أبو مسلم الخراساني

(تم التحويل من أبا مسلم الخراساني)
أبو مسلم الخرساني
وُلِدَ
توفي

أبو مسلم الخراساني هو أبو مسلم عبد الرحمن بن مسلم الخراساني، صاحب الدعوة العباسية في خراسان، و من ثم واليها، سياسي و قائد عسكري. كان أبو مسلم فصيحاً بالعربية والفارسية؛ مقداماً داهية حازماً راوية للشعر، كان خافض الصوت في حديثه، قاسي القلب، سوطه سيفه. وفي الروض المعطار: «كان إذا خرج رفع أربعة آلاف أصواتهم بالتكبير، وكان بين طرفي موكبه أكثر من فرسخ». وفي البدء والتاريخ: «كان أقل الناس طمعاً مات ليس له دار ولا عقار ولا أَمَة ولا دينار». [1]


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الحياة المبكرة

هو عبد الرحمن بن مسلم، وكنيته أبا إسحاق، أحد كبار قادة الثورة العباسية ودعاتها، تضاربت الروايات حول أصله، ومما زاد في غموض الأمر عدم تصريح أبي مسلم نفسه عن أصله بقوله كما يُعزى إليه: «إنّ ديني الإسلام، وولائي لآل محمد، وأنا على الطريق الصحيح»، وقيل: إنه ادّعى النسب العربي أيضاً إلا أن هذا الادعاء جاء متأخراً، أما الرواية التي يتناقلها كثير من المؤرخين؛ فتذكر أن أبا مسلم ولد في ماه البصرة قرية قرب أصبهان لأب فارسي مسلم وأم أَمَة، اضطر والده تحت ظروف مالية قاهرة إلى بيع الأَمَة وكانت حاملاً بأبي مسلم إلى عيسى العجلي الذي كان يمتلك بعض الأراضي في ضواحي أصبهان، فوضعت طفلاً ذكراً سُمِّي إبراهيم، ونشأ مع أولاد العجلي، وبدأ يخدمهم حينما شبّ يجمع الأموال من مزارعهم المنتشرة في إصفهان والكوفة، وأصبح مولى لهم.

في الكوفة تعرّف أول مرة على بعض الأتباع من الشيعة العلوية، وجذبه العمل من أجل أهل البيت، وظلّ ملازماً أبا موسى السرّاج يعمل معه في صناعة السروج، ويتلقى منه الآراء الشيعية والولاء لأهل البيت، وحينما التقى بعض الدعاة العباسيين رأوا فيه كفاءة وذكاء، فكسبوه إلى دعوتهم، وأخذوه معهم إلى إبراهيم الإمام بعد أن أذن لهم بذلك أبو موسى السرّاج، وقد رأى إبراهيم الإمام فيه الكفاءة والذكاء والقدرة، فأخبر الشيعة العباسية بأنه قد «تأمل فيه شمايل الذي يقوم بهذا الأمر (أي الثورة)، فاحفظوا به…» وبدل اسمه إلى عبد الرحمن، وكنَّاه بأبي مسلم.

بقي أبو مسلم في خدمة الإمام إبراهيم يستعمله في حمل رسائله إلى خراسان والكوفة حتى سنة 128هـ/745م، وحينما اختمرت الدعوة، وضعف أمر السلطة الأموية في خراسان طلب النقباء الخراسانيون من إبراهيم الإمام إرسال من ينوب عنه من أهل البيت؛ ليمثله في خراسان، فأرسل أبا مسلم، بعد أن أخفق في إقناع عدد من الرجال مثل سليمان الخزاعي وقحطبة الطائي، وإبراهيم بن سلمه.

كان أبو مسلم على معرفة بأحوال خراسان إذ زارها عدة مرات قبل ذلك، على أن إبراهيم الإمام حين أرسل أبا مسلم هذه المرّة قال له: «أنت رجل منا أهل البيت»، تلك العبارة التي تدل على ثقته التامة به؛ والتي رفعت كثيراً من منزلته بين شخصيات خراسان العربية، وهي تُذكِّر بموقف الرسولr من سلمان الفارسي الذي عده من أهل بيته.


