محضر الجلسة السادسة بوزارة الخارجية بحضور الأعضاء المتفاوضين ومندوب عسكري من وزارة الحربية البريطانية

محضر الجلسة السادسة بوزارة الخارجية بحضور الأعضاء المتفاوضين ومندوب عسكري من وزارة الحربية البريطانية، في 10 أبريل 1930. منشور من "وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 382 - 390".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنشور

فتحت الجلسة في الساعة العاشرة والنصف صباحا بوزارة الخارجية البريطانية بالهيئة السابقة.

مستر هندرسن - انتهينا في المرة السابقة عند المادة التاسعة وتناقشنا فيها طويلا ولكن لم نصل إلى اتفاق.

النحاس باشا - قلنا في الجلسة الماضية إن الصيغة التي سنقترحها سنفرغ منها يوم الخميس فلنستمر في المواد الباقية.

مستر هندرسن - إذن نعود إليها عند تقديم الصيغة التي تحضرونها. لقد اقترحتم حذف المادة العاشرة (1) فأرجو شرح الأسباب التي دعتكم إلى ذلك.

النحاس باشا - إن الأسباب التي حملت على ذلك هي أن الموظفين الأجانب الذين قد تحتاج إليهم الحكومة المصرية سيكونون موظفين مدنيين وفنيين. وبناء على ذلك وعلى أن الحكومة حرة في اختيار من تستعين بهم من ذوي الخبرة الفنية من الأجانب فلا نرى محلا لوضع قيد علينا في هذا الشأن. نحن لا نريد أن يكون علينا قيد بل إن الشيء الذي نعمله من تلقاء أنفسنا من هذا القبيل نعمله بمحض رغبتنا وبذلك يكون لنا الحظ بأن نظهر مجاملتنا لحليفتنا عندما نجد من الإنجليز من تتوفر فيه جميع الشروط ويقبل الاشتراطات التي تطلبها الحكومة المصرية في هذا الصدد ونود أن يظهر أثر المجاملة بهذا الاختيار لا أن يكون على سبيل الفرض بسبب تعهد أو محالفة.

(1) المادة العاشرة من المقترحات البريطانية وهي تنص على ما يأتي:

"نظرا لما بين البلدين من روابط الصداقة ونظرا للمحالفة الملحوظة في هذه المقترحات تجعل الحكومة المصرية القاعدة في تعيين الموظفين الأجانب أن تعينهم من الرعايا البريطانيين".


مستر هندرسن - تذكرون دولتكم أنكم رجعتم في محادثات عديدة إلى مفاوضات سابقة وهذه المسألة بالذات قد اتفق عليها في محادثات. ثروت - تشمبرلن. ولو كانت هذه المسألة بغيضة إليكم لما قبلها ثروت باشا. ويمكننا أن نغير الألفاظ إذا أردتم ونقدم لكم نصوصا أخرى.

ويلاحظ أن هذا النص الوارد في مقترحاتي كان قد نشر في مصر ولم يثر انزعاجا من أحد فيمكن إبقاؤه بشكل أو بآخر. وللتسهيل نقبل أن تكون هذه المسألة محل مذكرات متبادلة إذا كان هذا يسهلها عليكم.

النحاس باشا - ألاحظ على ما قاله المستر هندرسن أن مشروع ثروت - تشمبرلن لم تقبله مصر على الإطلاق وبناء على ذلك فما قبله ثروت باشا ليس معناه أننا نقبله خصوصا وقد تبين أن ثروت باشا في محادثاته لم يكن معبرا عن رأي الأمة المصرية. وألاحظ أن في هذا النص إلزاما جديدا في مصر. لا يمكننا قبوله سيما وأن فيه معنى التبعية، وذكره في مذكرة لا يمنع هذا الاعتراض لأن المذكرة في الواقع لها قوة المعاهدة، وأريد أن أضيف شيئا وهو أنه عندما تعقد المحالفة كما هي إرادتنا سنتبادل المنافع ماديا وأدبيا فيحسن أن تترك مسألة اختيار الموظفين الأجانب لنا نسير فيها بروح الصداقة والإخلاص كحليفين.

