعاون على العمل المثمر في سبيل مصلحة الوطن.

أيها الشعب:

لقد أقسمنا أن نبذل دماءنا بكل عزيز علينا في سبيلكم، فكونوا على ثقة واطمئنان بأننا سنواصل العمل من أجلكم وان الحكم يجب أن يعهد إلى حكومة تنبثق من الشعب وتعمل بوحي منه وهذا لا يتم إلا بتأليف جمهورية شعبية تتمسك بالوحدة العراقية الكاملة وترتبط برباط الأخوة مع الدول العربية والإسلامية وتعمل بمبادئ الأمم المتحدة وتلتزم بالعهود والمواثيق وفق مصلحة الوطن وبقرارات مؤتمر باندونغ. وعليه فإن الحكومة الوطنية تسمى منذ الآن (الجمهورية العراقية). وتلبية لرغبة الشعب فقد عهدنا رئاستها بصورة وقتية إلى مجلس سيادة يتمتع بسلطة رئيس الجمهورية ريثما يتم استفتاء الشعب لانتخاب الرئيس. فالله نسأل أن يوفقنا في أعمالنا لخدمة وطننا العزيز انه سميع مجيب

بغداد، في اليوم السادس والعشرين من شهر ذي الحجة سنة 1377 هجرية، الموافق لليوم الرابع عشر من شهر تموز سنة 1958م.

العقيد الركن عبد السلام محمد عارف

عن القائد العام للقوات المسلحة الوطنية

وبعد ان اتم عارف تلاوة البيان انطلقت الجماهير وهي تهتف لقادة الحركة بعد ان أخذت تتعرف عليهم فبدأت الحناجر تهتف " احنه جنودك ياسلام " ، وبعد ان تعرفت في نهاية ذلك اليوم التموزي القائض على بقية القادة كالعميد الركن عبد الكريم قاسم وبقية اعضاء تنظيم الضباط الوطنيين فاخذت جموع الجماهير تهتف لهم كما هتفت "للثورة" وللعراق ، كما أخذت تهتف للوطن العربي وتطلق شعارات عربية اخرى تّذكر بأمجاد العرب وتنادي بالوحدة مع الاتحاد العربي المسمى الجمهورية العربية المتحدة.

قادة الحركة عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ثورة ام انقلاب ؟

قادة الحركة الرئيسيين الاخرين من اليسار الطبقجلي والعقيلي وقاسم والعبدي وعارف ومحي الحين حميد وخليل سعيد

هنالك تعريفين ومفهومين معجميين للثورة ، فالتعريف التقليدي القديم الذي وضع مع انطلاق الشرارة الاولى للثورة الفرنسية وهو قيام الشعب بقيادة نخب وطلائع من مثقفيه لتغيير نظام الحكم بالقوة . وقد طور الماركسيون هذا المفهوم بتعريفهم للنخب والطلائع المثقفة بطبقة قيادات العمال التي اسماها بديكتاتورية البروليتاريا. اما التعريف او الفهم المعاصر والاكثر حداثةً للثورة هو التغيير الذي يحدثه الشعب من خلال ادواته "كالقوات المسلحة" او من خلال شخصيات تاريخية لتحقيق طموحاته لتغيير نظام الحكم العاجز عن تلبية هذه الطموحات ولتنفيذ برنامج من المنجزات الثورية غير الاعتيادية . اما الانقلاب العسكري فهو تحرك ثلة من الجيش بقيادة احد الضباط للاستيلاء على السلطة لتحقيق طموحات واطماع ذاتية بغية الاستفادة المادية من كرسي الحكم.


الجذور التاريخية لتفاقم ازمة الحكم الملكي

على وفق التحليل التاريخي للاحداث هنالك دائما عوامل مباشرة واخرى غير مباشرة والتي لعبت ادواراً مختلفةً تسببت بقيام حركة 14 يوليو / تموز 1958 ، فهنالك أسباب غير المباشرة تمثلت في أزمة الحكم الملكي في العراق والتي تتلخص في طبيعة البنية التحتية التأسيسية للحكم الملكي والتي ولّدت تيارين متناقضين في الايدولوجية والمرجعية الوطنية والسلوك السياسي في مواقفهما تجاه ما كان يعصف العراق والمنطقة العربية من احداث جسام كالحروب العالمية والمعاهدات مع الدول الكبيى والاحلاف التي كان الغرض منها جر المنطقة العربية الى سياسة المحاور والاستقطاب الدوليين , واخر تلك الاحداث هو تأسيس الدولة اليهودية في فلسطين.

وللالقاء المزيد من الضوء على طبيعة تأسيس المملكة العراقية بتياريها راجع مقال المملكة العراقية

العوامل غير المباشرة لقيام ثورة يوليو 1958

هنالك جملة من العوامل التاريخية التي تراكمت وتمخض عنها قيام حركة يوليو / تموز 1958 . منها اجهاض ثورة رشيد عالي الكيلاني باشا واخفاق الحكومات العربية في حرب فلسطين عام 1948 , ثم دخول حكومة نوري السعيد في سلسلة من المعاهدات واخرها حلف بغداد التي كبلت العراق ببنود هيمنة جائرة على سيادته وموارده وقراره السياسي , وبعد بروز المد الوطني والقومي العربي المعادي للهيمنة البريطانية والفرنسية والاميركية , والتاييد الجماهيري الكاسح لهذا المد الذي تزعمته القيادات الثورية الشابة في بعض بلدان الوطن العربي والتي كانت رائدتها حركة يوليو / تموز 1952 في مصر , وتصاعد المد الجماهيري المؤيد للحركات الثورية الوطنية والقومية ليشمل دولا عديدة مثل الاردن الذي رفض الدخول في حلف بغداد , واضحت حكومة نوري باشا ورقة محروقة متهمة بما سمي "بالعمالة " لبريطانيا .

ومن وجهة نظر الدول الغربية فان سلسلة المعاهدات مع العراق وبعض الدول العربية واخرها حلف بغداد ماهي الا صفحة استراتيجية الغرض منها هيمنة بريطانيا وفرنسا ومن ثم لاحقا اميركا على المنطقة لدواعي استراتيجية اهمها الوقوف بوجه الاتحاد السوفيتي والسيطرة على منابع البترول واستيلاء الولايات المتحدة على ارث بريطانيا وفرنسا على الاخص بعد حرب السويس او ما سمي بالعدوان الثلاثي على مصر, ووقوف حكومة نوري السعيد بشكل معلن مع دول العدوان.

راجع التفاصيل في مقال العوامل غير المباشرة لقيام ثورة يوليو 1958

العوامل المباشرة المسببة لقيام حركة 14 تموز

يجمع المؤرخون على أن العوامل المباشرة للحركة كانت بسبب ردة الفعل الجماهيرية الغاضبة على احتلال بريطانيا للعراق بعد اسقاط ثورة رشيد عالي الكيلاني باشا عام 1941 واعدام الاحرار والوطنيين من الضباط المشاركين في الثورة، كذلك من العوامل الاخرى ، هزيمة الحكومات العربية في فلسطين ابان حرب عام 1948 ، علاوة على جملة العوامل الداخلية الاخرى كتردي الاحوال المعيشية والا جتماعية والتي يمكن اجمالها بالتالي:

مر الحكم الملكي بجملة من الاخفاقات ادى تراكمها إلى ظهوره بمظهر الحكم العاجز عن تلبية تطلعات الجماهير وتحقيق أهدافها و أن الحكم الملكي ظهر بمظهر النظام المرتبط بمصالح البريطانيين بالضد من مصالح الشعب . و هم يرون أن فرضيتهم هي من العوامل المسببة لقيام "الثورة" . و التي بجملوها حسب التسلسل الزمنى بالاتي:

  1. الإعتقاد بالهيمنة البريطانية على السياسة والاحلاف ومعاهدات الانتداب ، حيث يرى البعض أن هم بريطانيا هو الحاق العراق بالسياسة البريطانية وان يكون تابعا لها ومنفذا لاستراتيجياتها بواسطة ربطه بمعاهدة 1922 ثم معاهدة 1926 ، ثم معاهدة 1930 و معاهدة 1948 ثم تلى ذلك حلف المعاهدة المركزية – السنتو المعروف بحلف بغداد والذي كان يضم العراق و إيران و تركيا و باكستان. وكان الشارع العراقي معبأ ضد الحلف والحكومة العراقية خصوصا الخلاف بين مصر وسوريا من جهة والعراق من جهة أخرى ، حول حلف بغداد، بسبب تعبئة إذاعات دمشق والقاهرة و التي كانت تهاجم الحكومة العراقية وكان بعض العراقيون يرددون ما تذيعة دمشق والقاهرة من أفكار .
  2. هيمنة الشركات الاجنبية على الاقتصاد بضمنها شركات النفط التي لعبت دورا كبيرا في تقويض الاقتصاد العراقي لاسيما بعد ربط الاقتصاد العراقي بالكتلة الاسترلينية مما ادى إلى تضخم العملة العراقية وغلاء الاسعار.

أدى احتلال العراق من قبل بريطانيا اثناء الحرب العالمية الثانية واسقاط حكومة ثورة مايو 1941 بزعامة رشيد عالي الكيلاني، وما لقيه الضباط من التنكيل والإعدام، إلى ارتفاع درجة السخط بين صفوف الشعب الذي انعكس على ابنائه في القوات المسلحة.

حملات تقويض الجيش العراقي حيث تنبه الإنجليز إلى حالة السخط والغليان بين صفوف الشعب والجيش بشكل خاص بعد الضربة الموجعة بعد احتلال العراق ابان الحرب العالمية الثاني واسقاط الثورة الشعبية التحررية التي قام بها رشيد عالي باشا عام 1941 ، وتنبهوا إلى ذلك فاشعروا السراي الحكومي بضرورة تقليص عدد وحدات الجيش العراقي، ونسريح اعداد كبيرة من ضباطه ومراتبه ونقل الضباط الاخرين إلى وحدات نائية ، وأشغال أفراده بالتدريبات ، طوال فصول العام. بدأت خلايا سرية من الضباط في العمل بين صفوف الجيش، ومحاولة التكتل لإنشاء تنظيم سري للضباط.

انعكست نتائج حرب 1948 على شكل احباط جماهيري عام ، فالعراق الذي شارك بخيرة قطعاته في القتال وحقق انتصارات مهمة على الجبهة بقيادة الفريق راغب باشا الذي حقق انتصرات لامعة مطوقا تل ابيب واصبد على مشارف البحر الا ان تدخل القائد البريطاني كلوبباشا الذي كان يرأس القيادة العامة للحرب لم يصدر الأوامر بالتقدم في ساحات القتال ، حتى شاعت على الألسن باللهجة العراقية العامية "ماكو أوامر" ورجع الجيش العراقي من فلسطين بعد أن أعلنت الهدنة سنة 1949 وكان لهذه العودة أثرها السيئ في نفوس الشعب .

ادى نجاح حركة الضباط الأحرار في مصر، خلال "ثورة" 23 يوليه/ تموز 1952 التي ادت إلى تقويض النظام القائم في مصر ، وثورة 1948 في اليمن ضد الحكم الملكي الامامي والتي قادها الضابط اليمني العراقي جمال جميل رغم اسقاطها بعد نجاحها واعلان الجمهورية ومقتل الامام، ادت إلى تشجيع الضباط العرب عموما والعراقيين بشكل خاص بالثورة على نظام الحكم .

تتويج فيصل الثاني 1953

وقع العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956 من قبل بريطانيا و فرنسا و إسرائيل بسبب تاميم مصر لقناة السويس ، وقد شجبت الحكومة العراقية العدوان و مع قيام الاتحاد العربي – الجمهورية العربية المتحدة بدأ الشعور القومي لدى فئة من العراقيين بالظهور. وفي 14 فبراير 1958 تم إعلان الاتحاد العربي الهاشمي بين العراق والأردن؛ فيما يراه البعض ردًّا على قيام الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسورية. و قابلت الأوساط القومية الاتحاد العربي بالاستنكار، واعتبرته مفرّقاً للصف العربي. داعين إلى الانضمام إلى الجمهورية العربية المتحدة بدل هذا المشروع الذي رأوا فيه حلفا أكثر منه وحدة.


موقف الجيش العراقي كمؤسسة عقائدية وطنية

الجنرال جعفر العسكري أول وزير دفاع عراقي

عرف الجيش العراقي بانه منظمة عسكرية ذات عقيدة وطنية يتملكه الحس العربي والانتماء للقضايا العربية والمصيرية.ذلك بسبب بنيته التاسيسية حيث، تاسس من مجموعة من الشخصيات الوطنية المعروفة بانتمائها العربي والتي سبق وان ما اسهمت في الثورة العربية الكبرى مع الشريف حسين او اسهمت بشكل فالعل في الجمعيات السرية التي دعت إلى استقلال العراق وتحرر العرب من الاتراك العثمانيين. كانت اغلب عناصر الجيش العثماني من الضباط ذوي الرتب الرفيعة في الجيش العثماني او القوة الخاصة العثمانية ذات الكفاءة والمهنية العالية المسمات الجيش الانكشاري ، أي مايعرف اليوم بقوات الصاعقة او الحرس الجمهوري او الملكي، الخ. وبعد فرط عقد الدولة العثمانية انخرط معظم هؤلاء الضباط في الجيش العراقي وكانت لديهم مسبقا مواقف سياسية متأتية من مواقفهم في الثورة العربية الكبرى من جهة وبسبب اعتناقهم لإيديولوجيات الجمعيات الوطنية السرية التي كانت تدعوا للاستقلال والتحرر ووحدة ولايات الدولة العثمانية.

