ممالك الطراز

ممالك الطراز غطت شرق أفريقيا لنحو تسع قرون.

ممالك الطراز السواحلية ، هي نظم حكم إسلامية كانت قائمة في المناطق الساحلية من شرق أفريقيا في الفترة من ح. عام 65-900هـ / 680-1500م,

وتسيطر علي غالبية سواحل المحيط الهندي قبل إكتشاف الأوربين لرأس الرجاء,

اللغة السواحلية, swahili language ...

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية

أطلق المؤرخون القدامى على الممالك التي نشأت في القرن الأفريقي اسم ممالك الطراز الإسلامي. ذكر ذلك القلقشندي في صبح الأعشى، وهي البلاد المسماة ببلاد الزيلع، إذ لم تكن الأسماء الأخرى معروفة في القرون الوسطى، قال القلقشندي: "وبلاد الزيلع هي: البلاد المقابلة لبر اليمن على أعالي بحر القلزم (البحر الأحمر)، وما يتصل به بحر الهند (المحيط الهندي). ويعبر عنها باسم الطراز الإسلامي لأنها على جانب البحر كالطراز له". وقال العمري أن هذه البلاد يقال لها بمصر والشام بلاد الزيلع.. وأن طولها براً وبحراً خاصاً بها نحو شهرين وعرضاً يمتد أكثر من ذلك.

وقال المقريزي أن جبرت (أوفات) وهديه في أقصى حدودها الغربية جنوبي أديس أبابا الحالية. وهكذا حدد القلقشندي موقع بلاد الزيلع ، وحدد العمري طولها وعرضها، وهو طول وعرض يتناسب مع الحدود التي أوردناها لتلك البلاد، وأشار المقريزي إلى أن حدودها الغربية وهي مملكة هدية الإسلامية التي كانت تقع غرب الإخدود الأفريقي. وكان سكان بلاد الزيلع الإسلامية يتكونون من عناصر حامية وعربية. وأغلب هذه العناصر الحامية ما يعرف بقبائل الصومال والجالا والأعفار أو الدناكل. وكان الأعفار ينزلون شمال نهر هواش، والصومال والجالا ينزلون جنوب هذا النهر وفي الهضبة الشرقية لإثيوبيا الآن. ولذلك يمكن أن تسمى هذه الهضبة أيضاً باسم الهضبة الصومالية في حين أن الهضبة الغربية كانت معروفة باسم الهضبة الحبشية.

والزيالعة أو الصوماليون مغايرون ومتميزون عما حولهم سواء من ناحية اللغة أو الدين أو العادات والتقاليد. فهم جميعاً مسلمون وتجمعهم تقريباً وحدة الأصل والتاريخ، وهم يعتقدون أنهم ينتمون لسلالة معينة. ولذلك كان التمايز واضحاً بينهم وبين جيرانهم سواء في بر الحبش (إثيوبيا) أو في بر الزنج (كنيا وما ورائها)، وإن كان هناك اختلافات داخلية فيما بين فصائلهم وجماعاتهم. فهناك قبائل الصومال وقبائل الأعفار (الدناكل) وقبائل الجالا والجماعات العربية، ولكل منها أصولها ولغاتها ولهجاتها المحلية بجانب الإطار الواسع الذي يجمعها، وهو إطار الإسلام والثقافة الإسلامية.

ولم يكن يجمع هؤلاء الزيالعة مملكة واحدة في العصور الوسطى، بل توزعوا بين عدة ممالك وسلطنات إسلامية لم تكن متحدة أو متعاونة في معظم الأحيان، وكان يحكم كلاً منهم ملك مستقل.


قائمة ممالك الطراز

قائمة ممالك الطراز
الرقم الدولة بدأت انتهت
1 إمارة لامو 65هـ/684م ؟
2 إمارة باتا ؟ ؟
3 مملكة شوا 283هـ/896م 896هـ-1289م
4 سلطنة مقديشو 285هـ-908م ؟
5 سلطنة كلوة 365هـ/975م 902هـ/1499م
6 سلطنة إفات 669هـ/127م 817هـ/1414م
7 سلطنة عدل 805هـ/1402م 959هـ/1543م
8 مملكة فطجار 935هـ/1528م ؟
9 سلطنة هرر 927هـ/1052م 949هـ/1542م
10 مملكة دوارو ؟ ؟
11 مملكة بالي ؟ ؟
12 مملكة داره ؟ ؟
13 مملكة هدية ؟ ؟
14 مملكة شرخة ؟ ؟
15 سلطنة سفالة ؟ ؟

الممالك والسلطنات

إمارة لامو

إمارة لامو، (65هـ/684م): أنشأها أزد عمان بزعامة سعيد وسليمان أبناء عبد الجلندي سنة 65هـ، حول منطقة أرخبيل لامو وبالتالي فهي أقدم الإمارات الإسلامية ظهوراً في المنطقة، ويذكر الطبري حول هجرة آل الجلندي إلى شرقي أفريقيا: وذلك إثر الصراع الذي نشب بينهم وبين الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان إذ استطاعت جيوشه إلحاق الهزيمة بهما والقضاء على نفوذ أهل عمان، وبانهزامهم هاجر أزد عمان بقيادة الأخوين سعيد وسليمان أبناء عبد الجلندي حملا ذراريهما ومن معهما من قومهما، ولحقا ببلد من بلاد الزنج. وقد ألقى الأستاذ هنشنز Hinchens المزيد من الضوء على تلك الهجرة حين عثر على كتاب ألفه شيبو فرج بن حمد الباقري وعنوانه "أخبار لامو"، يعرض فيه لتاريخ هذا البلد والهجرات الأولى التي وفدت إليه حيث ذكر أن تلك الهجرة الأولى استقرت في مدينة لامو شمال ممبسا، وكانت السبب في ظهور إمارة إسلامية في ذلك الوقت، وبذلك كانت لامو أقدم الإمارات العربية ظهوراً في ساحل شرق أفريقيا.

