إنا لله وإنا إليه راجعون

عبارة "إنّا لله وإنّا إليه راجعون" بخط حفص

إنّا لله وإنّا إليهِ رَاجعُون، في الإسلام، مأخوذة من جزء من آية 156 من سورة البقرة في القرآن ، وهي دعاء يقوله المسلمون عند الوقوع في مصيبة ما، أو عند سماع خبر وفاة شخص ما.[1] وتعني "حقًا أننا ننتمي إلى الله وأنّنا إليه سنعود" ، وتهدف إلى رفع الروح المعنوية، واستقرار الحالة النفسية، وتحصين المسلم من الوقوع في الاعتراض، وعدم الرضا بالقضاء والقدر.[2]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المعنى

إنا لله وإنا إليه راجعون

جاء في التفسير الوسيط: الخطاب في قوله ( وَبَشِّرِ ) للنبي صلّى الله عليه وسلّم أو لكل من تتأتى منه البشارة. والجملة عطف على (لنبلونكم) عطف المضمون على المضمون أي: الابتلاء حاصل لكم وكذا البشارة لكن لمن صبر. والمصيبة اسم فاعل من الإصابة، والمراد بها الآلام الداخلة على النفس بسبب ما ينالها من الشدائد والمحن. وراجِعُونَ من الرجوع بمعنى مصير الشيء إلى ما كان عليه، يقال: رجعت الدار إلى فلان إذا ملكها مرة ثانية، وهو نظير العود والمصير. والمعنى : وبشر يا محمد بالرحمة العظيمة والإحسان الجزيل، أولئك الصابرين الذين من صفاتهم أنهم إذا نزلت بهم مصيبة، في أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم، أو غير ذلك، قالوا: بألسنتهم وقلوبهم على سبيل التسليم المطلق لقضاء الله والرضا بقدره إِنَّا لِلَّهِ أى: إنا لله ملكا وعبودية، والمالك يتصرف في ملكه ويقلبه من حال إلى حال كيف يشاء، «وإنا إليه راجعون» أي: وإنا إليه صائرون يوم القيامة فيجازينا على ما أمرنا به من الصبر والتسليم لقضائه عند نزول الشدائد التي ليس في استطاعتنا دفعها. [3]

فقولهم: ( إِنَّا لِلَّهِ ) إقرار بالعبودية والملكية لله رب العالمين. وقولهم (وإنا إليه راجعون) إقرار بصحة البعث والحساب والثواب والعقاب يوم القيامة. وليست هذه البشارة موجهة إلى الذين يقولون بألسنتهم هذا القول مع الجزع وعدم الرضا بالقضاء والقدر، وإنما هذه البشارة موجهة إلى الذين يتلقون المصائب بالسكينة والتسليم لقضاء الله لأول حلولها، يشير إلى هذا قوله- تعالى-: { الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ} قالُوا فإنه يدل على أنهم يقولون ذلك وقت الإصابة «ويصرح بهذا قوله صلّى الله عليه وسلّم «الصبر عند الصدمة الأولى» . وهذه الجملة الكريمة وهي قوله- تعالى: { الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ } إلخ وصف كريم لأولئك الصابرين، لأنها أفادت أن صبرهم أكمل الصبر، إذ هو صبر مقترن ببصيرة مستنيرة جعلتهم يقرون عن عقيدة صادقة أنهم ملك لله يتصرف فيهم كيف يشاء، ومن ربط نفسه بعقيدة أنه ملك لله وأن المرجع إليه، يكون بذلك قد هيأها للصبر الجميل عند كل مصيبة تفاجئه. قال القرطبي: جعل الله هذه الكلمات وهي قوله- تعالى: { إنا لله وإنا إليه راجعون } ملجأ لذوي المصائب، وعصمة للممتحنين، لما جمعت من المعاني المباركة، فإن قوله { إنا لله} توحيد واقرار بالعبودية والملك وقوله ( وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) إقرار بالهلك على أنفسنا والبعث من قبورنا، واليقين أن رجوع الأمر كله إليه كما هو له. قال سعيد بن جبير: لم تعط هذه الكلمات نبيا قبل نبينا، ولو عرفها يعقوب لما قال: { يا أسفى على يوسف}.

