الفشقة

(تم التحويل من الفشقة الكبرى)
الفشقة
خريطة توضح منطقة الفشقة شرق القضارف.jpg

الفشقة، هي إحدى المحليات الخمس المكونة لـولاية القضارف بشرق السودان، وتضم نحو 2 مليون فدان، تحتل منهم إثيوپيا نحو مليون فدان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النزاع مع إثيوپيا

خلفية

على يسار الصورة مدينة المتمة الإثيوپية وعلى اليمين القلابات السودانية، ويفصل بينهما جسر صغير. تقع الفشقة الكبرى والفشقة الصغرى ناحية الشمال والغرب بعد نقطة الجوازات.

إنّ تاريخ النزاع حول هذه المنطقة قديم جداً، منذ خمسينات القرن العشرين، لكنه ظل في حدوده المعقولة بين مزارعين إثيوپپين ورصفاءهم السودانيين في الجهة المقابلة، إلى أن انقلب الإخوان المسلمين على السلطة، وقرروا عام 1995 اغتيال الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في أديس أبابا، وباءت محاولتهم بالفشل، حينها شعر الراحل مليس زيناوي بطعنة في الظهر، حيثُ كانت علاقاته جيدة بحكومة الكيزان، فتوغل الجيش الإثيوپي داخل الأراضي السودانية إلى عمقها، ثم انسحب لاحقاً – وبقى في أجزاء من أراضي الفشقتين الصغرى والكبرى (وليس كلهما) بشكل شبة دائم منذ 1998 وحتى الآن.

ما قيل في هذا الخصوص، هو أن حكومة إثيوپيا (الرسمية) تعترف قانونياً باتفاقية الحدود لعام 1902، أي اتفاقية (هارنجتون - مينليك) وكذلك تعترف ببروتوكول الحدود لسنة 1903، واتفاقية عام 1972 مع حكومة السودان المستقلة بأن منطقة الفشقة أرضاً سودانية. لكن على أرض الواقع يبدو الأمر ليس كذلك، فلا تزال أجزاء من الفشقتين تحت سيادة إثيوپية فعليِّة، وسيادة سودانية (معترف بها من إثيوپيا) لكنها معلقة.

محاججات الأمهرا والولگايت

خريطة توضح موقع محلية الفشقة.

يعتقد الشعب الأمهري الإثيوپي، اعتقاداً راسخاً وجازماً، إن هذه أراضيه وأراضي أجداده، وإنه لن يتركها حتى ولو منحها منليك الثاني للإنگليز 1902، وبالتالي كلما حل خريف – وهذا الأمر مستمر منذ الخمسينات – يأتي مزارعون أمهرا بدعم من عصابات – (ولگاييت) التي تسمى بالأمهرية شفتا، ويزرعون الأراضي السودانية المعترف بها دولياً وإثيوپياً.

وهنا لابُدّ من فرز دقيق للمصطلحات، فهؤلاء المسلحون (الشفتا) ليسوا مليشيات، بل عصابات معروفة من أمد طويل، وينشط فيها ويترأسها وينظمها أفراد من شعب ولگاييت، وليسوا الأمهرا، فهؤلاء يستعينون بهم من أجل الحماية نظير مبلغ مالي.

وبالمناسبة ولگاييت هؤلاء، هم طيف عرقي (مظلة شعوب) بينهم من أصوله سودانية، وقد كانت لديهم مشيخة في رأس الفيل منذ الدولة السنارية، وهؤلاء هم عماد وعصب الشفتا، وهم أيضاً مثل الأمهرا يقولون إن أراضيهم التاريخية تمتد ليس فقط إلى الفشقة أو القضارف، بل حتى أبي حراز شرق مدني. لذلك، فإن الأمهرا وولگاييت (المسلحون – الشفتا) هم الذين يشعلون هذه المنطقة منذ عقود طويلة.

يُحاجج هؤلاء، بأنهم كقبائل حدودية كان يجب أن يكون لديهم امتداداً داخل السودان، كما متعارف عليه في كل العالم، لكن أراضيهم وهبها منيليك للإنجليز فتغيرت ديمغرافية المنطقة، وإن سكانها الحاليين جيئ بهم من أماكن قصيِّة من السودان الكبير، هكذا يقولون. بينما الحكومات الإثيوپية المُتعاقبة تفشل في اقناعهم إن الجدل حول الحدود لا يقوم على (التاريخانية) وإنما هو جدل قانوني ينبني على الحدود الاستعمارية، لجهة إن الاستعمار هو من أنشأ الدول ورسم حدودها في كل القارة الأفريقية، وبالتالي فإنكم إذا ما اعتديتم على هذه الأراضي ستحاكمون بموجب القانون الإثيوپي الذي يعترف بسودانيتها.

تتعرض الأراضي الزراعية السودانية لاعتداءات متكررة من قبل مليشيات الشفتة الإثيوپية، بغرض النهب والسلب، والأطماع الزراعية، واحتسبت القضارف منذ بدء الموسم الزراعي في يوليو 2015 (16) مواطنا، قتلوا برصاصة الجماعات الأثيوبية المسلحة في القرى والمناطق الحدودية، وتم فقد (4) مواطنين، ويبلغ طول “الحدود الدولية” في ولاية القضارف المشتركة بين الجانبين السوداني والأثيوبي نحو (265) كلم، ويقدر حجم الأراضي الزراعية المعتدى عليها من قبل الإثيوپيين بنحو مليون فدان بما يعرف بأراضي الفشة وتمتد من (سيتيت، وباسلام) شرقا حتى منطقة القلابات جنوبي القضارف، وتضم الفشقة “أخصب” الأراضي الزراعية في السودان، وتقسم لثلاث مناطق- “الفشقة الكبرى” وتمتد من (سيتيت حتى باسلام)، و”الفشقة الصغرى” وتمتد من (باسلام حتى قلابات)، و”المنطقة الجنوبية” وتشمل مدن (القلابات، وتايا حتى جبل دقلاش)، وتشهد سنويا أراضي الفشقة أحداثا دامية تمهر بتوقيع دماء غالية وتفقد فيها البلاد أنفسا عزيزة.[1]

يقول مدير إدارة الحدود في ولاية القضارف صلاح الخبير في ورقة علمية عن الحدود الأثيوبية تلقت (التيار) نسخة منها: إن دخول المزارعين الأثيوبيين في الأراضي السودانية قد بدأ في العام (1957-1964) وقد كان عددهم (7) مزارعين أثيوبيين يزرعون مساحة (3) آلاف فدان في منطقة الفشقة الكبرى بجبل اللكدي، وفي العام (1964-1967) بلغ عددهم (27) مزارعا بمساحة (33) ألف فدان، في الفترة من (1972- 1991) بلغ العدد (52) مزارعا في مساحة (84.500) فدان، وفي العام (2004) حسب إحصائية رسمية للجنة مشتركة من الجانبين بلغ عدد المزارعين الأثيوبيين في الأراضي السودانية (1956) مزارعا أثيوبيا يستغلون مساحة (754) ألف فدان، ويقدر حجم المساحات المعتدى عليها الآن من قبل الأثيوبيين مليون فدان- حسب تصريحات صحفية لوالي القضارف ميرغني صالح.

ترسيم الحدود

محلية الفشقة، ولاية القضارف.

