فقه إسلامي

(تم التحويل من الفقه الإسلامي)
بسم الله الرحمن الرحيم
Allah-eser-green.png

هذه المقالة جزء من سلسلة:
الإسلام

الفقه الإسلامي هو العلم الذي يبحث لكل عمل عن حكمه الشرعي. الفقه في اللّغة : ( ف ق هـ ) : الفقه فهم الشيء قال ابن فارس وكل علم لشيء فهو فقه والفقه على لسان حملة الشرع علم خاص وفقه فقها من باب تعب إذا علم وفقه بالضم مثله وقيل بالضم إذا صار الفقه له سجية قال أبو زيد رجل فقه بضم القاف وكسرها وامرأة فقهة بالضم ويتعدى بالألف فيقال أفقهتك الشيء وهو يتفقه في العلم مثل يتعلم

كذلك العلم بالشّيء والفهم له ، والفطنة فيه ، وغلب على علم الدّين لشرفه ، قال تعالى ‏‏: ﴿ قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ ﴾ ، وقيل : هو عبارة عن كلّ معلوم تيقّنه العالم عن فكر . ‏ وفي الاصطلاح هو : العلم بالأحكام الشّرعيّة العمليّة المكتسب من أدلّتها التّفصيليّة .‏

وأصول الفقه : أدلّته الدّالّة عليه من حيث الجملة ، لا من حيث التّفصيل . والصّلة بين الفقه ‏وأصول الفقه أنّ الفقه يعنى بالأدلّة التّفصيليّة لاستنباط الأحكام العمليّة منها ، أمّا أصول الفقه ‏فموضوعه الأدلّة الإجماليّة من حيث وجوه دلالتها على الأحكام الشّرعيّة.‏

وتعلّم الفقه قد يكون فرض عين على المكلّف كتعلّمه ما لا يتأدّى الواجب الّذي تعيّن عليه فعله ‏إلاّ به ، ككيفيّة الوضوء والصّلاة ، والصّوم ونحو ذلك ، وعليه حمل بعضهم الحديث المرويّ عن أنس ‏‎‎‏ عن النّبيّ ‏‎صلى الله عليه وسلم : « طلب العلم فريضة على كلّ مسلم » ولا يلزم الإنسان تعلّم كيفيّة الوضوء ‏والصّلاة ونحوهما إلاّ بعد وجوب ذلك عليه . ‏ فإن كان لو أخّر إلى دخول الوقت لم يتمكّن من تمام تعلّمها مع الفعل في الوقت ، فالصّحيح عند ‏الشّافعيّة أنّه يلزمه تقديم التّعلّم عن وقت الوجوب ، كما يلزم السّعي إلى الجمعة لمن بعد منزله قبل ‏الوقت ، لأن ما لا يتمّ الواجب إلاّ به فهو واجب ، ثمّ إذا كان الواجب على الفور ، كان تعلّم الكيفيّة ‏على الفور ، وإن كان على التّراخي كالحجّ فتعلّم الكيفيّة على التّراخي ، ثمّ ما يجب وجوب عين من ‏ذلك كلّه هو ما يتوقّف أداء الواجب عليه غالباً ، دون ما يطرأ نادراً ، فإن حدث النّادر وجب التّعلّم ‏حينئذ ، أمّا البيوع والنّكاح وسائر المعاملات ممّا لا يجب أصله ، فيتعيّن على من يريد شيئاً من ذلك ‏تعلّم أحكامه ليحترز عن الشّبهات والمكروهات ، وكذا كلّ أهل الحرف ، فكلّ من يمارس عملاً يجب ‏عليه تعلّم الأحكام المتعلّقة به ليمتنع عن الحرام . وقد يكون تعلّم الفقه فرض كفاية ، وهو ما لا بدّ ‏للنّاس منه في إقامة دينهم ، كحفظ القرآن والأحاديث وعلومهما ونحو ذلك . ‏ وقد يكون تعلّم الفقه نافلةً ، وهو التّبحّر في أصول الأدلّة ، والإمعان فيما وراء القدر الّذي ‏يحصل به فرض الكفاية ، وتعلّم العامّيّ نوافل العبادات لغرض العمل ، لا ما يقوم به العلماء من تمييز ‏الفرض من النّفل ، فإنّ ذلك فرض كفاية في حقّهم .‏

