رشيد الدحداح

الكونت رشيد الدحداح

الكونت رشيد بن غالب بن سلوم الدحداح Rochaid Dahdah (عاش 1813-1889) صحفي ومؤرخ لبناني.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته

ولد في عرمون بلبنان ودرس في مدرسة عين ورقة، فأتـقـن عدة لغات. عينه الأمير بشير الشهابي أمين سره. وحين نفي الأمير إلى مالطة (1840م) انتقل الدحداح إلى صيدا لتدريس الشريعة الإسلامية (1843 – 1845).


الصحافة

أسس مطبعة عربية في مرسيلية سنة 1845، واشتغل بالتجارة والأدب، ونشر فيها آثارا نفيسة من كنوز الأدب العربي اللاسيكي وعلوم اللغة العربية. نذكر من بينها معجما عربيا للمطران جرمانوس فرحات بعد أن هذبه ورتبه وأصلح ما فيه من أغلاط (1849)، ونال عليه جائزة المجمع العلمي الفرنسي. وكتاب "نهاية الأدب في أخبار العرب" لإسكندر أبكاريوس. ثم انتقل إلى باريس، فأصدر "برجيس باريس وأنيس الجليس". وهو أول من استخدم اسم صحيفة، وكانت سياسية نصف شهرية تصدر بالعربية والفرنسية، وبسببها توثقت علاقته مع نابليون الثالث. وقد منحه بيوس التاسع لقب كونت.[1]

وما لبثت شمس الصحافة العربية السياسية الحرة أن بزغت في فرنسة خلال خمسينيات القرن الماضي. أنشئت أول صحيفة سياسية عام 1858 في مرسيلية وهي تاسعة الصحف العربية والمعروفة باسم "عطارد"، من قبل المستعرب الشهير منصور كارلوتي، الذي درس العربية في بيروت وكان عضوا في الجمعية العلمية السورية. لم تعمر هذه الجريدة طويلا في فرنسة حتى ذاعت شهرة الكونت رشيد الدحداح (1813-1889). وقد أصاب كريمسكي عين الحقيقة حين جزم بأن صحافة الجالية العربية في فرنسا نزلت الى الميدان "ثقلا موازنا" لجريدة "حديثة الأخبار" التي اتصفت بالاعتدال في السياسة ومهادنة الحكومة، والتي يخشى صاحبها نشر كل ما يعارض ارادة السلطات التركية.

يرتقي أصل الشيخ رشيد الدحداح الى أسرة بعيدة الشهرة في اقليم الفتوح النصراني السكاني. تلقى علومه في مردستي "عين ورقة" وب"زمار": للأرمن الكاثوليك. وفي سنة 1841 عينه الأمير بشير الثالث حاكم لبنان كاتبا لأسراره. غير أنه ذهب ضحية لدسائس العملاء فتخلى عن وظيفته بالحاح من السلطات التركية، وكافح ضد نوايا عمر باشا التركي الرامية لاستلام منصب حاكم لبنان. وبعد تقسيم جبل لبنان الى قائمقاميتين رحل مع عائلته الى باريس، حيث منحه البابا بيوس التاسع لقب كونت سنة 1867.

وعلى الرغم من اشتغاله في التجارة أسس مطبعة عربية في مرسيلية سنة 1845 نشر فيها آثارا نفيسة من كنوز الأدب العربي اللاسيكي وعلوم اللغة العربية. نذكر من بينها معجما عربيا للمطران جرمانوس فرحات بعد أن هذبه ورتبه وأصلح ما فيه من أغلاط، وكتاب "نهاية الأدب في أخبار العرب" لاسكندر أبكاريوس. ومن الطريف هنا أن ابراهيم بك النجار (1822-1864) الطبيب العسكري الذي تخرج من مدرسة القصر العيني بالقاهرة، كان قد زار مطبعة الدحداح في مرسيلية للوقوف على طبع كتابه "هدية الأحباب وهداية الطلاب" (في علم المواليد الثلاثة: الحيوان والنبات والجماد). واستجلب معه الى بيروت أدوات مطبعية لينشئ فيها ثالث مطبعة.