نظرًا لأن السياسة العراقية كانت تمالي بشكل او اخر السياسة البريطانية ، فكانت بعض الحكومات العراقية غير جادة احيانا بتنمية الجيش وتقوية قدراته القتالية والتسليحية ، وأججت وهذا العامل مشاعر ضباط الجيش خاصة أصحاب الرتب الصغيرة والمتوسطة الذين هم عماد الجيش ونواته الأساسية .اما العمل الفعلي لاحداث "الثورة" فقد بدأ داخل الجيش منذ عودته من حرب فلسطين الخاسرة لما رآه الضباط من عدم جدية القتال لدى الحكومة وضعف تسليح الجيش المرسل للقتال، وأن للجكام دورا في ضياع فلسطين .

تنظيم الضباط الوطنيين "او الاحرار" و محاولاتهم الانقلابية

نجيب الربيعي رئيس مجلس السيادة رئيس التنظيم

قام نخبة من طلائع الضباط المستنيرين بتشكيل "تنظيم الضباط الوطنيين" الذي اسماه الاعلاميون لاحقا بتنظيم الضباط الاحرار اسوةً بتنظيم الضباط الاحرار في مصر وذلك في نهاية عام 1949 بعد الهدنه مع إسرائيل وانسحاب الجيش العراقي ، وذلك برئاسة الرائد رفعت الحاج سري الدين ، والتي كانت تعد أول نواة لتنظيم عسكري داخل الجيش ، ومع رفعت سري كان ذا رتبة متوسطة إلا أنه كان يتمتع باحترام كبير من الجميع لأخلاقه العالية وسلوكه القويم، وبعد سنة 1952 عقب نجاح حركة يوليو/ تموز في مصر التي اعطت دفعا كبيرا للتنظيم تحول اسلوب عمل التنظيم إلى اسلوب الاجتماعات المنظم بدلا من اللقاءات السريعة والجلسات التي تميزت بالطابع الشخصي . وتوالى تشكيل عدد من الخلايا والتنظيمات في معسكرات وثكنات مخلفة استنادا للعامل الجغرافي والمكاني ، من اشهرها خلية العقيد رجب عبد المجيد التي تشكلت في سبتمبر/ ايلول 1952.

كانت الطبيعة الغالبة لتاسيس تلك التنظيمات هو الالتقاء الفكري والانتماء السياسي لضباط كل خلية من خلايا تلك التنظيمات ، فمنها كان تجمعا لضباط ذوي ميول قومية واخرى ذات ميول وطنية ليبرالية واخرى شيوعية واخرى اسلامية وغيرها من الخلايا الي انضمت لاحقا ، بين عامي 1956 و1957 ، للتنظيم الاقدم والاكبر "تنظيم الضباط الوطنيين" ذو التوجهات الوطنية والوحدوية والذي كان يتزعمه رفعت الحاج سري الدين الذي اصبح عقيدا في ذلك الوقت . وكان يجمع كل تلك التيارات والشخصيات مبدأ معارضة الوضع القائم . أي ان بعضها كان يؤمن بتغيير النظام الملكي إلى جمهوري ، واخر كان يؤمن بانقلاب كانقلاب بكر صدقي او ثورة رشيد عالي الكيلاني أي تغيير سياسة وعقيدة الحكم دون المساس بشكل النظام.

العقيد رفعت الحاج سري الدين مؤسس تنظيم الضباط الوطنيين عام 1949

محاولات التنظيم الفاشلة لقلب النظام الملكي

حاول التنظيم القيام بعدة محاولات للانقلاب على الملك، ولكنها باءت جميعًا بالفشل ومنها :

1 ـ محاولة تنظيم الضباط الوطنيين سنة 1949، أثناء الاحتفال بعودة بعض فرق الجيش من فلسطين ولكنها فشلت لعدم حضور الملك والمسؤلين الكبار في الدولة .

2 ـ محاولة رفعت الحاج سري في سنة 1950 .

3 ـ محاولة في 1950، ولكنها ألغيت لعدم حضور نوري السعيد رئيس الوزراء.

4 ـ محاولة في 11 ذي القعدة سنة 1955، وصفها المقدم عبد الغني الراوي بمنتهى الدقة والإحكام، ولكن قادة التنظيم رفضوها .


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

كشف التنظيم

رفيق عارف رئيس الاركان العامة

تمتْ محاولات محدودة من قبل تنظيم الضباط الوطنيين للقيام بحركة لقلب نظام الحكم الملكي لعدم تيسر الفرصة السانحة. وبعد اجتماعات متلاحقة لقدة التنظيم استغرقت سنتين، تم الاتفاق على اغتنام أي فرصة تسنح لاحدى القطعات العسكرية التي يسمح لها بالمرور في بغداد للقيام بالحركة. كما اتفقوا على أن مساندة القطعات عير المشاركة في حالة سماعها بالقيام بالحركة في حالة تعذر تبليغ القطعات جميعها ولدواعي امنية.

تنبهت الحكومة لوجود هذا التنظيم في صيف عام 1956 في منطقة الكاظمية حيث تسربت معلومات عن تحركات الجيش إلى مديرية الاستخبارات العسكرية الملكية، ومنها الكشف عن الاجتماع الذي شارك فيه العقيد رفعت الحاج سري ، والعقيد الركن عبد الوهاب أمين، والمقدم إسماعيل العارف، والمقدم صالح عبد المجيد السامرائي . وبعد إجراء التحقيق معهم، تم تفريق هؤلاء الضباط وإبعادهم عن الوحدات ذات التأثير الفاعل فأخذوا يعدون العدة لتفكيكه في طريق نقلهم من أماكنهم إلى أماكن أخرى وتعيين بعضهم كملاحق عسكري بالسفارات بالخارج مما جعل قيادة التنظيم تنتقل من رفعت الحاج سري إلى الفريق نجيب الربيعي الذي انتخب رئيسا للتنظيم خلفا لسري وبعد نقله هو الأخر آلت إلى عبد الكريم قاسم ، وينقسم هذا التنظيم لعدة خلايا لتسهيل الاوامر والعمليات .بعض التحليلات السياسية تشير إلى ان التقرير كان من قبل أحد الضباط المشاركين في التنظيم و تشير إلى عبد الكريم قاسم تحديدا . ( راجع مقالة الضباط الوطنيين ) .

الأردن يبرق باسرار خطيرة

مراسم توقيع بروتكول الاتحاد العربي الهاشمي بين الملكين فيصل الثاني والحسين بن طلال

وفي مطلع تموز وبعد قيام الاتحاد الهاشمي عام 1958 بين العراق والاردن طلب الملك حسين بن طلال العاهل الاردني ، من الملك فيصل الثاني العاهل العراقي ، ارسال قطعات عسكرية عراقية للمرابطة في الاردن. سافر بناء على ذلك رئيس الاركان الفريق رفيق عارف إلى عمان للتباحث مع نظراءه الاردنيين في التدابيراللازمة لتحرك هذه القطعات. وقابل الملك حسين وأخبره بحضور بهجت التلهوني رئيس الديوان الملكي الاردني بأن العراق قرر دعم الأردن بارسال قطعات فاعلة حيث اتفقا على بعض التفاصيل السوقية والتعبوية بهذا الصدد ، الا انه لمح وبدبلوماسيته المعهودة بان لديه معلومات عن وجود تنظيم سري مشابه لتنظيم الضباط الاحرار في مصر، وقد أبدى الفريق رفيق عارف استغرابه نافيا تلك المعلومات، استدعى الملك حسين ضابطين أردنيين كانا في زيارة عسكرية للعراق واطلعا على الاوضاع الداخلية للجيش العراقي، وعادا بمعلومات تفصيلية عن وجود نشاطات للاعداد حركة عسكرية .

رفيق عارف مع الحسين بن طلال

عاد الفريق رفيق عارف إلى بغداد في يوم 11 يوليو / تموز مغتاظا من الانذارات الاردنية بعد أن قال لرئيس الوزراء الاردني آنذاك السيد سمير الرفاعي وبحضور رئيس الاركان الاردني ، انه لايجوز أن نصدق الاشاعات التي تريدنا أن نعتقل الف ضابط عراقي من افضل ضباطنا وتقرر بعد ذلك تم ارسال اللواء العشرين بقيادة العقيد الركن عبدالسلام عارف الذي يحوز على ثقة رئيس أركان الجيش يوم الرابع عشر من تموز إلى الأردن والذي اللواء الذي كان بأمرته قام بالحركة التي اطاحت بالنظام الملكي.

كما اكد الملك الحسين بن طلال ذلك للفريق غازي الداغستاني قائد الفرقة الثالثة والتي يفترض ان يتوجه احد الويتها للاردن ، بأنه توافرت لدى اجهزة الاستخبارات العسكرية الاردنية ، معلومات تؤكد نية بعض الضباط القيام بانقلاب، وانه اتصل بابن عمه ملك العراق طالبا منه ان يبعث شخصا يثق به لاطلاعه على معلومات خطيرة، والتقى الملك برئيس اركان الجيش العراقي انذاك الفريق رفيق عارف في معسكر اتش 3 ، قرب الحدود الاردنية ـ العراقية ، وسلمه قائمة باسماء الضباط الذين يعتقد بانهم يعدون للانقلاب، ولكن رئيس اركان الجيش الفريق رفيق عارف فند جازما للملك حسين بوجود مثل تلك المزاعم ، لسببين الاول ورد اسم العميد عبد الكريم قاسم وهذا مدعاة استغراب لانه من اخلص الضباط للعرش والحكومة حتى ان الكثير من الضباط يخشوه لعلاقة الولاء للحكمومة والعرش ، اما السبب الثاني كما يقول رئيس اركان الجيش ، بان اعداء المملكتين وعلى الاخص بعد اعلان الاتحاد الهاشمي هالهم الاتفاق الوحدوي بين المملكتين واخذوا يحيكون الدسائس لعرقلة الاتحاد ، فعمدت تلك القوى إلى استخدام الطابور الخامس ليبث الاشاعات التي درجت على تلفيقها لغرض زعزعة استقرار الدولة الفتية . ويذكر الداغستاني بان الملك الاردني قد شعر بالاحباط من رد الفريق رفيق عارف وعدم اخذ معلومات غاية في الاهمية والسرية والخطورة على محمل الجد . لم يكتف الملك حسين بذلك بل بعث برئيس مخابراته انذاك محمد الجيلاني قبل اسبوعين من الانقلاب الدموي ليخطر الحكومة العراقية بقرب ساعة الصفر وتنفيذ الحركة العسكرية التي اعدتها مجموعة من الضباط المعروف عنهم الولاء للعرش ولنوري السعيد، ومع ذلك، لم يلتفت احد إلى التحذير. واضاف الفريق غازي الداغستاني "ان بغداد كانت تعج بالاشاعات، حتى ان نوري باشا استدعاه وسأله: "هل تصدق ان عبد الكريم قاسم يتآمر لإسقاطي؟"

وكان يقال عن قاسم "بأنه جاسوس لنوري السعيد في الجيش ويسميه الباشا تحببا كرومي" ، وطلب نوري السعيد ملف عبد الكريم قاسم ولم يكتشف أي مؤشرات على استعداد لخيانة العرش والحكومة ، ويذكر غازي الداغستاني بانه قد ابدى امتعاضه من مراجعة ملف عبد الكريم قاسم ذلك قائلا لنوري السعيد :

"ان عبد الكريم من الضباط المقربين الامعين المعروف بولائه للبلاط والحكومة ولايمكن التشكييك به لانه هو من يزودنا بالتحركات المشبوهة لبعض الضباط مما جعلنا نضعهم تحت سيطرتنا.. جناب الباشا انت ادرى.. بان الوضع الداخلي لايتحمل احداث أي بلبلة داخل الجيش بسبب الضروف التي سببها الهجوم البريطاني على مصر وبمعاونة من فرنسا وإسرائيل..الموضوع اجج المشاعر منذ دخول إسرائيل في الهجوم.. لاادري الانجليز كيف يفكرون.. الحكومة المصرية تكسب التاييد لانها تنفذ سياسة مرغوبة من الناس المصريين وباقي البلاد العربية..

العقيد عبد الكريم قاسم

واكمل نوري السعيد قائلا:"هاذي الوحدة الان تلاقي تاييد كبير من الشباب تذكرهم بايام زمان ومطالب العرب وجلالة الشريف حسين المعظم ..كلنا مع الوحدة اكيد ونحن لدينا وحدة ايضا الوضعية حساسة ، ولكن الحكومة المصرية العسكرية مندفعة وليس لديها خبرة مع الانجليز تصرفوا بتهور بموضوع التاميم وجابلهم بلاء الحرب .. اجج الغرب ضدهم عاداهم .. ماكو داعي ..الغرب مهتم بالشيوعية وانتشارها اللي ديهدد العالم الحر والعراق احد اعضائه المهمين.. شوف لذلك أي اعتقالات او ضربة داخل الجيش نقوم بها رد فعلها سيكون لطالح أي عناصر طائشة التي تريد ان تعمل شيء".

وقد اتفقا ، نوري السعيد وغازي الداغستاني على اعتبارالموضوع مجرد اشاعات.

قادة الحكم الملكي او الثلاثة الكبار

كان في الواجهة السياسية والاعلاميه للنظام الملكي عند قيام الحركة كل من الشخصيات السياسية التالية والتي كان يطلق عليها اسم الثلاثة الكبار وهم:

قادة الحركة واللمسات الاخيرة للخطة

زعيما الحركة قاسم وعارف

بدأ عبد الكريم قاسم حياته العسكرية ضابطاً برتبة ملازم ثاني ونقل للكلية العسكرية عام 1938 وفي عام 1941 تخرج من كلية الأركان العسكرية وشارك في عام 1948 بالحرب الفلسطينية الأولى وفي عام 1955 وصل قاسم إلى رتبة مقدم ركن ، وبعد ان اصبح عقيدا تم نقله امراًً للواء المشاة 20 . كان ينتمي إلى طبقة فقيرة وقد توفي والده وهو صغير في السن وكان يعني من تشوه في الشفة ادت إلى عزلته ومن ثم تركت اثراً على مزاجيته وتفرده في المستقبل كانت لديه صداقات محدودة اهمها علاقته بعبد السلام عارف وبعض الشيوعيين الذين تعرف عليهم عن طريق ابن خالته فاضل المهداوي، كل تلك العوامل اثرت على نشأته ومن ثم على مواقفه. الا انه عرف بمهنيته العسكرية العالية وطنيته.