إمارة باتا

إمارة باتا أو Pate: إن الأصل في تأسيس إمارة باتا يرجع إلى حكم الخليفة عبد الملك بن مروان، الذي شهد عهده تأسيس المسلمين لعدة مدن على الساحل الشرقي لأفريقيا، كماليندي، وزنجبار، وممباسا، ولامو، وكلوة، وباتا. وعندما سقطت الدولة الأموية وقامت الدولة العباسية اعتمد الخليفة هارون الرشيد على ما كان للدولة الأموية من ممتلكات في شرق أفريقيا، فعزم على تدعيها ومن أجل ذلك شجع الكثير من العناصر وخاصة من الفرس على الإقامة في تلك الإمارات. وكانت إمارة باتا عظيمة، حيث كانت أولاً إمارة آهلة بالسكان من قبائل اصيلة، ثم أتت القبيلة النبهانية بقيادة سليمان بن مظفر النبهاني الذي تزوج من أميرة سواحيلية هي ابنة إسحاق حاكم باتا، ثم ورث الملك وأصبح أميراً شرعياً، ثم نقل بلاطه إلى جزء كبير من شرقي أفريقيا، وتأسست الأسرة النبهانية في مدينة باتا وقامت هذه الإمارة الإسلامية في ظلهم بدور بارز في تاريخ الإسلام في شرقي أفريقيا. وقد نشطت الحركة التجارية في عهدهم نشاطاً عظيماً وتوافد على سلطنتهم التجار المسلمون من كل مكان. وسارت قوافل المسلمين التجارية من ممباسا مارة بموشي ونايروبي الحالية حتى وصلت إلى بحيرة فكتوريا وغربي إفريقيا. فقد ذكر ابن ماجد الملاح العربي الشهير- في القرن التاسع الهجري- إن طريق استجلاب الفلفل قديماً هو بلاد الكانم.

ويذكر الدكتور جمال زكريا في بحوثه عن استقرار العرب في شرق أفريقيا: أنه بالرغم مما تعرضت له الأسرة النبهانية من صراع حول السلطة إلا أنها استطاعت أن تحقق انتعاشاً كبيراً في شرقي أفريقيا مما كان له أثر كبير في نشر الإسلام بين الشعب الأفريقي.

مملكة شوا

مملكة شوا، 283-688هـ/896-1289م: وهي أقدم مملكة قامت بالحبشة، أسسها مهاجرون من قبيلة بني مخزوم العربية القرشية، منذ سنة 283هـ/896م، في منطقة من أمنع المعاقل فوق مرتفعات الهضبة الحبشية حيث تقع مدينة أديس أبابا الحالية. ويرى الدكتور حسن أحمد محمود: أن بني مخزوم هؤلاء كانوا من المهاجرين المسلمين الأوائل الذين نفذوا إلى هذه الجهات وليس بعيداً أن يكون قد نزلوا في أول الأمر في ضيافة إمارة محلية ثم اختلطوا بالأمراء عن طريق المصاهرة حتى آل إليهم الملك آخر الأمر، حيث عملت على توطيد العقيدة الإسلامية في شرق أفريقيا. ويبدو أن هؤلاء المهاجرين عملوا بالتجارة فأثروا منها ثراء عظيماً.

ولما نما شأنهم تصاهروا مع الأسرة الحاكمة، فآل الحكم إليهم. أو أن ما وصلوا إليه من ثروة نفوذ لدى الأسرة المتربعة على عرش الحبشة دفعها إلى إسناد حكم مملكة شوا الإسلامية إلى أسرة بني مخزوم القرشية. وأياً كانت العوامل التي ساعدت تلك الأسرة المسلمة على اعتلاء عرش مملكة شوا الإسلامية فقد استمرت تحكمها قرابة أربعة قرون من الزمان تمتعت خلالها المملكة بالأمن والاستقرار، وظلت في عزلة عن العالم، لما تيسر لها من عزة ورخاء، لاكتفائها الذاتي واشتغال رعاياها بالزراعة والرعي مما يتيح حياة الاستقرار، ولقوة الاسرة الحاكمة وما تتمتع به من ثروة ونفوذ.

وظل أمر تلك المملكة الإسلامية مجهولاً إلى أن اكتشف المستشرق الإيطالي روسيني شيرولي وثيقة عربية سنة 1355هـ تعرض للأحداث التي مرت بها تلك المملكة في أواخر عهدها من سنة 628هـ إلى سنة 688هـ، حين دب فيها الضعف، ومزقت أوصالها المنازعات الداخلية على السلطة، والخارجية مع الإمارات الإسلامية المجاورة التي تبغي التخلص من سيطرة الحروب عليها.

سلطنة مقديشو

سلطنة مقديشو، 285هـ-908م: أسسها سبعة إخوة هاجروا على رأس مجموعة من قبلية بني الحارث، ونزلوا بساحل الصومال في أواخر القرن الثالث الهجري، وأنشأوا مدينة مقديشو 285هـ/908م وأصبحت مملكة قوية ذات شوكة ونفوذ حتى وصفها الرحالون بأنها مدينة الإسلام المشهورة في ذلك الصقع المترددة على ألسنة المسافرين كثيرة المساجد عظيمة العمران. وتحالف بنو الحارث هؤلاء مع الصوماليين سكان البلاد الأصليين، وأنشأوا مدينة أخرى في هذه المنطقة مثل برادة وهي التي سمها الإرديسي برادت ومركة التي تقع عند نهر ويبي وقرفاوة والنجا وغير ذلك.

وقد ظهرت مقديشو عليها جميعاً كمركز تجاري هام ينبض بالحياة ويعج بحركة التجار، فعمها الرخاء وسادها الأمن واستع بها العمران، وأضحت ضاحية السيادة على سكان الساحل جميعاً زهاء سبعين عاماً أنشئت إمارة كلوة في الجنوب فنافستها في السيادة. وفي عهد أسرة بني الحارث هؤلاء نمت ثروة مقديشو، وازدهرت ازدهاراً منقطع النظير، وأصبحت بمثابة عاصمة لجميع البلاد المجاورة التي سبق ذكرها. وقد كان الناس يردون على مقديشو في مواعيد معينة من السنة فيجتعمون في مسجدها الكبير ويقيمون به صلاة الجمعة مما كان يزيد من عظمة الإسلام في نفوس الأفريقيين.

