حسن باشا الإسكندراني

حسن باشا الإسكندراني (و. ‏1790‏ - ت. ‏1852‏)، قائد عسكري مصري، وكان من تلاميذ البعثة الأولى التي أرسلها محمد علي باشا إلى فرنسا عام 1817.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته

ولد علي شاطئ البحر الأسود سنة ‏1790‏ ثم جاء إلي مصر سنة ‏1800‏ فشمله محمد علي بعطفه واستخدمه في قصره ولكنه فضل الانخراط في سلك البحرية‏.‏ فأوفده محمد علي سنة ‏1817‏ في بعثة إلي فرنسا‏، وعلي أثر تخرجه من الكلية البحرية بطولون‏،‏ قام بثلاث رحلات علمية علي سفن فرنسية فزار بلاد البرازيل وأمريكا الجنوبية وبلاد النرويج والسويد‏.‏[1]


عمله في الأسطول المصري

عاد من فرنسا سنة 1831 وكان في السابعة والثلاثين من عمره، فالتحق بالاسطول المصري، وبرهن على كفاءته ومهارته، وارتقى في المناصب الى ان صار رئيس ترسانة الاسكندرية، وناظرا للبحرية ونال رتبة الباشوية.[2]

وقد تولى قيادة الاسطول المصري الذي حارب الروسيا في حرب القرم سنة 1853 في عهد عباس باشا الاول وسعيد باشا، وكان هذا الاسطول مؤلفا من 12 سفينة حربية، واظهر شجاعة ورداية، وغرق في تلك الحرب سنة 1855 مع السفينة مفتاح جهاد التي كانت تقله وغرق معه معظم جنود وضباط السفينة، وكانت هذه آخر الحملات التي قامت بها السفن الحربية من الاسطول الضخم الذي انشاه محمد علي الكبير.

حرب القرم

لما رأى السلطان عبد المجید أن شبح الحرب یتھدد سلامة الدولة طلب من عباس باشا الأول والي مصر أن یرسل نجدة من الجنود المصریة. فامتثل الوالي وأمر بتعبئة أسطول مكون من اثنتي عشر سفینة مزودة بـ 642 مدفعا و6850 جندیا بحریا بقیادة أمیر البحر المصري حسن باشا الإسكندراني، وتعبئة جیش بري عدده حوالي 20 ألفا و72 مدفعا بقیادة الفریق سلیم فتحي باشا، إضافة إلى النجدات اللاحقة والتي شملت عددا كبیرا من الجنود والسفن أیضا، وتبرع والي مصر عباس باشا وابنه بمبلغ كبیر من المال إضافة إلى التبرعات من الموظفین وأھالي مصر. وقد وصل الأسطول المصري إلى الآستانة بعد ثلاث أسابیع من مغادرته میناء الإسكندریة في 14 أغسطس سنة 1853م، وقام السلطان عبد المجید بزیارة الجیش المصري وتكریم قواده.

وبعد استراحة الجیش لعدة أیام تم تقسیمه إلى 3 ألویة، ووزعھا على مناطق القتال على نھر الدانوب، وقد قام كل لواء من الألویة الثلاث بدوره في ھذه الحرب وأبلى أحسن البلاء في جمیع معاركھا. وھكذا أعلنت الدولة العثمانیة الحرب على روسیا رسمیا في 4 أكتوبر سنة 1853، وفي 27 مارس سنة 1854 انضمت فرنسا وانجلترا إلى تركیا في الحرب ضد روسیا (ویذكر ھنا أن الجیش الفرنسي المشارك في حرب القرم ومعركة سفاستوبل كان یحوي على ثلاث كتائب جزائریة).

ثم انتقلت الحرب إلى شبه جزیرة القرم، یقول الأمیر عمر طوسون: "بدأ حصار سباستبول في 20 سبتمبر 1854م واستمر عاما، لأن الاستیلاء علیھا تم في 8 سبتمبر سنة 1855م، وتم ھزیمة الجیش الروسي بقیادة الجنرال منشیكوف من قبل جنود الحلفاء (فرنسا وانگلترة) وجنود الجیش المصري، وذلك في معركة نھیر ألما في القرم.

