مجلة المقتطف
مجلة المقتطف( تأسسات 1876 - 1952)، هي مجلة شامية-مصرية أنشأت في الشام عام 1876 من قبل يعقوب صروف وفارس نمر قبل أن تنتقل اٍلى القاهرة.
أصدر أول عدد للمجلة بتاريخ 1876 وكانت تكتب المجلة على صدرها أنها مجلة علمية صناعية زراعية، ولم يبدأ اٍصدارها المنتظم اٍلا في سنة 1888.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التأسيس والأهداف
لعل مجلة المقتطف من أبرز الظواهر الثقافية الأخيرة في بيروت، فقد أنشأها الدكتور يعقوب صروف مع رفيقه الدكتور فارس نمر في غرة يونيو 1876، وهما بعد في المدرسة الكلية. وهي مجلة شهرية علمية صناعية زراعية، كانت تشمل أولا على 24 صفحة حتى بلغ عدد صفحاتها 124 بحرف دقيق. فكانت "شيخ المجلات العربية" لأنها بلغت عمرا طويلا لم يبلغه سواها على الاطلاق. وقد أصاب الطرزي كبد الحقيقة حين قال: ان المقتطف هو العمل الاعظم والتأليف الأكبر الذي وقف له العمر كل من صروف ونمر".[1]
ونحن نعارض رأي المستشرق السوفيتي كوتولوف الذي جزم بأن صروف ونمر "كانا من ذوي الأفكار والميول الأوربية" ، وأنهما كانا "ينتميان اجتماعيا الى طبقة الكومبرادور" قبل اصدار مجلة "المقتطف".
فقد ولد فارس نمر في حاصبيا في أسرة من الروم الأرثوذكس التي تمذهبت بالبروتستانتية. كان والده قد قتل ابان المذابع المروعة في لبنان والمعروفة اختصارا ب"سنة الستين" فحملته امه مع أخيه وأخته الى بيروت. وفي أواخر سنة 1863 ذهبت به والدته الى القدس، وأدخل هناك المدرسة الانكليزية حيث تعلم الانكليزية والألمانية ومبادئ التاريخ والأدب والحساب. ظهرت عليه علامات النجابة فأرسلوه الى مدرسة المرسلين الأمريكان في عبية وفياه تلقى علوم اللغة والأدب. ولما عاد الى بيروت دخل "المدرسة الكلية السورية" الإنجيلية واضطر الى العمل طلبا للرزق في مدرسة البنات الروسية العليا. وصرف ما توفر له من وقت العمل في "النشرة الأسبوعية" وفي عام 1874 نال البكالوريا وبقي معلما في المدرسة الكلية لعلمي الجبر والهندسة . ألف وترجم – برفقة الدكتور صروف غالبا – العديد من الكتب العلمية.
أما الدكتور يعقوب صروف فهو من مواليد الحدث، نال سنة 1870 شهادة بكالوريوس العلوم من "المدرسة الكلية السورية". عمل مدرسا في المدارس التبشيرية بصيدا وطرابلس وبعدها في الكلية السورية، حيث برز في الطب والكيمياء وغيرها من العلوم التي لم تكن تدرس قبلا.
والشاعر ابراهيم اليازجي أيضا من "الكومبرادور"، شكل هو وأخوه خليل اليازجي، النواة الصالحة التي قامت عليها مجلة "المقتطف". وقد صدق بهما قول جرجي زيدان "لقد وضع الأخوان العربية من الأم، وتنفساها من الأب نصايف اليازجي". وقف الأخوان حياتهما على خدمة اللغة العربية وسائر العلوم التقنية والعقلية ونهضتها الأدبية الثقافية الحديثة، فضلا عن نشاطهما السياسي الوطني البارز. كان الشاعر ابراهيم اليازجي العلامة المتبحر في اللغات الأجنبية والسامية وعلم المقارنة يوقع المقالات اللغوية البليغة. فكان موئل اللغة الحصين وامام الانشاء في عصره. شارك في ترجمة الأسفار المقدسة (عن اليسوعيين) وهي أصح سائر الترجمات العربية عبارة وأضبط تركيبا. كان موسوعيا في معارفه وعلومه وكان يلذه منها الفلك والفلسفة الطبيعية، صاحب العديد من المخترعات، نشر مؤلفات عدة في الكيمياء والطب والفلك وغيرها من العلوم. وانتخب عضوا في العديد من الجمعيات الفلكية الأوربية، ونال الكثير من الأوسمة والميداليات .