وبعد حين نقل الدحداح مطبعته الى باريس وواصل نشر الكتب النافعة، ومنها مؤلفه "قمطرة طوامير" وقد ضمنه مقالات لغوية وأبحاثا في الأدب والتاريخ والسياسة والجدل. وفي سنة 1858 أنشأ في اللغتين العربية والفرنسية جريدة "برجيس باريس وأنيس الجليس" وهي أدبية سياسية نصف شهرية عمرت نيفا وخمس سنين. حقا ان الجريدة كانت شديد الميل الى فرنسة فاستقطبت الطوائف المسيحية، وخاصة المارونية، حول نجاحات السياسة الفرنسية في الشرق العربي ، ولكنها لعبت دورا جديرا بالثناء ابان الحوادث الطائفية المصيرية في حياة عرب المشرق، اذ كانت تعرف قراءها تعريفا موضوعيا بحقيقة وجوهر الأحداث الدامية التي وقعت في جبل لبنان ودمشق سنة 1860، وبالاتجاهات السائدة في أروقة العواصم الأوربية بشأن قضية استقلال الجبل، علاوة على طول باعها في ميدان فضح الدسائس والمؤامرات التي كان يحيكها الباب العالي والسلطات التركية المحلية باتجاه اثارة النعرات الطائفية وزرع بذور الشقاق والعداء والاقتتال الطائفي بين النصرانيين والمسلمين. ورغم أن "برجيس باريس" كانت تجد طريقها الى سورية بصعوبة بالغة، ولاسيما عقب صدور الأوامر السلطانية المشددة بمنعها من دخول سورية، فانها كانت تترك آثارا ايجابية في أوساط بعض المثقفين العرب.

لكن جحيم المذابح الطائفية في سورية الطبيعية ولد ظاهرة تركت نفوذا قويا في الأوساط السورية العربية باتجاه تصعيد التحرك النهضوي، ونعني بها: اعلان الاستقلال الذاتي لجبل لبنان.

زار تونس فترة قصيرة بدعوة من حاكمها، لكنه عاد إلى باريس حيث توفي في قصره على ضفة بحر المانش.

مؤلفاته

من مؤلفاته:

  • شرح ديوان ابن الفارض للبوريني والنابلسي؛
  • شرح فقه اللغة للثعالبي؛
  • طرب المسامع في كلام الجامع.

ويؤثر عنه اشتغاله بتنقية لغة الصحافة في عصره من عاميتها المبتذلة.

الإنتاج الشعري

له قصيدة لامية طويلة مدح فيها «باي» تونس - محاذياً لامية كعب بن زهير في مديح الرسول، صلى الله عليه وسلم - مجلة المشرق - مجلده لسنة 1902، وله أبيات متفرقة قرظ فيها أحد مؤلفاته.

ينحصر نشاطه الشعري في تلك اللامية - المادحة المحاكية، فالدافع إليها، والغرض منها، وعلاقتها بالقصيدة الأصل تدفع إلى التقليد في مكونات القصيدة كافة، ومع هذا فقد واكبها التعثر وجاراها القصور وغابت عنها سلاسة الأصل، وريادته.

بانت سَعاداتنا

من قصيدة بانت سَعاداتنا في مدح باي تونس[2]:

بـانـت سعـاداتـنـا والفتح مكفــــــــولُ بـاسم الـمـلـيك فلا تُلهـيك عُطبـــــــولُ
واجْفُ النسـيبَ تسنَّى قـربُهـــــــــا لك أو بـانـت سُعـاد فعـنهـا القـلــــــب مشغول
إنَّ الـمديح لـمـولانـا الخطـــــــير غدا وقفًا عـلىه فـمـا لـي عـنهُ تهلــــــــيل
هـو الهُمـامُ الـذي جلَّت محـــــــــــامدهُ بِدْلٌ عزيـزٌ ومـنهُ الجــــــــــــود مبذول
مَحـمَّدٌ اسمهُ الـمـرفـــــــــــــوع مبتدأٌ ممدَّحٌ فعـلهُ بـالرُّشد مـوصــــــــــــــول
ممـجّدٌ شأنهُ إذ طـاب عـــــــــــــــنصرهُ مُفخَّمٌ قـدْرهُ حـلاّهُ تبجـــــــــــــــــيل
مسدَّدُ الرَّأي كـابن العـاص طـــــــــاع لهُ مـن الأمـور الأبـيّات العـراقـــــــــيل
مشدَّد العزم ضـاهى خـالــــــــــــدًا بطلٌ ومـا ابنُ صـفـوانَ أعـنـي فهــــــو معذول
يغزو العـداةَ «بأنّي ظافرٌ بكـــــــــــم» فـيـنكصـون إذا مـا لاح تهـــــــــــويل
ندْبٌ شجـاعٌ سخـيٌّ لـوذعــــــــــــــيُّ حِجًى برٌّ رؤوفٌ كثـيرُ اللطف بُهلــــــــــــــول
تكلّفَ الـبـدرُ إذ حـاكى محـــــــــــاسنَهُ وفـيـه مع بَكَمٍ نقصٌ وتبـــــــــــــــديل
هلالُ شكٍّ محـالٌ أن تطــــــــــــــــابقَهُ عـيـنُ الـيـقـيـن وقـد أعـمـاهُ تسخــــيل
لكـنمـا الشمسُ لــــــــــم تجحد مزّيةَ مَنْ وافى وفـي نـوره لِلـحقِّ تبتــــــــــــيل
متى تُقـاربْ مقـامَ الغرب مــــــــــن خجلٍ تصـفرّ وجهًا كـمـن فـيـه عقـابـــــــــيل
فعـيـنُهـا إنْ تُصـبْ شـيئًا يجفُّ وفــــــــي تسـويـدهـا النـاسَ تعبـيـدٌ وتذلـــــــيل
لهُ عـلـيـهـا بتخضـير الربـوع وتَبْـــــــ ـيـيضِ الـوجـوه وبـالـتحـرير تفضــــــيل
وحـاسدو فضله قـد ضـــــــــــــاق ذَرعُهُمُ لهُ الكـمـال وفـيـهـم عـنهُ تبـغـــــــيل
فـالـبرقُ مزَّق جـيبَ الصـــــــــــبر خُلَّبُهُ إذ قـيل لـم يلقَ وعـدٌ مـنهُ ممطــــــــول
والـبحـرُ أزبـدَ بـالأمـواج مـلــــــتطمًا لأنهُ مـنهلٌ بـالراح معـلــــــــــــــول
جـاورتُ بحـرًا فـمـا أمسكت مـــــــنه جنًى إلاَ كـمـا يُمسك الـمـاءَ الغرابــــــــيل
لقَدْ أُجـاور يـومًا بعـدهُ مــــــــــــلكًا فـيّاضَ نُعـمـى وللـحسنى جَمَعْلـــــــــــيل
إن ابن مـامةَ والقعقـاعَ ثـمَّ أبـــــــــا سفـيـانَ لا يذكرَنْهـم بعـدهُ جــــــــــيل
قـد فـاقهـم بـاقتدارٍ مع حـلًى وعــــــلاً إنْ قـال أسعـدتُ ذا فـالأمـرُ مفعـــــــول
نـاديـهِ قبَّةُ نجـرانَ اقصدوه فـمـــــــــن جـور الزمـان بـهـــــــــذا العصر مَوءُول
أبـا دلامةَ لا اقفـوك ســـــــــــــائلهُ ففـي جـواب عـلـيٍّ جـاء تـمـثــــــــــيل
لكـن أقـول وقـد كبّرت مـن ثقتــــــــــي بـه إلـيك الثراءُ الـيـومَ مـوكــــــــول
ومـا الثراءُ بـلا عُزَّى بقـربـهــــــــــمُ نُجْحٌ ولكـنَّهُ عـندي العسـاقـــــــــــــيل
أمًا إذا خـصّنـي مــــــــــــــنّا بخدمته فـالرغدُ محتكـمٌ والهـــــــــــــمُّ معزول