اما عبد السلام عارف فقد بدا حياته المهنية عند التحاقه بالكلية العسكرية عام 1938والتي تخرج فيها عام 1941 برتبة ملازم ثان . انظم إلى ثوار ثورة مايو/ مايس 1941 بقيادة رشيد عالي الكيلاني باشا رئيس الوزراء ، نقل إلى البصرة بعد الاطاحة بحكومة الثورة حتى عام 1944. اختير عام 1946 مدربا في الكلية العسكرية . حصل على رتبة ركن عام 1947 . اشترك في حرب فلسطين الأولى عام 1948 . عند عودته من حرب فلسطين أصبح عضواً في القيادة العامة للقوات المسلحة. نقل عام 1950 إلى دائرة التدريب والمناورات .عام 1951 ، التحق بدورة القطعات العسكرية البريطانية في دسلدورف بألمانيا الغربية للتدريب ثم نقل بمنصب مدرب اقدم فيها كضابط ارتباط مع الملحقية العسكرية للدورات التدريبية حتى عام 1956 . عند عودته من ألمانيا نقل إلى اللواء التاسع عشر عام 1956 . بُلّغ بالسفر إلى المفرق ليكون على اهبة الاستعداد لإسناد القطعات الاردنيه إمام التهديدات الإسرائيلة التي كانت سبباً في الاطاحة بالنظام الملكي عام 1958 . انظم إلى " تنظيم الضباط الوطنيين " عام 1957 ودعا إلى خليته الزعيم العميد عبد الكريم قاسم ، وكان عارف من المساهمين الفاعلين في التحضير والقيام بحركة 14 يوليو 1958 حيث أوكلت إليه تنفيذ ثلاثة عمليات صبيحة الحركة ادت إلى سقوط النظام الملكي .

عرف عبد السلام عارف بقوة ارادته وشجاعته وعمق مبادئه وحبه للتيار العروبي على الرغم من تسرعه في بعض المواقف في مستهل حياته السياسية والتي تلافاها عندما أصبح رئيسا للجمهورية ، ويعود ذلك لاسباب تتعلق بانتمائه لاعائلة متحدرة من منطقة قبلية من خان ضاري احدى ضواحي الفلوجة وكان جده شيخ عشيرة الجُميللات وخاله الشيخ ضاري احد قادة ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني بعد الحرب العالمية الاولى.

تمتد علاقة الصداقة والود بين العميد عبد الكريم قاسم والعقيد الركن عبد السلام عارف إلى عام 1938 حيث التقى عبد السلام عارف بعبد الكريم قاسم في الكلية العسكرية . وبعد ان تخرج عبد السلام من الكلية العسكرية التقى بعبد الكريم قاسم في البصرة في احدى القطعات العسكرية بعد نقل عارف بسبب اشتراكه بثورة رشيد عالي الكيلاني باشا عام 1941 ، واثناء اللقاءات التي كانت تجمعهما كانا يتداولان موضوعات الساعة يومذاك من سوء الاوضاع التي يعيشها المواطن العراقي من جراء سياسة نوري السعيد باشا رئيس الوزراء والامير عبد الاله الوصي على العرش ، وخضوعهما للسياسة البريطانية في العراق كما التقيا مرة اخرى في كركوك في عام 1947 وجمعتهما مرة اخرى الحياة العسكرية فالتقيا في الحرب الفلسطينية 1948 حيث ارسل قاسم إلى مدينة كفر قاسم وارسل عارف إلى مدينة جنين وهما قريبتان الواحدة عن الاخرى فكانت تتم بينهما اللقاءات المستمرة واستمرت علاقتهما حتى عام 1951 حيث فارق عبد السلام عارف رفيق سلاحه لمدة خمس سنوات حيث التحق في ذلك العام بالدورة التدريبية الخاصة بالقطعات العسكرية البريطانية التي كانت موجودة في مدينة دوسلدورف الالمانية الغربية واستمر في الخدمة هناك ضابطاً في الملحقية العسكرية حتى عام 1956.

بعد عودة عارف للعراق نقل إلى اللواء العشرين عام 1956 حيث انتمى إلى تنظيم الضباط الوطنيين وبعد عام على انتمائه التقيا ثانيةً عام 1957 حين فاتح العقيد عبد السلام عارف قيادة التنظيم لضم زميله العميد عبد الكريم قاسم للتنظيم الذي تردد التنظيم بضمه للتنظيم باديء الامر وبعد انضمام قاسم وبعد تغيب الفريق نجيب الربيعي عن اجتماعات التنظيم لاسباب تتعلق بالتحاقة لوحداته في اماكن مختلفة تم اختيارا الضابط الأعلى رتبةً حسب السياقات العسكرية العميد ناجي طالب للرئاسة المؤقتة للتنظيم لحين عودة الفريق نجيب الربيعي الاان تدخل العضو الفاعل في التنظيم العقيد عبد السلام عارف حال دون ذلك حيث طلب ترشيح زميله العميد عبد الكريم قاسم مبرراً إمكانيتهما بالعمل المشترك للقيام بالثورة كونهما يعملان في موقع عسكري استراتيجي قرب بغداد ومع وجود كتائب مدفعية ودروع ومشاة واسلحة وصنوف ساندة اخرى وختم قوله مبتسماً لا زعيم الا كريم ، الامر الذي ادى احراج المجتمعين مما ادى إلى موافقتهم على مقترحه.

العد التنازلي للتنفيذ

اتاح ترأس عبد الكريم قاسم للجنة العليا للتنظيم لعبد السلام عارف الفرصة للعمل المشترك مع قاسم لتحقيق امالهما في احداث تغيير في البلد. وبعد ورود بعض المعلومات للقصر الملكي ودار السراي للحكومة العراقية بأن تنظيما سريا قد تشكل هدفه احداث تغيير في البلد سارعت الحكومة باصدار تعليماتها لقيادة الجيش باحداث حركة تنقلات شمل بها العميد عبد الكريم قاسم والعقيد عبد السلام عارف الذين نقلا إلى المنصورية في محافظة ديالى حيث تم تنسيب عبد الكريم قاسم امراً للواء التاسع عشر ، وعبد السلام عارف امراً للواء العشرين الذين كانا تحت إمرة اللواء غازي الداغزتاني قائد الفرقة الثالثة ومقرها في القاطع الأوسط للعمليات في محافظة ديالى شمال شرق بغداد.

في حركة سياسية لافتة للانتباه لامتصاص نقمة الضباط على الحكم واحداث تفرقة قي صفوف الضباط المشتبه بانضمامهم للتنظيم قام الوصي على العرش الامير عبد الاله مع الملك فيصل الثاني برفقتهما الفريق نوري السعيد باشا رئيس الوزراء بزيارة عدد من القطعات العسكرية بضمنها معسكر المنصورية حيث عرض نوري باشا على عبد الكريم قاسم منصب نائب القائد العام للجيش الذي اعتذر عنه ولعبد السلام عارف منصب وزير الدفاع والذي كان مرشحا قريبا لرتبة عميد ركن الذي اعتذر عنه هو الاخر. فما كان من ديوان سراي الحكومة الا ان يعالج الامر بنقل عبد السلام عارف مع عدد من الضباط المشتبه بانتمائهم للتنظيم إلى الأردن وهم من المعروف عنهم استيائهم المعلن اومشاركتهم بثورة رشيد عالي الكيلاني باشا عام 1941 ، حيث استغلت الحكومة قيام الاتحاد الفدرالي الهاشمي بين المملكتين العراقية والاردنية عام 1958 وتوتر الحدود الاردنية الإسرائيلية بسبب قيام الاتحاد من جهة وبسبب قيام الجمهورية العربية المتحدة من نفس العام من الجهة الاخرى .

في مطلع يوليو/ تموز من عام 1958 ، وعند صدور الاوامر بتحرك القطعات للمفرق بالاردن مروراً ببغداد دعا ذلك كل من قاسم وعارف لعقد اجتماع عاجل للتنظيم حيث ابلغا التنظيم الذي تلكأ كثيرا بالقيام بالثورة بأنهما سيقودا عدداً من ضباط التنظيم لاستغلال هذه الفرصة للاطاحة بالنظام الملكي . ثم اتفق عارف مع قاسم باعطاء التنظيم فرصة اخيرة للتحرك من خلال ضم الفرق الاربعة العسكرية الموزعة في المحافظات العراقية الاخرى لمساندة تحرك قطعات المنصورية فذهب عارف لوحده قائلا "انا والزعيم نخبركم لاخر مرة بانه في حالة عدم الاشتراك معنا فنقول لكم هذا حدنه وياكم " .


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الساعة "س".. ساعة الصفر

اللواء العشرين بامرة عبد السلام عارف والذي قام بالحركة

تولى القيادة الرئيسية للعمليات منذ ذلك الحين رجلان مع دعم من هم بمعيتهم من ضباط اعضاء التنظيم، هما كل عبد الكريم قاسم امر اللواء التاسع عشر وعبد السلام عارف امر اللواء العشرين ، وقد أخفيا الموعد المحدد لقيام الحركة ، لضمان عدم تسرب الأخبار وفي يوم 13 يوليو / تموز قام كلاهما بزيارة بغداد وتحديد مسار الحركة ومهام التنفيذ . وفي 10 يوليو / تموز وبعد عطلة عيد الأضحى مباشرة صدرت الأوامر العسكرية من القيادة العامة للجيش بتحرك اللواء العشرين في 14 يوليو / تموز إلى الأردن وكان اللواء العشرين احد تشكيلات الفرقة الثالثة التي يقودها الفريق غازي الداغستاني في معسكر المنصورية ، للوقوف في وجه التهديدات الإسرائيلية على الأردن، وكان قائد الجحفل او القطعات المنتخبة من معسكرات مختلفة والمتجهة إلى الأردن ، هو اللواء احمد حقي . وعند ذلك اعتبر قادة الحركة بأن الفرصة مناسبة لتنفيذ حركتهم او ثورتهم ضد الحكم الملكي .

وضع الرجلان خطط التحضير والقيام بحركة يوليو/ تموز 1958 واعطيت لخلية التنظيم من الضباط ممن تقرر اشراكهم في تنفيذ الحركة ، حيث كان توجس العميد عبد الكريم قاسم من تصرفات الحكومة واي عملية ثورة مضادة فاتفق مع العقيد عبد السلام عارف بانشاء غرفة عمليات سرية يديرها قاسم من مقرة في معسكر المنصورية في مدينة المقدادية ، واوكلت لبقية الضباط تنفيذ العمليات داخل وخارج بغداد مستغلين فرصة قيام الاتحاد الهاشمي بين العراق والاردن وتحرك القطعات العراقية لاسناد الأردن ضد التهديدات الإسرائيلية لقيام الاتحاد. كما اتفق التنظيم على عدم إخبار القوات الزاحفة من غير اعضاء التنظيم بما ستقوم به في بغداد من إعلان للثورة ؛ خشية من تسرب أخبار ذلك إلى الحكومة وقيادة الجيش .واصدار التعليمات للضباط اعضاء التنظيم، الذين سيقومون بمهام تنفيذ الحركة بعدم اخبار أي ضباط آخرين؛ للمحافظة على السرية والمباغتة، ومنعاً لتسرب أخبار الثورة .

عبد السلام عارف يشرع بتنفيذ خطته لاحتلال بغداد

سير قطعات اللواء العشرين إلى الاردن

اختار عبد السلام عارف لنفسه تنفيذ عدد من العمليات وهي السيطرة على مقر قيادة الجيش في وزارة الدفاع والسيطرة على مركز اتصالات الهاتف المركزي والسيطرة على دار الاذاعة اضافة إلى اهدافا اخرى حيوية كالسيطرة على القصر الملكي وقصر نوري السعيد ومعسكري الرشيد والوشاش.

وفي يوم 14 يوليو / تموز ، تهيأ اللواء العشرين بقيادة عبد السلام عارف للتحرك لبدء تنفيذ الحركة. حيث درس الاعضاء البارزين للهيئة العليا لتنظيم الضباط الوطنيون وبحضور العميد الركن عبد الكريم قاسم خط سير الرتل المزمع سلوكه عبر بغداد ، كما استمعوا إلى ايجاز قدمه العقيد الركن عبد السلام عارف عن الخطة التي وضعها ضمن تحرك لوائه للسيطرة على بغداد ويمكن وصف خطة عارف وخط سير القطعات بالتالي:

تقع على خط سير القطعات الذاهبة للاردن المواقع المهمة التي تشكل اهدافا استراتيجية لتنفيذ الحركة ونجاحها فيما اذا تمت السيطرة عليها . فيمر خط السير المخصص للقطعات ، بضمنها اللواء العشرين الذي سيقوم بتنفيذ الحركة والذي يتكون من اربعة كتائب او افواج وذلك عبر عدد من النقاط والمواقع الاستراتيجية الهامة والتي لامناص من السيطرة عليها حيث كان الرتل الذاهب اصلا للاردن سيمر قاطعا بغداد من الشرق إلى الغرب ، اتيا من لواء "او محافظة" ديالى في الشرق حيث معسكر المنصورية ومتوجها عبر جنوب بغداد نحو الطريق الدولي الموصل للحدود الاردنية .