مستر هندرسن - لقد قلنا كثير إننا لا يمكننا أن ننسى الماضي. وهناك أشخاص كثيرون يقولون إننا ذهبنا إلى أكثر من اللازم. واللورد برنتفورد الذي قرأتم مقالاته الأخيرة لا يعبر عن رأيه فقط بل يعبر عن رأي فريق له أهميته في البرلمان فإذا ما قبلوا المعاهدة بضمانات فإنهم لا يقبلون أن نخرج ليحل محلنا غيرنا، وهناك شيء اسمه الغزو السلمي ويمكننا أن نذكر دولة أو دولتين مستعدتين للحلول محلنا بهذه الطريقة. وهذه المسألة ليست من المسائل الخطيرة ولو طلب منكم الدفاع عن ذلك في برلمانكم فلن تكون مأموريتكم عسيرة خصوصا وأن مجموع النواب والشيوخ يؤيدونكم.

النحاس باشا - المسألة في الواقع هي أننا نعمل عملنا بإخلاص وأنا شاعر أن ذلك متبادل بيننا بقصد الوصول إلى اتفاق صادق بين الطرفين. ولهذه الغاية لا نعير التفاتا إلى المعترضين بغير حق على عملنا الجليل الذي نعمله للتوفيق بين البلدين وكل عمل من هذا القبيل لا يخلو من انتقادات من أناس آخرين لهم أغراض أخرى تنافي الأغراض التي نسعى إلى تحقيقها لذلك لا يرعكم ما تسمعونه من انتقاد لورد برنتفورد وأنصاره إذا كنتم مسلحين بالحق وبالعدل وبالواقع وبالمصلحة فإن هذا أقوى

سلاح يقوم في وجه المعارضين، والذي نقوله بشأن هذه المادة هو أنها تنشئ لبريطانيا حقا جديدا لم يكن لها في يوم من الأيام. وإذن فكل معارضة تصادفكم في هذا الصدد تكون غير قائمة على الحق ولا على المصلحة. ونحن من جهتنا لا نخشى الدفاع عما نصل إليه بل إننا سنذهب لبلادنا وسيكون علينا أن ندافع عن أشياء ارتضيناها وتساهلنا فيها ولا نتهيب ذلك لأننا نعمل لمصلحة التوفيق بين البلدين. أما هذا الحق الجديد المنصوص عليه في المادة 10 من مقترحاتكم فلا يمكننا قبوله. وما دام المستر هندرسن يقول إنه لا يقصد بهذا النص التدخل في شؤوننا فيجب أن يترك الأمر لمحض اختيارنا. وأريد أن ألاحظ أن ما يخشاه جنابه من غزو سلمي من جانب دولة أخرى لن يقع مطلقا لأن مصر لن تكون في حاجة إلى استخدام أجانب إلا من فئة الفنيين المدنيين وإذا ما اخترنا أحدا من دولة أخرى فلن نختار إلا في حالة الحاجة إليه ولن يعتبر ذلك طريقا إلى التدخل أو الغزو السلمي كما أني أكرر أننا مشبعون بروح المجاملة التي نريد أن نعامل انجلترا بها بعد المحالفة وكل ما نخشاه هو خلق حق حيث لا حق وإيجاد الشبهة حيث لا محل لها.

مستر هندرسن - إني أرى أن المناقشة لا تتقدم في هذا الموضوع ولذلك سنفكر فيما قاله النحاس باشا ونعود إلى الموضوع في جلسة أخرى.

النحاس باشا - حسن.

مستر هندرسن - المادة الحادية عشرة (1) أظن أنه قد حصل تعديل في هذه المادة فقد أدخلتم تعديلا في الفقرة الثانية منها. وهذه المادة تتصل بها مذكرتان طويلتان فأرجو ذكر أسباب التعديل الذي أدخلتموه على النص وهل تنوون عمل تعديل في المذكرات المتعلقة بهذا الموضوع الهام؟

