مطبعة بولاق

(تم التحويل من المطبعة الأميرية)
اللوحة التذكارية لتأسيس مطبعة بولاق. اللوحة عبارة عن قطعة من الرخام طولها 110 سم وعرضها 55 سم وقد نقشت بحيث برزت عليها الأبيات الشعرية باللغة التركية وترجمتها: "إن خديوي مصر الحالي محمد علي، فخر الدين والدولة وصاحب المنح العظيمة قد زادت مآثره الجليلة التي لا تعد بإنشاء دار الطباعة العامرة وظهرت للجميع بشكلها البهيج البديع وقد قال الشاعر سعيد إن دار الطباعة هي مصدر الفن الصحيح".

مطبعة بولاق، أو المطبعة الأميرية، هي أول مطبعة رسمية حكومية في مصر. وتعتبر أول مطبعة تقام على أسس صناعة الطباعة وعملت على إحداث نقلة ليست نوعية فحسب بل نقلة كمية ومعرفية للعلم في المنطقة العربية بأسرها. وقد أنشأها محمد علي باشا عام 1820.

لم تنشأ مطبعة بولاق بمفردها مستقلة عن بقية مشروعات محمد علي بل كانت جزءاً من مشروع تنموي كبير، وكانت كأي مؤسسة أخرى من مؤسساته يُرجى منها أن تساهم بإنجاح جانب من ذلك المشروع التنموي الكبير.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

التسمية

ذكر أول اسم للمطبعة في اللوحة التذكارية لإنشائها، حين ذكرت باسم «دار الطباعة». ثم نجد في أول مطبوعاتها، وهو القاموس العربي الإيطالي، أن اسمها في الجزء العربي من القاموس «مطبعة صاحب السعادة» إذ كُتب في أسفل أولى صفحات هذا الجزء : «تم الطبع في بولاق بمطبعة صاحب السعادة»، واسمها في الجزء الإيطالي هو «المطبعة الأميرية» إذ كُتب في أسفل صفحته الأولى بالخط الكبير كلمة « Bolacco » ثم تحتها بالخط الصغير « Dalla Stamperia Reale » لا يهمنا في هذا المقام سوى أن الاسم الثابت هو «بولاق» ففي الجزء العربي وردت بولاق قبل اسم المطبعة، وفي الجزء الإيطالي نجد كلمة « Bolacco » بالخط الكبير في سطر مستقل فكأن اسم «بولاق» ارتبط بالمطبعة من أول الأمر. ثم نجد أسماء للمطبعة تشبه هذين الاسمين مثل «المطبعة الأميرية» « Imprimerie Royale ». وقد تكون أحيانًا أخرى على شكل تأريخ لانتهاء طبع كتاب في آخره وفي مقدمته وفي هذه الأحوال يختلف اسم المطبعة باختلاف تفنن الكاتب في التعبير إلا أننا نجد ذكرًا في كل الأحوال لبولاق ثم يضاف إليها عدة أوصاف تختلف باختلاف تفنن الكاتب في التعبير مثال ذلك «دار الطباعة العامرة الكائنة ببولاق مصر المحروسة القاهرة» كما ورد في أحد أعداد الوقائع أو «مطبعة صاحب السعادة ببولاق» أو كما كتب في أول عدد من الوقائع المصرية «مطبعة صاحب الفتوحات السنية ببولاق مصر المحمية» أو «مطبعة صاحب السعادة الأبدية والهمة العلية الصفية التي أنشأها ببولاق مصر المحمية صانها الله من الآفات والبلية» إلى غير ذلك من ضروب التفنن في التعبير التي يقصد بها تسمية المطبعة وتعظيم مؤسسها والدعاء لها وله.وعلى ذلك فإن اسمها الرسمي التاريخي هو «مطبعة بولاق».[1]


الموقع

شُيدت مطبعة بولاق في أول الأمر في جزء من مساحة الترسانة البحرية في الجزء الممتد على ضفة النيل اليمنى من الشمال إلى الجنوب إلى الشمال قليلاً من موقعها المعدل ببولاق.

التأسيس

مطبعة بولاق في أوائل القرن التاسع عشر.
قاموس إيطالي عربي، أولى إصدارات مطبعة بولاق، 1822.
بعض موظفي مطبعة بولاق، ويتوسطهم إميل فورجيه مدير المطبعة بين عامى 1924-1926.

بعد جلاء الحملة الفرنسية عن مصر سنة 1801، عمت الفوضى البلاد، حيث ظهر على المسرح السياسي ثلاث قوى تتنازع فيما بينها السلطة، فالأتراك من جهة يريدون إعادة البلاد إلى قبضتهم بعد أن انفلت عقدها في ظل وجود المستعمر الفرنسي، والمماليك يرمون إلى استعادة سيادتهم التي فقدوها بدخول الفرنسيين، ووقف الشعب المصري بين هاتين القوتين يريد استرداد بلاده من يد المغتصبين. استطاع محمد علي باشا في نهاية المطاف أن يصعد إلى سدة الحكم بعد صراع دام أربع سنوات، حيث استطاع أن يوطد أركان حكمه بتأييد من الشعب. وبدأ يفكر في بناء بلد قوي سواءً من الناحية السياسية أو العسكرية وفي نفس الوقت يعتمد على اقتصاد قوي وخلفية حضارية تمكنه من الحفاظ على انجازاته، فبدأ في إنشاء المؤسسات على النمط الأوروبي الحديث، ومن بين المشروعات التي احتاج عليها في مسيرته التنموية هي مطبعة تنشر كل ما يراه مناسبًا لاستقرار دولته.

