الأسطول المصري في عصر محمد علي

بدات عناية محمد علي باحياء البحرية المصرية منذ شرع في خوض غمار الحرب الوهابية فقد راى ان انفاذ الجنود الى الحجاز يقتضي اعداد السفن لنقلهم عن طريق البحر الاحمر، فبادر الى انشاء مااستطاع من السفن في دار صناعة (ترسانة) بولاق بعد ان عمر هذه الترسانة، فامر بتجهيز القطع اللازمة من الخشب فيها ثم بنقلها على ظهور الابل الى السويس لتركب هناك وتنزل الى البحر، فكانت هذه السفن هي النواة الاولى للاسطول المصري في عهد محمد علي.

فالبحرية المصرية ابتدا ظهورها وتكوينها في تاريخ مصر الحديث اوائل سنة 1810 ، ولقد كان لهذه العمارة فضل كبير في نجاح الحملة الوهابية لانها صلة الاتصال بين مصر وجنود الحملة في الحجاز، وهي التي مكنت مصر من السيطرة على البحر الاحمر وثغوره.

ويقول المسيو مانجان ان محمد علي عندما اعتزم انشاء بحرية في خليج السويس جلب الى بولاق الاخشاب اللازمة لصنع السفن من ثغور الاناضول وكذلك المهمات والامراس (الحبال)، واستحضر العمال فاعد الاخشاب وهيا المواد اللازمة لتركيب السفن ونقل كل ذلك الى السويس على ظهور الابل، وكان هذا العمل شاقا وطويل المدى، وقد استخدم في ذلك عشرة الاف من الابل، ومات كثير منها في الطريق من ثقل ما حملت وطول ما ارهقت، فكان لا يهلك بعير الا جاء بغيره، وبذلك تيسر له انشاء ثماني عشرة سفينة كبيرة كاملة العدة وانزالها الى الماء في مدة عشرة اشهر.[1]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

رواية الجبرتي

وهاك ما قاله الجبرتي في هذا الصدد: "واستهل شهر ذي الحجة بيوم الاحد سنة 7 يناير 1810 وفيه شرع الباشا في انشاء مراكب لبحر القلزم (البحر الاحمر) فطلب الاخشاب الصالحة لذلك، وارسل المعينين لقطع اشجار التوت والنبق من المصري القبلي والبحري وغيرها من الاخشاب المجلوبة من الروم (الاناضول) ، وجعل بولاق ترسانة وورشات، وجمعوا الصناع والنجارين والنشارين فيهيئونها وتحمل اخشاب الجمال ويركبها الصناع بالسويس سفينة ثم يقلفطونها ويبيضونها ويلقونها في البحر، اربع سفائن كبارا احداها يسمى الابريق وخلاف ذلك داوات لحمل البضائع".


ترسانة بولاق وانشاء السفن

انشئت اذن العمارة البحرية الاولى في ترسانة بولاق، وهي الترسانة التي اعتمد عليها محمد علي في صنع السفن الكبيرة الى ان اسس ترسانة الاسكندرية الحديثة التي سيرد الكلام فترسانة بولاق كان لها فضل كبير على البحرية المصرية، وفيها انشئت السفن التي استخدمتها مصر في الحملة الوهابية، وانشئت بها ايضا السفن التجارية التي استخدمتها الحكومة لنقل المتاجر والمهمات على النيل وعلى شواطئ البحر الابيض.

وقد ذكر الجبرتي هذه الترسانة غير مرة في تاريخه مما يدل على عظم شانها وكر ما بها من السفن.

فقال في حوادث سنة 1227: "ومنها ان الباشا عمل ترسخانة عظيمة في بولاق، واتخذ عدة مراكب بالاسكندرية لجلب الاخشاب المتنوعة وكذلك الحطب من اماكنها على ذمته ويبيعه على الحطابين بما حدده عليهم من الثمن، ويحمل في المرافق المختصة به باجرة محددة ايضا، واستمر ينشئ المراكب الكبار والصغار التي تسرح في النيل من قبلي الى بحري ومن بحري الى قبلي ولا يبطل الانشاء والاعمال والعمل على الدوام وكل ذلك على ذمته، ومرمتها وعمارتها ولوازمها وملاحوها باجرتهم على طرفه لا بالضمان كما كان في السابق، ولهم قومة ومباشرون متقيدون بذلك الليل والنهار".

وذكر ايضا من حوادث تلك السنة: "ان الباشا ارسل لقطع الاشجار المحتاج اليها في عمل المراكب مثل التوت والنبق من جميع البلاد القبلية والبحرية، فانبث المعينون لذلك في البلاد فلم يبقوا من ذلك الا القليل لمصانعة اصحابه بالرشا والبراطيل حتى يتركوا لهم ما يتركون، فيجتمع بترسخانة الاخشاب لصناعة المراكب مع ما ينضم اليها من الاخشاب الرومية شيئ عظيم جدا يتعجب منه الناظر من كثرته، وكلما نقص منه شيء في العمل اجتماع خلافه اكثر منه".

وقال في حوادث سنة 1231 (سنة 1816): "والعمل والانشاء مستمر بالترسخانة على الدوام والرؤساء والملاحون يخدمون فيها بالاجرة، وعمارة خللها واحبالها وجميع احتياجاتها على طرف الترسخانة، ولذلك مباشرون وكتاب وامناء يكتبون ويقيدون الصادر والوارد، وياتي اليها المجلوب من البلاد الرومية (التركية) والشامية، فاذا ورد شيء من انواع الاخشاب سمحوا للخشابة بشئ يسير منها بالثمن الزائد ورفع الباقي الى الترسخانة".

الدوننمة المصرية في البحر الابيض المتوسط

منذ بنى محمد علي العمارة المصرية الاولى في البحر الاحمر وتبين له مزايا الاساطيل البحرية اعتزم انشاء اسطول قوي يمخر عباب البحر الابيض المتوسط واخذ يتحين الفرص لانفاذ هذا المشروع.

وقد راى انه وان كانت مصر مستعدة لبناء السفن عامة الى انها لم تكن على تمام الاهبة لصنع السفن الحربية، وكان يرى بثاقب نظره ان قوة مصر لا تكون كافية للدفاع عن الاستقلال وبسط نفوذها في الخارج الا اذا عاونها على ظهر البحار اسطول حربي قوي، لذلك جاء تنظيم البحرية المصرية عقب تشكيل الجيش المصري النظامي بزمن يسير.

اخذ محمد علي ينشئ الدوننمة المصرية بشرائه بعض السفن الحربية او توصيته بانشائها على في الثغور الاوربية، كمرسيليا وليفرون وتريستا، وقد سلحها بالمدافع وعهد بقيادتها الى قباطين السفن الجارية من الاسكندريين والاتراك، وجعل ملاحيها ونوتيتها من المتطوعين، وجعل بها بعض الضباط من فرنسيين وايطاليين لتعليم البحارة وتدريبهم.

وكان بالاسكندرية ترسانة تبنى فيها بعض السفن على الطراز القديم وقد عهد برئاسة الهندسة فيها الى رجل يدعى شاكر افندي الاسكندري يعاونه في ذلك مهندس بارع من اهالي الاسكندرية اسمه الحاج عمر، وهو من مشاهير المعلمين في فن بناء السفن، فجعله محمد علي رئيسا للانشاء وعمارة السفن، وجعل على مناظرة بناء السفن موظفا يدعى الحاج احمد اغا، وحضر في ذلك الحين – سنة 1821 – قبطان فرنسي يسمى المسيو بيسون كان من ضباط السفن الحربية الفرنسية، فعرض على الحكومة المصرية خدماته فجعلته ملاحظا للسفن التي امرت بصنعها في ترسانات اوروبا، وقد نال ثقة محمد علي واخذ يرتقي الى ان نال رتبة البكوية فصار يعرف بالفيس اميرال بيسون بك.

فتكونت الدوننمة المصرية الاولى في البحر الابيض، وانشا محمد علي ادارة خاصة للاساطيل المصرية جعل على رئاستها صهره محرم بك مع بقائه محافظ الاسكندرية.

وقد اشتركت تلك الدوننمة في حرب الموره وعاونت الجيش المصري على محاربة اليونانيين كما بيناه في الفصل السابع.

تجديد الاسطول بعد واقعة نافارين

(سنة 1829)

ولكن هذه الدوننمة قضي عليها بالدمار في واقعة نافارين البحرية وقد حزن محمد علي حزنا شديدا على ضياعها غدرا في تلك الواقعة، ولكنه لم يدع للياس سبيلا الى قلبه، بل عزم على انشاء اسطول جديد يعوض مصر اسطولها القديم، وشرع في تكوينه من السفن الحربية التي كان امر بصنعها في الثغور الاوروبية.

انشاء دار الصناعة الكبرى بالاسكندرية

ثم اعتزم ان ينشئ اسطولا جديدا بايد مصرية، لكيلا تكون مصر عالة على البلاد الاوروبية في انشاء تلك السفن، فوجه همته الى تاسيس دار صناعة (ترسانة) كبرى بالاسكندرية لبناء السفن الحربية، وقد استعان لتحقيق هذا المشروع بمهندس فرنسي على جانب عظيم من المهارة والصدق يدعى المسيو سيرزي، وهو مهندس بحري فرنسي من ثغر طولون اشتهر بالكفاية والخبرة في فنون البحرية، وخاصة في فن بناء السفن والاحواض والترسانات، وقد كان عهد اليه من قبل بانشاء سفينتين حربيتين في مرسيليا، فعرض عليه ان يحضر الى مصر ليستعين به في احياء البحرية المصرية.