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تعريف الفقه

العلم بالأحكام الشّرعيّة العمليّة المكتسب من أدلّتها التّفصيليّة

الأحكام

جمع حكم و الحكم يطلق على ثبات امر لامر او نفيه عنه مثال فاذا قلت القمر مضئ فقد حكمت على القمر بالاضاءة و اذا قلت القمر ليس بمضئ فقد نفيت عنه الاضاءة

الحكم عند علماء الاصول

هو خطاب الله تعالى المتعلق بافعال المكلفين اقتضاء او تخييرا او وضعا مثال ان الله حرم الزنا في قديم الازل (كلام الله الازلي)

الحكم عند علماء الفقه

هو اثر خطاب الله المتعلق بافعال المكلفين مثال قوله تعالى "وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا" فان المجتهد عند تامله لتلك الاية يفهم منها حرمة الزنا و هى الحكم عند الفقهاء

الاحكام الشرعية

هي المتلقاة بطرق السمع المأخوذة من الشرع دون المأخوذة مـن العقل كالعلم بأن العالم حادث ، وأن الواحد نصف الاثنين ، أو الأحكام المأخوذة من الوضع والاصطلاح اللغوي فالحكم الشرعي هو القاعدة التي نص عليها الشارع في مسألة من المسائل وهذه القاعدة إما أن يكون فيها تكليف معين كالواجب والمحرم فتسمى الحكم الشرعي التكليفي ، وإما أن لا يكون فيها أي تكليف كالحكم بالصحة أو البطلان على فعل معين ، فيقال لها الحكم الشرعي الوضعي

العلم بالأحكام الشرعية العملية

الأحكام الفقهية تتعلق بالمسائل العملية التي تتعلق بأفعال الناس البدنية في عباداتهم ومعاملاتهم اليومية ويقابل بالأحكام العملية الأحكام العقائدية وأحكام صلاح القلب وهو ما يسمي بعلم الأخلاق ، فهذه تتعلق بأفعال القلوب لا بأعمال الأبدان ، ولذلك لا تسمى فقها في هذا الاصلاح

الفقه مكتسب من أدلة الأحكام التفصيلية

ومعنى ذلك أن الأحكام تعد من علم الفقه إلا إذا كانت مستندة إلى مصادر الشرع المعلومة أي أدلة الشرع . والفقيه هو الذي يسند كل حكم من أحكام الشرع إلى دليله ، فالقانون الإسلامي أو الفقه الإسلامي ليس وضعيا من صنع الدولة بل هو تشريع ديني يستند إلى مصادر دينية مثال : كقوله تعالى : "حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير" وقوله صلى الله عليه وسلم : (أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورها)

تقسيم الادلة

الأدلة التفصيلية

آحاد الأدلة من الكتاب والسنة

الأدلة الإجمالية

هي محل نظر علماء أصول الفقه حيث يبحثون في أصول الأدلة ، الكتاب والسنة والإجماع والقياس وغير ذلك تنقسم الى

