مرنبتاح

(تم التحويل من Merenptah)

مرنپتاح Merneptah (أو مرِنپتاح Merenptah) كان رابع حاكم من الأسرة 19 في مصر القديمة. وحكم مصر لمدة 10 سنوات بين أواخر يوليو/أوائل أغسطس 1213 ق.م. إلى 2 مايو 1203 ق.م. حسب السجلات التاريخية المعاصرة لحكمه.[2] وكان الابن الثالث عشر لرمسيس الثاني[3]

اعتلى السلطة بعد وفاة كل أشقائه الأكبر منه، بما فيهم شقيقه خائم واست. وكان عمره لدى ارتقائه عرش مصر يناهز 70 عاماً. ولعل أكثر ما يشتهر به هو نصب مرنبتاح، الذي يضم ما يُعتقد أنه أول ذِكر معروف للاسم إسرائيل. اسمه الملكي كان با-إن-رع مِري-نِت جـِرو، وتعني "روح رع، محبوب الآلهة".

بورتريه للفرعون مرنبتاح

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

العائلة

مرنپتاح كان غالباً رابع أطفال الزوجة الثانية لرمسيس الثاني، إست نوفرت الأولى (إيزيس نوفرت)، وإجمالاً هو الابن الثالث عشر لرمسيس الثاني.[4][5][6][7] تزوج إست نوفرت الثانية وهي غالباً شقيقته أو ابنة أخيه، وهي ستصبح الزوجة الملكية الكبرى له حين يصبح فرعوناً. وقد أنجبا على الأقل ابنين، مرنبتاح وستي، وابنه تووسرت. وحين أصبح فرعوناً، كانت شقيقته تووسرت الزجة الملكية الكبرى، ولاحقاً ستصبح هي نفسها فرعوناً.

وغالباً ما تزوج أيضاً الملكة تخت، أحد أبنائهما سيصبح لاحقاً فرعون الأسرة 19 ستي الثاني. وأنجبا كذلك الأمير مرنپتاح والأميرة خائم واست. أحد أبنائهم الآخرون، على الأرجح، كان غاصب العرش أمن مسي.


قبل اعتلائه العرش

بوابة مرنبتاح، الأشمونين.

عاش رمسيس الثاني حتى التسعينيات من عمره متمتعاً بصحة جيدة وكان أحد أقدم الفراعنة في التاريخ المصري، إن لم يكن أقدمهم. لقد عاش أكثر من العديد من ورثته، وفي النهاية خلفه نجله مرنبتاح. كان مرنبتاح مستعدًا ليكون فرعونًا من خلال المسؤوليات التي تقلدها في الحكومة. عند بلوغه الأربعين، رُقي مرنبتاح إلى مشرف الجيش. وفي الخامسة والخمسية، أعلن رسمياً ولياً للعهد. في تلك المرحلة، حصل على مسؤوليات إضافية من خلال خدمته كأمير وصي على مدى السنوات الاثنتي عشرة الأخيرة من حياة رمسيس الثاني.[8]

التأريخ

بحسب إحدى قراءات السجلات التاريخية المعاصرة، حكم مرنبتاح مصر عشر سنوات تقريبًا، من أواخر يوليو أو أوائل أغسطس 1213 قبل الميلاد حتى وفاته في 2 مايو 1203 قبل الميلاد.[9]

حملاته العسكرية

نصب أتريب يصف حملة مرنبتاح الليبية.
كتلة من الحجر الجيري تُظهر زوجًا من الخراطيش غير المكتملة لمرنبتاح الأول، الأسرة التاسعة عشر، متحف بيتري للآثار المصرية، لندن.

في العام الخامس من حكمه قويت شوكة قبيلة الليبو بمساندة المشوش والكهك، وكذلك بتحالفهم مع شعوب البحر الهابطين من بحر إيجة إلى ليبيا، والزاحفين شرقاً. وفي طريقهم إلى منف. خاض مرتبتاح معركة استمرت ست ساعات وتوجت بالنصر على الليبيين وشعوب البحر في مدخل "پري رع Perire، الواقعة في الأغلب على الطرف الغربي لدلتا النيل. وُصفت هذه الحملة ضد شعوب البحر والليبو في نثر على جدار بجانب الصرح السادس في الكرنك، وتقول كلماته:

[بداية الانتصار الذي حققه جلالته في أرض ليبيا]- أنا، إكويش، ترش، لوكا، شردن، شكلش، الشماليون القادمون من جميع البلدان.