سيرزي بك

قدم المسيو دي سيرزي بك الى مصر في ابريل سنة 1829، وكانت اذ ذاك بالاسكندرية سفن قليلة العدد وهي البقية الباقية من العمارة المصرية التي نجت من واقعة نافارين، ذكر منها كلوت بك سفينة من نوع الفرقاطة بها ستون مدفعا انشئت بثغر البندقية، واخرى انشئت في ثغر ليفورن، وجملة سفن من طراز الكورفيت والابريق، وكانت هذه السفن مفتقرة الى مهمات القتال ومعداته لانها منشاة في ثغور تجارية لا حربية فجهزها المسيو سيرزي بجهازها وانشا فيها مخازن للبارود لجعلها صالحة للقتال.

فطلب محمد علي الى المسيو سيرزي ان يضع له تصميما لاقامة ترسانة كبرى.

ولم يكن بالاسكندرية وقتئذ سوى الترسانة القديمة وكانت تصلح ان تكون نواة لها، وهي مظلات من الخشب في مكان قريب من البحر، وقد بنيت في تلك الترسانة سفينة من طراز الكورفيت، واخرى من طراز الابريق، وثالثة ذات حجم كبير حولت فيما بعد الى فرقاطة.

الحاج عمر

قلنا ان محمد علي عهد برئاسة هندسة الفسن وبنائها في الترسانة القديمة الى الحاج عمر، وهو من اهالي الاسكندرية، وقد تردد اسمه ترددا كثيرا في المراجع الافرنجية والعربية وفي جريدة الوقائع المصرية، اذ كان مهندسا بارعا في فن بناء السفن، فلما انشئت الترسانة الجديدة كان نعم المساعد للمسيو دي سيرزي في انشاء السفن الحربية الجديدة.

وقد ذكره الدكتوركلوت بك في كتابه فقال عنه: كان يراس اشغال بناء الاساطيل وترميمها مصري طاعن في السن يدعى الحاج عمر، وهو رجل يجمع بين الشهامة والكفاءة في بناء السفن، فاجب المسيو سيرزي به وبكفاءته وجعله عضده الايمن في تحقيق برنامجه، وكان يصحبه رجل تركي الجنس (وهو شاكر افندي المتقدم ذكره) يقول عنه كلوت بك انه يزعم العلم بالهندسة ولكنه خلو منها، فاستغنى عنه المسيو سيرزي وفصله من وظيفته وبقى الحاج عمر يعاون سيرزي بك في عمله خير معاونة.

وقال علي باشا مبارك: "وقبل حضور المهندس سيرزي بك المذكور كان الرئيس على انشاء وعمارة السفن بتلك الميناء رجلا من الاهلين يسمى الحاج عمر وكان صاحب ادارة ومعرفة طبيعية، واقدم على هذه الاعمال مع الاصابة ، فلما حضر المسيو سيرزي بك اتحد معه وساعده في جميع اعماله".

وكان للحاج عمر المذكور شخصية محبوبة بين معاصريه، فقد تضمنت (الوقائع المصرية) ثناء عليه لمناسبة بنائه احدى السفن الحربية وقالت عنه مايلي:

"الحاج عمر يوزباشي من اهالي الاسكندرية رئيس المعماريين في ترسانة الاسكندرية، لم يكن له نصيب من علم الهندسة، ومع ذلك زاول اعمال سفن التجارة مدة، وصار كانه مهندس رياضي بكثرة المزاولة في الاعمال وبسبب قوة ذكائه وفطانته، والان تم انشاء سفينة الفركطون الذي شرع في انشائه بمعرفة المرقوم، وطولها من قرينتها 132 قدما، ومن كوزتنها 147 قدما وعرضها 37 قدما، وعمقها 31 قدما، وبطاريتها الاولى تسع 28 مدفعا، وكذلك بطاريتها الثانية ، ودواردتها تسع مدفعين، فنزلت في يوم الاثنين الموافق 15 شعبان المعظم، ولما راها مسيو سيرزي الذي جاء من فرنسا وهو مهندس ماهر في انشاء السفن المنصورة تعجب من حال المعمار المرقوم حيث انشا تلك السفن من دون علم الهندسة واكمل جميع ما يحسن لها".

كيف اسست الترسانة

درس المسيو سيرزي مشروع انشاء ترسانة كبيرة بدل الترسانة القديمة، وبعد ان تم دراسته وضع تصميمها وقدم الرسوم الازمة لانفاذ المشروع الى محمد علي في 9 يونيه سنة 1829، فامعن النظر فيها ثم وافق عليها، وشرع من فوره يخرج المشروع الى حيز العمل، ولم تمض هنيهة على اقراره حتى كان عدة الاف من الجند يحرفون الاساس للمباني اللازمة واشترى بعض اماكن على شاطئ الميناء بخط الصيادين من اصحابها والحقها بمشروع الترسانة، واستدعى من سائر انحاء القطر الشبان والعمال الذين يعهد اليهم العمل في اتمام الترسانة والتوفر على الاعمال البحرية، فكان منهم النجارون والحدادون والقلافطة والسباكون والميكانيكيون، وتالفت هذه الفرق تدريجا، واخذ المسيو سيرزي هو والحاج عمر في تدريب الشبان على التعليم البحري حتى تخرج منهم الاونباشية والجاويشية والضباط ممن امتازوا بالهمة والنشاط والذكاء وصاروا تحت ملاحظة الحاج عمر المذكور، وتم بناء الترسانة سنة 1831، ووجد المسيو سيرزي من ذكاء المصريين وحسن استعدادهم وحذقهم الصناعات من قبل بيئة صالحة لاتمام بناء الترسانة وانشاء السفن الحربية فيها وقد جعله محمد علي باشمهندس الترسانة ورقاه الى رتبة البكوية فصار يعرف بسيرزي بك، ثم رقاه الى درجة لواء، وتولى تدريب العمال على مباشرة الاعمال، كل في الصناعة التي اختبر لمزاولتها، وبذلك سار العمل في اقامة المباني وتدريب العمال على مختلف الصناعات سيرا مطردا.

وكان محمد علي لا يالوا جهدا في تنشيط العمل وتشجيع العمال فكان كثيرا ما يحضر بنفسه الى دار الصناعة ويستحث الصناع على العمل ويعطيهم المثل في الجد والمثابرة، وكذلك كان يفعل ابراهيم باشا، فكان لعملهما تاثير كبير في تقدم العمل حتى تم في يوم 3 يناير سنة 1831 انشاء بارجة حربية ذات مائة مدفع نزلت الى البحر تتهادى، فابتهج محمد علي باشا لهذه النتيجة العظيمة، وراى ان مشروعه في احياء البحرية المصرية بعد واقعة نافارين قد خطا الخطوة الاولى في النجاح، واطرد العمل ونما حتى صار لمصر في عدة من السنين اسطول حربي عوضها عما فقدته في نافارين وزادت قوتها على ما كانت عليه.

اقسام الترسانة

وصارت ترسانة الاسكندرية من اعظم المنشات الحربية والبحرية، كما كانت معهدا لتعليم الشبان المصريين بناء السفن وترميمها وما يلزمها من الالات، فكانوا يوزعون على اقسامها ليتخصص كل جماعة في فرع من فروع هذه الصناعة، ويكفيك لتتبين مبلغ عظمها القاء نظرة على اقسامها والمصانع (الورش) التي تتالف منها، فقد ذك المرحوم اسماعيل باشا سرهنك انها تتالف من الاقسام الاتية:

ورشة الحبالة او التيالة لعمل الحبال. ورشة الحدادين لصنع الحديد. ورشة القلوع لعمل اشرعة السفن. ورشة السواري لعمل ساريات السفن. ورشة البوصلات والنظارات. ورشة الدكمخانة لصب الالات وسبك الحديد. ورشة البوية لصنع الدهانات. ورشة المخرطة لعمل البكرات وغيرها واعمال النشر والخرط. ورشة الترزية لعمل الاعلام والرايات. ورشة الفلانك لصنع الزوارق. ورشة النجارية لعمل النجارة اللازمة للسفن. ورشة الطلومبات. ورشة القلافطية لقلفطة السفن. ورشة البور غوجية لثقب الاخشاب. مخازن الذخائر والمهمات.

وانشئ بالترسانة خمسة مزلقانات لبناء السفن عليها ، واهتم المسيو سيرزي بك والحاج عمر بتعميق البحر من ناحية الترسانة الجديدة حتى جعلاه في عمق كاف لرسو اكبر السفن الحربية.

واتسعت اعمال الترسانة وكثر عمالها حتى بلغ عددهم نحو 8000 عامل من الاهالي حذق منهم 1600 صناعة بناء السفن فاستغنت مصر عن ابتياع السفن من الخارج.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

اخشاب السفن

واذ كان محمد علي راغبا في الاستكثار من انشاء السفن الحربية، فكر في وسيلة فعالة لجلب الاخشاب من الخارج ليكمل بها ما تنتجه اشجار القطر المصري من الخشب الذي يصلح لبناء السفن، فحل على اذن من حكومة الاستانة يجيز له قطع الاخشاب اللازمة من غابات الاناضول، وعهد بذلك الى طائفة من العمال والصناع برئاسة كل من الحاج حسن بك كبير نجاري الترسانة، والسيد احمد احمد عمالها، وبذلك اخذت الاخشاب ترد الى الاسكندرية لتصنع منها السفن في الترسانة.