وسارت سلطنة مقديشو في طريق النمو والازدهار، حتى زارها الرحالة الشهير ابن بطوطة سنة 731هـ وجدها قد بلغت درجة عظيمة من الحضارة والرخاء، وأنها قد حققت قدراً كبيراً من التقدم السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وأن أهلها على خلق ودين، والمدينة متناهية في الكبر وأهلها تجار أقوياء فقال إنها "مدينة متناهية في الكبر وأهلها لهم جمال كثير ينجرون الطين في كل يوم ولهم أغنام كثيرة، وهم تجار أقوياء وبها تصنع الثياب التي لا يظهر لها، ومنها تحمل إلى ديار مصر وغيرها".

وقد ذكر ابن بطوطة عادات أهل المدينة وأشاد بها فيقول: "من عادة أهل المدينة أنه متى وصل مركب إلى المرسى تصعد الصناديق (وهي القوارب الصغيرة) إليه ويكون في كل صندوق جماعة من شبان أهلها، فيأتي كل واحد منهم، طبق مغطى فيه الطعام فيقدمه لتجار من تجار المراكب، ويقول هذا نزيلي، وكذلك يفعل كل واحد منهم ولا ينزل التجار من المركب إلا إلى دار نزيله من هؤلاء الشبان، إلا من كان كثير التردد إلى البلد وعرف أهله فإنه ينزل حيث شاء فإذا نزل عند نزيله باعا له ما عنده واشترى منه". ويصف لنا ابن بطوطة الطريقة المتبعة في التفتيش الجمركي إذا وصل مركب جديد إلى الميناء فبمجرد وصول المركب "يصعد إليه صندوق السلطان فيسأل عن المركب من أين قدم ومن صاحبه، ومن ربانه (وهو الرئيس) وما وصفه (حمله) ومن قدم فيه من التجار وغيرهم، فيعرف بذلك كله ويعرض على السلطان فمن استحق أن ينزله عنده أنزله".

وهذا الوصف يؤكد لنا مدى عظم هذه السلطنة والدرجة العالية من الرقي والازدهار التي بلغتها مما جعل لها القدح المعلى في نشر الدعوة والحضارة الإسلامية في تلك الأصقاع.

سلطنة كلوة

مدينة كلوة، 1572.

سلطنة كلوة، 365-902هـ/975-1499م: أسسها الشيرازيون في عام 975-1499م، بقيادة علي ابن الحسن بن علي الشيرازي وبنيه، وعاصمتها كلوة التي جعلوا منها قاعدة ومركزاً كبيراً تنشر الإسلام والثقافة الإسلامية بين القبائل الأفريقية في الساحل وداخله وهذا هو الأرجح والذي أجمعت عليه المصادر العربية القديمة بخلاف المصادر التي تنسب تأسيس هذه السلطنة إلى جماعة اهجروا في عهد عبد الملك بن مروان.

وكان أبناؤه الستة قد نزلوا على امتداد الساحل الشرقي لأفريقيا والجزر المواجهة له، كل بموضع معين، واعترفوا بسيادة أبيهم عليهم ولما شعر علي بن الحسن بقوته وعزة جانبه أخذ يمد سلطانه على الأمم المجاورة، فأرسل أحد أبنائه إلى جزيرة أنجوان من جزر القمر، وأرسل آخر إلى جزيرة منفية، ولقب هذا الابن الشاب بالسلطان، واستطاع على هذا أن يؤسس مملكة قوية سيطرت على جزر كبير جداً من ساحل شرق أفريقيا والجزر المواجهة، امتد قبل وفاته من سفالة جنوباً إلى منبسى شمالاً، مما ساعد على انتشار الإسلام بتلك الأنحاء، واستمر حكمه أربعين عاماً.

وبسطت دولة كلوة سيطرتها على مناجم الذهب والحديد في رودسيا الحالية منذ عهد ثاني سلاطينها، وبلغت في عهده ذروة قوتها، فأخذت تمد نفوذها على المدن المجاورة وأخضعت لحكمها الجزر القريبة مثل بمبة وزنجبار وما فيه والبعيدة مثل جزر القمر، وكان حكام المدن والسلطات والإمارات العربية الممتدة على طول الساحل من مقديشو شمالاً إلى سفالة وموزمبيق جنوبأً يعترفون بسلطان كلوة على أنه أعظمهم مقاماً ورفعة. ووصف ابن بطوطة مملكة كلوة مظهراً عظمتها قائلاً: "وركبنا البحر إلى مدينة كلوة وهي مدينة عظيمة ساحلية أكثر أهلها من الزنج المستحكمي السواد ولهم شرطات في وجوههم، ومدينة كلوة من أشهر المدن وأتقنها عمارة وكلها بالخشب والأمطار بها كثيرة. وهم أهل جهاد لأنهم في بر واحد متصل مع كفار الزنج والغالب عليهم الدين والصلاح وهو شافعية المذهب".

"وكان سلطانها في عهد دخولي إليها أبو المظفر حسن ويكنى أيضاً أبا المواهب لكثرة مواهبه ومكارمه، وكان كثير الغزو إلى أرض الزونج يغير عليهم ويأخذ غنائمهم فيخرج خمسها فيصرفه في مصارفه المعينة في كتاب الله تعالى. ويجعل نصيب ذوي القربة في خزانة لوحده، وكان الشرفاء يقصدونه من العراق والحجاز وسواها، ورأيت عنده من شرفاء الحجاز جماعة، وهذا السلطان له تواضح شديد ويجلس مع الفقراء ويأكل معهم ويعظهم أهل الدين والشرف". ويذكر المؤرخون أنه كان بها ثلاثمائة وستون مسجداً.

وتعاقب على حكم كلوة قبل مجيء الإيطاليين ثلاثون سلطاناً كان آخرهم فضيل بن سليمان الذي تولى الحكم سنة 901هـ/1498م.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

سلطنة إفات

سلطنة إفات عام 1300م.