كان خليل اليازجي من أولئك المثقفين البارزين المختصين بالرياضيات والعلوم الطبيعية في الكلية السورية الإنجيلية، وقف نفسه على خدمة الأدب، ولكنه استغنى عن الشعر التقليدي وأكثر من نظم الروايات الشعرية والتواريخ، بيد أنه كان أحيانا يضحي بالحدث التاريخي في سبيل فكرة أساسية سامية كالتماثل والتكافؤ بين العرب مسلمين ونصارى، وابراز الخطوط العامة لتواعد الأخلاق عند العرب، بصرف النظر عن الفوارق الدينية والاختلافات المذهبية. ويميل جرجي زيدان الى الاعتقاد بأن رواية "المروءة والوفاء" للشيخ خليل اليازجي هي الرواية الشعرية الوحيدة في اللغة العربية، كان قد فرغ منها سنة 1876، ومثلت انشاء سنة 1878 في بيروت، وفي هذا الصدد يقول: "وتأليفها خطوة مهمة في التمثيل العربي لأنها على مثال ما يفعله كبار الكتاب في أوربا من تأليف الروايات الشعرية التمثيلية".
لاقت مجلة "المقتطف" ترحيبا كبيرا، ونالت شهرة طبقت الآفاق عصرئذ. وفضلا عن المقالات التي يكتبها صاحباها العلامتان، فان المجلة كانت مشحونة بفصول كثيرة لأفضال حملة الأقلام في الشرق من جهابذة اللغة والشعر والتاريخ والصحافة والأدباء والعلماء والأطباء والصيادلة. كما كانت المقتطف ميدانا تتبارى فيه أقلام الكتاب من كل البلدان العربية. فكانت حقا من أعظم وأهم المشاريع الثقافية في مضمار التنوير العربي وكانت مجلة من المستوى الراقي الرفيع لا يقل شأنا عن أفضل الدوريات الأوربية – على حد قول كريمسكي . ومن هنا ينبغي علينا تقدير الدور العظيم، الذي اضطلعت به المقتطف في مجال الترويج للنظريات والأفكار العلمية التقدمية، وفي طليعتها مذهب داروين في النشوء والارتقاء والبرهنة على أنه لا يتناقض مع الأديان والكتب المقدسة. وكانت تحارب الفكر الرجعي والرجعية التي حاولت عرقلة تطور وتقدم الفكر الاجتماعي من موقع الدفاع عن الفكر العلماني – التنويري. ونخص بالذكر المناظرات العلمية الشهيرة بينها وبين "البشير" البيروتية لسان حال اليسوعيين. ومع الأوساط المتحالفة مع نظام القهر التركي التي لم يعد بالامكان – في ظروف الاستبداد – دعوتها للبراز في الميدان السياسي – الاجتماعي.
وأخيرا وليس آخرا يجب تقييم "المقتطف" كمركز جذب واستقطاب للقوى النهضوية المبعثرة في الظروف الجديدة، نتج نتج عنه تحرك تنويري عظيم الشأن تجلى في انشاء المجمع العلمي الشرقي سنة 1882 للبحث في العلم والصناعة لما يعود بالخير على البلاد. وقد شارك في تأسيسه طائفة من علماء العلم وسدنته في ذلك العهد. وكان دور المقتطف في ذلك عظيما جدا لدرجة دفعت الظرزي الى الاعقتاد خطأ أن يعقوب صروف تولى رئاسة المجمع العلمي الشرقي. بينما تولاها في الواقع الدكتور فانديك الكبير، والدكتور يوحنا ورتبات. ولو أمعنا النظر في لائحة اعضاء المجمع تبين لنع بوضوح أنها تضم ممثلي التيارات النهضوية الثلاثة التي أطلقنا عليها اصطلاحا التيار التبشيري العلمي "اليميني" بقيادة الدكتور يوحنا ورتبات، والتيار الوسط (البساتنة بزعامة العلامة بطرس البستاني ونسيبه سليمان البستاني). والتيار الراديكالي – اليساري (أنصار أديب اسحاق وأتباع المقتطع). نخلص من ذلك الى استنتاج مفاده أن المناخ السياسي الذي ساد بعد توطد مواقع النظام الحميدي، وضع النهضة العربية أمام انعطاف مهم وخطير جدا، أدى الى صب المهام الفكرية – الثقافية والقومية – السياسي في قنوات خاصة.
أعداد المجلة
معرض الصور
- مجلة المقتطف - مجلد 31 - جزء 10.pdf
مجلة المقتطف - مجلد 31 - جزء 10
المصادر
- ^ نجاريان, يغيا (2005). النهضة القومية-الثقافية العربية. دمشق، سوريا: أكاديمية العلوم الأرمنية - الدار الوطنية الجديدة.
وصلات خارجية