عبد الحميد الزهراوي

عبد الحميد الزهراوي.

عبد الحميد بن محمد شاكر بن إبراهيم الزهراوي (و. 1855 - ت. 1916)، هو مفكر وشاعر وأحد رموز النهضة السياسية السورية.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مولده ونشأته

وُلِدَ عبد الحميد بن محمد شاكر بن إبراهيم الزهراوي في مدينة حمص وبدأ دراسته فيها بتعلّم اللغة العربية وآدابها ثم عكف على دراسة اللغة التركية فأتقنها، وأتمّ دراسته في المكتب الرشدي بحمص ثم طلب العلوم العقلية والنقلية على أيدي علماء عصره أمثال: الشيخ عبد الستار الأتاسي والشيخ عبد الباقي الأفغاني، ثم اجتهد في التحصيل على نفسه وإذ به يصبح المرجع الأول للمثقفين والأدباء في حمص .


نضاله ضد العثمانيين

برز نشاط الزهراوي بانتقاد الحكومة العثمانية بجُرْأة متناهية حين أصدر جريدة أسماها (المنبر) السرية عام 1894 حيث كان يحررها و يطبعها على الجلاتين ويوزّعها بنفسه سراً وبالمجّان شارحاً فيها كل ما يريد من تلاحم أبناء الأمة العربية ضد الظلم العثماني ، وتوقفت ( المنبر) عن الصدور بفعل التسلّط والتشدّد العثماني ووُضعَ الزهراوي تحت المراقبة الشديدة.

في صيف عام 1895 سافر إلى الأستانة لأعمال تجارية . أثناء وجوده فيها عرف بالنشاط السياسي للطلاب العرب ، عندئذ انصرف عن الأعمال التجارية وعمد إلى التعمّق في دراسة كتب العلم والأدب والسياسة في مكتبات الأستانة ، ثم أخذ ينشر في جريدة (المعلومات) التي كانت تصدر باللغة العربية ، المقالات التوجيهية والتثقيفية لأبناء الشعب العربي ويوجّه الانتقادات العنيفة للأساليب اللاّإنسانية التي يتّبعها الحكم العثماني في البلاد العربية ، فعرض عليه منصب قاضٍ في أحد الولايات التي يختارها لكنّه رفض العرض . فأصدر السلطان أمراً بتوقيفه سنة 1897 ثم أرسله للإقامة الجبرية في دمشق ومنحه راتباً شهرياً مقداره / 500 / قرشاً ذهبياً . لكن الشيخ الزهراوي تابع نشاطه الوطني في دمشق وعمل مراسلاً لصحيفة المقطّم المصرية فألقي القبض عليه وأرسل إلى الأستانة ، ثم أُعيد إلى حمص في آذار 1898 وفرضت عليه الإقامة الجبرية في منزله. وهرب إلى مصر وعمل في صحافتها حتى عام 1908 حيث قام الشعب بانتفاضة كبرى ترأسها رجال ( تركيا الفتاة ) فأنزلوا السلطان عبد الحميد عن عرشه أواخر شهر تموز 1908 وأعلنوا إقرار الدستور العثماني . وبعد هذا الإعلان ، انتخبت مدينة حمص ممثلها في مجلس المبعوثان الشيخ عبد الحميد الزهراوي بأكثرية ساحقة في شهر إيلول سنة 1908 . فسافر الزهراوي في أوائل تشرين الأول إلى الأستانة لتمثيل بلده وأمته ، وهناك رفع صوته عالياً مطالباً بحقوق أمّته العربية وحرّيتها وأصدر جريدة (الحضارة ) الأسبوعية مع شاكر الحنبلي ثم استقل بها عام 1910 وجعلها منبراً لكل الشباب العرب الذين كانوا يتابعون دراستهم العليا في الأستانة.