خارطة تمثل سير قطعات اللواء العشرين بامرة عبد السلام عارف للسيطرة على المواقع المهمة في بغداد

فبدئا بالتحرك من معسكر المنصورية يمر خط السير عبر طريق بغداد - ديالى القديم مرورا بشرق بغداد من جهة منطقة المشتل المؤدي إلى بغداد الجديدة المجاورة لمعسكر الرشيد في الزعفرانية وهو المحطة الهامة الاولى التي سيسيطر عليه باحد الكتائب الاربعة ، ومن ثم التوجه إلى الباب الشرقي حيث جسر الملكة عالية "جسر الجمهورية حاليا" وهو المحطة الثانية المهمة لتامين تدفق قطعات اللواء للعبور إلى جانب الكرخ . ومن هنا يجب ان تتقسم الكتائب المتبقية إلى ثلاثة ارتال للاستكمال السيطرة على قاطع الرصافة قبل العبور إلى الكرخ ، فيذهب الرتل الاول للسيطرة على قاطع مديريات شرطة باب الشيخ وهو احد اهم مراكز الشرطة الذي يتضمن غرفة حركات الداخلية المكلف بمهمة الاتصال بوزارة الداخلية ورئاسة الوزراء عن أي تهديد امني ومنها يتم قطع الاتصالات الهاتفية للبدالة المركزية ، ثم يتوجه لاحتلال وزارة الدفاع وهي ايضا مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في الباب المعظم ثم يسطر الرتل نفسه على معسكر الحرس الملكي في الكرنتينة المجاورة وبعد ذلك يسيطر على مقرات البلاط الملكي في الكسرة المجاورة ايضا . وبعد عبور جسر الملكة عالية يوجد موقعين هامين يجب السيطرة عليهما واحتلالهما الاول قصر الزعيم البارز نوري السعيد ومحطة دار الاذاعة العراقية في منطقة الصالحية المتاخمة للجسر، وهي اهم النقاط التي يجب السيطرة عليه لاذاعة البيان الاول للحركة وتوجيه القطعات والجماهير عبر الاذاعة . ومن جسر الجمهورية يستمر خط السير للتوجه عبر كرادة مريم " المجمع الرئاسي او المنطقة الخضراء حاليا" ثم الحارثية حيث معسكر الوشاش المسيطر على قاطع الكرخ ويليه قصر الرحاب مقر اقامة الملك وولي العهد عبد الاله وهو احد اهم النقاط الاستراتيجية لياخذ شارع اليرموك المتوجه إلى غرب بغداد إلى الطريق الدولي نحو الحدود الاردنية .

قطعات عبد السلام عارف تسيطر على الاماكن الاستراتيجية في بغداد

اتخذ عبد السلام عارف عدد من الاجراءات داخل اللواء العشرين الذي بامرته هدفها ضمان نجاح تنفيذ الحركة منها ، أصدر أوامره باعتقال كل قادة القطعات العسكرية والتي ستشارك في الجحفل والتي ستمر عبر خط سير القطعات الذاهبة للاردن ، أي القطعات المزمع تنفيذها للحركة من غير تنظيم الضباط الوطنيين وعين بدلاً عنهم ضباطًا من التنظيم ثم أصدر عدة أوامر هامة ، وهي:

أ ـ يتسلم العقيد عبد اللطيف الدراجي قيادة اللواء العشرين مع عبد السلام عارف لكي يتمكن الاخير من التحرك بمرونة لقيادة العمليات والسيطرة على القطعات والوحدات الاخرى ومعالجة أي طاريء، إضافة إلى قيادة الكتيبة الأولى من اللواء التي تكلف بعدد من المهام على رأسها ، الاتصال باعضاء تنظيم الضباط الوطنيين في معسكر الرشيد ودعمهم للقيام بتنفيذ الخطة التكميلية وهي السيطرة على وحدات المعسكر والانطلاق مع وحدات اللواء العشرين لاتمام المهمة ، وفي حالة فشلهم يستمر اللواء العشرين بالمهمة لوحده الذي سيتوجه لاحتلال قاطع شرطة باب الشيخ وقطع الاتصالات الهاتفية المركزي ثم السيطرة على جسر الملكة عالية في الباب الشرقي . وعند مرورها في منطقة الصالحية تحتل القطعات دارالإذاعة.

ب - يتوجه الرائد بهجت سعيد إلى قصر نوري السعيد رئيس الوزراء للقبض عليه .

ت ـ تكلف الكتيبة الثانية بقيادة المقدم عادل جلال بالتوجه لقاطع الباب المعظم لاحتلال وزارة الدفاع ثم تطويق معسكر الحرس الملكي في الكرنتينة لشله عن الحركة وحصار الديوان الملكي في الكسرة.

ث ـ يعين المقدم فاضل محمد علي قائدًا للكتيبة المدرعة الثالثة المكلفة باحتلال الكرخ بالتعاون مع قطعات منتخبة من معسكر الوشاش الذي يقوده الزعيم عبد الرحمن عارف " شقيق عبد السلام عارف" المكلف بالسيطرة على الشوارع والنقاط المهمة في قاطع الكرخ.

عبد الرحمن عارف امر معسكر الوشاش

ج ـ يتوجه الرائد عبد الجواد حامد الجومرد على رأس سرية خاصة للتوجه إلى منطقة الحرثية لحصار قصر الرحاب حيث يقيم الملك فيصل الثاني، وولي عهده الأمير عبد الإله لاعتقالهما .

د – وبعد انجاز المهام الرئيسية والتي روعي ان تتم اغلبها بشكل متزامن يتوجه عبد السلام عارف بنفسه لاذاعة البيان الاول.

وبهذه الخطة المحكمة استطاع عبد السلام عارف إحكام قبضته على بغداد، وتوجه إلى مبنى الإذاعة وألقى بيان الثورة .

وعند بدء تحرك القطعات الروتيني بدأ وكان كل شيء يمر بهدود ورتابة كما خططت له القيادة العامة للقوات المسلحة ، الا ان نذر عاصفة عاتية قد هبت بعد مرور القطعات في بغداد بقيادة اللواء احمد حقي الذي تجاوز بغداد مارا بالفلوجة القريبة حيث نجح الضباط بتنفيذ الخطة للاطاحة بالنظام ، وقد تولى العقيد الركن عبد السلام عارف بفاعلية وشجاعة قيادة القطعات الموكلة له منفذا جميع العمليات الموكلة اليه والتي ادت إلى سقوط النظام الملكي ، وكتب رسالته الشهيره لوالده عند الشروع بالحركة طالباً رضاه والدعاء له بتحقيق النصر او الدعاء له ليتقبله الله شهيدا في حالة وفاته حيث اذاع عارف بنفسه البيان الاول للحركة صبيحة 14 يوليو/ تموز 1958.

في هذه الأثناء كان العميد الركن عبد الكريم قاسم يراقب عن كثب سير الأمور ويشرف على العمليات من مقره في معسكر المنصورية في محافظة ديالى المتاخمة لبغداد ، حيث كان قائدًا للواء التاسع عشر الذي لم يكن مخططا ذهابه مع القطعات الذاهبة للاردن ، فلما بلغه احتلال عبد السلام عارف لبغداد لحق به وسمع من مذياع سيارته صوت عبد السلام عارف وهو يلقي بيان الثورة، وإعلان قيام الجمهورية العراقية. وبعد سماع النباء باذاعة البيان الاول ، خرجت الجماهير عن بكرة ابيها على شكل موجات هائجة ومظاهرات تأييد ومناصرة تملأ شوارع العاصمة والمدن الأخرى واصبح العهد الملكي بين ليلة وضحاها من ذكريات الماضي كما اصبح في تلك اللحظات الحرجة مكروها من غلبية فئات الشعب.

ردود الافعال العربية والدولية

كان وقع الحدث عربيا ودوليا كبيرا وبدرجات متفاوتة حسب مواقف هذه الدولة او تلك ، فتلقت الجمهورية العربية المتحدة النباء كالصاعقة وبعث قادتها برقيات التاييد والدعم حتى ان عبد الناصر القى خطابا خاصاً اعلن فيه ان أي اعتداء على ثورة العراق يعتبر اعتداءُ على الاتحاد " مصر وسوريا" كما ارسل الوفود الرسمية والشعبية لدعم الحركة بضمنها وفد الاحزاب الشعبية بعد اقل من اسبوع داعين ومرحبين لدخول العراق في الاتحاد العربي " الجمهورية العربية المتحدة" ،. اما الولايات المتحدة الاميركية فقد اصدرت اوامرها بانزال قوات الاسطول السادس المتواجد في البحر المتوسط في لبنان للتاهب للدخول إلى بغداد واعادة النظام الملكي بناء على استراتيجية أميركية وضعت بشكل بيان سري وقعة الرئيس الاميركي ايزنهاور عام 1952 يتضمن ضرورة تطويق الاتحاد السوفيتي في الشرق الاوسط بعدد من الدول الحليفة والحفاظ على منابع النفط ولو استلزم احتلالها او احراقها. اما الاتحاد السوفيتي فقد كان من اوائل الدول التي اعترفت بالجمهورية الجديدة.

اما بريطانيا التي تلقت صفعة كبيرة وهي التي خططت للهيمنة على العراق لفترة ثلاثمائة سنة من خلال تطوير علاقاتها التجارية والعسكرية وارسال المبعوثين والتجار والجواسيس ودعم الثورة العربية الكبرى وغير ذلك ، فكانت تعتبر العراق جزءً من بقايا مستعمراتها او الكومنولث ، فقد كان وقع الخبر عليها كاصاعقة وباديء الامر فقدت توازنها السياسي فقامت باعلان انذار لقطعاتها العسكرية في الخليج وخصوصا الكويت والبحرين وبانزال قوات عسكرية اخرى في الأردن بغية التدخل لاعادة الاوضاع في العراق وحماية الأردن من عمل ثوري مشابه ، ثم لاحقاً فضلت استخدام سياسة امتصاص الغضب والتخطيط الهاديء للحفاظ على مكانتها ومصالحها في العراق خصوصا النفطية ، فاستنادا إلى مركز الوثائق البريطانية تم التوقيع على اتفاقية بموجبها تحافظ بريطانيا على مصالحها في العراق بضمنها استمرار عمل شركات النفط البريطانيا . ثم اتفقت بريطانيا مع فرنسا وإسرائيل بلعب ادور سياسية لتقويض الحركة فأخذت في تفتيت التحالف الثوري والوحدوي ، فحرّكت ضدهم التيارات الدينية الإسلامية وأظهرت من خلال وسائل الاعلام الموالية لها الموجهه للتيارات الماركسية والشيوعية بأن اللعبة أمريكية وادعت للوطنيين ارتباط الحركة بالخارج، وبالفعل بدأ الخلاف يبدأ بين أفراد الشعب العربي والعراقي خصوصا الذي انعكس على قادة الحركة المنتمين إلى تيارات مختلفة.

الشارع العربي يتغنى للثورة بالاناشيد الوطنية والثورية

رحب بالحركة الشارع العربي من غير الرسمي والقوى والفعاليات الجماهيرية في الدول العربية المصنفة ضمن القوى التحررية والوحدوية ورحب بها خصوم الملكية فبعثت تلك القوى ببرقيات التاييد وانطلقت مظاهرات التاييد والقيت الخطب الحماسية في التجمعات والساحات في عموم البلاد العربية كما القيت الاشعار والاغاني التي تغنت "بالثورة" الجديدة وانشد اغلب فناني مصر الاغاني والاناشيد الوطنية والقومية دعما للحركة وحبا بالعراق وشعبه اهما انشودة "بغداد ياقلعة الاسود" و "شعب العراق الحر ثار" لام كاثوم ، واناشيد كثيرة للموسيقار محمد عبد الوهاب وشادية وفائزة كامل وكارم محمود وغيرهم تجاوزت خمسة عشر انشودة .

إعلان الجمهورية العراقية

عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والحاكم الفعلي للعراق

اعلنت الجمهورية العراقية ولاول مرة من خلال البيان الاول للثورة ، وكانت هنالك محاولات لصياغة نص البيان الاول ففي المحاولة الفاشلة للتنظيم لقلب نظام الحكم عام 1956 اشترك كل من الشخصيتين المثقفتين الإستاذ محمد صديق شنشل والسيد فائق السامرائي لوضع بعض البنود الخاصة بالبيان الاول للحركة . الا ان فشل المحاولات السابقة لقلب نظام الحكم الملكي ادت إلى اهمال تلك الصيغة من البيان في حينه . وعند الشروع بالحركة بادر عبد السلام عارف بصفته احد قادة التنظيم وعضوا في اللجنة العليا ، بان يتبنى صياغة البيان نظرا لاتقانه اللغة العربية ، وتمتعه بصوت خطابة جهوري ، ونظرا لانه سيقوم بمهمة تنفيذ "الثورة" ، فقد قرر من جانبه وضع البيان واذاعته عند نجاحه بالسيطرة على مبنى دار الاذاعة العراقية . وبعد نجاحه في السيطرة على بغداد اذاع عبد السلام عارف بنفسه البيان الاول. واصبح بعد الان اسم العراق الجمهورية العراقية. وتولى العميد الركن عبد الكريم قاسم منصب رئيس الوزراء ووزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة والعقيد الركن عبد السلام عارف نائب رئيس الوزراء ونائب القائد العام للقوات المسلحة ووزير الداخلية. وتم توزيع الحقائب الوزارية والمسؤليات حسب ادوار الضباط من اعضاء تنظيم الضباط الوطنيين واسهامهم بالحركة.