اختلفت الآراء والروايات حول الأسباب التي أدت إلى إنشاء مطبعة بولاق: فجورجي زيدان قال: إن محمد علي سمع في مصر عن مطبعة الحملة الفرنسية ورأى بعض آثارها فجدد تلك الآثار وأحياها فيما عُرف باسم مطبعة بولاق، أما رينو قال: إنه أراد أن يقلد مطبعة القسطنطينية التي أنشئت قبل ذلك بقرن من الزمان فأنشأ مطبعة في بولاق ليحاكي تلك المطبعة، في حين قال بيرون: إن الباشا لما أنشأ المدارس المتعددة وجد الحاجة إلى مطبعة تنشر ما يحتاج إليه التلاميذ والطلاب من الكتب المدرسية فأنشأ مطبعة في بولاق، لكن رأي جيز كان مختلفًا حيث قال: إن محمد علي كان متأثرًا بالتقدم المادي في أوروبا فرأى أن تقدم الأحوال في مصر لا يأتي إلا عن طريق الشعلة التي نشرت أضواء العلوم والمعارف في أوروبا وما هذه الشعلة إلا فن الطباعة كما قال إن السبب في إنشاء المطبعة كان الرغبة في طبع الكتب الشرقية القديمة التي عبث بها تقادم العهد فأضاع الزمان معظمها وكاد يأتي على ما بقى مخطوطًا منه، أيضًا يعزو إنشاء المطبعة إلى أن محمد علي لما أسس مشروعاته الإدارية والتجارية كان من الضروري أن يوجد بجانب هذه المصالح والمعامل مطبعة تطبع ما يلزم لها من السجلات.[2]

بدأت فكرة إنشاء مطبعة عند محمد علي باشا سنة 1815 عندما أوفد أول بعثة إلى مدينة ميلانو لتعلم فن الطباعة. تم البدء في إقامة بناء المطبعة سنة 1820 ولم يأت شهر سبتمبر 1820 إلا وكان البناء قد تم تشييده.[3]

أما تركيب الآلات ووضعها في أماكنها فقد تم البدء فيه في سبتمبر 1821 وتم الانتهاء منه في يناير 1822.

استغرقت فترة التجربة- تجربة الآلات والحروف وتوزيع العمال عليها وتدريبهم على أعمالهم في المدة من يناير 1822 إلى أغسطس من نفس السنة- وبلغ العمل في المطبعة أشده وبدأت المطبعة في عملية الإنتاج الفعلي في فيما بين أغسطس إلى ديسمبر 1822 م. أصدرت أول مطبوعاتها في ديسمبر 1822.

جاءت أولى إصدارات المطبعة في عام 1238 هـ/ 1822 ممثلة في «قاموس إيطالي-عربي» ملبية لفكر محمد علي في ضرورة الانفتاح على أوروبا لاقتباس أسباب تقدمها؛ ومن ثمَّ ظهرت الحاجة إلى الترجمة، بالإضافة إلى أن محمد علي باشا اتجه أول الأمر إلى إيطاليا في إرسال البعثات وكانت اللغة الإيطالية أول لغة أجنبية تُدرس في مدارسه،

سنة 1833 بدأت المطبعة تدخل في طور الانتعاش والتقدم فأوجدت بعد ذلك التاريخ عصرًا جديدًا في حياة المطبعة حيث هناك عدة عوامل أدت إلى دخول المطبعة في دور انتعاش بعد سنة 1832:

  • أولاً: إنشاء المدارس، فمنذ أنشئت المطبعة توالى إنشاء المدارس مدرسة بعد أخرى فتحت مدارس الطب والصيدلة والكيمياء ثم المدارس الحربية على اختلاف أنواعها ومدارس الهندسة والزراعة واللغات وغير ذلك من أنواع المدارس. وهكذا اتسعت دائرة العمل بالمطبعة وتعددت أنواع مطبوعاتها فبعد أن كانت قاصرة على تعليمات الجيش وقوانينه أصبحت تشمل كتب المدارس.
  • ثانيًا: نشاط حركة الترجمة وما كان من اهتمام محمد علي باشا بنقل الكتب من اللغات الأوروبية إلى اللغة العربية واهتمام الباشا بالترجمة مشهور فقد كان في مدارسه قلم خاص بترجمة الكتب الأوروبية التي تختص بما يُعلم في المدرسة من العلوم. وما من شك في أن هذا النشاط الهائل في الترجمة قد أمد مطبعة بولاق بمدد لا ينضب معينه من الكتب التي سببت انتعاشها في سنة 1833 أي بعد رجوع تلك الطائفة من المترجمين مباشرة.
  • ثالثًا: تخصيص عدد من أعضاء البعثات لتعلم فنون الرسم والحفر والطباعة. وقد ورد ذلك في تقرير رفعه المسيو جومار مدير البعثة المصرية في باريس للجمعية الآسيوية عن البعثة الأولى التي أوفدها الباشا إلى باريس في سنة 1826 فقد جاء في هذا التقرير ما ترجمته:

«يتعلم بعض الطلاب الرسم كتمهيد لتعلم حفر الخرائط وهندسة البناء والآلات والطبع على الحجر وهؤلاء هم الذين سيباشرون حفر لوحات كتب العلوم التي ستترجم إلى العربية وهم يتعلمون أيضًا فن الطباعة».

أهم المطبوعات

  • الجريدة الرسمية: وهي الجريدة الرسمية للدولة وتصدر كل خميس.
  • الوقائع المصرية: وهى أقدم صحيفة مصرية. و تصدر الآن كملحق للجريدة الرسمية غير أنها تصدر يوميا عدا الجمع والعطلات.
  • المطبوعات الحكومية، الكتب القانونية، التقاويم، المصحف الشريف.

انظر أيضاً

المصادر

وصلات خارجية