تذليل العقبات

وقد لقى المسيو سيرزي عقبات شتى في المضي في عمله، ذكرها كلوت بك في كتاب، من ذلك انه استعان في بدء الامر بجماعة من الصناع الاوروبيين الفنيين للقيام بالعمال الفنية التي لم يكن المصريون قد حذقوا فيها بعد، وكان اقدامه على انشاء الترسانة قد ازعج بعض البيوت التجارية الاوروبية التي كانت تربح الارباح الوفيرة من وساطتها في التوصية في الخارج على بناء السفن الحربية لمصر، فاخذت تدس الدسائس للمسيو سيرزي وتثبط العزائم وتذيع اشاعات السوء عن فشل مشروعه بين العمال الاوروبيين الذين يتولون رياسة الاقسام الصناعية في الترسانة ويدربون العمال المصريين، وسعت الى تحريضهم على الشغب والعصيان، ووقعت في بعض الورش والمعامل بالترسانة بسبب ذلك فتن افضت الى الارتباك والخلل في العمل حتى لقد حدث عند الشروع في دفع السفينة الثانية من منشات الترسانة الى البحر ، ان انقطعت حبائلها المثبتة لها في مكانها قبل الاجل المعين، وكان ذلك بفعل فاعل بقصد اتلافها، وكان العمال المالطيون واليفرونيون يحرضون زملاءهم من عمال ترسانة تولون الذين كانوا يعملون معهم في ترسانة الاسكندرية ويحضونهم على التمرد، وكان المسيو سيرزي قد جاء بهم في السنة التالية لتعيين ليتولوا رئاسة الاقسام المختلفة، لكن هذه العقبات لم تدخل الياس الى قلب المسيو سيرزي، ولم ينزعج لها ، بل قابل دسائسهم وافاعيلهم بجاش ثبت وارادة قوية، اما محمد علي وهو صاحب العبقرية العالية في كل شان فقد اهمل الوشايات التي احيط بها المسيو سيرزي فمهد له سبيل التفرغ لاعماله والاهتمام بانجازها من غير توان ولا امهال، ومن الصعب ان نتصور مبلغ العقبات التي اضطر ذلك المهندس الخبير الى مكافحتها ليتمكن من انجاز ما عاهد نفسه على تنفيذه من المشروعات ، وكانت ظروف الاحوال قد الجاته في بادئ الامر الى استخدام الجم الغفير من الاوروبيين لتسليح السفن التي كانت تبني بسرعة مدهشة، فادت معالجته هذا الامر الى وقوع فتن واضطرابات لم يلبث ان تغلب عليها بفطنته، وما انفك يهتم ايضا بمنع السرقات وبحسم ما يقع من الشقاق والنزاع بين العمال الوطنيين، ومعاقبة المقصرين في اداء اعمالهم، سواء اكان هذا التقصير عن اهمال او خطا، ام سوء نية، وقد وفق الى تعليم المصريين تدريجا الصناعات التي حذقوها حتى ضارعوا الاوربيين فيها، فاستطاع محمد على الاستغناء عن فريق كبير من هؤلاء بحيث ان الاعمال صار ينجز الشطر الاوفى منها بايدي العمال الوطنيين، ولم يحتفظ من الاوربيين الا بفئة صغيرة من المعلمين الفرنسيين، قصد ببقائهم في الخدمة الاشراف على كيفية استعمال المواد اللازمة لبناء السفن، قال ومما هو جدير بالذكر ان امتثال المصريين للاوامر وانكبابهم على العمل فضليتان كبيرتان عاونتا المسيو سيرزي على اداء المهمة التي وكلت اليه على خير ما يرام.

ولم تنقطع دسائس التجار الاوروبيين بعد انتظام العمل في الترسانة، فانه بعد ان صارت تخرج السفن الحربية وبعد ان استغنت الحكومة عن ابتياع السفن من الخارج كانت مع ذلك مضطرة الى جلب المهمات والادوات التي تدخل في انشائها من الخارج، كالاخشاب والحديد والنحاس، فكان التجار الافرنج يتغالون في اثمانها ويوردون الاصناف الرديئة منها، فالخشب مثلا كانوا يستوردونه من الاناضول وايطاليا غير مستوف شرائط الجودة والمتانة، ولذلك كثيرا ما سرى الحطب الى السفن التي كانت تصنع منه فتحتاج الى الاصلاح والترميم بعد زمن قليل، على ان محمد علي لم تفتر عزيمته عن مغالبة تلك العقبات ومتابعة انشاء السفن بهمة لا تعرف الملل، والف مجلسا ناط بها كل ما يلزم لاعمال السفن وجعل المسيو سيرزي رئيسا له.


السفن التي انشئت او رممت في ترسانة الاسكندرية

اورد كلوت بك في كتابه بيانا عن السفن التي انشئت او رممت في ترسانة الاسكندرية اثناء وجود سيرزي بك على راسها، وهذا البيان يعطينا فكرة عن عظمتها وضخامة العمل الذي قامت به.

فقد بنيت بها البارجتان مصر وعكا وهما بحجم السفن الفرنسية ذات الثلاثة السطوح المعروفة في ذلك العصر الا انهما لم توضع بهما البطارية الرابعة. والسطح الاول لكل منهما يحمل 32 مدفعا طويلا من عيار 30 والسطحان الاخران يحملان 68 مدفعا قصيرا من عيار 30.

واربع بوارج من ذات مائة مدفع، وهي المعروفة باسماء المحلة الكبرى والمنصورة والاسكندرية وحمص، وفي كل من هذه السفن 32 مدفعا طويلا من عيار 30 في البطارية الاولى، و34 مدفعا من عيار 30 في البطارية الثانية، و34 مدفعا من الزهر كاروناد من عيار 30 في مقدم السفينة ومؤخرها والبارجة ابو قير ذات 78 مدفعا، منها 28 مدفعا طويلا من عيار 30 في البطارية الاولى، و30 مدفعا قصيرا في البطارية الثانية، و20 مدفعا من الزهر من عيار 30 في مقدمة السفينة ومؤخرهاز والكورفيت (طنطا) وفيها 24 مدفعا قصيرا من عيار 32 انجليزي والجوليت (عزيزية) وفيها عشرة مدافع من عيار 4 ،وقوطر النزهة وفيه 4 مدافع من عيار 4 وسفينة لمدافع الهاون، وسفينة نقالة لحمل اخشاب الساريات.

وقد تولت الترسانة تسليح البارجة بيلان ذات 86 مدفعا، فركب فيها 28 مدفعا طويلا من عيار 30 في البطارية الاولى، و30 مدفعا قصيرا في البطارية الثانية، و28 مدفعا من الزهر في المقدمة والمؤخرة.

وكان العمل جاريا في بارجتين من البوارج الضخمة ذات المائة مدفع من عيار 30، وهما حلب ودمشق وفي فرقاطة كبيرة ذات ستين مدفعا من عيار 30.

واستنتج كلوت بك من البيان المتقدم ان المسيو سيرزي قد عنى بالتوحيد بين عيارات السفن الحربية الكبرى، وهو الامر الذي كثيرا ما طالب به الخبراء البحريون في اوروبا على ذلك العهد.

اما سفن الدوننمة التي اقتضى ترميمها وتعهدها في الترسانة من الوقت والعمل اكثر مما كانت تقتضيه السفن المنشاة حديثا، فهي الفرقاطة (الجعفرية) وهي ذات ستين مدفعا من عيار 32 انجليزي وكان انشاؤها بميناء ليفورون بايطاليا.

والفرقاطة البحيرة وهي ذات ستين مدفعا من عيار 24 وكان انشاؤها في ثغر مرسيليا، ورشيد وهي ذات ثلاثين مدفعا من عيار 24 و28 مدفعا من الزهر من عيار 26، وكان انشاؤها في مدينة البندقية وكفر الشيخ وهي ذات ثلاثين مدفعا من عيار 32 انجليزي، واربعة وعشرين مدفعا من عيار 12 وقد انشئت في ثغر اركانجل بالروسيا للنقل واكمل انشاؤها في لندره كفرقاطة حربية، وشهيرجهاد وهي ذات ستين مدفعا من عيار 24 وكان انشاؤها في ثغر ليفرون ثم عدلت في الاسكندرية تعديلا يعد انشاء جديدا.

ودمياط وهي ذات اربعة وعشرين مدفعا من عيار 24، وثلاثين مدفعا من الزهر من عيار 18 ، وكانت سفينة كبيرة وحولت في ترسانة الاسكندرية الى فرقاطة حربية.

وموستا جهاد وهي ذات ثمانيةوعشرين مدفعا من عيار 18، وثمانية وعشرين مدفعا من عيار 12، وكانت فرقاطة جزائرية اهدتها فرنسا لمصر.