الصعود والثورة

لم يكن موقف سليمان الخزاعي من أبي مسلم ودياً في بادئ الأمر؛ لأنه عندما طلب من إبراهيم الإمام ممثلاً له من «أهل البيت» أي من الهاشميين ـ خاصة العباسيين ـ لم يكن يتخيل أنه سيرسل له مولى له؛ ليمثّله في خراسان، ولكن موقف أبي مسلم كان مرناً، ويدل على ذكاء حيث تقرّب من سليمان، وأعلمه بأن الإمام أوصاه بألا يعصي له أمراً، وأنه أطوع له من يمينه، ولم يكن شيعة العباسيين في قرى خراسان ومدنها يطيعون إلا سليمان الخزاعي «صاحبهم والمنظور إليه منهم»؛ ولذلك كتب إليهم سليمان يخبرهم بأمر إبراهيم الإمام وإرساله أبا مسلم الخراساني ممثلاً عنه.

اتفق أمر النقباء في الاجتماع الذي عقدوه للنظر في أمر المكان الملائم لإعلان الثورة، أن مرو أصلح مكان لإعلانها، وأُرسِل الدعاة؛ ليخبروا الشيعة بالالتقاء والتجمع في مرو في الوقت المحدد، وكان يوم عيد الفطر سنة 129هـ. فلما سمع نصر بن سيار والي خراسان بنبأ تجمع الشيعة في مرو وضواحيها؛ قرر أن يكمن لهم، ويلتقطهم جماعة جماعة، ويقضي عليهم، ولكن سليمان الخزاعي وأبا منصور كامل بن المظفر علما بالأمر، وأشارا على أبي مسلم بضرورة التجمع وإعلان الظهور قبل الموعد المحدد، وإلا «تشتت الشيعة، وفشلت الحركة»، فأعلنها أبو مسلم، ولمّا يبق من رمضان إلا خمسة أيام، وعسكر في مكان حصين تابع لسليمان الخزاعي الذي أصبح نقطة تجمع أنصار الدعوة لآل البيت، وحين فشا خبر أبي مسلم أقبلت الشيعة من كل جانب إلى مرو، وكثر جمعهم، وسودوا ثيابهم، ونصبوا أعلامهم، ونشروا راياتهم، فصلى بهم سليمان بن كثير الخزاعي يوم العيد، وهي أول جماعة كانت لأهل الدعوة.

نجح أبو مسلم في وقت قصير في أن يسيطر على زمام الموقف في خراسان، وأن يهزم نصر بن سيار، وأن يستولي على مدينة مرو قاعدة خراسان سنة 131هـ، واضطر نصر بن سيار إلى الانسحاب تتبعه الجيوش العباسية، ولكنه مات في الطريق في قرية ساوة بنواحي الري ربيع الأول 131هـ/تشرين الأول 748م.

وفي حين كان أبو مسلم يقوم بإتمام السيطرة على خراسان، واصلت الجيوش زحفها نحو العراق بقيادة قحطبة بن شبيب، واضطر عامل العراق يزيد بن هبيرة إلى الانسحاب والتقهقر نحو مدينة واسط جنوبي العراق والتحصن بها، وفي ربيع الأول سنة 132هـ بويع أبو العباس السفاح بالخلافة في الكوفة، وهُزم الخليفة الأموي مروان بن محمد في موقعة الزاب، ثم قتل في أواخر سنة 132هـ، وزالت الدولة الأموية، ولم يبق للأمويين من مدافع سوى يزيد بن هبيرة الفزاري، فلما قُتل مروان رأى أن لا فائدة من المقاومة، فاتفق مع أبي جعفر المنصور على التسليم مقابل التأمين على حياته.

توطّدت سلطة أبي مسلم الخراساني بعد قضائه على منافسيه من رجال العرب الذين كانوا يطمحون في نيل ولاية خراسان، كما أنه خرج منتصراً بعد سحقه كثيراً من الانتفاضات التي قادها إما دعاة عباسيون انقلبوا على الثورة أو أنصار العلويين. وأصبح أبو مسلم زعيم خراسان غير المنافس، وازدادت سلطته اتساعاً، ولم يستطع الخليفة أبو العباس عمل شيء تجاه ازدياد نفوذ أبي مسلم في الجناح الشرقي من الدولة، وبذلك بدأت بوادر التصادم في السلطة تظهر، وتتبلور تدريجياً، ولكي يتعرف الخليفة أبو العباس من قرب على نفوذ أبي مسلم ونواياه أرسل أخاه أبا جعفر إلى خراسان، والظاهر أن هذه الزيارة زادت في شكوك أبي جعفر بنوايا أبي مسلم الذي قتل سليمان بن كثير الخزاعي نقيب النقباء دون أخذ رأي أبي جعفر كما أنه لم يبد الاحترام المطلوب لأبي جعفر أخي الخليفة، حيث كان يستأذن مثلاً قبل دخوله مجلس أبي مسلم كما يروي الطبري؛ ولذلك كان رأي أبي جعفر في أبي مسلم قوله للخليفة: «لستَ خليفة ولا أمرك بشيء؛ إن تركت أبا مسلم ولم تقتله»، ولكن الخليفة رفض أن يتعرض له بسوء خوفاً من المتاعب التي قد تنجم عن قتله ولاسيما أن الدولة لازالت بحاجة إلى جهود أبي مسلم وإلى جنوده الخراسانيين الذين كانوا في ذلك الوقت دعامة الدولة العباسية.