عقب تولى محمد سعيد حكم مصر واصل حرب القرم التي بدأها سلفه عباس حلمي الأول فأرسل ابتداء من 19 أكتوبر 1854 نجدة بقيادة أحمد باشا المنكلي إلى الجيش المصري المرابط هناك تكونت من ١٤٩٧٦ مقاتلا و٣٦ مدفعًا.

وبعد ھذا النصر وفي طریق عودة الأسطول المصري من القرم إلى الأستانة في شھر أكتوبر من نفس العام غرقت بارجتان مصریتان في البحر الأسود وفقدت البحریة المصریة 1920 بحارا، ونجى 130 رجل فقط، وقد ورد نبأ ھذه الفاجعة الألیمة في جریدة "ذي إلّستریتد لندن نیوز" بعددھا الصادر بتاریخ 2 دیسمبر 1854. وجاء فیه: "وقد وقعت حوادث أخرى مریعة غرق فیھا كثیر من السفن، ولكن لیس بینھا ماھو أفظع من حادثة البارجتین المصریتین العائدتین من القرم".

ویكمل الأمیر عمر طوسون: "وفي خلال حصار سباستبول تقرر احتلال أوباتوریا (یفباتوریا) بجیش مؤلف من الأتراك والمصریین. وتم ذلك بالفعل في 9 فبرایر سنة 1855، وكانت ھذه المدینة تسمى قبل ضمھا إلى روسیا (كوزلوه) ولكن الروس غیروا اسمھا بقصد محو كل أثر إسلامي". وھكذا انتقل قائد القواد المصریة اللواء سلیم باشا فتحي إلى أوباتوریا مع القسم الأكبر من الجیش، وفي معاركھا استشھد القائد المصري سلیم باشا ودفن بجوار مسجدھا الكبیر (خان جامعي)، وما یزال قبره إلى الآن مع الأمیرالاي رستم بك والأمیرالاي علي بك.

وإلیكم ماجاء عن واقعة كوزلوه المذكورة في تقویم الوقائع العثماني سنة 1271ھـ (1855م):

"في الساعة الحادیة عشرة ونصف من صباح یوم السبت 29 جمادى الأولى سنة 1271ھـ (17 فبرایر سنة 1855م) ھجم الروس بستة وثلاثین طابورا من البیادة وثمانیة ألیات من السواري وثمانین مدفعا ھجومیا شدیدا على العساكر الشاھانیة الموجودة في كوزلوه، فشرعت العساكر الشاھانیة أیضا معتمدة على عون االله ونصرته في مقابلتھم واستمرت الحرب نحو أربع ساعات ونصف. ومع أن حصون ھذا الطرف لم تكن قد أكملت على الوجه اللائق ولم تكن المدافع أیضا قد وضعت في مواضعھا، إلا أن الجیش الروسي لم یتمكن من مواجھة شجاعة وبسالة جنود الحضرة الشاھانیة المنصورة وثباتھم ومتانتھم، فتقھقر منھزما یائسا. وقد ظھر أن خسارة العساكر الشاھانیة وعساكر دولة فرنسا الفخیمة والأھالي في ھذه الواقعة 103 أنفار قتلى و296 نفرا من الجرحى، ونال سلیم باشا فریق الفرقة المصریة رستم بك أحد أمراء ألایاتھا المشھود لھما بالشجاعة والبسالة شرف الشھادة. وقد ترك الروس في میدان القتال نحو 500 نفر من القتلى، عدا خسائره الجسیمة أثناء الموقعة وعدا ماتركه من الأشیاء الكثیرة مثل أسلحة وشنط". وفي 8 سبتمبر 1855م (1272ھـ) سقطت مدینة سباستوبل بعد حصار طویل دام عاما وانھزم الروس، وفي ھذا كتب المرحوم عبد االله باشا فكري یصف واقعة سباستبول وانتصار الأتراك والمصریین فیھا على الروس، ویدل مجموع حروف كلا شطري مطلعھا على تاریخ ھذه الحرب بالسنین الھجریة بحساب الجمل.