والسفن جنح بحري واصلها من ثغرة جنوه بايطاليا وجهاد بيكر واصلها من جنوة ايضا وفوه واصلها من الاسكندرية، وبلنك جهاد واصلها من مرسيليا، وكلها من طراز الكورفيت ذات 22 مدفعا من عيار 24 وواشنطون واصلها من بوردو، وفولمينان واصلها من ليفورن والفشن واصلها من الاسكندرية، وشاهين دريا واصلها من تركيا، وكلها سفن من طراز الابريق الكبير، وتحمل كل منها اثنين وعشرين مدفعا من الزهر، وسمند جهاد واصلها من مرسيليا وشهباز جهاد واصلها من سيوتا والتمساح واصلها من مرسيليا وبادئ جهاد واصلها من الاسكندرية وامريكان واصلها من الولايات المتحدة، وهي سفن من طراز الابريق الصغير، وتحمل كل منها من ستة عشر مدفعا الى ثمانية عشر مدفعا من مدافع الزهر. واربع سفن نقالة حمولة كل منها 400 طن وفرقاطة وابريق وقوطر من السفن العثمانية التي غنمت اثناء الحرب السورية وكذا حملة السفن الصغيرة، وباخرة تسمى النيل اصلها من لندره تسير بالبخار، وقد راعى المسيو سيرزي في بنائه السفن الحربية الاصلاحات والتعديلات التي كان الضباط الفرنسيون يطالبون بادخالها على السفن الفرنسية وكذا الاصلاحات التي اهتدى اليها بخيرته اثناء قيامه بالعمل في ثغور فرنسا، والملاحظات التي لاحظها في انجلترا وراى من الافضل العمل بها لفائدة البحرية، ولذلك بنيت السفن التي انشئت في ترسانة الاسكندرية بمقتضى التصميمات التي وضعها بنفسه.

وختم كلوت بك بيانه بقوله: "من المستطاع التحقق بان قسما عظيما من التنسيقات والترتيبات المرعية في بناية السفن الحربية الفرنسية وجدت في السفن التي انشئت بالقطر المصري قبل وجودها في فرنسا بزمان طويل، أي ان ترسانة الاسكندرية سبقت ترسانات فرنسا الى الوسائل الحديثة في بناء السفن.

ولما ظهر استعمال البخار امر محمد علي دار الصناعة بانشاء سفن حربية بخارية (وكانت السفن الحربية قبل ذلك تسير بالشراع) فصنعت عدة بواخر، منها وابور النيل الذي ذكره كلوت بك واسيوط ورشيد وجيلان خصصها لحمل البريد وجعل لها ادارة خاصة سماها القومبانية المصرية.

سفن النقل

وشهدت في الترسانة عدا السفن الحربية سفن عديدة للنقل جعل لها ادارة خاصة تولى رئاستها محمد قرافيش قبودان ثم خلفه محمد راشد بك ثم خلفه اوزون احمد قبودان.

حفلات نزول السفن الحربية الى البحر

وكانت السفن التي يتم انشاؤها تقام لها حفلات ضخمة ابتهاجا بنزولها الى البحر كالحفلات التي تقيمها الحكومات الاوروبية في ثغورها الحربية لمناسبة انشاء البوارج الجديدة، وكان محمد علي باشا يحضر بنفسه معظم هذه الحفلات تقديرا لها واعلام لشان الاسطول، قال رفاع بك رافع في هذا الصدد:

"وكان محمد علي يديم النظم في السفن عند صناعتها، ويصور الغرض منها، وكلما شارفت الاتمام ازداد فرحا وسرورا، واذا نزلت سفينة في البحر لم يتمالك نفسه مع ما كان عليه من كمال الهيبة وحفظ ناموس الوقار ان يظهر امارة السرور فلهذا اكملت عنده دوننمة ملوكية طبق مرامه، وطقمها بالمدافع والعساكر، ونظمها على نسق نظام العساكر البرية وانشا مدرسة بحرية بثغر الاسكندرية ليخرج منها الضباط ما تحتاج اليه هذه الدوننمة، وترجم العلوم البحرية وصار لها كتب كافية كسائر العلوم الاخرى".

وانا ذاكرون هنا ما جاء بالوقائع المصرية في وصف احدى تلك الحفلات ننقله بنصه لتعرف منه تفاصيل الحفلة، ولتطلع على نموذج من لغة الجريدة الرسمية في ذلك العصر.

"ان الغليون ذا الهيئة السنية، المحلى باسم الاسكندرية، تعريف انشاء الاته البهية وعمل ادواته الحربية، ووصف ابعاده الثلاثية، قد تقدم ذكره الشائع، واندرج في سلك السطور والوقائع، والمراد ذكره الان قطع حبال تعلقاته من القطر البحري، ليطير باجنحته العنقاء الى العالم البحري، وقد وافق هذا غرة شعبان المعظم في الساعة الرابعة من النهار، حيث تجلت مشاهد الانوار، وكان ذلك بحضرة جميع الامراء والعظماء، وزمرة الصلحاء والعلماء، وقناصل الدول المستامنين، وقاطبة الاهلين، مع جملة اولادهم الكبار، وعيالهم الصغر، وكانوا لدى ساحة الترسانة الواسعة الارجاء، منتشرين كنجوم السماء، واما سعادة افندينا ولي النعم فانه ركب الفلك بحرا، وهلم جرا، واستصب بمعيته احد رجال الدولة العلية، المامور بتشريف الديار المصرية، اعني بهمصطفى افندي نظيف، حتى وضع لدى موضع الترسانة قدمه الشريف، وكان الغليون اذ ذاك قد بادر الى قطع اكثر العلائق، ووداع الخلائق، بحضور المهندس الذي هو لكل منبقة حاوي، الخواجة سيرزي الفرنساوي، فتقدم الموما اليه لدى ساحة مكارم ولي النعم، واشار الى ان هذا هو وقت الدعاء من زمرة العلماء، فتقدموا الى جهة الغليون الرسي كالطود المتين، ولدى دعائهم قال الحاضرون امين، فتلا حينئذ لسان حال الغليوم ، عم يتساءلون.

ثم نبذ باقي العلائق، وانشد بمحضر الخلائق

لست اخشى عسف الرياح اذا ما بنت من ساحل ووسطت بحرا"

استقالة سيرزي بك

خلا مكان سيرزي بك في دار الصناعة باستقالته من منصبه، وترجع استقالته الى ائتمار التجار الاوروبيين به كما قدمنا، فما زالوا يحرجونه حتى استقال، على ان اعمال الترسانة سارت بعد استقالته في تقدم مستمر بفضل ادارة مهندسيها المصريين، وبذل حسن بك السعران ومحمد بك راغب من خريجي البعثة البحرية همة كبرى في تنظيم العمل حتى بلغت العمارة الحربية المصرية درجة تفوق كثيرا من الدول الاوروبية.

المعسكر البحري للتعليم في راس التين

وانشا محمد علي باشا معسكرا لتعليم البحارة من الجنود الاعمال البحرية ليكونوا بحارة الاسطول وجنوده، انتقاهم من كل المديريات واعد لاقامتهم وتدريبهم الجهة الشمالية الشرقية من راس التين بحيث تسع عشرة الاف نفس، واعد لهم مركبا فوق البر بسواريها وقلوعها لتعليمهم استعمال الشراعات ، ولما تم تدريب البحارة وزعوا على السفن الحربية، فانتظمت طوائف الجنود والبحارة، وصار نظامهم يضارع النظامات البحرية بالاساطيل الاوروبية، ونقل من كان بتلك السفن من النوتية غير النظامية الى سفن النقل.

وانشا محمد علي مستشفى للبحرية في شبه جزيرة راس التين، واخر في الترسانة.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مدرسة بحرية على ظهر البحر

وكذلك انشا مدرسة بحرية لتخريج الضباط البحريين على ظهر احدى السفن الحربية، ولما اتسع نطاقها قسمت الى فرقتين كل واحدة بسفينة، وكان ناظرها حسن بك القبرسلي، وبعد وفاته جعل مكانة كنج عثمان بك، ويشرف عليها ناظر البحرية، وقد نبغ من هذه المدرسة كثير من الضباط البحريين الذين اشتهروا في الاعمال والحروب البحرية ورفعوا علم مصر عاليا فوق ظهر البحار او تولوا الادارات البحرية في مصر، ذكر اسماعيل باشا سرهنك بعض من عثر على اسماؤهم فاثرنا ان نثبتهم هنا لنعرف بعض ضباط البحر ممن ازدان بهم تاريخ الاسطول المصري:

خير الدين قبودان، عبد اللطيف قبودان، احمد نوري قبودان الملقب بالجوخدار، حسين شرين قبودان، جعفر مظهر قبودان، خافظ خليل قبودان (وهؤلاء ترقوا الى رتبة الباشوية).

حافظ قبودان مصطفى، برعمه لي احمد قبودان، مصطفى قبودان الكريدلي، حاجوا قبودان، حافظ قبودان الشيرازي، بودرملي احمد خوجة قبودان، عارف قبودان، اسماعيل قبودان، امين قبودان الملقب بالطويل، بوزجه اطه لي خليل قبودان، خورشد قبودان،هدايت محمد قبودان، بابا سليم قبودان، احمد شاهين قبودان، خورشد قبودان الملقب بابي فصادة، محمد راشد قبودان، سليم قبودان مرجان قبودان، وسيل قبودان، ابراهيم قبودان الملقب بكره كوز، عثمان قبودان الملقب بقاح، عثمان قبودان الملقب بالبوتي، سليمان قبودان الملقب بالبيرقدار، مصطفى قبودان الملقب بالبلاوجي، بوغجه اطه لي امين قبودان، بوغجة اطه لي سليمان قبودان، مطوش قبودان.

البعثات البحرية

لم يكتف محمد علي باشا بانشاء المدرسة البحرية بل كان يختار بعض الضباط البحريين ويرسلهم الى فرنسا وانجلترا لاتمام علومهم بها وممارسة الفنون البحرية على ظهر السفن الحربية الاوروبية، فمن هؤلاء عثمان نور الدين افندي (باشا) الذي سنترجم له فيما يلي، وحسن افندي الاسكندرية (باشا) وشنان افندي، ومحمود افندي نامي، وهؤلاء ارسلوا الى فرنسا ضمن البعثة الاولى.

