تبليغ من المندوب السامي البريطاني فيلد مارشال أللنبي إلى سلطان مصر

تبليغ من المندوب السامي البريطاني فيلد مارشال أللنبي إلى سلطان مصر، في 28 فبراير 1922، دار الحماية البريطانية. منشور من "وزارة الخارجية المصرية، القضية المصرية 1882 - 1954، المطبعة الأميرية بالقاهرة 1955، ص 214 - 215".


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

المنشور

يا صاحب العظمة

1 - أتشرف بأن أعرض لمقام عظمتكم أن الناس قد ذهبوا في تأويل بعض عبارات المذكرة التفسيرية التي قدمتها إلى عظمتكم في الثالث من شهر ديسمبر، مذاهب تخالف أفكار الحكومة البريطانية وسياستها وهو ما آسف له أشد الأسف.

2 - ولقد يخال المرء مما نشر عن هذه المذكرة من التعليمات العديدة أن كثيرا من المصريين ألقي في روعهم أن بريطانيا العظمى توشك أن ترجع في نواياها القائمة على التسامح والعطف على الأماني المصرية، وأنها تنوي الانتفاع بمركزها الخاص بمصر لاستبقاء نظام سياسي إداري لا يتفق والحريات التي وعدت بها.

3 - غير أنه ليس شيء أبعد عن خاطر الحكومة البريطانية من هذه الفكرة. بل إن الأساس الذي بنيت عليه المذكرة التفسيرية هو أن الغاية من الضمانات التي تطلبها بريطانيا العظمى ليست إبقاء الحماية حقيقة أو حكما. وقد نصت المذكرة على أن بريطانيا العظمى صادقة الرغبة في أن ترى مصر متمتعة بما تتمتع به البلاد المستقلة من ميزات أهـلية ومن مركز دولى.

4 - وإذا كان المصريون قد رأوا في هذه الضمانات أنها تجاوزت الحد الذي يلتئم مع حالة البلاد الحرة. فقد غاب عنهم أن انجلترا إنما ألجأها إلى ذلك حرصها على سلامة نفسها تلقاء حالة تتطلب منها أشد الحذر خصوصا فيما يتعلق بتوزيع القوات العسكرية، على أن الأحوال التي يمر بها العالم الآن لن تدوم، ولا يلبث كذلك أن يزول الاضطراب السائد في مصر منذ الهدنة، والأمل وطيد في أن الأحوال العالمية صائرة إلى التحسن، هذا من جانب، ومن جانب آخر، فكما قيل في المذكرة سيجيء وقت تكون فيه حالة مصر مدعاة إلى الثقة بما تقدمه هي من الضمانات المصرية لصيانة المصالح الأجنبية.

5 - أما أن تكون انجلترا راغبة في التدخل في إدارة مصر الداخلية. فذلك ما قالت فيه الحكومة البريطانية ولا تزال تقول إن أصدق رغباتها وأخلصها هو أن تترك للمصريين إدارة شئونهم. ولم يكن يخرج مشروع الاتفاق الذي عرضته بريطانيا العظمى عن هذا المعنى. وإذا كان قد ورد فيه ذكر موظفين بريطانيين لوزارتي المالية والحقانية فإن الحكومة البريطانية لم ترم بذلك إلى استخدامها للتداخل في شئون مصر. وكل ما قصدته هو أن تستبقي أداة اتصال تستدعيها حماية المصالح الأجنبية.

6 - هذا هو كل مرمى الضمانات البريطانية. ولم تصدر هذه الضمانات قط عن رغبة في الحيلولة بين مصر وبين التمتع بحقوقها الكاملة في حكومة أهلية.

7 - فإذا كانت هذه هي نوايا إنجلترا. فلا يمكن لأحد أن ينكر أن إنجلترا يعز عليها أن ترى المصريين يؤخرون بعملهم حلول الأجل الذي يبلغون فيه مطمعا ترغب فيه إنجلترا كما تتوق إليه مصر. أو أن ينكر أنها تكره أن ترى نفسها مضطرة إلى التداخل لردّ الأمن إلى نصابه كلما أدركه اختلال يثير مخاوف الأجانب ويجعل مصالح الدول في خطر. وإنه ليكون مما يؤسف له أن يرى المصريون في التدابير الاستثنائية التي اتخذت أخيرا أي مساس بمطمحهم الأسمى أو أية دلالة على تغيير القاعدة السياسية التي سبق بيانها فإن الحكومة البريطانية لم يعد غرضها إلا أن تضع حدا لتهييج ضار قد يكون لتوجيهه إلى أهواء العامة نتائج تذهب بثمرة الجهود القومية المصرية، ولذلك كان الذي روعي بوجه خاص فيما اتخذ من التدابير مصلحة القضية المصرية التي تستفيد من أن البحث فيها يجري في جو قائم على الهدوء والمناقشة بإخلاص.

8 - والآن وقد بدأت تعود السكينة إلى ما كانت عليه بفضل الحكمة التي هي قوام الخلق المصري. والتي تتغلب في الساعات الحاسمة فإنني لسعيد أن أنهي إلى عظمتكم أن حكومة جلالة الملك تنوي أن تشير على البرلمان بإقرار التصريح الملحق بهذا، وإنني لعلى يقين بأن هذا التصريح يوجد حالة تسود فيها الثقة المتبادلة. ويضع الأساس لحل المسألة المصرية حلا نهائيا مرضيا.

9 - وليس ثمة ما يمنع منذ الآن من إعادة منصب وزير الخارجية، والعمل لتحقيق التمثيل السياسي والقنصلي لمصر.

10 - أما إنشاء برلمان يتمتع بحق الإشراف والرقابة على السياسة والإدارة في حكومة مسئولة على الطريقة الدستورية فالأمر فيه يرجع إلى عظمتكم وإلى الشعب المصري.

وإذا أبطأ لأي سبب من الأسباب إنفاذ قانون التضمينات (إقرار الإجراءات التي اتخذت باسم السلطة العسكرية) الساري على جميع ساكني مصر. والذي أشير إليه في التصريح الملحق بهذا فإنني أود أن أحيط عظمتكم علما بأنني - إلى أن يتم إلغاء الإعلان الصادر في 2 نوفمبر سنة 1914 سأكون على استعداد لإيقاف تطبيق الأحكام العرفية في جميع الأمور المتعلقة بحرية المصريين في التمتع بحقوقهم السياسية.

11 - فالكلمة الآن لمصر. وأنه ليرجى أنها وقد عرفت مبلغ حسن استعداد الحكومة البريطانية ونواياها، تسترشد في أمرها بالعقل والروية لا بعامل الأهواء.

ولى مزيد الشرف إلخ.

أللنبي (فيلد مارشال)

(ترجمة)


المصادر