وكان قد تعرّف في حمص على رفيق رزق سلوم حيث تطابقت أفكارهما حول القضية الوطنية ، ونصح الزهراوي صديقه رفيق بأن يسافر إلى الأستانة لدراسة الحقوق فسافر إليها بنهاية صيف 1909 وبدأ يحرّر في جريدة الحضارة.

بدأ المناضلون العرب يهاجمون حزب الإتحاديين التركي وأقروا بتأسيس أحزاب وجمعيات مناوئة له منها:

ترأسه للمؤتمر العربي الأول بباريس

ويأتي عام 1913 عام انعقاد المؤتمر العربي الأول بباريس الذي كان بداية نهضة عربية قومية وقد ترأس المؤتمر عبد الحميد الزهراوي على الرغم من عدم كونه عضواً في حزب اللامركزية الذي دعا الى المؤتمر لكن اعضاء المؤتمر عينوه رئيساً له لمكانته العلمية الاجتماعية والسياسية وقد قال في المؤتمر كلمته التي ظلت ترن في آذان الولاة العثمانيين طويلاً...« ان العرب كانوا قد ألفوا الترك وهؤلاء قد ألفوا العرب وامتزج الفريقان امتزاجاً عظيماً لكن كما مزجت بينهم السياسة فرقت بينهم السياسة هذه الرابطة قد اصبحت مهددة بالسياسة أكثر مما كانت مهددة من قبل» !.‏

استشهاده

اهتمت الحكومة العثمانية للأمر وأرسلت إليه موفداً خاصاً لإقناعه بالعودة لتحقيق طلبات المؤتمرين فعاد إلى الأستانة عام 1913 وعُيّنَ عضواً في مجلس الأعيان .واستمر الزهراوي على موقفه من السلطة العثمانية الذي جلب له مع مجموعة من رفاقه أعضاء المؤتمر الذين كانوا يعملون في سبيل حرية بلادهم واستقلالها عن الدولة العثمانية ، ففي أواسط شهر آب 1915 فقد ألقي القبض على عدد من المناضلين بأمر من السفّاح جمال باشا منهم الشيخ عبد الحميد الزهراوي وتمت إحالة المعتقلين إلى الديوان العرفي الذي شكّله في بلدة عالية. وتعرّضوا خلال الاعتقال للإهانة والتعذيب . وبعد محاكمة صورية حكم عليه بالإعدام شنقاً حتى الموت بتهمة خيانة الدولة العليا وكانت آخر كلماته قبل الإعدام : ( إن العناية ترعى وطننا الحبيب إننا سوف نصل إلى الحصول على استقلالنا كاملاً بعد أن ننتقم من الأعداء الخونة ) وكان تنفيذ حكم الإعدام في ساحة المرجة بدمشق يوم السبت في 6 أيار 1916 ودفن في مقبرة الشهداء بدمشق وكان رفاقه بالشهادة:

لقد جعل الشعب العربي في سوريا هذا اليوم يوماً رسميّاً للشهداء الذين ضحّوا بحياتهم في سبيل استقلال بلادهم جاعلاً من تاريخ 6 أيار من كل عام ذكرى خالدة وأمثولة رائعة لكل أمة تمجّد أبطالها وتتطلّع لنيل حريتها واستقلالها .

