برنو (قبيلة)

البرنو Borno ، هي قبيلة أفريقية مسلمة. ساهمت القبيلة بنشر الإسلام في القارة الأفريقية بصفة عامة ومنطقة غرب ووسط السودان، عن طريق معاهدها ومساجدها التي ظلت تعمر هذه المنطقة طوال العصر الوسيط وجزءاً من العصر الحديث، وبدأت في الاندثار بعد الغزو الاستعماري للقارة.[1]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النسب

البرنو، جمعها برانوه ومفردها برناوي بعد إضافة لام النسب آل لها، تعتبر من القبائل التي تعود إلى أصل عربي بحيث تقول وثائق برنو الرسمية الى أنهم من حمير وأن ملوكهم هو أحد أبناء سيف بن ذي يزن وتمتد قبيلتهم لتصل حتى أجزاء كبيرة من الدول العربية مثل السودان واليمن وفلسطين والجزائر وليبيا والمغرب. أما في السعودية فيقطن عدد كبير من أبناءالبرنو في منطقة الحجاز وبالتحديد في (مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة والطائف). أما أهم قبائل البرنو وهم الكانوري أو الماغومي الكي أو النكمله دغو أو التري والكانمبو.


التاريخ

دولة البرنو

مرت دولة البرنو بمرحلتين في تاريخها السياسي؛ المرحلة الأولي عرفت بدولة الكانم (700-1398) وعرفت الثانية بدولة البرنو (1398-1919). ولم يتغير شئ خلال المرحلتين سوي اسم الدولة، أما الحكام فهم أنفسهم فقط انتقلوا من شرقي بحيرة تشاد إلي غربي البحيرة وسموا دولتهم بدولة البرنو.

وتؤكد معظم الوثائق التاريخية أن دولة البرنو قد نشأت عند بداية عهدها في اقليم كوار جنوب منطقة فزان وذلك عقب سقوط مملكة كوش علي يد أكسوم وما تلا ذلك من صراعات قبلية أدت إلي هجرة هذه القبائل واستقرارها في اقليم كوار وتأسيس ملك لها في هذه المنطقة. ثم انتقلت هذه الدولة جنوباً واستقرت شرقي بحيرة تشاد والتي عرفت ببلاد الكانم، وذلك عفب الحروب الرومانية في شمال أفريقيا وما تلا ذلك من أحداث الفتح الإسلامي فهاجرت قبائل ضخمة من العناصر الأمازيغية واستقرت حول بحيرة تشاد وحوض النيجر.

سلاطين البرنو

كان أول ملك من بني سيف (البرنو) يحكم بأرض كانم هو المعروف باسم دوجو، أي الآمر بلسان أهل كانم ويقال إن اسمه الحقيقي هو محمد الآمر، ويذكر أنه تزوج من قبيلة كاي من الزغاوة وهو ما يفسر سبب التقارب والاحترام المتبادل بين الزغاوة، وأيضا ينتمون إلي عناصر الأمازيغ الصحراوية وقد بدأت هجراتهم إلي بلاد السودان منذ زمن بعيد.

وقد برز في هذا العصر الكانمي عدد من الملوك العظام، اتسعت الدولة في عهدهم وذلك مثل السلطان دونمة بن اومي. وحفيده السلطان دونمة دبلامي وقد حكم الأول في النصف الأول من القرن السادس الهجري. فيذكر المؤرخين أن جيوشه قد بلغت مائة وعشرون ألفا فيهم مائة ألف فارس، كما أنه جلب عدداً من الأتراك اتخذهم حرساً خاصاً له وقاد جيوشه لنشر الإسلام فاتسعت دولته تجاه الشمال الشرقي حتي بلغت حدود مصر الجنوبية. ويذكر أن هذا السلطان قد حج مرتين وترك في المرة الأولي خمسمائة من عبيده في مصر وفي المرة الثانية أيضاً ترك عدداً مماثلاً وكان يأتي في أبهة عظيمة فخشي سلطان مصر يومئذ الخليفة الظافر أبو المنصور الفاطمي (544-549هـ/1149-1154م) من أن يقوم هذا السلطان بغزو بلاده فدبروا له خطة في الحجة الثالثة، وخرق المصريون مركبه وهو في وسط البحر الأحمر فغرق السلطان دونمة أمام أحاشيه وهو يرتدي جلبابه الأبيض.