يصف الكثير من المراقبين العلاقات السودانية الأثيوبية بأنها علاقات أزلية وممتدة بين الشعبين، ويقول مراقبون في حديثهم للصحيفة: إن العلاقات بين الجانبين لا يعكر صفوها سوى مسألة ترسيم الحدود التي تخلق توترات مختلفة، وتنجم عنها اضطرابات حادة أحيانا، تفقد فيها أرواح عزيزة، وطالب مزارعون بالقضارف في حديثهم (للتيار) رئاسة الجمهورية بالتدخل لحسم مسألة ترسيم الحدود؛ للوصول إلى حل نهائي وجذري ينهي التفلتات في المناطق الحدودية، ويقول مدير إدارة الحدود في حكومة ولاية القضارف صلاح الخبير في حديثه لـ (التيار): إن كافة ترتيبات ترسيم الحدود بين البلدين قد اكتملت، حيث تم تحديد إحداثيات خط قوين، ووضع العلامات، ووضع الجدول الزمني للترسيم، والتكلفة، وتنتظر- فقط- التوجيه المركزي من حكومتي البلدين، ووضع الميزانيات له لبدء التنفيذ، وكانت منظمة الوحدة الأفريقية قد وجهت بإكمال ترسيم الحدود بين البلدان الأفريقية قبل نهاية عام 2016، بيد أن هناك تأخيرا لازم ترسيم الحدود بين السودان وأثيوبيا، وينتظر أن يتم ترسيم الحدود بين (السودان، وأثيوبيا) وفقا لخط “قوين”، الذي تم رسمه في عام 1902، ضمن معاهدة أديس ابابا 1902، في فترة الحكم الثنائي (البريطاني – المصري)، بموجب مذكرة تقدم بها اللورد “كتشنر” حاكم السودان- آنذاك-، بعد مواقفة الحكومة البريطانية، فتم الترسيم بواسطة الميجور “قوين”، وأصبح يعرف باسمه، وفي عام 1963 صادقت الدول الأفريقية بمنظمة الوحدة على عدم تغيير الحدود المرسومة بواسطة الاستعمار، واعتمادها حدودا فاصلة بين الدول المستقلة، بالتالي أصبح خط قوين هو المعترف به دوليا بين السودان وإثيوپيا.

استيلاء بوضع اليد

قيتاشو مامبو.

حسب مزارعون من الفشقة: إن الهدف الرئيس لنشاط تلك الجماعات الأثيوبية المسلحة هو طرد المزارعين السودانيين، للاستيلاء على أراضيهم واستغلالها بزراعتها، وقد تجاوز الأثيوبيون تلك المساحات المتفق عليها، بل إن السلطات الأثيوبية تشير إلى أنها قد أبلغتهم بعدم الزراعة في تلك الأراضي السودانية، وتصف الحكومة الأثيوبية تلك المجموعات بأنها جماعات “متفلتة” أو “خارجة” عن القانون، ويرى مراقبون إنه أيا كانت التسمية أو التوصيف لتلك الجماعات الأثيوبية فإن الشاهد إنها قد تعتدي وتستولي بصورة دورية على أراضي المزارعين السودانيين.

جاء قيتاشو مامو إلى الفشقة الكبرى التي تحاذي منطقة التگراي بحوالي أكثر بقليل من 100 كم، وهو في مقتبل الشباب للعمل للاشراف على مشاريع عمه قزاتو ملس ردا والذي كان يمتلك عدة مشاريع زراعية شاسعة بالفشقة الكبرى وأسطول كامل من الجرارات والآليات الزراعية، وسرعان ما أثبت قيتاتشو جدارته وكفائته في ادارة أعمال عمه، الذى منحه جزءاً من الأرض ليزرعها ، ومنها انطلق قيتاتشو مامو وبعد سنوات قليلة صار أحد كبار المزارعين ورجال الأعمال الناجحين فأنشأ عدة شركات وأعمال تجارية ناجحة.[2]

عام 2000 عندما أجرى والي القضارف الراحل الشريف بدر تخطيط الحدود وتأجيره مناطق واسعة فى الفشقتين للإثيوپيون، كان قيتاتشو وقتها لديه مشروع زراعي واحد قد استولى عليه بالقوة المسلحة يعود لمزارع سوداني من الدرابي بالقضارف، فانتهز الفرصة واستولى على عدة كيلومترات من الأراضي السودانية واستغلها لمصلحته. وحقق بذلك ثروة طائلة من زراعة السمسم والذرة والقطن وبذرة عباد الشمس وقطعان الماشية، وانطلق تجارياً وبرز اسمه كأحد أبرز رجال الأعمال.

تبدو قصته مثلها مثل مئات المزارعين الإثيوپيين، لكن خطورته ظهرت فيما بعد لأنه ضابط برتبة رائد فى الجيش الإثيوپي الفدرالي، وهو من الوالگاييت، وهم الذين استعادوا مناطقهم، وهي مدن غرب التگراي، وصارت إدارياً تتبع الأمهرة، بعد أن انتزعها ملس زيناوي منهم لتكون للتگراي حدود مع السودان. وقام قيتاتشو بدور كبير ورئيسي، في تقدم ودخول الجيش الفدرالي مدن غرب التقراي لمعرفته الوثيقة بها لأنه من نفس المنطقة.

بعد تقدم الجيش السوداني وانتشاره في الفشقة، فقد قيتاتشو عدة مشاريع زراعية ضخمة فى طور الحصاد استعادها السودان في اطار حملته لاستعادة الأراضي السودانية في الفشقة وطرد المسلحين منها. وانطلق حقده وكراهيته على السودان والسودانيين، فبدأ يشن هجمات عبر الميليشيات، على الأراضي السودانية والمزارعين محاولاً إيقاف عمليات الحصاد، والاختطاف والاستيلاء على آليات المزارعين، لكن كانت القوات المسلحة له بالمرصاد وأفشلت كل محاولاته إلى أن توقف، خاصة بعد استيلاء القوات المسلحة على أحد المعسكرات الإثيوپية قرب برخت حيث دارت معركة كبيرة، انتصرت فيها القوات المسلحة.

ميدانياً تقود ميليشيات فانو العمل العسكري، وهم شباب الأمهرة ومدربين على استعمال السلاح، وهناك أيضاً القوات الخاصة وهى لا تتبع للجيش الفدرالي وإنما قوات شرطة المنطقة، بالإضافة لعصابات الشفتة وكل هذه القوات تجد الدعم والمساندة من الجيش الفدرالي والقوات الإرترية. اسم فانو والقوات الخاصة ضباط سابقين من الجيش الفيدرالي من الأمهرة والوالگاييت والأرماتشو وبعض الكيمانت.

زعيم فانو هو سولمون أتانوا، وهو من يقود وينظم وينسق الهجمات فى الفشقتين ضد الجيش السوداني والمزارعين. وأيضاً في بعض المناطق الأخرى مثل بني شنقول وبعض مناطق أروميا.

تسلسل القيادة يمتد إلى حاكم منطقة الأمهرة، وأسوأ الانتهاكات بالفشقة حدثت في عهد تمسقن طراونه الحاكم السابق لمنطقة الأمهرة، الذى يشغل حالياً مدير جهاز الأمن والمخابرات الفدرالي وبعد أحد أبرز معاوني أبي أحمد وصديقه وقدو أندرا قاتشو وهو أيضاً حاكم سابق للأمهرة ثم صار وزيراً للخارجية بعد ورقنه جبيو الذي تولى سكرتارية الإيجاد، وحالياً قدو أندرا قاتشو مستشاراً للشؤون الأمنية لرئيس الوزراء أبي أحمد. ثم الحاكم الحالي لمنطقة الأمهرة انو اثنجنهو تيشاغر، وقائد كل هذه المجموعات الأمهرية ديمكي موكنن حسن صاحب الكلمة العليا في الأمهرة، نائب رئيس الوزراء، الوزير المكلف بادارة وزارة الخارجية حالياً، وفى نفس الوقت هو رئيس حزب الأمهرة الديمقراطي. تعمل كل هذه المجموعات معاً للسيطرة على الفشقتين بكل الوسائل العسكرية والأمنية والسياسية، ويحصلون سنوياً في جيوبهم على ما لا يقل عن 700 مليون يورو سنوياً كعائدات شخصية لهم نظير دعمهم للمزارعين الإثيوپيين في الفشقتين، ووكانوا يخططون لتوطين 3 مليون من الأمهرة بها عبر إنشاء 500 قرية نموذجية بها كل الخدمات الأساسية، وأيضاً خططوا بشراكة صينية لإنشاء محالج ومصانع للغزل والنسيج ومصانع زيوت ومسالخ ماشية ومشاريع لتربية المواشي.