سلطنة إفات، 669هـ/127م-817هـ/1414م: أسس سلطنة أوفات الإسلامية مهاجرون من قريش، قيل من بني عبد البدار، وقيل من بني هاشم من ولد عقيل بن أبي طالب. قدم أسلافهم من الحجاز واستوطنوا مدينة أوفات التي تقع غربي زيلع- وهي من أكبر مدن الحبشة- واشتهر قوم منهم بالصلاح والتقوى، إلى أن كان منهم عمر الملقب بولشمع أحد تجار أوفات الأقوياء فولاه الخطي مدينة أوفات وأعمالها، لما نما شأنه، فحكم بها مدة طويلة، وشكرت سيرته، وصارت له شوكة قوية وذلك منذ منتصف القرن السابع الهجري.[1]

وتنسب هذه السلطنة إلى اسم عاصمتها وهي مدينة أوفات التي كانت تسمى أيضاً مدينة جبرة أو جبرت، التي كانت تعد من أكبر مدن منطقة الطراز الإسلامي، وهي على مسافة مرحلة غرب مدين زيلع. وهذه السلطنة كانت أوسع ممالك الزيلع أرضاً. فقد كان طولها يبلغ مسيرة خمسة شعر يوماً بالسير المعتاد. وكانت تشمل ما يعرف الآن بجيبوتي والجزء الجنوبي من إقليم إرتريا وسهول الدناكل وتمتد جنوباً وتضم الجزء الشرقي من حوض نهر عواش، والهضبة الصومالية بما فيها منطقة هرر والأوجادين، وتمتد شرقاً لتشمل جزءاً كبيراً مما يعرف الآن بالصومال الشمالي (الإنجليزي سابقاً) بما فيه من موانئ زيلع وبربرة.

وعلى ذلك فقك انت سلطنة أوفات تسيطر على مدخل البحر الأحمر من الجنوب الغربي وتقابل بلاد اليمن، وهي بذلك أقرب بلاد الزيلع إلى مصر، وكانت ذات قوة عسكرية لا بأس بها. فجيشها يبلغ عدد فرسانه خمسة عشر ألف فارس، ويبلغ عدد مشاته أكثر من عشرين ألف جندي، كما كانت هذه السلطنة زاجرة وعامرة بالقرى المتصلة. والمدن الكثيرة مثل مدن بلقزرة، وكجورة، وسيمق، وشوا، وعدل، وجبا، ولاو، وزيلع، وأنطوكية، وبازملي، وجنديلة، وأبونة، وبها روافد تسمى كوب والدير بالإضافة إلى نهر عواش.

ونظراً لاحتواء هذه السلطنة على جزء كبير من وادي نهر عواش وعلى جزء كبير من الهضبة الصومالية، فقد توافر لديها قدر من الأرض الخصبة والمياه اللازمة للزراعة بما يكفي حاجة السكان، وجاد فيها كثير من المزروعات وأشجار الفاكهة التي لم يكن بعضها معروفاً في مصر والشام والعراق. وتوافر لديها أعداد هائلة من الأغنام والأبقار ودواب الركوب مثل الخيل والبغال والحمير، فرخصت الأسعار وانحطت قيمتها لدرجة أن حمل الحنطة كان يباع بدرهم واحد، وتدفقت الأموال عليها نظراً لاحتوائها على طرق التجارة التي تمر عبر أراضيها وتربط الساحل بالداخل. وقد هيأ لها ذلك الوضع الاقتصادي زعامة دول الزيلع الإسلامية وتحمل أعباء الكفاح ضد الحبشة النصرانية، كما هيأ لها موقعها الإستراتيجي الممتاز بأن تكون حلقة الوصل بين ممالك الطراز الإسلامي الأخرى وبين دول العالم الإسلامي المختلفة وخاصة مصر والحجاز واليمن.

ويرتدي الملك في مملكة أوفات عصابة من الحرير يلفها حول رأسه ويبقى وسط رأسه مكشوفاً، أما الأمراء والجند فيشدوا حول رؤوسهم عصائب من القطن، أما الثوب المخاط فلا يلبسه سوى الملك والفقهاء وعلية القوم، إذ أن الغالب على بقية الرعية الأتزار بوزرتين واحدة على الكتف والأخرى على الوسط، وعلى الرأس يلبس العامة الكوافي البيض كما يلبس الفرسان السراويل. وتكاد تكون ملابس الخاصة والجند متشابهة في أغلب الممالك صيفاً وشتاءاً والمتمثلة بالأقمشة الحريرية والابراد الهندية أما العوام فيرتدون الثياب المصنوعة من القطن المنسوج غير المخيط، إذ يرتدي كل واحد ثوبان أحدهما يشد به وسطه وأخر يلتحف به.

ولا يمنح ملك أوفات أمرائه وجنده نقوداً بل يمنحهم الأراضي الواسعة الموجودة في المملكة لزراعتها ، ولذلك الملك سماط عام ممدود، وسماط له ولخاصته إلا أنه كان يعطي أمرائه ولاسيما المقربين منهم بقراً عوضاً عن تلك السماط. ويحتل الملك في مملكة اوفات في بعض الأحيان مكانة القاضي إذ يحل المشاكل بنفسه ويحكم بين الرعية على الرغم من وجود قاضي أو فقيه يلجأ إليه الناس. ويبدو أن الملك يريد بذلك التشبه بما فعله الحكام المسلمون في أفريقيا جنوب الصحراء، إذ كان سلطان دولة مالي الإسلامية (سليمان) يجلس لحل مشاكل الناس وحلها، وربما ذهبوا أبعد من ذلك ليتشبهوا بما كان يفعله الخلفاء الراشدين من التصدي لما يواجه المسلمين من مشاكل ولاسيما التي لا تدخل ضمن صلاحيات القاضي.


سلاطين إفات

وقد تتابع على سلطنة إفات عدد من السلاطين كالتالي:

1- عمر والي أسمع (ولشمع): من بني عبد الدار من قريش: كان معاصراً لملك الحبشة يكونوا ملاك (669-684هـ/1127-1285م).

2- بزو بن عمر ولشع: كان معاصراً لملك الحبشة – يجبيا صيون (684-694هـ/1285-1294م).

3- حق الدين بن عمر: كان معاصراً لملك الحبشة ودم أرعد (699-714هـ/1299-1314م) وعمدا صيون (1313-1344م).

4- صبر الدين محمد بن عمر: حكم أوفات في حدود عام 713هـ وكان معاصراً لعمدا صيون (714-745هـ/1314-1344م).