مقالة رئيسية اعلان الجمهورية العراقية

نهاية الملكية في العراق

بعد اعلان قيام الجمهورية العراقية يكون النظام الملكي قد انتهى حكمه في العراق ، لاسيما قد سيطر الجمهوريون من اعضاء تنظيم الضباط الوطنيين على مقاليد الامور في العراق واحكموا سيطرتهم على جميع المؤسسات والمراكز الحيوية في بغداد والمحافظات ومنها المعسكرين الاستراتيجيين الرشيد في جانب الرصافة والوشاش في جانب الكرخ وبعد السيطرة على وزارة الدفاع والبلاط الملكي والقصر الملكي وقصر نوري السعيد.وقد تم تشكيل محكمة خاصة لمحاكمة رموز العهد الملكي.

الانقلاب الخفي على تنظيم الضباط وتفرد عبد الكريم قاسم في الحكم

مؤسس واعضاء تنظيم الضباط رفعت الحاج سري والطبقجلي واخرين اثناء تنفيذ حكم الاعدام بهم في ساحة ام الطبول

تميز اسلوب عبد الكريم قاسم في تفرده بالحكم بعدة اشهر معدودات من قيام الحركة واعلان الجمهورية ، تمثل جليا من خلال ابعاده لزملائه اعضاء التنظيم والتيارات الوطنية الاخرى المشاركة في الحكم وخصوصا قادة التنظيم وشخوص الثورة وعلى وجه الخصوص عبد السلام عارف ورفعت الحاج سري الدين ونجيب الربيعي وناجي طالب وناظم الطبقجلي وعبد الرحمن عارف وعبد الكريم الفرحان وصبحي عبد الحميد وعبد اللطيف الدراجي ورجب عبد المجيد وعبد الوهاب الشواف وعارف عبد الرزاق وصالح مهدي عماش وابراهيم الداود واحمد حسن البكر وحردان عبد الغفار ، اضافة إلى الوزراء الذين ينتمون إلى تيارات وطنية مختلفة. وتطور الامر إلى تصفية منافسيه ومعارضيه من زملائه من الضباط الاحرار مثل محاولة اعدام عبد السلام عارف وتنفيذ احكام الاعدام بقادة التنظيم الاخرين من امثال ناظم الطبقجلي ورفعت الحاج سري الدين والاجهاز على عبد الوهاب الشواف وهو جريح في المستشفى واعدام مجموعته . وكان اخطر قرارات قاسم والتي جعلت مصداقيته على المحك ، هي اعتقال واصدار حكم الاعدام بالشخصية الوطنية رشيد عالي الكيلاني باشا وهو في سن الرابعة والثمانين.

اما خطواته اللاحقة كانت تتمثل في افساح المجال للشيوعيين بالسيطرة على الحياة العامة ومركز القرار. كان قاسم واثناء الحكم الملكي يميل للتكتل مع خلية تنظيم الضباط الوطنيين من ذوي الميول الشيوعية ومن ذوى الانحدار الفلاحي من طبقة ما يسمى بالشروقيين. حيث كان ميال للسماع عن العقيدة الشيوعية ومعجبا بتجربة الاتحاد السوفيتي. والعديد من المؤرخين والسياسيين يلقون بمسؤولية مقتل الملك وافراد عائلته والطريقة التي تمت بها على كاهل هذه الخلية حيث لم يكن مخططا لها من قبل تنظيم الضباط الوطنيين بأن تكون دموية بذلك الشكل. تحول عبد الكريم قاسم من زعيم للثورة إلى زعيم اوحد ، وشيئا فشيئا تفرد بالسلطة حتى اصبح "دكتاتور" جمع بيده كل السلطات ، فاستحوذ على مركز صناعة القرار وبدأ بجمع الصلاحيات بيده مجرداً اياها من زملاءه . فاصبح هو رئيس الوزراء ووزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة وكان يتباهى بذلك من خلال مقابلاته ووسائل اعلامه التي نعتته "بالزعيم الاوحد" وتصريحاته التي كان يكرر فيها عن اسلوبه في الحكم "بانني اعتبر العراق وحدة عسكرية والشعب هم جنودها". وعند نجاح الحركة وقيام الجمهورية ، حين كان العمل في القيادة جماعيا قبل تفرده بالسلطة سمحت وزارة الداخلية التي كان عبد السلام عارف وزيرا لها بتأسيس بعض الاحزاب مثل الحزب الإسلامي العراقي وحزب الدعوة الاسلامية ، الا ان عبد الكريم قاسم وبعد حصر الصلاحيات بيده الغى هذه الاحزاب ولم يفسح المجال لعمل احزاب جديدة سوى الحزب الشيوعي العراقي الذي شاركه في السلطه.

تم محاكمة الرجل الثاني في الدولة عبد السلام عارف بتهمة الشروع بقلب نظام الحكم عند مجيئة لبغداد على اثر مرض والدة والذي توفي على اثره حيث دحض عارف هذه التهم مبرزا البرقية التي بعثها له اخيه عبد السميع حول ضرورة مجيئه الفوري بسبب مرض والده , ثم تمت محاكمة مجموعة العقيد الشواف الذي حاول التمرد على الحكومة في الموصل ولقي حتفه في المواجهات المسلحة وحوكم من معه بالاعدام والسجن حسب دورهم في التمرد. وقد زج معهم العديد من الخصوم السياسيين بغية التصفية السياسية اهمهم مجموعة العميد الركن ناظم الطبقجلي ثم المحاكمة المثيرة للجدل للشخصية الوطنية رئيس الوزراء الاسبق ورشيد عالي باشا الكيلاني. وقد هزت تصرفات المحكمة مصداقية النظام الجمهوري الجديد وشوهت صورته وكانت مؤشرا لمرحله جديدة من الصراع بين التيارات السياسية المختلفة داخل النظام الجديد والتي انتصر في جولتها الاولى عبد الكريم قاسم ضد خضومة من اعضاء تنظيم الضباط الوطنيين وعلى راسهم عبد السلام عارف وناظم الطبقجلي ومجموعة عبد الوهاب الشواف ثم رشيد عالي باشا الكيلاني. وكانت المحكمة تمثل تيار عبد الكريم قاسم وهو يصفي خصومة من التيارات المعارضة من خلال جلساتها .

التناقض الفكري بين تيارات الضباط الوطنيين والحكومة

برز في حركة 14 يوليو/ تموز 1958 شخصان يتزعمان تيارين مختلفين، هما عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف . كان تيار قاسم مكون من بعض اقاربه واصدقائه من المدنيين والعسكريين من ذوي الرتب غير الرفيعة تربطهم رابطة الانحدار الاجتماعي الواحد حيث جميعهم من نفس طبقة قاسم , في زمن كانت الطبقية الرأسمالية والاقطاعية قد تجذرت في العراق منذ الحكم العثماني التركي والذي كان يمنح الالقاب الاجتماعية كباشا وبك وافندي وهانم الخ , يتمثل هذا التيارا بذوي الميول الماركسية وقسم منهم منتمي الى الحزب الشيوعي واخر ذو ايمان ماركسي فقط او من المعجبين بالتجربة الشيوعية , ومن أهداف هذا التيار هو , مع بقاء العراق دولة بعيدة عن أي عمل وحدوي ، ذلك لان من مباديء الحزب الشيوعي , نقض الاديان والقوميات . عليه رفع هذا التيار شعار او سلك سلوك معارض لانضمام العراق الى الاتحاد العربي المسمى الجمهورية العربية المتحدة , ثم تدريجيا عزل العراق عن محيطه العربي والاقليمي الاسلامي كما سنرى لاحقا. وتم وصم هذا التيار بالتنكر للعهود المقطوعة لتنفيذ الميثاق الوطني لتنظيم الضباط الاحرار وسلك سلوك فوقي ودكتاتوري وابعد كل من يعارضه من التيار المنافس او أي صوت يعلو على صوت عبد الكريم قاسم.

أما تيار عبد السلام عارف فكان اغلب عناصره من اعضاء تنظيم الضباط الوطنيين وكان هدفهم هو تنفيذ مباديء الميثاق الوطني وتطبيق كل ما اتفق عليه الضباط الوطنيين , واغلب انتماء هذا التيار لفكر العروبي الوحدوي حيث أعلن عن رغبته في انضمام العراق الى الجمهورية العربية المتحدة والتي كانت تضم مصر وسوريا آنذاك.

حاول بعض قادة العهد الجمهوري الاشتراك في دولة الوحدة بين مصر وسوريا ، إلا أن عبد الكريم قاسم انفرد بعد عام بالحكم مبعداً عبد السلام عارف من السلطة ، ليحكم العراق طوال خمس سنوات حكمًا فرديًا مطلقًا. وكان مترددًا في سياسته، فأحيانًا يقرِّب إليه الشيوعيين ليضرب بهم القوميين، وأحيانًا أخرى ينقلب عليهم، كما كان مترددًا في سياسته مع الأكراد، حيث أعطاهم بعض الامتيازات التي قررتها الحركة عند قيامها عنما كان العمل جماعيا تنفيذا لمقررات الميثاق الوطني لتنظيم الضباط الوطنيين , ثم اصطدم بهم بعد ذلك بعد تفرده ، مما أدى إلى قيام الثورة الكردية عام 1961 .

يعتقد بعض المؤرخون انه ومنذ الأيام الأولى للحركة التي اطاحت بالنظام الملكي بدأ يظهر التناقض الفكري بين عارف وقاسم وعمق ذلك سياسات كل من الطرفين غير المتحفظة تجاه الطرف الأخر والتي أدت إلى التنافس على زعامة الحركة فيما بينهما , حيث ما لبث ان حصل الخلاف بين عارف وقاسم بسبب تناقض انتماءات الطرفين وبسبب ما اعتبره عبد السلام عارف تفرد العميد عبد الكريم قاسم بالحكم وعزل العراق عن محيطه العربي والاسلامي وكذلك بسبب بعض الاحداث المؤسفة في الموصل و كركوك التي كان مسؤولا عنها قاسم والمليشيات الشيوعية الملتفة حوله بسبب حركة العقيد عبد الوهاب الشواف الانقلابية وسلوكيات محكمة الثورة التي استهانت بالمتهمين واسغلت الحركة كذريعة لمحاكمة وتصفية خصوم قاسم من الاحرار والوطنيين مثل رشيد عالي الكيلاني باشا والعميد ناظم الطبقجلي وغيرهم . ادى هذا الخلاف الحاد الى اعفاء عبد السلام عارف من مناصبه عام 1959، وابعد بتعينه سفيراً للعراق في المانيا الغربية ، وبعدها لفقت له تهمة محاولة قلب نظام الحكم ، فحكم عليه بالاعدام ثم خفف الى السجن المؤبد ثم بالاقامه الجبرية لعدم كفاية الادلة مما ادى الى انتصار رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم في الجولة الاولى ضد خصمه العنيد بابعاده عن مسرح السياسة قابعاً تارةً في السجن ينتظر يوم اعدامه , ورازحاً تحت الاقامة الجبرية في منزله تارةً اخرى حتى يقضي الله امرا كان مفعولا.

تعثر اداء الحكومة داخليا وخارجيا

بعد نجاح الحركة مباشرةً اشترك قادتها في تولي المهام والمسؤوليات بدافع من المصلحة العامة لبناء العراق بعد تركة كبيرة من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والساسية التي ورثها العراق عن الحكم الملكي , وساهم الجميع وعلى قدم المساواة لبناء بلدهم بروح من الاخوية والزمالة التي امتشجت معها ساعات النضال المخمضة بدماء من سبقوهم , بالحماسة الثورية للشباب بالمهام والامال المعقودة لتحقيق تطلعاتهم التي طالما حلموا وحلم الشعب بها . ولكن وكما قيل لاتجري الرياح بما تشتهي السفن , بعد اختلاف قادتها وبروز العميد عبد الكريم قاسم كقائد اوحد في ادارة دفة سفينة الحكم , خبى اشعاع الحركة كثورة وبريقها الاول وخصوصا بعد ساسلة اخطاء غير محسوبة العواقب ارتكبها عبد الكريم قاسم.

لقد بدلت الثورة معالم العراق بشكل جذري وغيرته من نظام قبلي إلى نظام معاصر ، وقضت على نفوذ الاقطاع وجرت إصلاحات جذرية مثل سن قانون الاصلاح الزراعي رغم معارضة بعض الشرائح لاسلوب تنفيذه والذي نقل الفلاح من العبودية إلى التملك والقيام بحملات كبيرة في قطاع التعليم والصحة ، وبناء الاحياء السكنية للفلاحين والكسبة .

الزعيم الاوحد

ولكن اسلوب قاسم في تفرده بالحكم بعدة اشهر معدودات من قيام الحركة واعلان الجمهورية , تمثل جليا من خلال ابعاده لزملائه اعضاء التنظيم والتيارات الوطنية الاخرى المشاركة في الحكم وخصوصا قادة التنظيم وشخوص الثورة وعلى وجه الخصوص عبد السلام عارف ورفعت الحاج سري الدين ونجيب الربيعي وناجي طالب وناظم الطبقجلي وعبد الرحمن عارف وعبد الكريم الفرحان وصبحي عبد الحميد وعبد اللطيف الدراجي ورجب عبد المجيد وعبد الوهاب الشواف وعارف عبد الرزاق وصالح مهدي عماش وابراهيم الداود واحمد حسن البكر وحردان عبد الغفار , اضافة الى الوزراء الذين ينتمون الى تيارات وطنية مختلفة. وتطور الامر الى تصفية منافسيه ومعارضيه من زملائه من الضباط الاحرار مثل محاولة اعدام عبد السلام عارف وتنفيذ احكام الاعدام بقادة التنظيم الاخرين من امثال ناظم الطبقجلي ورفعت الحاج سري الدين والاجهاز على عبد الوهاب الشواف وهو جريح في المستشفى واعدام مجموعته . وكان اخطر قرارات قاسم والتي جعلت مصداقيته على المحك , هي اعتقال واصدار حكم الاعدام بالشخصية الوطنية رشيد عالي الكيلاني باشا وهو في سن الرابعة والثمانين.