هناك أيضاً مجموعة سياسية أمهرية في المعارضة تُعرف باسم الحركة الوطنية في أمهرة، وهي مجموعة متشددة ومتتطرفة تدعو لسمو وسيادة الأمهرة على كل جميع العرقيات الإثيوپية وهذه الأيام يقومون بحراك كبير يدعو إلى الحرب ضد السودان واستعادة الفشقتين والتى يطلق عليها الأمهرة (دليل) كعادتهم تسمية المناطق التى يستولون عليها بأسماء أمهرية.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

دخول القوات السودانية

في 4 ديسمبر 2020 دخلت قوات سودانية مناطق قبالة منطقة تگراي تسيطر عليها مليشيا الشفتا الإثيوپية، وأعادت السيطرة على مناطق زراعية متاخمة لإثيوپيا لأول مرة منذ 25 عاماً. وسيطر الجيش السوداني على معسكر خور يابس داخل الفشقة الصغرى قبالة بركة نورين، بعد 25 سنة من الغياب.

يُذكر أن نزاعاً حدودياً كان نشب بين إثيوپيا والسودان على الحدود الشرقية للأخيرة، وتحديداً في منطقة الفشقة التابعة لولاية القضارف السودانية المحاذية لمنطقة أمهرة الإثيوپية.[3]

اعتداءات متكررة

في أوائل يوليو 2015 قامت مليشيا أثيوبية مسلحة باعتداء غاشم على تجمعات الدفاع الشعبي بالشريط الحدودي، وتوغلت داخل عمق الأراضي السوانية، وتمكنت قوات الدفاع الشعبي من التصدي لها بعد احتسابها لثلاثة شهداء هم (موسى عيسى أحمد)، (عثمان أحمد آدم)، (إسحق أبو محمد)، كما سقط المواطن عبد الله أحمد عثمان شهيدا برصاص قناصة المليشيا في منطقة “مربطة” بمحلية) القريشة) حيث أعرب مواطنو تلك المنطقة في تصريحات صحفية عن قلقهم من تنامي وتصاعد تلك الاعتداءات، في صبيحة يوم عيد الفطر المبارك- أي في ذات الشهر (يوليو) حاولت عصابات الشفتة الأثيوبية نصب كمين لرعاة سودانيين، في منطقة وسط قريتي (الجكة ومديرية) غرب نهر العطبراوي محلية القريشة ولاية القضارف، فصدتها قوات الدفاع الشعبي، واحتسبت الشهيد (عمر باشا) فيما قتل (ثمانية) من مسلحي عصابة الشفتة الأثيوبية في الاشتباكات التي دارت بينهما، بعد أيام قليلة من تلك الحادثة اقتحمت مليشيا أثيوبية مسلحة مشاريع زراعية لمزراعين سودانيين في محلية القلابات منطقة عطرب الواقعة في الطريق القاري (القضارف_ القلابات)، وأبلغ المزارع جابر عبد القادر عبد المحسن (التيار) أن مجموعة أثيوبية مسلحة قد اقتحمت مشروعه الزراعي في منطقة عطرب على بعد (8) كلم من الطريق القاري، فاستولوا على المواد البترولية، والتموينية، وغذاءات تخص العاملين في الكمبو الزراعي، والإسبيرات، وقطع الغيار الموجودة في المشروع، وأضرموا النيران في خزان الوقود، وأحرقوا المعسكر، كما فعلوا ذات الشيء في مشروع جاريه “حاج إسحق”، ومشروع “أبكورة”.

معركة بني شنقال

عبد الجليل سليمان
ساهم بشكل رئيسي في تحرير هذا المقال

في (يوليو) 2015 - أيضا- مع بدء موسم الخريف شنت مليشيات أثيوبية هجمات على قرى (خور شطة)، (أب سعيفة)، (خور سعد)، (شنقال)، ونهبت ممتلكاتهم ومدخراتهم، فاضطر المواطنون إلى هجر قراهم والزحف نحو منطقة “عطرب”، الواقعة على الطريق القومي (القضارف_ القلابات)، بعد أن وجدوا أنفسهم في مواجهة جهات مسلحة، لا قبل لهم بها، تتمتع بدرجة عالية من العتاد والمعدات القتالية، والإمداد، ويرجح المزارع عبد المحسن أن تكون تلك المجموعات منتشرة ومتنقلة بين الجبال في المنطقة الجنوبية بالقلابات، ومن ثم تشن هجماتها على المواطنين والمزارعين،[4] بعد تلك الأحداث عاد مواطنو تلك المناطق إلى قراهم ومارسوا حياتهم بشكل طبيعي، وغادرت الملشيات الأثيوبية المنطقة، لتعود صبيحة أمس الأول (الثلاثاء) وتهاجم منطقة بني شنقال، واحتسبت القضارف الشهيد “محمد علي” في المعركة متأثرا برصاص المليشيا الأثيوبية، وقال معتمد باسندا اللواء (م) محمد أحمد حسن في حديثه لـــ(التيار): إن مليشيا أثيوبية مسلحة جاءت إلى المنطقة مع بدء عمليات الحصاد فاشتبكت مع مزارعين، واستشهد مواطن خلال الأحداث، وأوضح المعتمد أن اجتماعا سابقا بعد حادثة الاعتداء على القرى الأربعة (خور شطة، شنقال، خور سعد، أب سعيفة) التأم بين الجانبين السوداني والأثيوبي حيث ترأس اللجنة السودانية المدير التنفيذي لمحلية باسندا عوض الكريم ربيع، بينما ترأس الجانب الأثيوبي “مارا ستي” نائب محافظ شمال قندر، وخلص الاجتماع إلى تكوين لجنة مشتركة من الجانبين زرات الأراضي الزراعية منطقة الأحداث، حيث منعت السلطات الأثيوبية المزارعين الأثيوبيين من زراعة تلك الأراضي السودانية بحضور ممثلي الجانبين، بيد أن ذلك لم يتم حيث وقع تعدٍ جديد أمس الأول.

دبلوماسية شعبية

لا تقتصر العلاقات بين السودان وأثيوبيا على الجانب الرسمي- فقط- فهنالك الكثير من التداخل الاجتماعي بين الشعبين، بصفة خاصة في المناطق الحدودية، ويرى مراقبون أن الدبلوماسية الشعبية يمكن أن تلعب دورا في إحداث تفاهمات فيما يجري على الحدود، وكان وفد شعبي لولاية القضارف برئاسة “عبد المنعم عبد الرحمن باشري” رئيس اتحاد أصحاب العمل السوداني في الولاية، وضم في عضويته كلا من (عبد الله عثمان أحمد، إبراهيم الشيخ، خالد حسن مسعود، محمد عبد الله مسعود، عبد المنعم الناجي، مصطفى محمد مصطفى، د. ناجي الطيب، د. كباشي عبد الرحمن، إبراهيم قسم السيد عامر، إدريس عابدين، جعفر حمد النيل)، قاموا بتقديم واجب التعازي لأسر ضحايا أثيوبيون (ثمانية) قتلوا داخل الأراضي السودانية بالقرب من منطقة عطرب، وقال محمد مسعود لــ(التيار): إن الوفد قدم مساعدات قيمتها (20) ألف بر أثيوبي لكل أسرة من أسر الضحايا مساعدات في العزاء- أي مايعادل (9) آلاف جنيه سوداني لكل أسرة، ولفت مسعود إلى أن الوفد كان في استقباله نائب مدير الوحدة الإدارية في مدينة المتمة الأثيوبية، ورئيس “القبلي”- أي رئيس اللجنة الشعبية في المنطقة، وإماما مسجدي القلابات والمتمة، ومسؤول الكنيسة وأعيان المنطقة والقيادات الرسمية والشرطية، ويرى مسعود اللصيق بالشأن الأثيوبي أن الدبلوماسية الشعبية يمكن أن تلعب دورا كبيرا في حسم الأزمات بين البلدين، ويقول: (الإرث والثقافة الأثيوبية تحترم العمل الشعبي، ويطلق عليه “الشماقلي”، فالدور والرأي الشعبي عندهم مهم ومحترم جدا، وفعال ومؤثر) وهنا يبرز السؤال هل يمكن للدبلوماسية الشعبية أن تفلح في نزع فتيل الأزمة والتوتر على الحدود بين الجانبين؟

الحشود الإثيوپية 2020

في 8 أبريل قام عبد الفتاح البرهان بصحبة ضباط هيئة العمليات ومدير الاستخبارات العسكرية بزيارة الفشقة[5]، وسط تصاعد التوترات في المنطقة بعد احتشاد القوات العسكرية الإثيوپية بمحاذاة الفشقة. كان الجيش الإثيوپي قد توغل في منطقة شرق سندس بالفشقة بمساحة تقدر بـ55 ألف فدان، وهي عبارة عن مشروعات زراعية تخص مزارعين سودانيين بالقضارف.

