سبط المارديني

منمنمة لسبط المارديني.

محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن الغزال أبو عبد الله بدر الدين المعروف بسِبط المارديني [1]‏(826 - 912 هـ / 1423 - 1506 م) ، هو عالم الفلك والرياضيات والهيئة وطب عربي. ومؤذن في الجامع الأزهر.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته

هو دمشقي الأصل، ولد وتوفي في القاهرة، وحفظ القرآن وجودّه على النور إمام الأزهر، بل تلاه عليه ببعض الروايات، وألفية النحو وبعض المنهاج، وأخذ عن ابن المجدي الفرائض والحساب والميقات والطب ولازم دروسه، وكذا لازم العلاء القلقشندي في الفرائض والفقه ومما أخذه عن الفصول لابن الهائم، وتقسيم الحاوي وبهجته والمنهاج والمهذب، بل وقرأ عليه البخاري والترمذي وغيرهما، كما ذكر السخاوي في الضوء اللامع، وحضر دروس كبار الأساتذة في ذلك العصر، وحج أكثر من مرة، وزار بيت المقدس مرات عديدة، وسافر إلى الشام وحماة، وتميز سبط المارديني «بالذكاء مع حسن العشرة والتواضع والرغبة في الممازحة والنكتة والنادرة وامتهان نفسه، وترك التأنق في أمره، وأشير إليه بالفضيلة فتصدى للإقراء وانتفع به الفضلاء في الفرائض والحساب والميقات والعربية ونحوها، وممن أخذ عنه النجم بن حجي… تصدر بجامع طولون برغبة نور الدين بن النقاش له عنه وعمل فيه إجلاساً» كما أشار السخاوي.[2]

رحل المارديني في طلب العلم، والإجازة فيه، سواء في علوم الدين أو اللغة أو العلوم البحتة من: رياضة، وفلك، وطب إلى دمشق القدس حماة و مكة المكرمة، ثم عاد إلى القاهرة بعد بضع سنين، وبدأ رحلته بالحج إلى مكة حيث درس على شمس الدين المراغي، وزار القدس مع أبي البقاء بن جيعان. وقد استقر سبط المارديني بالقاهرة، ونبغ في علوم الفلك والرياضيات واللغة العربية، وصار له مجلس علمي، يقصده طلاب العلم من أنحاء مصر، ومن بلاد العالم الإسلامي، وصارت له شهرة واسعة، وكان مجلسه العلمي بجامع المارداني بالقرب من باب زويلة بالقاهرة، وهذا ما جعل الكثير من المؤرخين يخطئون في نسبه ظانين أن لقبه المعروف به نسبة إلى الجامع الذي درّس فيه. وقد أسندت إليه وظيفة "المؤقت" بجامع المارداني، لأنه من الراسخين في علم الفلك بكتبه وشروحه ومجالسه العلمية ولذلك اهتم سبط المارديني بالظواهر الطبيعية التي ترتبط بالعبادات ومنها: الشفق، وظل سبط المارديني في هذه الوظيفة حتى توفي عام 912هـ/1506م عن عمر يجاوز الثمانين. ومن أهم تلاميذه العالم النجم بن حجي الذي تصدر فيما بعد حلقة علم في مسجد ابن طولون.[3]

وقد وصف المعاصرون سبط المارديني بالذكاء وحسن العشرة والتواضع والرغبة في الممازحة والنكتة وحب النادرة، تاركا التأنق في مظهره، وكما يتضح من كتبه من شروح ومؤلفات أنه عالم جليل متمكن من أصول الجبر والحساب، والفلك.

اختلف المؤرخون في تحديد سنة وفاته، فمنهم من قال سنة 902هـ/1496م كالبغدادي في كتابيه: هدية العارفين وإيضاح المكنون، ومنهم من قال سنة 907هـ/1501م مثل الزركلي في الأعلام، وكحالة في معجم المؤلفين، ومنهم من ذكر سنة وفاة سبط المارديني سنة 912هـ/1506م مثل بروكلمان.

ولابد من الإشارة إلى الخلط بين بدر الدين محمد بن محمد وبين جده جمال الدين عبد الله بن خليل بن يوسف المارديني (توفي سنة 809هـ/1406م)، في كثير من كتب التراجم وفهارس المخطوطات، ولذلك يُلحظ نسبة بعض مؤلفات الأول للثاني، وبعض مؤلفات الثاني للأول، حتى إن بعض كتب التراجم لا تذكر إلا ماردينياً واحداً، وتنسب إليه جميع المؤلفات!.


مؤلفاته

الرياضيات

العلاقات والقوانين الرياضية كما وردت في مخطوطة لمارديني كتبت في مصر.

وضع سبط المارديني مجموعة كبيرة من المؤلفات الرياضية، تراوحت بين الشرح والتوضيح لكتب المؤلفين الآخرين وبين التأليف، فمن أعماله: تحفة الأحباب في علم الحساب، اللمعة الماردينية في شرح الياسمينية لابن الياسمين، تكملة شرح الياسمينية، القول المبدع في شرح المقنع، شرح قصيدة المقنع في علم الجبر والمقابلة لابن الهائم، شرح اللمع في علم الحساب لابن الهائم، شرح نزهة النظار في قلم الغبار، دقائق الحقائق في حساب الدرج والدقائق، زبد الرقائق في حساب الدرج والدقائق، إرشاد الطلاب إلى وسيلة الحساب، شرح كتاب المعونة في الحساب الهوائي لابن الهائم. ومعظم تلك الكتب لم تنشر، ومن كتبه المحققة كتاب إرشاد الطلاب إلى وسيلة الحساب الذي حققه ودرسه مصطفى موالدي ونشره معهد التراث العلمي العربي بجامعة حلب عام 2004، تصنف المخطوطة ضمن مخطوطات الحساب الذهني ـ الهوائي ـ من حيث اهتمامها بتطوير ذلك النوع من الحساب منهجياً وتعليميا، وتتفوق المخطوطة في ترتيب موادها وتسلسلها بأسلوب منطقي، لتخدم هدفها التعليمي والذهني.