في جزء لاحق من النقش، تلقى مرنبتاح أنباء الهجوم:

... الموسم الثالث، قائلًا: 'سقط رئيس ليبيا البائس، ميري، ابن ديد، على بلاد طهينو مع رماته- شردن، شكلش، إكويش، لوكا، ترش، أخذ أفضل من المحاربين وجميع رجال الحرب في بلاده. أحضر زوجته وأطفاله - قادة المخيم، وقد وصل إلى الحدود الغربية في حقول پري رع.'[10]
مرنپتاح يقدم القرابين للإله پتاح على عمود، من متحف جامعة پنسلڤانيا.

نص نقش على شاهدة أثريب، الموجود حالياً في حديقة متحف القاهرة، على أن "صاحب الجلالة كان غاضبًا من تقريرهم، مثل الأسد"، وجمع بلاطه، وألقى خطابًا مثيرًا. لاحقًا حلم أنه رأى بتاح يسلمه سيفًا ويقول "خذه وأبعد قلبك المخيف عنك". عندما خرج الرماة، يقول النقش: "كان آمون معهم درعًا". بعد ست ساعات ألقى الأقواس التسعة (الأعداء) الناجون أسلحتهم، وتخلوا عن أمتعتهم وعائلاتهم، وركضوا للنجاة بحياتهم. يقول مرنبتاح إنه هزم الغزو، وقتل 6000 جندي وأخذ 9000 أسير. وللتأكد من الأرقام، من بين أمور أخرى، أخذ أعضاء الذكورة من جميع الأعداء القتلى غير المختونين وأيدي جميع المختونين، والتي يعلم التاريخ من خلالها أن الأكويش كانوا مختونين، وهي حقيقة جعلت البعض يشك في أنهم يونانيون.

استولى على غنائم كبيرة من الأسلحة والأسرى وقطعان الماشية. واستلزم الأمر كذلك قمع ثورة تمرد خطيرة قامت في بلاد النوبة السفلى.[11]

ولتدعيم الوجود المصري في فلسطين، أرسل الملك مرنتباح، في السنة الخامسة من حكمه، حملات عسكرية إلى ثلاث مدن كنعانية هي عسقلان، وجازر، وينوحام. ومن بين النصوص العديدة التي تشدو وتتغنى بالإنتصارات المصرية على الليبيين، وتشير باختصار إلى تلك الحملات التي أرسلت إلى آسيا، نجد نصاً واحدا يذكر فيه "يسيريارو" وهي التي شبهها البعض بكلمة إسرائيل، وقد ذُكرت ليس كبلد أو مدينة، بل كقبيلة. ولذلك فقد جلبت هذه اللوحة شهرة فائقة للفرعون مرنتباح، إذ يعتمد عليها اليهود بأنها الذِكر الوحيد لهم في الآثار المصرية، بالرغم من أن الكلمة غير قاطعة.[12] تؤكد طبقة الدمار الهائلة المكتشفة حديثًا تفاخر مرنبتاح بحملته الكنعانية.[13]

نصب مرنپتاح

نصب مرنپتاح (JE 31408) من المتحف المصري بالقاهرة.

نصب مرنپتاح يظهر على الوجه الخلفي للنصب الذي أقامه الفرعون أمنحوتپ الثالث. وقد اكتشفه فلندرز پتري في 1896 في طيبة.

نال النصب شهرة وسوء سمعة كبيرتين لكونه الوثيقة المصرية القديمة الوحيدة التي تحمل كلمة "إسرير Isrir" وهي ما يفسرها البعض على أنها "إسرائيل". وبنفس التحريف لمخارج الحروف، يـُزعم أنها، وبفارق كبير، أقدم شهادة معروفة للنسب المكاني إسرائيلي. ولهذا السبب يسميها البعض "نصب إسرائيل Israel stele".

إلا أن ذِكر كلٍ من كنعان وإسرائيل، هو عابر للغاية، إذ يتعلق الجزء الأعظم من النصب بحملات مرنپتاح ضد الليبيين.