النحاس باشا - التغيير الذي حصل في هذه الفقرة أساسه أننا نرمي أولا بالذات إلى إلغاء الامتيازات الأجنبية ولكن من الآن إلى أن نصل إلى الإلغاء ستكون هناك حالة وقتية وهي حالة توسيع اختصاص المحاكم المختلطة في بعض المسائل التي سيلغى فيها الاختصاص القنصلي وتوسيع سلطة جمعيتها العمومية في المسائل التي يشترط فيها اتفاق الدول الآن، فمراعاة لذلك اقتصرنا في المادة 11

(1) المادة المذكورة خاصة بالامتيازات الأجنبية وهذا هو نصها في المشروع المصري وهو النص الذي دارت المناقشة عليه

"يعترف صاحب الجلالة البريطانية بأن نظام الامتيازات القائم بمصر الآن لا يلائم روح العصر ولا حالة مصر الحاضرة ولذلك يقبل صاحب الجلالة البريطانية مبدأ إلغاء اختصاص المحاكم القنصلية القائمة الآن في مصر ومبدأ تطبيق التشريع المصري على الأجانب".

وقد ذيلت هذه المادة بنوتة نصها كما يأتي:

"يحدد في مذكرة متفصلة اختصاص المحاكم المختلطة وسلطة جمعيتها العمومية"

من المعاهدة على الغاية التي نرمي إليها سواء في الحالة الوقتية أو في الحالة النهائية. أما الحالة النهائية فهي إلغاء الامتيازات. وأما الحالة الوقتية فهي توسيع اختصاص المحاكم المختلطة وسلطة جمعيتها العمومية في حدود ما بيناه.

فالمشترك بين الأمرين نصصنا عليه في المادة وهو قبول إلغاء اختصاص المحاكم القنصلية وقبول سريان التشريع المصري على الأجانب، أما الشروط الوقتية فهذه كما قلنا ستكون موضع مذكرة خاصة، وفي هذه المذكرة ينص على أنه عند إلغاء المحاكم القنصلية ينقل اختصاصها مؤقتا إلى المحاكم المختلطة إلى حين إلغاء هذه المحاكم. ونحن موافقون على أن يكون هذا اتفاق مع كل دولة على حدتها بمعنى أن من يقبل من الدول هذا النقل يسرى عليه، وبما أن انجلترا أعربت عن قبولها ذلك في مذكرتها المرفقة بالمقترحات فقد نصصنا في مادتنا على أنها تقبل مبدأ إلغاء اختصاص المحاكم القنصلية، أما فيما يختص بالقوانين التي توضع لتنفيذ نقل الاختصاص إلى المحاكم المختلطة فنرى أن هذه مسألة سابقة لأوانها لأنه توجد في مصر لجنة تشتغل بذلك الآن، وبطبيعة الحال سيكون ذلك محل اتفاق خاص بيننا وبين إنجلترا وباقي الدول.

وفيما يتعلق بالنقطة الثانية وهي سريان التشريع المصري على الأجانب فإنكم توافقون أيضا على أن الحالة الراهنة في مصر لم تعد ملائمة لمقتضيات العصر الحالي كما ذكرتم في المذكرة وأن التشريع المصري يجب أن يكون ساريا على الأجانب في الحدود الواردة في المذكرة مع بعض تنقيح بسيط فيها وهو أن سلطة الجمعية العمومية بالمحكمة المختلطة في الاعتراض على سريان التشريع المصري الحالي على الأجانب يجب أن تكون مقصورة على حالة ما إذا كان هذا التشريع يفرض رسما أو ضريبة لا يكون فيهما مساواة بين المصريين والأجانب، أما فيما يتعلق بالقواعد الأساسية التي يبنى عليها قانون تحقيق الجنايات فهذا أيضا سابق لأوانه وسيحصل الكلام عنه فيما بعد. فيما يتعلق بمسألة تعريف الأجنبي فتترك أيضا لما بعد.

(هنا اعتذر المستر هندرسن بسبب اضطراره للخروج وطلب أن تكون العودة بعد الظهر الساعة الخامسة والنصف وترك الرياسة للورد پاسفيلد).