  1. ما يتعلق بالعقائد الأساسية كالأحكام المتعلقة بذات الله وصفاته وبالإيمان به وبرسله وكتبه واليوم الآخر وما فيه من حساب وجزاء وقد تكفل بدراسة هذا النوع من أحكام الشريعة علم العقيدة
  2. ما يتعلق بتهذيب النفوس وإصلاحها كالأحكام المبينة للفضائل التي يجب أن يتحلى بها الإنسان كالصدق والأمانة والوفاء بالعهد والشجاعة والإيثار والتواضع والإحسان والعفو والصفح والأحكام المبينة للرذائل التي يتحتم على المرء أن يتخلى عنها كالكذب والخيانة وخلف الوعد والجبن والبخل والأنانية والتكبر والإساءة إلى الغير وما إلى ذلك مما تكفل ببيانه علم الأخلاق
  3. ما يتعلق ببيان أعمال الناس وتنظيم علاقاتهم بخالقهم كأحكام الصلاة والصوم والزكاة والحج ، وتنظيم علاقات بعضهم ببعض كأحكام البيوع والإجارة والزواج والطلاق وغيرها . وكذلك الأحكام المنظمة لعلاقات الأفراد والدول في حال السلم والحرب وغير ذلك وقد انفرد بهذا النوع من أحكام الشريعة علم خاص يسمى علم الفقه وبهذا يتبين لنا أن العلاقة بين الشريعة والفقه هي علاقة عموم وخصوص حيث إن الشريعة أعم وأشمل من الفقه

فضل الفقه

وردت آيات وأحاديث في فضل الفقه والحثّ على تحصيله ، ومن ذلك قول اللّه تعالى : ﴿ وَمَا ‏كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا ‏رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾ . ‏ فقد جعل ولاية الإنذار والدّعوة للفقهاء ، وهي وظيفة الأنبياء عليهم السلام ، وقال النّبيّ ‏‎‏‎صلى الله عليه وسلم: « ‏من يرد اللّه به خيراً يفقّهه في الدّين » .‏

موضوع الفقه

موضوع علم الفقه هو أفعال المكلّفين من العباد ، فيبحث فيه عمّا يعرض لأفعالهم من حلّ ‏وحرمة ، ووجوب وندب وكراهة . ‏

خصائصه

إن المتتبع للفقه الإسلامي والقارئ له بدقة وتمعن يجد أنه يتميز بخصائص ومميزات لا يتميز بها غيره ، جعلته قابلا للثبات والنماء والعطاء طيلة أربعة عشر قرنا من الزمن وسيبقى كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ذلك أن الشريعة الإسلامية ذات صبغة عالمية ودائمة ، فلما كانت هذه الشريعة آخر شريعة سماوية على سطح هذه الأرض وكان هذا الدين خاتما للأديان السماوية السابقة كان لا بد أن تكون هذه الشريعة مميزة بخصائص ومميزات تجعلها قابلة للثبات والاستمرار مواكبة لحياة الإنسان مهما كان وفي أي عصر كان وفي أي مكان كان وقبل أن نتعرض لأهم هذه الخصائص والمميزات نشير إلى أن الفقه الإسلامي أوسع وأشمل من القانون الوضعي : فالقانون الإسلامي يشتمل على الموضوعات التي تبحث فيها القوانين الوضعية وموضوعات أخرى لم تتعرض لها تلك القوانين ولذلك فإن المستشرق ( ناليولو ) يرى أنه لا يوجد في لغات الغرب مصطلح يقابل كلمة ( فقه ) مقابلة تامة تضاهيها في الشمول والدقة ولا غرابة في ذلك فإن هذا الفقه يستمد أصوله وتنبع قواعده من كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد الأمر الذي جعل هذا الفقه يتسم بخصائص ومميزات لا نظير لها في تاريخ تشريع الأمم, فالفقه الإسلامي هو أوسع تشريع في العالم وقد كان يغطي في تطبيقه العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه بالمذاهب المختلفة ، وكان له تأثير كبير على الأمم الأخرى واقتبس منه كثير من شعوب العالم تشريعاتهم في القديم عن طريق الأندلس وصقلية وتركستان وبخاري والبلقان ، ويعد في العصر الحديث أحد مصادر التشريع بالعالم