وعبد الحميد أفندي، ويوسف اكاه افندي، وعبد الكريم افندي، وهؤلاء ارسلوا الى انجلترا ضمن البعثة العلمية الثالثة.

ولما اتموا علومهم وتجاربهم عادوا الى مصر ووزعوا على السفن الحربية المصرية.

ومن الذين ارسلهم محمد علي باشا كذلك الى اوروبا تلميذان اخران لتعلم فن انشاء السفن، وهما حسن افندي (بك) السعران، وهذا سافر الى فرنسا، ومحمد راغب افندي (بك)، وهذا سافر الى انجلترا، وبعد ان اتقن التلميذات المذكوران فن الهندسة البحرية عادا الى مصر وعينا رئيسين لقسم الهندسة وانشاء السفن بترسانة الاسكندرية ، وتوليا العمل الذي كان يقوم به سيرزي بك في دار الصناعة.

وقد ادى خريجو المدرسة والبعثات البحرية خدمات جليلة للبحرية المصرية، فعين بعضهم قباطين للسفن الحربية لقيادتها وتدريب بحارتها على الاعمال البحرية، وترجم بعضهم مؤلفات عدة عن البحرية ذكرها اسماعيل باشا سرهنك فترجم جركس محمود نامي قبودان كتابان في فن الحرب البحرية، وترجم عبد الحميد بك الديار بكر لي مؤلفا في مقاس السفائن، وترجم محمد شنان افندي قانون البحرية.

وترجم عثمان نور الدين باشا كتاب القواعد واللوائح البحرية المتبعة في فرنسا وآخر في قانون العقوبات البحرية.

وترجم احمد خليل افندي المهندس قانون البحرية وكتابا في فن الطوبجية البحرية، وترجم هؤلاء ايضا وغيرهم كثيرا من القوانين واللوائح والنظامات البحرية المستعملة في سفن اساطيل فرنسا وانجلترا، ونشرت هذه المؤلفات بين ضباط البحرية، واتبعت احكامها في الدوننمة المصرية، فازدادت نظاما وقوة وصارت في زمن قليل تحاكي اعظم بحريات اوروبا.

اصلاح البناء

بذل محمد علي جهدا كبيرا في توسيع ميناء الاسكندرية وتعميقها واستحضر لهذا الغرض الكراكات من اوروبا حتى صارت السفن ترسوا على الشاطئ بعد ان كانت ترسو بعيدة عنه، واذن للسفن الاوروبية التجارية والحربية بالدخول في الميناء الغربية بعد ان كان غير متاح لها في عهد المماليك ان ترسو الا في الميناء الشرقية، فلما اذن لها محمد علي بالرسو في الميناء الغربية اخذت السفن الاجنبية تتوافى الى الاسكندرية واتسعت حركة التجارة فيها، وانشا رصيفا داخل الميناء لرسو السفن عليها، وملأ المتخلف بني الارصة والشاطئ بالاحجار والاتربة فاتسع الشاطئ وانشا في ذلك الفضاء ما تحاج اليه المنياء من المخازن وابنية الجمارك ومساكن الموظفين وكان المباشر لذلك شاكر افندي المتقدم ذكره الى ان توفى فخلفه مظهر باشا المهندس الماهر الذي تخرج من البعثة العلمية، وكذلك وضع علامات في بوغاز الاسكندرية كي يهتدي بها ربابين السفن في دخولهم الى الميناء وخروجهم منها.

انشاء حوض لترميم السفن

وانشا محمد علي في الميناء حوضا لترميم السفن، مما لا تستغني عنه الثغور الكبيرة فجاء وفق المرام وقد تم انشاؤه على يد موجيل بك المهندس الفرنسي سنة 1884، واشترك في انشائه مظهر باشا وبهجت باشا المهندسان المصريان اللذان تخرجا من بعثات فرنسا.

وبعد ان انشا رصيفا للشحن في الميناء مد سكة حديدية تصل مستودعات البضائع والغلال بالرصيف لتسهيل نقلها الى السفن.

فنار الاسكندرية

انشاه المهندس مظهر باشا احد خريجي البعثات يشبه جزيرة راس التين لارشاد السفن القادمة الى الميناء والخارجة منها، وهو من اجل اعمال العمران التي تمت في عصر محمد علي، وقد كتب عنه كلوت بك ما يلي:

"لقد احرزت هذه البناية الجليلة وجزئياتها اعجاب من شاهدوها من السياح وهو ما يكلل بالفخر المهندس المصري مظهر افندي الذي تلقى العلم في فرنسا ويوجب مدحه والثناء عليه".


البحرية المصرية كما وصفها شهود العيان

زيارة المارشال مارمون للترسانة

زار المارشال مارمون ترسانة الاسكندرية سنة 1834 فاعجب بنظامها وضخامتها، وبهرته دقة اعمالها وكفاءة عمالها المصريين، وكتب عنها ما يلي:

"زرت الترسانة والاسطول، وكنت شديد اللهفة لزيارة هذه المنشات المدهشة التي لم يكن يتصور العقل تاسيسها، ففي سنة 1828 لم يكن بالاسكندرية الا ساحل مقفر، ولكن هذا الساحل اصبح في سنة 1834 مغطى بترسانة كاملة بنيت على مساحة واسعة، واحواض للسفن، ومخازن ومعامل ومصانع لكل نوع، ومما استوقف نظري ورشة الحبال التي يبلغ طولها 1040 قدما اي في طول ورشة الحبال بثغر طولون، وقد شاهدت في الترسانة عمالا يعملون في مختلف معاملها، ولهم مهارة في كل ما يعهد اليهم من الاعمال البحرية، وهم جميعا من المصريين ويسود بينهم النظام والعمل والنشاط، وهذه الترسانة التي لم يمض على انشائها اكثر من ست سنوات قد صنع فيا عشر بوارج، سلاح كل منها مائة مدفع، وقد تم تسليح سبع منها تخر العباب الآن، اما الثلاث الاخرى فلا تزال بالحوض على وشك نزولها الى الماء، هذا عدا السفن التي من نوع الفرقاطة والكورفت والابريق، مما جعل عدد الاسطول يزيد عن ثلاثين سفينة حربية، وقد تمت هذه المنشات ووصلت البحرية المصرية على هذه النتائج المدهشة في ذلك الزمن القصير في بلاد ليس فيها اخشاب ولا حيد ولا نحاس، ولم يكن فيها عمال ولا تجارة ولا ضباط بحريون، اي انها كانت مفتقرة الى كل العناصر اللازمة لانشاء اسطول، وهذه همة لا نظير لها في التاريخ، والفضل في هذا العمل الجليل راجع الى كفاية المسيو سيرزي والى عزيمة محمد علي الحديدية التي تغلبت على كل المصاعب، وقد كان العمل يتولاه الرجال الفنيون، ولكن محمد علي كان يقضي ايامه باكملها وسط العمال، فكان حضوره يبعث في نفوسهم روح النشاط والهمة، ويذلل العقبات التي تعترض العمل ويحمل كل واحد من العمال على بذلك كل ما في طاقته من الجهود".

رايه في كفاءة المصريين

وقال المارشال مارمون يصف كفاية المصري:

"ان العربي – يريد المصري – له حظ عظيم من المقدرة على التقليد تبلغ درجة النبوغ وهو متصف بالاستقامة والنشاط والغيرة مع المرونة والطاعة، وبهذه الصفات يمكن الوصول الى تحقيق كل ما يريده الانسان، وبفضل هذه المزايا صار العمال الذين خرجوا من صفوف الفلاحين اخصائيين في الفروع والفنون التي توفروا عليها، كل فيما خصص له.

"ولم يقتصر الامر على تدريبهم على اعمال الخشابين والنجارين والحدادين بل تخصص منهم كثيرون لاعمال بلغة غاية الدقة فنجحوا في صنع الات البحرية كالبوصلات والنظارات.

"وقد شاهدت بنفسي المعامل التي تصنع فيها هذه الالات، والعمال الذين يصنعونها، ورايت الاتقان في صنعها، والعمال الفنيون الذين يصنعونها لم يمض عليهم سنتان في التمرن على تلك الاعمال، ومن الحق ان يقال انه لا ينتظر الوصول الى هذه النتيجة بمثل هذه السرعة من عمال اوروبيين يؤخذون من صفوف الفلاحين مهما كانت الامة التي يختارون منها".


=زيارته للاسطول

وقال يصف زيارته للاسطول المصري سنة 1834.

"نزلت الى الميناء لزيارة البوارج المصرية الراسية بها، وكان عددها سبعا عادت حديثا من جولة فوق ظهر البحار على سواحل اسيا (سوريا والاناضول) قضت فيها ستة اشهر، وكل بارجة منها مسلحة بمائة مدفع ، ومدافعها كلها من عيار واحد، وقذائفها من حجم واحد، ولا شك ان وحدة العيار لها فائدة كبرى عندما تشتبك البوارج في القتال، ومن المدهش ان هذه الميزة السهلة في ذاتها لم تلتفت لها الدول البحرية الكبرى وان ابتكارها يجئ على يد دولة حديثة تبدا عهدها بالحضارة".