وقد برز خلال هذا العصر عدد من السلاطين الكبار الذين خلدوا اسم هذه الدولة وتاريخها مثل السلطان علي غاجي (877-910هـ/1472-1504م) واشتهر بعلي بن زينب، ويلقب بالغازي لكثرة غزوه، فشن حرباً شرسة ضد البلالة حتي كسر شوكتهم وغزا الصحراء وتوغل فيها حتي أعاد منطقة التبستي وما جاورها إلي الدولة كما غزا بلاد الهوسا وضمها إلي دولة البرنو، ووقعت مناوشات بينه وبين دولة سنغي التي كانت تنافسه في بلاد الهوسا ثم اتجه إلي البناء الداخلي لدولته الناشئة في موقعها الجديد فاخذ يخطط في بناء عاصمته الجديدة ونقل أفراد الأسرة السيفية إليها، وتكامل فيها سكان نجيمي فتمت وانتظمت فوصفها المؤرخين بأنها كانت بديعة المنظر ومحاطة بالأسوار من كل جانب وتقع علي ضفاف نهر طوبى بين النيجر ونيجيريا حالياً واعتبرت المدينة من أكبر المدن الأفريقية التي نشات في العصور الوسطي.

حيث ذكرت الوثائق أن شوارعها بلغت ستمائة شارع ولأهمية موقعها أصبحت مركزاً تجارياً كبيراً يربط السودان بشمال أفريقيا فظهرت برنو في الخرائط البرتغالية عام 893هـ/1487م.

ثم جاء بعد السلطان علي غازي عدد من السلاطين يربو عددهم عن الثلاثين كان أبرزهم السلطان إدريس ألوما الذي حكم دولة البرنو حوالي أربعين عاماً (970-1012هـ/1562-1603م) وتعتبر فترة حكمه من أزهي فترات التاريخ البرنوي فقد كانت والدته الميرام عائشة من أميرات البلالة وكان لها نفوذ سياسي قوي في البلاط البرنوي وهو نفوذ مشروع لوالدة السلطان في النظام البرنوي ولهذا هدأت ثورة البلالة مما أتاح الفرصة للسلطان إدريس أن يضع سياسة خاصة يسير عليها، تقوم علي بناء القوة الحربية ثم الجهاد، لهذا قام بحشد الرجال في كل أنحاء برنو في الرباطات، ثم سافر إلي الحج واشتري هناك اوقافاً طائلة أوقفها علي حجاج بلاد السودان عامة ثم زار مصر في طريق عودته وفيها اشتري كميات كبيرة من السلاح الناري وأحضر معه مجموعة من الجند الاتراك لتدريب جيشه علي استعمال السلاح الناري، وهو سلاح جديد علي منطقة السودان الغربي وبعد أن أكمل استعداده، أعلن الجهاد ضد القبائل الوثنية المناوشة لدولته، وخرج بنفسه لقيادة جيوشه وكان بصحبته إمام مسجده الشيخ أحمد بن فرتوا الذي سجل أحداث تلك الحروب في كتاب سماه كتاب حروب السلطان إدريس، ثم اتخذ السلطان إدريس رباطاً كبيراً بالقرب من مواطن الأعداء وأخذ يشن الحملات الجهادية منه ويعود بالأسري والغنائم وقد استغرق جهاده للقبائل الوثنية سبع سنوات ممتالية حتي استسلمت القبائل ودخلت في دين الله أفواجاً ويذكر الإمام ابن فرتوا أن السطان ادريس كان يتاسي في كل جهاده بسيرة الرسول صلي الله عليه وسلم.

علاقاتها الخارجية

اهتمت دولة البرنو منذ نشاتها بعلاقاتها الخارجية خاصة وأنها دولة إسلامية كبري في قلب القارة الأفريقية وقد وصلت مرحلة من القوة والعظمة في البناء السياسي الداخلي ونشر الإسلام في القارة السمراء فجذبت انظار العالم المتمدن يومئذ خاصة الدول الاسلامية.

يقول الشيخ أحمد بابا أن سلاطين الدنيا العظام أربعة هم:

الأعظم سلطان بغداد والمقصود به الخليفة العثماني وسلطان مصر وسلطان برنو وسلطان مالي هذا هو موقعها في العالم الإسلامي.

أما في أفريقيا فيقول الشيخ عبد القادر بن المصطفي في كتابه روضات الأفكار، أن دولة البرنو كانت أعظم الدول الأفريقية قاطبة خلال العصر الوسيط ولهذه المكانة المرموقة حرص سلاطين برنو علي توطيد علاقاتهم بالدول الاسلامية الكبري مثل مصر ودول شمال أفريقية والدول العثمانية.