إن حقد أبي جعفر المنصور على أبي مسلم لم يمنعه بعد أن تولى الخلافة من الاستعانة به في القضاء على عمه عبد الله بن علي[ر] الذي خرج عن طاعته، وبايع لنفسه بالخلافة في مدينة حرّان بالجزيرة.

دامت الحرب بين أبي مسلم وعبد الله بن علي نحو ستة أشهر، تمكّن فيها أبو مسلم من الانتصار على خصمه سنة 137هـ، وازداد اعتداد أبي مسلم بنفسه بعد انتصاره على عبد الله حتى إنه كان كما يروي الطبري: «يأتيه الكتاب من أمير المؤمنين، فيقرأه، ثم يلوي شدقه على سبيل السخرية منه». أما المنصور فإنه أراد أن يُشعر أبا مسلم بأنه أحد عماله؛ فأرسل إليه رسولاً ليحصي الغنائم التي غنمها في الحرب مع عمه عبد الله، فأثار هذا غضب أبي مسلم، وقال: «أؤتمن على الأرواح، ولا أؤتمن على الأموال؟» ثم خرج من الجزيرة غاضباً متجهاً إلى خراسان. ويبدو أنه كان عازماً على الخلاف والعصيان بدليل أنه لم يمر على الخليفة بالعراق لاستئذانه في العودة كما جَرت العادة بذلك.

وفاته

رأى المنصور أن عودة أبي مسلم إلى خراسان معناه اعتصامه بأهلها واستقلاله بحكمها، فيصعب بذلك إخضاعه والتغلب عليه، فكتب إليه أنه ولاه الشام ومصر؛ فهي خير له من خراسان، غير أن أبا مسلم فطن لغرض المنصور إذ علّق على ذلك بقوله: «يولّيني الشام ومصر، وخراسان لي»، ثم واصل سيره إلى خراسان، عندئذ لجأ المنصور إلى سياسة اللين وأساليب الدهاء، فأخذ يؤمّنه ويستميله ويسترضيه، كما أرسل إليه من يخوفه من مغبة معصية الإمام والرجوع دون إذنه، وما زال المنصور يستعمل سياسة الترغيب والتهديد حتى انخدع أبو مسلم، وذهب للقائه في مدينة المدائن التي كان المنصور قد انتقل إليها من هاشمية الكوفة حيث قُتل.

اضطربت خراسان لمقتل أبي مسلم، وظهرت من جرّاء ذلك فرق دينية غريبة عن الإسلام كان أصحابها يظهرون الإسلام، ويبطنون ديانتهم، فلما قتل أبو مسلم أعلنوا الثورة، واتخذوا من مأساته وسيلة لإحياء ديانتهم القديمة وعدّوه رمزاً لحركاتهم الدينية.

ذكراه

أقوال المؤرخين العرب القدماء فيه

أبو مسلم الخراساني هذا فكما قال الامام الذهبي رحمه الله: كان أبو مسلم بلاء عظيما على عرب خراسان فإنه أبادهم بحد السيف.

قال الذهبي: كان أبو مسلم سفاكا للدماء يزيد على الحجاح في ذلك وهو أول من سن للدولة لبس السواد وكان ذا شأن عجيب ونبأ غريب من رجل يذهب على حمار بإكاف من الشام حتى يدخل خراسان ثم يملك خراسان بعد تسعة أعوام ويعود بكتائب أمثال الجبال ويقلب دولة ويقيم دولة أخرى !