لورد باسفيلد - تطلبون أن نترك المناقشة في القوانين لحين إعدادها. والمسألة الآن هي هل توافقون على القواعد التي تتضمنها هذه القوانين التي وردت في مذكرتنا أم لا. لأننا إذا تركنا النص على ذلك فسنسأل حتما عن السبب؟

النحاس باشا - هذا سابق لأوانه ويحسن تركه إلى حين الاتفاق مع الدول صاحبة الامتيازات أما القواعد التي تطلبون الآن الموافقة عليها والمستمدة من مشروعات القوانين المعروفة باسم مشروعات هيرست فإنها لم تكن موضع اتفاق سابق مع أية حكومة مصرية سابقة حتى يمكن الإحالة إليها. وسندرس هذه المسألة بواسطة خبرائنا القانونيين.

اللورد پاسفيلد - نحن متفقون في الجوهر على هذه المادة. ولكن المسألة مسألة صياغة. المسألة ليست مسألة مصر وانجلترا فقط وإنما هي مسألة الدول أيضا. ولا يمكننا أن نذكر في المعاهدة أكثر من الشروط التي بمقتضاها تساعد انجلترا مصر في مفاوضاتها مع الدول. وليس من المهم ذكر ذلك في المعاهدة أو في مذكرات. ولكن لا يمكن أن نتعهد بمساعدة مصر في مفاوضاتها مع الدول إلا إذا كان واضحا أن حذف هذه القواعد ليس معناه العدول عنها. وأرجو ألا يفهم أننا نتنازل عن حقوق بريطانيا إذا كانت الدول الأخرى لا تقبل التنازل. إن نصكم يدل على أننا نتنازل حتى ولو كانت الدول الأخرى لا تتنازل ونحن لا نريد أن تكون الدولة الوحيدة المتنازلة. وهناك مسألة أخرى هي مسألة الأحوال الشخصية. وأرى إحالة هذه المادة والمذكرات إلى لجنة التحرير لعلها تصل إلى صيغة مقبولة.

النحاس باشا - إن ما وضعناه في المادة هو الاتفاق على المبادئ. مبدأ إلغاء المحاكم القنصلية ومبدأ تطبيق التشريع المصري على الأجانب. أما تفصيل هذا فيكون محله المذكرات.

ففيما يتعلق بالمبادئ يقول اللورد باسفيلد إن قبول انجلترا معلق على قبول الدول الأخرى. وهذا ما لا نريده. بل هذا ما لا يؤخذ من نفس مذكرتكم لأنه مذكور فيها أن انجلترا تقبل من الآن أن تنظر قضايا الأحوال الشخصية لرعاياها أمام المحاكم المختلطة ومذكور فيها أيضا أن من يقبل من الدول نقل اختصاص المحاكم القنصلية إلى المحاكم المختلطة يسرى عليه ذلك. بناء عليه يكون تعليق قبول انجلترا على قبول الدول الأخرى مخالفا لهذا النص. كذلك الحال في كل مسألة سريان التشريع المصري على الأجانب.

أما مسألة القواعد التي أشار إليها اللورد باسفيلد على أن تكون أساسا للتشريع ويقول إن حذفها من المذكرة لا يجب أن يعني رفضها فنحن متفقون معه على ذلك.

وأما عن حذف عبارة "تؤمن مصالح الأجانب المشروعة" فذلك لأن هذا التأمين سيكون موجودا في القوانين. لأن هذه القوانين إنما تعمل لتأمين مصالح الأجانب. ولن يسرى ذلك إلا بعد الموافقة على هذه القوانين وفي ذلك الكفاية.

وأما ما حوته المذكرة من التفصيلات كالمسائل المتعلقة بالموظفين وغيرها فلا محل له.

اللورد پاسفيلد - إننا لم نقصد مطلقا بعبارتنا الواردة بالمذكرة أننا نقبل مقدما تحويل اختصاص محاكمنا القنصلية إلى المحاكم المختلطة وإنما تعهدنا بأن نساعد مصر على الاتفاق مع الدول ولكننا لا نقبل أن نكون وحدنا المتنازلين.