5- جلال الدين بن عمر: كان معاصراً لعمدا صيون (1214-1344م).

6- علي بن صبر الدين محمد: كان معاصراً لسيف أرعد ملك الحبشة (745-774هـ/1344-1372م).

7- أحمد حرب أرعد بن علي بن صبر الدين: كان معاصراً لسيف أرعد (745-744هـ/1344-1372م).

8- حق الدين الثاني بن أحمد: 766-776هـ/1364-1374م.

9- سعد الدين محمد بن أحمد: 776-805هـ/1374-1402م.

فترة ضعف وهجرة أولاد سعد الدين إلى اليمن فترة استمرت حوالي 12 سن.

سلطنة عدل

سلطنة عدل، 805هـ/1402م-959هـ/1543م: كانت عدل ضمن أقاليم سلطنة أوفات حتى عام 805هـ/1402م وكانت تعرف باسم "عدل الأمراء" وعندما سقطت دولة أوفات قامت بدلاً منها دولة عدل وبقيادة نفس الأسرة التي كانت تحكم أوفات. وكانت هذه السلطنة الجديدة أقل من سلطنة أوفات السابقة في المساحة والقوة العسكرية والاقتصادية. فقد كانت تشمل الأراضي الواقعة بين ميناء زيلع وهرر وتمتد جنوباً لتشمل جزءاً مما يعرف الآن بالصومال الشرقي وإقليم أوجادين.

وعلى كل حال فقد أخذت هذه السلطنة من ميناء عدل الذي كان يقع على رأس خليج تاجورا قرب جيبوتي الحالية، وكانت عاصمتها تسمى دكر (بفتح الكاف مع التشديد) حتى عام 927هـ/1531م عندما انتقلت العاصمة إلى مدينة هرر في عهد السلطان أبي بكر ابن محمد. وبخلاف دكر وهرر كانت سلطنة عدل تشمل عدداً آخر من المدن الهامة مثل مدينة زيفة وكدد وزعكة وهوبت وشمنجود وسيم وبها نهر يسمى نهر شيخ.

وقد توسعت هذه السلطنة في عهد السلطان عمر دين بن محمد من ذرية سعد الدين والإمام أحمد بن إبراهيم الغازي حتى ضمت كل ممالك الطراز ومعظم أقاليم الحبشة المسيحية. وانتهت عام 959هـ/1543م وانكمشت حدودها لتصبح دويلة صغيرة بين هرر وسواحل زيلع والصومال.

سلاطين عدل

وقد تتابع على سلطنة عدل عدد من السلاطين كالتالي:

1- صبر الدين الثاني علي بن سعد الدين: 817-825هـ/1414-1421م.

2- منصور بن سعد الدين: 825-828هـ/1421-1424م.

3- جمال الدين محمد بن سعد الدين: 828-835هـ/1424-1431م.

4- شهاب الدين أحمد بدلاي بن صبر الدين علي: 835-848هـ/1431-1444م.

5- محمد بن شهاب الدين بدلاي: 847-875هـ/1443-1447م فترة اضطرابات.

6- محمد بن أظهر بن أبي بكر بن سعد الدين: 894-924هـ/1488-1518م.

7- أبو بكر محمد بن أظهر الدين: 924-933هـ/1518-1526م.

8- عمر الدين بن محمد بن أظهر الدين: عينه الإمام أحمد بن إبراهيم الغازي سلطاناً عام 933هـ/1526م.

مملكة فطجار

مملكة فطجار، 935هـ/1528م: كانت هذه المملكة تقع حول الجزء الاوسط من نهر عواشي في شماله وجنوبه، وكان نصفها الشمالي يمتد شمالاً حتى يصل قرب مدينة لال بلا (لالبيالا الحالية)، وهو بذلك يفصل بين سلطنة أوفات وبين إقليم أمحرا (أمهرا) وشوا. أما نصفها الذي يقع جنوب نهر عواش، فقد كان يتصل بمعظم الممالك الإسلامية التي تقع جنوب هذا النهر. فكان يحده من الشرق سلطنة عدل وإقليم هرر، ومن الغرب مملكة هدية وشرخة، ومن الجنوب الرقي مملكة دوارو، ومن الجنوب الغربي مملكة بالي. ويلاحظ أنه لم يرد ذكر لهذه المملكة الهامة عند العمري والقلشقندي والمقريزي، ولكن ورد ذكرها فقط عند عرب فقيه حيث وقعت على أرضها المعركة الشهيرة التي تسمى معركة شمبر كوري والتي كانت أول نصر كبير لمسلمي الزيلع على مسيحيي الحبشة عام 935هـ/1529م.

وكانت مملكة فطجار مملكة قوية، فعدد فرسانها كانوا لا يقلون عن عشرة آلاف فارس، ومشاتها فكثيرون. أما مدنها وقراها فكانت عديدة مثل مدينة أماجة وجان زلق ومسين وبادقي وولأدة مشك والرزيز وزقالة وأندوتنة وبرارة وشمبركري.

سلطنة هرر

سلطنة هرر: 927هـ/1052م-949هـ/1542م: يأتي الموقع الجغرافي للمدينة الإسلامية بهرر على قطاع جغرافي متسع من الأميال الممتدة إلى الداخل نسبياً عن ساحل البحر الأحمر وتشكل عند قمته في هيئة مثلث تمتد أضلاعه وتستند عند مدينتي زيلع وبربرة حيث تقوم وتنتشر كقاعدة عريضة له، بضع أميال ممتدة باتجاه المدينتين الساحليتين، وقد تمركزت هذه الإمارة الإسلامية المستقلة إلى الجنوب الشرقي من بلاد الحبشة من ميناء زيلع الصومالي أو مباشرة من الناحية الجنوبية الغربية، وربما في الاتجاه الشرقي من وسط البلاد، حيث يطلق عليها اسم منطقة هر كمدينة ومقاطعة، ليشمل الحافة الشرقية للهضبة التي تلي المقاطعات الممتدة نسبياً صوب الشمال من بوغاز باب المندب حتى الجهات الجنوبية الغربية من خليج عدن.