وصاحب الدعوة العباسية وهازم جيوش الدولة الأموية والقائم بإنشاء الدولة العباسية .

كان غلاماً للسراجين في بغداد فرأه الإمام محمد بن علي بن عبد الله بن عباس والد المنصور والسفاح فاعجب به وضمه الي الدعوة لبني العباس حتي اصبح كبير الدعاة في خراسان وما والاها وما ان استتب الامر لبني العباس حتي صار هذا السفاح من اعظم القتلة وكان سيفا مصلتاً علي العرب خاصة .

وقال أبو حامد الداودي دخل رجل فراى على رأس أبي مسلم عمامة سوداء . فقال ما هذا ؟ قال : اسكت حدثني أبو الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح وعلى رأسه عمامة سوداء يا غلام اضرب عنقه ! قال إبراهيم الصائغ : لما رأيت العرب وصنيعها خفت ألا يكون لله فيهم حاجة فلما سلط الله عليهم أبا مسلم رجوت أن تكون لله فيهم حاجة .

فهذا كلام من عاصروه من العلماء وهناك ماهو لايتسع المقام لذكره من تجبر ابو مسلم علي الناس وخاصة العرب وكان يري نفسه حفيد كسري ولايخضع لاحد وقد دخل أبو مسلم على أبي العباس السفاح يوما فسلم عليه وعنده أخوه أبو جعفر فقال له يا أبا مسلم هذا أبو جعفر فقال يا أمير المؤمنين هذا موضع لا يؤدى فيه إلا حقك .

فسرها المنصور في نفسه وقد تعددت مواقف تعالي ابو مسلم علي ابو جعفر المنصور في اكثر من موضع حتي تملك الغضب من المنصور واقسم علي قتله وقد رأى أبو جعفر عظمة أبي مسلم وسفكه للدماء وقال للسفاح لست بخليفة إن أبقيت أبا مسلم قال وكيف ؟ قال ما يصنع إلا ما يريد . قال : فاسكت واكتمها .

ودارت حوادث طوال حتي تولي المنصور الخلافة وهو عازم علي قتل ابو مسلم ودبر له حتي اتي به امامه في قصره وكانت هذه الواقعة:

قال له المنصور : أخبرني عن سيفين أصبتهما في متاع عبد الله بن علي فقال هذا أحدهما قال أرنيه فانتضاه ، فناوله فهزه أبو جعفر ثم وضعه تحت مفرشه وأقبل عليه يعاتبه . و قال له ألست الكاتب إلي تبدأ بنفسك ؟ والكاتب إلي تخطب أمينة بنت علي عمتي ؟ وتزعم أنك ابن سليط بن عبد الله بن عباس ؟

وأيضا فما دعاك إلى قتل سليمان بن كثير مع أثره في دعوتنا وهو أحد نقبائنا ؟ . قال عصاني وأراد الخلاف علي فقتلته . قال وأنت قد خالفت علي قتلني الله إن لم أقتلك . وضربه بعمود ، ثم وثبوا عليه ، وذلك لخمس بقين من شعبان .

ويقال : إن المنصور لما سبه ، انكب على يده يقبلها ويعتذر .

وقيل : أول ما ضربه ابن نهيك لم يصنع أكثر من قطع حمائل سيفه ، فصاح : يا أمير المؤمنين استبقني لعدوك ، قال لا أبقاني الله إذا وأي عدو أعدى لي منك .

وقال أبو جعفر قوله الشهيرة الان اصبح الامر خالصاً لبني العباس من دون الناس.

وقال الذهبي وقد كان بعض الزنادقة والطغام من التناسخية اعتقدوا أن الباري سبحانه وتعالى حل في أبي مسلم الخراساني المقتول عندما رأوا من تجبره واستيلائه على الممالك وسفكه للدماء .

كتب

يوجد على الأقل ثلات كتب ملحمية كتب عنه:

  • Marzubānī, Muḥammad ibn ʻImrān, Akhbār shuʻarāʾ al-Shīʻah 
  • Muḥammad ibn Ḥasan, Abū Ṭāhir Ṭarsūsī, Abū Muslimʹnāmah 
  • Zidan, Jorji, Abu Muslim al Khorasani 

المصادر

  1. ^ نجدة خماش. "أبو مسلم الخراساني". الموسوعة العربية. Retrieved 2013-02-09.

المراجع

وصلات خارجية