وھا ھي نقلا عن كتاب (الآثار الفكریة) لابنه المغفور له أمین فكري باشا ص 83، ومنھا:

لقد جاء نصر الله وانشرح القلب     لأن بفتح القرم ھان لنا الصعب
وقد ذلت الأعداء في كل جانب وضاق علیھم من فسیح الفضا رحب
بحرب تشیب الطفل من فرط ھولھا یكاد یذوب الصخر والطارم العضب
إذا رعدت فیھا المدافع أمطرت كؤوس منون قصرت دونھا السحب
تجرع أل الأصفر الموت أحمرا وللبیض في مسود ھاماتھم نھب
وقد غرھم من قبل كثرة جیشھم فلم یغن عنھم ذلك الجیش والركب
وولو یجدّون الفرار بعسكر تحكم فیه القتل والأسر والسلب
فقد راعھم من آل عثمان دولة مجیدیة دانت لھا الترك والعرب




وفي سنة 1856، عقد صلح بین الدولة العثمانیة والروسیة، ووضعت الحرب أوزارھا وبعث السلطان عبد المجید إلى والي مصر سعید باشا فرمانا بالتركیة یشكره على ما قدمه للدولة من المساعدة في ھذه الحرب ویثني على بسالة الجنود المصریین فیھا، ویعلمه بعقد الصلح بینه وبین روسیا، ومنح السلطان عددا من الجنود المصریین أوسمة على أعمالھم المجیدة.

نذكر ھنا أن من نتائج ھذا الصلح أن منعت روسیا من استخدام البحر الأسود لأغراض عسكریة، ومنحت كل من صربیا ورومانیا استقلال ذاتي تحت الدولة العثمانیة، وتنازلت روسیا عن بعض الأراضي رومانیا، وأعیدت سیباستوبل لروسیا.

شھادات قواد الجیوش ببسالة الجنود المصریین في حرب القرم

كتب الأمیرال الإنكلیزي (سلید) الذي كان موظفا في تركیا واشترك في ھذه الحرب وألف عنھا تاریخا سماه (تركیا وحرب القرم) عن الجنود المصریة ما یلي: "ھؤلاء ھم الجنود الذین ألقي القبض علیھم بغلظة وانتزعوا من عقر دورھم وصیاح أولادھم من حولھم یطن في آذانھم، وانتقلوا من ضفاف فروع النیل المضیئة بنور الشمس إلى غدران نھر الدانوب القاتمة. ومع ھذا قد ظلوا إلى نھایة الحرب محتفظین ببسالتھم وقوة روحھم العسكریة. وأظھروا في كل وقت وآن جلدا وصبرا عند التعب والحرمان. غیر أنه ویاللحسرة والندم نصفھم ألقى آخر نظرة إلى مصر لدى سفره منھا".

وجاء في خطاب كتبه الجنرال الفرنسي أوسمون إلى مسیو ( آمیه فانترینیه) بتاریخ 4 مایو، وھذا الأخیر نشره في مؤلفه الذي سماه سلیمان باشا قال فیه بصدد حرب القرم مایلي:

"لقد أتى في غضون حرب القرم قسم من أولئكم الجیوش المصریة المجیدة لیعاونونا في أعمال الحرب. ورأیت في أوباتوریا عندما كنت محافظا لھا فرقة مصریة مؤلفة من زھاء 12 ألف جندي، وھي تكون جزءا من جیش عمر باشا، ورأیتھا في المناورات ورأیتھا في الحرب تقاتل إلى جنب فرقتین من الجیش التركي، وأنا أصرح أنھا تفوق ھاتین الفرقتین في كل أمر".

وجاء في جریدة (المونیتور) التي كانت تصدر في ذلك العھد: "وتعتبر الجنود المصریة أحسن جنود في أوباتوریا. وھذه كانت أیضا شھرتھم في حرب الدانوب".

المصادر

  1. ^ "رجال حول الباشا". منتدى عملاتي. 2012-01-03. Retrieved 2013-12-25.
  2. ^ الرافعي, عبد الرحمن (2009). عصر محمد علي. القاهرة، مصر: دار المعارف. {{cite book}}: Cite has empty unknown parameter: |coauthors= (help)