تكونت سلطنة هرر على إثر سقوط عدل ومال سلاطينها إلى مهادنة الأحباش. أصبحت مدينة هرر عاصمة منذ عام 927هـ/1052م، وأول أمرائها إعلاناً للجهاد ضد مسيحيين الشام كان عقب وفاة السلطان محمد بن بدلاي عام 876هـ/1471م.

ثم ظهر عهد الإمام أحمد جران الذي بدأ حياته بالانتساب إلى أسرة الأمير محفوظ، فتزوج ابنته وكسب تأييد أنصاره وتثقف ثقافة دينية غزيرة، وصار أخيراً من قواد الأمير أبون بعد موت الأمير حافظ ولما قتل الأمير أبون على يد السلطان أبي بكر، ترك الإمام أحمد مدينة هرر واستقر في مسقط رأسه في هويت التي تقع في إقليم شوا بين قلديسي وهرر، يجمع الأنصار ويرتب المجاهدين، واستطاع كما رأينا أن يقتل السلطان أبا بكر بن محمد ويعين أخاه عمر دين بن محمد بدلاً منه، وتصبح السلطة الحقيقية في سلطنة عدل في يده. اتبع الإمام بعد أن سيطر على مقاليد الأمور في هرر سياسة موفقة جمعت الناس حوله. فقد طبق الشريعة الإسلامية في حكمه وخاصة في توزيع أموال الزكاة على مستحقيها، وكان السلاطين قبله يجموعنها ويحتجزونها لأنفسهم ولبطانتهم، كما طبق الشريعة بالنسبة لأموال الغنائم والفيء، فكان يخرج الخمس ويوزع الباقي على الجند، وبذلك كسب حب الفقهاء والعلماء والمشايخ، كما كسب أيضاً محبة الشعب، فقد كان يجلس ويلطف المساكين ويرحم الصغير ويوقر الكبير ويعطف على الأرملة واليتيم، وينصف المظلوم من الظالم حتى يرد الحق إلى مكانه، ولا تأخذه في الله لوم لاام. كما قضى على قطاع الطرق فأمنت البلاد وانصلح حال الناس وانقادوا له وأحبوه ونسجوا حوله الأساطير وقالوا عنه: "لا تسموه السلطان، ولا الأمير، ولكن سموه إمام المسلمين.. أو إمام آخر الزمان.. وأنه هو الذي يصلح الله تعالى به بلاد الأحباش". ولذلك اشتهر بلقب الإمام دون غيره من الألقاب، ولم يتسم باسم السلطان أو الأمير.

وكان أشهر الملوك المسلمين في الحبشة جميعاً (923-949هـ/1536-1543م)، الذي أعاد لحكام مسلمي الحبشة سيرة الحكم الإسلامي الراشد وأدخل الأحباش المسيحيين والوثنيين جميعاً في الإسلام حتى لم يبق على مسيحيته إلا قرابة عشرهم وبالرغم من انشغاله في الجهاد الإسلامي، ورد عدوان الحبشة المسيحية وحليفتها البرتغال على مسلمي الحبشة إلا أنه لم يدخر وسعاً في الإصلاح الديني والاجتماعي والسياسي والاقتصادي، والعمل على توفير حياة حرة كريمة لرعيته، مما جعل حكمه فريداً بين حكم الملوك السابقين، وجعله أشهرهم وأقواهم وأعدلهم على الإطلاق، وقد وحد الممالك المسلمين جميعاً تحت سلطانه، بل تربع على عرش الحبشة كلها وانتصر على الأحباش الذين كان المسلمون قبله يؤدون لهم الإتاوة وأدخلهم تحت سلطانه، ودخلوا في الإسلام. ولولا تدخل البرتغاليين ومساعدتهم ملك الحبشة الطريد وفلول جيشه المهزوم لظلت الحبشة مسلمة جميعها إلى يومنا هذا.

لقد أدى تدخل الفرق البرتغالية إلى استشهاد الإمام أحمد عام 1543م بالقرب من بحيرة تانا فانهار جيشه ومحاربوه، وبعد ذلك أخذ مجد الممالك الإسلامية في الضعف وتراجعت قبائل الصومال والعفر وسائر المسلمين في مناطق القرن الأفريقي. انتصار الأحباش على آخر حركة جهاد قوية قام بها المسلمون على يد الإمام أحمد جران في الفترة (934-949هـ/1527-1542م)، لم يؤد إلى نفس النتيجة التي انتهى إليها انتصار الأسبان. فقد ضاعت بلاد الأندلس كدين ودولة كيان سياسي إسلامي مستقل وعادت إلى المسيحية من جديد، وأصبحت أحد أقاليم دولة أسبانيا، بينما في مناطق مملكة الطراز الإسلامي لم يتمكن الأحباش من القضاء على دين الإسلام وظل المسلمون على دينهم.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مملكة دوارو

مملكة دوارو: كانت هذه المملكة تقع جنوب سلطنة أوفات وفي الجنوب الشرقي لمملكة فطجار، وتتشابه ظروف الحياة فيها مع أخوانها من الممالك الإسلامية السابقة، وإن كانت مساحتها أقل. فقد ذكر العمري أن طولها يبلغ مسيرة خمسة أيام وعرضها مسيرة يومين، ورغم ذلك فقد كانت تملك جيشاً قوياً لا يقل عن جيش أوفات في عدد الفرسان والمشاة.

وتميزت أيضاً باحتوائها على عدد كبير من المدن مثل مدينة ونبارية وكحل بري وزميت وزهرق، أووالدة، وباب سري، ودل ميدة، وعندورة وزري وجراوراري وزغبة وأورقوي وأجيت وتن وأدل مبرق. ويمر بهذه المملكة أيضاً بعض روافد نهر الوبي شبيلي والتي كانت تسمى نهر بور ونهر بوس ونهر زميت.