تمثل هذه المنطقة نزاع قديم متجدد وجاء التوغل الاثيوپي اثر انتشار الجيش السوداني على محطاته العسكرية والتي كان يتواجد فيها قبل 25 سنة وتم سحبه خلال حروب دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، وهي محطات عسكرية داخل الحد الشرقي للسودان. رد الإثيوپيين بدخول جيشهم لمنطقة سندس، لأنهم يدركون أن انتشار الجيش السوداني سيمنع مزارعيهم من الزراعة هذا الموسم والذي يبدأ الاستعداد له في هذه الفترة.

المنطقة التي توغل فيها الجيش الإثيوپي هي منطقة سودانية بالكامل، وتعتبر من أخصب المناطق الزراعية ويمتلكها مزارعين سودانيين ومشاريعهم الزراعية منحت لهم عبر هيئة الزراعة الآلية.

استغل الإثيوپيين طيلة السنوات الثلاثين الماضية انسحاب الجيش السوداني وتولت عصابات الشفتا والميليشيات القبلية المسلحة طرد وقتل المزارعين السودانيين وعمالهم والاستيلاء على الياتهم ومعداتهم الزراعية لكي يستولى على الأراضى مزارعين إثيوپيين.

أدت تطورات الأحداث وما شابها من توتر إلى وصول الفريق البرهان بمعية هيئة ضباط العمليات ومدير الاستخبارات العسكرية إلى دوكة والاجتماع مع قيادة الفرقة الثانية مشاة. ويبدو أن دوكة هي خط المواجهة لقربها واشرافها على المنطقة، كما أن القوات المسلحة السودانية انتشرت بكثافة على طول الحدود مع اقليم الأمهرا من الشمال للجنوب.

الملفت أيضاً أنه طيلة السنوات الثلاثين الماضية كان كل السفراء الإثيوپيين من الأورومو، التيگراي، والعفر، وتم تعيين سفير من الأمهرة سيصل خلال الأيام القادمة للخرطوم وقد سبق أن عمل في سفارة إثيوپيا بالخرطوم قبل سنوات.

هذه المنطقة والتي دخل اليها الجيش الإثيوپبي تم تخطيطها ووضع العلامات الدولية بواسطة لجان سودانية-إثيوپية مشترك أكملت عملها بنجاح وحسمت الجدل والنزاع على الحدود.

التوغل الإثيوپي غير مبرر وغير مقبول خاصة فى هذه الفترة التى تشهد العلاقات الإثيوپية السودانية أفضل حالاتها، خاصة توحد مواقفهما حول سد النهضة، عدا العلاقات التاريخية بين البلدين.

في أواخر مارس 2002، صرح وزير الخارجية الإثيوپي فى معرض تعليقه على تهديدات مصرية بالحرب بفعل سد النهضة: ان الحرب مكلفة ولا تسبب غير الدمار.

تهدئة 2020

في أبريل 2020، شهدت العاصمة السودانية الخرطوم، زيارات متتالية لكل من وزير الري ورئيس المخابرات المصريين، أعقبتها في اليوم التالي مباشرة زيارة لرئيس هيئة الأركان المشتركة الإثيوپي الجنرال آدم محمد. وأحيطت زيارة المسؤولين المصريين بسياج منيع من التكتم، ورجحت التحليلات الصحفية أن يكون الهدف كسب السودان للجانب المصري في مباحثات سد النهضة. وفي الجانب الآخر ورغم أن رئيس هيئة الأركان الإثيوپي قال إن مباحثاته مع القادة السودانيين تناولت قضايا الحدود ومحاربة الجريمة العابرة، والتهريب والاتجار بالبشر، فإن مصدراً إثيوپيا قال لصحيفة الشرق الأوسط، في 11 أبريل 2020، إن زيارة رئيس هيئة الأركان، يهدف جزء منها لمعالجة النزاع بين البلدين على منطقة الفشقة السودانية الخصيبة، والتي استولت عليها قوات محسوبة على حكومة إقليم أمهرا الإثيوپي، بعد أن طردت المزارعين السودانيين منها إبان حكم نظام المعزول عمر البشير.[6]

وبحسب المصدر، فإن رئيس الأركان الإثيوپي اتفق مع المسؤولين السودانيين على خطة تعود بموجبها قوات البلدين لحدودها الدولية في غضون أسبوعين، على أن تباشر لجان ترسيم الحدود وضع العلامات الحدودية على الفور، وذلك عقب لقاء ينتظر أن يجمعه غدا مع رئيس الوزراء آبي أحمد، لتقديم تفاصيل اجتماعاته في الخرطوم.

وقال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، عقب لقائه كلا من وزير الري محمد عبد العاطي ورئيس المخابرات عباس كامل المصريين بالخرطوم، في 9 أبريل، إن بلاده متمسكة بمرجعية مسار واشنطن الخاص بقواعد المليء والتشغيل لسد النهضة، وإعلان المبادئ الموقع بين رؤساء الدول الثلاث في الخرطوم 2015. وتعد تصريحات حمدوك تغيراً في الموقف السوداني تجاه مفاوضات سد النهضة الجارية بواسطة واشنطن. فقد رفض السودان توقيع المسودة المقدمة من وزارة الخزانة الأمريكية في فبراير 2020، ووقعتها مصر ورفضت إثيوپيا توقيعها، بل ألغت السفر إلى واشنطن في اللحظة الأخيرة. وتحفظ السودان أيضا على مشروع قرار مقدم من مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية لمساندة ودعم مصر في مفاوضات سد النهضة، متذرعاً بأن مثل هذا القرار قد يدفع إثيوپيا للجوء للاتحاد الأفريقي وخلق اصطفاف أفريقي معها، بمواجهة الاصطفاف العربي لصالح مصر.

وتضع إثيوپيا ألف حساب لهذا المتغير الجديد والذي طرأ على الموقف السوداني، وينتظر بحسب المصدر، أن يقوم مسؤولون إثيوپيون كبار بزيارة قريبة للسودان لبحث الأمر، وكيفية التعامل معه. وللسودان نزاعات حدودية مع كل من مصر وإثيوپيا، على مثلث حلايب، ومنطقة الفشقة الزراعية الخصيبة. وتسيطر القوات الإثيوپية على المنطقة السودانية الواقعة نحو 600 كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية شديدة الخصوبة، والتي انتزعت فيها مشاريع زراعية سودانية بواسطة مزارعين إثيوپيين.

ولم تتوقف المفاوضات بين البلدين من أجل التوصل لحل نهائي للنزاع الحدودي على المنطقة طوال العقود الماضية، لكن التصعيد الأكبر الذي شهدته المنطقة، حين استغل الجيش الإثيوپي "محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك والتي اتهمت بها الحكومة السودانية"، وسيطرت على المنطقة مجدداً عام 1993. وتعترف إثيوپيا الرسمية بتبعية المنطقة الزراعية للسودان، لكنها لم تتخذ خطوات عملية لترسيم الحدود، فسمحت للمزارعين الإثيوپيين بزراعة المنطقة ووفرت لهم الحماية، ومعظمهم من عرقية أمهرا المحادة للسودان، ويزيد الأمر تعقيداً بسبب النزاعات الحالية بين القوميات الإثيوپية.