نشأة الفقه وتطوّره

نشأ الفقه الإسلاميّ بنشأة الدّعوة وبدء الرّسالة ، ومرّ بأطوار كثيرة ولكنّها غير متميّزة من حيث ‏الزّمن تميّزاً دقيقاً ، إلاّ الطّور الأوّل وهو عصر النّبوّة ، فإنّه متميّز عمّا بعده بكلّ دقّة بانتقال النّبيّ ‏‎‏‎صلى الله عليه وسلمإلى الرّفيق الأعلى . ‏ وكان مصدر الفقه في هذا الطّور الوحي ، بما جاء به القرآن الكريم من أحكام ، أو بما اجتهد ‏فيه النّبيّ ‏‎‎‏ من أحكام كان الوحي أساسها ، أو كان يتابعها بالتّسديد ، وكذلك كان اجتهاد أصحاب ‏النّبيّ ‏‎‏‎صلى الله عليه وسلمفي حياته مردّه إلى النّبيّ ‏‎‎‏ يقرّه أو ينكره .. وعلى ذلك كان الوحي مصدر التّشريع في ‏ذلك العصر . ثمّ تتابعت بعد وفاة النّبيّ ‏‎‎‏ أطوار متعدّدة .‏


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

مصادر الفقه الاسلامى

مصادر الفقه الإسلامي هي : الأدلة التي نصبها الشارع دليلا على الأحكام ، وهذه الأدلة بعضها محل إجماع بين العلماء وهي الكتاب والسنة والإجماع ، والجمهور على اعتبار القياس دليلا رابعا, يضاف إلى تلك المصادر التبعية ومنها : الاستحسان والمصالح المرسلة والعرف وغيرها و أن هذه المصادر كلها في الحقيقة ترجع إلى مصدر واحد وهو الكتاب . فكل مصدر بعد ذلك منبعث منه ويعتمد عليه ، ولذا كان الشافعي رحمه الله يقول : ( إن الأحكام لا تؤخذ إلا من نص أو حمل على نص ) ولا شيء عنده غير النص والحمل عليه ، وإن كان هو يضيق في معنى الحمل على النص فيقتصر على القياس ، وغيره من الأئمة يوسعون معنى الحمل على النص فيدمجون فيه كل المصادر التبعية الأخرى وتنقسم المصادر الى

  1. أولا المصادر الأصلية وهي الكتاب والسنة والإجماع والقياس
  2. ثانيا الاستحسان والاستصلاح والعرف .

أدوار تاريخ التشريع الإسلامي

مر التشريع الإسلامي بستة أدوار: ‏

  1. الدور الأول: التشريع في حياة رسول الله ‏‎‏‎صلى الله عليه وسلم‎‏ .‏
  2. الدور الثاني: التشريع في عصر كبار الصحابة (من سنة 11 إلى سنة أربعين هجرية) .‏
  3. الدور الثالث: التشريع في عهد صغار الصحابة ومن تلقى عنهم من التابعين .‏
  4. الدور الرابع: تدوين السنة وأصول الفقه ، وظهور الفقهاء الأربعة الذين اعترف الجمهور ‏لهم بالإمامة والاجتهاد المطلق . ‏
  5. الدور الخامس: القيام على المذاهب وتأييدها ، وشيوع المناظرة والجدل من أوائل القرن ‏الرابع إلى سقوط الدولة العباسية. ‏
  6. الدور السادس: دور التقليد ، وهو يبدأ من سقوط بغداد على يد هولاكو إلى الآن . ‏