مملكة بالي

مملكة بالي: تقع مملكة بالي جنوب فطجار ويفصلها عن مملكة دارو نهر وبي شيبلي. وتقع فيها منابع وروافد نهر جوبا الذي ينحدر جنوباً حتى يصب في المحيط الهندي جنوبي بلاد الصومال. وقد أشار عرب فقيه إلى أحد روافد هذا النهر وسماه نهر ونبات، وقال عنه أنه نهر كبير كثير الماء مثل ويبي. وعلى ذلك فقد كانت هذه المملكة تشمل أرضاً واسعة تمتد بين نهر ويبي شيبلي ونهر جوبا وروافده. وقد أشار إلى اتساع مساحتها الأقدمون فقالوا أن مساحتها مسيرة عشرين يوماً طولاً وستة أيام عرضاً. كما أشاروا إلى غناها ووفرة خيراتها وطيب هوائها وخصب أراضيها. ولذلك كان سكانها كثيرون وجيشها كبير العدد، إذ بلغ فرسانه ثمانية عشر ألف فارس، ومشاتها أكثر من ذلك بطبيعة الحال. وقد اشتملت هذه المملكة التي تسمى الآن باسم قبيلة أو مديرية بالي على عدد كبير من المدن، فجانب بالي العاصمة كانت تشمل مدن ميزا، وقاقمة، وزلة، ومالو، وعقرى، وأدل جلات، ودل باد، وجدة، وكانت المدينة الأخيرة تقع على بعد مسيرة ستة أيام غرب نهر الويبي شيبلي.

مملكة داره

مملكة داره: كانت هذه المملكة تقع جنوب مملكة بالي، ولم يذكر عنها العمري أو غيره كثيراً من المعلومات، ولكنه حدثننا عن ضيق مساحتها وعن ضعفها بالنسبة لغيرها من ممالك الطراز الإسلامية، فقال أن طولها يبلغ مسيرة ثلاثة ايام، وعرضها مثل ذلك، وهي أقل بلاد الطراز خيلاً ورجلاً، فعسكرها لا يزيد عن ألفي فارس وألفين من المشاة، وهي لا تختلف في حياتها وأسلوب معيشتها عن أخواتها من ممالك الطراز الأخرى. ولعل موقعها المتطرف وبعدها عن الكثافة الإسلامية في بلاد الطراز كان من أسباب ضعفها.

مملكة هدية

مملكة هدية: كانت مملكة هدية تقع جنوب إقليم شوا وإقليم الداموت وشمال إقليم كمباتا، وغرب البحيرة التي تسمى الآن بحيرة زواي التي سماها عرب فقيه نهر زواي. ومساحتها كانت تبلغ مسيرة ثمانية أيام طولاً وتسعة أيام عرضاً، وهي بذلك أقل مساحة من سلطنة أوفات- كبرى ممالك الطراز- ورغم ذلك فقد كان جيش هدية أكبر عدداً، إذ بلغ عدد فرسانه أكثر من نصف هذا العدد. ومع هذه القوة العسكرية فقد وقعت هدية تحت نفوذ الأحباش منذ وقت مبكر وخاصة بعد ضعف سلطنة عدل.

مملكة شرخة

مملكة شرخة: كانت هذه المملكة تقع جنوب مملكة هدية، كما كانت مساحتها محدودة وضيقة، فطولها يبلغ مسيرة ثلاثة أيام وعرضها مسيرة أربعة أيام، وكان جيشها يحتوي على ثلاثة آلاف فارس وعلى ضعف هذا العدد من المشاة. وكانت شرخة كأخواتها دوارو وأرابيني في بقية أحوالها من الزي والحبوب والفواكه والبقول وسائر ما لهم وما عليهم. وبعد فهذا ما كان معروفاً عن ممالك الطراز من حيث موقعها ومساحتها وقوتها العسكرية وبعض مدنها وأنهارها ومحاصيلها وطبيعتها الجغرافية، وحياتها المعيشية ومستواها الحضاري. ومما هو جدير بالملاحظة أن القلقشندي أضاف إلى ممالك الطراز جزائر دهلك ومدينة عوان المواجهة لبلاد اليمن. وكذلك سلطنة مقديشو، وكل هذه البقاع كانت تدين بالإسلام وينتمي سكانها لنفس العناصر الذي ينتمي إليها سكان بلاد الطراز الإسلامي، وكانت دهلك وعوان تقع في كثير من الأحيان تحت نفوذج حكام الحبشة، أما مقديشيو فكانت سلطنة مستقلة عن الأحباش والزيلع.

ولم تكن بعض ممالك الطراز الإسلامي هي الأخرى حياة الاستقلال في كثير من الأحيان. فقد كان الأحباش يبادرونها بالغزو والقتال والهجوم والاضطهاد، ويفرضون عليها سيطرتهم وأن كانوا يبقون حكمها في يد أسرات مسلمة تتوارث الحكم فيها تحت المظلة الحبشية.

الديانة

كان سكان ممالك الطراز من المسلمين على المذهب النعماني، سوى مملكة أوفات والتي اتبع سكانها المذهب الشافعي. ويبدو أن وصول المذهب الشافعي إلى مملكة أوفات كان بسبب قربها من مصر واختلاط أهلها مع المصريين وتأثرهم بمذهبهم، أما المذهب الحنفي الذي تمسكت به بقية الممالك فهو أيضاً أحد المذاهب المتبعة في مصر وربما جاء من خلال الذهاب لتأدية فريضة الحج والإطلاع عليه والحصول على الكتب التي كُتبت عنه.[2]

بمجرد وصول الاوروبيين لسواحل افريقيا الغربية,

وأكملوا سياسات حروب الاسترداد والتنصير الإجباري والسلب والنهب من غرب افريقيا لجنوبها حتي شرقها ثم أسيا ثم الامريكيتين.

نظام الحكم

كان الحكم في الممالك السبع وراثي سوى مملكة بالي والتي أصبح فيها الحكم على عهد المؤلف بيد رجل ليس من بيت الملك الذي سبقه بسبب تقرب ذلك الرجل من صاحب أمحرا حتى ولاه الحكم في المملكة فأستقل بها، وعلى الرغم من كون الحكم في بقية الممالك كان وراثياً إلا أن تولي الحكم لن يتم إلا بعد أخذ موافقة صاحب امحرا، فإذا ما مات الملك توجه بقية أفراد العائلة إلى النجاشي ليتقربوا منه ليختار احدهم فيسمع البقية له ويطيعوه، وعلى الرغم من ذلك فقد كان حكام تلك الممالك يعدوا حاكم مملكة اوفات مثلهم الأعلى ومرجعهم فيما يواجههم من مشاكل فينقادوا له بالمعاضدة إذا اقتضى الأمر.