اما خطواته اللاحقة كانت تتمثل في افساح المجال للشيوعيين بالسيطرة على الحياة العامة ومركز القرار. كان قاسم واثناء الحكم الملكي يميل للتكتل مع خلية تنظيم الضباط الوطنيين من ذوي الميول الشيوعية ومن ذوى الانحدار الفلاحي من طبقة ما يسمى بالشروقيين. حيث كان ميال للسماع عن العقيدة الشيوعية ومعجبا بتجربة الاتحاد السوفيتي. والعديد من المؤرخين والسياسيين يلقون بمسؤولية مقتل الملك وافراد عائلته والطريقة التي تمت بها على كاهل هذه الخلية حيث لم يكن مخططا لها من قبل تنظيم الضباط الوطنيين بأن تكون دموية بذلك الشكل. تحول عبد الكريم قاسم من زعيم للثورة الى زعيم اوحد , وشيئا فشيئا تفرد بالسلطة حتى اصبح "دكتاتور" جمع بيده كل السلطات , فاستحوذ على مركز صناعة القرار وبدأ بجمع الصلاحيات بيده مجرداً اياها من زملاءه . فاصبح هو رئيس الوزراء ووزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة وكان يتباهى بذلك من خلال مقابلاته ووسائل اعلامه التي نعتته "بالزعيم الاوحد" وتصريحاته التي كان يكرر فيها عن اسلوبه في الحكم "بانني اعتبر العراق وحدة عسكرية والشعب هم جنودها". وعند نجاح الحركة وقيام الجمهورية , حين كان العمل في القيادة جماعيا قبل تفرده بالسلطة سمحت وزارة الداخلية التي كان عبد السلام عارف وزيرا لها بتأسيس بعض الاحزاب مثل الحزب الإسلامي العراقي وحزب الدعوة الاسلامية , الا ان عبد الكريم قاسم وبعد حصر الصلاحيات بيده الغى هذه الاحزاب ولم يفسح المجال لعمل احزاب جديدة سوى الحزب الشيوعي العراقي الذي شاركه في السلطه.

خطوات اضافية نحو التفردوالانعزال

• لم يمنح مجلس السيادة الصلاحيات واحاله الى واجهة شكلية ليس بيدها لا سلطة تنفيذية ولا تشريعية . • وقف حائلاً امام انتخاب رئيس الجمهورية , وبقي المنصب معلقاً في عهده. • كما عطل تأسيس المجلس الوطني لقيادة الثورة كما كان متفقاً عليه في تنظيم الضباط الوطنيين "الاحرار". • وحل مجلسي النواب والاعيان للحكم الملكي , ولم يفسح المجال لانتخاب مجلس نواب جديد. • اصدر احكام اعدام وسجن لغرض التصفية السياسية بحق قيادات حركة / ثورة1958 من زملاءه واعضاء تنظيم الضباط الوطنيين .

شملت التصفيات اي شخصية وطنية يعلو صوتها على صوت عبد الكريم قاسم , فلفق التهم لبعضهم وزجهم بالسجون واعدم البعض الاخر مستغلا حركة عبد الوهاب الشواف الانقلابية كذريعة لهذه التصفيات , اما الذين قاموا فعليا بالحركة فقد تم قتلهم مباشرة بالقصف المباشر بالطائرات , والبعض الاخر احيلوا الى المحكمة الخاصة "محكمة الشعب" حيث تم زج الكثيرين ممن ليس لهم علاقة بحركة الشواف وتعذيبهم ثم اعدامهم. ومن ابرز المعدومين العميد الركن ناظم الطبقجلي والعقيد رفعت الحاج سري الدين ومجموعة من رفاقهم , واصدار احكام الاعدام التي لم ينفذها بسبب الضغوطات الشعبية بحق كل من الشخصية الوطنية رشيد عالي الكيلاني باشا والعقيد الركن عبد السلام عارف.

وبدء يعمل على عسكرة الدولة من خلال السيطرة على الشركات والمؤسسات العامة بواسطة تعين ضباط من الجيش مدراء لها ، وقد ركز اهتمامه على تقوية وتطوير المؤسسة العسكرية وأهمل تنمية القطاع الاقتصادي . حيث تميز شكل دولة العراق بالحكومة العسكرية التي طبقت الاحكان العرفية العسكرية على الشارع والحياة المدنية. فكان الحاكم الفعلي للعراق ليس مجلس الوزراء او مجلس السيادة بل الجيش من جهة والشيوعيون من جهة ويتراسهم عبد الكريم قاسم.

ثم جاء تشكيل المحكمة العسكرية الخاصة العليا او ما إشتهرت بإسم محكمة المهداوي التي وصفت بكونها محكمة "هزيلة" , شكلت اساسا لمحاكمة اركان النظام الملكي وايضا جيء بالكثير ممن ليس لهم علاقة بمركز القرار واعدم الكثيرين مجرد لانهم كانوا مسؤولين في النظام الملكي . يرى المعارضون لطريقة سير تلك المحكمة ان المحكمة و بسبب رئيسها المقدم فاضل عباس المهداوي وادعائها العام العقيد ماجد محمد امين كانت منبرا و واجهة اعلامية للحكومة واستخدمت فيها وسائل تعذيب واهانة الموقوفين وكثيرا ما كان رئيس واعضاء المحكمة ينحدرون بالسباب والشتائم وتلفيق التهم بالشبهة واثناء البث المباشر على شاشات التلفزيون.

كما ادى فسح عبدالكريم قاسم المجال للحزب الشيوعي ومليشياته بالعبث بامن الدولة والمواطنين وتمكينهم من المناصب الهامة في الوزارة والجيش ومستشارية لاخر يوم في نظام حكمه مثل العميد الطيار جلال الدين الاوقاتي الذي قتل صباح يوم الحركة وطه الشيخ مدير العمليات في وزارة الدفاع وفاضل المهداوي رئيس المحكمة الخاصة الذين اعدما معه. كما قامت المليشيات الشيوعية المسماة بالمقاومة الشعبية بارتكاب اعمل عنف مؤسفة كقتل وتعذيب معارضيهم وسحل الكثيرين بالشوارع وتعليقهم على اعمدة الكهرباء. والقيام بمداهمة واحتلال المنازل والمؤسسات الحكومية والمعسكرات والعبث بها بمساعدة العامة من الدهماء كما حدث من مجازر وتجاوزات على حقوق الإنسان في الموصل وكركوك. كما لعبوا بسياسة الدولة الداخلية والخارجية ومنعوا اي تقارب مع الدول العربية او تحقيق اي وحدة عربية والتي كانت حلم الجماهير التي تعتبرها ضرورة للوقوف بوجة القوى الكبرى للنيل من الثورة. واجه قاسم إنتقادات من المراجع الدينية المحافظة التي لم تكن مع بعض القرارات التي كانت تعتبر تغيرات جذرية سريعة نحو العلمانية في دولة لاتزال تتمسك بالعرف الديني و العشائري ومن أشهر هذه القرارات قانون الاحوال الشخصية الذي ضمن للمرأة حقوق واسعة بعيدة عن التشريع الاسلامي ومستوحاة من الفكر الماركسي و قانون الاصلاح الزراعي حيث انتزع الاراضي العقارية من مالكيها ووزعها على الفلاحين والمهاجرين من الشروقيين والذي اصدرت المراجع الدينية الشيعية بضمنها الحوزات الدينية الشيعية والمراجع السنية بيانات شجبها ومنافاتها للشريعة الاسلامية. استغلاله لمنصبه بتولية المناصب الهامة لافراد عائلته واصدقائه واقاربه دون وازع من الكفائة او المهنية حيث نصب ابن خالته المقدم فاضل عباس المهداوي بمنصب رئيس المحكمة العسكرية العليا الخاصة. كما ميز بعض افراد عائلته بمنح اشقائه وشقيقاته الدور السكنية الراقية مجانا مع كبار القادة العسكريين وجعل اخيه الكاسب المعدم المتنفذ الملقب ب "البرنس " حامد قاسم مشرفا على توزيع اراضي الاصلاح الزراعي على الفلاحين والتي جمع منها اموالا طائلة اصبح على اثرها من الاثرياء حيث اقر بذلك بعد الاطاحة بحكومة قاسم اثناء محاكمته وسجن لمدة عامين وظهر بعد فتره من كبار تجار العراق " رشح نفسه لرئاسة غرفة تجارة بغداد عام 1968". لم يؤمم نفط العراق في ضروف مواتية بعد تعالي الصيحات المنادية بالتاميم وذلك بعد تاميم ايران "مصدق" للنفط ومصر "عبد الناصر" لقناة السويس. واكتفى كبديل بتبني اقتراح وزارة النفط باصدار القانون رقم 80 الذي فسح المجال للعراق باستكشاف حقول نفطية جديدة. ميوله الطائفية والعرقية بتفضيل طائفة على اخرى وقومية على اخرى حيث استغل قانون الاصلاح الزراعي وانتزع الاراضي العقارية من مالكيها ووزعها على الفلاحين والمهاجرين الشروقيين وذلك لانتماء اسرته لهذه الفئة. كما دعم المهاجرين الذين كانوا يعملون فلاحين لدى الاقطاع وساواهم بالفلاحين العرب العراقيين ووهبهم الاراضي الزراعية والدور السكنية ليضمن دعمهم له .

نقضه لقرار تنظيم الضباط الاحرار والميثاق الوطني بحل القضية الكردية والتي تم اتخاذ اجراءات لحلها عندما كان العمل جماعيا بداية الحكم الجكهوري وتمثل بدعوة الشخصية الكردية الملا مصطفى البارزاني للعراق , الا اه وبعد تفرد قاسم ضرب الاكراب والب عليهم العشائر العربية في الموصل وكركوك لاضطهادهم والتنكيل بهم وارسل القطعات العسكرية للنيل منهم عام 1961 بما يعرف بالثورة الكردية.


التعثر في السياسة الخارجية

لم تكن سياسة قاسم الخارجية مبنية على اساس واضح المعالم منطلقة من اساس فكري ولا من برنامج عمل منظم , فقد تميزت بالكيفية والمزاجية منطلقة من " الانا" او النرجسية الذي ميزت حقبة قاسم انعكس ذلك بشكل قوي في وضع نفسه بشكل منافس ومعارض ثم خصم وند للرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي كان يتمتع بشعبية كبيرة ليس في مصر فقط بل في العراق ومجمل بلدان الوطن العربي, لاسباب تتعلق بنجاحه في قيام الجمهورية في مصر وتحويلها الى بلد مناهض للهيمنة الغربية وقيامه بتاميم قناة السويس عام 1956 وصد العدوان الثلاثي ودعوته لقيام اتحاد عربي باسم الجمهورية العربية المتحدة . حاول قاسم الظهور بمظهر زعيم الامة العربية حيث حاول منافسة عبد الناصر بدعم ثورة الجزائر ودعم المغرب وطالب بضم الكويت ليس بصيغة الوحدة العربية المتكافئة بل باسلوب ضمها الى العراق عندما أرسل برقية إلى شيخ الكويت في 20/6/1961 يبلغه بها الغاء اتفاقية 1899 الموقعه بين بريطانيا وقائمقام الكويت ، ابلغه ان الكويت ارض عراقية وقد عقد مجلس الوزراء العراقي عدة جلسات لمناقشة كيفية احتلال الكويت ، الاان طلب بريطانيا تعليق الموضوع حسم الموقف لاسيما وان القوات البريطانية كانت رابضة على مقربة من الكويت في البحرين. اما الكويت فمن جانبها قدمت شكوى للجامعة العربية التي قررت حلها ضمن اروقة الجامعة العربية مما ادى الى امتعاض قاسم و"زعله" حيث لم يجد صدى لزعامته العربية فقرر الانكفاء وعزل العراق عن محيطه العربي والاسلامي.

وقد غلبت على سياسته الخارجية بتبني مواقف مناقضة او منافسة لسياسة عبد الناصر حيث الغى عبد الكريم قاسم عضوية العراق في جامعة الدول العربية واسائت علاقات العراق مع اغلب الدول العربية لاسباب غامضة . واخذ بدلا عن ذلك بتنمية علاقاته مع المعسكر الشيوعي بنائا على مشورة الحزب الشيوعي الذي طالما لعب دورا في سياسة قاسم الداخلية والخارجية.