دور البرنو في نشر الإسلام

كما سبقت الإشارة فإن دولة برنو في الشهرة والانطلاق والغني عقب دخول ملوكها في الإسلام في تلك الفترة المبكرة واتخاذهم الشريعو الاسلامية نظاما لدولتهم ومنهجا لحكمهم وذلك منذ القرن الخامس الهجري/11 م، ويقول الدكتور أحمد شلبي في هذا الصدد عني أكثر حكام امبراطورية برنو بالنظم الإسلامية واتخذوا الدين الإسلامي دستورا لحياتهم وأشاعوا العدل والانصاف بين الجماهير وحاولوا أن ينفذوا الاقتصاد الإسلامي فاتجهت العناية إلي جمع الزكاة وحسن توزيعها كما عني الحكام بتعليم القرآن واتباع آدابه. وقد اهتم سلاطين البرنو بتطبيق تعاليم الإسلام علي أنفسهم فقد كانوا يحفظون القرآن منذ صغرهم ويتخذون العلماء العلماء في قصورهم لتعليمهم وقد وردت أسماء كثيرة لهؤلاء العلماء مثل محمد بن ماني والشيخ احمد بن فرتوا والشيخ محمد بن صفيه.

الديموغرافيا

كانت تقطن في بلاد البرنو الكثير من القبائل العربية وغير العربية ومن أهم القبائل العربية السو، والفيكة، والمسكو، والمرغي، والتبو، والتيدا، والزغاوة، والقرعان، والطوارق، والفلاتة، والهوسا، والبلالة، والباقرمي، والكنين ...الخ.

أما القبائل العربية في برنو فهي كثيرة وتعرف باسم الشوا أو عرب برنو ومن أهمها: السلامات والتعايشة والجوامعة والبني هلبة وبني حسن وبني حسين والمسيرية والهبانية وخزام وأولاد جمال.. الخ ..

وقد خضعت كل هذه القبائل وغيرها لدولة البرنو واندمجت القبائل العربية مع قبائل البرنو، بواسطة المصاهرة والمشاركة في الحكم حيث انخرط عدد كبير من هذه العناصر العربية في جيش برنو وقد اصيبت هذه القبائل بنفس الشتات الذي اصيب به البرنو عقب الغزو الاستعماري.

ويشار أن معظم العرب في برنو قد عالجه الشيخ ابراهيم صالح بن يونس في كتابه تاريخ الاسلام وحياة العرب في امبراطورية كانم برنو.

البرنو في السودان

إن وجود البرنو في السودان أمر طبيعي فقد كان دخولهم السودان قبل الإسلام حينما اشتركت قبائل في حوادث كوش واستقروا فيها زمناً وعقب غزو أكسوم لكوش نزحوا غرباً حيث استقروا حول تشاد وأقاموا دولتهم فيها، ومن ثم سيطروا علي كل منطقة السودان الأوسط كما سبق الإشارة. كما امتدت دولتهم في بعض الأحيان من النيجر غرباً حتي النيل شرقاً، وبالتالي فان جزء من السودان كان ضمن أملاكهم بل هنالك من المؤرخين من يقول بأن مؤسس دولة الفونج كانوا عناصر من البرنو.

وبالتالي فإن البرنو هم سودانيون بالأصالة والتاريخ وكان للاستعمار الأوروپي أهدافه الواضحة في تمزيق البرنو وتشتيتهم عقب اسقاط دولتهم وتقسيمها ولهذا كان وجود البرنو في السودان منذ عهد بعيد، فقد هاجر بعضهم إلي السوان عقب سقوط دولتهم والأحداث التي واكبت ذلك واستقروا في كل أنحاء السودان. لكن كان من الطبيعي أن تزيد أعدادهم في مناطق غرب السودان خاصة دارفور وقد اشتركوا في كل أحداث السودان وبنائه كما هو واضح منذ عهد الفونج وقبلهم.

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ "دولة البرنو". النسابون. 2015-09-13. Retrieved 2020-04-26.

المراجع

  • للمزيد عن العرب في نيجيريا راجع كتاب (تاريخ الإسلام والعرب في إمبراطورية كانم برنو) للشيخ إبراهيم صالح الحسيني، رئيس هيئة الإفتاء بجمهورية نيجيريا الفدرالية. وانظر موقعه: https://www.alnssabon.com/t47929.html.
  • أحمد بن فرتوا، ديوان سلاطين برنو، مخطوط جامعة عبدالله بايروبكلنو، ص 4.
  • البكري، المغرب في ذكري بلاد أفريقيا والمغرب، طبعة باريس.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وصلات خارجية