الدور الأول : التشريع في حياة رسول الله ‏‎‏‎صلى الله عليه وسلم ‏

من المعلوم أنَّ أهم مصدرين من مصادر الشريعة الإسلامية هما كتاب الله عز وجل ، وسنة ‏رسول الله ‏‎‏‎صلى الله عليه وسلم، فهما المصدران الأساسيان للتشريع الإسلامي ، وسائر أحكام الإسلام. ولكن في ‏الحقيقة هناك مصدر أساسي واحد لا ثاني له للشريعة الإسلامية ، ألا وهو القرآن الكريم ، ولكن لما ‏أمرنا الله عز وجل أن نتَّخذ من كلام رسول الله ‏‎‏‎صلى الله عليه وسلمشارحاً ومبيِّناً ومفصِّلاً لكتابه الكريم ، كانت السنة ‏النبوية بأمر القرآن المصدر الثاني للتشريع . لقد أمرنا الله تعالى أن نطيع الرسول ‏‎‏‎صلى الله عليه وسلمفي ما أخبر ‏وأن نعتمد على شرحه في غوامض كتاب الله ، فطاعتنا لرسول الله ‏‎‏‎صلى الله عليه وسلمإنما هي فرع من طاعة الله ‏عز وجل. قال تعالى: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾ النساء: 80 ، ﴿ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ ‏لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ النحل: 44 ، ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا﴾ ‏المائدة: 92 ، ﴿ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ الحشر: 7 ، ﴿ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ‏الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ ﴾ النحل: 64 . ‏ إذاً فالشريعة الإسلامية في عهد النبي ‏‎‏‎صلى الله عليه وسلم، كانت تعتمد اعتماداً فعلياً على مصدرين فقط هما ‏القرآن والسنة ، أما الإجماع والقياس فلم يكن لهما وجود في ذاك العصر لأن القياس يُلجَأ إليه عند ‏وجود مسألة لا نص فيها ، وما دام رسول الله ‏‎‏‎صلى الله عليه وسلمحياً فالنص مستمر ولا إشكال ، وحتى لو أنَّ النبي ‏‎‏‎صلى الله عليه وسلم قاس أو اجتهد فلا بد أن يتحول هذا الاجتهاد إلى نص. وتفصيل ذلك أنه إذا اجتهد رسول الله ‏‎‏‎صلى الله عليه وسلم‏في مسألة فإما أن يقره الله تعالى عليها فتصبح نصاً حينئذ ، أو أن يصوب الله تعالى له فيكون نصاً ‏أيضاً.‏