العسكرية

كانت مملكة هدية التي تمتلك أكبر عدد من الجند، إذ يبلغ عدد فرسانها نحو أربعين الف فارس، أما المشاة فهم أكثر من ذلك بمرتين، في حين يصل عدد فرسان مملكة بالي إلى ثمانية عشر ألف فارساً، والمشاة أكثر من ذلك، وعدد فرسان مملكة دوارو يزيد عن فرسان مملكة أوفات والبالغ خمسة عشر الف رجل يتبعهم عشرون الفاً أو يزيد من المشاة، ويعود ليذكر لنا عدد جند مملكة ارابيني قائلاً أنهم عشرة الآف فارس أما المشاة فكثير، وفي مملكة شرحا كان هناك ثلاثة الآف فارس وضعف ذلك من المشاة، فيما يبلغ جند مملكة داره الفي رجُل بين فارس وراجل.

أما سلاح الجيش في تلك الممالك فهو القسي والنبال الشبيهة بالنشاب، والسيوف والمزاريع والحراب، أما الترس فمنهم من يستخدم الترس الطويل ومنهم من يرتدي اتراس قصيرة، وهناك جزء أخر مكمل لتجهيزات الجيش وهو الأبواق، إذ يستخدم الجند أبواق مصنوعة من خشب القنا المجوف ومن قرون البقر المجوفة. وفيما يتعلق بالدواب التي يستخدمها الجند في القتال فهي الخيل، إذ يركبها أهل مملكة اوفات دون وضع السروج على ظهورها بل يستبدلونها بوضع جلود مصنوعة من المرعز، إلا أن استخدام البغال كان أكثر من الخيل في بقية الممالك. وكان ملوك الممالك لا يلبسون دروعاً أثناء القتال ولا يُلبسون خيولهم السروج أو الدروع، كما أنهم ملتزمون بأخلاق الفارس فهم رغم شجاعتهم وقدرتهم على هزيمة أعدائهم إلا أنهم يُصفحون عمن يؤذيهم أن أمكن ذلك فكل من رمى سلاحه أثناء القتال يحرمون قتاله.

الاقتصاد

أما أشهر المزروعات في مملكة أوفات فهي أشجار الموز والاترج والليمون والجميز وقليل من أشجار النارنج فضلاً عن أشجار الرمان البري والخوخ البري، وبعض النباتات غير الموجودة كما يقول المؤلف في العراق وبلاد الشام كشجرة تُعرف باسم (كشباد) وهو ثمر حلو المذاق أحمر اللون ، أما النوع الأخر من الأشجار فأسمه (كوشي) وثمره مدور كالبرقوق فضلاً عن شجرة أسمها (طانة) في وسط الثمر شبيه النوى ذو طعم حلو، والنوع الأخير هي أشجار (الاوجاق) وهو ذو ثمر حجمه أكبر من حب الفلفل وطعمه شبيه به في الحرقة مع بعض الحلاوة.

ويعتمد الناس في ممالك الطراز الإسلامي كبقية ممالك الحبشة في زراعتهم على الأمطار التي كانت تنزل مرتين في السنة ليحصدوا موسمين زراعيين، إذ يسقط المطر مرتين خلال الموسم الأول ليُزرع على ذلك الموسم الثاني، ويسمى المطر الواقع في فصل الشتاء (بل)، والمطر المتساقط في الصيف يسمى (كرم) بلغة الزيالعة.

أما الحيوانات الموجودة في تلك الممالك فعديدة، منها الأليفة كالخيل، والبقر الموجود بكثرة هناك والذي يؤخذ من شحمه للطعام كما يُشرب لبنه فضلاً عن استخدامه للتداوي من المرض بعد أن يُزاد إليه الماء، وأغنامهم تشبه أغنام مدن عيذاب واليمن، فضلاً عن وجود البغال والأبل والجاموس البري، أما الحيوانات المفترسة فمنها الأسد والنمر والفهد، فضلاً عن وجود الفيلة والزرافات والبقر الوحشي والقرود. أما الطيور فهي الصقور والنسر الأبيض والأسود، فضلاً عن الغراب والحجل والسمان والحمام والعصافير والبزاة أما البرية فمنها دجاج الحبش الذي يؤكل بشكل كبير في مملكة اوفات بسبب عدم رغبتهم بالدجاج العادي لأنه يأكل من المزابل حسب زعمهم، والمائية كالبط، ونوع أخر من الدجاج يخرج من بركة ماء في إقليم هدية الإسلامي.

كما يوجد في تلك الممالك السمك الذي يشبه البوري ومنه ما يشبه الثعبان حسب قول العمري، والذي يبلغ طوله حوالي ذراعين ونصف وعرضه يصل إلى مقدار خشبة كبيرة، فضلاً عن وجود التماسيح وفرس البحر، أما النحل فموجود بكثرة ولاسيما في الجبال وعسله متوفر في الأسواق وهو ذو الوان مختلفة حسب مكان تواجده، إذ يتم الحصول على العسل وشمعه دون الحاجة للخلايا، وهناك من يقوم بتربية النحل في خلايا.

كما يشير المؤلف ابن فضل الله العمري إلى وجود معدن الذهب في ممالك الطراز الإسلامي بعدما يُجلب إليها من مدن داموت وسحام إذ تساوي الأوقية منه من ثمانين إلى مئة وعشرين درهماً حسب جودته، ويسمى النوع الجيد منه (سنبرا) كما يوجد معدن الفضة أيضاً في تلك الممالك.

الحياة الاجتماعية

أما المساكن فهي مبنية من الطين أوالحجر أوالخشب ومسقفة على شكل قباب أو جملونات، ولا يحيط بتلك الدور أسوار، كما أنها ليست فخمة البناء، ويضيف المؤلف إلى ذلك في موقع أخر قوله أن المساكن ولاسيما في القرى والمدن الصغيرة مبنية من الاخصاص، أما الأواني التي يستخدمونها في الطعام فمصنوعة من الفخار المدهون بالأسود، ووقودهم الشمع ووقود مصابيحهم شحوم البقر، كما يستخدم النساء والرجال السمن لدهن وجوههم.

انظر أيضاً

المصادر