وشهدت الخرطوم الجمعة مباحثات عسكرية رفيعة المستوى، أثناء زيارة رئيس هيئة أركان الجيش الإثيوپي الجنرال آدم محمد للسودان، ولقائه كلا من رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وعقد العسكري الإثيوپي البارز جولة مفاوضات مع نظيره السوداني الجنرال محمد عثمان الحسين.

وبحث الطرفين العلاقات الأمنية والعسكرية المتعلقة بالحدود بين البلدين، واتفقا على تنسيق العمل بين قوات البلدين لمكافحة الجريمة العابرة والهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر ومكافحة الإرهاب وتهريب الأسلحة، ومحاربة العصابات التي تنشط في المنطقة الحدودية المشتركة.

وأثناء زيارة كل من وزير الري ورئيس المخابرات المصريين للسودان في 9 أبريل، اتفق البلدان على التمسك بمسودة وزارة الخزانة الأمريكية المتعلقة بقواعد المليء الأول لسد النهضة وتشغيله، وإعلان المبادئ الموقع بين رؤساء الدول الثلاث في 2015 بالخرطوم.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

اعتداءات مايو 2020

في 28 مايو 2020، شهدت ولاية القضارف توترات جديدة بعد تسلسل مليشيات إثيوپية للحدود، واعتدائها على المشاريع الزراعية بمنطقة بركة نوريت وقرية الفرسان، ومنطقة الفشقة. كما اشتبكت مع قوة عسكرية سودانية في معسكر بركة نورين، بحسب وكالة الأنباء السودانية، ما أدى إلى مقتل نقيب في الجيش السوداني وطفلة، إلى جانب جرح عدد من العسكريين والمدنيين.[7]

رداً على ذلك، استدعت السودان السفير الإثيوپي بالخرطوم، وأبلغته إدانة ورفض الحكومة السودانية لهذا الاعتداء الآثم الذي يأتي في وقت كانت الاستعدادات تجري في الخرطوم لعقد الاجتماع الثاني للجنة المشتركة رفيعة المستوى لقضايا الحدود التي يرأسها من الجانب السوداني وزير رئاسة مجلس الوزراء ومن الجانب الإثيوپي نائب رئيس الوزراء. كما طالب باتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقف مثل هذه الاعتداءات، ونبّه إلى أن استدامة وتطوير التعاون بين البلدين لابد أن يبنى على الاحترام المتبادل لسيادة واستقلال وحدود كلٍ منهما وحق شعبيهما في العيش في أمانٍ وسلام، واستخدام مواردهما الطبيعية والاقتصادية دون تغول أو اعتداء من أي طرف على الآخر.

مواجهات ديسمبر 2020

في 5 ديسمبر 2020، استرد الجيش السوداني، مساحات زراعية في منطقة الفشقة التابعة لمحلية الفريشة على الشريط الحدودي المحاذي لإثيوپيا، بعد 25 عاماً من سيطرة قوات إثيوپية عليها. ووضعت المليشيات المدعومة من الجيش الإثيوپي يدها على هذه المساحات الخصبة خلال العقدين الماضيين، إثر انسحاب الجيش السوداني منها. وحسب مصادر موثوقة، فإن الجيش السوداني تقدم في مساحة تبلغ 5 كم، بمنطقة الفشقة. وأشارت المصادر إلى أن: الجيش عبر المنطقة الشرقية لنهر عطبرة في منطقة بركة نورين، مستردا هذه المساحات من المليشيات المدعومة من الجيش الإثيوپي. وتمكن الجيش السوداني من الدخول لمعسكر خور يابس داخل الفشقة الصغرى قبالة بركة نورين، بعد 25 سنة من الغياب، وبهذه الخطوة تكون قد تبقت نصف المساحة التي كانت تحت سيطرة ميليشيات الشفتا الإثيوپية بدعم رسمي.[8]

في 28 مايو 2020، قتل في منطقة بركة نورين قائد عسكري من الجيش السوداني إثر تبادل النيران مع المليشيات المعززة من الجيش الإثيوبي، وفر آلاف السودانيين نتيجة هذه الاشتباكات إلى مناطق قريبة، ليبدأ بعدها الجيش السوداني في تعزيز قواته على الشريط الحدودي. ونشر الجيش السوداني قوات إضافية فور إندلاع الحرب بين الحكومة الإثيوپية وجبهة تحرير التقراي في 4 نوفمبر، لمنع تسلل عناصر مسلحة لأراضيه في وقت سمح لأكثر من 47 ألف لاجيء عبور الحدود. وفي منتصف ديسمبر سلم الجيش السوداني نظيره الإثيوپي 50 عسكرياً كانوا سلموا أنفسهم ابان احتدام المعارك مع جبهة التقراي.

في 19 ديسمبر 2020، قالت وكالة الأنباء السودانية، أن القوات المسلحة السودانية واصلت تقدمها فى الخطوط الأمامية داخل الفشقة لإعادة الأراضى المغتصبة والتمركز فى الخطوط الدولية وفقاً لاتفاقيات العام 1902. وأضافت الوكالة السودانية، أن القوات المسلحة أرسلت تعزيزات عسكرية كبيرة للمناطق الأمامية بالشريط الحدودى مع إثيوپيا. وتابعت: "استقبلت قيادة الفرقة الثانية مشاة اليوم قافلة الدعم والمؤازرة التى قدمتها قبيلتى البنى عامر والحباب بولايتى كسلا والقضارف برئاسة الناظر دقلل ناظر قبائل البنى عامر ووكيله محمد حسن حاج آغا ووكيل ناظر الحباب محمد على محمد سعيد وشملت القافلة العديد من المواد الغذائية وصكا ماليا بمبلغ خمسمائة ألف جنيه. وأكد الناظر دقلل وقفة أهل الشرق وقبائل البنى عامر والحباب مع الجيش السودانى لصد العدوان الغاشم الذى يستهدف الأرض والعرض، وأشار دقلل لرمزية المنطقة العسكرية الشرقية فى الجيش السودانى والتاريخ العسكرى لها موكدا استمرار عمليات الاسناد والمؤازرة حتى يتم استلام أراضى الفشقة كافة.[9] قالت مصادر عسكرية سودانية مساء الأربعاء 24 ديسمبر 2020، إن الجماعات الإثيوبية المسلحة والمدعومة من الجيش الإثيوبي شنت هجوماً بالمدفعية الثقيلة على الجيش السوداني في منطقة أبو طيور بالفشقة الصغرى في المنطقة الحدودية بين البلدين.

وتشهد المناطق الحدودية بين إثيوبيا والسودان مواجهات بين الجيش السوداني وجماعات مسلحة إثيوبية استولت على مناطق تتمسك الخرطوم بسيادتها عليها.[10]

أعلن الجيش السوداني، الثلاثاء 29 ديسمبر 2020، استعادته السيطرة على معظم الأراضي السوادنية على الحدود مع إثيوبيا. وقال نائب رئيس هيئة الأركان، [[خالد عابدين الشامي]ي، خلال تصريحات صحيفة، إن «الجيش السوداني سيطر على معظم الأراضي التي كانت بيد عصابات الشفتة التي خرج (الجيش) منها في العام 1996»، موضحا أن «القوات المسلحة أمّنت هذه المناطق تمامًا وجاهزة للتصدي لكل من يفكر في الاعتداء عليها مجددا».

كشف نائب رئيس هيئة الأركان أن «بعض بني جلدتنا»، كما سماهم، تعاونوا مع المعتدين في تغير معالم الحدود من خلال انتزاع العلامات، مضيفا أنه لا مجال لتغيير الديمغرافيا في المنطقة.