الدور الثاني : التشريع في عصر كبار الصحابة

‏ توفي رسول الله ‏‎‏‎صلى الله عليه وسلم، وقد تكامل القرآن نزولاً ، ولكنه لم يُجمَع في مصحف واحد بين دفتي ‏كتاب ، بل كان محفوظاً في صدور الصحابة وصحف كتَّاب الوحي ، وكان عدد الحفاظ في العهد ‏النبوي كثيراً جداً. وكان قد وعى كثير من الصحابة حديث رسول الله ‏‎‏‎صلى الله عليه وسلم ، بعضهم في الصدور كأبي ‏هريرة ، وبعضهم في الكتابة في السطور لا تدويناً. وتولى أبو بكر الخلافة ، ولا يزال التشريع ‏يعتمد على مصدرين أساسيين هما القرآن والسنة .‏ فقد حصل في أول ‏‎عهد أبي بكر ‏‎ما دفعه إلى جمع القرآن كله في مصحف ، ذلك أنه ‏واجهته أحداث جسام في ارتداد جمهرة العرب ، فجهز الجيوش لحروب المرتدين ، وكانت غزوة أهل ‏اليمامة سنة 12 للهجرة تضم عدداً كبيراً من الصحابة القرَّاء ، فاستشهد في هذه الغزوة سبعون قارئاً ‏‏(أي حافظاً) من الصحابة ، فهال ذلك عمر بن الخطاب ‏‎، فدخل على أبي بكر وأشار عليه بجمع ‏القرآن ، وكتابته بين دفتي كتاب خشية الضياع بسبب وفاة الحفاظ في المعارك . ولكن أبا بكر نفر من ‏هذه الفكرة وكَبُر عليه أن يفعل ما لم يفعله رسول الله ‏‎‏‎صلى الله عليه وسلم، وظل عمر يراوده حتى شرح الله تعالى ‏صدر أبي بكر لهذا الأمر ، فأرسل إلى زيد بن ثابت لمكانته في القراءة والكتابة والفهم والعقل ، ولأنه ‏كان صاحب العرضة الأخيرة على رسول الله ‏‎‏‎صلى الله عليه وسلم أي كان آخر الصحابة الذين قرأوا على رسول الله ‏‎‏‎صلى الله عليه وسلم كاملاً وقال ‏‎: " خذوا عنه القرآن " أو بما معناه ، وقصَّ عليه قول عمر ‏‎. نفر زيد من ‏ذلك كما نفر أبو بكر الذي ظل يراجعه حتى شرح الله تعالى صدره لذلك. ويروي زيد بن ثابت فيقول ‏‏: " قال أبو بكر: إنك شاب عاقل لا نتهمك ، وقد كنتَ تكتب الوحي لرسول الله ‏‎‏‎صلى الله عليه وسلم، فتتبَّع القرآن ‏فاجمعه. يقول زيد: " فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل مما أمرني به من جمع القرآن " ‏، وقال لأبي بكر: كيف تفعلان شيئاً لم يفعله رسول الله ‏‎‏‎صلى الله عليه وسلم ؟ ‏ قال: هو والله خير ، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر ‏أبي بكر وعمر ، فتتبَّعتُ القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال ، ووجدتُ آخر سورة ‏التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري. لم أجدها مع غيره ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ ﴾ التوبة : 128 ‏حتى خاتمة براءة فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ، ثم عند عمر حياته ، ثم عند حفصة ‏بنت عمر ". وكان زيد بن ثابت لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة ، وقوله أنه لم يجد آخر سورة التوبة إلا ‏عند أبي خزيمة الأنصاري لا يعني أنها ليست متواترة ، وإنما المراد أنه لم يجدها مكتوبة عند غيره ، ‏وكان زيد يحفظها ، وكان كثير من الصحابة يحفظونها كذلك ، ولكنَّ زيداً كان يعتمد على الحفظ ‏والكتابة معاً ، فكان لا يكتب الآية حتى يأتيه اثنان من الصحابة حفظا هذه الآية من فم النبي ‏‎‏‎صلى الله عليه وسلم، ‏واثنان آخران كتباها بين يدي النبي ‏‎‏‎صلى الله عليه وسلم، ولا يكتفي بمن كتب ولكن ليس بين يدي المصطفى ‏‎‏‎صلى الله عليه وسلم، ‏وهذا شرط لا بد منه حيث إن النبي ‏‎‏‎صلى الله عليه وسلممع أنه كان أمِّياً وبقي أمِّياً حتى توفي ، ولكنه كان يصوِّب ‏ويصحح لكتبة الوحي الذين يكتبون بين يديه إذا أخطأوا وهذا من معجزاته ‏‎‏‎صلى الله عليه وسلم. وهنا يظهر لنا شدة ‏حرص زيد بن ثابت رضي الله عنه ومبالغته في الاحتياط. ‏



ولا يخلو أي عمل إما أن يكون:

1. فرضًا

2. أو مستحبًا (مستحسنًا،مندوبًا)

3. أو مباحًا (حلالاً)

4. أو مكروهًا

5. أو محرما (محرمًا، محضورًا)

وينسب الحكم أحيانا إلى الأشياء لا إلى الأفعال، كالخمر مثلا، وهنا العمل المقصود هو الانتفاع بالشيء. فالخمر كشيء هو محرم، بمعنى أن الانتفاع به محرم. وللفقه الإسلامي مذاهب تسمى المذاهب الفقهية، وتختلف هذه عن تسمية المذاهب العقائدية. فمثلا التقسيم إلى أهل السنة و شيعة هو انقسام على مستوى العقائدي (كمصادر التشريع، و الإمامة), بينما المذاهب الشافعي والحنفي والمالكي والحنبلي و الجعفري هي مذاهب فقهية.