النحاس باشا - المفهوم غير ذلك من نص المذكرة لأنها نقول "قد يكون من المتعذر على بعض الدول أما توافق على نقل كافة قضايا رعايا الخاصة بالأحوال الشخصية إلى المحاكم المختلطة

ففي هذه الأحوال يكون النقل اختياريا.. وأتوقع الموافقة من جانبنا على أن تختص المحاكم المختلطة بالنظر في قضايا الأحوال الشخصية التي يكون للرعايا البريطانيين صالح فيها"

فبريطانيا فرضت في هذه المذكرة أن هناك دولا توافق ودولا لا توافق وأن الدول التي توافق يسرى عليها تحويل الاختصاص إلى المحاكم المختلطة والتي لا توافق لا يسرى عليها ذلك فالمسألة إذن اختيارية وليس تنفيذها متوقفا على قبول جميع الدول.

لورد پاسفيلد - إن كل ما تعهدت به بريطانيا هو ما نص عنه في المادة 11 من المقترحات وترون منه أننا تعهدنا بشيء واحد وهو استعمال كل نفوذنا لنقل الاختصاص ولكن لا تفرضوا أننا نقبل من جهتنا تحويل الاختصاص في حالة رفض الدول الأخرى. لا يمكننا أن نصل إلى إقرار هذه المعاهدة إذا قبلنا ذلك إذ لا يمكننا أن نقول للبرلمان إن رعايانا وحدهم هم الذين سيتنازلون عن هذا الامتياز. إنما نحن راغبون في الوصول إلى تحويل هذا الاختصاص من جانب مجموع الدول ونتعهد بأن نعمل كل ما في وسعنا لذلك.

النحاس باشا - أريد أن أوجه السؤال الآتي: ماذا يكون الحال إذا قبل بعض الدول نقل الاختصاص ولم يقبل البعض الآخر؟ هل تكون بريطانيا قابلة للنقل أم لا؟

لورد باسفيلد - لا يمكن أن نضع نصا في المعاهدة يقيدنا من الآن لأن الأمر يتوقف على معرفة عدد الدول التي تقبل ومن هي. وأقرر أننا لن نكون آخر دولة تقبل.

الأستاذ مكرم - المفهوم في مصر أن انجلترا تقبل من الآن اختصاص المحاكم القنصلية أي أنها تقبل ذلك من جهتها بصرف النظر عما نصل إليه مع الدول الأخرى.

النحاس باشا - والنص على هذا القبول من الآن من جانب انجلترا يساعدنا أمام كل الدول فإنه يكون مستندا قويا بيدنا.

لورد باسفيلد - الفقرة الثانية في صيغتكم جديدة. فإن ما تعهدنا به هو استعمال نفوذنا. ولكن لا يمكن أن نقيد أنفسنا. افرضوا أن النص الإنجليزي تصدق عليه وحصلت مفاوضات مع الدول ومنها بريطانيا فإن انجلترا قد تقبل الشروط التي ينقل بها الاختصاص إلى المحاكم المختلطة ولكن حتى إذا قبلنا فإن هذا لا يعمل به قبل أن تقبل كل الدول وأكرر أنه لا يمكن أن نواجه حالة يكون فيها البريطاني في مركز أدنى من مركز أي أجنبي آخر سواء من وجهة القانون أو الواقع. وعلى الأقل لا يكون مركزه أدنى من مركز رعايا الدول الكبرى. وأرى من المصلحة إحالة المسألة على لجنة التحرير بما أنكم أدخلتم تعديلا على النص. ولكن أرجو أن يكون مفهوما أنه لا يمكن أن يؤدي النص إلى وضع رعايانا في مركز أدنى من مركز رعايا الدول الأخرى لأن ذلك يكون سلاحا ضدنا في يد خصومنا في البرلمان.

النحاس باشا - الفكرة كلها هي الاتفاق على المبدأ وأما التفصيلات فتأتي بعد ذلك. وآسف أن يعتبر أن قبول إنجلترا اختصاص المحاكم المختلطة يجعلها في مركز أدنى من الآخرين لأن قبولها للتشريع المصري ولاختصاص المحاكم المصرية يرفعها في نظر حليفتها. إذ من شأنه توطيد الثقة بينهما. ونحن طامعون في أن إنجلترا تقبل إلغاء الامتيازات وتنفذه لأن ذلك يكون أكبر مساعد لنا عند الأجانب ويكون تقديرها لمحاكمنا مما تشكر عليه.