وقال عن زيارته لبارجة الاميرال مصطفى مطوش باشا قائد الدوننمة:

"استقبلني مطوش باشا بالتعظيم المعتاد وعلى قصف المدافع فوق ظهر بارجته (عكا) التي كان يركبها ، وكان يصحبني الاميرال بيسون، وقد تفقدت البارجة، وامعنت النظر فيها بعناية خاصة، فلم ار الا ما يستوجب الاعجاب بنظامها وترتيبها وهذه البارجة كغيرها من البوارج الكبرى هي المنشات البديعة التي اخرجتها ترسانة الاسكندرية، وقد اشتركت في الحرب مرتين على ظهر البحر".


رأي كلوت بك

وانظر لما كتبه كلوت بك عما بلغته البحرية المصرية من القوة والتقدم: "مما لا ريب فيه انه ايجاد ترسانة وانشاء اسطول على ذلك الوجه من السرعة لما يقضي بالعجب، ويدل على قوة العبقرية، فقد كان شاطئ البحر بالاسكندرية كالصحراء الخالية من كل اثر لكائن، فلم تمض سنوات اربع حتى عمر بترسانة كاملة الادوات مستجمعة لشتات اللوازم والتجهيزات، فمن قواعد منحدرة لانشاء السفن عليها وتزليجها الى البحر، وورش ومخازن، ومصنع للحبال تمتد بنايته طولا الفا واربعين قدما اي كطول مصنع الحبال في ثغر طولون، وانشئت خلال تلك المدة دوننمة مؤلفة من ثلاثين سفينة وسلحت وجهزت بالعدد والرجال، وجربت للمرة الاولى من انشائها في مطاردة احد الاساطيل العثمانية.

"وما هي الا فترة قصيرة من الزمن حتى ادهشت البحرية المصرية اساطين علم البحر وثقاته سواء بدقة حركات السفن وضبطها اوو بدربة البحارة وحسن قيامهم على الاعمال المنوطة بهم، وقد اصبح المصريون ، وهم شعب مفطور على الامتثال ومحامد الخصال، كانهم خلقوا لمارسة البحر، ولقد سبق لنا ذكر فضائلهم الحربية ومناقبهم العسكرية، ونقول الان انه بالنظر الى سكانهم شواطئ النيل وهو النهر الذي بلغ من السعة في نظرهم الى تسميتهم اياه البحر، كانوا من اقدر الناس على السباحة واميلهم الى معاناة فنون الملاحة، ومن المناقب التي توافرت فيهم غير ما تقدم تاثرهم الشديد بعوامل المناظرة وحيهم الا يحرز قصب السبق سواهم، ومعلوم ان ثغر الاسكندرية تترد عليه باسم الزيارة سفن كثيرة تخفق عليها اعلام دول مختلفة، فكان منظر هذه السفن يبعث في نفوس الشبان المنتظمين منهم في سلك البحرية روح الغيرة والحماسة ويستفزهم الى الرغبة في اطلاع الخبيرين في الفن كل يوم على ما حذقوه من الحركات في المناورات، ونما بذلك في نفوسهم احساس الشمم، وتنبه الشعور بالكرام’، فكانت هذه المظاهر من اقوى العوامل على تنافسهم في احراز اوفر قسط من العلوم والفنون، ويؤخذ من اراء الاخصائيين في حالة البحرية المصرية ان الفرق بينها وبين بحرية الاستانة كالفرق بين جيوش محمد علي البرية وجيوش الباب العالي.


"وامتازت بحرية محمد علي على اول وهلة بالتفوقة في شبه جزيرة موره، وكان من دلائل تفوقها العظيم ان الحراقات اليونانية التي طالما هلعت لمرأها قلوب اهل الاستانة وقبعت بسببه اساطيلهم، لم تخش باسها السفن المصرية التي كان يقوم على امرها في ذلك العهد ربان السفينة الفرنسي المسيو لوتلليه، ولقد شرف الاسطول المصري الجديد مصر ورفع ذكرها اثناء حملة الشام، اذ قامت سفنه بمراقبة سواحل الشام ومنعت الاتراك من النزول عليها، وقبضت في انحائها على بعض السفن العثمانية، وساعدت المصريين على حصار عكا ، واقتفت اثر الدوننمة العثمانية التي كانت اكثر منها عددا واوفر مددا حتى حصرتها في مرسى مر مريس ثم دفعتها امامها حتى مضيق الدردنيل التي اشرفت ان تجتازه لولا مداخلة الدول الاوروبية التي حالت دون تحقيق هذه البغة مدفوعة بما هو معروف من عوامل السياسة".


كفاية عمال الترسانة المصريين

وذكر كلوت بك عن كفاءة العمال المصريين ومهارتهم وحسن استعدادهم ما ياتي:

"ان العمال المصريين هو الذين كانوا ينجزون اعمال انشاء السفن، وقد اظهروا فيها من الاهلية والدراية ما يوجب الدهش، وكان يشتغل منهم بالترسانة من ستة الاف عامل الى ثمانية الاف، اما العمال الاتراك فلم يبد ما يستوجب ارتياح المسيو سيرزي ورضاه عنهم، لانهم كانوا من الازدهاء بنفوسهم والنزوع الى العصيان والتمرد بما يحول دون صلوحهم لاجادة ما يناط بهم من الاعمال، فكانوا من هذا الوجه على نقيض المصريين الذين كانوا يدركون بسهولة سر الصنعة مما كان ينجز امامهم من الاعمال ويتفهمون دقائقها بما عهد فيهم من الذكاء ودماثة الاخلاق والامتثال للرؤساء، هذا فضلا عن انهم فطروا في فهم ما يعجم عليهم فهمه على تحكيم النظر اكثر منه على الذكاء والعقل، حتى ان الرسم البسيط مع هذا سريع النسيان لما يتعلمه، فضلا عن انه اذا بلغ من التعلم درجة ما، لا يرغب في تجاوزها الى ما بعدها، وهذا النقص يحول بلا ريب دون سعيه الى الكمال.

"وهم اميل الى مزاولة هذه الصناعات التي اساسها تقليد الاشكال والنماذج الثابتة، ومن ثم تراهم يجيدون صناعة البكر وقماش الاشرعة والحبال، والبراميل والنجارة الدقيقة، ويحسنون ثقب الثقوب وقلفطة المراكب، وانما لا يمكن الاعتماد عليهم فيها اذا مست الحاجة الى تغيير الاحجام واستنباط اشكال تخالف ما عهدوه عليه من المثل، كما يتفق احيانا مصانع الالات والحدادة والسبك، ما لم يراقبهم اثناء ادائهم اياها الرؤساء الاوروبيين فانهم في هذه الحالة يقومون بما هو مطلوب منهم على خير ما يرام.

"وترسانة الاسكندرية التي يصنع فيها كل شي بايدي المصريين وتناظر لهذا السبب جميع ترسانات الدنيا، دليل ناطق على مبلغ ما يمكن الاستفادة به من العمال المصريين، ويقيني ان عامة الشعب في اوروبا لا يستطيعون ان يؤدوا من جلائل الاعمال ما يؤديه العمال المصريين في مثل هذا الوقت القصير الذي يقومون بها فيه".

قواد الاسطول المصري

ناتي هنا على لمحة من تاريخ القواد الذين تولوا رئاسة الاسطول المصري في عهد محمد علي تخليدا لذكراهم وتبيانا لما قاموا به من جلائل الاعمال.

الاميرال اسماعيل بك

هو الذي قاد العمارة المصرية في اوائل الحرب اليونانية كما بينا ذلك في الفصل السابع وهو الذي تسميه المراجع الفرنسية اسماعيل جبل طارق، وبعضها يسميه اسماعيل الجبل الاخضر، وقد توفى اثناء الحرب اليونانية.

الاميرال محرم بك

اصله من قوله ثم اخذ مصر وطنا له، فاتصل بمحمد علي باشا واستخدمه في كثير من مهام الحكومة، وراى فيه من الصدق والاخلاص وحميد الصفات ما جعله يقربه اليه، وزوجه بكريمته تفيده هانم، وجعله حاكما للجيزة، ثم محافظا للاسكندرية فاحسن ادارتها، وبعد ان انشا الاسطول المصري الاول جعل محرم بك اميرالا له سنة 1826 وتولى قيادته في الدور الثاني من حرب اليونان، وحضر واقعة نافازين البحرية، وشهد نكبة الاسطول فيها كما فصلنا في ذلك في الفصل السابع.

ولما عاد الى مصر بقى في وظيفته الاولى محافظا للاسكندرية وانفرد بهذا المنصب الى ان توفى بها في 12 محرم سنة 1264 (20 ديسمبر سنة 1847).

فاسف عليه الناس اسفا كبيرا لجميل سيرته وحبه للخير، وباسمه سمى الحي المشهور في الاسكندرية بحي محرم بك.

الاميرال عثمان نور الدين باشا

اصله من جزيرة مدللي ولحق بمصر واتخذها وطنا له وخدمها خدمات جليلة، دخل في مدارسها الحربية ثم الحق بالبعثة التي ارسلها محمد علي الى اوروبا واتقن فيها العلوم الحربية والبحرية، ولما عاد صار له شان كبير في المهمات التي اسندت اليه وفي تنظيم البعثات الكبرى التي تدفقت نحو فرنسا، فقد كان عضوا عاملا من اعضاء اللجنة التي الفت سنة 1822 لوضع برنامج التعليم العسكري بالمدارس الحربية المصرية على النظام الحديث، فكان ثالث الثلاثة الذين تالف منهم تلك اللجنة، وزميلاه فيها هما الكولونل سيف (سليمان باشا الفرنساوي) واحمد افندي المهندس، وهو الذي اسس المدرسة الاعدادية بقصر العيني ومدرسة اركان حرب بالخانكة، وقد اثنى عليه كلوت بك في كتابه وجعله في مقدمة من اشاد بذكرهم من خريجي البعثات.