وقالت مصادر مطلعة إن الأراضي المستعادة تفوق المليون فدان من الأراضي الزراعية، بالإضافة إلى بلدات حدودية بكامل خدماته.[11]

استمرار الاشتباكات 2021

في 11 يناير 2021، الجيش السوداني يصد هجوم من الجيش الإثيوپي شرق نهر عطبرة بين قريتي ودكولي ومديرية في رأس الشيطان، ويكبدهم خسائر كبيرة حيث فروا إلى قرية سفارة، وهي أكبر مستوطنة إثيوپية في الفشقة الصغرى.[12]


في 1 مارس 2021، أفاد تقرير إخباري سوداني بأن منطقة الفشقة الكبرى شهدت مواجهات شرسة بين الجيش السوداني وميليشيات إثيوپية كانت استولت على مساحات زراعية واسعة داخل الأراضي السودانية. ونقل موقع سودان تريبيون عن مصادر عسكرية موثوقة القول إن وحدات من الجيش وقوات الاحتياط خاضت اليوم السابق معارك طاحنة باستخدام الأسلحة الثقيلة. وكانت ميليشيات إثيوپية من قوميتي الأمهرة والكومنت نفذت الأسبوع السابق هجمات مسلحة على مزارعين سودانيين في الشريط الحدودي بين البلدين.[13]

وقالت المصادر العسكرية: "استطاع الجيش دحر الميليشيات من مشروعي إبرة وتدلي ومطاردتهم حتى مستوطنة برخت على الحدود السودانية الإثيوپية". وأفادت بأن الجيش أقام معسكراً ونقطة ارتكاز في مستوطنة حسن كردي قبالة الحدود مع إثيوپيا، فيما لا تزال عمليات مطاردة الميليشيات مستمرة. وبحسب المصادر فإن هذه المعركة مكنت القوات السودانية من التوغل مجدداً وإعادة السيطرة الكاملة على المساحات الزراعية في الفشقة الكبرى بمحاذاة منطقة تيگراي بطول 110 كم.

في 7 مارس 2021، أعلنت قوات التحالف السوداني عن جاهزيتها لمشاركة القوات الحكومية والجيش السوداني في منطقة الفشقة. وقال رئيس وفد التحالف السوداني، يوسف سعيد ماهل، إن الزيارة كانت مثمرة وإنهم وجدوا قبولاً تاماً من قبل الأجهزة الأمنية، التي وصفها بالمتماسكة والمترابطة، مشيراً إلى أن الزيارة امتدت حتى الحدود التشادية لتفقد الجيش. وأوصى يوسف بضرورة البدء الفوري بالترتيبات الأمنية، لأنها تعمل على حل وحسم المشاكل الأمنية، خاصة في ولاية غرب دارفور، مطالباً القيادة العليا في رئاسة المجلس السيادي بضرورة النظر في ملف الترتيبات الأمنية، لكي تبدأ في الأيام القليلة القادمة. وأشار ماهل إلى أن الزيارة شملت عدداً من المعسكرات من بينها معسكر بيضة ونُزُل وكليكل، مبينا أن هذه المعسكرات جاهزة ومتشوقة للسلام، معلناً عن جاهزية قوات التحالف السوداني للمشاركة مع القوات المسلحة في منطقة الفشقة، وأنهم سيقوموا أيضاً بزيارات لكل ولايات السودان المختلفة، دون فرز.[14]

في اليوم السابق، وصل إلى العاصمة الخرطوم، وفد التحالف السوداني برئاسة ماهل، قادماً من مدينة الجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور، بعد زيارة تفقدية لمعسكرات النازحين بالولاية للتبشير بالسلام. ويتكون التحالف السوداني من 15 فصيلاً مسلحاً، وهو أحد مكونات الجبهة الثورية.

في منتصف مايو 2021، دفعت إثيوپيا بحشود عسكرية ومليشيات من الأمهرة إلى الأراضي السودانية، وذلك نحو مستوطنة قطراند الواقعة داخل أراضي منطقة الفشقة السودانية

ونقلت صحيفة سودان تريبيون، في 26 مايو، عن مصادر عسكرية قولها إن الحدود السودانية الإثيوپية بالفشقة الكبرى والصغرى شهدت حشود كبيرة وتحركات لقوات إثيوپية قادمة من عاصمة إقليم بحر دار ومدينة قندر، مؤكدة أن القوات الإثيوپية المدعومة بمليشيات الأمهرة اتجهت نحو مستوطنة قطراند وهي مزودة بعتاد حربي ورشاشات قناصة ومدافع ودبابات.[15]

ويأتي تحرك القوات الإثيوپية عقب معارك وقعت في 25 مايو بين الجيش السوداني والقوات الإثيوپية، حيث نجح جيش السودان الأول في استعادة 20 ألف فدان كان يسيطر عليها الإثيوپيون منذ عام 1995 على بعد 3 كم من معسكر الأنفال.

من جهة أخرى، كشفت مصادر في مجلس السيادة السوداني لموقع "الشرق" الإماراتي، أن الإمارات أخطرت الخرطوم رسمياً بسحب مبادرتها لحل النزاع الحدودي بين السودان وإثيوپيا. وقالت المصادر إن أبوظبي أكدت في خطابها احترامها لموقف الخرطوم الداعي إلى تكثيف العلامات الحدودية فقط.

ويتنازع البلدان على منطقة الفشقة الزراعية التي تقع بين نهرين، حيث تلتقي منطقتا أمهرة وتيغراي في شمال إثيوپيا بولاية القضارف الواقعة في شرق السودان.

المفاوضات

في 22 ديسمبر 2020، انطلقت المفاوضات الحدودية بين السودان وإثيوپيا حول المناطق الحدودية المتنازع عليها، التي عُقدت في الخرطوم. في 24 ديسمبر أعلن عن فشل المفاوضات[16]، وذلك لنكوص وتراجع الوفد الاثيوپي عن الاعتراف باتفاقية 1903 بين حكومة السودان وامبراطورية إثيوپيا، والتى نصت على اعتماد خط قوين أساس لتخطيط الحدود وهو ما حدث فعلا لاحقا عندما تم تخطيط الحدود بالاستناد على خط قوين .وكان من المفترض أن تكون هذه المفاوضات لعمل اللجان المشتركة ميدانيا وضع ما تبقا من علامات دولية وهي قليلة.

حجة الوفد الإثيوپي بعدم الاعتراف بخط قوين أنها تمت فى العهد الاستعماري، والجدير بالذكر أن الإنگليز وقعوا الإتفاقية نيابة عن السودان مع الإمبراطور الاثيوپي وقتها "منليك" أپ أن إثيوپيا لم تكن مستعمرة وقتها.

يقود المفاوضات من الجانب الاثيوپي صقور الأمهرة، وهم ديمكي مكنن نائب رئيس الوزراء وصقر الصقور قدو أندرا جاتشيو مستشار رئيس الوزراء للشؤون الأمنية وقاد خطأ متشددا في مفاوضات سد النهضة فى واشنطن عندما كان وزيرا للخارجية. أيضا هناك من الصقور والمتطرفين الامهرة تمسقن طرونيه رئيس جهاز المخابرات والأمن الوطنى وكان حاكم إقليم الأمهرة وقبل أشهر تم تعيبنه فى المخابرات لكنه لم يشارك فى الوفد. وعندما كان حاكما لإقليم الامهرة كانت لانتهاكات الأثيوبية فى الفشقة فى ذروتها.[17]

يوجد غليان شعبى حالياً فى الامهرة لدخول الجيش السوداني للفشقة وهناك دعوات ونفير لاستعادتها خاصة أن المزارعين الإثيوبيين تركوا خلفهم أكثر من 250 الف فدان مزروعة ذرة والسودانيين يحصدونها حاليا. يقود النفير وبدعم مستتر من حكومة الامهرة في بحر دار شيوخ القبائل والارماتشو وهم عصابات الشفتة من الامهرة والوالقاييت.