هذا، ولا يتنافى مع الصبر ما يكون من الحزن عند حصول المصيبة، فقد ورد في الصحيحين أن النبي صلّى الله عليه وسلّم بكى عند موت ابنه إبراهيم وقال: “العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون” . وإنما الذي ينافيه ويؤاخذ الإنسان عليه، الجزع المفضى إلى إنكار حكمة الله فيما نزل به من بأساء أو ضراء، أو إلى فعل ما حرمه الإسلام من نحو النياحة وشق الجيوب، ولطم الخدود. وجاء في تفسير ابن رجب الحنبلي : الرِّضا فضلٌ مندوبٌ إليه، مستحبٌّ، والصبرُ واجبٌ على المؤمنِ حتمٌ.وفي الصَّبرِ خيرٌ كثيرٌ، فإنَّ اللَّه أمرَ به، ووعدَ عليه جزيلَ الأجرِ.قال اللَّهُ عزَّ وجلَّ: { إِنَّمَا يُوَفَى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}. وقال: { وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) } . قال الحسنُ: الرِّضا عزيزٌ، ولكنَّ الصبر معولُ المؤمنِ.والفرقُ بين الرِّضا والصبرِ: أن الصَّبرَ: كفُّ النَّفس وحبسُها عن التسخطِ مع وجودِ الألم، وتمنِّي زوالِ ذلكَ، وكفُّ الجوارح عن العملِ: بمقتضَى الجزع ، والرِّضا : انشراحُ الصدرِ وسعتُهُ بالقضاءِ، وترك تمنَي زوالِ ذلك المؤلم، وإنْ وجدَ الإحساسَ بالألمِ، لكنَّ الرِّضا يخفِّفُه، لما يباشر القلبَ من رَوح اليقينِ والمعرفةِ، وإذا قوِيَ الرِّضا، فقد يزيلُ الإحساسَ بالألم بالكليّة. وأورد ابن جزي الغرناطي في كتابه التسهيل لعلوم التنزيل فائدة عن ذكر الصبر في أكثر من سبعين موضعاً في القرآن ، وذلك لعظمة موقعه في الدين. قال بعض العلماء: كل الحسنات لها أجر محصور من عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلاّ الصبر فإنه لا يحصر أجره، لقوله تعالى: { إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّٰبِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10].


الأهمية

إن لله وإنا إليه راجعون كتعزية في حالات الوفاة.

تستخدم إنا لله وإنا إليه راجعون في حالات الدعاء والصبر والذكر، كما يشيع استخدامها كعبارة تعزية في حالات الوفاة والمصائب.

تجمع بين السهولة والقوة؛ سهولة اللفظ وقوة المعنى، وبين العبودية والعزة، عبودية المخلوق للخالق؛ وعزة المخلوق بخالقه. نعم هي ترافق المصيبة وتأتي معها؛ لكن لا لتزيدها أو تعمّق جراحها بل لتخففها وتقوي الصبر عليها؛ وهل التعزية إلا التقوية !!؟

يقولها أهل المصائب مؤمنون بها مستسلمون لحكمها {فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ }آل عمران174.

إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ تدعو إلى التفاؤل وتعني التسلية عن المصاب وتهدف إلى رفع الروح المعنوية واستقرار الحالة النفسية وهي حصن للمسلم من الوقوع في عدم الرضا بالقضاء ومنجاة له من الاعتراض على القدر.

إنها تخاطب المصاب ألا تحزن فأنت ملكٌ لله سبحانه، وألا تتشاءم فأنت قادمٌ على الله سبحان وتعالى ومن فقدت فهو ملك لله وقادم إليه وألا تيأس وألا تستلم وألا تقعد عن العمل.

لذلك كانت جائزة أهلها المؤمنون بها الذين امتثلوا القول بها لمّا أصابتهم المصيبة: {أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }البقرة157[4]

أماكن ذكرها

  • في القرآن: Ra bracket.png وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ Aya-155.png الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ Aya-156.png La bracket.png.[5]
  • روى عبد الرحمن بن عوف عن النبي محمد Mohamed peace be upon him.svg أنّه قال: «إذا أصابَ أحدَكم مصيبةٌ فليقل إنَّا للَّهِ وإنَّا إليهِ راجعونَ اللَّهمَّ عندَك احتسبتُ مصيبتي فأجرني فيها وأبدلني منها خيرًا».[6]

في الأحاديث النبوية

عن أُم سلمة أنها قالت سمعت رسول الله Mohamed peace be upon him.svg يقول: «ما من مسلمٍ تصيبُه مصيبةٌ فيقولُ ما أمره اللهُ: (إنَّا للهِ وإنَّا إليه راجعون) اللَّهمَّ أْجُرْني في مصيبتي واخلُفْ لي خيرًا منها، إلَّا أخلف اللهُ له خيرًا منها». قالت: فلمَّا مات أبو سلمة قلتُ: أيُّ المسلمين خيرٌ من أبي سلمةَ؟ أوَّلُ بيتٍ هاجر إلى رسولِ اللهِ Mohamed peace be upon him.svg. ثمَّ إنِّي قلتُها، فأخلف اللهُ لي رسولَ اللهِ Mohamed peace be upon him.svg. قالت: أرسل إليَّ رسولُ اللهِ Mohamed peace be upon him.svg حاطب بن أبي بلتعة يخطِبُني له، فقلتُ: إنَّ لي بنتًا وأنا غيورٌ، فقال: «أمَّا ابنتُها فندعو اللهَ أن يغنيَها عنها، وأدعو اللهَ أن يذهبَ بالغيْرةِ».[7]


مرئيات

عظمة قول إنا لله وإنا إليه راجعون
الشيخ يوسف الدوس برنامج وقاية.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مصادر

  1. ^ الإسلام سؤال وجواب: موقف المؤمن من الابتلاء. Archived 2013-08-12 at the Wayback Machine
  2. ^ صيد الفوائد: إنا لله وإنا إليه راجعون، ليست مجرّد تعزية. Archived 2017-07-25 at the Wayback Machine
  3. ^ "معنى " إنا لله وإنا إليه راجعون "". إسلام أونلاين. Retrieved 2022-09-17.
  4. ^ "" إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ " ..... ليست مجرد تعزية".
  5. ^ سورة البقرة، آية: 155-157.
  6. ^ رواه الترمذي، في سننه، رقم: 3511.
  7. ^ صحيح مسلم - كتاب الجنائز - رقم الحديث 918