وقد نال منزلة كبيرة لدى محمد علي باشا لما انسه فيه من الاخلاص والكفاءة وصل الى رتبة سر عسكر وجعل رئيسا للاسطول المصري سنة 1827 بدلا من محرم بك، وانعم عليه برتبة الباشوية وبنى له محمد علي باشا منزلا على ساحل الميناء غربي سراي راس التين ليكون قريبا من السراي الخديوية ومن سفن الاسطول بالميناء. وجعله رئيس الجهادية في البر والبحر، ووصل من المنزلة والمكانة الى ان صار ثالث رجل في الدولة بعد محمد علي وابراهيم.

وقد كان له فضل كبير في ايفاد البعثات الكبرى الى فرنسا، ذلك انه اثناء تلقيه العلوم بها تعرف بالمسيو جومار احد اعضاء لجنة العلوم والفنون الذين اصطحبهم نابليون في مصر اثناء الحملة الفرنسية. وكان وقتئذ مكلفا من قبل الحكومة الفرنسية اخراج كتاب (تخطيط مصر) الذي وضعه علماء الحملة. فنال لديه عثمان نور الدين مكانة سامية واقترح عليه وهو في فرنسا ان يرغب الى محمد علي باشا عند عودته لمصر ارسال بعثات كبيرة الى فرنسا لتلقي مختلف العلوم والفنون فيها، وعرض ان يتعهد هذه البعثات بعناية واشرافه، وان يبذل قصارى جهده في تخريج تلاميذها دون مقابل.

فما عاد عثمان افندي نور الدين الى مصر سنة 1820، راى محمد علي باشا من كفاءته ونبوغه ما رغبه في ارسال طائفة من الشبان الى اوروبا وعرض عليه هو فكرة المسيو جومار فتلقاها بالقبول والارتياح ، شرع فعلا في ايفاد البعثات الى فرنسا سنة 1826 كما سيجئ بيانه.

وقد تولى قيادة الاسطول المصري في الحرب السورية الاولى، وخاصة في حصار عكا كما سبق بيانه ذلك في موضعه (ص 251 و285 الطبعة السابقة).

وكان له فضل كبير في ترقية شان الاسطول المصري بما كان يعني به من تطبيق النظم البحرية الحديثة على شؤونه ووحث قباطين السفن على تنفيذ اوامره بالدقة حتى ساد النظام في سفن الاسطول ، وكان يخرج بالسفن الحربية في الصيف من الميناء لاجراء المناورات وتدريب الجنود والتجارة على الحركات البحرية، ويتجول مدة ثلاثة اشهر رافعا علم مصر فوق ظهر البحار.

وفي سنة 1833 ارتحل محمد علي الى جزيرة كريت لتنظيم الحكم المصري بها، وكان في معيته عثمان نور الدين اميرال الاسطول، فاقر بالجزيرة عدة اصلاحات ادارية واجتماعية ولكنه اعتزم تجنيد اهلها، وكان ينوي اتخاذ ميناء السودة ثغرا حربيا ليكون قاعدة للاسطول المصري في جولاته بالبحر الابيض، فلم يكد يعود الى مصر ويذاع في الجزيرة نبا العزم على تجنيد الكريتيين حتى شبت الثورة بينهم، وحمل السلاح نحو ستة الاف من الفلاحين، وقصدوا الى حيث كانت الحامية المصرية ترابط في ثكناتها، فامتنعت الحامية في معاقلها وارسل حاكم الجزيرة مصطفى باشا الارناؤوطي نبا الثورة الى محمد علي ، فانفذ قوة من الجند برئاسة عثمان نور الدين لاخماد الفتنة، فلجا عثمان باشا الى اخذ الثوار باللين ولكنهم اصروا على عنادهم، فاشتبكوا مع الحامية في قتال فرقتهم فيه نيران المدافع، ووقع ثلاثون منهم في اسر الجيش الصمري، فارتاى عثمان باشا ان يعفو عنهم املا في ان يكسب الثوار ويقل من حدهم ووعدهم بالعفو، وارسل يطلب الى محمد علي باشا تعليماته في هذا الصدد، ولكن الباشا رفض العفو عنهم وامر يقتلهم، فكبر على عثمان باشا ان لا يؤبه لرايه ويرفض العمل به، ولم يجد وسيلة يخرج بها من هذا الموقف سوى الاستقالة من خدمة الحكومة، فارتحل من الجزيرة في اواخر سنة 1833 وكتب الى بوغوص بك ناظر خارجية مصر ينبئه انه اعتزل خدمة الباشا، وذهب الى جزيرة مدللي ومنها الى الاستانة، وحيث مات بها بعد قليل، وقد ارسل محمد علي باشا يامر باعدام زعماء الفتنة في كريت وادخال الشبان من اهلها قهرا في الخدمة العسكرية، فاشتعلت فيها نيران الفتنة ثانيا، ثم اخمدت سنة 1834، وبقى الحكم المصري قائما فيها الى ان اعيدت الجزيرة للدولة العثمانية بمقتضى معاهدة لندره سنة 1840.

الاميرال مصطفى مطوش باشا

اصله من قوله، وكان قبودانا في السفن التجارية، ولما قدم الى الديار المصرية استخدمه محمد علي باشا في الدوننمة المصرية، وكان يقف به ويعرف مقدار معارفه البحرية فجعله وكيلا للدوننمة (فيس اميرال) التي بعث بها لمساعدة الدولة العثمانية في حرب اليونان، وحضر واقعة نافارين البحرية ثم عين اميرالا ثانيا للعمارة التي ارسلت لضرب عكا تحت قيادة الاميرال عثمان نور الدين باشا في الحرب السورية الاولى، وعين وزيرا للبحرية، وكان يسمى ناظر السفائن، ثم جعله محمد علي باشا قائدا عاما للدوننمة المصرية بدلا من عثمان نور الدين سنة 1833، وجعل بيسون بك الفرنسي وكيلا له، وعين مصطفى بك الكريدلي في وظيفة رياله (أي كنتر أميرال) وقد بقى مطوش باشا رئيسا للدوننمة المصرية الى ان توفى سنة 1843، وكان من خيرة قواد البحر الذين زانوا تاريخ البحرية المصرية.

محمد سعيد باشا

ابن محمد علي باشا، وهو الذي ارتقى عرش مصر خلفا لعباس باشا الاول، وقد خصصه ابوه لتعلم الفنون البحرية، وهذا يدللك على مبلغ عنايته بالاسطول، فلما نال حظا من الفنون البحرية (وكان وقتئذ سعيد بك) عينه ابوه معاونا لمطوش باشا "سر عسكر" الدوننمة وناظر البحر، واصدر امره اليه بان يمتثل لاوامره ويؤدي له التعظيم العسكري بوصف كونه رئيسا له، وكان ذلك من سداد راي محمد علي باشا اذ عود ابنائه على احترام النظام الذي هو اساس التقدم والعمران، وقد جعله ابوه قبودانا للسفينة الحربية (دمنهور) برتبة صاغقول اغاسي، وجعل في معيته المسيو كوتليك واليوزباشية عرفان قبودان الذي صار عرفان باشا، وذو الفقار قبودان (الذي صار ذو الفقار باشا ناظر الخارجية) وسرهنك قبودان والد اسماعيل باشا سرهنك صاحب كتاب حقائق الاخبار عن دول البحار، وما زال يرتقي حتى صار قائدا عاما للدوننمة المصرية سر عسكر بعد مصطفى مطوش باشا، وكان في الوقت نفسه قومندانا للبارجة بني سويف واحتفظ بمنصب رئاسة الدوننمة في عهد عباس باشا الاول، ولكن البحرية المصرية اهمل شانها وبدا تقهقرها في عهد عباس.

احصاء الاسطول المصري في عهد محمد علي

لدينا ثلاث احصاءات عن سفن الاسطول المصري تختلف باختلاف مصادرها، والسنين التي عملت فيها، وقد راينا ان نضع امام القارئ صورة من هذه الاحصاءات الثلاثة لانها مع تقاربها تدل على التقم المحسوس في قوة الاسطول على مر السنين.

احصاء سنة 1837 للمسيو مانجان

قال المسيو مانجان ان عدد السفن الحربية المصرية بلغ سنة 1837 : 28 سفينة حربية، منها 10 بوارج كبيرة و6 فرقاطات و4 سفن من نوع الكورفيت و8 من نوع الابريق وهاك اسماء السفن التي وردت في هذا الاحصاء، وعددها 24 اما الباقية وعددها اربعة فكان العمل لا يزال جاريا لاتمامها وتسليحها:


اسم السفينة ضباط اركان الحرب عدد الضباط والجنود والبحارة عدد المدافع مصر 33 1172 136 عكا 34 1208 100 المحلة الكبرى 33 1102 100 المنصورة 33 1102 100 اسكندرية 33 1102 100 ابو قير 32 803 84 رشيد 17 529 60 البحيرة 17 529 60 شير جهاد 17 529 60 كفر الشيخ 17 529 60 واسطة جهاد 17 529 60 دمياط 17 500 52 سمند جهاد 13 242 24 طنطا 13 525 24 جناح بحري 13 424 22 جهاد بيكر 12 200 20 واشنطن 11 177 20 شاهين دريا 11 177 20 الصاعقة 11 177 20 تمساح 11 177 20 شاهد جهاد 11 138 16 شهباز جهاد 11 138 16 بادئ جهاد 11 138 16 أمريكان 11 138 14 المجموع 439 11820 1204

احصاء سنة 1839 للدكتور كلوت بك

وقد احصى الدكتور كلوت بك عدد السفن الحربية سنة 1839 وهي السنة التي وضع فيها كتابه، واحصاؤه يختلف قليلا عن احصاء المسيو مانجان، وفيه زيادة ظاهرة في عدد السفن.