كشفت العلاقات والقوانين والقواعد الرياضية المستخدمة في المسائل والحلول عن تزاوج أفكار علماء المشرق العربي بأفكار علماء المغرب العربي في مخطوطة كتبت في مصر، وتميزت هذه المخطوطة باتباع قواعد محددة في تقديم المسائل والقوانين الرياضية وحلولها وتطبيقاتها من حيث الإيجاز عموماً، واهتمامها بسرعة الحساب وعمومية القوانين، واقتصاد الصيغ والوقت والجهد، وسهولة العمل.

عالجت المخطوطة، بالتفصيل المسهب، عمليات الضرب المختصرة، التي تعد من أهم ما يميز مخطوطات الحساب الهوائي أو حساب اليد أو حساب العقود، أو ما يُسمى في العصر الحالي بالحساب الذهني، مع ذكر أمثلة كثيرة جداً. كان سبط المارديني فاعلاً في النص، إذ وقف منه موقف الشارح والمحلل والباحث والمبدع. والرسالة الشهابية في الصناعة الطبية ونسختها الخطية في المكتبة الظاهرية بدمشق.

الفلك

انصبت مؤلفات سبط المارديني الفلكية، بصورة رئيسية، على علم الميقات وأدواته، فمن مؤلفاته: جداول في رسم المنحرفات على الحيطان، وحاوي المختصرات في العمل بربع المقنطرات، ورسالة الاستيعاب في العمل بصدر الإوزة وجناح الغراب؛ وهو ربع الدائرة المشهور بالمجنَّح، وبعضهم يسميه بعروس الآلات، والرسالة الفتحية في الأعمال الجيبية؛ وهي رسالة في العمل بالربع المجيب، ورسالة كفاية القنوع في العمل بالربع الشمالي المقطوع، ورسالة لقط الجواهر في تحديد الخطوط والدوائر، ورسالة نظم اللآلى في العمل بالربع الهلالي، والمطلب في العمل بالربع المجيب، يقول: "إنه ليس في الآلات الفلكية أشرف من الربع المجيب؛ لأنه يعمل به جميع الأعمال في جميع الآفاق".

كان الهدف الرئيس من مؤلفاته الفلكية: معرفة اتجاه القبلة، وتحديد مواعيد الصلاة، وحركة الشمس، وهذه الأهداف تخدم أغراضاً تطبيقية تعليمية.

الفرائض

من مؤلفات سبط المارديني: الرحبية في علم الفرائض؛ وهي منظومة يبلغ عدد أبياتها مئة وثلاثة وسبعين بيتاً، وقد عالجت جميع أبواب المواريث وبالحالات الممكنة كافة، والمنظومة من وضع الشيخ أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد بن حسين الرحبي وشرح سبط المارديني.

ومن مؤلفاته الأخرى: كشف الغوامض في علم الفرائض، وإرشاد الفارض إلى كشف الغوامض، والمواهب السنية في أحكام الوصية.

النحو

ومن مؤلفاته في النحو: شرح الغزال الدمشقي: الشذور، والقطر.

تميز منهج الغزال الدمشقي في الشرح والتأليف بالموضوعية والعلمية، فقد تحقق من نص المتن، واختار تعابير أفضل مما جاء في المتن، وركز على تعميق التوجه التعليمي والتربوي، والذي يُعدّ، في تلك المرحلة التاريخية، توجهاً جديداً أدى إلى انتشار العلم، وجعله متاحاً لشرائح أكبر من الناس، وقد أسس هذا التوجه مرحلة جديدة مهمة في حياة الحضارة العربية/الإسلامية.

بعض العلماء ومن بينهم: ابن المجدي وابن الهائم.

المصادر

  1. ^ بكسر السين وسكون الباء- نسبة إلى جده "عبد الله بن خليل المارديني".
  2. ^ مصطفى مواليد. "الغزال الدمشقي (محمد بن محمد ـ)". الموسوعة العربية. Retrieved 2012-07-22.
  3. ^ محمد بن محمد أبو عبد الله بدر الدين، منتدى فرسان الثقافة

المراجع

  • البغدادي، إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (منشورات مكتبة المثنى، بغداد، د0ت).
  • سبط المارديني، إرشاد الطلاب إلى وسيلة الحساب، تحقيق مصطفى موالدي (منشورات معهد التراث العلمي العربي بجامعة حلب 2004).
  • السخاوي، الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (دار مكتبة الحياة، بيروت د. ت ).
  • قدري حافظ طوقان، تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، دار الشروق، 1963م).
  • مصطفى موالدي، المؤلفات الرياضية لسبط المارديني، الكتاب الخاص بسبط المارديني، أسبوع العلم الثاني والثلاثون (جامعة دمشق 7ـ13 تشرين الثاني/نوڤمبر 1992م، المجلس الأعلى للعلوم، دمشق 1993م).
  • SUTER (H.), Die Mathematiker und Astronomen der Araber und ihre Werke , Druck und Verlag Von B. G. Teubner (Leipzig 1900).

وصلات خارجية