لأن اتفاقية 1903 ضمت بني شنقول السودانية لإثيوبيا يحق للسودان التراجع عن الإتفاقية لأن الإنگليز هم من وقعوها مع حكم وطنى فى إثيوبيا ومن حق السودان المطالبة بها رسميا. هناك أحاديث عن موقف إثيوبيا لا يعدو عن مناورة سياسية لإجبار السودان لتغيير موقفه من بعض ملفات سد النهضة . وهو ما سنناقشه فى المقال التالى. ومن المقرر أن تنتهى جولة المباحثات الخامسة من مساء اليوم وسنرى مايضيفه البيان المشترك. بالتزامن مع ذلك الجيش السوداني لهجمات إثيوبية في منطقة أبو طيور الحدودية. وتجددت الاشتباكات في منطقة جبل أبوطيور التي أعلن الجيش قبل أيام تطهيرها من الميليشيات الإثيوبية والسيطرة عليها.

في 20 يونيو 2021، اتفقت السودان وإثيوپيا على تهدئة الأوضاع الأمنية في المنطقة الحدودية، ما يعني بقاء الوضع الحالي على ما هو عليه، بعد محادثات عسكرية رفيعة خلصت إلى نقل الأزمة إلى المسؤولين السياسيين للبلدين.

وقالت صحيفة سودان تربيون إن اللقاء الذي عقد بمدينة القلابات السودانية، القريبة من الحدود الإثيوپية، امتد لساعات طويلة وناقش التهديدات الأمنية لكلا الجانبين، وانتهى إلى تفاهمات للحد من التوتر الشديد الذي ميز حدود البلدين على مدى الستة أشهر الماضية.[18]

وقالت مصادر عسكرية للصحيفة، إن الجانب السوداني شدد على عدم السماح بأي تدريب عسكري داخل مخيمات اللجوء، وتم الاتفاق على منع تواجد المزارعين حول المناطق العسكرية والمحافظة على الوضع القائم حالياً دون أي توترات.

كما اتفق العسكريون من الجانبين على رفع قضايا الحدود العالقة بين البلدين وترحيل النقاش فيها إلى مستويات عليا من القيادة السياسية والعسكرية في البلدين. وشدد الجانبان على أهمية الحد من اعتداءات "عصابات الشفتة" الإثيوپية على المزارعين والرعاة السودانيين والحد من عمليات النهب والخطف والقتل التي تمارسها، حسبما نقلت المصادر.

وتطرق النقاش أيضا إلى تجارة البشر والمخدرات والسلاح، حيث اتفق الجانبان على مكافحة هذه الجرائم، جنبا إلى جنب مع تبادل المعلومات عن الأسرى وتحديد أسباب اعتقالهم وإمكانية إطلاق سراحهم.

في نوفمبر 2020 انتشر الجيش السوداني في منطقة الفشقة المحاذية لإثيوپيا، قال إن إثيوپيين استولوا عليها وطردوا منها المزارعين السودانيين، وإن المليشيات الإثيوپية المدعومة من الحكومة أقامت مستوطنات كبرى بها طوال 26 عاما مضت.

وأعلن الجيش السوداني أن عملية إعادة الانتشار هذه نجحت في استعادة 95% من الأراضي السودانية التي كانت بيد المليشيات الإثيوپية، وهو ما ترفض إثيوبيا الاعتراف به وتطالب الخرطوم مرارا بالعودة إلى الوضع القائم قبل نوفمبر 2020. في المقابل يتمسك السودان بتكثيف علامات الحدود بين البلدين ووضعها بالمسافات المناسبة لتوضيح مسار خط الحدود بناء على [[الاتفاقية الإثيوپية السودانية 1902|الاتفاقيات الدولية لعام 1902 والمذكرات المتبادلة لعام 1972.

حلول مقترحة

الجانب الإثيوپي

قد يكمن حل المشكلة الراهنة لدى الطرف الإثيوپي، ويتلخص في أن تلتزم الحكومة الإثيوپية بالانسحاب طالما هي تعترف بالفشقة سودانية، وأن تبدأ من فورها ذلك، مع معرفتنا إن هنالك صعوبات ستواجهها، لكن يمكن حلها بالتفاهم مع الجانب السوداني.

ثانياً، على الحكومة الإثيوپية، لكي تؤكد حسن نواياها ومصداقيتها، أن تطلق يد الجيش السوداني في عصابات الشفتا وأن تعتبر ذلك حقاً مشروعاً لحماية السيادة الوطنية للدولة السودانية، بأن يكون لها الحق في القضاء على المسلحين الذين يتجاوزون الحدود مدججين، وبطرق غير قانونية. وأقول هذا، لأن هذه العصابات أقلقت مضجع المواطنين السودانيين على الحدود، الرعاة والمزارعين والقرويين الآمنين، تنهب الأرض والمشاريع الزراعية والمحاصيل والماشية وتختطف رعاة أصحاب قطعان كبيرة ومزارعون كبار وتبتز أهلهم، ولا تطلق سراحهم إلا بموجب فدية يدفعونها عن يد وهم صاغرون، وإذا لم يفعلوا أو ماطلوا أو تجاوزوا الوقت الذي تحدده هذه العصابات مطلوقة اليد، فإن المختطف يقتل وتلقى بجثته في الطرقات أو وسط قريته أو مشروعة الزراعي، حتى يكون عبرة لغيره فلا يتأخر في سداد الفدية.

الجانب السوداني

أما عن الجانب السوداني، فإن هناك مزارعين سودانيين يؤجرون أراضيهم لنظراء إثيوپيين، وهذه عادة جارية منذ سنوات طويلة، هذا الاستئجار يكون عرفياً دائماً، ولا يتبع السبل القانونية والرسمية، فيأتي المزارع الإثيوپي عبر (سمسار، وسيط) سوداني، ويستأجر أرض مساحتها آلاف الأفدنة بمبالغ كبيرة جداً، وغالباً ما يكون الاتفاق شفهي بحضور شهود، وقد تحدثت شخصياً قبل سنوات إلى مزارعين سودانيين في هذا الأمر فأقروا به.

الحكومتان تعلمان جيداً، بهذا النوع من الايجارات من الباطن، لكنهما لا تستطيعان محاكمة الفاعلين كونهما لا تمتلكان اثباتات على ذلك، وكذلك الأجهزة الأمنية تعلم، والزراعة الآلية تعلم.

في الغالب تكون مدة الإيجار بالخريف، أي يؤجر السوداني أرضه للإثيوپي لخريفين أو ثلاثة أو خمسة بمبالغ طائلة تفوق قيمة الأرض نفسها، لكن ما إن يأتي الموسم الزراعي خصباً وعالي الانتاج، حتى يسيل لعاب صاحب الأرض (السوداني)، فيطالب الإثيوپي بإخلاءها، وعندما يرفض يشتكيه إلى السلطات الأمنية مدعيِّاً إن هنالك إثيوپي استولى على أرضه وزرعها، فتأتي السلطات وتطرده، فيعود الإثيوپي مجدداً مستعيناً بعصابة من الشفتا مقابل مبلغ مالي، فتهاجم المزارع ومزارعين أخرين لا ذنب لهم وأهل القرية التي ينتمون إليها، وربما تطردهم وتصادر زراعتهم أو حصادهم.

وفي هذا الصدد، أصدر اتحاد مزارعي الحدود الشرقية بولاية القضارف في عام 2011 بياناً؛ نشرته الصحف حينها، ندد فيه ما أسماها ظاهرة استئجار الأراضي الزراعية بمنطقة الفشقة من قبل الإثيوبيين بأسعار فلكية تراوحت ما بين (100-80) ألف جنيه علماً بأن قيمة الإيجار الفعلية (السوقية) في المناطق الأخرى تتراوح من (10 إلى 20) ألف جنيه لمساحة الألف فدان.

وقال رئيس اتحاد مزارعي الحدود الشرقية وقتها - أحمد أبشر- لصحيفة (الحقيقة) إنّ قيمة إيجار الأراضي الزراعية للإثيوپيين بالمنطقة بلغت أرقاماً فلكية تفوق قيمة الأرض نفسها، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة تستحق التوقف عندها والعمل على معالجتها، وأضاف: " بدت أشبه ما تكون بالاستيطان، ونخشى من تحولها إلى عمليات بيع" منوهاً الى أن هذه الظاهرة تعني انتقال السيادة على الأراضي الى الإثيوبيين. " انتهى الاقتباس". إذاً، وباعتراف اتحاد مزارعي الحدود الشرقية، فإن استئجار الأراضي لمزارعين إثيوپيين أصبح ظاهرة، وإنهم يدفعون أرقاماً فلكية للإيجار.