احصاء اجمالي

فقد ذكر ان الدوننمة المصرية تتالف من السفن الاتية: 11 بارجة كبيرة 7 فرقاطات 5 سفن من طراز الكورفت 9 من طراز الابريق 32 قطعة

وانت مجموع جنودها بلغ 16000 رجل، وهذا بيان احصائه لاسماء السفن وعدد رجالها :


اسم السفينة عدد رجالها مصر 1097 عكا 1148 المحلة الكبرى 1034 المنصورة 1034 الاسكندرية 1034 ابو قير 736 رشيد 510 البحيرة 510 شير جهاد 510 كفر الشيخ غير موجودة في احصاء كولت بك لانها اسرت اثناء حرب الاناضول سنة 1839 اذ اسرتها العمارة التركية في مياه قبرص. واسطة جهاد غير موجودة في احصاء كولت بك دمياط 470 طنطا 183 جناح بحري 159 جهاد بيكر 159 واشنطن 115 شاهين دريا 115 الصاعقة 115 تمساح 97 شاهد جهاد (غير موجودة في احصاء كلوت بك) شهباز جهاد 97 بلنك جهاد 159 أمريكان (غير موجودة في احصاء كلوت بك)

بيان السفن الواردة في احصاء كولت بك ولم ترد في احصاء المسيو مانجان:


اسم السفينة عدد رجالها حمص 1034 بيلان 900 حلب 1034 الفيوم 1034 بني سويف 1034 المنوفية 558 وابور النيل 152 دمنهور 262 وابور الجوكا 52 الوابور الجديد 27 وابور بولاق 17 قوطر نمرة 1 29 قوطر نمرة 2 31 المجموع 15543

احصاء سنة 1834 لاسماعيل باشا سرهنك واورد اسماعيل باشا سرهنك (ج2 ص 253) احصاء اوفى من الاحصائين المتقدمين يتضمن بيان السفن الحربية في عهد سر عسكرية سعيد باشا اي سنة 1843، ومحل انشائها وتاريخه واسماء قباطينها وعدد رجالها وعدد مدافعها ومقاساتها وابعادها، وقد ذكر انه اخذ هذا البيان من وثيقة مكتوبة بيد المرحوم حسن باشا الاسكندراني ناظر ترسانة الاسكندرية وجدها عند ابنه محسن باشا، وهاك احصاءه وقد رتبنا اسماء السفن بحسب ترتيب احصاء مانجان وكلوت بك لسهولة المقابلة.


اسم السفينة محل انشائها اسم قبودانها في زمن اميرالية سعيد باشا عدد المدافع عدد رجالها مصر الاسكندرية شنان قبودان 106 1097 عكا الاسكندرية عثمان بك قاح 106 1148 المحلة الكبرى الاسكندرية بوزجه طه خليل بك 100 1034 المنصورة الاسكندرية طاهر قبودان 100 1034 الاسكندرية الاسكندرية جركس محمود قبودان 100 1034 ابو قير الاسكندرية حافظ خليل قبودان 84 736 رشيد تريستا السيد علي قبودان 60 510 البحيرة تريستا كاوز خورشد قبودان 60 510 شير جهاد ليفورن نوري قبودان بك 60 510 كفر الشيخ لم ترد في احصاء اسماعيل باشا سرهنك لانها اسرت كما اسلفنا واسطة جهاد جزائر الغرب دلي محمد خورشد قبودان 56 470 دمياط الاسكندرية محمد هدايت قبودان 56 470 سمند جهاد مرسيليا احمد شاهين قبودان 8 89 طنطا الاسكندرية دلي خسرو قبودان 28 186 جناح بحري جنوه زينل قبودان 24 185 جهاد بيكر جنوه حسن اباظة قبودان 24 185 واشنطن غير موجودة في احصاء اسماعيل باشا سرهنك شاهين دريا غير موجودة في احصاء اسماعيل باشا سرهنك صاعقة ليفورن طاهر قبودان 24 78 تمساح مارسيليا غير معروف 16 88 شاهد جهاد الاسكندرية ابراهيم قبودان 24 181 شهباز جهاد مارسيليا حسن الارناءود قبودان 18 88 بادئ جهاد امريكا غير معروف 24 79 امريكا غي روادة في احصاء اسماعيل باشا

السفن الواردة في احصاء سرهنك باشا ولم ترد في احصاء مانجان ووردت في احصاء كلوت بك:


اسم السفينة محل انشائها اسم قبودانها عدد المدافع عدد رجالها حمص اسكندرية عثمان بوني بك 100 1034 بيلان اسكندرية حسين شرين بك 86 900 حلب اسكندرية ازميرلي محمد قبودان 100 1034 الفيوم اسكندرية عبد اللطيف بك 100 1034 بني سويف اسكندرية الامير محمد سعيد باشا 100 1034 منوف اسكندرية عثمان بوتي قبودان 64 558 النيل انجلترا غير معروف 6 52 دمنهور اسكندرية مرجان قبودان 26 186 غولت جديد (قوطر 2) اسكندرية سرهنك قبودان 12 52 المجموع 596 5884

السفن الواردة في احصاء سرهنك باشا ولم ترد في احصاء مانجان ولا في كلوت بك:


اسم السفينة محل انشائها اسم قبودانها عدد المدافع عدد رجالاها الجعفرية ليفورن برغمه لي احمد قبودان 60 510 رهبر جهاد مارسيليا علي رشيد قبودان 30 200 بومبة تريستا بيجان قبودان 45 300 بلنك جهاد مارسيليا غير معروف 24 185 فوه اسكندرية مرجان قبوان 24 185 ابريق نمرة 2 امريكا الياس قبودان 18 89 المجموع 1857 16801


ويتبع هذا الاحصاء ثلاث بواخر وهي الوابور (برواز بحري)، والوابور (أسيوط) والوابور (جيلان).==الفصل الثاني عشر:التعليم والنهضة العلمية== اذا ذكرنا حسنات محمد علي كان من اجل اعماله توجيهه جزءا كبيرا من جهوده الى احياء العلوم والاداب في مصر، وذلك بنشر المدارس على اختلاف درجاتها، وارسال البعثات العلمية الى اوروبا، وقد اتبع في هذا السبيل تلك الفكرة التي اتبعها في انشاء الجيش والاسطول، ذلك انه اقتبس النظم الاوروبية الحديثة في نشر لواء العلوم والعرفان، فاسس المدارس الحديثة، واخذ من الحضارة الاوروبية خير ما انتجته العلوم والقرائح، فنهض بالافكار والعلوم في مصر نهضة كبرى كانت اساس تقدم مصر العلمي الحديث.

عنى محمد علي بنشر التعليم على اختلاف درجاته من عال الى ثانوي الى ابتدائي، ويتبين من مقارنة تاريخ المنشات العلمية انه عنى اولا بتاسيس المدارس العالية وايفاد البعثات، ثم وجه نظره الى التعليم الابتدائي، ونعم ما فعل ، لان الامم انما تنهض اولا بالتعليم العالي الذي هو اساس النهضة العلمية.

وقد اراد بادئ الامر ان يكون طبقة من المتعلمين تعلما عاليا يستعين بهم في القيام باعمال الحكومة والعمران في البلاد، وفي نشر التعليم بين طبقات الشعب، وهذا هو التدبير الذي برهنت عليه التجارب انه خير ما تنخض به الامم، وقد ساعد على تكوين طبقة تعلمت تعلما عاليا قبل انشاء المدارس الابتدائية والثانوية ان الازهر كفل امداد المدارس العالية والبعثات بالشبان المتعلمين الذين حازوا من الثقافة قسطا يؤهلهم لتفهم دروس المدارس العالية في مصر او في اوروبا، فكان الازهر خير عضد للتعليم العالي.

مدرسة الهندسة بالقلعة

ويبدو لنا ان اول ما فكر فيه محمد علي من بين المدارس العالية مدرسة الهندسة، وهذا يدلك على الجانب العملي من تفكيره، فانه راى البلاد في حاجة الى مهندسين لتعهد اعمال العمران فيها، فبدا بتعليم الهندسة.


وظاهر مما ذكره الجبرتي في حوادث 1231 هـ (1816 م) ان اول مدرسة للهندسة بمصر يرجع عهد تاسيسها الى تلك السنة، وذلك ان احد ابناء البلد على حد تعبير الجبرتي واسمه حسين شلبي عجوة، اخترع الة لضرب الارز وتبييضه، وقدم نموذحا الى محمد علي، فاعجب بها وانعم على مخترعها بمكافاة، وامره بتركيب مثل هذه الالة في دمياط، واخرى في رشيد، فكان هذا الاختراع باعثا لتوجيه فكره الى انشاء مدرسة للهندسة، فانشاها في القلعة.

المصادر

  1. ^ الرافعي, عبد الرحمن (2009). عصر محمد علي. القاهرة، مصر: دار المعارف. {{cite book}}: Cite has empty unknown parameter: |coauthors= (help)