عمود مرنبتاح

قاعدة عمود مرنبتاح

عمود الملك مرنبتاح المعروف باسم "عمود المطرية"، هو من الجرانيت الوردى يبلغ طوله 5,50 متر، وكان قد عثر عليه الأثرى المصرى الشهير منير بسطة فى منطقة عرب الحصن بالمطرية بالقرب من المسلة أثناء حفائر مصلحة الآثار المصرية أعوام 1967 – 1970، وهو الموقع الذى ظل قابعا فيه لسنوات قبل أن ينتقل إلى قلعة صلاح الدين لترميمه. وعمود مرنبتاح هو غير نصب مرنبتاح.

أهمية العمود تنبع من وجود نص من 4 أسطر يتحدث عن الانتصار التاريخى العظيم (معركة پري رع) الذى حققه مرنبتاح على الليبيين فى العام الخامس من عهده فى الطرف الغربي لدلتا النيل (حوالى عام 1208 ق.م.). السطر 27 من اللوحة والذى جاء فيه:

Cquote2.png “لا يرفع أحد رأسه من بين الأقواس التسعة، الخراب للتحنو، وبلاد خيتا قد أسكتت، ونهبت كنعان وأصابها كل شر، واستسلمت عسقلون وأخذت جازر، وينوعام أصبحت كأن لم تكن، وخربت إسرائيل ولم يعد لها بذور، وأصبحت خارو أرملة لمصر”، يرى بعض العلماء وفقا لدراساتهم الحديثة أن الترجمة القديمة لكلمة إسرائيل خاطئة وأنها يجب أن تترجم بـ «يسيريارو» والمقصود بها سكان أو قبائل سهل يزريل أو جزريل، وهو “مرج بن عامر” من الناحية الشرقية الشمالية من جبل الكرمل والذى يمتد من حيفا غرباً إلى وادى الأردن. Cquote1.png

وفي مارس 2018، نـُقِل العمود إلى البهو العظيم بالمتحف المصري الكبير بجوار تمثال الملك رمسيس الثاني.[14]

خلافته

نصب جنائزي لمرنبتاح.
التابوت الحجري لمرنپتاح في المقبرة KV8.

عـُثر على مومياؤه في خبيئة مقبرة الملك منتوحتب الثاني. عندما تولى العرش، كان مرنبتاح بالفعل رجلاً مسنًا في أواخر الستينيات من عمره، إن لم يكن في أوائل السبعينيات.[15] نقل مرنبتاح العاصمة الإدارية المصرية من بي-رعمسيس، عاصمة والده، معيداً إياها إلى منف، حيث أنشأ قصراً ملكياً قبالة معبد بتاح. قامت جامعة متحف بنسلفانيا بالتنقيب في القصر عام 1915، تحت قيادة كليرنس ستانلي فيشر.

كان خليفة مرنبتاح، ستي الثاني، ابن الملكة إيست‌نوفرت. ومع ذلك، لم يكن وصول ستي الثاني إلى العرش بلا منازع: فقد استولى ملك منافس يُدعى آمن‌مسى، والذي كان إما ابنًا آخر لمرنبتاح من قبل تاخات أو، على الأرجح، ابناً لرمسيس الثاني، على صعيد مصر وكوش في منتصف عهد ستي الثاني. بعد أن تغلب على آمن‌مسى، تمكن سيتي من إعادة تأكيد سلطته على طيبة في عامه الخامس. من المحتمل أنه قبل الاستيلاء على صعيد مصر، كان آمن‌مسى معروفًا باسم مـِوسوي وكان نائبًا لملك كوش.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مومياؤه

مومياء مرنبتاح

كان مرنبتاح يعاني من إلتهاب المفاصل وتصلب الشرايين وتوفي كرجل مسن بعد حكم استمر قرابة عقد من الزمان. دُفن في الأصل داخل المقبرة KV8 في وادي الملوك، لكن مومياءه لم يُعثر عليها هناك. عام 1898 تم تحديد موقعها مع ثمانية عشر مومياء أخرى في مخبأ المومياء الموجود في مقبرة أمنحتب الثاني (KV35) بواسطة فيكتور لوريه. نُقلت مومياءه إلى القاهرة وفك غلافها في النهاية بواسطة جرافتون سميث في 8 يوليو 1907. يشير سميث إلى التالي:

جسد رجل مسن يبلغ طوله مترًا واحدًا و714 ملم [5'6"]. كان مرنبتاح أصلعًا تمامًا تقريبًا، ولم يتبق سوى جزء صغير من الشعر الأبيض (مقصوص الآن بحيث لا يمكن رؤيته إلا بصعوبة) على الصدغين والقفا، عُثر على عدد قليل من الشعر الأسود القصير (حوالي 2 ميل) على الشفة العليا وشعر مبعثر ومقصوص على الخدين والذقن. ويشير المظهر العام للوجه إلى رمسيس الثاني، لكن شكل القحف وقياسات الوجي تتفق إلى حد بعيد مع تلك الخاصة بأبيه [الكبير]، ستي العظيم.[16]

عام 1980، أجرى جيمس هاريس وإدوارد ونتي سلسلة من فحوصات الأشعة السينية على قحف فرعون الدولة الحديثة وبقايا هيكله العظمي، والذي تضمن بقايا مومياء مرنبتاح. وجد التحليل بشكل عام أوجه تشابه قوية بين حكام الدولة الحديثة من الأسرة التاسعة عشر والأسرة العشرين مع العينات النوبية من العصر الحجري الوسيط. لاحظ المؤلفون أيضًا صلات مع سكان البحر المتوسط المعاصرين من أصل مشرقي. اقترح هاريس ووينتي أن هذا يمثل مزيجًا لأن الرعامسة كانوا من أصل شمالي.[17]

في أبريل 2021، نُلت مومياءه من متحف الآثار المصرية إلى المتحف القومي للحضارة المصرية جنبًا إلى جنب مع 17 ملكًا آخر و4 ملكات في حدث أطلق عليه موكب الفراعنة الذهبي.[18]

المصادر

  1. ^ "King Merenptah", Digital Egypt, University College London (2001). Accessed 2007-09-29.
  2. ^ Jürgen von Beckerath, Chronologie des Pharaonischen Ägypten, Mainz, (1997), pp.190
  3. ^ Gae Callender, The Eye Of Horus: A History of Ancient Egypt, Longman Cheshire (1993), p.263
  4. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة :0
  5. ^ Merrill, J. Marc (2012-05-02). 1: Building Bridges of Time, Places and People: Volume I: Tombs, Temples & Cities of Egypt, Israel, Greece & Italy. AuthorHouse. p. 213. ISBN 978-1468573695.
  6. ^ Bart, Anneke. "Merneptah". slu.edu. Saint Louis University. Retrieved 2017-12-21. Merneptah was the 13th son of Ramses II.
  7. ^ "Penn Museum - Egypt (Sphinx) Gallery". Penn Museum. Penn Museum. Retrieved 2017-12-21. Merenptah was the 13th son and eventual successor of the famous Ramses II.
  8. ^ "Merneptah". Academic Dictionaries and Encyclopedias. Retrieved 2017-12-21. Already a man in his sixties, Merneptah had helped to manage state affairs for his father in the city of Pi-Ramesse and in the Delta and he now took on new responsibilities, ruling as prince regent for the elderly king throughout the last twelve years of his reign.
  9. ^ خطأ استشهاد: وسم <ref> غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة Mainz, 1997 pp.190
  10. ^ Robert Drews, The End of the Bronze Age, Princeton University Press, 1993. p.49
  11. ^ پاسكال ڤيرنوس (1999). موسوعة الفراعنة. دار الفكر. {{cite book}}: Unknown parameter |coauthors= ignored (|author= suggested) (help)
  12. ^ Jacobus Van Dijk, "The Amarna Period and the Later New Kingdom" in The Oxford History of Ancient Egypt, ed. Ian Shaw, Oxford University Press (2000), p.302
  13. ^ Bohstrom, Philippe (2017). "First Discovery of Bodies in Biblical Gezer, From Fiery Destruction 3,200 Years Ago".
  14. ^ "عمود مرنبتاح .. الأهمية التاريخية وعلاقته ببنى إسرائيل". وكالة أنباء الشرق الأوسط. 2018-03-10.
  15. ^ Joyce Tyldesley (2001). Ramesses: Egypt's Greatest Pharaoh. Penguin Books. p. 185.
  16. ^ Grafton Elliot Smith, The Royal Mummies, Cairo (1912), pp. 65-70
  17. ^ An X-ray atlas of the royal mummies. Chicago: University of Chicago Press. 1980. pp. 207–208. ISBN 0226317455.
  18. ^ Parisse, Emmanuel (5 April 2021). "22 Ancient Pharaohs Have Been Carried Across Cairo in an Epic 'Golden Parade'". ScienceAlert. Retrieved 5 April 2021.

وصلات خارجية