هذا وأرى قبل إحالة المسألة إلى لجنة التحرير أن نضع مذكرتنا في هذا الشأن ونقدمها لكم.

لورد باسفيلد - يمكن أن نساعدكم بالقبول ولكن لا يعمل بهذا القبول قبل أن تقبل كل الدول. والعبرة بتوضيح ما تقصدون. لأن عبارة نصكم تذهب بنا بعيدا.

النحاس باشا - إن عبارتنا لم تخرج عما فهمناه من مذكرتكم وسنقدم فيما بعد مذكرتنا في هذا الموضوع محتوية على التعديلات التي نرى وجوب إدخالها خصوصا في مسألة الموظفين الأجانب التي لا يمكننا قبولها.

سير پرسي لورين - إذا كان المقصود بالفقرة الأخيرة من المادة 11 التي وضعتموها أن يكون نصها عاما ويسرى على جميع الأجانب فإننا نستهدف لاعتراضاتهم باعتبار أننا تنازلنا عن حقوقهم. أما إذا قلتم بأن المقصود من هذا النص أن يسري على الرعايا البريطانيين وحدهم فإننا نكون قد وضعنا رعايانا في مركز أدنى من مركز غيرهم.

مستر توم شو - لقد ذكرنا بصريح العبارة أن الامتيازات لا تتفق مع الوقت الحاضر ورتبنا على ذلك أننا نساعدكم لدى الدول فلا يمكن أن نقول أكثر من هذا.

النحاس باشا - الأولى أن نبين ما نريد في المذكرة التي نقدمها ثم نتناقش في المذكرة والمادة معا.

لورد باسفيلد - والآن ننتقل إلى المادة 12 وهي الخاصة بتبادل السفراء. إن النص الذي تقترحونه لا يدل على أن للسفير البريطاني امتيازا وهذا ضد التحالف، فما هي ملاحظاتكم؟

النحاس باشا - الواقع أن النص على الأسبقية لا يتفق مع القواعد الدبلوماسية المعترف بها لذلك حذف من المادة لأن مركز الحليف في ذاته لا يعطى لممثله بمقتضى هذه القواعد حق التقدم على غيره وليس في ذلك ما يتعارض مع التحالف بيننا. وسيكون الممثل الحالي هو أول سفير لدى مصر فتكون له الأسبقية بمقتضى القواعد العامة. وفي المستقبل تترك المسألة للأقدمية.

مستر توم شو - معنى هذا أننا إذا نقلنا سفيرنا بعد شهر فإنه يفقد أقدميته.

لورد باسفيلد - هذه المسألة لا تكون محل بحث لو أن الحكومة المصرية تنوي ألا تقبل سفيرا إلا عن بريطانيا.

النحاس باشا - مصر بطبيعة الحال خاضعة للقواعد الدبلوماسية

لورد باسفيلد - أخشى أن يحدث ذلك صعوبات عندنا ونحن لا يمكننا أن نوافق على التنازل عن هذا المركز. نعم سيكون سفيرنا أقدم السفراء في مبدأ الأمر ولكن الحكومات البريطانية المقبلة. قد تريد تغييره ويلوح لنا أنه في مدة سريان هذه المعاهدة على الأقل يجب ألا يكون الممثل البريطاني في مركز أدنى من مركز الآخرين. نحن لا نريد تعهدا منكم وإنما نريد أن تشير المادة إلى الواقع فإذا وضعت بهذا الشكل فإنها لا تثير إشكالا من جانب الدول الأخرى ونحن نهتم لهذا المعنى كل الاهتمام.

النحاس باشا - إن القواعد الدبلوماسية مقررة في اتفاقية ڤيينا (1815) المحررة في 19 مارس سنة 1815 والمؤيدة بقرار هيئة ممثلي الدول في مدريد سنة 1875 فالمادة السادسة من الاتفاقية تنص على أن روابط القرابة أو المعاهدة بين البلاطين لا تعطي أي حق في الأسبقية لممثليهما السياسيين وكذلك الحال في المحالفات السياسية. فبناء على هذا لا نستطيع دون أن نخالف هذه الاتفاقية أن نقبل النص على أن تعطي أسبقية خاصة لممثل الدولة الحليفة فإننا إذا فعلنا ذلك يكون مركزنا مركزا شاذا.