لذلك فإن هؤلاء المزارعون السودانيون الذين يؤجرون الأراضي للإثيوپيين وينكرون ذلك، يتحملون المسؤولية القانونية والأخلاقية، بل إنهم يمثلون خطراً داهماً على الأمن القومي، إلاّ من يتبع منهم الإجراءات القانونية السليمة (إن كان هنالك قانون في هذا الصدد – لا أدري)، كأن يحصل مثلاً على ترخيص من الزراعة الآلية، ويوثق عقد الايجار لدى السلطة القضائية أو لدى محامٍ وموثِق معتمد، وهذا يضمن حقوق الطرفين (السوداني والإثيوپي) ويقلل من النزاعات، بل يجعلها قانونية تقضي فيها المحاكم.

أمر آخر، مبني على حقائق، وهي إن والي القضارف الأسبق الراحل الشريف أحمد عمر بدر، ووزير الداخلية الأسبق عبد الرحيم محمد حسين، وهذا يمكن استدعاءه والاستفسار منه (التحقيق معه)، عقدا في عام 1998 اجتماعات واتفاقيات مع الطرف الإثيوپي، لا أحد يعرف عنها شيئاً، إلاّ الكيزان، لكنهما عندما عادا إلى البلاد، وجها الولاية بأن ترفع يدها عن نزاع الفشقة باعتباره شأناً سيادياً، وأمرا محافظي تلك الجهات بأن يتركوا الإثيوپيين يزرعوا هذه الأراضي، وأن الحكومة المركزية ستحل الأمر بمعرفتها.

يبدو إن هنالك اتفاقاً ما خفي؛ أبرمه الكيزان مع حكومة مليس زيناوي بخصوص الفشقة. وعلى الحكومة الحالية البحث عنه، لكنني أتذكر في هذا الصدد، ولربما يكون هذا هو الاتفاق عينه، إن د. حسن مكي الإسلامي المعروف، أشار في عام 2005، وحينها كان هنالك اجتماعاً منعقداً بين وفدين حكوميين سوداني وإثيوپي بمدينة قندر، أشار إلى إن الطرفين ربما يقترحا تسمية (الفشقة) (تخوماً) خاليةً من الوجود الإداري والسياسي؛ على أن تكون تابعة سيادياً للسودان، وأن يسمح للمزارعين الإثيوپيين بالتملك فيها وأن تكون المنفعة والعائد منها متاح ومفتوح للطرفين وفقاً لبروتوكولات قانونية تُحدد طبيعة الانتفاع وكيفية تقسيم الأراضي والمطلوبات الأخرى التي تنجم عن هذا الوضع.

أمرٌ آخر، مهم هو إن لجنة حكومية لترسيم الحدود كانت شرعت في نهاية تسعينات القرن المنصرم – إنْ كنت دقيقاً - في وضع علامات ترسيم على طول الحدود، لكنها أوقفت بقرار من حكومة الكيزان المركزية. ولا أحد يعرف حتى الآن السبب، ويمكن للحكومة الحالية أن تسأل أعضاءها، وهم معروفون و بعضهم موجود في القضارف الآن.

دخول القوات السودانية

في 4 ديسمبر 2020 دخلت قوات سودانية مناطق قبالة إقليم تيغراي تسيطر عليها مليشيا إثيوبية، وأعادت السيطرة على مناطق زراعية متاخمة لإثيوبيا لأول مرة منذ 25 عاماً. وسيطر الجيش السوداني على معسكر «خور يابس» داخل الفشقة الصغرى قبالة «بركة نورين»، بعد 25 سنة من الغياب.

يُذكر أن نزاعا حدوديا كان نشب بين إثيوبيا والسودان على الحدود الشرقية للأخيرة، وتحديدا في منطقة «الفشقة» التابعة لولاية القضارف السودانية المحاذية لإقليم أمهرا الإثيوبي. ولم يكن هذا النزاع الأول في حدوثه، لكن التوقيت ورد فعل الجيش السوداني سلطت الضوء على تلك الأزمة التي تعد ضمن الموروثات الاستعمارية لغالبية البلدان الإفريقية.[19]


http://elsharqtv.org/70523/

الهامش

  1. ^ محمد سلمان (2015-10-18). "الفشقة.. دماء على الحدود : (16) مواطنا بين قتيل وفقيد منذ بدء الموسم الزراعي جراء الاعتداءات الأثيوبية". صحيفة التيار.
  2. ^ "" قيتاجو مامو": قصة احد المزارعين الاثيوبيون فى الفشقة الكبرى ". روسيا اليوم. 2021-03-11. Retrieved 2021-03-11.
  3. ^ ""بعد ربع قرن من الغياب.. الجيش السوداني يدخل «الفشقة»". جريدة عكاظ. 2020-12-05. Retrieved 2020-12-05.
  4. ^ "الفشقة الصغرى: ما يجب أن لا يُقال " يجب أن يُقال الآن"! .. بقلم: عبد الجليل سليمان". سودانيل. 2020-06-08. Retrieved 2020-06-08.
  5. ^ "توترات في الفشقة تدفع البرهان إلى لزيارة الشرق". متاريس. 2020-04-08. Retrieved 2020-04-08.
  6. ^ "«الفشقة» تعود لحضن السودان بعد توافق مع إثيوبيا على ترسيم الحدود". جريدة الشرق الأوسط. 2020-04-12. Retrieved 2020-04-13.
  7. ^ "احتجاجاً على خرق الحدود.. السودان يستدعي سفير إثيوبيا". العربية نت. 2020-05-30. Retrieved 2020-05-31.
  8. ^ "الجيش السوداني يسترد أراضي واسعة بعد 25 عاما من سيطرة قوات إثيوبية". سپوتنك نيوز. 2020-12-24. Retrieved 2020-12-24.
  9. ^ "قوات سودانية تتقدم نحو "الفشقة" بحدود إثيوبيا لاستعادة الأراضى المغتصبة". جريدة اليوم السابع. 2020-12-24. Retrieved 2020-12-24.
  10. ^ "هجوم إثيوبي على الجيش السوداني في منطقة الفشقة الحدودية". الشرق. 2020-12-23. Retrieved 2020-12-24.
  11. ^ "الجيش السوداني يعلن استعادة السيطرة على معظم حدوده مع إثيوبيا". المصري اليوم. 2020-12-29. Retrieved 2020-12-30.
  12. ^ "الجيش السوداني يصد هجوم من الجيش الإثيوبي شرق عطبرة". فيسبوك. 2021-01-11. Retrieved 2021-01-12.
  13. ^ "تقرير: الجيش السوداني استرد أراضي بعد معركة شرسة على الحدود الإثيوبية". جريدة الشرق الأوسط. 2021-03-01. Retrieved 2021-03-01.
  14. ^ "التحالف السوداني يعلن جاهزيته للمشاركة في "الفشقة"". روسيا اليوم. 2021-03-07. Retrieved 2021-03-07.
  15. ^ "أنباء عن وقوع اشتباكات بالأسلحة الثقيلة بين الجيشين السوداني والإثيوبي". روسيا اليوم. 2021-05-26. Retrieved 2021-05-26.
  16. ^ "مفاوضات الحدود تتعثر.. جيش السودان يصد هجمات إثيوبية". العربية نت. 2020-12-24. Retrieved 2020-12-24.
  17. ^ "فشل مباحثات الحدود بين السودان واثيوبيا". فيسبوك. 2020-12-24. Retrieved 2020-12-24.
  18. ^ "اتفاق بين السودان وإثيوبيا على التهدئة وقبول الأمر الواقع". روسيا اليوم. 2021-06-21. Retrieved 2021-06-21.
  19. ^ "بعد ربع قرن من الغياب.. الجيش السوداني يدخل «الفشقة»".