تكريمات

  • أهدى العلاّمة الخوري عيسى أسعد كتابه ( تاريخ حمص ج1: 1940 ) إلى صديقيه رفيق رزق سلوم وعبد الحميد الزهراوي شهداء الوطنية حيث جاء في الإهداء : (( إليكما يا من علا كعباهـما تربة الوطن المحبوب، فسبقا باستشهادهما صديقهما إلى العالم الآخر . أقدِّم تاريخ ما سلف من حوادث بلدكما المحبوب . ليرى السلف الصالح الأقدم ، الصورة الجميلة للســالفين الحديثين غير المنسيين من صحيحي الوطنية ))
  • أطلقت مديرية التربية بحمص اسمه على إحدى ثانوياتها.
  • في أوائل حزيران من عام 1961 أقام المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعــلوم الإجتماعية مهرجان الفكر والعقيدة لتكريم ذكرى الشهداء : عبد الحميد الزهراوي، رفيق رزق سلوم ، عزة الجندي. وكان من ثمار هذا المهرجان وذكرياته جمع المحاضــرات التي ألقيت ، وكتاب آخر اشتمل على ما عُثِرَ عليه من مقالات الزهراوي جمعها الدكتور جودت الركابي والدكتور جميل سلطان من أعداد جريدة الحضارة الأسبوعية ووسم الكتاب باسم : الإرث الفكري للمصلح الاجتماعي عبد الحميد الزهراوي .
  • جمع حفيده السيد خالد الزهراوي قسماً كبيراً من أعماله .
  • صدر عن وزارة الثقافة عام 1995 الأعمال الكاملة لعبد الحميد الزهراوي : إعداد وتحقيق الدكتور عبد الإله نبهان.

إصدارات ومؤلفات

  • جريدة ( المنبر ) السرية سنة 1894 .
  • جريدة ( الحضارة ) الأسبوعية سنة 1910.
  • رسالة الفقه والتصوّف.
  • كتاب خديجة أم المؤمنين.
  • النحو والبلاغة والمنطق

مقتطفات من أعماله الشعرية

1 ـ قصيدة مؤلفة من سبعة أبيات تصوِّر ثقة الشيخ المطلقة بربّه عزّ وجلّ :

وثقت بربي لا أخــاف إذا بدا من الدهــر خطـب أنه لكفيل
فنم ساكناً يا قلب إن هب مزعج عســاه بتدبـير القـدير يزول
تتابعت الأدهار توحي بأمــره من الأمر ما حـارت لديه عقول
وكم روت الأدهار يسراً لعسرة سمعنـا وأبصـرنا وصـح دليل
وعندي وراء الكل وحي بروحه لروحـي لا ريبٌ إليـه يطـول
فلا تكثرن الهم في كـل طارئ فإن تماثيــل الجفــاء تحـول
وتأتي عنايات وتبدو مراحــمٌ وللـرب سـرٌّ غـامض وجليل


2 ـ من قصيدة ذات طابع فلسفي عبارة عن خلاصة تأمّلاته في الكون والإنســـان وأسرارهمــا :

الكـون مبنــي على الحـركات كلٌ في قدر
ويرى بنو الإنســان أنَّ همو خلاصـة ما فطر
والأرض تجمعنا فنحسب أنها إحــدى الكـبر
والكون ظرف ظــواهر والســرّ فيه ما ظهر
واعلــم بأن المفلـحي ن بذي الحياة أولو العبر


3 ـ كان بين الشيخ عبد القادر القصاب والشيخ الشهيد عبد الحميد الزهراوي صداقة حميمة انعقدت في مصر. ولما قدم دير عطية دعاه الشيخ الزهراوي لزيارة حمص بكتاب وقصيدة نورد من القصيدة بعض الأبيات:

بدر الهدى للشــام ودّ مسـارا والبدر يحسب كوكباً سيّـَارا
فسرى لها من مصر يصحبه السنا والنور شيء يصحب الأقمارا
فاستبشرت هذي البلاد وأشرقت بيزوغه إذ عمـــها أنوارا
وغدت تباهي مصر إذا ربحت به بحـراً يفــوق بدرّه التيارا
يا سيـد العلــماء والفضلاء يا سعد البـلاد وغيثها المدرارا
قلدت فيها العنق وهي جديـرة لا العنـق لكن كان ذا إيثارا
مهما شكـرتك أو مدحتك إننـي لجليـل نعتك لم أكن حصّارا
فاقبل دعائي والتحـية وارضين جهد المقل وسامـح المعثارا

المصادر

إسلام أون لاين: الزهراوي       تصريح