ومن العوامل الاساسية لعزل العراق عن محيطة الاقليمي العربي والاسلامي هي عدم ايمانه بالوحدة العربية ولا بالشريعة الاسلامية واعتراضه على الانضمام الى الاتحاد العربي المسمى الجمهورية العرابية المتحدة عام 1958 عند زيارة وفد شعبي من الجمهورية العربية المتحدة للعراق للتهنئة والمساندة والدعوة للانظمام للاتحاد الى احباط كبير لدى المواطن العراقي واعضاء تنظيم الضباط الوطنيين "او الاحرار" ذلك لانهم اقسموا جميعا عند نجاح الثورة بان يسعوا لانظمام العراق للاتحاد . وكانت مقولة عبد الكريم قاسم لها اثرها السلبي في النفوس وهو في مستهل تبوئه لمنصب رئاسة الوزراء ولم تكن هنالك اي مشكلات سياسية بين بغداد والقاهرة , عندما قال "لن اكون تابعا لاحد" مما ادى برئيس الاتحاد جمال عبد الناصر بادلائه بتصريح قال فيه " على الرغم من ان ميثاق الجمهورية العربية المتحدة ينص على اجراء الانتخابات الحرة لاختيار رئيس الاتحاد الا انني ومن موقعي هذا اتنازل عن رئاسة الاتحاد لفسح المجال امام العراق بلانظمام للجهورية العربية المتحدة مثلما تنازل من قبل الاخ الرئيس السوري القوتلي وبهذه المناسبة اتشرف بدعوة الاخ رئيس الوزراء العراقي الزعيم عبد الكريم قاسم لزيارة القاهرة لترتيب توليه رئاسة الاتحاد". كان لهذا التصريح صدى كبير في الشارع العراقي والعربي الا ان عبد الكريم قاسم مرة ثانية صرح باجابه محبطة قائلا " لن اذهب الى القاهرة ربما سيتم خطفي اوقتلي". فاحس المواطن هنالك سياسة مبيتة مبنية على الاصرار بالابتعاد عن المحيط العربي. وتعزز هذا الاعتقاد عند تنامي الخلافات مع دول العربية المحيطة بالعراق حيث بدأت تسوء العلاقات بين عبد الكريم قاسم والعاهل السعودي فيصل والرئيس السوري القدسي "قبل مجيء البعثيين لسوريا" والملك حسين بن طلال عاهل الاردن والرئيس المصري عبد الناصر علاوة على امير الكويت الشيخ مبارك آل صباح حيث دعا الى ضم إمارة الكويت والتي قررت بريطانيا الانسحاب منها بعد ان كانت تحت وصايتها. وفي عام 1961 وبعد تنامي عزله العراق عن الدول العربية والاسلامية , قرر عبد الكريم قاسم الانسحاب من الجامعة العربية , وعوضا عن ذلك بدأ ينمي علاقاته مع تركيا وايران ومنظومة الدول الشيوعية بزعامة الاتحاد السوفيتي.

كان عبد الكريم قاسم دائم التدخل في اعمال وزير الخارجية هاشم جواد الذي لم يتميز بالدبلوماسية والعمق السياسي , وحيث واجهت سياسة العراق الخارجية عدة أزمات خطيرة ، كان من أهمها الأزمة التي أثارها مع الكويت عند استقلالها في 19 يونيو/ تموز 1961، حيث طالب بضم الكويت إلى العراق، ولكن الجامعة العربية استطاعت أن تسيطر على الأزمة وتحتويها لتُحل في إطار عربي مما ادى الى "زعل" قاسم وانفعاله مقررا سحب عضوية العراق من الجامعة العربية وقطع علاقاته الدبلوماسية مع العديد من الدول العربية التي وقفت مع الحل العربي, وقد عزلت هذه الأزمة العراق وظهر بمظهر المتخبط في السياسة الخارجية.


الا ان دار الوثائق البريطانية قد كشفت عن العديد من الوثائق السرية عن ابرام عبد الكريم قاسم لعدد من الاتفاقات واهمها المعاهدة مع بريطانيا والخاصة برعاية المصالح البريطانية باعتبارها الدولة العظمى في ذلك الوقت وذات الوصاية الاستعمارية السابقة على العراق , ولقاءاته السرية مع السفير البريطاني التي وصلت الى حد زيارته بالزورق البخاري من الباب الخلفي للوزارة المطل على نهر دجلة حيث كانت السفارة البريطانية تقع في الجهة المقابلة للنهر في منطقة الشواكة , وقد اشار مؤسس تنظيم الضباط الوطنيين " الاحرار" رفعت الحاج سري الدين اثناء محاكمته بانه يطلب من المحكمة ان تسال الحكومة ورئيسها , لمصلحة من تعقد الاجتماعات وتبرم المعاهدات السرية مع السفارة البريطانية. وبعد نجاح حركة 8 فبراير / شباط 1963 كشفت الصحف في حينها بعض من هذه الاتفاقيات.


الاضرابات اليومية

وبسبب تفتقم الوضع الداخلي الاقتصادي والاحتقان الاجتماعي والسياسي بسبب ابعاد وتنحية اعضاء تنظيم الضباط الوطنيين وعدم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في ميثاق العمل الوطني للتنظيم وسلسلة الاعدامات للشخصيات المعروفة والوطنية وتداعيات المحكمة العسكرية واسلوبها المهين وسياسة الحكومة وممثليها من الوزراء في قمع القوى المعارضة , وتبني الاجراءات وقرارات القريبة من التطبيقات الشيوعية كقانون الاحوال الشخصية ومصادرة الاراضي الزراعية ذات الملكية الصرفة من اصحابها وتوزيعها على الفلاحين الذين يعملون لديهم بالاجرة , علاوة على تمكين المليشيات والتنظيمات الشيوعية من الحكم والتي كانت تتصرف باسلوب استفزازي بعم احترامها للمشاعر الدينية في المناسبات المقدسة واهانة رجال الدين والمصحف الكريم من خلال ممارساتها اليومية ومن خلال المسيرا والمظاهرات ذات الطابع الاستفزازي التي عرفوا بها مما ادى الى امتعاض العديد من المرجعيات الدينية من كافة الطوائف والاديان .وكذلك بسبب تخبط الحكومة في السياسة الخارجية التي توجت بعزل العراق عن محيطه العربي والاسلامي بعد قطع العراق لعلاقاته الدبلوماسية مع العديد من الدول العربية ومنها دول الجوار العربي , وقرار رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم الارتجالي بسحب عضويته من الجامعة العربية , مما ادى الى ايقاف برامج التعاون واتفاقيات المبرمة والخاصة بالعديد من الجوانب التجارية والاقتصادية والاستيراد والتصدير وغيرها. وكذلك ايضا بسبب سياسة الحكومة بعزل العراق دوليا من خلال اقتصار العلاقات الدولية مع الاتحاد السوفيتي ومنظومة الدول الشيوعية المتحالفة معه , كل تلك العوامل وغيرها اججت مشاعر الجماهير والطبقات المثقفة التي انطلقت في اضرابات يومية متخصصة , كاضراب المعلمين ثم اضراب الطلبة ثم اضراب العمال ثم اضراب الموظفين وهكذا , واصبح نظام الحكم مترنحا وقاب قوسين او اكثر من الانهيار , جراء عزلته الداخلية والخارجية , ولم يبقى مع النظام سوى المليشيات الشيوعية , وبعض القطعات العسكرية من التي تدين بالولاء لشخص رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم , وبعض الطبقات الفلاحية من المستفيدين من حكمه بسبب ما قدمه لها من امتيازات.

حركة 8 فبراير/ شباط وسقوط حكومة عبد الكريم قاسم

تحالفت عدد من القوى السياسية والعسكرية من اعضاء تنظيم الضباط الوطنيين لحركة يوليو / تموز 1958كالتيارات المختلفة لحزب البعث وبعض التنظيمات والشخصيات القومية والمستقلة , مع بعض الشخصيات العسكرية من الاعضاء السابقين لتنظيم الضباط الوطنيين لحركة 14 يوليو / تموز 1958 والذين اعادوا تفعيل التنظيم مجددا وقيادات عسكرية اخرى من المعارضين لسياسة عبد الكريم قاسم , وقامت بحركة لقلب نظام الحكم في 8 فبراير / شباك 1963 , واصبح المشير عبد السلام عارف رئيسا رمزيا للجمهورية واللواء احمد حسن البكر احد زعماء حزب البعث البارزين رئيسا للوزراء. وتم تشكيل محكمة خاصة عاجلة كان لتيار علي صالح السعدي المتشدد في البعث اثره في اصدار احكام الاعدام برئيس الوزراء عبد الكريم قاسم ورفاقه .

انظر مقال حركة 8 شباط 1963

تقييم حركة 1958

Iraq Map.jpg
العراق
تاريخ العراق
تحرير

بغية تقييم الدروس المستخلصة من قيام ثورة 1958 وادائها والمنجزات التي حققتها والاخفاقات المحسوبة على ادائها لابد من الرجوع إلى الاطار النظري الذي تضمن مباديء تنظيم ضالضباط الوطنيين " او الاحرار" ومقررات محاضر جلساته حول ما المطلوب من "الثورة" وماهي سياسة الجمهورية العراقية داخليا وخارجيا . ومن الذي سيحكم العراق وما هي معايير الحكم .

لتقييم حركة 1958 ، لابد من وقفة استباقية لتقييم اداء الحكم الملكي ، ومن ثم التعرف على حيثيات الاحداث والغطاء الشرعي للحكم الجمهوري ، وهل من الضرورة اساسا قيام الحركة ام لا . بعد ذلك يمكن الدخول في موضوع تقييم حركة 1958 وادائها.

فالحكم الملكي ومنذ تأسيسه كان يحمل بين جنباته النقيضين النزعة الوطنية من جهة وممالاة النفوذ البريطاني والمستعمر السابق ذو اليد الطولى في العراق والمنطقة من جهة ثانية . ويتجاذب هاذان النقيضان استناداً لاهواء هذا الملك او ذاك أو انتماءات وبرامج هذه الوزارة او تلك.، وعلى هذا الاساس يمكن تقسيم فترة حكم النظام الملكي إلى حقبتين متعارضتين في التوجهات السياسة والعقائدية والبنى الاستراتيجية . فتمثلت الحقبة الاولى- او المملكة العراقية الاولى بكونها فترة تأسيس الدولة العراقية بالنزعة الوطنية وحركة لبناء والعمران المتسارعة ، فقد عرف الملك فيصل الاول 1921 – 1933 برجاحة عقلة ودبلوماسيتة في سياسته الداخلية والخارجية خصوصا مع الانجليز الا ان توجهات الملك غازي الاول 1933 – 1939 الوطنية والاكثر صرامة ومن ثم وزارة رشيد عالي الكيلاني باشا 1941 المناهضة للمد البريطاني.

أما الحقبة الثانية – او المملكة العراقية الثانية ، فتتمثل في مرحلة ما بعد خروج القوات البريطانية في اعقاب الحرب العالمية الثانية ، واسقاط حكومة الانقاذ برئلسة الكيلاني باشا . حيث استهلت بتشكيل نوري السعيد باشا لوزارته بوطنيته من جهة وولائه للحكومة البريطانية من جهة اخرى ، وتميزت هذه الحقبة بولاية الوصي على العرش سمو الأمير عبد الإله الهاشمي ومن بعده الملك فيصل الثاني .حيث اتسمت حركة التنمية بوتيرة منخفضة ، فسادت اجواء التخلف وتباطوء حركة البناء والعمران تحول الحياة السياسية إلى حالة من الركود حيث انتابت الحركة النيابية الجمود واصبح البرلمان لعبة بيد مراكز القوى السياسية كنوري السعيد وعبد الاله ، اما الاحزاب والقوى الوطنية فقد انحسر دورها ، وطفت على السطح الاحزاب الشكلية الخاوية من ايديولوجيات او برامج العمل. كما اتهم الحكم الملكي باضطهاد الاحرار والوطنيين من قادة الثورة الوطنية في مايو / مايس 1941 واصدار احكام الاعدام بحقهم ، وربط العراق باحلاف سياسية ومعاهدات جائرة مع بريطانيا مست سيادته وهدرت ثرواته الوطنية ، دون النظر إلى المصلحة العراقية الوطنية. كما كانت تتهم حكومات وزعامات الحكم الملكي بفساد النخبة السياسية من غير الملك وعائلته ، وانتشار المحسوبية والفساد الاداري والمالي . وكذلك يؤخذ على الحكم الملكي عدم حل المشكلات الداخلية كالتلكوء بمنح الاقليات الحقوق الثقافية ، على الرغم من الاسهام السياسي الواسع للاقليات العرقية والطائفية في الحكم.

وعلى الصعيد الخارجي اثرت السياسات والصراعات الداخلية على المواقف العربية ، فبدأ الحكم الملكي يتخذ مواقف هدفها تنفيذ المصالح البريطانية في المنطقة على حساب مصالح بعض الدول العربية كعدم الجدية في الوقوف مع القضايا العربية التي تمس الامن الوطني العراقي كانشاء "إسرائيل" على ارض فلسطين وخسارة الحرب الفلسطينية الاولى عام 1948 ، على الرغم من المشاركة الواسعة والفاعلة للجيش العراقي ، الا ان تدخل الحكومات قوض النصر الحاسم في المعركة. ، وكذلك عدم الجدية بالوقوف مع مصر في العدوان الثلاثي عليها وحملة العداء على سوريا والتوتر مع السعودية .

اتفق الضباط الوطنيين على جملة مباديء تم صياغتها في ميثاق العمل الوطني من اهمها ,تشكيل مجلس السيادة ليتراس الدولة بصورة مؤقتة ، يتمتع بسلطة رئيس الجمهورية وبكامل صلاحياته ، ريثما يتم استفتاء الشعب وخلال ستة اشهر لانتخاب منصب رئيس الجمهورية ويضم اعضاء من تنظيم الضباط الوطنيين وعضوية شخصيات وطنية.

واهم المباديء التي اقرها التنظيم هي ، ضرورة اعلان الجمهورية والغاء الملكية وتشكيل حكومة من الضباط والسياسيين الوطنيين من مختلف الفئات والتيارات الممثلة للمجتمع العراقيوكذلك اعلان تشكيل مجلس تشريعي يدير البلاد باسم المجلس الوطني لقادة الثورة ويكون في عضويته تنظيم الضباط الوطنيين واعلان حل مجلسي النواب والاعيان والدعوة لانتخابات برلمانية جديدة لانخاب اعضاء جدد للمجلسين اضافة إلى فسح المجال للاحزاب الوطنية بالعمل على والتمسك بالوحدة الوطنية العراقية الكاملة لكافة الاعراق والطوائف والقوميات بشكل متاخي من خلال منح حقوق جميع فئات الشعب الحقوق الثقافية كما اكدوا على مبدأ الأخوة مع الدول العربية والإسلامية .واعلنوا بان العراق يسعى إلى تحرير اقتصاده من خلال تأميم ثرواته وخصوصا النفطية وان العراق دولة من دول عدم الانحياز ولا يتكتل او يتحالف مع أي من القوى العظمى و مناهضة المد الشيوعي التواق للهيمنة على العالم سياسيا واقتصاديا كما اعلن قادة الحركة بان الجمهورية العراقية تكفل حرية العمل الصحفي وذلك بمنح الصحف والاجنبية المحلية بالعمل.كما يحترم العراق حق الاديان ويعتبر الاسلام اساس التشريع في الدولة والقانون.