لورد باسفيلد ـ الواقع أن ممثل البابا حتى في الممالك البرتستانتية هو عميد الممثلين السياسيين (Doyen) ونحن لا نريد أن تعطوا مركزا خاصا لممثلنا بل كل ما نطلبه منكم هو أن تحتفظوا له بلقب سفير. ولا يمكن أن تقولوا إن ذلك يشعر بخضوعكم لنا ففي سويسرا وهي دولة مستقلة من نحو 300 سنة يوجد سفير واحد هو سفير فرنسا. وأكثر من ذلك فإن سويسرا ليس لها سفير في فرنسا. إننا لا نطلب امتيازا بل نطلب من مصر ألا تقبل من دولة أخرى تعيين ممثل عندها بدرجة سفير أما القواعد الدبلوماسية فإنها خاضعة للاتفاقات الخاصة بين الدول وأنتم لستم ملزمين بمقتضاها بقبول سفير من أي دولة ونحن بصفتنا حلفاء نطلب أن يكون لنا سفير في مصر وأن يكون لمصر سفير في بريطانيا وهذا يضعكم في مركز أحسن من مركز سويسرا.

النحاس باشا - إن كل ما يهمنا هو ألا نخرج عن القواعد الدبلوماسية المعترف بها حتى لا يكون مركزنا مع حليفنا مركزا أدنى من مركز دولة مستقلة ومن أجل ذلك حذفنا النص. أما عن الأمثلة التي ذكرت فإن المركز الخاص لممثل البابا هو مركز مقبول من الدول جميعا فلم يخرج عن القواعد الدبلوماسية وأما عن سويسرا فالواقع أن لفرنسا سفيرا عندها وأنها لم تر تعيين سفير لها في فرنسا وهذه حالة فعلية. ولا أظن أن هناك اتفاقا خاصا بين سويسرا وفرنسا يخالف القواعد الدبلوماسية أو يمنع الدول الأخرى من تعيين سفراء عندها. أما الاحتفاظ بلقب سفير لانجلترا دون سواها فهو لا يتفق مع القواعد الدولية المعترف بها وهي أن الدولة التي تعين معتمدها هي وحدها صاحبة الحق في تعيين درجته وهي وحدها صاحبة الحق في رفع مرتبته إلى درجة أعلى وليس للدول الأخرى أن تعترض على ذلك وكل ما لها هي أن ترفع درجة ممثليها إلى نفس الرتبة التي رفع إليها ممثل تلك الدولة. وبناء على ذلك لا يمكننا مع استقلالنا أن نقبل هذه المادة التي تضعنا في مركز أدنى.

لورد باسفيلد - الواقع أن الدولة التي يعرض عليها تعيين سفير لديها يمكنها أن ترفض ذلك بل لها أن ترفض التمثيل السياسي أصلا وهذه المسائل مبناها العادة. إن المسألة هي هل ترغبون أو لا ترغبون في قبول سفراء من دول أخرى. إننا نود أن نفهم أنكم في مدة المعاهدة لا تقبلون سفراء من غيرنا. فما هي نياتكم ونيات الحكومات المقبلة؟

النحاس باشا - إننا لا نريد أن نعمل إلا ما هو متفق مع القواعد الدبلوماسية.

لورد باسفيلد - إن المسألة متعلقة بمصر وهل هي تقبل سفيرا من دولة أخرى أو لا تقبل لأن الدول لا ترسل سفراء إذا رفضت مصر. ونحن لا نريد أن نحرم مصر من عمل أي شيء حسب القواعد الدبلوماسية. إذ أن لكل دولة مستقلة أن تقرر ما إذا كانت تقبل أو لا تقبل سفيرا عندها. أرجو أن تفكروا في الأمر وتبدوا لنا رأيكم فيه.

ورفعت الجلسة على أن تعقد في الساعة الخامسة بعد ظهر اليوم نفسه،

السكرتير

إمضاء: مصطفى الصادق



الرئيس

إمضاء: مصطفى النحاس


المصادر