مـا كلُّ سمْحٍ مـلـيكٌ فـيـه مقــــــــــدرةٌ مـا كلُّ مَلْكٍ كريـمٌ مـنهُ تـنـــــــــــويل
فـالـمـرءُ إنْ نـال أمـرًا فـــــــاتهُ أربٌ وقـد يكـون مع الفضل الرعـابــــــــــيل
لكـنَّ سـيـدنـا قـد نـــــــــــال كلَّ مُنًى تبـارك اللّه مُؤتـي مـن يشـا قـولــــــوا
عـاف الـتعـرُّضَ للأكفــــــــــــاء مكرمةً ومـن تجنَّى عـلى ذي السلـم طِمْلـــــــــيل
لكـنْ إذا حـاولـوا دوسًا لســــــــــاحَته تـنـتـاشهـم مـن حـوالـيـهـا عكـــــازيل
فـواقفـون لـديـه عـند حُسَّدِهــــــــــــم محـامـلـيـن وقـارًا فـيـهِ تجـمــــــــيل
إن كـاثروك فقُل لا يستـوي وأنــــــــــا فـالـمستقـلُّ وبـي للأمـر معقــــــــــول
إن قِستَ فـيـه كرامَ العصر قـاسهـــــــــمُ لهُ شـتـات معـالـيـهـم سـرابــــــــــيل
ذو مَحتدٍ عـربـيٍّ مــــــــــــــــلْكهُ رِثةٌ عـن مُنجـبٍ حسُنَتْ فـيـه الأقــــــــــاويل
مـا بـالرعـايـا شقـاقٌ فـي محــــــــبَّته كلٌّ مُفدٍّ وفـيـهـم قـيلهُ القــــــــــــيل
إن نـال مَلْكٌ سـواه مـن رعــــــــــــيَّته فـالرزقُ مـن مـلكه للنـاس مـجعــــــــول
مـا إن عـلـيـه تـرى ديـنًا يبـــــاع ولا قضـاءُ معـلـومِ ديـنِ الـمـلك مـجهــــــول
وعـرشُهُ فلكُ الـمـجـد الرفـيع لــــــــذا أعـوانُهُ أنجـمٌ زُهْرٌ أهـالــــــــــــــيل
فكلُّهـم نــــــــــــــــــاصحٌ حُرٌّ بخدمته والـمـصطفى عـندَهُ للفضلِ إكلـــــــــــيل
والـبـلـدُ الطـيّبُ الأرض الـتـي شـــــرُفت بـه فـمـا لـحـمـاهـا الرّحـبِ تعضــــــيل
وسـوف تزهـو لـيُكْسَى بحـرُهـا سفــــــــنًا وتبتـنـي مُدُنًا مـنهـا الـبراغـــــــــيل
لانَّ هـمّتهُ العـلـيـا وحكـــــــــــــمتهُ لا يعجزنَّهـمـا فـي الكـون تحصـــــــــيل
فـمـنهـمـا لنمـوّ الـمـلك قـد لــــــمعتْ بروقُ سعـيٍ بـهـا للنُّجح تأمــــــــــــيل
مهـمـا يُرام لإسعـاد الـبـلاد بــــــــه مـن الأمـور لهـا مـــــــــــن فضله نِيل
عزمٌ، وحِلـمٌ، وإنصـافٌ، ومعــــــــــــدلةٌ حـزمٌ وعـلـمٌ وإسعـافٌ وتـنكــــــــــــيل
وكلُّ ذا بعضُ مـا مـنَّ الكريـم بــــــــــه وجـاء مـنهُ عـلـيـه فـيـه تـــــــــنزيل
مـولايَ جـدِّدْ أَجـدْ أصلـحْ أَقـــــــــلَّ وزِدْ كـمِّلْ ونظّمْ فذا للـمـلك تعــــــــــــديل
بـمـثله العُجْمُ نـالـوا مـن سِبـاخهــــــمُ ريعًا وخـصـبًا بـه للعزّ تـوســـــــــــيل
لكـن بجَدّك بـالآبـاء بـالكُرمـا آلـــــــ أشبـال مَن بـيـتُهـم بـالـمـجـد مأهــــول
بالجود بـاللطف بـالصـيـت الـحـمـيـد بأَخْـ ـلاقٍ لك الـدهـرَ مـنهـا الخـــــيرُ مسؤول
لا تجعـلنْ هـذه الأعـمــــــــــالَ مُنشِئةً شـيئًا بـه عـن خِلال العُرب تحـــــــــويل


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المصادر

  1. ^ نجاريان, يغيا (2005). النهضة القومية-الثقافية العربية. دمشق، سوريا: أكاديمية العلوم الأرمنية - الدار الوطنية الجديدة.
  2. ^ قصيدة بانت سعادتنا، المعجم