انظر ميثاق العمل الوطني

وعند الاطلاع على مقدار ما تم تحقيقه من لتلك المباديء التي اتفق عليها تنظيم الضباط الوطنيون او على الاقل المشاركين منهم في الحركة سنجد بانه لم يتحقق منها سوى النزر اليسير وقسم اخر تحقق بشكل مشوه عما اجمع عليه . ربما مرد ذلك للخلافات والصراعات الايديولوجية وحب الهيمينه لدى غالبية قادة الحركة والتي لم تكن ظاهرة اثناء العمل السري للتنظيم ابان الحكم الملكي. فعند قيام الثورة اشترك قادتها على قدم المساواة لبنائها ولكن بعد اختلاف قادتها وبروز العميد عبد الكريم قاسم كقائد اوحد في ادارة دفة سفينة الحكم خبى اشعاع الثورة وبريقها الاول وخصوصا بعد ساسلة اخطاء ارتكبها غير محسوبة العواقب .بدلت الثورة معالم العراق بشكل جذري وغيرته من نظام قبلي إلى نظام معاصر ، وقضت على نفوذ الاقطاع وجرت إصلاحات جذرية مثل سن قانون الاصلاح الزراعي رغم معارضة بعض الشرائح لاسلوب تطبيقه ، والذي نقل الفلاح من العبودية إلى التملك والقيام بحملات كبيرة جدا في قطاع التعليم، وبناء الاحياء السكنية. وعلى هذا الاساس يمكن تقييم اداء حكومة الحركة بتقسيم فترة حكم الحركة إلى فترتين للوقوف على الحقائق بشكل موضوعي ومنصف وكما يلي:

1.أداء حكومة الحركة أو "الثورة" من إعلانها في 14 يوليو / تموز 1958 ولغاية ابريل/ نيسان عام 1959 ، حين كان العمل جماعيا للقادة المنفذين للحركة من أعضاء تنظيم الضباط الوطنيين. حيث تم اقرار الكثير من المنجزات لصالح الوطن وفئات المجتمع بشكل عام. كان لحركة او ثورة 1958 عميق الاثر على واقع العراق الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والتنموي كما كان لها الاثر الهام في منطقتها العربية واهم منجزاتها الخروج من حلف السنتو وتبني منهج تقدمي مناصر لحركات التحرر العربية والاجنبية ، وقامت الثورة بحملة من الاعمار والبناء .

2.أداء الحكومة لما بعد ابريل/ نيسان عام 1959 حيث تركزت السلطات بيد رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم بعد اقصاء باقي زملاءه من الحكم واعدام البعض الاخر. مما تسبب تردي الوضع الداخلي بسبب عدم تنفيذ مبادئ الميثاق العمل الوطني للتنظيم وقمع القوى المعارضة ، والانحياز للمليشيات والتنظيمات الشيوعية والتطبيقات الشيوعيةفي الحكم و تخبط الحكومة في السياسة الخارجية التي توجت بعزل العراق بعد قطع علاقاته الدبلوماسية مع العديد من الدول العربية ، وقرار رئيس الوزراء بسحب عضويته من الجامعة العربية ، مما تسبب بتاجيج مشاعر الجماهير التي انطلقت في اضرابات يومية سرعت من انهيار النظام في حركة 1963 . وكما لكل حركة إيجابيات ، فإن لها أيضا سلبيات . منها فسح المجال للتيارات الشيوعية بالسيطرة على الحياة العامة ومركز القرار .والطريقة التي تم بها القضاء على العائلة الملكية من قبل تلك التيارات المتداخلة في الجيش ، حيث لم يكن مخططا لها أن تكون دموية. تعرض رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم لإنتقادات عديدة من رفاقه في تنظيم الضباط الوطنيين ومن خصومه، فمارس الفردية والدكتاتورية بامتياز وكان يتباهى بذلك من خلال مقابلاته ووسائل اعلامه التي نعتته "بالزعيم الاوحد" وتصريحاته التي كان يكرر فيها عن اسلوبه في الحكم "بانني اعتبر العراق وحدة عسكرية والشعب هم جنودها" ومحاولة إبعاد خصومه وتصفيتهم وحملات الاعدام والتنكيل بالمعارضين وإبعاد العراق عن محيطه العربي من خلال معارضته لاي مشروع وحدوي مع الاقطار العربية المجاورة تلك الرغبة التي كانت حلم الجماهير وقتذاك والتي كانت ترى فيها ايضا حماية الثورة من مناهضيها كبريطانيا وإسرائيل . وادى اعتراضه على الانضمام إلى الاتحاد العربي المسمى الجمهورية العرابية المتحدة عام 1958 عند زيارة وفد شعبي من الجمهورية العربية المتحدة للعراق للتهنئة والمساندة والدعوة للانظمام للاتحاد إلى احباط كبير لدى المواطن العراقي واعضاء تنظيم الضباط الوطنيين "او الاحرار" ذلك لانهم اقسموا جميعا عند نجاح الثورة بان يسعوا لانظمام العراق للاتحاد . وكانت مقولة عبد الكريم قاسم لها اثرها السلبي في النفوس وهو في مستهل تبوئه لمنصب رئاسة الوزراء ولم تكن هنالك اي مشكلات سياسية بين بغداد والقاهرة ، عندما قال "لن اكون تابعا لاحد" مما ادى برئيس الاتحاد جمال عبد الناصر بادلائه بتصريح قال فيه" على الرغم من ان ميثاق الجمهورية العربية المتحدة ينص على اجراء الانتخابات الحرة لاختيار رئيس الاتحاد الا انني ومن موقعي هذا اتنازل عن رئاسة الاتحاد لفسح المجال امام العراق بلانظمام للجهورية العربية المتحدة مثلما تنازل من قبل الاخ الرئيس السوري القوتلي وبهذه المناسبة اتشرف بدعوة الاخ رئيس الوزراء العراقي الزعيم عبد الكريم قاسم لزيارة القاهرة لترتبي توليه رئاسة الاتحاد". كان لهذا التصريح صدى كبير في الشارع العراقي والعربي الا ان عبد الكريم قاسم مرة ثانية صرح باجابه محبطة قائلا " لن اذهب إلى القاهرة ربما سيتم خطفي اوقتلي". فاحس المواطن هنالك سياسة مبيتة مبنية على الاصرار بالابتعاد عن المحيط العربي. وتعزز هذا الاعتقاد عند تنامي الخلافات مع دول العربية المحيطة بالعراق حيث بدأت تسوء العلاقات بين عبد الكريم قاسم والعاهل السعودي فيصل والرئيس السوري القدسي "قبل مجيء البعثيين لسوريا" والملك حسين بن طلال عاهل الأردن والرئيس المصري عبد الناصر علاوة على امير الكويت الشيخ مبارك آل صباح حيث دعا إلى ضم إمارة الكويت والتي قررت بريطانيا الانسحاب منها بعد ان كانت تحت وصايتها. وفي عام 1961 وبعد تنامي عزله العراق عن الدول العربية قرر عبد الكريم قاسم الانسحاب من الجامعة العربية ، وعوضا عن ذلك بدأ ينمي علاقاته مع تركيا وإيران ومنظومة الدول الشيوعية بزعامة الاتحاد السوفيتي. وبصرف النظر عن وجهة نظر المعجبين به ومحبيه فان التحليل المنصف والمحايد يشير ان الحركة عامل ايجابي في حياة العراق السياسية وان صناع الحركة ومن اسهم فيها كان لهم الفضل بجني ثمارها وهي الانجازات المميزة لتلبية طموحات الشعب.

ومن قادة الحركة المؤثرين وحسب ادوارهم في القيام بالحركة: العقيد عبد السلام عارف العميد عبد الكريم قاسم العميد ناظم الطبقجلي العميد ناجي طالب العقيد رفعت الحاج سري العقيد عبد الوهاب الشواف العقيد الطيار عارف عبد الرزاق العميد عبد الرحمن عارف الفريق نجيب الربيعي المقدم صالح مهدي عماش.

المصادر العربية

• د.جلال النعيمي ، حكام العراق .دار النهضة . 2001 .

• عبد الرزاق أحمد النصيري، نوري السعيد ودوره في السياسة العراقية حتى عام 1932، بغداد: مكتبة اليقظة العربية، 1988، ص9.

• في الذكرى 47 لثورة 14 تموز 1958. ابن شقيقة الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم . المجلة.

• دراسة في حركة الضباط الأحرار في العراق 1948-1958 . د. عقيل الناصري . ميدل ايست اونلاين . • مذكرات وأسرار هروب نوري السعيد . د. صالح البصام. دار الانتشار العربي في بيروت 2005 .

• " تشريع قانون للأحوال الشخصية يوم استبد بالحكم طاغية تلاعب بشريعة الله سبحانه " . مذكرة العلماء الشيعة إلى عبد السلام عارف . المركز الوثائقي لتراث أهل البيت ع 2/2/1964 .

• صفحات مطوية من تاريخ العراق السياسي . كاظم السعدي. البينة صحيفة تصدر عن حزب الله في العراق .

• كرونولوجيا ثورة أيلول الكردية 1961-1975. صلاح برواري .موقع نوروز 12/10/2004 . • الأحزاب السياسية في العراق السرية والعلنية . د. هادي حسن عليوي . دار رياض الريس للنشر/ بيروت .

• الجيش والدولة في العراق. سامح رشيد القبج.

• من هو عبد الكريم قاسم . ريــاض الحسيني .

• الاستاذ محمد حسنين هيكل . سيرة حياة . قناة الجزيرة الفضائية.

• عارف عبد الرزاق برنامج شاهد على العصر. قناة الجزيرة الفضائية.

• رئيس الاركان اللواء فؤاد عارف. برنامج ذاكرة. قناة الشرقية الفضائية.

• صفحات من تاريخ العراق مع كمال مظهر. برنامج ذاكرة. قناة الشرقية الفضائية.

• د.عدنان الباجه جي . برنامج ذاكرة. قناة الشرقية الفضائية.

• تايه عبد الكريم. برنامج ذاكرة. قناة الشرقية الفضائية.

• عبد الكريم هاني. برنامج ذاكرة. قناة الشرقية الفضائية.

• حتى لا ننسى ثورة 8 شباط المباركة. د. فاضل بدران.

• قيام الجمهوريةالعراقية - لعبة الأمم .

• تاريخ العراق . ويكيبيديا .

• مذكرات الزعيم ناظم الطبقجلي.

• مذكرات حازم جواد.

• عبد الرحمن منيف، أرض السواد ، تاريخ العراق الحديث.

• محمد أنيس: الدولة العثمانية والشرق العربي 1514-1914 – مكتبة الأنجلو – القاهرة – بدون تاريخ.

• قدري قلعجي: الثورة العربية الكبرى – بيروت – الطبعة الأولى – 1993م.

هاني حسن عليوي: الاتجاهات الوحدوية في الفكر القومي العربي المشرقي – مركز دراسات الوحدة العربية – بيروت – 2000م.

• عمر عبد العزيز عمر: تاريخ المشرق العربي 1516-1922 – دار النهضة العربية – بيروت – بدون تاريخ.

• هروب نوري السعيد، فيصل حسن ، 2005، دار الانتشار العربي سمعان بطرس: العلاقات السياسية الدولية في القرن العشرين ـ مكتبة الأنجلو المصرية- الطبعة الثانية – 1980م.

• حكمت فريحات: السياسة الفرنسية تجاه الثورة العربية ـ دار الراتب الجامعية الأردن ـ بدون تاريخ.

أمين سعيد: الثورة العربية الكبرى ـ مكتبة مدبولي ـ القاهرة . • مجموعة مؤلفين: دراسات تاريخية في النهضة العربية الحديثة ـ دار اقرأ ـ بيروت ـ الطبعة الثانية 1984.

• توفيق السويدي، مذكراتي: نصف قرن من تاريخ العراق والقضية العربية، بيروت: دار الكاتب العربي، 1969، ص 320-321.

• أحمد الشقيري، 40 عاماً في الحياة العربية والدولية، بيروت، دار النهار، 1969، ص 190-191.

• محمود شبيب، أسرار عراقية في وثائق إنكليزية وعربية وألمانية 1918-1941، بغداد: مطبعة سلمى، 1977، ص 129.

•سعاد رؤوف شير محمد، نوري السعيد ودوره في السياسة العراقية حتى عام 1945، مصدر سبق ذكره، ص 203.

•صبحي عبد الحميد . اسرار ثورة 14 تموز 1958 في العراق .الدار العربية للموسوعات . 1994 .

المصادر الاجنبية

ertrude Bell، The Letters of Gertrude Bell، Vol. 1، London، 1930، p. 476 ، and E. Burgoyne، Gertrude Bell from Her Personal Papers، 1914-1926، London، 1961، pp. 209-210.

Great Britain، Foreign Office، FO 371-12261-E 4884-86-65، E. Ellington، Action High Commissioner For Iraq، To Sir J.E. Shuckburgh، Colonial Office، Oct. 21st، 1927.

Great Britain، F.O.، “ Minute of Discussion at the Ministry of Foreign Affairs of Iraq on 27/10/1936” 371/20029، and " Record of Nuri،s Talks with Samuel in Paris in Oct. 11936”، 371/20028